جاءني معلم، وقال لي: عندنا طلاب من طلابكم يطبّقون عندنا، وذكر لي اسم طالب أعرفه، ودرسته مادة التوجيه والإرشاد الطلابي في الكلية، فقال: من أول المحاضرة رأى هذا المتدرب طالبًا من الطلاب يلتفت لزميله، فصرخ المدرس فيه صُراخًا شديدًا، وغضب عليه، وأخذ الكرسي وضربه به!
فقلتُ له: وهل تتوقع أنّ مثل هذا الإجراء علمناهم إياه في مادة التوجيه والإرشاد؟! فقال: لا، أكيد.
فقلتُ: ماذا أفعل إذا كان عقل هذا الطالب المتدرب لم يتقبل الشيء الذي دربناه عليه، ووجهناه إليه؟ ماذا أفعل بمثل هؤلاء الناس الذين تذهب عقولهم حينما تأتي مثل هذه المواقف في مخالطة الناس؟! والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: المسلم إذا كان يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المسلم الذي لا يخالط الناس، ولا يصبر على أذاهم [1]أخرجه الترمذي برقم (2507) وابن ماجه برقم (4032) وأحمد برقم (5022) وصححه الألباني.، فما ذنب طالب في المرحلة الابتدائية والمتوسطة إذا تحرك يمينًا أو يسارًا، حركة عادية ليس فيها إزعاج -أو حتى لو كان فيها إزعاج!- أن يُضرب؟! ولو اعتبرنا هذه الحركة مشكلة، فالأصل كيف نتعامل في حل هذه المشكلة بطريقة صحيحة.
نفس المشكلة أن تجد المعلمة بعض الأحيان تدخل الفصل، ولا تريد أن تسمع همسًا وكلامًا، وتريد الانضباط، وترى أن النجاح حينما تكون الطالبات ساكتات، لا يتكلمن بشيء، ومستمعات إليها، وهذا ليس صحيحًا، فمتى سنُعلِّم الطلاب الحوار؟
وأين سنعطيهم مجالًا للأخذ والعطاء، ونصبر عليهم؟
وكيف سيقومون من مقاعدهم، ويُؤدون مشاريع جماعية؟
كل هذه الأشياء ينبغي أن يتدربوا عليها مهما يكن، ولا ينبغي أن تلغي أصولًا مثل الرحمة والأناة والرفق!
↑1 | أخرجه الترمذي برقم (2507) وابن ماجه برقم (4032) وأحمد برقم (5022) وصححه الألباني. |
---|