المحتوى
مقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: حياكم الله أيها الإخوة والأخوات في حلقةٍ جديدةٍ من برنامجكم الأسبوعي المباشر: "أسس التربية" من قناتكم قناة "زاد" العلمية الفضائية.
كنا معكم وما زلنا حول هذا المصدر العظيم، وهو كتاب الله، وسنة النبي ﷺ، وحاجتنا إلى الأخذ من الوحي فيما يتعلق بقضية الكتاب والسنة.
وقد خُضنا في بعض ما يتعلق بكتاب الله ، ومن ذلك: ما يرتبط بقضية الطرق والوسائل، فكتاب الله قد بيَّن وأوضح ما يتعلق بموضوع وسائل وطرق التربية.
فالتربية لا بد لها من وسائل وطرقٍ، لا بد لها من تلكم الوسائل التي من خلالها يستطيع المربي أن ينقل رسالته للمُتربي.
التربية بالقصة
يعني مثلًا: في قضية القصص عندما يقول الله : فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [الأعراف: 176].
فالقصة وسيلةٌ عظيمةٌ جدًّا، والمُتربون بأمس الحاجة إليها؛ لأنها تحمل مضامين، والنفوس البشرية من طبيعتها أنها تحتاج إلى تلكم القصص، فتضع نفسها ضمن الرموز التي تتحدث عنها تلكم القصة.
لما يأتِ الله في سورة يوسف -كمثالٍ-، وهي سورةٌ عظيمةٌ جدًّا، حكت قصصًا، وفوائدها العظيمة التي استنبطها العلماء كثيرةٌ جدًّا.
فنحن بأمس الحاجة إلى القصص، ومنها نستفيد تلك الوسيلة التي أكَّد عليها القرآن الكريم قائلًا: فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ.
فنحن بأمس الحاجة إلى أن نتفكر، وأن نتدبر، وأن نستفيد، وأن نتربى من خلال القصة.
فهنيئًا للأسرة المسلمة التي تُوفَّق إلى أن يكون بين يديها مجموعةٌ من القصص الهادفة؛ إما قراءةً، أو استماعًا، أو إلقاءً، فتُربي الجيل على القصص القرآني، وتُربي الجيل على القصص النبوي.
فحين تأخذ كتاب الدكتور عمر سليمان الأشقر رحمه الله "صحيح القصص النبوي" كمثالٍ، ويستمعون، ويتبادلون فيما بينهم الدروس والمعاني المتعلقة بمثل تلكم القصة، ويستفيدون منها الفائدة الكبيرة المرجوة -بإذن الله -، فهذه طريقةٌ من الطرق.
التربية بالمثال
الطريقة الأخرى: طريقة ضرب الأمثلة، قال تعالى: وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا [الكهف:45]، وقد سبق أن أشرنا إلى صورة المثال: حقيقة الدنيا من حقيقة الآخرة.
فنحن بأمس الحاجة إلى الأمثلة؛ كي نُقرِّبها لأجيالنا، نُريد أن نُوصل لهم رسالةً، بدلًا من أن نتحدث مباشرةً عن الرسالة في الخلق المعين، فنضرب لهم قصةً، أو نضرب لهم مثالًا من الأمثلة التي تُقرِّب لهم الصورة.
فبدلًا من التحدث عن قضية الحجاب للبنت وأهميته، أتحدث عن تلك الجوهرة التي لو خرجت من مكانها فإنها لا تصلح بحالٍ من الأحوال، تلك التفاحة الجميلة الحمراء التي لو أُزيل القشر عنها لفسدت، ولأفسدت غيرها.
هذه الأمثلة التي تُقرِّب الصورة للأجيال نحن بأمس الحاجة إليها.
وهكذا نستفيد من كتاب الله حينما بيَّن الله في كتابه: وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ، لم تُصبح للدنيا قيمةٌ، وهذا المثل يُعطي أثرًا: كغرس التعلق بالآخرة، وأن الآخرة مُقدَّمةٌ على الدنيا.
التربية بالموعظة
ومن الوسائل التي نستفيد منها: وسيلة الموعظة، قال تعالى: وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13]، هذه صورةٌ من صور التربية: ما بين الآباء والأبناء، أبٌ حنونٌ قلبه مُعلَّقٌ بابنه، يريد لابنه النجاة فيعظه.
فوسيلة الموعظة مثلها مثل وسيلة القصة، ومثلها مثل وسيلة الأمثلة.
هكذا استخدم القرآن وسيلة الموعظة، فنحن بأمس الحاجة إلى طَرْق هذه الوسيلة؛ لمحاولة التأثير على القلوب.
لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ كلنا لا نريد لأبنائنا أن يُشركوا بالله، لماذا؟
إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ.
فعلينا أن نُسمع أبناءنا المواعظ، علمًا بأن كلمة "الموعظة" أصبحت -عند البعض- تُستخدم بصورةٍ غير مقبولةٍ، أصبحت وكأنها عبارةٌ عن ارتباطٍ بجانبٍ، أو بفئةٍ معينةٍ، أو بخطيبٍ، أو ما شابه ذلك، بينما يُحتاج إليها في مجال الترغيب والترهيب.
أنت أيها المربي تستطيع أن تستخدم الموعظة، وتجعل هذه الموعظة وسيلةً لهزِّ قلب ابنك ونفسه، كذلك بنتك، فحينما نهزُّهم بالموعظة، ونُخوفهم بالله ، ونربطهم باليوم الآخر: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ [الحج:1-2].
إذًا نحن نحتاج إلى العناية بقضية الموعظة؛ لأن هذه الموعظة ستكون وسيلةً عظيمةً جدًّا لإيصال الرسالة، مثل: وسيلة القصة، وكذلك مثل: وسيلة الأمثلة.
هذه بعض الوسائل التي ذكرها الله في كتابه.
التربية بالقدوة
ومن الوسائل التربوية: وسيلة القدوة، قال تعالى: فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ [الأنعام:90]، وهي من الوسائل المؤثرة غير المباشرة، وينص أهل التربية على أهمية هذه الوسيلة؛ لكون العامل القوي والبارز فيها هو جانب الفعل، العمل، والكلام فيها لا يكاد يوجد، أو هو قليلٌ؛ لذلك تأتي القدوة كوسيلةٍ لقضية التأثير وتربية الأجيال.
ولذلك حينما يقول الله عن هؤلاء الربانيين: كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ [آل عمران:79]، فهذه القضية تُعطي دلالةً على أن الذي يُمارس التربية يحتاج إلى فقه الوسائل: بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ.
لذلك ماذا قال العلماء عن قضية العالم الرباني؟
هو الذي يُربي الناس، ويُربي الطلاب، ويُربي الأبناء، يُربيهم على صِغار العلوم والأمور قبل كِبارها.
هذا هو الشخص الذي يفقه الأثر، أو الأسلوب، أو الوسيلة المناسبة في قضية التأثير والتربية.
