المحتوى
مقدمة
الحمد لله رب العالمين، وأُصلي وأُسلم على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
حياكم الله أيها الإخوة والأخوات مع حلقةٍ جديدةٍ من برنامجكم الأسبوعي "أسس التربية" من قناتكم قناة "زاد العلمية".
معنا في هذا اللقاء الأستاذ الكريم الشيخ: مشبب بن فهد العاصمي، وسنتحدث معه حول ما يتعلق بقضية: "الحوارات التربوية في القرآن الكريم".
والأستاذ مشبب مشرفٌ وخبيرٌ تربويٌّ، أسأل الله أن يفتح عليه.
مرحبًا بكم أبا عاصم.
الضيف: الله يُحييك يا شيخ.
المحاور: يا مرحبًا، أسعدتنا بحضورك ومُشاركتك معنا في هذا البرنامج.
الضيف: جزاك الله خيرًا، وأنا سعيدٌ جدًّا بالدعوة، وأسأل الله أن يُبارك في هذا اللقاء.
المحاور: اللهم آمين.
في الحقيقة انتقاؤك لهذا العنوان مُلْفِتٌ للنظر، وهو في صميم برنامجنا "أسس التربية"، خاصةً أنك أخذتَ مسارًا مهمًّا جدًّا، ألا وهو: الحوار، وأعظم من ذلك أنه من خلال كتاب الله ، فهلا حدثتنا عن ذلك، حفظك الله؟
المصدر البشري والمصدر الرباني
الضيف: بسم الله الرحمن الرحيم.
حقيقةً -يا إخوة- ينبغي على المسلم أن يرجع في جميع مُعاملاته إلى الأصول: الكتاب والسنة، فلن يندم أبدًا، سواءٌ في عباداته، أو في بيعه وشرائه، ومن ذلك التربية.
الناس الآن يبحثون عن أساليب التربية في الكتب الغربية، ولا بأس أن يستفيدوا منها، لكن نحن عندنا في كتاب الله وسنة النبي منهجٌ عظيمٌ في التربية.
المحاور: ومَعِينٌ لا يَنْضَب.
الضيف: أبدًا، وخصوصًا أن المنهج أتى من الله ، وهو موجودٌ في القرآن، أو بتوجيهاتٍ من النبي مبنيةٍ على الوحي، وهنا القيمة المهمة.
فلا بأس أن نستفيد من الدراسات النفسية والاجتماعية، لكن الأساس هو تأصيل منهج التربية.
المحاور: ولذلك هناك فرقٌ كبيرٌ كما هو الحال عندنا في دراسات التربية النفسية والتربوية، فالقضية المصدر، وهناك فرقٌ كبيرٌ بين المصدر البشري والمصدر الرباني، والتَّميز عندنا في المصدر الرباني كما قال الله : قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ [البقرة:140].
ماذا تقصد بالحوار، حفظك الله؟
الضيف: الحوار بمفهومه العام هو: أن يوجد شخصان أو أكثر يتقابلون، سواءٌ في مكانٍ واحدٍ أو عبر الأجهزة الموجودة، ويُناقشون موضوعًا مُعينًا، سواءٌ كان الموضوع يحتاج إلى قرارٍ، أو يحتاج إلى تبريرٍ، أو أي نوعٍ من أنواع الموضوعات.
المحاور: إذن هناك هدفٌ يُراد أن نصل إليه.
الضيف: نعم، هناك هدفٌ، والأمر الثاني: أنه ليس بفرض الرأي، وإنما أنا أرى رأيك، وأُعطيك رأيي، ونخرج بنتيجةٍ هي الزبدة، ونخرج بحلٍّ لهذه الإشكالية أو لهذا الموضوع الذي نتكلم عنه.
المحاور: هناك محاولةٌ للإقناع إذن؟
الضيف: للإقناع، أو للتَّبرير، أو لاتِّخاذ موقفٍ صحيحٍ.
المحاور: لأنه قد يكون حوارًا بدون إقناعٍ.
الضيف: نعم، فإذا اتَّفقت الأطراف المُتحاورة، سواء أيَّد الموضوع شخصٌ معينٌ، أو أحدهم، أو اتَّفقوا، فأهم شيءٍ هو: طرح الموضوع للحوار.
المحاور: جميلٌ جدًّا.
الضيف: بالنسبة للحوار مع الأبناء هذا مهمٌّ جدًّا.
بعض الآباء يستخدم أسلوب القوة: مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى [غافر:29]، وهذه إشكاليةٌ كبيرةٌ سبَّبَتْ فُرْقةً ونُفورًا بين الأبناء والآباء، خصوصًا في مرحلة المراهقة.
فمن خصائص النمو في المراهقة: أن الشابَّ في هذه المرحلة -من اثني عشر عامًا تقريبًا إلى ثلاثة عشر- عنده من ضمن خصائص النمو: أنه يرفض السلطة، وهذا معروفٌ في جميع أنحاء العالم، فتجد بعض الآباء كانوا يُعاملون هذا الولد أو هذه البنت في الصغر من خلال إصدار الأوامر، والشابُّ كان يسمع، لكن لما صار في مرحلة المراهقة لا.
فإذا لم يكن هناك حوارٌ ستكون هناك خسارةٌ بين الوالد والابن، أو بين البنت وأمها.
المحاور: وأظن -إضافةً لذلك- أن الحوار حينما يكون قبل ذلك في مرحلة الطفولة سنُهيئ الابن إلى مستوى أعلى من ذلك.
الضيف: وهذه نقطةٌ مهمةٌ، فينبغي أن نُدرب الابن على الحوار منذ الصغر.
وطبعًا هناك آلياتٌ معينةٌ، لكن أُحبُّ أن أُنبه الآباء والأمهات إلى أمرٍ هو: إذا لم يكن هناك حوارٌ، وإنما هي مجرد أوامر، فسيخرج صنفان من الشباب أو الشابات:
الصنف الأول: شخصٌ يحتقر نفسه، ما له رأيٌ في أي شيءٍ، وبالتالي يكبر وهو تابعٌ، وما له أي رأيٍ أو قرارٍ؛ لأنه تربَّى على: مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى.
أو شخصٌ مُتمردٌ على القيم والثوابت؛ لأنه كان من الصغر يُفرض عليه، فلما وصل إلى مرحلةٍ قال: لا.
المحاور: أن يستقلَّ بنفسه.
الحوار يُنْشِئ شخصياتٍ واثقةً من نفسها
الضيف: لذلك فإن الحوار يُنْشِئ شخصياتٍ واثقةً من نفسها، وقابلةً للرأي الآخر، وكذلك سرعة التَّآلف، خصوصًا بين الأسرة الواحدة.
المحاور: وأنا في ظني -أستاذ مشبب- إضافةً لقضية القسوة: كذلك النَّقيض من هذا الأمر، وهذه قضيةٌ مهمةٌ جدًّا: أن الأب قد لا يُحاور ابنه، ليس لأنه يقسو عليه، فقد يكون هذا من باب الدلال والدلع، فيتركه على علَّاته، وهذا أيضًا له أثره السلبي، وما شابه ذلك، كما ذكر ذلك أهل الاختصاص في دراساتهم.
طيب، جميلٌ جدًّا، عرفنا بذلك الحوارات، وواضحٌ أنك ستتحدث معنا في الحوارات القرآنية، أو الحوارات التربوية في القرآن من خلال حوار الآباء مع الأبناء، ومن خلال النماذج التي ستأتي -إن شاء الله-، ويستمع لها أو يُشاهدها المُشاهدون والمُشاهدات بإذن الله .
فوائد الحوار
باختصارٍ شديدٍ: لو أردنا أن نعرف فائدة هذا الحوار، هل هناك فائدةٌ مُوجزةٌ؟ خاصةً للذين لا يُمارسونه برغبةٍ، من خلال فوائد هذا الحوار.
الضيف: طبعًا، الحوار إذا كان حوارًا صحيحًا مبنيًّا على المنهج الصحيح فلا شكَّ أن هناك عدة فوائد:
الفائدة الأولى: أن الابن عندما ينشأ منذ الصغر على الحوار فإنه عندما يكبر يكتسب هذه المهارة، فتُصبح المهارة عاديةً طبيعيةً عنده، وبالتالي ينجح في حياته، فسيُحاور زوجته، وسيُحاور أبناءه، وسيُحاور زملاءه في العمل أو رؤساءه، فمنهج الحوار أساسيٌّ في حياته.
المحاور: لأنه تربَّى عليه.
الضيف: تربَّى على هذا الشيء، وهذه نقطةٌ مهمةٌ جدًّا في هذا الموضوع.
الفائدة الثانية: أن الطفل ستزيد ثقته بنفسه، فلا شكَّ أنه عندما يحسُّ أن أباه ينبسط له، ويقول: تعالَ يا فلان، ما رأيك في هذا الموضوع؟ ويكبر على هذا الشيء؛ فسيشعر بثقته بنفسه.
