إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ، فلا بد ابتداءً أن يُغيروا، فإذا كانوا غير مُتراحمين، غير مُتعاطفين، غير مُتحابين؛ كيف يَشُدُّ بعضهم بعضًا ويقومون بما هو مطلوبٌ منهم؛ من الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والتَّفقه في الدين، والجهاد في سبيل الله، والتواصل، ونشر الخير، وقضاء حوائج الناس، وغيرها من الأمور الكثيرة التي تدخل في فروض الكفايات، وبعضها في المُستحبات، وما شابه ذلك، إلا إذا كانوا لُحْمَةً واحدةً؟!
لذلك لا بد أن نعرف أن أدوارنا مُؤثرةٌ على المجتمع، فكون واحدٍ يقول: لا، أنا لا أُؤثر. نقول له: لا، بل تُؤثر حبيبنا!
أولًا: وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا [مريم:95]، كل واحدٍ منا سيُسأل ليس بينه وبين الله تَرْجُمَان، وهذه القضية لا بد أن نؤمن بها، وأن التغيير للمجتمع وللأمة إلى الأحسن لا يمكن أن يحصل بشيءٍ سحريٍّ، وإنما يحصل بتغير الأفراد أولًا ثم تتغير البيئة التي فيها هؤلاء الأفراد.
وهكذا الأسرة؛ يقول الأب والأم: تعبنا، وعيالنا انحرفوا وتمردوا وفعلوا، وصار فيهم. كذا وكذا..!
فهنا لابد أن يسأل الآباء والأمهات أنفسهم: أين هم من مثل هذه الأشياء التي يشتكون منها؟
أين هم مِن الاستقامة؟
أين هم مِن الخوف من الله؟
أين هم مِن التربية الصحيحة؟
أين هم مِن هذه الأشياء؟
هذه قضيةٌ مهمةٌ جدًّا؛ فإن صلاح الأبناء من صلاح الآباء -وقد ذكر ذلك ابن القيم وغيره- كما قال الله : وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا [الكهف:82]، فكذلك فساد الأبناء كثيرًا ما يكون بسبب فساد الآباء!
أما أن يأتي الآباء ويقولون: بالتأكيد المدرسة هي السبب، وبالتأكيد الشارع هو السبب، وبالتأكيد فلان! لكنه -الأب- لا يُخَطِّئ نفسه؛ فبهذه الصورة لا نستطيع أن ننجح أبدًا[1]وقفات مع رسالة العلامة ابن سعدي رحمه الله بهجة قلوب الأبرار 5.!