كيف نُربِّي أبناءنا؟
إذن كتاب الله أيها الإخوة والأخوات مليءٌ بالإشارة إلى قضية الوسائل والأساليب، وهذا يؤكد على الإجابة عن سؤال: كيف نُعلِّم؟ كيف نُربِّي؟
أجاب عنه كتاب الله بأن هناك وسائل عديدةً جدًّا، منها: وسيلة الأمثلة، والقصة، والقدوة، والموعظة، وقضية التدرج، إلى غير ذلك من الأمور التي أشرنا إليها قبل قليلٍ.
فنحن بأمس الحاجة إلى فقه هذه الوسائل كلها، ومحاولة الاستفادة منها في تربيتنا للآخرين.
بعض الأحباب -فيما يتعلق بقضية التربية- قد يكون عنده الأسلوب المباشر: أسلوب إلقاء المحاضرة، أو إلقاء الكلمة، فلا يستخدم المثال، ولا يكاد يُفكِّر بمثالٍ، مع أنه قد لا يحتاج إلى أن يُعمل ذهنه لأجل أن يأتي بمثالٍ جديدٍ، وإنما لو رجع إلى بعض المراجع، واستفاد من كتاب الله وسنة النبي سيجد في ذلك أمثلةً عديدةً جدًّا، ولو فكر لاستطاع أن يضرب أمثلةً من الحياة الواقعية؛ لأجل أن يؤثر في الطرف الآخر.
فبعض الناس لا يُفكر في مثالٍ، ولا يُفكر بقصةٍ؛ لأنه يريد أن يُعطي التوجيه مباشرةً، وينتهي من القضية: يا ابني، افعل كذا، يا ابنتي، افعلي كذا، يا أيها الطالب، افعل كذا، يا أيتها الطالبة، افعلي كذا. هذه المباشرة في التوجيه، وبالتالي ستكون القضية غير مُجديةٍ؛ لخلوها من الوسائل.
وقد دلَّت الدراسات والأبجديات وأدبيات التربية على أن الأساليب غير المباشرة هي أكثر تأثيرًا في الأفراد، وفي المُتلقين، وفي المُتربين من الأساليب المباشرة.
وهذه الأمثلة -القصص وما شابه ذلك- كلها تكون من الأساليب غير المباشرة، وكذلك التغيير في الطرح حتى في الأسلوب المباشر باستخدام الموعظة، أو باستخدام الأخذ بالتدرج، كلها من الوسائل والأساليب.
هل لاحظتم؟ هل أدركتم أننا في أمس الحاجة إلى مصدرية الكتاب والسنة؟ نحن بأمس الحاجة إلى هذه المصدرية.
انظروا إلى ما ذكرناه قبل قليلٍ فيما يتعلق بالوسائل والطرق، لو رجعنا إلى كتاب الله لاستطعنا أن نعرف الشيء الكثير من تلكم الوسائل والأساليب التي نستطيع أن نُطبِّقها في بيئاتنا التربوية حتى نؤثر في الآخرين.
أين تكون التربية؟
لو انتقلنا بعد ذلك إلى قضية: أين نُعلِّم؟
هذا أيضًا من الأسئلة التربوية المهمة، ونحن تحدثنا -قبل قليلٍ- عن أشياء عديدةٍ جدًّا، وكان من آخرها: الوسائل والأساليب.
التربية في البيت
الآن متى نُعلِّم؟ وأين أماكن التعليم؟
كتاب الله بيَّن هذه القضية أيضًا، فقال مثلًا فيما يتعلق بقضية الأسرة، والإشارة إلى أهمية الأسرة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ .. [التحريم:6] إلى آخر الآية، هذه أيضًا تُشير إلى ما يُسمَّى بوسائط التربية، وهي الأماكن والمحاضن التي تكون فيها التربية.
فالمؤسسة الأولى في التربية هي الأسرة، ونحن بأمس الحاجة إلى الاهتمام بقضية الأسرة أيّما اهتمامٍ، وكتاب الله مليءٌ جدًّا بالتوجيه المتعلق بالتربية الأسرية.
التربية في المسجد
يقول الله : إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ [التوبة:18] تأكيدًا على قضية بيئة المسجد كبيئةٍ تربويةٍ تُنافس البيئة الأسرية.
ويقول الله : فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ [النور:36].
فهذه كلها إشاراتٌ من كتاب الله حول ما يتعلق بالإجابة عن سؤال: أين نُعلِّم؟ وأين نُربِّي؟
في هذه اللحظات نحن مع أستاذنا الدكتور عبدالواحد بن حمد المزروع، عميد كلية التربية بجامعة الدمام.
أهلًا وسهلًا بكم يا دكتور عبدالواحد.
المتصل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، حياكم الله يا دكتور خالد، وحيا الله الإخوة المشاهدين، وشكر الله لكم هذا البرنامج الرائع المُميز، وهذه القناة الرائدة، أسأل الله أن يبارك في جهود الجميع.
المحاور: جزاك الله عنا خيرًا، وشكرًا لك على مشاركتك معنا في هذه المداخلة يا دكتور عبدالواحد.
نحن نستأذنك، سنعيش معك بعض المُقابلات المُختصرة التي أُجريت مع شريحةٍ من المجتمع حول سؤال: ما مدى حاجة أجيالنا للتربية؟ ثم نطلب منكم التعليق، بارك الله فيكم.
المتصل: على بركة الله، تفضل.
تقرير تربوي
- التربية مهمةٌ، ومهمةٌ جدًّا، وكيف لا ونحن نعيش في عالمٍ يموج بالفتن والمُغريات، وفيه يتضارب الهدَّامون الذين يهدمون ما بناه المُربون؟! والأجيال في عالمٍ يموج في خِضَمِّ الفتن والمُغريات، فنحن بحاجةٍ ماسَّةٍ إلى التربية.
- نعم، أبناؤنا بحاجةٍ إلى التربية في كل يومٍ، وفي كل وقتٍ، وفي كل حينٍ، فينبغي للآباء مراعاة هذا الأمر ومُواكبته؛ نظرًا للتطور التكنولوجي الموجود في هذا العصر الحالي، مما يُلزم الآباء أن يُطوروا أنفسهم، وأن يُطوروا الأدوات التي يُربون بها أبناءهم؛ كي يصلوا لأبنائهم عن طريق استخدام التكنولوجيا الحديثة: الهواتف الذكية، والتطبيقات الموجودة، فينبغي أن تكون عند الآباء ثقافة تربية الأبناء بهذا الأسلوب، وأن يُطوروا من أدائهم، وأن يكون عندهم علمٌ ومعرفةٌ، وأن يطَّلعوا في هذا المجال؛ ليُربوا أبناءهم بشكلٍ جيدٍ، فالتربية -كما يقولون- لا تنقطع من الميلاد إلى الوفاة.
