فرقٌ بين الذي ينظر في تربيته أنه يزرع في هذه التربية في الدنيا حتى يحصد في الآخرة، وأن هذه الدنيا مزرعةٌ للآخرة، وأنها ليست الدار الأبدية، وإنما الدار الأبدية في الآخرة: وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ [العنكبوت:64] أي: الحياة الدائمة، هذه قضيةٌ مهمةٌ جدًّا: وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا [القصص:77].
فالإنسان يجعل الآخرة هي الأساس؛ لأنها الهدف، وفيها المآل والحساب والجزاء، أما الدنيا فما هي إلا مزرعة؛ وعندئذٍ فلا يكون شأن الدنيا والاهتمام بها مثل شأن الاهتمام بالآخرة، هذا منهجٌ مهمٌّ جدًّا؛ فلنا خصوصيتنا في النظرة تجاه الدنيا والآخرة.
وهذا بخلاف الذي ينظر من الأساس إلى القضية بالنسبة إليه أنها في إطار الحياة الدنيا فقط؛ ولذلك نجد كثيرًا من النظريات التربوية والنظريات النفسية مُرتبطة بالمتعة واللَّذة، وكيف يُحقق الإنسان ذاته، وما شابه ذلك، وهي قضايا واضحةٌ جدًّا في معالم المناهج التربوية الغربية.
إذن هذا جزءٌ من خصوصيتنا؛ إنْ كنا ننطلق من منهجٍ ربانيٍّ يجب أن نأخذ ما ارتضاه الله ، ومن ذلك أن يكون منهج النبي هو منهجنا في التربية، كما قال الله : قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ [آل عمران:31]، ومن ذلك: الاتباع المُتعلق بالجانب التربوي، ورعاية الأسرة، والاهتمام بتربية الأبناء، والتأثير في الآخرين، ونقل الرسالة للآخرين، والعلاقة مع الناس: مسلمين وكافرين، وغيرها من الأمور[1]37- خصوصيتنا التربوية..
↑1 | 37- خصوصيتنا التربوية. |
---|