المحتوى
مقدمة
الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.
أما بعد: حياكم الله أيها الإخوة والأخوات في حلقةٍ جديدةٍ من برنامجكم الأسبوعي: أسس التربية.
ما زالت النظريات التربوية تحاور ما يتعلق بالمصادر والمناهج التربوية وتستقي أهدافها، وأُطرها، وميادينها، وأساليبها، وإجراءاتها من خلال تلكم المصادر.
وحين نتحدث عن التربية وأسسها نتحدث عن مصادر التربية الإسلامية، وسنُركِّز على أهم مصادر التربية الإسلامية، وسيكون ضيفنا في هذا اللقاء -ونشرف أن يكون معنا- سعادة الأستاذ الدكتور: عبدالعزيز بن عبدالرحمن المحيميد، عضو هيئة التدريس بقسم أصول التربية في كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الإمام بالرياض، وهو في درجةٍ علميةٍ كبيرةٍ: أستاذ (بروفيسور)، حصل على (بكالوريوس) آداب وتربية، و(ماجستير) في التربية، تخصص تعليم ثانوي من جامعة (مونديانا) في الولايات المتحدة، و(دكتوراة) في التربية، تخصص تربية إسلامية من جامعة الإمام في الرياض.
وله العديد من البحوث والدراسات -جزاه الله عنا خيرًا- مثل: "الأسس الإسلامية للتربية المهنية"، و"مصادر التربية الإسلامية"، و"العبادة وأثرها في تربية النفس الإنسانية"، و"مناهجنا بين تعليم الحقائق الدينية والتربية عليها"، و"العوامل المؤدية للصحة النفسية في التربية الإسلامية"، و"أخلاقيات مهنة التعليم"، وكذلك "مبادئ التربية وأساليبها وجوانبها"، و"المؤثرات التربوية الإيجابية والسلبية في سورة محمدٍ "، وكذلك "التأصيل الإسلامي للعلوم التربوية".
وكانت رسالة (الدكتوراة) لأستاذنا الدكتور: عبدالعزيز المحيميد عن "الحوافز"، وهي رسالةٌ جديرةٌ بأن تُنشر، وأن تكون منبعًا للمُتربِّين في المحاضن التربوية.
وقد تشرفنا بالتتلمذ على يديه، وكان هو المشرف على رسالة (الدكتوراة)، جزاه الله عنا خيرًا.
فنرحب بضيفنا الكريم الأستاذ: عبدالعزيز، حياك الله دكتور: عبدالعزيز.
الضيف: الله يُحييك دكتور خالد.
المحاور: الله يحفظكم ويبارك فيكم، ويجزيكم عنا خيرًا.
دكتور عبدالعزيز، ونحن نتحدث عن مصادر التربية الإسلامية نريد أن نتحدث في أول هذا اللقاء في هذه الحلقة عن المفهوم والماهية.
ماذا يقصد الدكتور عبدالعزيز في بحثه الرائع الذي سبق واطلعنا عليه، ونُشِر في مجلةٍ علميةٍ هي "مجلة جامعة الإمام" فيما يرتبط بمصادر التربية الإسلامية؟ ماذا تقصد دكتورنا الكريم بهذه المصادر؟ ما هي بالضبط؟
تفضل بارك الله فيكم.
الضيف: جزاك الله خيرًا دكتور خالد.
مصادر التربية الإسلامية
بالنسبة لمصادر التربية الإسلامية: يُقصد بها المنابع التي تستقي منها التربية في الإسلام حقائقها، وأصولها، وأساليبها، وثوابتها، ومُسلَّماتها بشكل عام، أي: المصادر التي تستقي منها التربية الإسلامية كل التصورات، والمفاهيم، والأساليب، والتطبيقات الإجرائية التي تُطبق في هذه التربية.
فبالنسبة لمصادر التربية الإسلامية من حيث هذه المنابع ...
المحاور: عفوًا يا دكتور، نحن اليوم نتحدث عن أي محضنٍ تربويٍّ، وأي منهجٍ تربويٍّ، من أين يستقي؟ أيًّا كانت هذه المناهج والأهداف والإجراءات والتطبيقات.
الضيف: صحيح، أنا ذكرت التصورات، والمفاهيم، والحقائق، والثوابت، والمُسَلَّمات التي تكون خلفيةً لمثل هذه المناهج، فتأتي المناهج وطرق التدريس وما يتعلق بهذه الجوانب، وتطبيق هذه التصورات، ومصادر التربية الإسلامية هي المنابع التي يُستقى منها كل ذلك، ومتروكٌ هناك جانبٌ للتجديد والإضافة التي يمكن أن تكون في هذا الإطار.
فبالنسبة لمصادر التربية الإسلامية من حيث الأصل والمبدأ نجد أنها هي نفسها مصادر التشريع الإسلامي، ومصادر التشريع الإسلامي هي نفسها مصادر التربية الإسلامية، وهي المصادر المُعتبرة لأي علمٍ يُوصَف بهذه الصفة.
فأي علمٍ يُوصَف بأنه إسلامي لا بد أن يرجع إلى هذه المصادر، ويستقي منها أهم المفاهيم، والمبادئ، والتصورات، والحقائق التي يعتمد عليها، والتي تنبثق منها التفصيلات والإجراءات التطبيقية في مثل ميداننا -أعني: ميدان التربية-؛ لأن له جانبين: جانبًا نظريًّا، وجانبًا تطبيقيًّا.
المحاور: عفوًا دكتور عبدالعزيز، يعني: الآن هذا الكلام قد يعتبره البعض خلوصًا من هذا القيد الذي ذكرته وهو الإسلامية، وارتباطًا بمصادر التشريع، إذن نحن لا نحتاج أن نجعل التربية تربيةً إسلاميةً، وإنما نأخذ قضايا العبادات وما يتعلق بأصول الدين من مصادر التشريع، بينما القضايا المتعلقة بالتربية والتعليم لا حاجةَ لنا أن نأخذها من مصادر التربية الإسلامية.
الضيف: هذا الكلام غير مقبولٍ؛ لأننا لا نستقي حقائق التربية ومفاهيمها وأصولها من مصادر أخرى، وإلا إذا كانت التربية لا تستقي مصادرها وحقائقها وأصولها وتصوراتها من مصادر غير المصادر الإسلامية، إذن لا تستحقّ أن تُسمّى أو تُوصَف بهذه الصفة.
فإذا كنا نتحدث عن التربية الإسلامية على أنها علمٌ من العلوم الإسلامية -علمٌ إسلامي- فلا بد أن ينطلق من هذه المصادر ويصدر عنها، وتكون هي المنابع التي يستقي منها أهم الأسس والتصورات والمفاهيم والحقائق الأساسية التي تُبنى عليها التصورات التربوية.
المحاور: إذن لا يمكن أن تكون تربيةٌ إسلاميةٌ إلا أن تكون مأخوذةً ومُستقاةً من مصادر التشريع الإسلامي؟
الضيف: نعم.
المحاور: وليس معنى ذلك أننا لا نستفيد من المعطيات التي لا تكون مخالفةً لمصادر التربية الإسلامية.
الضيف: نعم، صحيح، هذه لا تكون تربيةً إسلاميةً إلا بالرجوع إلى هذه المصادر، لكن هذه المصادر تُتيح مساحةً للاستفادة من الاجتهاد البشري، وتُتيح مساحةً للاستفادة من الإبداع والتجديد.
ومن ضمن مصادر التربية الإسلامية: المصلحة المرسلة، فالمصلحة المرسلة يمكن أن تُعطينا مجالًا للاستفادة منها.
المحاور: لأنها تتغير حسب المكان والأحوال المتعلقة بها.
الضيف: المصلحة المرسلة المطلقة لم يرد فيها نصٌّ يلغيها، أو يُحرِّمها مثلًا، أو يُوجبها، فهي على الإباحة الأصلية، ففي هذه الحالة يمكن أن تكون التجديدات مجالًا للاجتهاد، ونأخذ منها حتى لو كانت من مناهج أخرى، ومن تربيات أخرى، لكن فيما يتعلق بالتصورات والمبادئ والحقائق والثوابت والمُسَلَّمات الأساسية لا بد أن تُؤخذ من هذه المصادر، وليس لنا خيارٌ في ذلك، يعني: بالنسبة للرجوع إلى المصادر الإسلامية في التربية وفي غيرها من المجالات، فهو أمرٌ واجبٌ شرعًا.
المحاور: جميلٌ، إذن هذا يؤكد أن المنهج الإسلامي منهجٌ شموليٌّ، لا يتصور أن نأخذ جزءًا من الدين ونترك جزءًا؛ لأنه قد تكون هناك علمانيةٌ حتى في التربية، والعلمانية هي: فصل الدين ومصادر التشريع عن المنهج التربوي، وهو حقيقة العلمانية.
فلو نفصل ونقول: إنه لا دخلَ للإسلام في مثل هذه القضايا، وإنما نأخذ من خلال الذين دوَّنوا ونظروا لهذه التربية!
ولا شك أن الغرب سبقوا في جانب التنظير والتدوين، أقصد: إيجاد تخصصات ومؤلفات وكتب، كعلومٍ عُرفت بالعلوم التربوية والإنسانية، وما شابه ذلك.
