المحتوى
الجمع بين النظرية والتطبيق
هذا الجانب أصبح قضية أساسية حتى في الحضارات، وفي الدول الأخرى، وهي قضية ما يرتبط بالجمع بين النظرية والتطبيق، والحقيقة أن تشخيص الحالة التي نحن فيها وفي أُسرنا بل في أفرادنا، وفي مجتمعاتنا هي هذه العقدة المرتبطة بالفصام النكد بين النظرية والتطبيق.
عندنا مدخلات جميلة رائعة، نستمع إليها، نقرأها، ونحفظها، وندركها، ونفهمها لكن في الجانب العملي والتطبيقي فيها إشكال كبير جدًّا، هذا في تصوري عقدة ما يرتبط بالجوانب التعليمية والتربوية، ومنها ما يرتبط ببناء القيم بطريقة سليمة، هذا أصل المشكلة، وهذا كما يُقال بيان المشكلة نريد أن نتحدث عنها فيما يرتبط بالقيم بين النظرية والتطبيق.
يقول الله : كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110]، نحتاج إلى التمعن في هذا الربط، وسأتحدث سريعًا جدًّا، نريد أن يكون فيه مجال للحوار والنقاش، وأرجو أن نوفق في الوقت، سأتحدث في ورقة بحثية قدمت في لقاءات عدة، ثلاثة عشر يعني جوانب عملية تطبيقية ممكن نستفيد منها في كيف نستطيع أن نجعل من مدخلاتنا مخرجات، كيف نستطيع أن نجعل من جانبنا النظري جانب عملي؟ كيف نستطيع أن نجعل مما نتعلم من ذلك القيم نجعله واقعًا عمليًا؟.
وهذه القضية مرتبطة بما يتعلق بالمنهج التربوي الذي نمارسه في حياتنا، وهذا مثال على تلك التطبيقات:
ما يتعلق بقضية المنهجية في تلقي كتاب الله ، يعني لا شك أن أعظم ما لدينا هو أن نتعلم نقرأ كتاب الله ونحفظه ونتعلم ونفقه ما فيه ونطبقه، كتاب الله مع أنه الوحيد كلام الله يؤجر عليه الإنسان قراءةً وحفظًا إلا أن الله قد قال: كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ [ص:29]، ولذلك كما جاء في الأثر: "رب قارئ للقرآن والقرآن يلعنه"[1]لا أصل له..
وقال أبو عبدالرحمن السُلمي: "حدثونا الذين كانوا يستقرئون القرآن من رسول الله كانوا لا يتجاوزون العشر آيات حتى يتعلموا ما فيها من علمٍ وعمل فتعلمنا العلم والعمل معًا"[2]أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (جامع البيان) ط هجر (1/ 74).، لو تربينا وتربى أجيالنا وربينا أجيالنا على هذا فيما يتعلق بتلقي القرآن، والتربية على كتاب الله بهذه المنهجية الذي أشار إليها أبو عبدالرحمن السُلمي، وهذا الذي يُفسر كيف مكث بعض السلف الصالح عشر أو ثمان سنين في حفظ البقرة، وما شابه ذلك؛ لاستطعنا أن نجد مدخلًا لقضية الربط ما بين القيم من حيث الجانب النظري والجانب التطبيقي.
أصعب ما يكون حينما تكون القضية حاضرة ذهنيًا بعيدة عمليًا، حاضرة على ورقة الاختبار بعيدة عن واقع العمل، حاضرة في التوجيهات اللفظية بعيدة عن محل الاقتداء.
هذه القضية نحتاج أن نراجع أنفسنا، لا نمنع من قضية الكم، خاصة مع كتاب الله ، نحتاج هذا المسار أن يستمر، لكن نحتاج أن ندرك أن هناك مسارًا آخر لا بد أن يكون موازيًا لهذا المسار، هنا الجانب الذي نريد أن ندعو إليه، وهو المسار المتعلق بالتربية على كتاب الله ، التربية على ما جاء من التوجيهات.
فلو رُبي أبنائنا في أسرنا وفي المحاضن التربوية، وفي حصص القرآن ستجد فارقًا بين الهوة الكبيرة بين الجانب النظري والجانب التطبيقي في القيم، وبين الهوة الكبيرة وبين ما هي أقل منها حتى يستطيع الإنسان أن يمارس أداء الواجب تكليف معين، يمارسه ويطبقه، أما المدخلات تكون ضخمة والمخرجات بسيطة جدًّا فهذا جزء من إشكالية وستأتي معنا فيما يتعلق بمناهج التعليم والمناهج التربوية، هذه نقطة أولى وكانت سمة موجودة في تعلم القرآن والتربية عليه.
العصر الذي تميّز بعصر النبوة وعصر الخلفاء الراشدين، تميّز بهذا الاقتران المتعلق بالاقتران بين القول والعمل، وبين العلم والعمل، تميّز كانت سمة أساسية واضحة بينة إلى درجة أن الرجل من السلف الصالح رضوان الله عليهم أجمعين إذا سمع سنة من سنن النبي لو لم يستطيع أن يطبقها إلا مرة واحدة لطبقها مرة واحدة.