المحاور: صحيحٌ.
الضيف: وكذلك البنت عندما تجلس مع أمها: ما رأيك يا فلانة؟ في أي شيءٍ من الموضوعات، فستشعر بالثقة، وتكبر وهي -ما شاء الله! تبارك الله!- تحسُّ أن لها رأيًا، وأن لها قيمةً.
بعض الشباب الآن -وحتى الرجال- تقول له: ما رأيك؟ يقول: والله مثلما ترى! مسكينٌ! ما عنده أي رأيٍ.
المحاور: صحيحٌ، وفي الاستشارات كانت تأتينا استشاراتٌ -أستاذي الكريم-، فأقول للمُتصل: ألا تُقنع والدك؟ فيقول: ليس هناك مجالٌ لأن يستمع، فضلًا عن أن يُحاور!
الضيف: ومن الفوائد أيضًا: من أجل ألا يخسر الأب ابنه، وكذلك الأم لا تخسر ابنتها؛ لأنه إذا لم تُحاور أبناءك سيلجؤون إلى مَن يُحاورهم.
المحاور: وهذه -والله- هي الطامَّة الكبرى.
الضيف: مَن الشخص الذي سيلجأ إليه؟
المحاور: الطامَّة الكبرى في حالة الجانب السلبي، لكن إذا عُوض بجانبٍ إيجابيٍّ فنعمةٌ من الله.
الضيف: لكن إذا لم يكن هناك حوارٌ سيلجأ هو عادةً إلى مَن يستمع إليه.
المحاور: يا سلام!
الضيف: ولن يلجأ إلى النَّاصح، بل إلى الشخص الذي يُصغي إليه.
المحاور: يُعطيه من نفسه ويستمع له.
الضيف: نعم، وطبعًا هذا الشخص -في الغالب- لن يكون له مرجعٌ كبيرٌ، خاصةً إذا كانوا شبابًا، فإنما هم زملاؤه وأصدقاؤه، أو كبارٌ لهم أهدافٌ غير نبيلةٍ.
المحاور: وأشدُّ من ذلك ما يتعلق الآن بالأصدقاء الافتراضيين والشخصيات الافتراضية التي لا تعرف اتجاهاتها، وما شابه ذلك.
الضيف: أنا أقول: حتى لا نخسر أبناءنا لا بد أن نحاورهم منذ الصغر.
المحاور: يا سلام!
أنا أذكر أننا كانت عندنا إحصائيةٌ عملناها، لكن سنأتي إليها بعد الفاصل وتُعلق عليها -إن شاء الله تعالى-، وإن كنتُ مبدئيًّا أعتبرها أفضل مما كنتُ أتوقع، لكن أذكر أني عملتُ دراسةً مسحيةً مع طلابي -المستوى الأول في كلية التربية-، وهم سيكونون معلمين، فسألتهم: كم عدد الأساتذة الذين يُتيحون لكم فرصة الحوار داخل الفصل الدراسي؟ وقمتُ بهذا الإجراء أربع سنواتٍ متتالية لمجموعاتٍ مختلفةٍ، وكانت النسبة الأكبر -ليست المُعدل- كم؟ هل تتوقع؟
الضيف: الحوار؟
المحاور: الذين فتحوا لهم مجال الحوار من أول ابتدائي إلى ثالث ثانوي.
الضيف: من خلال خبرتي يمكن 5%- 10%.
المحاور: بالضبط، كانت 5%، وهذه أكبر نسبةٍ! لكن كان هذا عام 1430هـ، ولعل هناك وعيًا أكبر، وأيضًا ما سنسمعه يُشير إلى ذلك.
أنواع الحوار
طيب، هل هناك ما يُشير إلى أنواع الحوار؟
الضيف: طبعًا، هناك الحوار الأفقي بين الأب والابن، أو بين البنت وأمها، حيث يجلسون مع بعضٍ، وأنصح الآباء بأن يُدربوا أبناءهم على الحوار منذ الصغر عندما يكون هناك أمرٌ ما، فيقول الأب لابنه: تعالَ يا فلان أجلس معك، ما رأيك في الموضوع الفلاني؟ فيشعر الابن أن الأب لا يتكلم من علوٍّ، لا، حوارٌ أفقيٌّ.
المحاور: يا سلام!
الضيف: هذا هو الحوار الناجح.
المحاور: يا سلام! كأنه يتعامل مع أبنائه على أنهم أصدقاء.
الضيف: أحسنتَ، وهذه النقطة مهمةٌ، فالصداقة ضروريةٌ جدًّا.
المحاور: نعم، لا شكَّ في ذلك، ونحن نريد أن ندخل في بعض الأمثلة، فهناك حواراتٌ شهيرةٌ، أو أشهر تلكم الحوارات التربوية التي جاءت في كتاب الله.
حوار نوحٍ مع ابنه
الضيف: ممتازٌ جدًّا، أول حوارٍ وأقدم حوارٍ هو حوار نوحٍ مع ابنه عندما ارتفع الموج، فنوحٌ يقول لابنه: يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا [هود:42]؛ لأن الله يقول: وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ كان مُبْتَعدًا، قال: يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ [هود:42].
هنا حوارٌ سريعٌ جدًّا، لكن له معانٍ:
أولًا: أنه نادى يَا بُنَيَّ، ما قال باسمه أو شيء آخر، نادى يَا بُنَيَّ، وهذا نداءٌ لطيفٌ أنصح الآباء والأمهات باستعماله: يا بني، يا بنتي.
المحاور: التي هي صيغة النداء.
الضيف: النداء، والآن بعض الآباء يُنادي أبناءه بأسماء حيوانات! وبألقابٍ، وتصغير الأسماء: يا عزوز، يا حمود.
المحاور: إهانة كرامةٍ.
الضيف: إهانة كرامةٍ، كلِّمْه وقل له: يا ابني، يا ابنتي، يا ولدي. فسيشعر فعلًا بناحية الأبوة، وأن هذا أبي، وعندما يقول: يا ابني، يا ابنتي. فهذا اللفظ ليت الناس يستخدمونه بدل الألفاظ الموجودة.
فقال: يَا بُنَيَّ.
المحاور: يمكن أن تكون من هذا قضية الكُنَى مثلًا.
الضيف: يمكن: يا أبا فلان، وهذا جميلٌ.
المحاور: هي جميلةٌ لكونها من الكبير للصغير، فالأب يقول لابنه: يا أبا محمد، وابنه صغيرٌ.
الضيف: نعم، لكن لو قال يَا بُنَيَّ سبحان الله! هذا أكثر توصيفًا للعلاقة بين الآباء والأبناء.
الأمر الثاني: أن نوحًا هنا نصح ابنه قائلًا: تعالَ ارْكَبْ مَعَنَا، فهنا دعاه إلى النَّجاة، وكذلك دعاه إلى أن يكون مع الناس الصالحين.
وهنا ينبغي للآباء أن يجتهدوا في أن يدعوا أبناءهم إلى النَّجاة إذا رأوا أن هناك خطأً: يا ولدي، هذا الأمر هو الصحيح، وهذا الذي يُنجيك، وهذا الذي يُسعدك، وهكذا.
وأيضًا تدعمه وتُشجعه على السير مع الناس الصالحين: ارْكَبْ مَعَنَا مع الصالحين، فكونك تدفع ابنك إلى الناس الصالحين هذا أمرٌ مهمٌّ.
فأول شيءٍ: شجع على الذهاب مع الصالحين، فإذا كانت هناك حِلَق تحفيظٍ، وهناك تجمعاتٌ طيبةٌ؛ فحثَّه على أن يذهب إليها، وإن لم تكن هناك فحاول أن تصنع له ذلك.
المحاور: وهذا هو الدور الأساسي للأسرة.
الضيف: طبعًا؛ لأنك أيها الأب وأنتِ أيتها الأم ما تستطيعان التأثير على أبنائكما، وهذا معروفٌ، فالأب والأم ليس لهما تأثيرٌ كبيرٌ، ولكن التأثير الكبير يكون من الأصحاب.
المحاور: أنا قد أُخالفك في هذا، فهناك دراساتٌ دلَّت على أن في مرحلة المراهقة المبكرة يَخِفُّ لدى الابن أخذ التوجيهات من الأسرة، ويتَّجه للأصدقاء، لكن الأُسَر تبقى هي المحضن الرئيس شئنا أم أبينا؛ ولذلك لا بد أن نعرف خصائص هذه المرحلة -وقد أشرنا إليها في حلقاتٍ سابقةٍ بعنوان: "محكَّات مع المراهقين"، أو "محكَّات المراهقة"-؛ حتى نعرف كيف سنتعامل معه؟ أو سيبقى التأثير الأساسي للأسرة بلا شكٍّ.