- الطفل منذ أن يرى النور على وجه الأرض يحتاج إلى تربيةٍ من مرحلة الطفولة إلى مرحلة المُراهقة، إلى مرحلة الشباب، حتى الإنسان الكبير يحتاج إلى تربيةٍ، فالتربية رحلةٌ لا تنقطع في حياة الإنسان حتى ينتهي عمره في هذا الوجود، فهو بحاجةٍ إلى التربية في كل وقتٍ: ليلًا ونهارًا، وفي كل ساعةٍ من ساعات النهار، بل في كل دقيقةٍ.
فالإنسان يحتاج إلى رصيدٍ من التربية الذاتية، وكذلك تربية الآخرين له، سواء التربية الإيمانية، أو التربية العلمية، أو التربية البدنية، أو أي نوعٍ من أنواع التربية.
أهمية التربية
المحاور: حياكم الله يا دكتور عبدالواحد.
هذه مجموعةٌ من الإجابات حول سؤال: ما مدى حاجة أجيالنا للتربية؟
تفضلوا، بارك الله فيكم.
المتصل: جزاكم الله خيرًا يا دكتور خالد، وشكر الله لكم، وشكر الله للإخوة المشاركين، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم إلى كل خيرٍ.
أقول بعد بسم الله، والحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على رسول الله: ما من شكٍّ في أن الوقت الحاضر والمجتمع الآن يموج في كثيرٍ من المُؤثرات، وما دام الأمر بهذا الشكل، فالأمة قاطبةً -رجالًا ونساءً، كبارًا وصغارًا- تُجْمِعُ على حاجتنا إلى توجيهاتٍ تربويةٍ، وإلى متابعةٍ في كثيرٍ من قضايانا.
وأستطيع القول: أننا حتى في المُسلَّمات من أمورنا نحتاج إلى أن نُعيد النظر فيها من خلال ما نراه من تغييراتٍ ومُؤثراتٍ كبيرةٍ.
واسمح لي يا دكتور خالد، وليسمح لي الإخوة المشاهدون أن نُسميها بالتحديات التي تُحاول أن تصرف بوصلة المجتمع -إن صح التعبير- عن واقعه.
ولأُدلل على ما أزعمه: كيف كان حالنا قبل فترةٍ من الزمن؟!
ولا أريد أن أُحدد زمنًا معينًا، لكن قبل فترةٍ كيف كان حالنا؟! وكيف أصبحنا؟!
مما يؤكد على أن الهوية بدأت تتأثر -للأسف- ببعض المُتغيرات، وبعض المُؤثرات، وبعض المُستجدات التي نراها اليوم.
ولعلي أربط حديثي هذا بما كان، أو بما ثبت في الحديث الصحيح عن جيل الصحابة الذي خرج في وقتٍ كانت العبادة فيه لغير الله جل وعلا، وكيف استطاع رسول الله أن يُخرج أفضل جيلٍ عرفته الأرض، وذلك من خلال التربية النبوية الرائعة المميزة التي قال عنها الصحابة: "ما كنا نُجاوز عشر آياتٍ حتى نعرف ما فيها من العلم والعمل"[1]أخرجه الطبري في "تفسيره" برقم (82)، وقال محققه: هذا إسنادٌ صحيحٌ متصلٌ..
التربية على قراءة القرآن
سؤالي لنفسي ولإخواني المشاهدين الآن: كيف نحن مع كتاب الله جل وعلا؟ هل نقرأه لنتأمل، وكأن الرسالة لنا؟ حينما يقول ربنا جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا [الحجرات:12] هل نجتنب؟ هل إذا أمرنا جل وعلا بالفعل نفعل؟ هل نحن ممن يلتزم بمثل هذه الأمور؟
هذه تربيةٌ للنفوس، تربيةٌ للأمة، تربيةٌ للمجتمع، تربيةٌ للمسؤول، تربيةٌ للجميع.
ولذلك أقول: إن الأمر جدُّ مهمٍّ وخطيرٍ جدًّا: أن نعيش مع كتاب الله جل وعلا، ومع سنة رسول الله عيشةَ مَن يتلقَّى، لا مجرد التعبد، وإن كان خيرًا، لكن نحن بحاجةٍ إلى أن نتعبد الله جل وعلا بتربية نفوسنا أيضًا بهذه التوجيهات، وبهذه الآداب التي جاءت بها الشريعة الإسلامية في كتاب الله، وفي سنة رسوله .
خطر التقنية الحديثة على الشباب
الإشكال يا دكتور خالد، ويا أيها الإخوة المشاهدون: أننا -للأسف- نرى كثيرًا من المُؤثرات، والإخوة الذين شاركوا فيما تفضلتم به من حوارٍ معهم بيَّنوا الآن الكثير من المُؤثرات، فلو سألت سؤالًا واحدًا الآن: أيها الأب، وأيتها الأم، ما المؤثر الأول على ابنك وبنتك؟
أنا آسفٌ حينما أقول: لا يمكن أن تقارن الأجهزة مثلًا، أو الإعلام بأنواعه؛ لا يمكن أن يتفوق عليه أداءُ الأب، أو أداء الأم.
معنى ذلك أننا يمكن أن نقول: إن أبناءنا وبناتنا قد اختطفتهم التقنية الحديثة، واختطفهم الإعلام، وربما كان ذلك بتقصيرنا، أو بطريقةٍ ما أسهمنا في انحراف تربيتهم من خلال عدم أخذ زمام المبادرة بتربيتهم تربيةً صحيحةً.
المحاور: عفوًا يا دكتور عبدالواحد، يعني: كأنك تُشير -جزاك الله خيرًا- إلى الاتفاق مع ما ذكره الإخوان في أهمية التربية للأجيال، وأن عندنا إشكالين: الإشكال الأول: الغفلة عن التربية ابتداءً، أو التربية ولكن من دون استخدام التربية الناجحة والتأثير في الأجيال. هو كذلك يا دكتور عبدالواحد؟
المتصل: صحيحٌ، وأنا أقول: إن ما تفضلتم به صحيحٌ، وهو عدم العناية، أو أن تكون تلك التربية على طريقةٍ خاطئةٍ، وربما البعض قد يتَّخذ بعض الأساليب التي مرَّت به، ويظن أنها صوابٌ، وهي ليست بصوابٍ، والحاكم والمرجع هنا كتاب الله وسنة نبيه .
وما دام الأمر كذلك فينبغي لكل مُربٍّ -وحينما نقول: "مُربٍّ" فإننا نتكلم عن الأب، وعن الأم، وعن الأخ الأكبر، وعن العم، وعن الجد، وعن الخال، فكل هؤلاء مُربون، والمعلم، والمعلمة، وأستاذ الجامعة، كل هؤلاء مُربون، وإمام المسجد مُربٍّ، وخطيب الجمعة مُربٍّ، كل هؤلاء عليهم مسؤوليةٌ عظيمةٌ- أن يربط عمله، وأداءه، وعطاءه، وطريقته في التربية، ورسالته التي يُؤدِّيها على أي مستوًى كانت بما كان، أو بما جاء في كتاب الله وسنة رسوله .
