يقول الإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله: "ثم إن الناس في هذه القوة (قوة الغضب) على درجاتٍ ثلاثٍ في أول الفطرة: من التفريط، والإفراط، والاعتدال"[1]"إحياء علوم الدين" (3/ 167)..
يعني قسَّم الناس ثلاثة أقسامٍ:
القسم الأول: التفريط الذي يُصبح عنده كما قال: "التفريط بفقد هذه القوة أو ضعفها"، وهذا لا شك أنه مذمومٌ، يعني: لا يغضب، إما أنه فاقدها، أو أنها ضعيفةٌ عنده، وحينئذٍ لا يستطيع أن يدفع الفساد والأذى عن نفسه، الذي هو أيضًا طريقٌ لاستقراره واستقرار حالته ونفسيته.
هذه الحالة الأولى: التفريط، يقول ويؤكد: "فمَن فقد قوة الغضب والحميَّة أصلًا فهو ناقصٌ جدًّا".
الحالة الثانية: الإفراط، قال: فهو أن "تغلب هذه الصفة حتى تخرج عن سياسة العقل والدين وطاعته، ولا يبقى للمرء معها بصيرةٌ ونظرٌ وفكرةٌ، ولا اختيارٌ، بل يصير في صورة المضطر"[2]"إحياء علوم الدين" (3/ 167)..
يعني: ما يملك نفسه، فيغضب ويهيج، ولا يضبطه دينٌ ولا عقلٌ، وعندئذٍ يصبح من غير بصيرةٍ، ومن غير فكرٍ، ومن غير نظرٍ، هذا هو الإفراط، وهو أيضًا مذمومٌ.
أما المحمود فهو الاعتدال، هذا غضبٌ -كما يقول أبو حامد الغزالي- ينتظر "إشارة العقل والدين"، يعني: سيضبطه العقل والدين.
قال: "فينبعث حيث تجب الحمية، وينطفئ حيث يحسُن الحِلْم"[3]"إحياء علوم الدين" (3/ 168).، فإذا كانت الحمية مطلوبةً فستنبعث هذه الحمية، وإذا كان الحلم هو الذي يحسُن فستنطفئ هذه الحمية، أو ينطفئ هذا الغضب[4]تطبيقات تربوية - انفعال الغضب 2 (بتصرف)..
↑1 | "إحياء علوم الدين" (3/ 167). |
---|---|
↑2 | "إحياء علوم الدين" (3/ 167). |
↑3 | "إحياء علوم الدين" (3/ 168). |
↑4 | تطبيقات تربوية - انفعال الغضب 2 (بتصرف). |