الضيف: الذي يبنيه الأب أو الأم منذ الصغر هذا لا شكَّ فيه، لكن مثلما تفضلتَ في مرحلةٍ معينةٍ يبدأ تأثير الأب والأم يقلّ، مع أن توجيهاتهما ستبقى، لكن الرفاق يبقى لهم دورٌ كبيرٌ.
المحاور: إذن نحن قلنا: قضية النداء، وقلنا: قضية التوجيه: ارْكَبْ، ثم قضية البيئة والصُّحبة.
الضيف: وفي نفس الوقت قال: وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ، انتبه كي لا تكون مع الكافرين، وهذا تحذيرٌ؛ ولذلك ينبغي للآباء أن يُنبِّهوا أبناءهم: ترى فلانًا كذا، وفلانًا كذا، والمجموعة الفلانية كذا، والجروب الفلاني غير صحيحٍ. لا بد أن نُنبِّههم للأخطاء والناس الفَسَقَة والفَجَرة.
التعليق على السؤال التفاعلي
المحاور: كان هناك سؤالٌ تفاعليٌّ قبل الحلقة حول مستوى تطبيق الحوار بين الزوجين، وبين الوالدين والأبناء في أسرتكم، هكذا كان السؤال، وأُعطي أربعة مستويات: غالبًا، نادرًا، أحيانًا، مُنعدمًا.
وكانت النتيجة من خلال مئتين وستةٍ وسبعين صوتًا: 51% -بدون الفواصل حتى نختصر- غالبًا، و27% أحيانًا، و18% نادرًا، و13% مُنعدمًا.
ما تعليقكم، حفظكم الله؟
الضيف: والله يُفترض أن يكون على الأقل 80% غالبًا.
المحاور: هذا قصدك: الجانب المرغوب فيه؟
الضيف: المرغوب فيه.
المحاور: الواجب الذي ينبغي أن يكون.
الضيف: لكن الواقع طبعًا مختلفٌ لعدة ظروفٍ أو عدة أسبابٍ، سواء ثقافة الأب والأم، وقُربهما من المنهج القرآني أو بُعدهما لا شكَّ أنه مُؤثرٌ، وأنماط الشخصية.
المهم أن الآباء عندهم ظروفٌ جعلتنا نحصل على هذه النتيجة، وإن كانت نتيجة 51% ممتازةً، لكن كنا نطمح في أكثر من ذلك.
المحاور: وذكرنا 5% قبل قليلٍ، وهناك فرقٌ كبيرٌ جدًّا، والحمد لله.
الضيف: جدًّا.
المحاور: أنا سعدتُ بهذا الرقم، وإن لم يكن هو الرقم المطلوب كما تفضلتم، لكن 51% غالبًا والله أرجو ذلك، وأرجو أن تكون الإجابات صادقةً، وهي كذلك فعلًا، لكن نتمنى -أيها الإخوة والأخوات- أن يستمر الذين وُفِّقوا لهذه الحوارات في ذلك، والذين ليسوا كذلك عليهم أن يحرصوا عليها؛ لأنه أحيانًا يكون عندك مجالٌ أوسع.
أما مَن كانت نتيجتهم هي: نادرًا، ومُنعدمًا، فلا بد من المراجعة بصورةٍ أو بأخرى.
الضيف: يا شيخ، هل هناك سببٌ لارتفاع هذه النسبة؟
طبعًا آباؤنا بشكلٍ عامٍّ ما كانت عندهم ثقافة الحوار لأسبابٍ معينةٍ، لكن الآن أكثرهم شباب، وقرؤوا واطَّلعوا -والحمد لله-، وهذا التَّثقيف له دورٌ.
المحاور: قصدك لو كانت سابقةً لكانت أقلّ.
الضيف: لكانت أقلّ، تفضل.
المحاور: نُكمل -حفظك الله- مع حوار النبي نوح مع ابنه إذا كان بقي شيءٌ.
الضيف: لا، ما بقي شيءٌ، لكن عمومًا لا بد أن نُركز على وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ، فنُنبِّه أبناءنا إلى المواقع غير الجيدة، وكذلك الأصحاب غير الجيدين، والمحلات غير الجيدة، فلا بد أن نُنبِّههم ونقول لهم: هذه في غير صالحكم.
المحاور: جميلٌ، إذن الدور الأبوي أو الدور الأُسري المطلوب من خلال علاقة الآباء بالأبناء والحوار معهم: أن يضعوا في بالهم ما يرتبط بالنَّجاة: ارْكَبْ مَعَنَا، وما يرتبط بالبيئة الناجحة التي تحميهم، وكذلك ما يرتبط بقضية التَّخلية والابتعاد عما يُؤذيهم.
الضيف: والسبب أن بعض الأبناء ما يُدرك، فقد تكون أمامه أشياء ظاهرها أنها جيدةٌ، لكن ما يُدرك خلفياتها، والأب هو الذي يُدرك، فلا بد أن يُقنع ابنه بهذا الشيء.
المحاور: بعض الألعاب الإلكترونية -يا أستاذي الكريم- اطَّلعتُ عليها قريبًا، وهي من الألعاب المشهورة، فقد أصبحت معروفةً ومذكورةً، وحينما تكون بين يدي أبنائنا نقول: هو يلعب ويستأنس! لكنه يشقُّ طريقه إلى الإشكالات الكبيرة والضخمة جدًّا.
فلو حصل حوارٌ: بأن هذه ليست لك، فأنت أكبر من هذه القضية، وأنت تستطيع أن تُجري ألعابًا ذكيةً أنفع من هذه. وجاء له بالبدائل، ويُقنع بهذا الأمر.
والله -يا أستاذي- أنا ما أنسى موقفًا حصل لأحد أبنائي الصغار حينما كان صغيرًا، فقد ذهبتُ به إلى أحد الفُضلاء -تُوفي رحمة الله عليه- وكان حكيمًا في التوجيه، فأخذ يُحاوره، وهو شيخٌ كبيرٌ في السنِّ، وهو إمام الجامع، وهذا الابن صغيرٌ، فجلس يُداعبه ويأخذ بأذنه حتى يأخذ ويُعطي معه، فأقنعه بأن اللعبة التي كان يُحاول فيها لم يَعُد في حاجةٍ إلى أن يلعبها.
فجانب الحوار مهمٌّ جدًّا في قضية الحماية: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم:6].
جميلٌ، هذا إذن ما يتعلق بحوار نوحٍ مع ابنه، ننتقل إلى نبيٍّ من أُولي العزم من الرسل، إنه إبراهيم.
حوار إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام
الضيف: إبراهيم مدرسةٌ في الحوار الناجح، وقد نقل مدرسة الحوار إلى ابنه يعقوب، ويعقوب أيضًا مدرسةٌ كبيرةٌ في الحوار.
فدعنا نقف على موضوع حوار إبراهيم مع ابنه إسماعيل، فلو ركَّزنا على الآية التي جاءت تُبين حوار إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- مع ابنه إسماعيل سنجد شيئًا عجيبًا، مثل قوله تعالى: فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ [الصافات:102] أصبح شابًّا، ليس صغيرًا، يرى ابنه يذهب ويأتي ويُساعده وكذا، فقد اشتدَّ عوده، وهذا يزيد تعلق الأب بابنه.
المحاور: وطموحاته تزداد في ابنه.
الضيف: نعم: قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ الذبح فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ [الصافات:102].
هذا الحوار تحته معانٍ كبيرةٌ جدًّا:
الأول: أن رؤيا الأنبياء حقٌّ، وفي السابق كان الوحي من طريقين: إما أن ينزل جبريل على النبي ، فيأتي بشكل رجلٍ، أو رؤيا، فكانت الرؤيا في السابق وحيًا، هذا الأمر الأول.
الأمر الثاني: أن إبراهيم لما جاءه الأمر من الله كان بإمكانه أن يأخذ إسماعيل ويذبحه وينتهي الأمر، لكنه يحترم شخصية هذا الابن، ويحترم عيشه في الحياة، ولا بد أن يعيش حياةً كريمةً: قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى، كيف كان ردُّ الولد؟
سنتكلم عليه، لكن انظر إلى كونه احترم هذا الشخص، وأنه مُكرَّمٌ، وأن له حقَّ الحياة؛ وبالتالي -أحبتي في الله- لا بد أن نحترم أبناءنا، فأبناؤنا لهم الحق في هذه الحياة أن يعيشوا بكرامةٍ، ومن الصعوبة بمكانٍ أن يقتل الواحد أبناءه في هذا الزمان، لكن الواقع أن هناك ضربًا للأبناء، وعنفًا لفظيًّا وجسديًّا.
طيب، هؤلاء من حقِّهم أن يسمعوا كلامًا طيبًا، وأن يعيشوا بكرامةٍ، فبعض الآباء يكسر هيبة ابنه، ويكسر كرامته بالضرب والقمع والسجن والازدراء والتَّحقير!