متى تكون التربية؟
بعض الإخوة المشاركين ذكروا أن التربية تكون من الصغر، وأنا أزعم أن التربية تكون قبل أن تختار زوجتك، فإذا أردت أن تُربي أولادك فعليك أن تختار زوجتك.
لذلك أنا أقول: من الأمور المهمة أن يحرص الإنسان على ما وصى به رسول الله : فاظفر بذات الدين تربت يداك[2]أخرجه البخاري: كتاب النكاح، باب الأكفاء في الدين، برقم (5090)، ومسلم: كتاب الرضاع، باب استحباب نكاح ذات الدين، … Continue reading، هذه هي بداية التربية.
المحاور: وإذا أتاكم مَن ترضون دينه وخُلُقه ...[3]أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (446)، وحسَّنه الألباني في "مختصر الصحيحة" (1022)..
المتصل: بالضبط، أحسن الله إليكم، صحيحٌ، هذا توجيه رسول الله ﷺ، بل بيَّن عليه الصلاة والسلام في تتمة هذا الحديث على وجه الخصوص: إلا تفعلوه تكن فتنةٌ في الأرض وفسادٌ عريضٌ[4]أخرجه ابن ماجه في "سننه" (1968) وقال محققه: حسنٌ لغيره.، وفسادٌ كبيرٌ في بعض الروايات[5]أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (590)..
لذلك أنا أقول: يجب على المرء أن يختار المرأة الصالحة، وأن يختار لابنته الرجل الصالح: مَن يرضاه في دينه وخُلُقه، فأنت الآن تُخرج من أحفادك ومن أسباطك -الذين هم أولاد البنت- مَن يسير على تربيةٍ صحيحةٍ ترضاها، بإذن الله .
وأنا متأكدٌ تمامًا أن كل أبٍ، وكل أمٍّ، وكل مُتزوجٍ أو مُتزوجةٍ يتشوَّف إلى أن تكون ذريته صالحةً، وأنها -بإذن الله - تأخذ بالمنهج الشرعي في الآداب المرعية، والآداب الشرعية.
ولا شك أن هذه أمنية كل إنسانٍ، فما دام الأمر كذلك لنأخذ بأسبابها، ومن أسبابها: أن نرجع إلى كتاب الله وسنة الرسول ، وأن نأخذ بفهم السلف الصالح فيما ذكروه من معانٍ واستنباطاتٍ، سواء في تفسير الآيات، أو في شروح الأحاديث. والأمر في هذا يطول بالمناسبة.
المحاور: جزاك الله خيرًا يا دكتور عبدالواحد.
مهمة التربية مهمة الأمة جمعاء
المتصل: وليس هو حديث عابر، لكن -إذا أذنتم لي يا دكتور خالد- أنا أظن أنه ينبغي ألا نجعل المهمة تنصب في جانبٍ معينٍ، كما يحاول بعض مَن يطرحون هذه القضية في الإعلام؛ حيث يقولون أن التربية مهمة المدرسة وحدها! فمهمة التربية هي مهمة الأمة جمعاء، كل مَن له صوتٌ يُسمع، أو قلمٌ يُقرأ، أو برنامجٌ يُشاهد أو يُسمع، كل هؤلاء مُربون.
المحاور: يعني: التربية يدخل فيها المجتمع كله يا دكتور عبدالواحد؟
المتصل: أنا أقول: بدءًا من الحاكم، وانتهاءً بأصغر مواطنٍ، هذه مسؤولية المجتمع، والأمة ككل؛ لذلك أي تصرفٍ حتى على نطاق المسؤول، ونحن نرى مثل هذا الأمر، يعني: بالتأكيد يا دكتور خالد مرَّت بكم، ومرَّت بكثيرٍ من الإخوة المشاهدين بعض التجارب، أنه حينما يدخل على مسؤولٍ يجد منه البشاشة واللطف .. إلى آخره، فتجده ينقل هذه التجربة بطريقةٍ أو بأخرى، يرسل رسالةً تربويةً إلى مَن تولى ولايةً أن يكون على خلقٍ حسنٍ، ويتعامل تعاملًا طيبًا، وهذا نوعٌ من التربية، ومن الرسائل الإيجابية التي نحن بحاجةٍ إليها.
أين المُعلمون والمُعلمات؟
المحاور: طيب، يا دكتور عبدالواحد -بارك الله فيك- قد يقول الآباء والأمهات: نحن لا شك أننا نتحمل المسؤولية العظيمة من خلال التربية الأسرية، ونُقرّ لكم بهذا، لكن أيضًا أين المعلمون؟! وأين المعلمات؟!
وأنتم يا دكتور عبدالواحد كُلِّفتم بهذه المسؤولية الكبيرة: عميد لكلية التربية بجامعة الدمام، فما توجيهاتكم للأجيال التي ربما تكون في المستقبل هي المربية الحقيقية لأجيالنا؟
المتصل: أنا أقول: الإجابة عن مثل هذا لا يمكن اختصارها في دقائق، لكن الرسالة التي يمكن أن نُوجهها لأبنائنا وبناتنا طلاب وطالبات كليات التربية، ورسالتي هنا لكل مَن يُفكر في الالتحاق بمهنة التعليم، أو يُمارس مهنة التعليم، ولو لم تكن وظيفةً، بمعنى: أن يُسهم في التعليم بطريقةٍ أو بأخرى، حتى ولو لإخوانه أو أخواته في البيت.
أقول: إن الرسائل التي نُرسلها إلى طلابنا وطالباتنا، ومَن يمكن أن يلتحق بمثل هذا: أن هذه هي مهمة الرسل، فعلى الإنسان أن يستشعر هذه المسؤولية، مثلًا: على المستوى المادي المحسوس، حينما تريد أن تجلس في مكانٍ ربما أنت تعرف أنه لكبير القوم، أو مَن له مكانةٌ في الأسرة، أو في المجتمع، أو غير ذلك، يشعر الإنسان بنوعٍ من الرقابة -إن صح التعبير- حينما يقف مثل هذا الموقف، فكيف إذا كنت تتقمص دور رسول الله ؟ فأنت إذن مسؤولٌ عن أجيالٍ.
ولذلك مما يُذكر من قصصٍ في تربية أبناء الخلفاء: أن أحد الخلفاء قال لمُؤدِّب أولاده إن نظرهم عليك وسمعهم إليك أكثر مما يستمعون من أبيهم، وأكثر مما ينظرون إلى أبيهم. وهو والدهم، وخليفةٌ، ومع ذلك كان يقول لمُؤدبهم، وهو المعلم في ذلك الوقت: احذر أن يروا منك تصرفًا فإنهم سيستجيبون له، ويفعلون مثله، ويُقلدونه دون أن يستجيبوا لوالدهم.
