المحتوى
مقدمة
الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
مرحبًا بكم أيها الإخوة والأخوات في حلقةٍ جديدةٍ من برنامجكم الأسبوعي المباشر: "أسس التربية" من قناتكم قناة "زاد" العلمية.
ما زلنا معكم حول التربية من معين النبوة -على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم- وكنا قد شرعنا في اللقاء الماضي من الأسبوع الماضي في الحديث حول حديث النبي المشهور: سبعةٌ يُظلهم الله في ظله يوم لا ظلَّ إلا ظله[1]أخرجه البخاري (660)، ومسلم (1031)..
وتحدثنا حول قول النبي عليه الصلاة والسلام: إمامٌ عادلٌ، وشابٌّ نشأ في طاعة الله، ورجلٌ ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه، ورجلٌ قلبه مُعلَّقٌ بالمساجد[2]أخرجه البخاري (660)، ومسلم (1031)..
وكنا قد وقفنا عند هذه العبارة: ورجلٌ قلبه مُعلَّقٌ بالمساجد، وكم تأتينا استفساراتٌ وأسئلةٌ كثيرةٌ تؤكد حقيقة هذه العبارة: أن هناك مشكلةً مُرتبطةً بتربيتنا الإيمانية، وهذه التربية الإيمانية لا يمكن لنا بحالٍ أن نتحصل عليها ويتحصل عليها أجيالنا إلا من خلال أن يعمروا بيوت الله ، أعني بذلك العنصر الرجالي، وبالنسبة للنساء فصلاتهن في البيت، وكما جاء في الحديث: وبيوتهن خيرٌ لهن[3]أخرجه أبو داود في "سننه" (567)، وصححه الألباني في "مشكاة المصابيح" (1062)..
التقصير في صلاة الجماعة
قضية التقصير في صلاة الجماعة قضيةٌ كبيرةٌ، وفيها تكثر شكاوى الناس على مختلف الأعمار، وتظهر هذه القضية في أعمار المراهقة إذا لم تكن هناك تهيئةٌ مبكرةٌ كما أشرنا سابقًا، كما قال النبي : مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبعٍ، واضربوهم عليها لعشرٍ[4]أخرجه أبو داود في "سننه" (495)، وحسنه الألباني في "مشكاة المصابيح" (572).، بل يوجد مَن يُقصر في صلاة الجماعة حتى من كبار السن.
وقد قلت: من الفقهاء مَن يرى من الناحية الشرعية أن الصلاة في جماعةٍ ليست واجبةً، وإنما هي سنةٌ، وهذا قولٌ عند بعض أهل العلم، وأنا لا أريد أن أدخل في القضية الشرعية؛ لأن هناك قولًا راجحًا بوجوب صلاة الجماعة ... إلى آخره، بل إن هناك قولًا لشيخ الإسلام ابن تيمية بشرطية الصلاة في الجماعة إذا كان الإنسان يسمع النداء ويستطيع.
المقصود أن صلاة الجماعة تفضل صلاة الفَذِّ بسبعٍ وعشرين درجةً كما جاء في الحديث الصحيح[5]أخرجه البخاري (645)، ومسلم (650)..
هذا الرجل الذي قلبه مُعلَّقٌ بالمساجد ليس فقط يُصلي في المسجد، بل جُعلت قُرَّة عينه في الصلاة، فعرف أن هذا المسجد هو بيته، ومأوًى له، ولنفسه، ولمشاعره، فيه يخلو مع الله ، وفيه يتعبد لله ، فتجده أول مَن يدخل، وآخر مَن يخرج.
هذه الصورة عندما يتربى الصغير عليها، وينشأ عليها المراهق، ويشبّ عليها الكبير، لا شك أنها صورةٌ عظيمةٌ جدًّا، نحن في أمس الحاجة لأن نضعها في اعتبارنا؛ لذلك نُوجه نداءً للأسر المسلمة أيًّا كانت، حتى في بلاد الغرب حينما يضعون مُصلًّى قريبًا يجتمع فيه الأطفال والشباب والكبار، لا شك أن هذا عملٌ مباركٌ وعظيمٌ جدًّا.
أحد الدكاترة له نشاطه وارتباطاته وتخصصه ودراساته، فيُحدثني عن ملاحظته لأثر المساجد التي بُنيت هناك في كندا إبان دراسته، ثم بعد ذلك -ما شاء الله! تبارك الله- يقول: فانتشر الخير، وانتشرت الدعوة هناك، وكان للمساجد الأثر البالغ. يقول: وفي السنوات الأخيرة بدأنا نرى قيام الليل بعد أن كنا لا نرى إلا كبار السن في صلاة التراويح، وهم مُقبلون على رمضان، فأصبحنا نرى أن عدد الشباب والمراهقين وكبار السن بدأ يكثر بصورةٍ كبيرةٍ.
بدأنا نرى في بلاد الغرب الشاب العادي بقصة شعره يُصلي، ويحرص على صلاة قيام الليل في آخر الليل في تلكم الديار، وهذه صورةٌ مهمةٌ جدًّا، ولا شك أن التربية على: رجلٌ قلبه مُعلَّقٌ بالمساجد أساسٌ مهمٌّ جدًّا في التربية، ونحتاجه؛ حتى تنشأ أجيالنا على مثل هذه الصفة العظيمة.