فنقول للآباء والأمهات: يا إخواني، من حقِّ ابنكم أن يعيش كريمًا، فلا داعي لتحقير الابن وازدرائه وضربه مهما كانت المُبررات.
المحاور: والله يقول: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ [الإسراء:70]، فكيف بالأبناء؟!
الضيف: نعم، هناك أناسٌ حطَّموا شخصيات أبنائهم بأدائهم!
طبعًا جسم الطفل ليس ملكًا للأب، وليعلم الأب والأم أن هذا الجسم ليس ملكًا لهما، فأنت حين تضرب ولدك فقد اعتديتَ على ملك الله ، وكذلك اعتديتَ على كرامة الابن عندما تضربه وتُحطمه نفسيًّا، فلا بد أن يعيش أبناؤنا بكرامةٍ.
فهنا يقول : فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى، فهو يُراعي حقَّه في الحياة، وهذا جانبٌ مهمٌّ.
أبٌ يضرب ابنه ضربًا مُبرحًا في الشارع
المحاور: فالقضية فيها أمرٌ ربانيٌّ أيضًا، وفي نفس الوقت الأمر نهايته خطيرةٌ، وهي زَهْق الأرواح.
ولا أنسى موقفًا رأيتُه بعيني منذ زمنٍ بعيدٍ في الدمام أمام أحد محلات (السوبر ماركت) -وأُريدك أن تُعلق عليه أستاذي الكريم-: فقد وقفتْ سيارةٌ ونزل منها أبٌ كان يقود السيارة، وأنزل الابن الصغير -وكان في الكرسي الأمامي- وجعل يضربه ضربًا مُبرحًا على الرصيف أمام أعين الناس!
في تصورك لماذا فعل هذا الأب هذا الأمر؟
الضيف: قد يكون السبب تافهًا.
المحاور: غالبًا هو تافهٌ.
الضيف: أزعجه الابن، عمل حاجةً في السيارة، وهذا يحصل.
المحاور: لكن لو كان هناك حوارٌ.
الضيف: يا سلام! يا بُني، هذا ما يصلح، وهذا ما ينبغي. خاصةً مع الطفل، فالطفل ما يعرف شيئًا، فهو في مرحلة تجريبٍ واكتشافٍ، وليس لأحدٍ الحق في ضربه.
المحاور: بل لا بد -أستاذي الكريم- أن أعرف بالضبط لماذا فعل هذا الشيء؟ فأنا أريد أن أعرف السبب، وليس فقط أن أقول له: هذا هو الصواب. ففي بعض الأحيان لما أعرف السبب آخذ منه ما يُفكر فيه، فربما أجد أنني أسأتُ الظنَّ به تمامًا.
الضيف: صدقتَ.
المحاور: ولا يمكن أن يتأتى هذا إلا بالحوار المباشر، فأقول له: عسى أن يكون خيرًا، لماذا فعلتَ هذا الفعل؟ فيمكن أن يقول: أنا ما أرى في ذلك مشكلةً، أو صار لي كذا، أو شعرتُ بشيءٍ.
الضيف: أو أخطأتُ.
المحاور: أو إني أخطأتُ. ويعترف بخطئه؛ ولذلك سيكون الحوار مُؤدَّاه إلى النَّجاة بلا شكٍّ.
الضيف: كما قلنا، نعم.
المحاور: جميلٌ، جميلٌ.
الضيف: فمن حقِّ ابني أن يعيش حياةً كريمةً، فلا ينبغي أن أُوذيه: لا لفظًا، ولا في جسمه، لماذا؟
لأن النفس كريمةٌ، فلا يجوز أن تُؤذيها، وكذلك الجسم لا يحقّ لك أن تُؤذيه؛ ولذلك يقول النبي : المسلم مَن سلم المسلمون من لسانه ويده [1]أخرجه البخاري (10)، ومسلم (41).، وأبناؤك أولى.
يقولون: جرح اللسان أقوى من جرح اليد؛ فلذلك ينبغي أن نُراعي هذا عندما نتعامل مع أبنائنا، فلا يجوز أن نضربهم مهما كان الأمر إلا لضرورةٍ ووَفْق المعايير الشرعية، لكن نضربهم على أي شيءٍ! تأخَّروا في الدرس، أو تأخَّروا في النوم، أو كسروا شيئًا في البيت، ضرب! ضرب! ضرب! واستهزاء وتحقير! هذا ما يجوز، فلا بد أن نهتم بكرامة هذا الابن، وهذا ما فعله إبراهيم -عليه الصلاة والسلام-، فقد راعى حقَّه في الحياة فقال: فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى [الصافات:102].
المحاور: جميلٌ.
القُرب من الأبناء
الضيف: الأمر الثاني: شهدنا من خلال الحوار أن هناك صداقةً وأُخوةً بين إبراهيم وابنه، وهذه واضحةٌ جدًّا: يَا بُنَيَّ [الصافات:102]، يَا أَبَتِ [الصافات:102]، هناك قُربٌ.
المحاور: وما حصل في بناء الكعبة دليلٌ على ذلك.
الضيف: نعم؛ ولذلك على الآباء والأمهات أن يقربوا من أبنائهم، فالأم لا بد أن تقرب من بناتها، والأب يقرب من أبنائه، فهذا ضروريٌّ جدًّا؛ لأننا إذا لم نقرب من أبنائنا سيبحثون عمَّن يقرب منهم، وهذه نقطةٌ مهمةٌ جدًّا.
المحاور: إذن سيبحثون عمَّن يستمع لهم إذا لم نستمع لهم نحن.
الضيف: أحسنتَ.
المحاور: وسيلجؤون إلى مَن يحترمهم إذا لم نحترمهم.
الضيف: أحسنتَ.
المحاور: وكذلك -كما قلت- سيذهبون إلى مَن يكون قريبًا منهم.
الضيف: أحسنتَ.
المحاور: جميلٌ، طيب، القُرب -كما قلت- معناه: أننا سنُعطيهم وقتًا من أوقاتنا.
الضيف: وسنلتزم به.
المحاور: وسيكون هناك مجالٌ للأخذ والعطاء والسماع لهم، والحوار معنًى عظيمٌ أو مُؤشرٌ عظيمٌ لهذا القُرب، هل هذا صحيحٌ؟
الضيف: طبعًا، فالحوار من أُسس القُرب، سواءٌ القُرب البدني، أو القُرب النفسي، أو القُرب المكاني.
المحاور: أذكر -أستاذي الكريم- أنه كانت هناك دورةٌ بين الآباء والأبناء، ويسَّر الله لي أن أُقدمها لمجموعةٍ من الآباء، وكذلك طلبتُ أن يكون هناك أبناء موجودون، فأعجبني أحد الآباء، وقد كان يعمل في عملٍ وظيفيٍّ شاقٍّ ومُضْنٍ في شركة (أرامكو)، ويخرج بعد الفجر.
يقول هذا الأب: عندي ساعةٌ يوميًّا لا أتخلَّى عنها مع أبنائي.
غريب! ساعة يوميًّا!
قال: ساعة يوميًّا لا أَنْفَكُّ عنها إلا لو كنتُ مُسافرًا أو مريضًا.
فقلتُ له: ماذا تفعل في هذه الساعة؟ وهل هي هادفةٌ؟
قال: هي هادفةٌ، وهي إما أن تكون فرديةً أو جماعيةً.
قلتُ: ماذا يحصل فيها؟
قال: الحوار، أُحاورهم يوميًّا، فإما أن أُحاور فردًا منهم، وإما أن أُحاور المجموعة جميعًا، وكذلك يكون الحوار هادفًا.
لا شكَّ أن هذا مستوًى راقٍ وعظيمٌ.
الضيف: ولا يُشترط أن يكون الحوار في موضوعٍ مُعينٍ، فيمكن أن يسأل عن دراسته، أو عن أوضاعه، أو طموحاته وآماله: ماذا حفظ؟ وماذا فعل؟ فلا يلزم أن يكون عن موضوعٍ معينٍ.
المحاور: ما الذي يهمّك؟ ما الذي تُعاني منه؟
هذا كله من القُرب.
الضيف: طبعًا من القُرب.
المحاور: يا سلام! يا سلام!
الضيف: القُرب البدني مهمٌّ جدًّا، وهذا طبعًا بالنسبة للموضع المعروف بالاحتضان، فهذا مهمٌّ جدًّا بالنسبة للقُرب المكاني، وكذلك القُرب البدني.
لذلك لا بد أن تهتم الأم باحتضان بناتها حتى لو كُنَّ كبارًا، وكذلك الأب يحتضن أبناءه في الدخول والخروج، وهذا له دورٌ كبيرٌ جدًّا خاصةً مع الأطفال.
وأعرف نوعيةً من الآباء حين يدخلون البيت يفرح الأبناء، فيقوم الأب بحمل هذا الابن، وضمِّ الابن الآخر، وهكذا.