الضيف: صحيحٌ يا أستاذ خالد، بالنسبة للمصادر الشرعية الإسلامية هي مصادر للحياة، ودائمًا نقرأ أن الإسلام صالحٌ لكل زمانٍ ومكانٍ، فالمصادر الشرعية ليست مصادر للعبادات والمعاملات فقط، وإلا لو كانت فقط في هذا المجال لكنا عزلنا الحياة عن الدين، وعزلنا الاقتصاد والتربية والاجتماع والأنظمة الإدارية وغيرها عن الدين، فنكون وقعنا في هذا المأزق الذي هو فصل الدين عن الحياة.
المحاور: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الأنعام:162].
الضيف: إذن المسألة مطلوبٌ فيها الشمول، وهذه المصادر مطلوبةٌ لكل الحياة، ومنها التربية التي يجب أن يكون صدورها عن هذه المصادر الشرعية.
المحاور: خاصةً عندما نفهم دكتور عبدالعزيز أن التربية هي بناء الإنسان في مجالاتٍ عديدةٍ جدًّا متعلقة بقضيته الفكرية، والعقدية، والأخلاقية، والسياسية، والاقتصادية، فإذا كانت مُنعزلةً عن مصادر التشريع، وهو ينتمي لهذه الأمة؛ ستكون مشكلة كبيرة.
فلو دخلنا دكتور في هذه المصادر؛ لأننا سنناقش في حلقتنا أهم هذه المصادر، بارك الله فيك.
الضيف: ذكرتُ منذ قليلٍ أن مصادر التربية الإسلامية هي نفسها مصادر التشريع، هي نفس المصادر التي تُؤخذ منها الأحكام الشرعية، وهي عندنا أربعة مصادر رئيسة مجمعٌ عليها عند المذاهب الفقهية، هي: القرآن، والسنة، والإجماع، والقياس. هذه محل اتفاقٍ بين المذاهب الفقهية بشكلٍ عامٍّ.
ويتفرع من هذه المصادر مصادر تتفاوت المذاهب الشرعية في الأخذ بها: كقول الصحابي، وشرع مَن قبلنا، والمصلحة المُرسلة، والعُرف، لكن من حيث المبدأ والأصل نقول: هذه كلها مصادر للتربية الإسلامية.
أما أهم هذه المصادر بالنسبة للتربية فهي: القرآن والسنة.
فالقرآن والسنة هما المنبع، والمصدر الأصلي، وبقية المصادر التي ذكرناها تعود إليهما، ترجع إلى القرآن والسنة، فمن حيث الأهمية، أو أهم هذه المصادر هو: القرآن والسنة.
والقرآن منبعٌ فياضٌ للتربية، سواء فيما يتعلق بتأثيره، أو ما يتعلق بالرجوع إليه فيما يتعلق بالأسس.
المحاور: تسمح لي دكتور عبدالعزيز.
الإخوة والأخوات، خرجت لكم أرقام الاتصال، وستخرج مرةً أخرى.
ونرحب بأي اتصالٍ في هذه القضايا المتعلقة بالجوانب التربوية، والأسرية، والنفسية، والاجتماعية.
وبإذن الله يكون هذا البرنامج الأسبوعي فرصةً للإجابة عما تيسر، وخاصةً مع ضيوفنا الكرام، بارك الله في الجميع.
تفضل دكتور عبدالعزيز.
الضيف: لو أخذنا تفصيلًا المجالات التي نرجع فيها إلى القرآن والسنة سنحتاج إلى وقتٍ طويلٍ للتفصيل، لكن يمكن أن نتحدث بإجمالٍ عن بعض النقاط.
المحاور: جميلٌ، يعني: الآن دكتور عبدالعزيز نقول: أهم المصادر عندنا هي: القرآن والسنة.
الضيف: لا شكَّ في هذا.
المحاور: هذا بلا شكٍّ، وأذكر أني حضرتُ لأحد الفضلاء دورةً تدريبيةً، فلم أجد أي تأصيلٍ أو مرجعيةٍ أو إظهار مصدريةٍ لقال الله، وقال رسوله، بل بحثت في الملزمة فإذا بها من أولها إلى آخرها لا توجد بها أي قضيةٍ مرتبطةٍ بهذا الجانب.
ليس عمدًا، وإنما هو جانبٌ من الشعور، أو ربما من التقليد، ونحن في أمسِّ الحاجة إلى أن نعود إلى هويتنا.
القرآن مليءٌ بالتصورات والأفكار والحقائق المتعلقة بمجالات التربية الأسرية، ومجالات التعليم، وما شابه ذلك، وهكذا سنة النبي ، فلو أخذنا المجالات -يا دكتور عبدالعزيز- التي يمكن أن نرجع فيها للقرآن، والتي تتعلق بالتربية، ماذا سنقول في هذه المجالات؟
الضيف: بالنسبة للمجالات -مثلما ذكرت دكتور خالد- هي في ميدان التربية والعلوم الإنسانية بشكلٍ عامٍّ، فهناك كثيرٌ من الأدبيات والكتب والمؤلفات الموجودة في هذه التخصصات متأثرة: إما أنها ترجمةٌ مباشرةٌ من الكتابات الغربية، أو أنها متأثرةٌ بها بوجهٍ من الوجوه؛ ولذلك نحتاج إلى نوعٍ من التصفية، أو نوعٍ من الفلترة لهذه العلوم بعرضها على القرآن والسنة، ومن خلال ذلك يمكن أن نحذف ونُضيف ونُعدّل ونُصفّي في هذه العلوم، ونستخرج منها ما يتناسب مع القرآن والسنة.
وبالنسبة لمجال التنظير لا بد أن يكون القرآن والسنة مصدرًا للمعرفة فيما يتعلق بالتربية بشكلٍ عامٍّ، فهذه قضيةٌ كبيرةٌ، وتحتاج إلى تفصيلٍ كثيرٍ.
المحاور: لو أخذنا شيئًا من الشواهد والأمثلة.
الضيف: يطول الأمر، ويحتاج إلى شيءٍ كثيرٍ، لكن نتحدث عن بعض الجوانب التي لها علاقة بهذا الجانب، وإن كانت تختلف عنها نوعًا ما، فمثلًا: القرآن مصدرٌ للتربية من ناحية التنظير، كما أنه مصدرٌ للتربية من ناحية التأثير الذاتي في النفوس.
تأثير القرآن في النفس
للقرآن تأثيرٌ في نفس قارئه، وتأثيرٌ في نفس السامع، وتأثيرٌ في نفس المتعلم، هذه خاصيةٌ من خصائص القرآن، لا توجد في غيره، فلا يمكن لأي مادةٍ مقروءةٍ أن تؤثر في النفوس مثلما يؤثر القرآن، وهذا يُسميه العلماء قديمًا: سلطان القرآن على النفوس؛ لأن الله هو الذي خلق الأنفس، وهو الذي يُخاطبها بهذا القرآن، فهذا أنسب خطابٍ يناسب هذه النفس؛ ولذلك أعظم تأثيرٍ يمكن أن تتأثر به النفس هو القرآن؛ ولذلك يُسميه بعض العلماء: هيمنة، فيُقال: هيمنة القرآن على النفوس، أو سلطان القرآن على النفوس.
وهذا يوجد عند كثيرٍ من الناس، فحين يقرأ ويستمر في القراءة تجده ينقطع عن القراءة بسبب الخشوع والبكاء، غصبًا عنه، فهذا تأثير القرآن.
المحاور: جميلٌ جدًّا دكتور، ننتظر شواهد، وأظنها كثيرةٌ جدًّا، لكن بعد إذنك نذهب لفاصلٍ بإذن الله .
أيها الإخوة والأخوات، نذكركم بأرقام التواصل التي ستظهر لكم بعد الفاصل -بإذن الله- فيما يتعلق بالاتصال المباشر، وكذلك بـ(الواتس آب) لإرسال ما لديكم، فننتظركم -بإذن الله - بعد الفاصل.
***
حياكم الله مع برنامجكم: أسس التربية، ومع ضيفنا الدكتور الفاضل: عبدالعزيز المحيميد، وما زلنا نتحدث حول التطبيقات والشواهد المتعلقة بتأثير القرآن كمصدرٍ في النفوس، وتربية هذه النفوس دكتور عبدالعزيز.
الضيف: نعم، صحيحٌ، بالنسبة لتأثير القرآن في النفوس: الآن في الواقع هذا مشاهَدٌ، لكن من ناحية الشواهد التاريخية نجدها كثيرةً في عهد الصحابة ، فالبكاء في حدِّ ذاته نتيجة لسماع آياتٍ أو قراءة آياتٍ يكون رغمًا عن الإنسان، لا يملك الإنسان أن يمنع نفسه من البكاء؛ لأن القرآن له قوةٌ تأثيريةٌ لا توجد في غيره.
ومن الشواهد التاريخية: نجد بعض صناديد قريشٍ وهم في قمة عدائهم للنبي يُؤخَذون بروعة القرآن وبلاغة القرآن وبيانه، ولا يملكون أنفسهم من التلفظ بأن القرآن حقٌّ، مع أنهم في قمة عدائهم للنبي عليه الصلاة والسلام.