طريقته في التحدث إلى الناس
معنا مداخلةٌ كريمةٌ كنا ننتظرها من فتراتٍ طويلةٍ مع أستاذنا الأستاذ الدكتور: عبدالعزيز بن محمد النغيمشي، أستاذ علم النفس التربوي، وعلم نفس النمو، وعميد كلية العلوم الاجتماعية الأسبق بجامعة الإمام، ورئيس قسم علم النفس، وصاحب الكتابات الطيبة المباركة.
أهلًا بك أستاذنا الكريم الأستاذ الدكتور: عبدالعزيز.
المتصل: أهلًا وسهلًا بكم دكتور خالد، وحياكم الله.
المحاور: الله يحييك.
المتصل: وأهلًا بالمشاهدين والمستمعين جميعًا.
المحاور: جزاك الله خيرًا، ونحن -يعلم الله - سعداء جدًّا بمشاركتك يا دكتور عبدالعزيز، وهذا تكريمٌ منكم لنا، بارك الله فيكم، وفي هذا البرنامج، وفي هذه القناة.
المتصل: ونحن كذلك، عسى الله أن يُوفق ويهدي.
المحاور: معكم يا دكتور الكلمة، والمداخلة بعنوان: "التربية من معين النبوة"، ونحن ما زلنا معها عبر لقاءاتٍ سابقةٍ، وفي هذا اللقاء، فتفضلوا بما فتح الله به عليكم، جزاكم الله عنا خيرًا.
المتصل: الله يحييكم، يا أهلًا وسهلًا بكم جميعًا.
لا شك يا دكتور خالد أن هذا الموضوع مهمٌّ جدًّا، وطويلٌ، ومُتشعبٌ، ولكني قد أختصر بعض المسائل التي أرى أنها مهمةٌ، فلعلي لا أستطيع أن أتحدث عن كل شيءٍ، لكني سأشير هنا إلى ثلاثة أمورٍ أساسيةٍ:
فالرسول هو تربية ربه ، والله ذكر ذلك في القرآن فقال: وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:4]، فهو الذي أثبت ووسع وطبق الكثير من المبادئ التربوية المهمة جدًّا جدًّا بأقصر طريقٍ ممكنٍ أحيانًا، وبكافة السبل والوسائل المؤثرة.
وسأشير هنا إلى ثلاث أساسيات:
أول شيءٍ هو: طريقته في التحدث إلى الناس، وتربيتهم، وتوجيههم، مع تباين الناس، يعني: طريقة الرسول في أن يتحدث إلى الناس، ويُربيهم، ويُوجههم على اختلاف طبقاتهم، هذه قضيةٌ مهمةٌ جدًّا، فهو يُحدِّث الصغير والكبير، ويُحدث الجاهل والعالم، ويُحدث الشخص المدني والشخص القروي، ويملك زمام الحديث ملكًا جيدًا وشاملًا له، وهذه النقطة واضحةٌ، فهو يتحدث مثلًا إلى عبدالله بن عباس، وعبدالله بن عمر، وعبدالله بن عمرو بن العاص، وهؤلاء شبابٌ صغارٌ، ويفهمونه، ويأخذون ما يطرحه.
المحاور: لأن قضية التربية يا دكتور تحتاج إلى وسيلةٍ للاتصال، وهذه هي وسيلة الاتصال الحكيمة حينما يتحدث الإنسان مع الكل بما يُناسبه.
المتصل: أحسنتَ: بما يُناسبه، هذه هي المسألة الأولى.
المسألة الثانية تتعلق بالتطبيق، والتدريب، أو ما نُسميه بالتمرين، فالرسول ما هي طريقته؟ هل هي طريقة تلقينٍ فقط؟ والتلقين أحد الطرق، وإلا فالتطبيقات في طريقته كثيرةٌ جدًّا.
فهو لما يُوجه للصلاة يُدرب عليها، ولما يُوجه للأذان يُدرب عليه، حتى التطبيقات التي تتعلق بالورد اليومي وقراءة القرآن، يقول عبدالله بن مسعود : "أخذتُ من في رسول الله بضعًا وسبعين سورةً"[6]أخرجه البخاري (5000).، ويقول عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: "ركبتي إلى ركبتيه"، يعني: يُقرئه[7]أخرجه البخاري (6830).، ويقول الحسن : "علَّمني رسول الله كلماتٍ أقولهن في الوتر"[8]أخرجه أبو داود في "سننه" (1425)، وقال محققه: إسناده صحيحٌ.، ويقول للرجل: ارجع فصلِّ، فإنك لم تُصلِّ[9]أخرجه البخاري (757)، ومسلم (397).، وهكذا حتى طلب منه التعليم، فعلَّمه.
المحاور: وكذلك: صلُّوا كما رأيتُموني أُصلي[10]أخرجه البخاري (631).، وخذوا عني مناسككم[11]أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (9524)، وصححه الألباني في "الإرواء" (1073)..
المتصل: بالضبط، قال: خذوا عني مناسككم وهو يُدربهم ويُطبعهم، فهذه هي المسألة الثانية.
المسألة الثالثة: أنه في الغالب -إن لم يكن دائمًا- يجعل الدافع مُصاحبًا للرسالة التعليمية.
فالدافع مهمٌّ جدًّا، سواءٌ كان دافعًا أخرويًّا، أو دافعًا ماديًّا، أو دافعًا دنيويًّا، عرفت كيف؟
فهذه المسائل مهمةٌ.