هذا الجانب الذي هو القناعة بالملازمة بين العلم والعمل والاقتران هو أوجد التلازم بينهما وعندئذٍ أصبحت القيم المدركة واقعًا عمليًا، ولذلك عندما سُئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله قالت: كان خلقه القرآن[3]أخرجه مسلم (746)، بلفظ: «فإن خلق نبي الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن».، وصف عظيم، ما المشكلة في مثل هذه النقطة الآن؟
المشكلة أن ما حصل بعد هذا العصر وبالذات في العصر العباسي عندما انفتحت العلوم في الترجمات دون الفلترة، فحصل هناك ما يمكن نقول: الانبهار كما يحصل عند بعض أجيالنا في الانبهار فيما يتلقونه خاصة في زمن التقنية والإعلام الجديد، فأصبح هناك نزوعًا فكريًا وترفًا فكريًا جعل ربما عند البعض أن يقدم العقل على النقل.
وهذا الجانب أوجد أن ممكن الإنسان يكون قليل العمل كثير المعرفة وكثير العلوم، وكما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في وصف مثل هؤلاء: "أوتوا ذكاءً وما أوتوا ذكاءً"[4]مجموع الفتاوى (5/ 119).، عندما يكون الذكاء لا يتولد منه زكاء تزكية للنفس ما الفائدة؟
ولذلك في بداية الفتوى الحموية الكبرى كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عندما حدث عن أبي بكر الرازي، تحدث عن أبي معالي الجويني، وتحدث غيرهم ممن أدركوه في أواخر حياتهم ما كانوا عليه من الاتجاهات الفلسفية، وكيف تراجعوا عنها، وأدركوا بأن الذي كانوا عليه ليس هو الصواب، بل هو مجرد قيل وقال، ندرك أننا نحتاج نتنبه، خاصةً أن المؤشرات تشير من خلال استقراء الحركات والكتب الفكرية في أجيالنا اليوم من خلال معارض الكتاب، كما يتابعها المتابعون، انهماك الفئة العمرية المهمة جدًّا ذكورًا وإناثًا على هذه الكتب.
فإذا لم يكن هناك ربطٌ بين الجانب النظري والمتعلم والجانب العملي التطبيقي ستحصل هناك ما حصل في تلك العصور مع أنها كانت قريب العصور الزاخرة العظيمة، ولذلك حينما يكون كتابًا فكريًا ينمي فكري في نفس الوقت يقربني إلى الله، سيكون لهذا الكتاب ولهذا النضج الفكري له دوره، أما سيباعدني عن الله ويباعدني عن وجودي في هذه الحياة: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56]، ستصبح ويلاتها كثيرة وعندئذٍ يحصل الفصام النكد في الأمة بين النظرية والتطبيق، وهنا القيم مجرد قيم معرفية كما قلت، وليست مرتبطة بجانب العمل.
حتى الذين تكلموا من العلماء في طرق التعلم وآدابه يعني الزرنوجي حينما يتحدث في آداب المتعلم، ويتحدث عن الناس تعبوا بعض هؤلاء ولم يستطيعوا أن يصلوا لما أرادوا والسبب في ذلك هو عدم ربط العلم بالعمل وإجراء هذا المبدأ الأساسي وهو ربط القضية المعرفية في القيم مع القضية العملية.
وأبو بكر الأجري في كتابه العظيم "أخلاق العلماء" عندما تحدث في هذا الكتاب العظيم أن العلماء الربانيين هم العلماء الذين يحتاجهم الناس في أمور دينهم ودنياهم، فهؤلاء العلماء ليسوا نكرات، وليسوا عبارة عن كتاب نسخة إضافية، إنما علماء قريبين جدًّا من المجتمع، علماء الناس يحتاجونهم ليس فقط في أمور دينهم، بل حتى في أمور دنياهم.
وعندئذٍ يكون هذا النموذج الذي ينجذب إليه الناس، وتصور هذا النموذج هو نموذج الأب والأم، نموذج المعلم والمعلمة، فتصبح مجال التأثير ومجال الاقتداء ضخم جدًّا، وعندئذٍ ستصغر الهوة والفجوة الكبيرة بين النظرية والتطبيق.
وفي منهجية دراسة العقيدة، عندما تأتي لكتب العقيدة وهي كثيرة مثلًا كتاب العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تقريبًا استقرأ النصوص وقرر عقيدة أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات من خلال كتاب الله وسنة رسوله .
ثم ختم كلامه في الثلث الأخير، أو الربع الأخير من هذه العقيدة المباركة بقوله: "ثم مع هذه الأصول:
يَأْمُرُونَ: بِالْمَعْرُوفِ، وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ، عَلَى مَا تُوجِبُهُ الشَّرِيعَةُ.
وَيَرَوْنَ إِقَامَةَ: الْحَجِّ، وَالْجِهَادِ، وَالْجُمَعِ، وَالْأَعْيَادِ؛ مَعَ الْأُمَرَاءِ؛ أَبْرَارًا كَانُوا، أَوْ فُجَّارًا.
وَيُحَافِظُونَ عَلَى: الْجَمَاعَاتِ، وَيَدِينُونَ: بِالنَّصِيحَةِ لِلْأُمَّةِ، وَيَعْتَقِدُونَ: معنى قوله : الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ، يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا[5]أخرجه البخاري (481)، ومسلم (2585).)"[6]العقيدة الواسطية: اعتقاد الفرقة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة أهل السنة والجماعة (ص: 129)، تحقيق: أبو محمد … Continue reading، وتحدث شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن مجموعة من المواصفات العملية ليس لها ارتباط مباشر في الاستنباطات المتعلقة بآيات الأسماء والصفات، وأدلة الأسماء والصفات من القرآن والسُنة كما كان عليها كتابه منذ بداية الكتاب إلى أن وصل لهذه القضية، ويريد بذلك أن هذه الأصول لا يمكن إلا أن يكون لها أثر على الإنسان.