المحاور: يا سلام! هذا مُوفَّقٌ.
الضيف: نعم، وهناك آباء حين يدخلون البيت يهرب الأبناء!
المحاور: النبي كان إذا دخلتْ عليه فاطمة قام إليها، وقبَّلها، وأخذ بيدها، ورحَّب بها، وأجلسها مكانه[2]أخرجه أبو داود (5217)، وصححه الألباني في "مشكاة المصابيح" (4689)..
الضيف: هذا قُربٌ بدنيٌّ ومكانيٌّ.
المحاور: وكانت هي تفعل نفس الفعل في نفس الحديث مع النبي [3]التخريج السابق..
طيب، هل هناك أمرٌ آخر في حوار النبي إبراهيم مع ابنه إسماعيل عليهما السلام؟
التربية الإيمانية للأبناء
الضيف: الأمر الآخر: يتَّضح أن التربية الإيمانية التي تربَّى عليها إسماعيل، سواءٌ عن طريق أمه؛ لأنه قال: قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ [الصافات:102].
المحاور: استسلامٌ.
الضيف: استسلامٌ؛ لأنه يعرف أن هذا أمرٌ من الله ، وهنا اتَّضحت نتيجة التربية الإيمانية.
وطبعًا أولادنا حين يتربون تربيةً إيمانيةً، تقول: هذا حرامٌ، فيبتعدون عنه مباشرةً دون أن يُفكروا، وحين تقول: هذا حلالٌ ...
المحاور: يقولون: سمعنا وأطعنا.
الضيف: نعم؛ لأن الابن يعرف أنك ربَّيته على مخافة الله، وعلى تعظيم حُرمات الله ، لكن إذا لم يتربَّ على الإيمان فإنك عندما تقول له: هذا حرامٌ، يقول: أقنعني!
فهناك شابٌّ يقول: لستُ مُقتنعًا، أقنعني، لا بد أن تُقنعني!
يا أخي، الله قال: كذا، فهو ما تربَّى أصلًا، وأنت تُعطيه أمرًا يُخالف هواه، ويُخالف طبيعة النمو، فقد لا يستسلم.
المحاور: سبحان الله!
الضيف: ويمكن أن تحدث مشكلة.
المحاور: مثلما قال عليٌّ : "لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخُفِّ أولى بالمسح من أعلاه"[4]أخرجه أبو داود (162)، وصححه الألباني في "مشكاة المصابيح" (525).، لكن فعل النبي ذلك، فنفعل كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام.
أو كما قال عمر : "إني أعلم أنك حجرٌ لا تضرُّ ولا تنفع، ولولا أني رأيتُ النبي يُقبِّلك ما قبَّلتك"[5]أخرجه البخاري (1597)، ومسلم (1270)..
فقضية الاستسلام لأمر الله وتربية الأبناء عليها: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا [البقرة:285] قضيةٌ مهمةٌ جدًّا.
الضيف: مهمةٌ جدًّا.
المحاور: نعم، نحن قد نحتاج إلى أن نُساعدهم بالإقناع، لكن إذا لم يقتنع فعليه أن يستجيب، فكيف يحصل ذلك؟ بالتربية الإيمانية.
الضيف: بالتربية الإيمانية من الصغر؛ لذلك أنصح الآباء والأمهات بالتربية الإيمانية من الصغر، وأنصح الأم منذ أن تحمل الجنين بأن تُسمعه كلام الله: القرآن الكريم، والأذكار، والأدعية، وعندما يكبر ثبت علميًّا أن الجنين يتأثر بالمحيط.
المحاور: صحيحٌ، صحيحٌ.
الضيف: وعندما يكبر ويَحْبُو يسمع: قال الله، وقال رسوله .
المحاور: نحن نُبَشِّر الإخوة ونُبَشِّرك أستاذي الكريم بأننا -إن شاء الله- لنا نيةٌ ضمن خطة برنامج "أسس التربية" أن تكون لنا حلقةٌ خاصةٌ عن التربية الإيمانية بإذن الواحد الأحد.
الضيف: الله يجزيكم خيرًا ويُبارك فيكم.
المحاور: طيب، هل هناك شيءٌ آخر في هذا اللقاء المبارك؟
الضيف: انتهى الآن تقريبًا الكلام عن حوار إبراهيم مع ابنه إسماعيل .
حوار يعقوب مع يوسف عليهما السلام
ننتقل إلى حوار يعقوب مع ابنه يوسف ، ومع أبنائه، ويعقوب مع أبنائه مدرسةٌ كبيرةٌ جدًّا.
المحاور: يا سلام!
الضيف: ولذلك كتبتُ نقاطًا كي لا أنساها:
افتح المجال لابنك
أولًا: يوسف لما رأى الرؤيا أزعجته، فقد رأى شيئًا عجيبًا، فذهب لأبيه.
ولذلك نقول: يا إخوة، ويا أخوات، المفروض أن الولد إذا شعر بشيءٍ غريبٍ، أو بشيءٍ مُفرحٍ، أو بشيءٍ مُحزنٍ يذهب إلى الأب والأم.
المحاور: يذهب باختياره.
الضيف: باختياره طبعًا، لماذا؟
لأن يعقوب فتح المجال لابنه، وقد كان بإمكان يوسف أن يذهب إلى إخوانه، أو إلى أي شخصٍ، لكنه ذهب لوالده؛ لعلمه بأن والده يُحبه ويحترمه ويُحاوره وينصحه، وهذا درسٌ كبيرٌ جدًّا.
إذن لا بد أن نفتح الآفاق لأبنائنا، وللأسف الآن بعض الآباء والأمهات إذا جاءهم ولدٌ عنده مشكلةٌ، مثلًا: حدث شِجارٌ في المدرسة، فجاء الولد لأبيه وقال: والله يا أبي أنا حصل لي كذا وكذا. فبعض الآباء يتهجم عليه قائلًا: أنت ما تفهم، أنا نصحتك. ويبدأ في الكلام عليه!
المحاور: سيجعله لا يأتيه مرةً أخرى.
الضيف: انتهى الموضوع؛ لأنه يقول: يُفَشِّلني، يُحَطِّمني.
وبعض البنات تذهب لأمها وتقول: يا ماما، صار كذا وكذا. فتبدأ الأم تتكلم وتقول: أنا ما ربَّيتُ كذا، أنا كذا وكذا. انتهى الأمر.
المحاور: هذه يُسميها النفسيون -أستاذي الكريم-: البيئة الآمنة نفسيًّا، فإذا وُجدت البيئة الآمنة نفسيًّا، أو إذا وُجد الأمن النفسي ستكون الجاذبية مُباشرةً، وإذا كان الآباء مصدر أمنٍ نفسيٍّ للأبناء؛ فإن الأبناء سيَبُثُّون همومهم وشُجونهم وأسرارهم لآبائهم.
الضيف: نعم، وهذه نقطةٌ مهمةٌ جدًّا، فبعض الأبناء يذهب للآباء -ما شاء الله! تبارك الله!-، فتجد الولد إذا حدث شيءٌ يذهب إلى أبيه ويقول له: يا أبي، صار كذا وكذا.
وأحيانًا تقول: والله هذا الشيء الذي سويته صحيحٌ أو غلطٌ، لكن يمكن أن نُسوِّي كذا، ويمكن كذا، وإن شاء الله نتجاوز القضية. وتُعطيه حلولًا، أما أن تصدمه!
المحاور: يكفي أن الجسر ممدودٌ بينهما.
الضيف: هذه نقطةٌ مهمةٌ.
المحاور: هذه هي النقطة الأولى من خلال ما فعله يوسف وذهابه إلى أبيه.
الضيف: نعم.
المحاور: في قضية الرؤيا.
إظهار الاهتمام
الضيف: الأمر الثاني: عندما جاءه بهذا الموضوع ما قال: ما هذه؟ لماذا تُتعب نفسك بهذه الرؤيا؟ دَعْك منها.
لا، لم يفعل ذلك، بل جلس معه وقال: يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ [يوسف:5]، وهكذا.
المحاور: أظهر الاهتمام.
الضيف: أظهر الاهتمام؛ ولذلك إذا جاءك ابنك أو جاءتك ابنتك فأظهر لهما الاهتمام حتى لو كان الموضوع تافهًا.
أحد الإخوة يقول: جاءتني بنتي وقد رسمتْ رسمًا غير جيدٍ، فقلتُ: ما شاء الله! تبارك الله! شيءٌ عظيمٌ. ثم أخذتُه ووضعتُه عندي في اللوحة، فصارت البنت كلما حصل شيءٌ جاءتني.
المحاور: سبحان الله العظيم!
الضيف: فلا بد أن نُظهر الاهتمام بأبنائنا، حتى لو كانت أفكارهم تافهةً، ولو كانت هناك أخطاء أظهروا الاهتمام بهم.