فمثلًا: عندما يقول لعبدالله بن عمر رضي الله عنهما: نِعْم الرجل عبدالله لو كان يُصلي من الليل[12]أخرجه البخاري (1121)، ومسلم (2479).، طيب، قوله: نِعْم الرجل ما هو؟ نحن بحاجةٍ إليه، يقول: فليقم الليل، صحيحٌ؟
المحاور: نعم، صحيحٌ، هذا هو المقصد.
المتصل: وقال لأشج عبدالقيس : إن فيك خصلتين يُحبهما الله ورسوله: الحلم، والأناة[13]أخرجه مسلم (17).، وقال لأبي بكرة لما ركع قبل أن يصل إلى الصف: زادك الله حرصًا، ولا تعد[14]أخرجه البخاري (783)..
انظر كيف هذا؟
فضلًا عن القضايا الأُخروية، فالقضايا الأُخروية مربوطةٌ دائمًا بالرسالة التعليمية.
المحاور: يعني: في حديث أبي بكرة يا دكتور، قصدك في جانب الدافع الذي هو قوله: زادك الله حرصًا يعني: مدحه وأثنى عليه؟
المتصل: مدحه وأثنى عليه ودعا له، وفي المقابل يستخدم الرسول الترهيب، وهو دافعٌ، وهذه كلها داخلةٌ في باب ماذا؟
المحاور: الدوافع.
المتصل: باب الدوافع، يقول: ويلٌ للأعقاب من النار[15]أخرجه البخاري (60)، ومسلم (240).، لاحظ، الآن هنا رسالةٌ تربويةٌ أم لا؟
المحاور: فيه رسالةٌ تربويةٌ.
المتصل: لكنها مربوطةٌ بالدافع.
المحاور: هنا دافعٌ أخرويٌّ.
المتصل: طبعًا: ويلٌ للأعقاب من النار، حتى صار كل الصحابة ينظرون إلى أعقابهم، قالوا: نعم، إذا ما انتبه لشمول الماء للرجل عند الوضوء يبدأ ينظر، لا بد أن يغسل رِجْلَه وإلا صارت مشكلة، فهذه الأمور سنشير إليها إشارةً سريعةً.
المحاور: والله هذه أمورٌ مهمةٌ يا دكتور عبدالعزيز، أنتم تحدثتم الآن عن طريقة النبي في التحدث مع اختلاف المُتحدَّث معهم، وكذلك طريقته في العناية بالتطبيق، وليس فقط بقضية التلقين، وكذلك أهمية إبراز الدافع، فالدافع هو الذي يدفع الإنسان للسلوك.
المتصل: المصاحبة للرسالة التربوية، جاء التربويون والنفسيون وبحثوا، وأُعدت البحوث الكثيرة جدًّا، فترى الآن أبحاثًا في هذه الأبواب، وصاروا يُسمون هذه الأشياء: شروط التعلم.
شروط التعلم
لو ترجع الآن إلى بعض الكتب في علم النفس التربوي، أو في أبواب التربية لما يتحدثون عن الوسائل وكذا يشيرون إلى أن للتعليم ثلاثة شروطٍ:
الأول يُسمونه: شرط النُّضج؛ لأنه يتعلق بالنمو، فلا بد أن يكون الشخص مُتهيئًا للمربي، بمعنى: أنه لا بد للمربي أن يُراعي المتربي.
المحاور: يُراعي مرحلته.
المتصل: فمدرس الابتدائي يختلف عن الثانوي، ويختلف عن الجامعي، ويختلف عن الطفل الصغير الذي عمره ثلاث سنواتٍ، وهذا يُسمى: النُّضج.
المحاور: أيضًا يا دكتور عبدالعزيز قد تكون الفروق الفردية داخلةً في موضوع النضج، أليس كذلك؟
المتصل: بمعنى آخر: أن طريقة الرسول شملت هذا وغيره، حتى فروق الكبار، ومراعاة فروق داخل الأفراد.
وقالوا أيضًا: إنه لا يتم التعليم بدون التمرين.
المحاور: يا سلام! هذه النقطة الثانية؟
المتصل: طبعًا، ما يمكن أن يتم التعليم إلا به، يعتبرونه شرطًا من شروط التعلم.
المحاور: إذن: النضج، والمران.
المتصل: نعم.
والثالث: لا بد أن يكون عنده دافعٌ، فكيف يتعلم المتعلم بدونه؟!
فهذه المسائل اعتبروها، وبحثوها، ووضعوها، فيمكن للمتخصصين الآن أن يبحثوا عن عِللنا في التربية من أين أتت؟ أحيانًا في البيوت، وأحيانًا في المدارس، وأحيانًا في الإعلام.
المحاور: تقصيرنا في أحد الشروط الثلاثة.
المتصل: تقصيرنا في هذه الشروط يُحْدِث الخلل: إما أننا غير قادرين على التحدث إلى الناس على اختلاف حياتهم ومراحل نموهم.
المحاور: الذي هو النضج؟
المتصل: نعم، أو أننا نظريًّا نتكلم ونقول ولا نُدرب، ولا نُطبق، ولا نُمرن، أو توفر عندنا الأول والثاني، لكننا ...
المحاور: لا يوجد دافعٌ.
المتصل: التربية جافَّةٌ؛ لذلك هذه مشكلةٌ، حتى بالنسبة للآباء والأمهات لا بد أن يكون عندهم دافعٌ، والدوافع كثيرةٌ.