وهنا قد حصل في واقعنا تجربةٌ ماديةٌ: حينما ناقشتُ بعض أولادي مرةً من المرات، فقلتُ له: كذا وكذا. قال: لا، المعلم يقول كذا!
أقصد أن كل مَن يتولى مسؤولية التعليم عليه أن يستشعر هذه المسؤولية العظيمة، بل اسمح لي يا دكتور خالد: أنا لي تعبيرٌ ربما أخذته منذ سنواتٍ من القانون الدولي حينما يُعلَّق فيه بما يُسمّى بالخيانة العظمى، وهي محاولة التأثير على الجوانب النظامية الحكومية، أقول: الخيانة العظمى: أن يتولى التعليم مَن ليس أهلًا له، ويرضى ببقائه في مثل هذه المهمة؛ لأنه يُفسد أمةً، وليس مجرد إفسادٍ يسيرٍ.
المحاور: هذه تستحق أن تُكتب بماء الذهب.
شكرًا جزيلًا، جزاك الله خيرًا يا دكتور عبدالواحد.
المتصل: حياكم الله.
المحاور: ونحن والله سُعداء بهذه المُداخلة المباركة، وأسأل الله أن يُعينكم على ما أنتم عليه، وبإذن الله نلتقي معكم في الاستديو في لقاءٍ من اللقاءات القريبة، بإذن الله .
المتصل: جزاك الله خيرًا يا دكتور خالد، وشكر الله لكم، وأسأل الله أن يبارك في جهودكم، وينفع بكم.
وأشكر إخواني في هذه القناة المباركة؛ قناة "زاد"، وأسأل الله الكريم ربّ العرش العظيم أن يُوفقنا وإياكم لما يُحب ويرضى، وأن يتقبل منا ومنكم صالح القول والعمل.
المحاور: شكرًا لك، وجزاكم الله عنا خيرًا.
كان معنا الدكتور عبدالواحد عميد كلية التربية بجامعة الدمام.
أين نحن من كتاب الله ؟
الحقيقة أنه كلامٌ مهمٌّ جدًّا وعباراتٌ مهمةٌ: أين نحن من كتاب الله ؟ وهذا سؤالٌ نسأله لأنفسنا: أين نحن من كتاب الله ؟ أين نحن من التربية على كتاب الله ؟ نقرأه فهل نلتزم بأوامره، وننتهي عن نواهيه؟
وقضية أن الذين يعتنون ويُهيئون أنفسهم لأن يكونوا معلمين لا بد ألا ينسوا أن هذه مهمة الرسل، هي كذلك قضيةٌ مهمةٌ جدًّا.
ثم الخاتمة العجيبة حول ما أسماه بالخيانة العظمى، نعم، فالذي يُربي الأجيال وهو يُدمرهم لا شك أنه يخون الأمة خيانةً عظمى.
جزاه الله عنا خيرًا ، وبارك الله فيه.
***
حياكم الله أيها الإخوة والأخوات، وعودًا حميدًا إلى برنامجنا: "أسس التربية".
غيَّروا المدرسة والسكن ومع ذلك بقيت المشكلة
سألت إحدى الأخوات عن ابنها، وهو ضعيفٌ في شخصيته، وقاموا بتغيير المدرسة، والسكن، والمنطقة، والجامعة التي يدرس فيها؛ حتى لا يتأثر بالبيئة التي هو فيها، ومع ذلك بقيت المشكلة.
كانت الأم تلحظ على ابنها أنه ضعيفٌ في شخصيته، يجرُّه زملاء السوء وأصدقاء السوء بسهولةٍ؛ لذلك قاموا بهذه الإجراءات، وقد كَبُرَ فيَّ -والله- هذا الإجراء الذي قاموا به، يعني: أن يُغيروا المدرسة، ويُغيروا الجامعة، ويُغيروا السكن، ويُغيروا المنطقة من أجل مصلحة أبنائهم، مَن يفعل هذا الفعل؟!
ولا شك أن هذا الإجراء -بغض النظر عن المشكلة، فأنا أتكلم عن قضية إيجاد قرارٍ قويٍّ جدًّا من الأسرة من أجل مصلحة ابنها- أن يُغيروا سكنهم، ويُغيروا منطقتهم، هذا لا شك أنه دلالةٌ ومؤشرٌ لخيرٍ كبيرٍ عند القائمين على تربية هؤلاء.
يبقى أن هذه المشكلة قد بقيت، ولا شك أن هذا أمرٌ مُزعجٌ؛ ولذلك هذه بعض الوصايا، ولعلهم يستفيدون منها، وإذا كان هناك مجالٌ للتواصل المباشر عبر (الواتس آب) الشخصي فيمكن أن يكون مجالًا أكبر -إن شاء الله تعالى- في التواصل؛ لأن الحالة تحتاج إلى جانبٍ من التشخيص أكثر، وأيضًا من المتابعة والرعاية بصورةٍ أكبر، لا شك في ذلك.
أولًا: فيما يتعلق بهذا الموضوع: الابن يحتاج إلى مزيدٍ من تأكيد الذات، فعنده إشكاليةٌ في موضوع تأكيد الذات؛ لأنه لا يستطيع أن يمنع شخصًا ما أن يجره إلى ما يريد، وهذا -في الحقيقة- يحتاج إلى مهاراتٍ في تأكيد الذات؛ حتى يستطيع أن يقول للشيء الذي يريده: نعم، وللشيء الذي لا يريده: لا.
هذه قضيةٌ مهمةٌ جدًّا، فإذا أتاه صديق السوء وقدَّم له المُخدِّر، أو السيجارة، أو الرابط السيئ، أو الفيلم الإباحي، .. إلى آخره، يقول له: لا.
أيضًا تحميل هذا الشاب وهذا الابن المسؤولية؛ حتى يشعر بقيمته، ولا يكون مجرد إمَّعةٍ، قد نكون نحن المشكلة في الأسرة؛ لأننا لا نُحملهم تلكم المسؤولية.
إغراق الأولاد في التقنية الحديثة
دعونا نستقبل اتصالًا من الأخ مقبل من السعودية، تفضل أيها الأخ الكريم.
المتصل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المحاور: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، حياك الله أخي الكريم.
المتصل: أسأل الله أن يحفظكم، وأن يجعلها في موازين حسناتكم، وفي موازينكم الصالحة، إن شاء الله.
المحاور: يا مرحبًا، يا مرحبًا، حيَّاك الله حبيبنا، تفضل.
المتصل: عندي ابني دائمًا يجلس على (الكمبيوتر)، على (الإنترنت)، والآن أكمل المرحلة الثانوية، وأكثر أوقاته على (الكمبيوتر)، وأقول له: يا ولدي، هذا ما يصلح. فيقول: أنا أتابع برامج، وأُقوِّي الدافع بـ(الكمبيوتر) والحاسوب. فبماذا أُوجهه؟
المحاور: طيب، هل لاحظت شيئًا معينًا أخي الكريم؟
المتصل: لا، أنا ما لاحظت، لكنه يقضي وقتًا كبيرًا على (الكمبيوتر).