من ذلك الوليد بن المغيرة: فقد كان من صناديد قريشٍ الذين بذلوا جهودًا كبيرةً في التصدي لدعوة النبي عليه الصلاة والسلام، ومع ذلك يقول: "والله إن قول محمدٍ"، يُسميه: ابن أبي كبشة، يُسمّون النبي بهذا الاسم[1]أخرجه البخاري (7)، (2941)، ومسلم (1773)، وهو في "تفسير ابن كثير" ت: سلامة (8/ 267).، يقول: "وإن قوله" يقصد قول النبي "لمن كلام الله"، وهو مُشركٌ ويُحارب النبي ويقول: "وإن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه ليعلو ولا يُعلى عليه"[2]انظر: "سيرة ابن هشام" ت: السقا (1/ 270)، و"دلائل النبوة" للبيهقي محققًا (2/ 198)، و"تفسير ابن كثير" ت: سلامة (8/ 267)، … Continue reading.
هذه الألفاظ دليلٌ على التأثير بلا شكٍّ.
موقفٌ آخر: سبب إسلام جبير بن مطعم ، وقد كان مربوطًا في ساريةٍ من سواري المسجد، فسمع النبيَّ يقرأ في صلاة المغرب سورة الطور، فيقول: "سمعت النبي يقرأ بالطور فكاد قلبي أن يطير"[3]أخرجه البخاري (4854).، وذلك قبل أن يُسلم.
ويقول في لفظٍ آخر: "فكأنما صدع عن قلبي حين سمعتُ القرآن"[4]أخرجه أحمد في "المسند" (16762)، وصححه محققوه، والطحاوي في "مشكل الآثار" (1257)، والطبراني في "المعجم الكبير" (1499)، … Continue reading، وهو مشركٌ، وكان هذا سبب إسلامه.
ولو أردنا أن نذكر الشواهد المتعلقة بمثل هذا التأثير لطال بنا الوقت؛ لكثرتها.
المحاور: دكتور عبدالعزيز، أنت تُذكرني بالجانب النفسي عندما يشعر الإنسان أنه بحاجةٍ إلى مَن يُشعره بالأمن والراحة والطمأنينة، فهذه النماذج وأمثالها أشعرتهم بالراحة والطمأنينة والشعور بالأمن النفسي، مع أنهم ليسوا مسلمين، ومع ذلك تلقوا من مصدرٍ حقيقيٍّ ومؤثرٍ بلا شكٍّ.
فكيف لو كان جانبًا ذاتيًّا وانطلاقةً ذاتيةً في التوجه لمثل هذا المصدر، والارتباط به، والأخذ منه؛ لا شك أنه سيُحقق في التربية الذاتية شيئًا كثيرًا.
الضيف: لا شك أن منبع التربية عظيمٌ جدًّا، وللأسف الشديد كثيرًا ما نُهمل الاعتناء بهذا الجانب، يعني: هذه التربية.
المحاور: دكتور عبدالعزيز جزاك الله خيرًا، كنا مع الإخوة والأخوات في لقاءٍ سابقٍ أعلنا عن تطبيق الطفولة: (kids application)، ذكرناه كنموذجٍ من النماذج، وسيظهر لكم -حسبما طلب الإخوان- عنوان هذا الموقع المهم، ولنا -إن شاء الله- في لقاءاتٍ قادمةٍ -بإذن الله- لقاءٌ مع أحد المسؤولين عن هذا التطبيق الرائع فيما يتعلق بألعاب الطفولة التي عملت من خلال مصادر التربية الإسلامية المنضبطة، أقصد: الألعاب المنضبة التي تُوجّه الجيل توجيهًا إيجابيًّا.
وسيخرج لكم -بإذن الله- بعد قليلٍ على الشاشة عنوان هذا التطبيق.
تأثير القرآن على النفوس المسلمة
الضيف: بالنسبة لتأثير القرآن في نفس المسلم: يجب على المعلم، أو الأب، أو الأم، أو الداعية أن يُعرِّض نفوس مَن يتلقون التربية تحت يده لنفحات القرآن، يعني: أن يضم الطفل لحلقة تحفيظٍ ليتعلم القرآن، وبذلك نكون قد أنجزنا إنجازًا كبيرًا في تربيته؛ لأننا نعرض روحه ونفسه لأعظم مُؤَثِّرٍ يتأثر به الإنسان تأثيرًا إيجابيًّا يُزكِّي نفسه، ويُطهِّر قلبه ويُصفَّى من كثيرٍ من الشوائب في نفسه، فهذا منبعٌ جاهزٌ.
هذا المجال لو أردنا التفصيل فيه يطول الوقت، لكن نذكر جوانب أخرى من رجوعنا إلى القرآن في ميدان التربية.
ميدان فقه التربية: فكما أن عندنا في الفقه فقه العبادات، وفقه المعاملات، عندنا أيضًا فقه التربية، وهو بابٌ من أبواب الفقه، لكن مجال تطبيقه هو الميدان التربوي، فهذا فيه طائفةٌ من الأحكام نرجع فيها إلى القرآن والسنة؛ لنعرف حكم الله.
المحاور: لو أخذنا شيئًا من التوضيح حول هذا يا دكتور.
الضيف: توجد قضايا كثيرة تتعلق بفقه التربية، مثلًا: العقوبات، والعدل بين المتعلمين، والعدل بين المُتربين، وآداب الاستئذان بالنسبة للصغار حينما يريدون الدخول على والديهم، وجواز أو عدم جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن، وأشياء كثيرة جدًّا من الأحكام.
المحاور: تقصد يا دكتور أن فقه التربية هو الأمور المرتبطة بالأحكام التكليفية من حيث الجواز والحُرمة، وأن هذه القضايا لا يمكن أن نستقيها من خلال آرائنا الشخصية، وإنما لا بد لها من مرجعيةٍ؟
العقوبة لا بد لها من ضابطٍ
الضيف: لا بد لها من مرجعيةٍ، ويأتي على رأس هذه المرجعية: القرآن والسنة، وهذه مهمةٌ جدًّا في التربية.
فالعقوبة فيها تفصيلاتٌ كثيرةٌ وضوابطُ كثيرةٌ لتطبيق العقوبة، وفصَّل العلماء فيها تفصيلاتٍ كثيرةً تتعلق بالأداة التي يُضرب بها، والسبب، وعدد الضربات، والسن، فتجد فيها تفصيلاتٍ كثيرةً واحتياطاتٍ وضعها العلماء وضوابط تجعل العقوبة غير مؤذيةٍ، وإنما مُربيةٌ.
المحاور: هذا الوصف يا دكتور: "عقوبةٌ غير مؤذيةٍ، ولكنها مُربيةٌ" رائعٌ جدًّا، نحتاجه كثيرًا.
الضيف: إذا قرأت في كتب العلماء المُتقدِّمين عن ضوابطهم التي وضعوها لتطبيق العقوبة ستجد أنها ينطبق عليها هذا الوصف.
المحاور: بينما عقوبة عددٍ من الناس الذين ربما يُمارسون التربية اليوم في الأسرة أو في التعليم أصبحت عقوبةً مؤذيةً وغير مُربيةٍ، مُنفرةً، وهذه قضيةٌ خطيرةٌ.
الضيف: صحيحٌ، وكونها مُؤذيةً هذا هو الذي حدا بالناس إلى الترحيب بمنع العقوبة؛ لأنها كانت عقوبةً غير مُقيدةٍ بالضوابط الشرعية، فهي عقوبةٌ ضارَّةٌ في تطبيقها، لكن لو قُيِّدت بالضوابط الشرعية لانتفى منها الأذى، ولأصبحت مُربّيةً.
هذه القضية في حدِّ ذاتها لو أردنا أن نذكر ضوابطها وأقوال العلماء فيها لما استطعنا الإحاطة بها لضيق الوقت، ولكن يكفي أن نذكر بعض المراجع التي تحدثت عن مثل هذه العقوبة، وهي مراجع في فقه التربية، مثل: كتاب "أدب المعلمين" لابن سحنون، وكتاب "تحفة المودود في آداب المولود" لابن القيم، وكتاب "آداب المعلمين" لأبي الحسن القابسي، وغيرها من الكتب التي تعرَّضت لمثل هذه القضايا، وهي فقهٌ تربويٌّ، يعني: هي أحكامٌ فقهيةٌ لكن ميدان تطبيقها هو المؤسسات التربوية.
المحاور: واستقوا هذه الأحكام الفقهية لهذه القضايا التربوية من الكتاب والسنة.
الضيف: من خلال الآيات والأحاديث؛ ولذلك تجد الاستدلال على كل ضابطٍ وعلى كل قضيةٍ تتعلق بهذه الأحكام من خلال الآيات والأحاديث.
المحاور: جزاك الله خيرًا دكتور عبدالعزيز.
الضيف: وإياك، إن شاء الله.
المحاور: هل بقي شيء بالنسبة لجانب القرآن؟ يعني: بعض المجالات المتعلقة بالقرآن.
الضيف: بقي مجالٌ موجودٌ في القرآن وفي السنة عن التأثير الذي ذكرناه قبل قليلٍ.