ولا ينظر الناس للدوافع على أنها إعطاء الفلوس فقط، أو دافعٌ أخرويٌّ فقط، فالدوافع التي استخدمها الرسول أنواعٌ.
المحاور: جزاك الله خيرًا يا دكتور عبدالعزيز، الحقيقة أن شروط التعلم يمكن أن نقول فيها: إنها شروط التربية التي هي: النضج ومراعاة النضج، ومراعاة المران والتدريب، ومراعاة الدافع.
الحوار بين الزوجين
دكتور عبدالعزيز -حفظك الله- نحن نريد أن نستغل مشاركتك معنا في الإجابة عن بعض الأسئلة التي تكثر في الاستشارات، فنريد أن نستغل تواجدك معنا، الله يُعطيك العافية، ويُبارك فيك.
لدينا قضيتان أساسيتان:
القضية الأولى مما يرد في الاستشارات الأسرية: ما يتعلق بالحوار بين الزوجين، يقول الزوج: إنني أحاور، ولكن لا أجد نفعًا. وتقول الزوجة كذلك.
فهل لك يا دكتور إطلالةٌ حول هذه القضية وما يتعلق بها وأهمية الحوار؟
نعم، الموضوع طويلٌ وكبيرٌ، لكن لو تتكلم عن بعض النقاط الرئيسة، جزاك الله عنا خيرًا.
المتصل: معين التربية النبوية فيه لفتاتٌ وتنبيهاتٌ وتطبيقاتٌ في تعامل الرسول مع أم سلمة، ومع عائشة، ومع ابنته فاطمة، ونحن نقول: التفاعل هو العنصر الرئيسي في التفاهم، وهو عنصرٌ رئيس في إحداث التأثير بين طرفين، ففاطمة رضي الله عنها كانت إذا دخلت على النبي قام إليها، فأخذ بيدها، وقبَّلها، وأجلسها في مجلسه[16]أخرجه النسائي في "سننه" (5217)، وقال محققه: إسناده صحيحٌ..
المحاور: أخذ بيدي، ورحب بي، وأجلسني في مكانه.
المتصل: "وأجلسني في مكانه، وإذا دخل عليَّ فعلتُ نفس الفعل"، أتوقع أن البادئ هو الرسول .
المحاور: نعم، البادئ هو الرسول .
المتصل: نعم، البادئ هو الرسول ، وهذه يُسمونها: قاعدة تبادلية.
المحاور: تبادلٌ في العلاقات.
المتصل: في العلاقات، وهذه يبحثها الاجتماعيون كثيرًا، ويقولون: إن التبادل في العلاقة له أهميةٌ كبيرةٌ في إحداث التأثير، وفي القرآن، وفي أحاديث الرسول .
ففي القرآن كقوله: وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا [النساء:86]، وطبيعة السلام الذي يدعو إليه الإسلام -أن تُسلِّم ويُردّ عليك السلام- طبيعةٌ تفاعليةٌ، هذا جانبٌ تفاعليٌّ؛ ولذلك تجد الذين يُسلمون على بعضٍ يتفاعلون مع بعضٍ أكثر من الذين ينصرفون ولا يهتمون، يمكن أن تمر فتُسلم عليه، ولا يُسلم عليك، ما يردّ عليك.
المحاور: إذن لا بد من التفاعل بين الزوجين؛ لأجل أن يكون هذا الحوار مفيدًا ونافعًا، ومن خلال إطار التبادل في العلاقات، كذا يا دكتور؟
المتصل: نعم، وله استراتيجيات، وله آليات، وله قواعد، وله أحاديث كثيرةٌ من أحاديث الرسول .
المحاور: بارك الله فيك.
المتصل: أنا تحدثت عن هذا الموضوع في باب التفاعل.
المحاور: في كتابكم "علم ...".
المتصل: "علم النفس الدعوي".
المحاور: يا سلام! وكثيرٌ يا دكتور.
المتصل: وأنا عندما تأتيني أسئلةٌ في هذه الموضوعات أنصحهم دائمًا بقراءة القرآن، وتلمس الآيات، وكذلك الأحاديث، وأقول لهم: ارجعوا -مثلًا- إلى باب التفاعل، وأنا أعود إلى هذه النقطة أيضًا.
انظر: أي بيتٍ لا ينجح في الحوار أنا أعتبر هذا البيت فيه نقصٌ كبيرٌ جدًّا، وينعكس على الجميع، على الصغير والكبير.
المحاور: جميلٌ.
المتصل: لا بد من وجود الحوار في البيت، بمعنى: أني آخذ وأُعطي، وأتقبل الرأي الآخر، أو أسمع على الأقل الرأي الآخر، وأُقدر الرأي الآخر، وأُعطي رأيي، ولا أُصر على أن رأيي هو الصح، ورأيي لا بد أن تقبلونه، وما نسمع للآخرين.
المحاور: كما قال الشافعي يا دكتور: قولي صوابٌ يحتمل الخطأ، وقول غيري خطأٌ يحتمل الصواب.
المتصل: طبعًا يضع نفسه في موضعٍ يريد من خلاله أن يكون الطريق إلى الآخر مفتوحًا، وهذا أمرٌ مهمٌّ، هل تريد من زوجتك أن تتجاوب معك؟ دعها تشعر أن الطريق بينك وبينها مفتوحٌ، دعها تشعر أنها على صوابٍ في بعض الأحيان؛ لأنها بالفعل قد تُصيب أحيانًا، فليس معقولًا أنها على غلطٍ بشكلٍ دائمٍ، والعكس صحيحٌ، فبعض الأزواج والزوجات يعتقد أن كل الذي يقوله الزوج ليس صحيحًا.
