التربية لا تكون بتلبية الرغبات، ولكن بغرس القناعات ابتداءً، مع الالتزام بنظامٍ حازمٍ، فهي علاقةٍ حميميةٍ مع حزمٍ!
هذه القضية مهمةٌ جدًّا؛ فكم نُقصّر في هذا كثيرًا، وكم يحدث من ويلاتٍ لبعض الأُسر بسبب التَّراخي والتدليل والحماية الزائدة، وأن كل ما يطلبه الابن يُحقق له؛ فهذا خطأٌ كبيرٌ، بل أعتبره جريمةً تربويةً؛ فيحتاج الإنسان إلى أن يتنبه إلى هذه القضايا.
وفي المقابل هناك أناسٌ -وهم قليلٌ جدًّا- يمنعون كل شيءٍ، وما يتعاملون بـ"الإنترنت" تمامًا! فهذا إفراطٌ، وذاك تفريطٌ!
والصواب هو التوازن؛ فيمكن مثلًا أن أُعطيهم جهازًا لا يكون مُرتبطًا بالإنترنت، وأُحمّل لهم فيه بعض الألعاب التربوية، وبعض البرامج النافعة المفيدة، وبعض الكتب والقصص وآيات القرآن، وتعليم بعض الأشياء المُتعلقة بالمهارات، إلى غيرها من الأشياء الممتعة والمفيدة، فهذا يمكن أن نفعله، وهو الذي يحتاج إليه الأطفال، ولا يحتاجون لغيره.
كذلك يجب أن يكون هناك نظامٌ في الأسرة؛ بحيث يقطع الإنترنت في الساعة الحادية عشرة ليلًا، ونحن نرى مَن يُمارس هذا الدور في وقت اجتماعات العمل، ويمنع وجود الأجهزة الذكية فيها، فينبغي أن يكون هذا النظام في الأسرة أيضًا.
وهناك أُسَرٌ ناجحةٌ في إدارة أبنائها، فالأب والأم يُشرفان على جوالات أبنائهم، خاصةً في بدايات منح الجوال، وفي بدايات عمر الشباب والمُراهقة، مع استقرار العلاقة الحميمية التي كوَّنوها معهم عبر السنين، وكلما كان العمر أقلَّ كانت هناك حاجةٌ لمثل هذه الأساليب؛ حتى ينضج بعد ذلك وتكون الثقة قد نضجتْ واستقرت بإذن الله .
وقد كنتُ عند أحد الأشخاص، لديه بنتٌ في مرحلة التعليم المتوسط، وكان يفتح لها البرنامج من جواله ثم يُغلق! وقد يُظنُّ أن هذه الصورة فيها تشديدٌ، فسألته، فكانت الإجابة: أنه مُقتنعٌ بذلك، وأن هذا نظامٌ بينه وبين أبنائه في الأسرة، بتوافق مع الزوجة في هذا الجانب، وأنه لا إشكالَ عند الأبناء في ذلك؛ بل قناعةٌ وعلاقةٌ طيبةٌ، لا سيما أن هذا الأب يعطي جزءًا كبيرًا من وقته لأبنائه.
فلا بد من الودِّ، وأن يكون مقدمةً للحزم والنظام في استعمال التقنية، والأسرة التي تعيش بلا نظامٍ لن تكون حازمةً في موضوع التقنية، وعندئذٍ ستتفاجأ بويلاتٍ شديدةٍ في هذا الموضوع[1]التربية في عصر التقنية والإعلام الجديد.!