توجيه الأجيال لتدبر القرآن
المحاور: ما زلنا نتكلم عن القرآن، وقبل أن ننتقل للسنة نريد وصيتك يا دكتور للأجيال، فالآن حينما ننظر إلى حلقات تحفيظ القرآن، وحفظة كتاب الله ، ومثل هذه المشاريع والأنشطة في مشارق الأرض ومغاربها من المسلمين نشعر بالسعادة، فهذا شيءٌ يُثلج الصدر.
لكن هل هناك توجيهٌ بناءً على هذا الأمر وما يرتبط بأثر حفظ كتاب الله ، والتلقي من كتاب الله من حيث القراءة والتلاوة وتحسين التلاوة والحفظ إلى أن يكون هذا الأمر مؤثرًا على جانب السلوك والأخلاق، وأن يكون مُربِّيًا؟ بارك الله فيكم.
الضيف: نعم، فيه جانبٌ مؤثرٌ جدًّا بالنسبة للتعامل مع القرآن والسنة، وهو التدبر: تدبر الآيات على المستوى الشخصي حينما نقرأ وردًا، وبعض السلف يقول: "لا تنثروه نَثْر الدَّقَلِ"[5]أخرجه الآجري في "أخلاق أهل القرآن" (ص38)، وانظر: "تفسير ابن كثير" ت: سلامة (8/ 250).، يعني: أن القرآن يُقرأ بتأنٍّ، ويُقرأ بتأملٍ وتفكرٍ وتدبرٍ، فعند ذلك تجد كنوز القرآن، لكن القراءة السريعة يستفيد منها الإنسان ولا شكّ، وفيها بركةٌ، وفيها أجرٌ، فكل حرفٍ بحسنةٍ، لكن تكتمل الفائدة حينما نتدبر ما نقرأ ونتأمل فيه، عند ذلك يكون فيه تزكيةٌ للنفوس، وكما يقول ابن القيم رحمه الله: "وتَتُلُّ في يده مفاتيح كنوز السعادة والعلوم النافعة"[6]"مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين" (1/ 450).، فمهمٌّ جدًّا التدبر بالنسبة للقرآن.
المحاور: الجيل عندما يأخذ مثل هذا المنهج يتُلُّه تلًّا -يعني- تشعر أنه منبعٌ يمكن أن تأخذ منه ما تُريد، لكن يحتاج إلى ذاك الذي يأخذ منه هذا المنبع.
يعني: أبناء الصحابة كانوا يُعلَّمون ويقرأون ما يتعلق بعلامات الساعة الكبرى، فينشأ الطفل الصغير على الارتباط بيوم القيامة واليوم الآخر، ويعلم حقّ الله عليه وقدر الله ، فيعظم أمر الله وقدر الله في قلبه، ولا شك أن هذا أمرٌ عظيمٌ جدًّا، مع أنهم يتلون كتاب الله ويقرؤونه بالسليقة، لكن حينما نأخذ معهم المنهج من خلال ربط ما يحفظونه ويقرؤونه بالسلوك والعمل -خاصةً حين يرون النموذج التطبيقي أمامهم- لا شك أن هذا أمرٌ نحن في أمسِّ الحاجة إليه.
وحينما ترجع الأمة إلى الأخذ بكتاب الله لا شك أنها ستسعد، يعني: عندما يقول الله : كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [ص:29].
أقول: في هذه اللفتة العظيمة جدًّا ربط الله الكتاب بالأثر: لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ، فلو قرأتَ آيات الله وحفظتَ ولم يحصل التدبر والتفكر، هل حصل المقصود؟
الضيف: حصل المقصود جزئيًّا، يعني: يمكن أن يستفيد الواحد من القرآن بلا شكٍّ.
المحاور: لا شك أنه يستفيد بما خُصَّ به كتاب الله من الأجر.
الضيف: الأجر وبركة القرآن، ويكتمل ذلك بالتدبر واستحضار الذهن حين القراءة، فمن المهم جدًّا أن يستحضر الإنسان ذهنه حال القراءة، ويتفكر في الآيات ويتدبرها، وهذا مهم جدًّا بالنسبة للتعامل مع كتاب الله .
المحاور: ولذلك أقول دكتور عبدالعزيز: يا حبذا لو أن المُربين يضعون هذه القضية في الحسبان، فكان أبو عبدالرحمن السّلمي رحمه الله يقول: "إنما أخذنا القرآن عن قومٍ أخبرونا أنهم كانوا إذا تعلَّموا عشر آياتٍ لم يُجاوزوهنَّ إلى العشر الأُخَر حتى يتعلَّموا ما فيهنَّ من العمل. قال: فتعلمنا العلم والعمل جميعًا"[7]انظر: "البدع" لابن وضاح (2/ 170)، برقم (255)، و"فضائل القرآن" للفريابي (ص241)، برقم (169)، و"فضائل القرآن وتلاوته" للرازي … Continue reading.
فينبغي أن ينتبه الذين يحرصون على توصيل كتاب الله للأجيال إلى هذا، سواء كانوا مُعلمي قرآن، أو حافظين لكتاب الله، أو مدرسين في حلقةٍ لكتاب الله، أو في مدرسةٍ، أو في جامعةٍ، أو ما شابه ذلك، هؤلاء على خيرٍ عظيمٍ جدًّا، لكن ليست القضية بالكم، وإنما في الربط بين العلم والعمل، وهكذا كان بعض الصحابة يأخذ في سورة البقرة ثماني سنوات أو عشر سنوات، ليس لضعف حفظه، وإنما لمنهجيته في التأثر بكتاب الله .
الضيف: نعم، الاستفادة القصوى الكاملة من المضامين والمعاني والتطبيق مثلما تفضلت دكتور خالد، وهذا مهمٌّ جدًّا.
المحاور: جزاك الله خيرًا.
ننتقل إلى المصدر الآخر.
المصدر الثاني للتربية الإسلامية
الضيف: السنة هي المصدر الثاني للتربية الإسلامية، وبالنسبة للتأثير الذي ذكرته قبل قليلٍ هو خصيصة من خصائص القرآن، لا يوجد إلا في القرآن، لكن هناك تأثيرٌ آخر يوجد في القرآن والسنة، وهو التأثير الممتد مع طول المُداومة والمُعايشة سواء للقرآن أو للسنة، فلا شك أن الإنسان يتأثر تربويًّا بذلك.
فالمواعظ موجودة؛ المواعظ والعِبَر والآيات والقصص عن القدماء والمعاصرين لوقت نزول القرآن، هذه موجودة في القرآن، وفي السنة، وكلها مُؤثرة في النفوس، لا شكَّ في ذلك.
فالقصص النبوي، وضرب المثل على لسان النبي كما هو موجودٌ في السنة، والعِبَر والآيات والمواعظ، فأحد الصحابة يقول عن مواعظ النبي : "وعظنا رسول الله موعظةً وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون"[8]أخرجه أبو داود (4607)، والترمذي (2676)، وقال: "هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ"، وابن ماجه (42)، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" … Continue reading.
فالموعظة النبوية فيها غاية التأثير، والقصص فيه تأثيرٌ شديدٌ، وهذا منبعٌ آخر من منابع التأثير في النفوس، وهو تأثيرٌ إيجابيٌّ ومطلوبٌ، فينبغي أن نُعَرِّض أنفسنا وأنفس مَن يتلقّون التربية على أيدينا لهذا المنبع.
المحاور: يا دكتور، في قضية القصص كمثالٍ، وكذا في المواعظ -إذا أذنتَ لي جزاك الله خيرًا-: إذا استقرأنا القصص الآن في معارض الكُتُب نجد أن الأجيال في سن الفتوة والشباب -ذكورًا وإناثًا- مقبلين بشكلٍ كبيرٍ على الروايات كمثالٍ، فالنفوس تهوى القصص كما قال الذين يتحدثون في جانب التربية بالقصة.
فأقول: أين نحن من القصص القرآني والقصص النبوي؟
فلو أخذنا مثلًا: كتاب "صحيح القصص النبوي" للدكتور عمر سليمان الأشقر -رحمة الله عليه- نجد أنه استعرض مجموعةً من القصص النبوي الصحيح وشرحه، وأعطى دروسًا فيه، وكانت هذه عبارة عن وجبةٍ تربويةٍ للأسرة وللأجيال، فذكر فيه شيئًا عظيمًا، فنحن في أمسِّ الحاجة إلى ما يتعلق بالقصة كتأكيدٍ عليها.
أما ما يتعلق بالموعظة: فلا بد أن تُدرك النفوس أن الموعظة هي منهجٌ ووسيلةٌ تربويةٌ لا بد من المحافظة عليها والاستمرار فيها.
الضيف: وللأسف هناك بعض الكتب تُخفف من قيمتها، أو تُقلل من قيمة هذه الموعظة، فهي موعظة، لكنها موعظةٌ مهمةٌ جدًّا.
المحاور: بالضبط، ومؤثّرة.
الضيف: ومؤثّرة بالتأكيد.
المحاور: هي موعظةٌ مهمةٌ ومؤثرةٌ.
الضيف: نعم.
المحاور: يخرج للمشاهدين الكرام التطبيق المتعلق بتطبيقات الطفولة، وأؤكِّد على الاستفادة من هذا الموقع، أسأل الله أن يبارك فيه وينفع به، وهو عبارةٌ عن ألعابٍ للطفولة بنطاقٍ رائعٍ جدًّا، محافظٍ على الهوية الإسلامية، ولنا -إن شاء الله- مشاركات.