المحاور: كيف وضعه في الدراسة؟
المتصل: أنهى المرحلة الثانوية، ولكن لم يقبلوه في الجامعة؛ لأنه حصل على خمسةٍ وثمانين، وإلى الآن لم يُحالفه الحظ.
المحاور: يعني: مستواه جيدٌ؟
المتصل: الحمد لله، جيدٌ.
المحاور: وكيف وضعه مع الصلاة، ومع الأخلاق، ومع الأصدقاء؟
المتصل: الحمد لله، هو دائمًا في البيت، وعلى (الكمبيوتر)، وفي الصلاة إذا قلنا له: صلِّ؛ صلَّى، وإذا ما أحد مرَّة.. مرةً. وبعد ذلك يا شيخ أريد منك توجيهًا للمدرسين والمدرسات، ولإرشاد الطلاب.
المحاور: هل أنت مدرسٌ؟
المتصل: لا.
المحاور: طيب، جزاك الله خيرًا، وأبشر، إن شاء الله.
المتصل: أسأل الله أن ينفع بك، وأن يجعل ذلك في موازين حسناتك.
المحاور: شكرًا لك أخ مقبل، بارك الله فيك، وعلى أية حالٍ ما دام أنه سأل سؤالًا مباشرًا فإننا نجيب عنه، وإن كنا قد تكلمنا في موضوع التقنية كثيرًا، ويمكن أن يُرجع إليها، وسنعود إليها في لقاءاتٍ قادمةٍ، وهو من الأشياء المشكلة التي تعترض الأُسَر.
باختصارٍ شديدٍ جدًّا: لا بد أن تكون تربيتنا لأبنائنا قائمةً على قضية الودِّ والحزم، فالود يُعطي الثقة، والحزم يضبط المسار، هذه مهمةٌ جدًّا.
والأُسَر تشتكي؛ لأنها لا تتخذ أسلوب الحزم، لا يوجد نظامٌ، فالأمور مفتوحةٌ، فحينئذٍ يتربى الابن على قضية عدم وجود نظامٍ في البيت، وكذلك ربما تكون هناك قسوةٌ في التعامل؛ فتُصبح القضية أيضًا هروبًا من الابن.
فنُؤكد على هذه القضية بشكلٍ كبيرٍ، وقد دلَّت الدراسات -كما أشار الدكتور عبدالكريم بكار في إحدى سلاسل "التربية الرشيدة"- فيما يتعلق بهروب الأبناء وإغراقهم في التقنية على أن ذلك يعود إلى ضعف إشباع الجانب العاطفي من الأسرة لأبنائها.
وهذا جانبٌ مهمٌّ جدًّا يحتاجه الأخ الكريم، والإخوة عمومًا، ونحتاج جميعًا أن نراجع هذا الجانب، وهو مدى علاقتنا وارتباطنا وإشباعنا للجانب العاطفي لأبنائنا؛ لأن هذا الجانب إذا ضعف فإنهم يجدونه عبر التقنية، فلماذا لا نكون نحن مأوًى لهم؟
فإذن نحتاج أن نُركز على أسلوب التعامل، وكذلك فيما يتعلق بالنظام، وفيما يتعلق بالتعامل مع التقنية، ويحتاج أن نُذكره بالله ، وكذلك حينما يكون مع أصدقاء إيجابيين وطيبين، فإن هذا يؤثر في سلوكه.
ولا شك أن علاقته بالله وحرصه على الصلاة يدل على أن فيه خيرًا، وتحميله المسؤولية وإشغاله قضيةٌ مهمةٌ جدًّا؛ حتى لا يجد وقتًا يكون فيه فارغًا، وكما قال عمر بن الخطاب : "إني لأكره أن أرى أحدكم سبهللًا -أي: فارغًا- لا في عمل دنيا، ولا في عمل آخرة"[6]"قيمة الزمن عند العلماء" للحلبي (118)..
"سبهللًا" حين تعود إليها في القواميس العربية -قاموس اللغة العربية- تجد أن معناها: فارغٌ، هو فارغٌ، ليس مشغولًا في أمور الدنيا، وليس مشغولًا في أمور الآخرة، هذا الفراغ قاتلٌ، وخاصةً في المرحلة التي ذكرها الأخ الكريم، كما قال الشاعر:
إن الشباب والفراغ والجِدَة *** مفسدةٌ للمرء أيّ مفسدة[7]"مفتاح العلوم" للخوارزمي (1/ 425).
الجِدَة: يعني: المال.
فتحتاج إلى العناية بتحميله مسؤوليةً، دعه يشعر بالتعب من العمل الذي يقوم به ويُؤديه، وينام مبكرًا، دعه يشعر بأن وراءه أعمالًا أخرى.
فحين نُشعرهم بذلك، ونُحملهم المسؤولية، ونجعلهم شركاء معنا في هذا الأمر، ولديهم قضايا يعملون بها في الدنيا، ولديهم أعمال خيرٍ وبرٍّ في الآخرة، لا شك أن الواحد منهم لن يجد وقتًا كبيرًا لمثل هذه الأشياء؛ ولذلك ينبغي أن نهتم بمثل هذا الأمر أيّما اهتمامٍ.
وأيضًا أُشير إشارةً مهمةً جدًّا، وهي القدوة، يعني: بعض الآباء يشتكون من الأبناء، وحقيقة الأبناء يقولون: الآباء على هذه الصورة! هم مشغولون مع جوالاتهم إذا جلسنا في الصالة! وفي المجلس هم مشغولون مع الجوالات! فالآباء مشغولون عن أبنائهم، ولا شك أن هذه قدوةٌ سيئةٌ، فنحتاج إلى التنبه لها.
نصيحةٌ عامةٌ للمعلمين والمعلمات
أما النصيحة للمعلمين والمعلمات فهي النصيحة التي أشار إليها الدكتور عبدالواحد المزروع، عميد كلية التربية بجامعة الدمام: أن هذه مهنةٌ عظيمةٌ جدًّا، ينبغي عليهم أن يتحملوا رسالتها، والقيام بها.
وإذا لم يعتزّ المعلم وتعتزّ المعلمة بمهنتها في التعليم، وتصبح القضية مجرد وظيفةٍ فقط يأخذ أو تأخذ عليها راتبًا، لن يستطيعوا أن يُؤثروا في الأجيال.
وفيما يتعلق بالتعامل في البيئات التربوية، والتفاعل التربوي: دلت الدراسات على أن المعلم الذي يكون أكثر تأثيرًا هو أقرب إلى إشباع الجوانب الوجدانية، وتتمثل عنده الخصائص الوجدانية أكثر من غيرها، وهذا تجدونه في الكلام الذي ذكرناه قبل قليلٍ في الدراسة التي أشار إليها الدكتور عبدالكريم بكار فيما يرتبط بقضية انهماك الأبناء في التقنية بسبب ضعف الجانب العاطفي، فمن يتمتع بالخصائص الوجدانية من المعلمين والمعلمات يكون تأثيره أكثر.