المحاور: نسأل الله أن يُؤلف بين الأزواج، اللهم آمين.
الحوار مع المراهقين
النقطة الثانية يا دكتور هي: قضية تفاجئ الوالدين في مرحلة المراهقة بانحرافات بعض أبنائهم في قضية الدخان، أو قضية المواقع الإباحية، أو ربما ما يتعلق بالأفكار المنحرفة، وما شابه ذلك، كما تأتينا في الأسئلة.
المتصل: النقطة التي تتعلق بالمراهقين هي مُرتبطةٌ بالنقطة الأولى؛ لأن البيت الذي فيه حوارٌ، وفيه جلسات مناقشة، وسواليف متبادلة، وانفتاح على الأولاد، وصداقة مع الأولاد، هذا البيت نادرًا ما تحدث فيه إشكالياتٌ كبيرةٌ.
نحن لا نقول: إن هذا الشيء ينقطع، لكن يقلُّ.
والشباب -خاصةً المراهقين- عندهم مسائل مهمةٌ يحتاجون إليها، فلا بد أن يجدوا آذانًا مُصغيةً لهم، ولا بد أن يجدوا صدورًا تستقبلهم من الأم، والأب، والإخوة الكبار، والأعمام، والأخوال، وإمام المسجد، يحتاجون من الكبار أن يفتحوا صدورهم لهم.
وليس معنى فتح الصدور أن يقول: أنا عمري ما رددته، لو سألني شيئًا أُجيبه. لا، هذا لا يكفي، لا بد أن يشعر أن هذا صديقه، وأنه يمكن أن يرجع إليه، ويشكي إليه حزنه وهمومه وغمومه.
المحاور: ويُعطيه فرصةً لإبداء رأيه.
المتصل: نعم، نعم.
الأمر الثاني: أننا عندنا مشكلةٌ قائمةٌ وموجودةٌ، وهي تأخير الزواج، وقد يقول بعض الآباء وبعض الأمهات وبعض المُربين: إن العصر تغير، ولا يمكن للشاب أن يتزوج مبكرًا.
لا، هذا الشيء قد يكون مقبولًا عندي بحكم أنه صار ديدنًا وعادةً وضرورةً أو حاجةً، لكنه صنع مشكلةً، ولا يمكن أن نقول: ما صنع مشكلةً.
المحاور: أنت تقصد يا دكتور: أن الزواج سيكون وقايةً للشاب؟
المتصل: طبعًا، ما في شك أنه لو تزوج بطريقةٍ سليمةٍ صحيحةٍ، واختار الخيار المناسب، واجتهد في هذا؛ كل المشكلة ستنتهي، كلها، ما تصير عنده مشكلةٌ.
كتاب "علم النفس الدعوي"
المحاور: بارك الله فيك يا دكتور عبدالعزيز، وفي الحقيقة نحن مُستأنسون بحديثكم، ويسألوننا يا دكتور عبدالعزيز عن كتابكم المُوفق "علم النفس الدعوي"، ألا يمكن أن تكون هناك نسخةٌ موجودةٌ بصيغة (pdf) على (الإنترنت) يُستفاد منها في مشارق الأرض ومغاربها؟
أنا تلقيت هذا الطلب قريبًا من خارج المملكة؛ نظرًا لحاجتهم لمثل هذا الكتاب، ونحن نعلم حاجة المربي إلى مثل هذا الكتاب، فهل هناك شيءٌ من البُشريات في هذا الموضوع، الله يحفظك؟
المتصل: نحن الآن بصدد التوسع في الكتاب، فقد أضفنا له ثلاثة أبواب، وكان الكتاب خمسة أبوابٍ، والآن صار ثمانية أبوابٍ، وكانت الأبواب الخمسة هي: الأهداف التربوية، والدافعية، والتفاعل التربوي.
المحاور: والنمو، والشخصية.
المتصل: والنمو، والشخصية، والآن أُضيفت إليه: مصادر المعرفة، والتعلم، ومشكلات الطفولة من المنظور الإسلامي.
فنحن بصدد الانتهاء منه هذه الأيام، وسنُعطي الإذن بالطبع بناءً على التوسع الذي فيه، وسنطرحه للقراءة والاطلاع، وإن شاء الله يصير في متناول الناس.
المحاور: جزاكم الله خيرًا يا دكتور عبدالعزيز، وسعداء بكم، وهذه إطلالةٌ رائعةٌ جدًّا، بارك الله فيكم، ونفع بكم الإسلام والمسلمين، وشكرًا لكم.
المتصل: وأنا أشكركم، وأشكر الإخوة المشاهدين، وأسأل الله أن ينفع بالجميع.
المحاور: جزاك الله خيرًا يا دكتور عبدالعزيز.
كان معنا الدكتور عبدالعزيز بن محمد النغيمشي، أستاذ علم النفس -وفَّقه الله-، وقد أتحفنا بهذه الإطلالات الرائعة، وكفاه معينًا، وأنا أنصح لله إخواني الكرام بأن يستفيدوا من كتابات هذا الرجل، وفقه الله وسدده.