المحاور: ولا يُكلفنا ذلك شيئًا.
الضيف: ولا يُكلفنا ذلك شيئًا.
المحاور: أعرف أحد الإخوان دخلتُ عليه في غرفته فإذا به يضع رسومات الأطفال، فقال: أسعد حينما أراها، والأبناء يسعدون حين يرونها. وهذا ما يُكلفنا شيئًا أبدًا.
الضيف: والله أذكر أن ابنتي حين كانت في الصف الأول الابتدائي رسمتْ رسمةً وأتت بها إليَّ، فوضعتُها عندي، وكان ذلك عام 1438هـ، وفي هذه السنة 1442ه جاءت ورأت الرسمة؛ فرسمتْ نفس الرسمة ووضعتها إلى جانبها، وكانت سعيدةً.
المحاور: ما شاء الله!
الضيف: فالمقصود أن علينا أن نُظهر الاهتمام بأفكار أبنائنا، سواءٌ سلبًا أو إيجابًا، وإن كان إيجابًا فعلينا أن نمدحهم ونُشجعهم، وإن كان سلبًا نحاول أن نحلَّها بقدر ما نستطيع.
المحاور: ويتطورون.
الضيف: طبعًا، فهم حين يقع أي شيءٍ ما يذهبون لأحدٍ، وهذه نقطةٌ مهمةٌ جدًّا.
المحاور: حقيقةً هذا الإجراء وأمثاله مما سيأتي بعد ذلك -أستاذي الكريم- يُسمَّى: إشباع الجانب الوجداني، وأبناؤنا بحاجةٍ لإشباع الفراغ العاطفي، فإذا لم نُشبع هذا الفراغ العاطفي بالاهتمام والقُرب ... إلى آخره سيذهبون إلى مَن يُشبعه.
الضيف: لا شكَّ في ذلك.
المحاور: وهذه قضيةٌ ستتكرر كثيرًا، نعم.
ذكر الإيجابيات
الضيف: الأمر الثالث: الابن رأى رؤيا، وطبعًا هذه الرؤيا بالنسبة له شيءٌ عظيمٌ، وأزعجته، وأخذتْ من تفكيره.
فالأب لكي يُطَمْئِن ابنه أعطاه الإيجابيات الموجودة عنده فقال: وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ [يوسف:6].
المحاور: إيجابيات الابن؟
الضيف: الابن.
المحاور: وذكرها الأب؟
الضيف: وذكرها الأب؛ لذلك ينبغي إذا جاءنا الابن مُتضايقًا، أو تأخر في الدراسة -مثلًا-، أو صارت عنده مشكلةٌ أن نفتح المجال، ولا نقول: انتهى الموضوع، وأنت كذا، وأنت السبب.
لا يا أخي، أنت -ما شاء الله!- أمامك حياة، وأنت -ما شاء الله!- عندك ميزة كذا، وأنت ذكي، وأنت -ما شاء الله!- أخلاقك عالية. فنفتح المجال، ونفتح باب التفاؤل.
المحاور: والله هذا الجانب الميزاني ذكرني بحديث النبي ، ومعذرةً إليك أستاذي الكريم.
الضيف: لا، لا، تفضل، نحن نتلاقى ونُفيد.
المحاور: لا يَفْرَكْ مؤمنٌ مؤمنةً، إن كره منها خُلُقًا رَضِيَ منها آخر[6]أخرجه مسلم (1469)..
سبحان الله!
ذكر العلامة ابن سعدي في شرحه لهذا الحديث: أن هذا ليس فقط مقصورًا على العلاقة بين الزوجين، وإنما كل العلاقات الإنسانية، ومنها: علاقة الآباء بالأبناء[7]الوسائل المفيدة للحياة السعيدة (ص28)..
الابن الآن عنده هذه المشكلة السلبية تُمثل 1%- 5%- 10%، طيب، 90% عنده إيجابيات؛ فلذلك لا تنسَ الإيجابيات، وهذه من القضايا المهمة جدًّا، وهي التي تجعل الإنسان عنده قابلية لتعديل سلوكه.
الضيف: خاصةً إذا وقع الولد في مشكلةٍ، مثلًا: صار مُقصِّرًا في دروسه، فبعض الآباء يقول: أنا أعلم أنك لستَ مُفلحًا! وأنت ما تسمع الكلام!
المحاور: أنهاه.
الضيف: وبعض الآباء يقول: لا يا حبيبي، هذه بسيطةٌ، وأمامك هذه -ما شاء الله! تبارك الله!- فاجتهد في السنة القادمة، وأنا أتوقع أنك أذكى من كذا.
يا أخي، ارفع معنوياته.
المحاور: والمواد الثانية جئتَ فيها بأشياء طيبةٍ، والأستاذ يُثني عليك، جميلٌ.
الضيف: بالمميزات.
المحاور: رائع.
الضيف: إذا جاءك شخصٌ مُهتمٌّ -خاصةً إذا جاءك مُهتمًّا- فانقله إلى الجانب المُشرق، وافتح المجال للتفاؤل كما قلنا قبل قليلٍ.
ربط الشباب بالسلف الصالح
الأمر الرابع -وهي نقطةٌ مهمةٌ جدًّا، وأُوصي الآباء والأمهات بها-: ربط الشاب بسلفه الصالح، فأحيانًا يكون للابن أو للبنت أجدادٌ، أو أخوالٌ، أو أعمامٌ صالحون، مُبدعون، فعندما نتكلم معهم نقول: كُنْ مثل عمِّك، أو كُنْ مثل جدِّك -ما شاء الله!-، أو مثل خالك. فنربطهم بالرمز.
المحاور: بالقدوة.
الضيف: بالقدوة، وهذا شيءٌ يستهوي الشباب، ويستهوي الأبناء، فعندما تربطه بآبائه وأجداده فهذا له تأثيرٌ، سواءٌ يُطلب منه أن يقتدي بهم، أو يترك بعض الأعمال من أجلهم، فالربط بالقدوات أحد أنواع الضبط الاجتماعي.
المحاور: كما ربط يعقوب ، لو تُذكرنا بالآية.
الضيف: ذكَّره بآبائه: عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ [يوسف:6]، فربطه بآبائه، ويأتي بعد قليلٍ -إن شاء الله- كيف ربط يعقوب أولاده أيضًا بأسلافهم؟
فبيَّن يعقوب ليوسف -عليهما السلام- أن إبراهيم وإسحاق أنعم الله عليهما، فأنت لا بد أن تهتم بهما، فنحن كآباء وأمهات لا بد أن نربطهم بالقدوات القريبة.
المحاور: وهذا عمومًا يُحمِّل الأجيال التي ستكون مُستقبلًا آباء، ثم أجدادًا ... إلى آخره مسؤوليةً، وسيُشير الجيل اللاحق للجيل السابق.
ربط الأبناء بالصحابة
الضيف: أحيانًا -يا دكتور- لا يكون لدى الأب قُدواتٌ، فهنا نربطهم بالصحابة: يا أخي، أنت من أحفاد أبي بكر، وأحفاد عمر، وأحفاد عثمان، وخالد بن الوليد، وصلاح الدين، ما نتركه هكذا، فإذا لم تكن هناك قدواتٌ قريبةٌ نربطه بالقدوات البعيدة، وهذه نقطةٌ مهمةٌ؛ ولذلك لا بد أن يربط الآباء والأمهات أبناءهم بالصحابة، بغض النظر عن وجود قُدواتٍ قريبةٍ، فيُربون أبناءهم على الاقتداء بالصحابة؛ فيشعر الابن بأنه يرجع إلى شخصياتٍ ليست سهلةً.
المحاور: وشخصيات تربَّت على الوحي، وتربَّت على هدي النبي .
الضيف: هذه نقطةٌ مهمةٌ.
المحاور: هل هناك شيءٌ آخر، الله يحفظك؟
معرفة أنماط شخصيات الأبناء
الضيف: الأمر الخامس: أن يعقوب -وهذه نقطةٌ مهمةٌ- يعرف بيئة أبنائه؛ ولذلك قال ما قال على أساس أن أبناءه يمكن أن يحسدوا أخاهم، فحذَّره من هذه القضية؛ لأنه يعلم أن عند بعض أبنائه حسدًا.
وهذا نستفيد منه: أن الأب لا بد أن يعرف صفات أبنائه وأنماطهم الشخصية: سمعي، أو بصري، أو ما طبيعته؟ كي يعرف كيف يتعامل معهم؟ وأيضًا تبني علاقة الأبناء بإخوانهم، وهذه مهمةٌ جدًّا.
هناك أناسٌ -للأسف- لا يعرفون أين يذهب أبناؤهم؟ ولا يعرفون ما الذي يُغضب أبناءهم؟ وما الذي يُفرحهم ويُسعدهم؟ وما الذي يُضايقهم؟ فكلهم عندهم سواء.