فالذي يتمثل هذه الأصول لا بد أن يكون متمثلًا لهذه الجوانب العملية، وعندئذٍ يمكننا أننا نجعل من الجانب النظري مجالًا عمليًا عندئذٍ القيم ممكن أن تطبق إذا أخذنا تدريس مثل هذه القضايا للأجيال بهذه المثابة وبهذه الطريقة.
وحتى في الجامعات يطرحون قضايا متعلقة بدراسة الفكر التربوي عند ابن الجوزي، وعند ابن رجب، وعند ابن تيمية، عند كذا، رحمة الله عليهم أجمعين، وهذه القضية تؤكد في الجامعات على هذا الجانب المهني المرتبط بالجانب العملي والارتباط وإلا هناك عالم من العلماء ممن بحث في أصحاب المنهج الإسلامي إلا وتجد مبدأ ارتباط القول والعمل حاضرًا جدًّا فيما كتبه في كتبه المتناثرة.
فمثلًا الفكر التربوي عند السعدي في دراسة تحليلية ناقدة للشيخ الدكتور عبدالعزيز الرشودي ذكر لفيفًا مما ذكره الشيخ رحمة الله عليه في مبدأ وجوب مزج المبادئ النظرية بالممارسة العملية، تأكيد على القضية، وبعض الذي ذكره الشيخ رحمة الله عليه: "العلم نوعان:
نوعٌ لا يثمر العمل بمقتضاه وإنما هو حجة على صاحبه، وهو غير نافع"، هو علم لكنه غير نافع، وهذه مصيبة.
"وعلم يثمر العمل بمقتضاه وهو علم المؤمنين.." إلى آخره.
وقال الشيخ ابن سعدي رحمة الله عليه: "يكون الغرض الوحيد من المتخرجين في المدارس الناجحين في علومها أن يكونوا صالحين في أنفسهم وأخلاقهم وآدابهم مصلحين لغيرهم، راشدين مرشدين مهتمين بتربية الأمة"[7]الجهاد في سبيل الله وواجب المسلمين (ص:26)..
هذه المواصفات مواصفات لا يمكن تتأتى والقضية مجرد عبارة عن مقررات تُدرس واختبارات معرفية تُنجز وتنتهي القضية بحالة من الأحوال، ومن ذلك ما يتعلق بالقيم، حتى الدورات، والمؤلفات، واللقاءات، ستبقى هذه مهمة جدًّا أن يكون لها ما بعدها، الكلام عندما يرتبط بالشيء الذي له ما بعده.
الدكتور عبدالعزيز القارئ عندما تحدث في برنامج عمل المتفقهين، وتحدث عن قواعد المتفقهين في الدين في بدايات الفقه في الدين، ذكر في القاعدة السادسة: "أن تصرف العناية عند تلقيك للعلم وعند تفقهك في دين الله إلى العلوم العملية، أو إلى الجوانب العملية في العلوم"[8]انظر: سبع مسائل في علم الخلاف (ص: 80-81)..
فهذه المنهجية مهمة جدًّا وحدثني أحد الأخوة مشرف تربوي يقول: حضرت الأستاذ انتهى في ثلث ساعة، نصف ساعة، ما عنده شيء الحصة، يقول: فجلس، فقمت أنا فسألتهم عن الذي ناقشه فيما يتعلق بالمادة كانت في الفقه في قضية الزكاة، فوجدت أن الأستاذ في وادي والطلاب في وادي آخر.
فالزكاة بالنسبة للطلاب في المرحلة المتوسط ليست لها ارتباط، فهذه إشكالية، ولذلك ربط القضية بالمرحلة العمرية مهم جدًّا، لها علاقة بهذا الجانب، لكن حتى طريقة التعليم النظرية أصبحت محفوظات، يقول: سألتهم عن المصطلحات التي قالها الأستاذ قبل قليل ما فيه أي شيء أبدًا.
فلذلك القضية تحتاج ومن ذلك أن نتعلم العلوم العملية ذات الارتباط العملي بمعنى الإنسان سيأخذ الآن أحكام الصلاة وسيصلي في اليوم خمس مرات، فسيدرك هذا واقعًا عمليًا وتكون أقرب إلى أنه ينجز العلاقة المرتبطة بملازمة القول العمل أو العلم العمل.
حتى في تربية الأبناء وما يتعلق بذلك تظهر،
لا تنه عن خلقٍ وتأتي مثله | عار عليك إذا فعلت عظيم[9]انظر: عيون الأخبار (2/ 24)، والعقد الفريد (2/ 184)، و(2/ 229)، وجمهرة الأمثال (2/ 38)، ومجمع الأمثال (2/ 213). |
كذب الابن من كذب الأب
تأتينا في الاستشارات لماذا ابني يكذب؟
من القضايا المهمة جدًّا، وهذا كان أمس في تربوي في وئام، فجاءنا هذا السؤال، قلت من الشيء ذكره حتى أهل الاختصاص أن كذب الابن من كذب الأب، كذب الأبناء من كذب الوالدين، مجال الاقتداء لازم تضعه في ذهنك، فقد يكون الصدق لا يتمثل واقعًا عمليًا داخل الأسرة كمثال.