نعود إليكم دكتور عبدالعزيز، بارك الله فيكم.
الضيف: وفيكم -إن شاء الله- دكتور خالد.
مثلما ذكرت أن السنة لها تأثيرٌ، وأيضًا ما ذكرته فيما يتعلق بفقه التربية موجودٌ في القرآن والسنة.
طبعًا هو آيات وأحكام، آيات وأحاديث تُؤخذ منها أحكامٌ تُطبق في ميدان التربية، ومصدر ذلك هو القرآن والسنة.
وهناك مجالٌ آخر وهو: أن الله في القرآن وجَّهنا إلى التأسي بالنبي ، وهذا المجال مجالٌ تربويٌّ موجودٌ في السنة، وهو الأسوة الحسنة، أو النموذج الكامل المتمثل في شخص النبي ، وفي سيرته، وفي حياته.
وإذا أخذنا تعريف السنة فهي: قول النبي وفعله وتقريره.
فكل ما يتعلق بحياته موجودٌ في سنته، كل تفاصيل حياته موجودةٌ في سنته، فالله يُوجهنا إلى الاقتداء به ، فنجد تفاصيل هذه السيرة، وهي أكمل سيرةٍ، يعني: هو النموذج الكامل بشهادة الله إذ يقول: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:4]، وهو يُخبر عن نفسه فيقول: أنا خيارٌ من خيارٍ من خيارٍ[9]انظر: "السيرة النبوية" لابن كثير (1/ 194)، وأخرجه مسلم (2276) بلفظ: «إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى … Continue reading.
ويقول: أنا سيد ولد آدم ولا فخر[10]أخرجه مسلم (2278) بلفظ: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول مَن ينشقُّ عنه القبر، وأول شافعٍ، وأول مُشفَّعٍ»، … Continue reading، فهو سيد البشرية على الإطلاق، وسيرته موجودةٌ في السنة بأدق تفاصيلها، وهي سيرةٌ ناصعةٌ، لا غُبارَ عليها، لا يوجد في أي تربيةٍ من التربيات مثل هذه الأسوة.
المحاور: بل شهد الأعداءُ بذلك يا دكتور.
الضيف: نعم، المُنصف من الأعداء شهد بهذا، فبالنسبة للنبي عليه الصلاة والسلام لا يوجد نموذجٌ في أي تربيةٍ مثله.
المحاور: عفوًا يا دكتور، قد يقول البعض: إن هذا نموذجٌ مثاليٌّ، كمثالٍ! هناك مَن يقول: هذا نموذجٌ مثاليٌّ، ما آثاره في جانب التربية؟ بمعنى آخر قد يقول: هذا النبي ! هذا نبيٌّ!
فكيف نستطيع أن نردَّ على مثل هؤلاء؟
الضيف: هو نبيٌّ ويقول: إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ [الكهف:110]، هو ليس مَلَكًا من الملائكة، لو كان مَلَكًا من الملائكة لكانت هذه الحجَّة صحيحةً: أننا لا نستطيع أن نقوم بما يقوم به مَلَكٌ، لكنه يقول عن نفسه : إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ.
المحاور: ونحن لم نُكلَّف أن نقوم بمهام النبوة، ولن نصل.
الضيف: لن نصل، لكن نتأسى به ونقتدي به في جوانب من حياتنا بقدر ما نستطيع، والله لا يُكلِّف نفسًا إلا وسعها.
المحاور: جزاك الله خيرًا.
الضيف: وإياكم، إن شاء الله.
المحاور: كذلك يا دكتور فيما يتعلق بمجال السنة والهدي النبوي، ماذا تقولون فيما يرتبط بمرجعية السنة؟
يعني: الآن عندما يقرأ الإنسان مثلًا في كُتب الصحاح، يعني: لو أخذنا كتاب "الأدب" من "صحيح البخاري"، أو كتاب "الصلة والبر" مثلًا من "صحيح مسلم".
أنا في تصوري أن هذا عبارة عن عرض نموذج: لما سُئلت عائشة رضي الله عنها عن خُلُق النبي فقالت: فإن خُلُقَ نبي الله كان القرآن[11]أخرجه مسلم (746)..
يعني: أن كل واحدٍ منا باستطاعته أن يعرف كيف يتواصل مع والديه؟ وكيف يتواصل مع زوجته؟ وكيف يتواصل مع أبنائه؟ وكيف يتواصل مع رحمه؟ وكيف يتواصل مع المسلم، ومع الكافر؟ فبين أيدينا ثروةٌ عظيمةٌ جدًّا من النموذج النبوي والأسوة النبوية والقدوة في تكوين الشخصية التربوية الناجحة.
الضيف: لا شك أنه منبعٌ يُمثل الكنز، كنزٌ بين أيدينا، وللأسف مشاغل الدنيا وحياتنا المعاصرة دائمًا تُلهينا عن الاستفادة من هذا الكنز.
وبالنسبة لحياة النبي هو أسوة للناس كافَّة، وأسوة للمُربين بشكلٍ خاصٍّ؛ لما تميز به تعليمه وتربيته من فعاليةٍ ومن نجاحٍ، فكان النبي عليه الصلاة والسلام أعظم مُربٍّ.
يقول معاوية بن الحكم السلمي -وقد كان حديث عهدٍ بالإسلام-: أنه صفَّ مع الناس في الصلاة، فعطس، فقال: الحمد لله. فرأى أنهم استغربوا بحركاتٍ عملوها في الصلاة، فيقول: ما بالكم؟
يعني: هو يتكلم لأنه حديث عهدٍ بالإسلام، لا يعرف أن الكلام ممنوعٌ في الصلاة، ففهم من بعض إشاراتهم أنهم يُسكِّتونه؛ فصمت، وبعد انقضاء الصلاة -وهذا هو محل الشاهد في كلامه عن النبي - يقول: فبأبي هو وأمي، ما رأيتُ معلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه، فوالله، ما كهرني -يعني: ما نهرني-، ولا ضربني، ولا شتمني، إنما قال: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيءٌ من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن[12]أخرجه مسلم (537)..
فعندما انتهت الصلاة ناداه، وقال له: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيءٌ من كلام الناس، فهذا تعليمٌ في غاية الرِّقة، وفي غاية التأثير، والشاهد في ذلك كلام معاوية عنه: فبأبي هو وأمي، ما رأيتُ معلمًا مثله قط.
المحاور: مثل قصة الأعرابي الذي بال في المسجد[13]أخرجه البخاري (6010).، وغير ذلك من الأمثلة، كقصة الشاب الذي أتى النبي يستأذنه في الزنا[14]أخرجه أحمد في "المسند" (22211)، وقال محققوه: "إسناده صحيحٌ، رجاله ثقات، رجال الصحيح"، وصححه الألباني في "السلسلة … Continue reading، مع أنها قضية غربية وغير مقبولة من حيث إنه يتوقع أن النبي مثلًا سيأذن له في الزنا، ومع ذلك تقبّل الرسولُ هؤلاء كلهم.
هناك فرقٌ -كما يقول أهل الدراسات النفسية- بين القبول والتقبل، أنا لا أقبله على ما هو عليه، أنا أتقبله على ما هو عليه، ولكن ليس معناه أني أُوافقه على خطئه، وإنما أتقبله حتى أكسبه.
الضيف: حتى يصير بيني وبينه تواصل.
المحاور: تواصل: ادنُ مني، فدنا منه، ثم أخذ الحوار بينهما مجاله حتى قال: "اللهم ارحمني ومحمدًا، ولا ترحم معنا أحدًا"، كما في البخاري.
وهكذا أيضًا أن النبي لم ينس -كما ذكرتم يا دكتور- في كل هذه المواقف وأمثالها أنه يُعلّم؛ لأنه في بعض الأحيان يقول الواحد مثلًا: بعض الأشخاص ربما يقول: "هذا جاهلٌ" ويسكت، هذا طفلٌ ربما لا يُحسن قضية آداب الأكل، يُقال: طفل! يعني: هو يُبرر له، لكن لا يُعلّمه، بينما النبي قال لعمر ابن أبي سلمة : سمِّ الله، وكُلْ بيمينك، وكُلْ مما يليك[15]أخرجه البخاري (5376)، ومسلم (2022)..
الضيف: هذا توجيهٌ لما يجب أن يفعل.
المحاور: لما يجب أن يفعل.
الضيف: بدون توبيخٍ، أو بدون لومٍ؛ لأن هذا اللوم والتوبيخ أحيانًا يضرّ ضررًا كبيرًا، فالنبي عليه الصلاة والسلام تجاوز عن الخطأ، تجاوز عنه وكأنه لم يحصل، وإنما وجهه لما يجب أن يقوم به فيما يستقبل من أيامٍ.
فبالنسبة لتعليمه عليه الصلاة والسلام كان في غاية التأثير والفعالية، وهذا المثال الذي ذكرناه عن معاوية شاهدٌ.
فهذا تعليمٌ وتربيةٌ، ويتمثل في قول أنس بن مالك -الذي كان خُوَيْدِم الرسول عشر سنوات-: خدمتُ رسول الله عشر سنين، والله ما قال لي: أفّ قط، ولا قال لشيءٍ فعلتُه: لِمَ فعلتَه؟ ولا لشيءٍ لم أفعله: لِمَ لَمْ تفعله؟[16]أخرجه مسلم (2309)..