إذن نحتاج أن نراجع أنفسنا في مثل ذلك؛ حتى نستطيع أن نعرف كيف تكون علاقتنا بالآخرين؟ وكيف نستطيع أن نكسب الآخرين؟ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ [آل عمران:159].
نحن نحتاج إلى مثل هذه القضايا أيها الإخوة والأخوات.
اتقوا الله ما استطعتم في التربية
معنا اتصالٌ من الدنمارك من الأخت أم يوسف، تفضلي يا أخت أم يوسف.
المتصلة: السلام عليكم.
المحاور: وعليكم السلام ورحمة الله.
المتصلة: يا شيخنا، بارك الله فيكم، وجزاكم الله خيرًا على هذه الإذاعة، صراحةً تُثلج الصدر، وبالنسبة لتربية الأولاد نحن عندنا مشكلةٌ صراحةً.
المحاور: الله يُعيننا وإياكم.
المتصلة: والله العظيم، نسألكم الدعاء، نشكو حالنا إلى الله، والمشكلة عندنا أن الأولاد صاروا يتأثرون بأولاد الغرب، يعني: بالتقنية، وبالترف، وصدقني الواحد يستحي أن يقول الحالة التي وصلت لها الأسرة العربية، وخاصةً الأسرة المسلمة، فنريد منك نصيحةً للآباء قبل الأبناء.
المحاور: جزاكم الله خيرًا.
المتصلة: المشكلة أن الداء في الآباء، وليس في الأبناء.
المحاور: أختي الكريمة أم يوسف: اتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، فهذه المشاعر وهذا الاهتمام بحد ذاته هو شيءٌ عظيمٌ جدًّا؛ فلذلك أنا أؤكد وأقول: لما يقول الله : أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ [النمل:62]، كلٌّ منا لو احتاج ابنه للعلاج الصحي لجأ إلى الله، ودعا الله أن يشفي ابنه.
كذلك نحن بحاجةٍ إلى أن ندعو الله لأبنائنا، وأشدّ من قضية الجانب الصحي ما يتعلق بقضية أفكار أبنائنا، وأخلاق أبنائنا، وتدين أبنائنا: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ.
فوصيتي لكم أيها الآباء والأمهات، وخاصةً الذين يعيشون في بلاد الغربة، ويُعانون معاناةً شديدةً جدًّا: أن تتقوا الله ما استطعتم، وأن تكونوا إلى الله أقرب؛ لأن الله هو الذي سيتكفل بأبنائنا، فالله قادرٌ على أن يرعى أبناءنا.
ثم استخدموا ما استطعتم من الوسائل، اجعلوا بيتكم محضنًا تربويًّا قدر المستطاع، يعني: البيئات، خصوصًا بلاد الغربة، أنا أقول: إنهم دائمًا يحتاجون إلى مزيدٍ من البرامج التربوية، والعلاقات المباشرة، وتنوع البرامج مع أبنائهم؛ حتى يُعوِّضوا النقص الذي في المدرسة، ويُعوِّضوا النقص الذي في الشارع، ويُعوِّضوا هذا الكلام.
يحتاجون -بلا شكٍّ- إلى حوارٍ لأجل تفتيت الشبهات التي ترد إليهم، ويحتاجون إلى قضية الموعظة والتذكير؛ حتى تفتت الشهوات التي يجدونها ذات اليمين وذات الشمال، والله حينما يرى من الآباء والأمهات الصدق في تربية أبنائهم، وهم في تلكم الديار، فالله هو خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [يوسف:64].
ولو تصورنا أن قد بذل الأب والأم ما يجب أن يبذلوه، ولكن الله قدَّر غير ذلك، فلنا أسوةٌ في الأنبياء، يعني: هؤلاء الأنبياء منهم مَن يأتي وليس معه أحدٌ، وهذا نوحٌ حاول وجاهد نفسه مع ابنه، فلم يستطع أن يُحقق الذي يريد؛ لذلك علينا نحن أن نقوم بالواجب من اتخاذ التدابير والأساليب، وأمر هداية الأبناء على الله .
نُكمل فيما يتعلق بقضية أسئلتنا، مثل السؤال الذي ذكرناه عن ضعف الشخصية، وأهمية تأكيد الذات، وقضية تحميلهم مسؤوليةً.
لا بد من البحث عن بيئاتٍ صالحةٍ لابنكم ضعيف الشخصية، مهمٌّ جدًّا أن يكون الابن في بيئاتٍ صالحةٍ، وأن تُبعدوه -ما استطعتم إلى ذلك سبيلًا- عن بيئات السوء، ولن تستطيعوا أن تُبعدوه عن بيئات السوء إذا لم تجدوا له البيئات الصالحة، خاصةً إذا كان هذا الابن في مرحلة الشباب، فهو بأمس الحاجة إلى قضية الأصدقاء.
وإشغال وقت الفراغ مهمٌّ جدًّا لهذا الابن حتى تقوى شخصيته، وينشغل عن قضية الآخرين، وكذلك يجب أن تبحثوا عن أناسٍ يُساعدونكم في البيئات الجديدة التي انتقل إليها، يُساعدونكم في التربية: كمعلمين ناجحين، ومُربين فُضلاء.
أصبح المعلمُ يُشرب الطالبَ الذل والإهانة، ولا يُشربه العلم والمعرفة
معنا اتصالٌ من الأخ رشيد من الكويت، تفضل يا أخ رشيد، حياك الله.
المتصل: السلام عليكم يا دكتور.
المحاور: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصل: كيف حالكم؟ الله يُعطيكم العافية.
المحاور: وإياك حبيبنا، يا مرحبًا.
المتصل: نتمنى أن نكون مشاركين معكم في برنامجكم الطيب، وخاصةً في مهنة التعليم، وخاصةً المعلمين؛ لأننا الآن فقدنا ...
المحاور: يا سلام! أنت معلمٌ أخي رشيد؟
المتصل: أنا طالب دكتوراه قريبٌ من التَّخرج.
المحاور: ما شاء الله، الله يُتمم لك على خيرٍ يا ربّ.
المتصل: ومعلم.
المحاور: ما شاء الله، تفضل يا شيخ.
المتصل: نحن فقدنا الميزة التي كان المعلمون السابقون يتميزون بها، وهي أن أحدهم كان يرى أن هذا الطالب ابنٌ له، وأنه ليس هناك عداوةٌ بينه وبين الآخر.
المحاور: يا سلام! يرى الطالب أنه ابنٌ له!