فذلك هذه القيمة لا تظهر بأنه أخذها، الشيخ في الخطب تعلم قال عنها، وتكلمنا معه، ما هي قضية كلام، بل قضية هل يجدون هذه القضية واقعًا عمليًا في الرموز القدوة وعلى رأسها الوالدان في الأسرة أم لا يجدون؟
وأنتم تعرفون الأهداف السلوكية، معرفة مُدركة لكن يهمنا في هذا الجانب أن التمحور حول الهدف الأول النوع الأول هو المشكلة، والمشكلة أيضًا تمحور حول المستوى الأدنى منه فيما يتعلق بالمعلومة وحفظها ونسيانها ليس حتى في التفكير ومستويات العليا حتى يطلع لي شخص ناقد وعارف كيف ينقد وإلى آخره، فعندئذٍ يقبل القيمة الصح ويرفض القيمة الخطأ لا ليست هذا، هذا كما قلت نقد على جانب المعرفي فحسب، فما بالكم بالمنظومة المتبقية؟
فكما يقول أهل الأهداف: إن الأهداف المعرفية ليست مقصودة بذاتها، الأهداف المعرفية مقصودة لتنتج لنا أهدافًا وجدانية، وأهدافًا مهارية، وهذا الذي نحن نقصده وكما قلنا في كلام الله : كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ [ص:29].
فلما نضع هذه القضية وغيرها في أذهاننا، سندرك ما الأهداف التي وضعناها؟ هل القضية مجرد معرفة فقط؟ وكما قلت بعض الأحيان معرفة على المستوى الأدنى وليس المستويات العليا، حتى التقويم عندما نقوم الآن ما رأيكم في هذا اللقاء؟
لقاء طيب وممتاز، ما رأيكم في هذه الجمعية؟
جمعية مناسبة طيبة، ما رأيكم في هذا البرنامج؟
رائع، فتقييماتنا في البيئة بالذات المجاملة ليست الناقدة لا يحصل هذا الكلام.
يقول أهل التقويم التربوي: لا يمكن أن يكون التقويم تقويمًا سليمًا إلا إذا كان المقياس الحقيقي له نجاح عملية التعليم، وهو مقدار ما يحققه ويمارسه الطلاب مما تعلموا، يعني هم تعلموا شيئًا لا تستعجل يا شيخ في الحكم، إذا كنت تحكم على الإنجاز، فهذا اللقاء أنجزناه.
لكن تريد تقول هذا اللقاء حقق أهدافه، هذا مرتبطٌ بما يحققه هذا اللقاء ويمارسه مع الفئة المستهدفة من حيث أثره عليهم، وهذا لا يلزم عاد نعطي مقياس له الآن، وإلى آخره، لكن في الأخير هو تأكيد جانب التطبيقي بالنسبة للجانب المعرفي.
وتناقشت مع دكتورنا الأستاذ الدكتور عبدالعزيز النغيمشي فيما يتعلق بما يلاقيه الأستاذ في داخل الحصة الدراسة، هو لديه كم معلوماتي ومطلوب منه أن ينجزه، هذا الأهداف المعرفية أو جزء من الأهداف المعرفية، في المقابل أنه يريد يؤثر في جانب الاتجاهات والقيم، الجانب الوجداني، وفي الجانب المهاري، فماذا يفعل؟
فقال: أرى أن المعلم الناجح هو الذي ممكن يضحي بجزء من ناحية الكمية، ويرتب أموره على هذا الأساس حتى يُعلي من القدر المتعلق بالجانب المهاري والجانب الوجداني بشكل أكبر، الوجداني يعني وجوده من حيث الإمكانية في وقت التعليم حاضرًا، المهاري لا يلزم له، المهاري قد لا يستطيع أن يتم يكتسب المهارة الآن، لكن قضية الجانب الذي هو التأثر والحب والكره والاتجاه نحو القضية هذه إيجابًا أو سلبًا هذا الدور الذي نحن نحتاجه، هذه القضية التي ترتبط بالقيم، والقيم مرتبطة بدرجة كبيرة بجانب الاتجاهات وجانب الوجداني.
واليوم في أجيال التقنية ما شاء الله تبارك الله يعرف كل المنتجات، وعنده قدرة عالية جدًّا، ومعرفة الأجهزة طيب، والجيل الجديد أعلم من جيل الآباء لكن أنا لا يهمني هذا، هذا جانب معلوماتي، هل هو يمارس تطبيق القيم في تعامله مع التقنية أو لا يمارس هذا هو النجاح.
لا تعطيني الجانب المتعلق بالكم المعرفي والتخصصي والنظري وليس القضية المتعلقة بمحك أصبحت التقنية أكبر محكات الجيل اليوم في قضية القيم حضورها من عدم حضورها أو ضعفها، ولا يكاد نحضر لقاءً ويحصل فيه استشارات إما فردية وإما جماعي إلا وتأتي قضية التقنية حاضرةً رقم واحد.
ولذلك نحتاج أن نتنبه في مثل هذا الموضوع وما يتعلق به، بل حتى في الأساليب المتعلقة بالوسائل التعليمية والتربوية والأساليب، أعطيكم أمثلة سريعة جدًّا، وانتبهوا لهذه القضية:
القدوة، التدريب على أساليب حل المشكلات، واتخاذ القرارات، اللقاءات الحوارية مع الجيل، المناقشات الهادفة والجريئة التي يفصح فيها الجيل عما في داخله، ونحن نوجهه إن خيرًا فخيرًا، وإن كان غير ذلك فنقومه، التكاليف والواجبات العملية التطبيقية على المستوى الفردي والجماعي، اذهب يا ولدي وطبق هذه القضية مع الوالدين في بر الوالدين، وجب لي ورقة من والدك.