يعني مثلًا: الولد قصَّر في مادةٍ، فقال له الأب: لماذا لا تصير مثل أخيك المُتميز؟
هذه قُدراتٌ يا أخي.
المحاور: يا سلام! ولذلك قال الرسول : اتَّقوا الله واعدلوا بين أولادكم[8]أخرجه البخاري (2587)، ومسلم (1623)..
وقد ذكر ذلك -أستاذي الكريم- أهل الاختصاص ونبَّهوا إليه، فلا يصح أن يُقارن الأب بين الابن وأخيه؛ لأن هناك فروقًا فرديةً، لكن يُقارنه هو مع نفسه في مواقف أخرى.
يعني مثلًا: أنت إيجابيٌّ في كذا، ما شاء الله!
هذه المقارنة مقبولةٌ؛ لأن الشخصية واحدةٌ.
وهذه ينبغي أن يُتنبه لها -أيها الإخوة والأخوات- فيما يتعلق بقضية المقارنة.
الضيف: إذن لا بد أن يعرف الأب بيئة أبنائه، وطبيعة أبنائه، وأين يذهبون؟ وما الأشياء التي تُؤثر فيهم؟ حتى يتعامل معهم معاملةً صحيحةً.
المحاور: وهذا يحتاج إلى مزيدٍ من القُرب.
الضيف: هذه نقطةٌ.
المحاور: جميلٌ.
الضيف: للأسف الآن بعض الآباء -وأنا كنتُ في التعليم- ما يدري في أي صفٍّ ولده؟!
المحاور: هذه مصيبةٌ.
الضيف: وهذا موجودٌ، لكن -إن شاء الله- نأمل أن يكون هناك شبابٌ موجودون الآن الآباء والأمهات ...
المحاور: الوعي، وهذه البرامج وأمثالها تُفيد في هذه القضية، فهل بقي شيءٌ؟
كيد الشيطان
الضيف: آخر شيءٍ بالنسبة لعلاقة يعقوب مع ابنه يوسف نبَّه إلى شيءٍ مهمٍّ وهو الشيطان: فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ [يوسف:5]، فبيَّن أن هناك شيئًا غير إخوانه، وأيضًا لا يريد أن يُلْقِي اللوم على إخوانه، فنسبه إلى الشيطان، والشيطان فعلًا له دورٌ في الحسد وفي الإغواء وغير ذلك، فجعل للشيطان دورًا في عملية الحسد.
المحاور: فلا بد من الحذر.
الضيف: لا بد أيضًا أن نُنبه أبناءنا لموضوع الشيطان، وكثيرٌ من الآباء لا يعرفون أن الشيطان مع الناس: في الأكل، وفي الشرب، وفي الدخول، وفي الحمام، وفي النوم، والنبي قال: إن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شيءٍ[9]أخرجه مسلم (2033)..
المحاور: لا بد أن نعرف كيف نحاول أن نتجنَّبه من خلال الأوراد، ومن خلال الأذكار، وما شابه ذلك؟
جميلٌ، هل بقي شيءٌ بالنسبة ليعقوب مع أبنائه؟
حوار يعقوب مع أبنائه
الضيف: الآن ننتقل إلى يعقوب مع أبنائه، وطبعًا لما أمره أن يكتم الموضوع أحسَّ الأولاد بأن هناك قربًا بينهما، خاصةً أنه ولدٌ صغيرٌ، وهؤلاء كبار، فأحسُّوا أن الأب مُهتمٌّ بابنه يوسف ؛ فعملوا عملتهم وحركتهم المعروفة، حيث طلبوا من والدهم أن يأخذوا يوسف معهم، والقضية تبدأ من قوله: وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ [يوسف:16- 18]، فلما قدموا أتوا بدمٍ على الثوب.
ويعقوب يعلم يقينًا أنهم ما قتلوه؛ لأنه من خلال تعبير الرؤيا عرف أن ابنه سيُصبح له شأنٌ في المستقبل، فلأسبابٍ كثيرةٍ عرف أنهم يكذبون، فماذا قال؟
وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ [يوسف:18].
وهنا نقطةٌ مهمةٌ جدًّا: يعقوب يعلم أن أبناءه يكذبون، وأن هناك مُؤامرةً على الولد، لكن مع ذلك ما دخل معهم في خصومةٍ، مرَّرها؛ لأن الموضوع انتهى، فمرَّرها بدون أي مشاكل.
المحاور: حتى لا تزداد المشكلة وتكبر.
الضيف: هو خسر ابنه يوسف ، ولا يريد أن يخسر أبناءه الباقين، فقال: وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.
المحاور: وَكَّلَ أمره لله.
الضيف: ولذلك ما قال لهم: أين الموقع؟ وأين ذهبتم به؟ وما الآثار؟ وكذلك يأخذ ويردّ ويُعطي معهم.
فنحن نقول -أحبتي في الله-: إذا وقع أبناؤك في أخطاء فلا تحاول أن تكسر الحاجز بينك وبينهم.
المحاور: أَبْقِ العلاقة، وكما يُقال: شعرة معاوية.
الضيف: نعم؛ لأنك أحيانًا إذا تقصَّيتَ في الموضوع تكتشف أشياء لا تُعجبك، وتكسر الحاجز النفسي بينك وبين أبنائك، فأنت تعرف أنهم وقعوا في خطأ.
المحاور: وستخسرهم أكثر.
الضيف: هم كانوا يحترمونك ويُقدِّرونك، فلما تكشف الأوراق ينتهي هذا، ما في شيء.
المحاور: لكن كُنْ مُتابعًا من بعيدٍ.
الضيف: نعم، مثل أحد الآباء -الله يهديه- جاءني وقال لي: شممتُ في ولدي رائحة دخان؛ فضربته ضربًا لينًا فاعترف. يمكن أول مرةٍ، أو ثاني مرةٍ.
المحاور: مع الضرب حتى لو ما كان هو الذي شرب الدخان سيعترف.
الضيف: المهم أن الولد صار بعد فترةٍ يُدخن! ما عنده شيءٌ، فقد كان يتخفَّى، والآن ما يتخفَّى.
المحاور: انكسر الحاجز.
الضيف: قلت: يا أخي، أنت كسرتَ الحاجز؛ فلذلك أنصح الآباء والأمهات فأقول: لو اكتشفتم أي خطأ في أبنائكم فلا تكشفوا الأوراق، وانظروا للأسباب.
وقد قلتُ له: لو أنك بحثتَ عن السبب، فيمكن أن يكون لأنك بعيدٌ عنه، ويمكن الأصدقاء، ويمكن كذا، فحاول أن تطرق الأسباب التي جعلته يقع في الدخان وتُبْعِده عنها.
المحاور: يا سلام!
الضيف: فلذلك هذه نصيحةٌ مهمةٌ جدًّا: بعض الناس يحاول أن يكشف أوراق أبنائه، فإن وجد في الجوال شيئًا غير جيدٍ يقول: تعالَ، افتح، افتح، افتح!
عليك أن تَغُضَّ الطرف وبعد ذلك حاول أن تُصلح.
المحاور: نقطةٌ مهمةٌ.
الضيف: جدًّا.
المحاور: والحاجة إليها كبيرةٌ، جميلٌ.
الضيف: الأمر الثاني.
المحاور: يعقوب مع أبنائه.
الضيف: هنا طبعًا انتهى الموضوع، ومَشَتِ الأمور.
المحاور: لكن يقينه بالله كبيرٌ، وتفويضه لله عظيمٌ.
الضيف: ولعلمه بأن الله سيُعطيه قال: وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ [يوسف:6]، فمَشَتِ الأمور.
المحاور: الخلاصة في هذا اليقين، وهو التفويض: أن الآباء مهما خسروا من أمورٍ لن يخسروا -إلا أن يشاء الله- في أزمات الأمة -مثلًا-؛ لأن الأب يُفوض أمره لله.
الضيف: فالابن إذا لم تفضحه أمام نفسه أو أمام الخَلْق يمكن في يومٍ من الأيام أن يعود إليك وكأن شيئًا لم يكن، وهذا الصحيح.
لا تتوقف عن توجيه أبنائك للخير
الآن ننتقل إلى يعقوب لما ظهر يوسف وعرفوه، وطلب أخاه، فقال: يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ ... إلى آخر الآيات [يوسف:67].
ثم قال: يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ [يوسف:87]، كلمة "يا بني" هذه نقطةٌ مهمةٌ، يعني: كونه يقول: "يا بني" هذا كلامٌ جميلٌ ولطفٌ ورِقَّةٌ، مع أنه غاضبٌ عليهم، وقلبه محروقٌ على يوسف .
المحاور: وكُفَّ بصره.
الضيف: نعم، وكذلك فَقَدَ ولده الثاني، ومع أنهم مُقصرون كان ينصحهم ويُوجههم؛ فلذلك نقول: حتى لو أن الولد كبيرٌ لا تقل: انتهى الأمر، فهو الآن كبيرٌ وأصبح رجلًا، ولا داعي للنصح والتوجيه وكذا.