يعني: أدركنا أهمية شروط التعلم، وشروط التربية، ثم أيضًا الإجابة عن قضية الحوار بين الزوجين وداخل الأسرة، وقضية ما يتعلق بانحراف المراهقين، وهي كلماتٌ في الصميم، أدعو الإخوة إلى أن يعودوا إليها مرةً أخرى من خلال قناة "زاد" على (اليوتيوب).
الحب في الله
دعونا نكمل مشوارنا حول التربية من معين النبوة، وحديث النبي الذي ما زلنا بصدده: ورجلان تحابَّا في الله[17]أخرجه البخاري (660)، ومسلم (1031).، وهذه القضية من القضايا المهمة جدًّا، وهي ترتبط بقضية أعمال القلوب التي لا نُنكرها، خاصةً ما يرتبط بالجانب الانفعالي والوجداني المرتبط بقضية الحب والكره والتعلق، وما شابه ذلك.
القلوب أيها الإخوة، قلوبنا وقلوب أبنائنا وبناتنا إذا تعلَّقت بالله أصبحت العلاقات بين البشر ترتبط بما يُحبه الله ويرضاه، فتكون العلاقة مبنيةً على أساس حب الله .
تحابّ اثنان: محمد وإبراهيم، وهما من أسرتين مختلفتين، لكن علاقتهما ليست لدنيا يُصيب أحدهما منها، ولا لشهواتٍ، وإنما العلاقة لله ، يعني: محمد يُحب إبراهيم لأنه صاحب دينٍ، وصاحب عبادةٍ، وصاحب خلقٍ ... إلى آخره، ويستفيد منه، وهكذا بالعكس.
كيف نُربي أولادنا على العقيدة الصحيحة؟
معنا اتصالٌ من الأخت أم يونس من المغرب.
تفضلي يا أم يونس، حياكم الله.
المتصلة: السلام عليكم ورحمة الله.
المحاور: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصلة: هل يمكن أن أسألك: كيف نُربي أولادنا على العقيدة الصحيحة؟ وكيف نُعوِّد بناتنا على الحجاب؟
المحاور: جزاكم الله خيرًا يا أم يونس، وبارك الله فيكم، ووفقكم.
المتصلة: وإياك.
المحاور: الأخت تسأل -وهي من بلاد المغرب كما فهمت- حول قضية هذا الحرص الكبير الذي يكون عند الأمهات: كيف أستطيع أن أُنشِّئ أبنائي على العقيدة الصحيحة، وأُنشِّئهم على الحجاب؟
أنا أنطلق من كلام الدكتور عبدالعزيز قبل قليلٍ فيما يتعلق بشروط التعلم والتربية: لا بد من التحدث، لا بد لنا من خطابٍ بيننا وبين أبنائنا وبناتنا في تعليم العقيدة الصحيحة بما يُناسب أعمارهم، وكذلك تعليمهم أحكام الحجاب وما يتعلق به من الناحية الشرعية، وأن يكون ما نقوله لهم نخاف فيه الله .
أيضًا التطبيق مثلًا في موضوع الحجاب: البنات في موضوع رؤيتهن للأمهات، فكلما كانت الأمهات قدواتٍ لبناتهن، ومُحسناتٍ في طريقة التعامل، ومُجيداتٍ لقضية التوجيه، ومُلتزماتٍ بالستر والعفاف والحجاب، وما شابه ذلك؛ ستكون بناتهن على نفس هذا الاتجاه.
الجانب الثالث -كما ذكر الدكتور عبدالعزيز-: ما يتعلق بالدافع، فحينما نقول لبناتنا ولأبنائنا: يا أبناءنا، إن هذا الأمر الذي تقومون به وتعتقدونه سيُنجيكم من نار جهنم، وسيُدخلكم الجنة.
وكذلك نقول للبنات: إن هذا الحجاب سترٌ لكن في الدنيا وفي الآخرة، فنُعطيهن الدافع الأخروي، وكذلك نُعطيهن الدافع المادي إن كن صغارًا؛ حتى ينشأن على الحجاب.
وكذلك نتعامل مع الكبار بالثناء والمدح وإدخال السرور عليهم، كما جاء في حديث النبي : نِعْم الرجل عبدالله لو كان يُصلي من الليل[18]أخرجه البخاري (1121)، ومسلم (2479)..
لعل في هذه الإجابة كفايةً للأخت أم يونس من المغرب.
سؤالٌ عن التعامل مع التقنية
معنا الأخ محمد الدولاب من السعودية.
تفضل يا أخ محمد.
المتصل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المحاور: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصل: كيف حالك يا دكتور خالد؟
المحاور: أهلًا بمحمد الدولاب، الظاهر أنك طالبنا في كلية التربية؟
المتصل: نعم، وأتشرف بذلك يا شيخ.
المحاور: أهلا وسهلًا بالطالب المثالي، يا مرحبًا بك يا أخ محمد، وإن شاء الله دكتور المستقبل.
المتصل: بإذن الله، الله يجزيكم خيرًا.
المحاور: أنا سعيدٌ باتصالك، وزملاؤك الذين يُحبونك -وأذكرهم سريعًا: السهيمي ووليد- قد أتعبوني في الرسائل اليوم، وقالوا لي: ستكون مداخلةٌ للدولاب في برنامجكم! فأنا سعيدٌ بطالبٍ مثلكم، ومباركٌ لك التخرج، وأنت من الطلاب المتميزين، بارك الله فيك.
المتصل: الله يبارك فيك، ونحن أسعد بذلك: أن نتكلم مع أمثالكم يا شيخ.