وأريد توقيع من إمام المسجد بأنك صليت الجماعة في المسجد، وما شابه ذلك، جانب عملي، إذا دخلت البيت حب يد أمك، وقدم لها هذه الهدية، فهنا تكليف معين فردي أو تكليف جماعي، التعلم التعاوني، التدريب الميداني، وتحميل المسؤولية، واستخدامات التقنية الحديثة فيما يرتبط بالمجال التخصصي والتطبيق العملي في التقنية، يعني أربطه في ممارسة تقنية اتركه يتعلم كيف يستثمر التقنية، في مجاله الشرعي والدعوي والعلمي والاقتصادي فيفوز ويربح عمليًا في الجانب الدنيوي والجانب الأخروي.
البرامج التي يقدمها المربون
النقطة قبل الأخيرة: المجالات المتعلقة بالبرامج التي يقدمها المربون ثلاثة برامج.
الخدمات التي يمكن نقدمها لأنفسنا ولأبنائنا وللأجيال وللمجتمعات هي ثلاثة برامج:
برامج بنائية نمائية: ترتقي بالإنسان إلى مستوى أفضل مما هو عليه في الجانب الإيجابي.
برامج وقائية: قبل أن يقع في مشكلة فأنا أجنبه هذه المشكلة.
برامج علاجية: إذا وقع في المشكلة، فلا المشكلة احنا عندنا واضحة كلام ما في شيء جديد.
المشكلة عندما تكون دائرة العناية بالبرامج العلاجية أكبر دائرة عندنا، والذين يتعاملون مع قضايا الاستشارات الأسرية وتعديل السلوك يدركون أن محور الاهتمام عند الذين يستشيرون الآخر تقع بنسبة 95% على أقل تقدير في المشكلات، ولما وقع في المشكلة أو وقع غيره من هو مسؤول عنه أو قريب منه صار يهتم ويحرص، طيب أين أنت من الوقائي؟ وكذا أين أنت من الجانب النمائي قبل الذي أهم من ذلك؟
لذلك لو بنينا القيم مبكرًا قلّت حاجتنا إلى الجانب الوقائي، وقلّت أكثر حاجتنا إلى الجانب العلاجي، لكن عندما تكون المنظومة معكوسة تحصل الشرخ الكبير ما بين النظرية والتطبيق مهما علمناهم، ومهما حضروا دروس في القرآن وفي السُنة وفي السيرة وفي القيم وفي كذا، وسمعوا خطب و.. و.. إلى آخره، قضية تحتاج إلى عناية.
أخيرًا: مهما يحصل من الرموز أيًا كانت هذه الرموز، أيًا كان اتجاهها، الجيل ينتظر من هذا الرمز أن يكون قدوة، مجرد أن تعطي كلامًا ثم لا يجدون فعالًا مجرد ما تحصل هذه الهوة بين الجيل وبين الذي يتلقى منه الجيل، طيب خسرنا أجيالنا في بيوتنا أو أسرة خسرت أجيالها في بيتها، خسرنا معلم أو معلمين خسروا أجيالهم في حصة دراسية إلى آخره، دعاة خسروا مدعوين أين سيذهبون؟
فحينما يكون الأمر حاضرًا ومتلازمًا بين النظرية والتطبيق في موضوع القيم ويصبح النموذج موجودًا حاضرًا بين أيدينا ونقدم نماذج إيجابية حقيقةً كما قال عبدالله بن المبارك: "نحن إلى قليلٍ من الأدب أحوج منا إلى كثيرٍ من العلم"[10]مدارج السالكين (2/ 356).، أظن سيكون هناك شيء كبير جدًّا فيما يرتبط بالتربية على القيم من الناحية العلمية والعملية.
أسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يوفقنا وإياكم لكل خير، وما كان من صواب فمن الله، وما كان من خطأ فمني ومن الشيطان، والحمد لله رب العالمين.
كن حكيمًا ولا تخالف ما تعلمت
زرت مرة مدرسةً لأجل ابني، وهذه المدرسة من المدارس التي الكلية توجه إليها الطلاب متدربين في المستوى الثامن، أتاني أحد الأساتذة قال لي: أنت فلان؟
قلت: نعم، قال: تجيب لنا وحوش؟!
قلت: يا أخي أنا زائر لولدي ما أدري معذرة منك وليس لي علاقة، قال: ما في طلاب مدربين؟
قلت: ليس لي شأن، ولم آت لأجل هذا لأن الشأن هذا عند قسم المناهج وطرق التدريس، وأنا زائر لولدي.
فاستغربت وقلت: خير ما الذي حدث؟
قال: فيه طالب في الصف الرابع الابتدائي وصاحبكم اجلس لا تتحرك، اقعد وقعد ثم اتحرك النمو الحركي، والحركة عند الطفل طبيعية جدًّا، والأستاذ هذا ما كان عنده طبيعي، فيقول: فأخذ كرسي ورمى الطالب.
قلت: طيب وأنت تتوقع نحن علمناهم ذلك؟
ضحك وقال: لا، قلت: ممكن اعرف اسمه؛ لأنه ما دام في المستوى الثامن أنا درسته في المستوى السابع في التوجيه والإرشاد وتعديل السلوك.
قال لي: فلان الفلاني قلت: فلان الفلاني هذا كان من طلاب الفصل الماضي ودرسناه 15 أسبوع ساعتين كل أسبوع 30 ساعة، وورش عمل وتطبيقات،... وإلى آخره، ولا يمكن نقول له: خذ الكرسي وارمي، قال: صحيح، لما تحرينا الموضوع وإذا به أول ما دخل المدرسة قال له أحد الأساتذة المخضرمين في المدرسة: أين ستدارس؟ قال: رابع، قال: الله يعينك، الجوانب التربوية التي عندكم وخلك بشاشة في الوجه ولطيف وما لطيف هذه لا تصلح فسترى ما لا يسرك.