عشر سنوات! مَنْ مِنا يُطيق أن يقضي شهرًا أو شهرين مع ابنه بهذا الأسلوب؟!
المحاور: ومع ذلك فالرسول كان مع خادمٍ.
الضيف: نعم، وعشر سنوات!
المحاور: جزاك الله خيرًا دكتور عبدالعزيز.
نخرج لفاصلٍ، ثم نعود ونواصل.
بسم الله الرحمن الرحيم
حياكم الله أيها الإخوة والأخوات، ونُكمل معكم حول مصادر التربية الإسلامية، أو أهم مصادر التربية الإسلامية، مع أستاذنا الدكتور: عبدالعزيز المحيميد.
دكتورنا الكريم، ونحن في هذه المتعة والرحلة الممتعة حول ما يتعلق بالقرآن والسنة، هناك أساليب نبوية في التربية، فحبذا لو كانت لكم إطلالةٌ في هذا في نهاية حلقتنا، بارك الله فيكم.
أساليب نبوية في التربية
الضيف: بالنسبة للأساليب النبوية فهي مهمةٌ جدًّا للمعلمين والمعلمات بشكلٍ خاصٍّ، وكذا للآباء والأمهات؛ فالتربية النبوية إنما كانت من خلال أساليب النبي في التربية.
وقد مرَّ معنا قبل قليلٍ: القصص النبوي، وهو أسلوبٌ مهمٌّ في التربية.
المحاور: أستأذنك دكتور عبدالعزيز، وعفوًا على المقاطعة، الله يحفظك، معنا الأخ أبو عيسى من السعودية، تفضل، الله يحفظك.
المتصل: السلام عليكم.
المحاور: معنا؟
المتصل: معكم، أشكركم على هذا البرنامج الطيب.
المحاور: حياك الله أخي، تفضل.
المتصل: أولًا: أشكركم على هذا البرنامج الطيب.
المحاور: بارك الله فيك يا شيخ.
المتصل: وفيكم بارك.
سؤالي: يجب الحثُّ على اتباع الرسول فيما أمر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وتصديقه فيما أخبر، على أبنائنا -البنين والبنات- في المدارس، وفي الجامعات، وفي كل مكانٍ تصديق الرسول فيما جاء عنه، واتباعه، فهذه الأشياء هي من أُسس الإسلام، ومن أُسس تعليم أبنائنا وبناتنا، ولا تخصّ إحدى المراحل دون غيرها -كالمرحلة الابتدائية مثلًا، أو المتوسطة-، بل تشمل حتى التعليم العادي، تعليم كل شيءٍ.
فأشكركم على هذا البرنامج الطيب، ولكم منا جزيل الشكر.
المحاور: شكرًا يا أبا عيسى على تعليقك الطيب، ونحن نؤكد على ما ذكرتَ جزاك الله عنا خيرًا.
هل لكم تعليقٌ على مداخلة الأخ أبي عيسى يا دكتور؟
الضيف: لا، أبدًا، هذه لمحةٌ طيبةٌ من الأخ أبي عيسى، فمن المهم جدًّا تربية النفس والآخرين -الأبناء ومَن يتلقون التربية على أيدينا- بأوامر الرسول ونواهيه، وبشكلٍ عمليٍّ وتطبيقيٍّ شيئًا فشيئًا، حتى نجد أنفسنا قد قطعنا شوطًا في هذا التطبيق العملي، هذا مهمٌّ جدًّا.
المحاور: جزاك الله خيرًا، نكمل يا دكتور حول الأساليب النبوية فنذكر بعضها -الله يحفظك- سريعًا.
الضيف: بالنسبة للنبي كان يُعلّم بشكلٍ نظريٍّ وبشكلٍ عمليٍّ، فلا يقتصر على الناحية النظرية، وإنما يقوم بالتعليم العملي، ومن ذلك: أنه عليه الصلاة والسلام مرَّ بشابٍّ يذبح شاةً، وكان يُعاني في ذبحها معاناةً شديدةً.
المحاور: لا يُجيد ذبحها.
الضيف: لا يُجيد ذبحها، فالنبي عليه الصلاة والسلام تناولها بشكلٍ عمليٍّ، ودحس بيده بين الجلد واللحم، وأبعد الجلد عن اللحم وقال: هكذا يا غلام فاسلخ[17]أخرجه أبو داود (185)، وابن ماجه (3179)، وابن حبان في "صحيحه" (1163)، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (179).، فهذا تعليمٌ تطبيقيٌّ، ولم يستنكف عليه الصلاة والسلام.
المحاور: اللهم صلِّ وسلم على محمدٍ.
الضيف: هذا من الأساليب التي يمكن أن نُعلّم بها عن طريق الانهماك مع المتعلمين فيما نُريد أن يُطبِّقوه، يعني: لا نطلب منهم فقط بشكلٍ نظريٍّ، أوامر فقط، لكن مع الأوامر نندمج معهم في التطبيق، فنصل بذلك إلى نتيجةٍ، بإذن الله.
المحاور: جزاك الله خيرًا دكتورنا الكريم.
نريد فقط -الله يُعطيكم العافية- فيما يتعلق بالرسائل المتعلقة بـ(الواتس آب) -الأسئلة- أن تكون الخطوط واضحةً، فإن كان بالإمكان عبر الشاشة مشكورين، مأجورين، وإلا من خلال ورقةٍ مطبوعةٍ.
ونحن على موعدٍ -بإذن الله تعالى- من خلال مُشاركتنا الليلة من قبل فضيلة الشيخ: محمد صالح المنجد حول هذا الموضوع المهم، وربما التواصل ما تيسر بعد ذلك، لكن لعله يكون في نهاية هذه الحلقة، وبانتظار فضيلته للمشاركة معنا في هذا الموضوع، بإذن الله .
الضيف: ومن الأساليب النبوية التي يمكن أن تكون لها علاقة باستخدام العينات، واستخدام النماذج، وبعض الناس قد يجهل هذا الجانب، ويظن أن هذا مما جاءت به التربية الحديثة، بينما نجد تطبيق ذلك في السنة النبوية، ومن ذلك مثلًا: حينما أراد عليه الصلاة والسلام أن يُبين موقف الإنسان بين الأمل والأجل، فوضّح هذه الفكرة بثلاث صورٍ:
الصورة الأولى: خطَّ النبي خطًّا مربعًا، وخطَّ خطًّا في الوسط خارجًا منه، وخطَّ خطوطًا صغارًا إلى هذا الذي في الوسط من جانبه، وقال: هذا الإنسان، وهذا أجله مُحيطٌ به -أو: قد أحاط به-، وهذا الذي هو خارجٌ أمله ...[18]أخرجه البخاري (6417).، فأمله بعيدٌ، أبعد من الأجل، بهذه الفكرة وضَّحه.
ووضّحه مرةً ثانيةً عن طريق حصيات، فتناول ثلاث حصيات وهو يمشي مع الصحابة ، وقذف الحصاة الأولى وقال: هذا الإنسان، ثم قذف الثانية وقال: وهذا أجله، ثم قذف الثالثة بعيدًا وقال: وثَمَّ أمله[19]أخرجه أحمد في "المسند" (13795)، وقال محققوه: "حديثٌ صحيحٌ، وهذا إسنادٌ حسنٌ في المتابعات والشواهد". يعني: هناك أمله، فأمل الإنسان دائمًا طويلٌ ومديدٌ وبعيدٌ، ولكن الأجل يختلجه دون الأمل.
المحاور: فالقضية ليست عبارةً عن إيصال معلومةٍ فقط، أو عبارةً عن معرفةٍ وإيصال المعارف للأشخاص، مع أهمية المعرفة، وأهمية المعلومة.
الضيف: الوسيلة مهمةٌ.
المحاور: الوسيلة مهمةٌ، بل نزول المُربي والتعاطي مع الوسيلة قضيةٌ مهمةٌ جدًّا، فالنبي هو الذي خطَّ، وهذا تطبيقٌ عمليٌّ، وهو الذي قام أمام الطفل لأجل ذبح الشاة وما يتعلق بطريقة الذبح.
الضيف: نعم، لا شكَّ في ذلك.
المحاور: إي، نعم.
أقول للإخوة والأخوات: جانب الإفتاء عن طريق التطبيقات مثل: موقع الشيخ محمد المنجد "الإسلام سؤال وجواب"، عن طريق محرك البحث، فباستطاعتهم الدخول عبر الشبكة، ووضع السؤال، وسيجدون الإجابة، بإذن الله .
أعود إليكم دكتورنا الكريم حول ما بأيديكم، جزاكم الله عنا خيرًا.
الضيف: جزاكم الله خيرًا، أنا ذكرتُ أسلوبين، فقلت: إنها فكرةٌ واحدةٌ، لكن النبي نوَّع في أساليب توصيل الفكرة: الخطوط ذكرناها، وكذا الحصيات.