المحاور: تفضل يا أخ محمد، حياك الله، الله يحفظك.
المتصل: بسم الله الرحمن الرحيم، أنا يا دكتور ممن حظوا وحصل لهم الشرف والفخر بالتتلمذ بين أيديكم، سلمها الله.
المحاور: الله المستعان يا شيخ.
المتصل: ولقد استفدتُ منكم الكثير بدون مبالغةٍ.
المحاور: غفر الله لنا ولك، أعطنا سؤالك يا أخ محمد، أخشى أن نُغلق السماعة عليك، جزاك الله خيرًا.
المتصل: الله يجزيك الخير، هذا من تواضعكم.
المحاور: غفر الله لك.
المتصل: يا دكتور خالد، في ظل الانفتاح الفضائي، وكثرة البرامج، نجد أن البرامج سلاحٌ ذو حدَّين -إن صحَّ الوصف-، والتي أتتنا من كل حدبٍ وصوبٍ، ففيها كثيرٌ من المنكرات، والأُسَر تخاف على أبنائها من هذه البرامج، والسؤال: كيف تُعزز الأسرة مبدأ مراقبة الله لدى أبنائها، واستشعار ذلك؟ وما الأسلوب؟
المحاور: في التعامل مع التقنية؟
المتصل: إي، نعم، يُعززون مبدأ مراقبة الله لدى أبنائهم.
المحاور: جميلٌ.
المتصل: واستشعار ذلك، وهل الأسلوب الأجدى والأنفع هو الترغيب، أم الترهيب، أم يجمع بينهما؟
المحاور: بارك الله فيك يا أخ محمد.
المتصل: حفظكم الله.
المحاور: وأكرر أنني سعيدٌ، وإن شاء الله نراك دكتورًا قريبًا، بإذن الله .
المتصل: جزاكم الله خيرًا، وجعل ذلك في موازين حسناتكم.
المحاور: سلِّم لنا على زملائك الشباب -الله يخليك- وشكرًا لك يا أخ محمد.
سؤالٌ عن أفضل الأساليب التطبيقية في الغربة
عفوًا، معنا الأخ أبو عمر من بريطانيا.
تفضل يا أبا عمر.
المتصل: السلام عليكم يا دكتور.
المحاور: وعليكم السلام ورحمة الله.
المتصل: أشكرك وأشكر الدكتور عبدالعزيز على المشاركة الطيبة.
المحاور: حيَّاك الله.
المتصل: فقد استفدتُ منها، وعندي سؤالٌ أُحب أن أسأله وأستفيد من الإجابة، وأُفيد الناس؛ لأننا نعيش في الغربة يا دكتور، خاصةً في الدراسات الطويلة مثل: دراسة (الدكتوراة)، والتي تحتاج إلى خمس سنواتٍ، وبالتالي العوائل عندها إما أطفالٌ صغارٌ، أو عندهم مُراهقون يعيشون فترةً طويلةً في الغربة، ويُشاهدون أشياء كثيرةً.
فهناك نقطةٌ محددةٌ أريد أن أسأل عنها، وقد ذكرها الدكتور عبدالعزيز: هناك أسلوبٌ استخدمه الرسول ، وهو من الأساليب التطبيقية، وليس أسلوب التلقين فقط، فنحن -مثلًا- في الغربة نعيش فترةً طويلةً الآن، ومع التواصل الاجتماعي، وكذلك المشاهد المُضرة، والمدارس، وأنت تعرف الغربة يا دكتور، لكن ما أفضل الأساليب التطبيقية؟ يعني: كيف نقتدي بالرسول ونُفيد أبناءنا، سواءٌ كانوا أطفالًا أو مراهقين؟ كيف نُرسخ في أذهانهم بعض الأفكار والقيم؟
المحاور: في بلاد الغربة؟
المتصل: طبعًا في بلاد الغربة.
المحاور: أنت تقصد يا أبا عمر وجود التناقض بين ما يتعلمه الواحد، مقابل المجتمع المفتوح هناك؟
المتصل: صحيحٌ، خاصةً وأن التلقين موجودٌ في الغالب، حتى بدأت أرى بعض العوائل بجانبي ...، فالتلقين موجودٌ، لكن ماذا عن التطبيق؟ ما الأساليب التي تُؤثر بالضبط؟
المحاور: واضحٌ، أبشر، أبشر.
المتصل: وتُقارع هذا السيل الجارف في الغربة؟
المحاور: أشكرك على غيرتك يا أبا عمر، وشكرًا على مشاركتك من بريطانيا، شكرًا لك، الله يحفظك، وإن شاء الله تسمع الإجابة.
شكرًا لك يا أبا عمر.
سؤالٌ عن كيفية ربط الأبناء بالدين
ننتقل أيضًا إلى الأخت أم زكريا من الجزائر.
أم زكريا، تفضلي.
المتصلة: سلامٌ عليكم يا شيخ.
المحاور: وعليكم السلام ورحمة الله.
المتصلة: يا شيخ، أنا -الحمد لله- رُزقت بخمسةٍ من الأبناء وبنتٍ، والحمد لله كلهم راشدون ويُصلون، لكن كيف أُعلِّق قلوبهم أكثر بهذا الدين ومجالس الذكر؟ خاصةً إذا كان الزوج غائبًا دائمًا؛ لأنه يسعى على لقمة العيش.
المحاور: أعمارهم كم يا أم زكريا؟
المتصلة: الابن الكبير واحدٌ وعشرون، والأصغر توأم ست سنوات، فعندي خمس ذكورٍ وبنتٌ.