قال: طيب ما العمل؟ قال:
أنا ابن جلا وطلاع الثنايا | متى أضع العمامة تعرفوني[11]انظر: البيان والتبيين (2/ 210)، وعيون الأخبار (2/ 265)، والعقد الفريد (5/ 278)، ومجمع الأمثال (1/ 31). |
اعطيهم العين الحمراء، وفعلًا أعطاهم العين الحمراء، فالدقيقة والدقيقتين والثلاث، هي التي طبقها أستاذنا الكريم و30 ساعة بل ثلاث سنوات ونصف تركها، فماذا أفعل أنا بهذه العقلية؟
هذه العقلية هي العقلية التي نقول: هي أزمة الأزمة التي نحن نعيشها فعلًا، وعندئذٍ أقول: نعم، الحل ليس هناك من حل سحري الحل هو ما ذكرناه في ثلاثة عشر نقطة نطبقها في ميداننا خاصة الجوانب العملية منها.
يعني كما قلنا في النموذج السنغافوري، والنموذج الطبي الهولندي كمثال هو قضية أساسية عندهم، فهذا لو طبق من أول فصل دراسي غير ما يطبق فصل ثامن كمثال، فالشيء المقدور عليه قد نقدر عليه؛ لأنه مثلًا نظام في الكليات التربوية، لكن أنا أقدر على أن أخذ التوجيهات من القرآن وأطبقها، بل هذا مطلوب مني، أصغ لها سمعك فإما أمرٌ تؤمر به، وإما نهيٌ تُنهى عنه، هذا واجب عليّ، وأنا سأعود إلى منظومة وتؤثر، أب يؤثر، أسرة تؤثر، كيان يؤثر وفي النهاية: قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ [آل عمران: 165]، إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ [الرعد:11]، فلا بد أن يكون هناك استحضار لهذه المسؤولية المتعلقة بأنا لا بد إن أغير نفسي ولا بد أن أكون قدوة، ما أمارة أن أكون قدوة، أتى هذا ولعب في رأسي دقيقة دقيقتين ثلاثة وعاد يحتاج له علاج بطريق آخر.
ولذلك عندما آتي إلى المنهجية حتى ونحن في بيئة مسلمة نتعلم القرآن، والعقيدة، والفقه، وذكرنا هذه القضية من هذا الباب، فنحتاج إليها عندما نتكلم في قضية التقويم ونؤكد على هذا الجانب، وعندما نؤكد ونتكلم في الأساليب والوسائل في التعليم، فلو قلنا: الجيل يحتاج إلى أن ننوع حتى الذين كتبوا في التربية والتعليم عند السابقين فيه أشياء ليست فقط مدرسة تقليدية كما يقال، أنا لا أوافق على هذه القضية البتة.
هذه كلها عبارة عن ترجمات موجودة وإلى آخره، في وسائل وأساليب مارسها العلماء، ورصدت ومارسها الأنبياء وإلى آخره، ما عندنا إشكال نأخذ من غير المسلمين، لكن عندما نأتي إلى الحوار، والمناقشة، والتعلم والتعاون، والتكاليف الميدانية، والتطبيقات التمثيلية، أنا طبقت بعض الأشياء هذه مع طلابي في الجامعة، يمثلون يعملون تمثيليات أمامه فيفعلون مجموعات ويتفقون كيف يطلعون هذه المهار في الاتصال، كيف يمكن يطبقونها من ناحية، كيف يقدمونها كشرح، لكن بطريقة تمثيل.
فالطلاب إلى يومك هذا سنة وسنتين وثلاث أو أربع يتذكرون هذه القضية ويقارنوا بينها وبين التعليم المعرفي البحت فقط، هل هذه ستؤثر؟
فيه أُناس يتأثرون بهذا جزمًا، وتأثيرها أكثر من تأثير غيرها بلا نقاش، حتى لو كنت قلت حقًا وفعلت حقًا.
الخطيب والداعية الذي يلقي كلمة مبهرة، أو يخطب بخطبة مبهرة، لكن لا يتفاعل مع المدعوّين ولا يتفاعل مع جماعة المسجد، هل مثل الخطيب الآخر الذي يتفاعل في التأثير؟
أبدًا، وما ذكرنا لكم من كلام الآجري في أخلاق العلماء الذين يحتاجهم الناس في أمور دينهم ودنياهم، بل قد يُنفر هذا الإنسان.
فلذلك هي منظومة متكاملة رأسها: كيف أستطيع أن أكون محل القدوة؟ كيف أستطيع أن أجعل من أبنائي قدوة؟ يعجبني الأب الذي يقول: لابنه في هذه القضية يا ولدي لا تقلدني ولا تجعلني قدوة، أنا في هذا ضعيف، كن خيرًا مني وأحسن مني، ووجهني، وأعرف بعض العلماء يفعلون كذا.
نحتاج إلى هذا، الآن هذا الأب مارس تثبيت المبدأ الصحيح، حتى ولو كان مخطئًا، أما الثاني لا يريد أن يمارس؛ لأنه ضعيف فيتستر على نفسه، فسيخرج لنا جيلًا بالطريقة هذه غير مستعد أن يعرف الصواب، أو يعرف الصواب لكن يخالف.