لا بد من التوجيه، خاصةً إذا كنت تعلم أشياء هو لا يعلمها.
وهناك أناسٌ بمجرد أن يكبر ولده ما يُوجهه!
لا، فهؤلاء كانوا رجالًا كبارًا ومع ذلك قال: يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ، اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ.
المحاور: كان لديه من العلم ما ليس لديهم.
الضيف: هذه نقطةٌ.
النقطة الأخيرة: أن يعقوب ربط أبناءه بإسحاق وإبراهيم عليهما السلام.
المحاور: نفس ما ذكرته في قضية يوسف .
الضيف: هنا صرَّح فقال لهم: يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [البقرة:132]، وكذلك: وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ [البقرة:132].
المحاور: أنعم وأكرم بها من وصيةٍ بالثبات.
الضيف: نعم، فلما حضر يعقوب الموت: قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [البقرة:133].
المحاور: أعظم ما يملكه الإنسان في الحياة.
الضيف: هو ختم حياته واطمأنَّ أن أبناءه سائرون على العهد؛ لأنه ربَّاهم في البداية وربطهم بالقُدوة الصالحة، فمات وهو راضٍ .
المحاور: دروسٌ جميلةٌ ورائعةٌ، ونحن قد تبقى معنا وقتٌ قصيرٌ، فهل يمكن إيجاز ما يتعلق بحوار لقمان مع ابنه في أربع دقائق، أو ثلاث دقائق؟
الضيف: والله يمكن.
المحاور: تفضل.
حوار لقمان مع ابنه
الضيف: لقمان حكيمٌ، والله بيَّن لنا أنه حكيمٌ.
المحاور: وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ [لقمان:12].
الضيف: قد لا يُساعدني الوقت، لكن أنصح الإخوة والأخوات أن يرجعوا إلى تفسير حوار لقمان مع ابنه، ويبحثوا في (الإنترنت) عن فوائد حوار لقمان مع ابنه، فهي فوائد كبيرةٌ جدًّا، ويمكن أن أُلخصها؛ لأني كتبتُها.
المحاور: وأظن أن فيها تقاطُعات مع بعض الأشياء المتعلقة بما سبق.
الضيف: نعم.
أول شيءٍ أنه قال له: يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ [لقمان:13]، فأسس في حواره أسس العقيدة.
المحاور: وهذا أول ما يُحتاج إليه.
الضيف: ولذلك لابد أن نُربي أبناءنا على عدم الشرك.
ثانيًا: أمره بأن يُركز على الوالدين: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ [لقمان:14].
المحاور: بِرُّ الوالدين.
الضيف: نعم، بِرُّ الوالدين، وطبعًا -في نفس الوقت- الأب يحرص على أن يحثَّ أبناءه على بِرِّ أمهم، والأم أيضًا تحثُّ أبناءها على بِرِّ والدهم.
للأسف بعض الآباء يتكلم في الأم! والأم تتكلم في الأب! فيخسر الجميع بسبب ذلك.
المحاور: صحيحٌ، فهي بيئةٌ ليست آمنةً.
الضيف: لذلك لا بد أن يَحُثَّ كل واحدٍ منهما الآخر على الصحيح، ويُظهر إيجابياته، وهذه نقطةٌ مهمةٌ، مهما كانت الأمور بينهما، وكذلك الجدّ والخال والعمّ، وهذا ضروريٌّ جدًّا.
الأمر الثالث: قالوا: وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ [لقمان:15]، وهذا تأكيدُ على الصُّحبة الصالحة: وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ، هذه نقطةٌ مهمةٌ، وطبعًا الأنبياء كلهم يحثُّون على هذا الشيء، فمن الضروري أن نُنبه أبناءنا على ضرورة اتِّباع الصالحين.
المحاور: واختيار مَن هم كذلك.
الضيف: نعم، كذلك قال، وأيضًا لا بد أن يصير ...
المحاور: هذه معانٍ عظيمةٌ تتكرر: قضية التأسيس في العقيدة، والخوف من الشرك، وقضية اختيار الأصدقاء والبيئة، كل هذه تتكرر -سبحان الله!- في دعوة الأنبياء، وعلاقة الآباء بالأبناء.
الضيف: طبعًا هناك معيارٌ أساسيٌّ: وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ، هذا المعيار مهمٌّ جدًّا: اتَّبع الناس الذين يرجعون إلى الله ، وهذا الضابط ليتنا نهتم به: الرجال والنساء.
المحاور: ليست أهواء.
الضيف: ليست أهواء.
المحاور: إنما ما يُرضي الله.
الضيف: الناس الصالحون.
المحاور: وغيرها.
الضيف: وهنا نقطةٌ للجميع أيضًا: يا إخواني وأخواتي، الآن في الساحة هناك فتاوى وأفكار فلا بد أن نبحث عن الذين يُؤصِّلون هذه الأفكار، وهذا ضروريٌّ جدًّا.
الأمر الرابع: مُراقبة الله : يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ ... إلى آخر الآية [لقمان:16]، فهذا فيه إشعارٌ بمُراقبة الله ، وهذا ضروريٌّ جدًّا؛ لأن الرقيب يغفل، والقوانين قد تغيب في بعض الأشياء، لكن إذا كان الولد نفسه عنده مُراقبة لله ...
المحاور: إذا خلا بمحارم الله لن ينتهكها عندئذٍ.
الضيف: هذا في البداية، فلا بد أن نُربي أبناءنا على هذا الشيء، وذكر المثال كذلك.
المحاور: بقيت معنا دقيقةٌ يا أبا عاصم، الله يحفظك.
الضيف: طيب، طبعًا أمره بالصبر، وأمره بدوره الاجتماعي: وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ [لقمان:17]، لا بد أن يفهم أبناؤنا هذا الكلام.
المحاور: لا بد من مُخالطة الآخرين.
الضيف: لكن ما هو دوري؟ هل دوري سلبيٌّ؟ لا بد أن يكون إيجابيًّا: آمر بالمعروف، وأنهى عن المنكر.
المحاور: إيجابي في مجتمعين: في أسرته، وفي حيِّه، يا سلام!
الضيف: وبيَّن فيه أن مع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سيكون هناك تعبٌ؛ لذلك لا بد أن نصبر، فاصبر على ما أصابك في سبيل الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
فهو الآن وضع قاعدةً: أنك لا بد أن تكون إيجابيًّا في مجتمعك، وفي نفس الوقت نبَّه على الأشياء السلبية: الكِبْر، ورفع الصوت، وحاول أن يُبْعِده عنها.
المحاور: التي هي الأخلاقيات الذميمة.
الضيف: الذميمة.
المحاور: جميلٌ جدًّا.
الضيف: فلقمان مدرسةٌ.
المحاور: الأنبياء كلهم مدرسةٌ، وما ذكرتَه في الحوارات التربوية في القرآن الكريم: من نوحٍ مع ابنه، وإبراهيم مع ابنه إسماعيل، ويعقوب مع أبنائه، وكذلك حوار لقمان مع ابنه؛ كلها جميلةٌ جدًّا ورائعةٌ.
شكر الله لك حبيبنا أبا عاصم.
الضيف: جزاك الله خيرًا.
المحاور: وإنها فوائد جميلةٌ، ونحن بأمس الحاجة -أيها الإخوة والأخوات- في بيئتنا التربوية الأسرية إلى أن نستفيد من هذه المعاني العظيمة القرآنية، ونعود إلى هذه الحوارات، ونقرأها فيما بيننا كأزواجٍ، وكذلك مع الأبناء؛ حتى نستطيع أن نُطبقها عمليًّا، ونرجو توفيق الله لنا، وذُخْرها في الدنيا والآخرة.
كان معنا الأستاذ: مشبب العاصمي المستشار التربوي والأسري.
شكر الله لك أستاذي الكريم، وسعداء بك، حفظك الله.
الضيف: جزاك الله خيرًا، وأنا أسعد.
المحاور: شكرًا لكم أيها الإخوة على مُتابعتكم، ونلتقي على خيرٍ.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
↑1 | أخرجه البخاري (10)، ومسلم (41). |
---|---|
↑2 | أخرجه أبو داود (5217)، وصححه الألباني في "مشكاة المصابيح" (4689). |
↑3 | التخريج السابق. |
↑4 | أخرجه أبو داود (162)، وصححه الألباني في "مشكاة المصابيح" (525). |
↑5 | أخرجه البخاري (1597)، ومسلم (1270). |
↑6 | أخرجه مسلم (1469). |
↑7 | الوسائل المفيدة للحياة السعيدة (ص28). |
↑8 | أخرجه البخاري (2587)، ومسلم (1623). |
↑9 | أخرجه مسلم (2033). |