وأيضًا كان جالسًا مع الصحابة فتناول ثلاثة أعوادٍ وضَّح بها الفكرة، فغرز العود الأول وقال: هذا الإنسان، ثم غرس العود الثاني وقال: هذا أجله، ثم غرس العود الثالث بعيدًا وقال: وثَمَّ أمله[20]"الزهد والرقائق" لابن المبارك، و"الزهد" لنعيم بن حماد (1/ 86)، (254)..
وبالنسبة لنا -كمعلمين- التنويع في الأساليب مهمٌّ جدًّا: أساليب توصيل الفكرة، وأساليب توصيل المعلومة، وأساليب التأثير في المتعلمين والمُتربين، فالتنويع مهمٌّ جدًّا اقتداءً بالنبي عليه الصلاة والسلام.
المحاور: جزاك الله خيرًا دكتور، هذا أحد المشاركين عبر (الواتس آب) أو المشاركات -نشكرهم على مشاركتهم- يقول: لكل مجالٍ أصوله التي يستقي منها معانيه وكُلياته ومبادئه، وجميع مجالاتنا نستقيها من ثوابتنا مُتمثلةً في الكتاب والسنة، وفي ظني ومن خلال الممارسة والتجربة لم أجد مجالًا أو بابًا أو أسلوبًا في التربية إلا وله قدم صدقٍ في الكتاب والسنة، ولعل السنة باعتبارها شارحةً ومُطبقةً تمثل المنهج العملي بوضوحٍ، ومجال الأمثلة في هذا واسعٌ في الطفولة والشباب والمشكلات، وغيرها.
الضيف: جزاهم الله خيرًا.
المحاور: ما رأيك في هذا؟
الضيف: كلامٌ تامٌّ.
المحاور: فعلًا الذي يستقي أيَّ شيءٍ نافعٍ ومفيدٍ ومؤثرٍ سيجد أنه إما أن يكون من نصوصٍ مباشرةٍ، أو في عموميات النصوص وما يتعلق بها، والشواهد في كلام العلماء.
الضيف: الكلام الذي ذكره الأخ صحيحٌ.
المحاور: تفضل دكتورنا الكريم إذا كان في نفس موضوعكم أيضًا.
الضيف: بالنسبة للأساليب النبوية هي كثيرة، وأُلِّفت فيها بعض المؤلفات، وبعض الكتب المعاصرة حول الأساليب التربوية في التدريس، وفي التربية، وفي التعليم، وفي التعامل مع الأولاد، والأهل، والبيوت، ومجالها واسعٌ، لو أردنا أن نستطرد في ذلك يمكن أن نذكر أشياء أخرى.
المحاور: أتمنى أن تكون الأسئلة متعلقةً بموضوعنا أو بالتربية قدر المستطاع، فالجوانب الفقهية والجوانب الشرعية ليس مجالها هنا.
القراءة السريعة وأثرها في تدبر القرآن
هنا سائلةٌ دكتورنا الكريم تقول: كيف نصل بالفتيات لتدبر القرآن؟ مع العلم: أن طريقتهن في قراءة القرآن سريعةٌ، فهي الآن تحفظ بطريقة ما يُسمّى: بالبرامج المكثفة، لكن كيف نستطيع أن نجعلها تتدبر كتاب الله ؟
الضيف: بالنسبة للقراءة السريعة والقراءة المُتدبرة: هناك آراء عند العلماء القدماء؛ فمنهم مَن يُؤيد القراءة السريعة؛ لتحصيل أكثر قدرٍ من الأجر، فكل حرفٍ بحسنةٍ، والحسنة بعشر حسنات[21]أخرجه الترمذي (2910)، وقال: "هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ من هذا الوجه"، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (6469)..
فهؤلاء يقولون: القراءة السريعة أفضل لهذا السبب.
وهناك آخرون يقولون: إن القراءة المُتدبرة أفضل؛ لما تُثمره من تزكيةٍ للنفس، وصلاحٍ للقلب؛ ولفائدتها التربوية، والإنسان بحاجةٍ إلى الأمرين.
وبالنسبة للتدبر أعتقد جازمًا أنه مما يُسَرِّع عملية الحفظ، فلو أن عندك آيات تحفظها بدون أن تفهمها سيكون ذلك أصعب من هذه الآيات نفسها إذا تدبرتها وفهمت معانيها ومراميها، وأصبحت مضامين هذه الآيات واضحةً لك، فذلك يُسَهِّل حفظها.
المحاور: لوجود معنًى إضافيٍّ.
الضيف: في ذهنك المعنى، فيُساعدك على الحفظ السريع.
المحاور: جزاك الله خيرًا دكتورنا الكريم، لعلك تُعطينا فرصةً للإجابة عن بعض الأسئلة؛ لأن إخواننا لهم حقٌّ فيما أرسلوه.
هذا سائلٌ يقول: ربى الرسول الصحابة تربيةً متكاملةً، ويقول بعض المُربين: إن جيل الصحابة يختلف عن جيل اليوم. فما رأيك؟
ربما أشرنا إلى هذه القضية، لكن إذا كان لك حول هذه النقطة بيانٌ.
وأيضًا سؤالٌ آخر: ما ضوابط العقوبة بحيث تؤدي الهدف المراد منها ولا تُنتج نتيجةً عكسيةً، بحيث تكون مُربيةً تلكم العقوبة؟
الصحابة ليسوا مثل غيرهم
الضيف: بالنسبة للسؤال الأول: الصحابة ليسوا مثل غيرهم بتزكية الرسول : خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم ...[22]أخرجه البخاري (2652)، ومسلم (2533).، لكن هم بشرٌ يُخطئون ويُصيبون، وقراءة سِيَر الصحابة تُعرِّفنا بشريتهم وأخطاءهم، وليس عندهم أشياء ليست عندنا، فهم مثلنا، ونحن مثلهم من ناحية الطاقات، ليس عندهم معجزات خارقة، فالصحابة مثلنا، لكن تبقى مسألة أن يُطبّق الإنسانُ بقدر ما يستطيع.
وكونهم تعرَّضوا لمُعايشة النبي هذا بالنسبة لنا غير موجودٍ، لكن عندنا سيرته، وعندنا القرآن، ويمكن أن نرتقي بأنفسنا، والنبي أثنى على أقوامٍ يأتون من أمته في آخر الزمان، ومدحهم عند الصحابة وقال: أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد[23]أخرجه مسلم (249)..
فيُمكن للإنسان أن يرتقي بنفسه، والحمد لله، الطريق واضحٌ، والمنهج واضحٌ، ويبقى فقط أن يُحارب المُعوِّقات: أهواء النفوس، وما إلى ذلك.
المحاور: بل يأتي ربما من بعد الصحابة مَن أجره كأجر خمسين من الصحابة كما جاء في الأثر[24]أخرجه أبو داود (4341)، والمروزي في "السنة" (32)، وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (494)..
الضيف: نعم، وهو ليس منهم.
المحاور: هناك فرقٌ بين الذي يتمسك بالمنهج ولم يرَ النبي والذي رأى النبي ، مع بقاء فضل الصحابة على غيرهم، وهذا يدل على أن المُثُل هذه مهمةٌ جدًّا بالنسبة لنا، فقد لا أصل، لكن غيري قد يصل أكثر مني.
نحن أيضًا في قضايانا الدنيوية -دكتور عبدالعزيز- لو ربطنا القضية بأمورنا البسيطة ما حققنا المراد، وقد حققنا معاني ونتائج كثيرةً في القضايا الدنيوية، فتجد الواحد يطمح إلى أن تكون له ثروةٌ، ويطمح إلى أن يكون له بيتٌ يمتلكه، و...، و...، وعندئذٍ تكون هذه عبارةً عن دوافع للعمل والإنتاج، فما بالك لو وضعنا الصحابة نموذجًا لنا حتى تكون شخصياتنا من خلال تلكم النماذج؟
وبالنسبة للعقوبة دكتورنا الكريم، الله يحفظك.
ضوابط العقوبة
الضيف: بالنسبة للضوابط حددت كتب الفقه عدد الضربات، وقالوا: لا يتجاوز ثلاث ضربات، وفي هذا حديثٌ -وإن كان في سنده مقالٌ-، ولا يزيد بحالٍ من الأحوال عن عشرٍ: لا يجلد فوق عشر جلدات إلا في حدٍّ من حدود الله[25]أخرجه البخاري (6848)، ومسلم (1708)..
وأيضًا لا تصحب الضرب أيّ كلمات فيها إهانةٌ للنفس، ولا يكون الضرب للتشفي بحالٍ من الأحوال، فيكون الضرب عقوبةً فقط، ولا يكون للتشفي، ويكون هناك عدلٌ في إيقاع العقوبة.
المحاور: بل ربما قيل: السواك، حتى الواحد.
الضيف: الأداة يعني، قالوا: الأداة تكون لينةً ورطبةً، ومثلما ذكرت دكتور خالد أنها قد تكون بمثابة السواك، أو مثل السواك، فهي عقوبةٌ أثرها المعنوي أكثر من أثرها المادي.
ومع ذلك كان العلماء قديمًا ينصحون بالتهديد بها، وعدم إيقاعها، فالعقاب بالنسبة للمُربي -والدٌ، أو مُعلمٌ، أو غيره- هو عقابٌ ما دمتَ تُهدد به، لكن إذا طبَّقته بهذه المواصفات ضاعت قيمته؛ لأنك لن تضرب ضربًا مُبرحًا، وهذا الضرب لن يؤثر إلا تأثيرًا معنويًّا فقط، فينصح بتجنب العقاب قدر الإمكان.