وأذكر قصة حصلت في اختبار من الاختبارات، أثناء المرحلة الجامعية لاثنين من الطلاب حصل بينهم هذا النقاش، وكان في مادة البلاغة في بيت شعري:
وما من يدٍ إلا يد الله فوقه.......... ....... ......[12]انظر: التمثيل والمحاضرة (ص: 10)، وثمار القلوب في المضاف والمنسوب (ص: 33)، روض الأخيار المنتخب من ربيع الأبرار (ص: … Continue reading |
فالبلاغيون منهم من يؤول الصفات، واثنين يعرفون بعض، واحد منهم حافظ كتاب الله، والثاني ليس كذلك، وجاء السؤال هذا في الاختبار، فالذي حافظ كتاب الله وكلهم يعرفون الصواب في الجانب الاعتقادي، لكن الذي حافظ كتاب الله أجاب بإجابة البلاغيين، فوقع في التحريف للصفات، والثاني قال: قال البلاغيون: كذا، ولكن الحق كذا، فالأستاذ الدكتور هو على نهج البلاغيين، لكن رأى هذا الطالب في الممر وقال: والله إجابتك أفضل إجابة مرت عليَّ.
فلما سأل صاحبه حافظ كتاب الله، قال: أجبت بما قاله البلاغيون، قلت: قال البلاغيون؟ قال: لا، أنا قلت كذا، يا أخي اتق الله ، كيف هذا؟! كيف تكتب شيئًا خلاف ما تعتقده؟
كن حكيمًا، لكن لا تكن بهذه الصورة، فهذا خطير، فعندما أعبر عن شيء خلاف ما أعتقد بسبب كذا وكذا، أن نعيش هذه الأمنية دون أن يكون هناك شيئًا موجودًا في الواقع.
هذه المشكلة أن نكون نريد أن يكون كذا، نريد أن يكون كذا، نريد أن يكون كذا، ولكن المجالات مفتوحة كثيرة، لو أخذنا فقط الأساليب والوسائل وذكرناها في التعليم والتوجيه والتربية هذه عدد منها كلها من الإجراءات الحديثة في التعليم.
لا بد أن يكون للجيل شيء يناسبه
ففي الأخير ينبغي: أن أكون ممارسًا لهدم الهوة ما بين النظرية والتطبيق.
الذين يطالبون أن الجيل لا بد أن يكون له شيء يناسبه وهذا طبيعي جدًّا، هذا من الحكمة، طيب أين القضية هذه؟ الجيل ينتظر، فهل هناك جهود تُعمل لأجل هذه القضية؟ هل الأسرة نجحت أو سألت المستشارين ونجحوا في هذه القضية؟ قصدي ليس تعليقًا على أنا أوافق تمامًا حتى أخشى أن نبقى نعيش المشكلة التي نطرحها في قضية الفصام ما بين النظرية والتطبيق حتى فيما نتمنى.
فلذلك نقول: لنبدأ القضية في الآخر، خلنا على من نعول، ومن نفعل نمارس هذه القضية تمامًا، وما عندي إشكالية مارست شيء خطأ مع ابني الآن ما عندي إشكالية أصلحه بعد ذلك، ما عندي إشكالية أنا أجهل قضية معينة أتعلمها باستشارة أو بتعلم، لكن لا أقف ثم أقول: نحن جيل بعيد، و.. و.. الخ.
لا شك أن فيه فرق بين الجيل السابق والجيل اللاحق، الجيل السابق عنده جانب الضبط هو الحاضر الجيل اللاحق عنده الجانب الذي هو الحرية وما شابه ذلك، طيب كيف أستطيع أن أتعامل مع هذه القضية؟ لذلك عندما لا أتمثل أنا الشخصية التربوية في الطريقة السليمة في التعامل فمشكلة، والجانب الآخر نقع في إشكاليات قد تكون ليست منضبطة شرعيًا، ولا منضبطة علميًا، ولا تربويًا، بحيث تكون القضية مرتبطة بحجة أن الجيل بهذه الصورة.
فأنا مدرك هذه القضية، وأؤكد عليها، وممارستها حاضرة بين أيدينا، نفعلها، واستفدت من أحد الأساتذة في القاعة الدراسية وطريقة الجلوس، لا أنساه كنت في جامعة فيصل فأخذتها حتى الدكتور مع أنه ضعيف علميًا وأكاديميًا لكن أعجبتني هذه الفكرة وهي الجلوس (داير مدار) الحصة الدراسية، ومن ذاك الوقت وأنا أدرس إلى يومكم هذا بهذه الطريقة.
وجماعة فقط هذه الطريقة الجلسة كان أثرها كبير جدًّا على الطلاب، فما علاقتها بالجيل الجديد؟
هو جانب مرتبط بحاجة عند الشباب، وحاجة التغيير وأنه يملّ من القضية المعتادة الموجودة الجلوس بالطريقة هذه، طيب هم يقدمون، ويعرضون عرض الباور بوينت، ويأتون بالفيديوهات، ويمثلون، وكذا... الخ.
فأنا أقر على القضية هذه لكن أريد أرضًا ميدانية لا نريد مثل أحد الدكاترة يتحدث علم النفس التربوي، علم النفس التربوي قال: يا دكتور كلام جميل وأول من يخالفه أنتم يا أهل علم النفس، قال ذلك وأنا حاضر القاعة التي حصل فيها وكنت طالبًا، فوجهت نظري أنا فيّ ضعف ما الله به عليم، والجانب النظري لا بد منه ذكرنا في الأهداف المعرفي أنها مقدمة للجانب الوجداني والمهاري أصلًا كلام الله ، وكلام النبي ، ما فيه مجال لنا إلا مدخلات معرفية شئنا أم أبينا سنكون في جانب نظري.
