بسم الله الرحمن الرحيم
تأتي حاجة من أهم الحاجات لمرحلة الشباب والمراهقة، ألا وهي الحاجة الجنسية والوجدانية، وأنا سأربط القضية فيما بينهما؛ لأنها من وجهٍ له علاقة، وإن كان الفصل أيضًا له اعتبار، لا بد أن يُعطى له، وتُعطى لها كذلك (الشاب والشابة) من خلال الأسرة: الحقائق المتعلقة بقضية النمو الجنسي، هذه مهمة جدًّا.
من أين يأخذها؟
هناك تغيرات فسيولوجية قبيل البلوغ وعند البلوغ، إذا لم يُدرك الشاب والشابة هذه القضية من خلال القريبين منه فستكون مشكلة كبيرة: لا من الناحية الشرعية فقط، وإنما من الناحية النفسية والواقعية كذلك.
إذن لا بد أن يُدرك هذه القضية، يُدرك الابن من خلال أبيه، وتُدرك البنت من خلال أمها ما يتعلق بقضية البلوغ ومقدمات البلوغ من وقتٍ مبكرٍ.
وهذه قضية مهمة: إيجاد الترابط والتماسك الأسري، وإلا ستُصبح هناك مشكلات كما ذكرنا من الناحية الشرعية، ومن الناحية الواقعية، ومن الناحية النفسية؛ كي لا يأخذ الأبناء المعلومات من مصادر أخرى، وهذه قضية خطيرة في ظل الانفتاح الإعلامي اليوم.
فينبغي أن ندرك هذه القضية، والمعلمون لهم دور في ذلك، لكن أيضًا نقول: لا نعتمد على المعلمين؛ لأن هناك أيضًا حياء عند كثيرٍ من المعلمين والمعلمات في مثل هذه القضايا.
إذن هذه الحاجة مهمة جدًّا، ولا بد أن ننتبه لها.
ويرتبط بهذه القضية ما يتعلق بالزواج، حينما تتصل فتاة، أو يتصل شاب، وهم قد تزوجوا قريبًا، ولا يعرفون كيف يقبلون على الزواج، وهذا قد حصل في الاستشارات التي تأتيني، فيُرسل رسالةً، أو تُرسل رسالةً تقول فيها: أنا أريد أن أتثقف فيما يتعلق بشؤون الحياة الزوجية؛ لأني ليس عندي أحدٌ يُثقِّفني في هذا الجانب.
وأذكر إحدى القصص التي مررت بها وتابعتها حصل فيها الطلاق بعد العقد، وقبل ليلة الزفاف بسبب الجهل المتعلق بالقضايا الزوجية، والمتعلق بقضايا الحياة الخاصة بين الزوجين.
فهذه قضية خطيرة جدًّا، لا بد للأم أن تُعلم بنتها، وعلى الأب أن يعلم ابنه هذا الجانب المرتبط بالحاجة الجنسية، وهي ذات علاقة بالجانب الوجداني العاطفي.
إذن نُعطيهم الحقائق المتعلقة بهذا الجانب.
ثم أيضًا نُهيئهم لهذا النضج، حتى لا يكون هناك اضطراب بالنسبة لهم في هذه القضية، فنحن نستطيع أن نحافظ على استقرار شخصياتهم ونفسياتهم بطريقةٍ سليمةٍ، وهذا يتأتى من خلال الجانب العاطفي، وإشباع الجانب العاطفي.
ولا شك أن القضايا الإيمانية والعلاقة بالله من أقوى الأشياء التي تُشبع الجانب العاطفي بالنسبة للذكور والإناث من المراهقين، فهذه قضية مهمة جدًّا؛ لأن هناك حاجة للحب، وحاجة للعطف، وحاجة لأشياء كثيرة جدًّا، فحينما نربط القضية بالجانب الإيماني نجد أن شيئًا يُوجّه فيما يستحقه الله ، وشيئًا يوجه للخلق فيما يستحقه الخلق، فيحصل في هذا تفريغ لهذا الجانب العاطفي والوجداني.
من أهم القضايا داخل الأسرة: العلاقات الحميمية القائمة على الود، مع أهمية جانب الحزم -وليس الشدة- القائم على الود والتعاطف والتراحم والحوار، وعلى المقابلات، وعلى الشعور بالتماسك، والشعور بأنهم وحدة واحدة، وقضية القرب المعنوي والقرب الجسدي بين الآباء والأبناء -ذكورًا وإناثًا- خاصةً في مرحلة المراهقة.
وقد أثبتت الدراسات أن الانفلات الذي يحصل تحت الخط الأحمر في العلاقات المحرمة، والانهماك في التقنية، والانشغال بها، وربما تجاوز الخطوط الحمراء، وانهماك مع الأصدقاء على حساب الأسرة والوالدين، كل ذلك قد يكون سببه هو: ضعف إشباع الجانب العاطفي من الآباء للأبناء. فهذه قضية مهمة نحتاج أن ننتبه لها.
فلا بد من ضبط الجانب التقني من أجل أن نضبط الجانب الجنسي، والتعامل معه يكون من خلال التخلية والتحلية، فنُقدم له الشيء النافع، ونُبعده عن الشيء الضار، هذا مهم جدًّا في الحقيقة، فقضية -كما قلنا- التربية الإيمانية ومراقبة الله مهمة جدًّا، وقضية تعويده على العبادات مثل: الصيام، والرسول قد وجّه الشباب فقال: يا معشر الشباب، مَن استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغضُّ للبصر، وأحصن للفرج، ومَن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء[1]أخرجه مسلم (1400)..
والرياضة حينما تكون كذلك فهي شريفة؛ لأن الرياضة تكسر هذه القضية المتعلقة بالثورة الجنسية لدى الشاب، لدى المراهق الذي هو بأمس الحاجة إلى أن يُفرغ طاقته في شيء إيجابي.
وإشغال وقت فراغ الشاب والفتاة كذلك قضية مهمة جدًّا.
والتبكير بالزواج قضية مهمة جدًّا، فمن الخطأ ربط الزواج عند الآباء بقضية التخرج، أو كذا ... إلى آخره، دون الشعور بالحاجة، خاصةً أن بعض الشباب وبعض الفتيات قد تكون حاجتهم ماسة جدًّا للتبكير بالزواج، فيحتاج أن تنتبه الأسرة لهذه القضية من خلال العلاقات الحوارية والحميمية بين الآباء والأبناء.
ولا بد من البُعد عن المثيرات مع الجنس الآخر أيًّا كان: ذكر تجاه الأنثى، أو أنثى تجاه الذكر، في قضايا الاختلاط، وفي قضايا النظر، وفي قضايا ما يتعلق بالاحتكاكات، ... إلى آخره، وضبط هذه القضايا على حسب ما يريد الله ، وكذلك ما يُدركه العقل الصحيح؛ حتى لا تكون هناك إثارات جنسية.
أسأل الله أن يحفظ أبناءنا وأبناءكم بكل خير، وأن يُعيننا وإياكم على تربيتهم.
↑1 | أخرجه مسلم (1400). |
---|