كنتُ يومًا في الطائرة عائدًا من سفر، وقبل أن نهبط ونحن في الجو كان هناك طفلٌ صغيرٌ يلعب بألعابٍ فيها موسيقى، واستمر مدةً حتى أصبح مُزعجًا، وبحثتُ عن رجلٍ معه فلم أجد سوى امرأةٍ، وكانت بالجوار، فنبَّهتُها تنبيهًا فقط، وقلت: يا أختي، لو سمحتِ الصوت، فلا أدري: أسمعتني أم لا؟ ثم اضطررتُ أن أُنادي المضيف، وعندما جاء قلتُ له: نحن مُنزعجون من هذا الصوت.
وكان جاري رجلًا لطيفًا، وكنت أتناقش معه في أشياء كثيرةٍ خلال فترة الرحلة، فقال لي: هذا طفلٌ يا أخي، فقلت له: حتى لو كان طفلًا -وأُريدكم أن تقفوا معي هذا الموقف- أنا الآن لا أُناقش: هل هذا الطفل مُذنبٌ؟ هل يتحمل الوزر؟ هو غير مُكلَّفٍ، إنما أُناقش قضيتين: قضية تربية الطفل على هذا، وقضية أننا مُنزعجون من هذا الصوت، وهذا حقٌّ لنا، أو ستكون الدنيا مجرد فوضى، هذا من القيم والأخلاق.
فقلتُ له: يا أخي الكريم، أولًا هذا مُضرٌّ له، ومسؤوليته على أبيه وأمه، ثم هذا مُضرٌّ لنا. فاقتنع الرجل، جزاه الله خيرًا.
وقلت: نعم، هو طفلٌ، لكن يحتاج لتوجيهه وتطبيعه بشكلٍ سليمٍ. وأضفت: بالله عليك، عندما ينشأ الطفل على مثل هذه الألعاب، دون أن يشعر بقضية الموسيقى المُصاحبة للعب، وأنَّ فيها مشكلةً، على ماذا سينشأ؟ سينشأ على أنه لا إشكاليةَ فيها، فضلًا عن مشكلة إزعاج الآخرين![1]تطبيقات تربوية - التربية على الأخلاق 7 (بتصرف)..