فالمحك بعد أن نعرف الجانب النظري الذي مطلوب منا في محك الاختبار في النجاح في جانب العمل بهذا الكلام، فلا نجعل من لقاءاتنا كلقاءات محاضرات أنه آخر العهد، ليس آخر العهد هنا الجدارة المتعلقة بالجانب الفردي والجدارة المتعلقة بالجانب الأسري والجانب المجتمعي، هنا الدور المطلوب لا نتصور القضية كبسولات سنأخذها من الصيدلية ثم نصبح بعد ذلك قادرين على كل شيء.
لذلك أقول كما قال ابن القيم[13]انظر: مدارج السالكين (1/ 46). رحمه الله في الرجل الذي يمشي ويسير إلى صلاته ويأتي من يقطع عليه الطريق قال: فإن التفت إليه انشغل عنه، ففاتته تكبيرة الإحرام، فإن أخذ وأعطى فاتته الركعة، وربما فاتته الصلاة.
فأقصد فيما يرتبط بالإنتاج إذا كنت منتجًا أنا وغيري لا نقف عند العقبات، لا نشغل بالنا فيما يرتبط بالعقبات؛ لأن العقبات هي من الرسائل السلبية وليست من الرسائل الإيجابية، وليس مقصودي هذا أن نغض الطرف، ولا نقول: هناك عقبات وأصدقاء سوء، وأن هناك ناس مأثرين، وهناك في تقنية، كل هذا موجود ونُقره بلا نقاش، لكن الكلام لا نقف عنده، ليست القضية قضية سننجح من أول وهلة، وإلى آخره.
نجاحنا في أننا ندخل مباشرة في العمل لا نتفرج، خيرنا من سابق وخيرنا من استطاع أن يكون نموذجًا وكثر النماذج، والناس متفاوتون في ذلك، لذلك من استطاع أن يكون هو يمثل هذا الكيان المتعلق بالربط يقال: والله نموذج من النماذج القرآن يمشي على الأرض، نموذج من النماذج الشخص الذي تقول: ما نقرأ عنه، وما نسمع عنه، هو ما يمكن أن يكون وهو الرجل صاحب شخصية اجتماعية، وصاحب قيم، وصاحب مبدأ، وصاحب رأي، وصاحب ود، وصاحب حزم، ويوجد هذا الكلام لطلابه ولأبنائه هذا الذي نريده.
أما العقبات فكثيرة وأول عقبة أنفسنا؛ لأن فينا شيء من الواحد ما هو من السهولة يعني لذلك: حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات[14]أخرجه البخاري (6487), ومسلم واللفظ له (2822).، فالقضية تحتاج إلى تفعيل الجانب الإيجابي، تحتاج إلى رسائل إيجابية، تحتاج إلى نماذج، تحتاج إثبات أننا نستطيع أن نعمل، العقبة، طيب ندخل في عقبة التقني ما نفعل؟ لا يمكن أن تمنع التقنية دخلنا في جدال الآن لا يمكن نمنع التقنية.
ومن قال: لا يمكن نمنع التقنية؟ أنا أقدر أمنع التقنية لأطفالي، بل الأستاذ عبدالعزيز الحمادي التقني المشهور الرائع يقول: إلى سن 17 لا يُعطى أجهزة زكية، وأنا أوافقه على هذا الرأي، وغيري يوافق على هذا الرأي، فمن منا يفعل هذا الكلام ببرنامج ضبطي وإدارة ناجحة، ونظام في البيت موجود من نعومة الأظفار مع علاقة حميمية وتربية ناجحة عندئذٍ ممكن يكون النظام يُحترم، هذا الكلام هي منظومة تحتاج إلى نفوس تتقبلها.
↑1 | لا أصل له. |
---|---|
↑2 | أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (جامع البيان) ط هجر (1/ 74). |
↑3 | أخرجه مسلم (746)، بلفظ: «فإن خلق نبي الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن». |
↑4 | مجموع الفتاوى (5/ 119). |
↑5 | أخرجه البخاري (481)، ومسلم (2585). |
↑6 | العقيدة الواسطية: اعتقاد الفرقة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة أهل السنة والجماعة (ص: 129)، تحقيق: أبو محمد أشرف عبدالمقصود. |
↑7 | الجهاد في سبيل الله وواجب المسلمين (ص:26). |
↑8 | انظر: سبع مسائل في علم الخلاف (ص: 80-81). |
↑9 | انظر: عيون الأخبار (2/ 24)، والعقد الفريد (2/ 184)، و(2/ 229)، وجمهرة الأمثال (2/ 38)، ومجمع الأمثال (2/ 213). |
↑10 | مدارج السالكين (2/ 356). |
↑11 | انظر: البيان والتبيين (2/ 210)، وعيون الأخبار (2/ 265)، والعقد الفريد (5/ 278)، ومجمع الأمثال (1/ 31). |
↑12 | انظر: التمثيل والمحاضرة (ص: 10)، وثمار القلوب في المضاف والمنسوب (ص: 33)، روض الأخيار المنتخب من ربيع الأبرار (ص: 393)، والدر الفريد وبيت القصيد (10/ 413). |
↑13 | انظر: مدارج السالكين (1/ 46). |
↑14 | أخرجه البخاري (6487), ومسلم واللفظ له (2822). |