المتصل: نعم، أما الآن لا، الآن أصبح الأمر يختلف تمامًا إلا مَن رحم الله، تسعون بالمئة صراحةً لو كان لي الحكم عليهم والله لأمرتُ بالإعدام، يعني: أصبحوا -إلا مَن رحم الله- لا خلاقَ لهم.
المحاور: ارفق بهم يا شيخ، فالإعداد عمليةٌ صعبةٌ جدًّا.
المتصل: هو هذا؛ لأن الضرر أصبح أكبر مما يحتمل.
المحاور: أنت يا أخ رشيد تقول: الإعدام، وقبل قليلٍ أستاذنا الدكتور عبدالواحد المزروع عميد كلية التربية بجامعة الدمام قال: الخيانة العظمى، سمَّاها: الخيانة العظمى، حقيقةً يبدو أن هناك فعلًا معاناة، وأن هناك تحديًا خطيرًا ينبغي أن نتنبه له، تفضل حبيبنا.
المتصل: نعم، المسألة كما ذكر أحد الدكاترة في لقاءٍ: أن المعلم أصبح يُشرب الطالب الذل والإهانة، ولا يُشربه العلم والمعرفة، حتى المعلم نفسه لا يعتزّ بانتمائه إلى هذا الدين، وإلى هذه الأمة.
فنحن أمةٌ أقامت حضارةً، وطوَّرت حضارات، وارتقت بالعقول البشرية، لكن نحن ضِعنا في وهم هذه الحياة الزائفة، والحضارة الزائفة، والتكنولوجيا.
المحاور: جزاك الله خيرًا يا شيخ رشيد، وصيتك في الختام؛ لأن الوقت ضيقٌ جدًّا، وكلامك -يعلم الله- جميلٌ، جزاك الله خيرًا، وصيتك الختامية، الله يحفظك.
المتصل: الوصية الختامية: ألا ندفع بأبنائنا إلى معلمين ليسوا مُؤهلين علميًّا، وليسوا بقدوةٍ، هذه هي الوصية.
المحاور: هذه الوصية أخي رشيد، أو هذا الواقع؟
المتصل: لا، لا، واقعٌ ووصيةٌ، الوصية يعني: هناك مؤسستان لا بد أن يُمنع دخول السياسة فيهما، وهما: التربية؛ لأن الجميع يستفيد منها. ووزارة الصحة؛ لأن الجميع يستفيد منها.
فهذه لا بد أن تُبعد عنها السياسة والمصالح الشخصية، فيُقدّم لها المؤهل، ويُقدّم لها الناصح، ويُقدّم لها مَن يريد تطوير هذه البلاد؛ لأن الجميع يستفيد. هذه الوصية.
المحاور: جزاك الله خيرًا، وبارك الله فيك أخ رشيد على مداخلتك.
المتصل: جزاك الله خيرًا.
المحاور: وشكرًا لك على هذه الغيرة، ويبدو أن محور المعلم أو المعلمة من المحاور الساخنة، ولنا فيه نصيبٌ في لقاءاتٍ قادمةٍ، بإذن الله .
يقول لي: صليتُ، وهو كاذبٌ، فماذا أفعل معه؟
لعلنا نكتفي بسؤالٍ أخيرٍ: هذا سائلٌ أو سائلةٌ تقول: ابني عمره ست عشرة سنة، أقول له: اذهب إلى الصلاة. وهو يقول: صليتُ. وهو لم يُصلِّ، بل يجلس عند التلفاز. تقول: تعبتُ، فماذا أفعل معه؟
أسأل الله أن يُعيننا وإياكم على مثل هذه المواقف.
ولا شك أن النفوس تتشوف إلى أن ترى أبناءها من أقرب الناس عبادةً لله .
أولًا: أنا أقول: استمري أيتها الأخت الكريمة في النصيحة، وأنتم أيها الآباء والأمهات استمروا قدر ما تستطيعون.
الأمر الآخر: ينبغي تحسين العلاقة بالأبناء، كالإشارة التي أشار إليها الأخ الكريم قبل قليلٍ من الكويت فيما يتعلق بموقف المعلم مع طلابه، وكذلك موقف الأب مع ابنه، والحوار بالأسلوب المعرفي، والأسلوب العقلاني، والانفعالي مع هذا الابن في قضية مخاطبة هذا العقل، وربطه بالخالق الذي خلقه، وقضية: هل يرضى هذا لأبنائه حينما يكون أبًا؟
هذه المخاطبة العقلية، والمخاطبة الانفعالية والمشاعرية مهمةٌ جدًّا لمحاولة التأثير.
وكذلك استخدام الموعظة التي تُذكره بالموت، وتذكيره بأحد زملائه وقد اختاره الله ، وحصل له حادثٌ، أو توفي، ماذا لو كان مكانه؟! كيف سيكون الشأن وهو على هذه الحال في قضية الصلاة؟!
مع البحث عن أصدقاء أخيار، وإشغال وقته معهم، هذه مهمةٌ جدًّا.
أيها الإخوة والأخوات، بالنسبة للمرحلة المتوسطة، أو الثانوية، أو الجامعية: أنا أوصي بالتأكيد على قضية الأصدقاء؛ لأن الأصدقاء الأخيار سيختصرون طريق التربية بشكلٍ كبيرٍ جدًّا.
وكذلك استخدام التعزيز إذا فعل شيئًا إيجابيًّا، فنقول له مثلًا: كلما حرصتَ على الصلاة سنُعطيك كذا وكذا. وإذا حصل منه النفور مع محاولاتٍ أخرى يمكن أن يُحرم من بعض الأشياء التي يحبها، ونكون أيضًا قريبين منه.
أيها الإخوة والأخوات، الوقت قد انتهى في هذه الحلقة، ونعدكم -بإذن الله- أن نُكمل إجابات الأسئلة المتبقية من اللقاء الماضي ولقاء اليوم التي وردت عبر (الواتس آب).
شكرًا لإخواننا: مداخلاتهم، وأسئلتهم، ومشاركاتهم، وتفاعلهم.
وشكرًا جزيلًا للدكتور عبدالواحد على مداخلته، والشكر موصولٌ لفريق العمل في قناة "زاد" العلمية، وبارك الله فيكم.
والحمد لله رب العالمين.
↑1 | أخرجه الطبري في "تفسيره" برقم (82)، وقال محققه: هذا إسنادٌ صحيحٌ متصلٌ. |
---|---|
↑2 | أخرجه البخاري: كتاب النكاح، باب الأكفاء في الدين، برقم (5090)، ومسلم: كتاب الرضاع، باب استحباب نكاح ذات الدين، برقم (1466). |
↑3 | أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (446)، وحسَّنه الألباني في "مختصر الصحيحة" (1022). |
↑4 | أخرجه ابن ماجه في "سننه" (1968) وقال محققه: حسنٌ لغيره. |
↑5 | أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (590). |
↑6 | "قيمة الزمن عند العلماء" للحلبي (118). |
↑7 | "مفتاح العلوم" للخوارزمي (1/ 425). |