المحاور: ولذلك قال بعضهم: إن العقوبة مربعٌ أخيرٌ يسبقه ما هو أخفّ منه، وهو الحرمان، يسبقه التعزيز والتشجيع للسلوك الإيجابي الذي يُقابل السلوك غير السَّوي الذي لديه.
فعلينا أن نُنوِّع ثقافتنا فيما يُسمّى بمهارات تعديل السلوك، وهي موجودةٌ.
الضيف: ومهمةٌ جدًّا، وتُغنينا عن إيقاع العقوبة.
المحاور: بالضبط، والشيخ محمد المنجد -الله يحفظه- له كتابٌ جميلٌ ورائعٌ دكتورنا مأخوذٌ ومُستقًى من المصدرين اللذين نتكلم عنهما في هذه الحلقة: الكتاب والسنة، وخاصةً من سنة النبي ، وهو "أساليب نبوية في التعامل مع أخطاء الناس"، ذكر فيه عشرات الأساليب التي تُبين كيف تعامل النبي مع أخطاء الناس، وحقق هذا الأسلوب: تعديل السلوك لدى الطرف الآخر.
قد تكون ثقافتنا بالضرب أو اللوم فقط، ونظن أننا إذا نجحنا في هذا انتهت المهارات بالنسبة لنا.
الضيف: هذه هي المشكلة.
المحاور: لكن لو نوَّعنا ووجدنا أن هذا الأسلوب قد لا يصلح لإبراهيم، لكن يصلح لخالد، وهكذا، أظن سنكون -بإذن الله - في إيجابيةٍ من أمرنا.
الضيف: في حديث النبي الذي هو المستند للقائلين بجواز الضرب فيه: مُرُوا أبناءكم بالصلاة لسبعٍ، واضربوهم عليها لعشرٍ[26]أخرجه أحمد في "المسند" (6756)، وحسَّنه محققوه، وصححه الألباني في "إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل" (2/ 7)، … Continue reading.
المحاور: هذه الصلاة.
الضيف: ثلاث سنوات نستخدم فيها كل أساليب التعزيز والتشجيع والترغيب، ونصطحب الطفل إلى المسجد، وكذا، وإذا لم تُثمر ثلاث سنوات عندها سنحتاج إلى الضرب، لكن ما الحالة التي لا ينفع معها العلاج ثلاث سنوات؟!
المحاور: مع وجود المهارات الأخرى من التعزيز والتشجيع.
كيف أُحبب ولدي في الصلاة؟
ما دمنا تكلمنا عن الصلاة فلننظر إلى سؤالٍ واردٍ يقول: كيف أُحبب ولدي في الصلاة وعمره تسع سنوات؛ لأنه يُصلي ولكن بسرعةٍ، وأحيانًا يُصلي الفرائض فقط؟ جزاك الله خيرًا.
الضيف: كيف أُحبب؟
المحاور: يعني: كيف أستطيع أن أُحبب الصلاة إليه بحيث لا يُصليها من أجل إنجازها فقط؟ وأيضًا لا يحرص فقط على الفرائض، وإنما يحرص كذلك على السنن، وأيضًا عمره تسع سنوات.
فلنُجِب عن ذلك ما دمنا نتكلم في الحديث منذ قليلٍ عن فترة التعويد: ثلاث سنوات.
الضيف: أول ما يُبدأ به التعويد؛ لأن الصغير الذي عمره سبع سنوات لا يعي ما يعيه الكبير بالنسبة للصلاة، لكنه يُعَوَّد، والتعويد من أساليب التربية، يعني: غرس العادة، فكونه من السابعة يتعوَّد عليها ويلتزم بها بوضوئها ومواقيتها.
المحاور: ويرى القدوة دكتور أمامه.
الضيف: نعم، يُعَوَّد ويرى القُدوة، وأيضًا التعليم المباشر عن فائدة الصلاة.
المحاور: وفضائلها، وأجرها.
الضيف: نعم، وأن لها فوائد كذا، وأنها تنهى عن الفحشاء، وأنها كذا، وهذا مع الوقت سيُفيده، إن شاء الله.
المحاور: دكتور عبدالعزيز، أسعدتنا جدًّا بحضورك هذا اللقاء، وفي هذا الموضوع المهم، والبحث الذي قمتم به حول المصادر جديرٌ بأن يطّلع عليه كل المُربين، وما زلنا لم نستوعب المصدرين، لكن -بإذن الله- نعد الجمهور أن تكون لنا لقاءات أخرى، ويكون الدكتور معنا كذلك في وعدٍ منه لنا، بإذن الله .
شكرًا لك دكتور عبدالعزيز، وجزاكم الله خيرًا.
والشكر لكم أيها الإخوة والأخوات المتابعين لبرنامجكم الأسبوعي: "أسس التربية".
ونُؤكِّد ونُذكِّر بأن البرنامج سيكون بثُّه يوم الثلاثاء الساعة العاشرة والنصف مساءً -بإذن الله-، بدلًا من يوم الجمعة الساعة الثامنة والربع، وذلك ابتداءً من الثلاثاء القادم.
ونعدكم -بإذن الله - بتعويض مُداخلة شيخنا الشيخ: محمد المنجد حول موضوعٍ مُهمٍّ في مصادر التربية -بإذن الله - وما يتعلق بالقضايا المُخالفة للعقيدة، والمُرتبطة ببعض الجوانب التي فيها من الشعوذة والمخالفة للتوحيد في مداخلةٍ قريبةٍ، بإذن الله .
شاكرين لكم حُسن متابعتكم وإنصاتكم.
ونعد أيضًا الإخوة الكرام الذين سألوا في (الواتس آب) ولم نُجبهم أن نُجيبهم -إن شاء الله تعالى- قريبًا، عاجلًا غير آجلٍ.
والحمد لله رب العالمين، ونلتقي على خيرٍ.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
↑1 | أخرجه البخاري (7)، (2941)، ومسلم (1773)، وهو في "تفسير ابن كثير" ت: سلامة (8/ 267). |
---|---|
↑2 | انظر: "سيرة ابن هشام" ت: السقا (1/ 270)، و"دلائل النبوة" للبيهقي محققًا (2/ 198)، و"تفسير ابن كثير" ت: سلامة (8/ 267)، و"تفسير القرطبي" (10/ 165). |
↑3 | أخرجه البخاري (4854). |
↑4 | أخرجه أحمد في "المسند" (16762)، وصححه محققوه، والطحاوي في "مشكل الآثار" (1257)، والطبراني في "المعجم الكبير" (1499)، (1595)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (2263). |
↑5 | أخرجه الآجري في "أخلاق أهل القرآن" (ص38)، وانظر: "تفسير ابن كثير" ت: سلامة (8/ 250). |
↑6 | "مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين" (1/ 450). |
↑7 | انظر: "البدع" لابن وضاح (2/ 170)، برقم (255)، و"فضائل القرآن" للفريابي (ص241)، برقم (169)، و"فضائل القرآن وتلاوته" للرازي (ص127). |
↑8 | أخرجه أبو داود (4607)، والترمذي (2676)، وقال: "هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ"، وابن ماجه (42)، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (2455). |
↑9 | انظر: "السيرة النبوية" لابن كثير (1/ 194)، وأخرجه مسلم (2276) بلفظ: «إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشًا من كنانة، واصطفى من قريشٍ بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم». |
↑10 | أخرجه مسلم (2278) بلفظ: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول مَن ينشقُّ عنه القبر، وأول شافعٍ، وأول مُشفَّعٍ»، والترمذي (3148) واللفظ له، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (1468). |
↑11 | أخرجه مسلم (746). |
↑12 | أخرجه مسلم (537). |
↑13 | أخرجه البخاري (6010). |
↑14 | أخرجه أحمد في "المسند" (22211)، وقال محققوه: "إسناده صحيحٌ، رجاله ثقات، رجال الصحيح"، وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (370). |
↑15 | أخرجه البخاري (5376)، ومسلم (2022). |
↑16 | أخرجه مسلم (2309). |
↑17 | أخرجه أبو داود (185)، وابن ماجه (3179)، وابن حبان في "صحيحه" (1163)، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (179). |
↑18 | أخرجه البخاري (6417). |
↑19 | أخرجه أحمد في "المسند" (13795)، وقال محققوه: "حديثٌ صحيحٌ، وهذا إسنادٌ حسنٌ في المتابعات والشواهد". |
↑20 | "الزهد والرقائق" لابن المبارك، و"الزهد" لنعيم بن حماد (1/ 86)، (254). |
↑21 | أخرجه الترمذي (2910)، وقال: "هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ من هذا الوجه"، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (6469). |
↑22 | أخرجه البخاري (2652)، ومسلم (2533). |
↑23 | أخرجه مسلم (249). |
↑24 | أخرجه أبو داود (4341)، والمروزي في "السنة" (32)، وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (494). |
↑25 | أخرجه البخاري (6848)، ومسلم (1708). |
↑26 | أخرجه أحمد في "المسند" (6756)، وحسَّنه محققوه، وصححه الألباني في "إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل" (2/ 7)، برقم (298). |