المحاور: ومحافظون على الصلاة، الحمد لله؟
المتصلة: الراشدون: البنت تسعة عشر، والولد، نعم -الحمد لله- محافظون على الصلاة، لكن أريد منهم أن يكونوا أكثر التزامًا.
المحاور: طيب، شكرًا على حرصك.
المتصلة: أريد أكثر يا شيخ، وأنا والله مُجهدةٌ وحدي.
المحاور: جزاك الله خيرًا يا أم زكريا، وبارك الله فيك، أبشري، إن شاء الله تعالى.
طيب، الأسئلة ما شاء الله! تبارك الله!
وأنا أعتذر للإخوان الذين يسألون عبر (الواتس)، فما زالت عندي أسئلةٌ من اللقاءات الماضية إلى الآن لم تتيسر لي الإجابة عنها، وهي أمامي، وهي مجموعةٌ من الذين سألوا في الأسابيع الماضية، لكن نعدهم -إن شاء الله- أننا سنُجيب عنها قبل أن تنتهي دورة هذا البرنامج قبل رمضان -بإذن الله -، فليتحملونا، أو يُراسلونني على الخاص فيما يتعلق بالهاتف الاستشاري المعلن عنه من خلال (البرومو) الموجود في البرنامج، أو يُراسلون الإخوان ويُعطونهم الهاتف الاستشاري الخاص بي، ويُراسلونني عبر (الواتس آب) إن كان الأمر مستعجلًا، وإلا فهناك بعض الأسئلة متبقيةٌ إلى الآن.
الإجابة عن سؤال: التعامل مع التقنية
بالنسبة لأخينا الطالب العزيز: محمد الدولاب -جزاه الله خيرًا- وسؤاله في محله، وهذا السؤال -كما نقول دائمًا- يُمثل هاجسًا كبيرًا جدًّا في ظل الانفتاح الإعلامي والتقني لأجيالنا: أطفالًا ومراهقين، وحتى الكبار من خلال ما أراه في الأشياء التي تأتيني حتى للأسنان الكبيرة والأسنان الصغيرة، ناهيك عن مرحلة المراهقة: ذكورًا وإناثًا، مثل: قضية مراقبة الله .
يعني: المطلوب منا أن نقترب من أبنائنا، ونقوم بالتوجيه، ورعاية النقاط التي ذكرها الدكتور عبدالعزيز والخاصة بالنضج، وقضية التطبيق، وقضية الدوافع.
فكل هذه الأشياء مطلوبةٌ بلا شكٍّ ومهمةٌ، لكن يبقى النجاح كما قال الأخ محمد -بارك الله فيه- في قضية زرع مراقبة الله ، وهي قضيةٌ قلبيةٌ تحتاج إلى تعمق الأجيال في علاقتهم بكتاب الله.
والطالب الكريم من خريجي كليتنا في هذا الفصل الدراسي، وهو من طلاب الدراسات القرآنية.
وأنا أُحمِّلك أخي محمد وأُحمِّل زملاءك وكل طلاب كليات التربية المسؤولية في المستقبل القريب -بإذن الله- كمعلمين للأجيال، فالآن أنتم الذين تحملون تخصص الدراسات القرآنية.
وكتاب الله معينٌ لا ينضب، فينبغي أن يخرج الطالب من كل حصةٍ دراسيةٍ بجرعةٍ رائعةٍ جدًّا، مختلفة الوسائل والأساليب: من قصةٍ، ومثلٍ، وتطبيقٍ، وتكاليف فرديةٍ وجماعيةٍ، وورش عملٍ، ... إلى آخره، من خلال كتاب الله ، وألا تكون القضية بالنمطية التي يشتكي منها الكثيرون -للأسف-، حتى صارت حصص القرآن عند بعض الطلاب من الحصص الميتة -للأسف الشديد-، وهذه قضية الأساتذة المعنيين بمثل هذه الحصص، فإنهم يتحملون هذا أمام الله .
وأجيالنا قريبون من الخير؛ لذلك من أعظم ما يُعزز قضية مراقبة الله : الوقوف عند آيات الوعد والوعيد، وهذه قضيةٌ مهمةٌ جدًّا؛ لذلك كان الصحابة يُقرئون أبناءهم منذ نعومة أظفارهم ما يتعلق بعلامات الساعة، وما يرتبط بها، وهم صغارٌ.
فتعظيم أمر الله في القلوب من خلال مشاهد يوم القيامة، ومن خلال الوعد والوعيد، والجنة والنار؛ قضيةٌ مهمةٌ جدًّا أيها الإخوة، وثلث القرآن قائمٌ على هذا الأساس.
وكذلك الجانب القصصي: لما نقرأ قصة يوسف في سورة يوسف، تلك القصة العظيمة المؤثرة جدًّا، ونقرأ موقفه من امرأة العزيز: مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ [يوسف:23]، عندما نقف عند هذا الحدث ونقول: ما الذي جعل يوسف الذي أُوتي شطر الجمال يأبى، وامرأة العزيز التي دعته ذات منصبٍ وجمالٍ، وهي في قصرها؟ إنه الله الذي حفظه، هذه هي القضية.
وهذه الأساليب وتنوعها -أخي محمد- من القضايا التي نحن في أمس الحاجة إليها؛ لذلك لا بد من تنويع وسائل التربية على قضية مراقبة الله ، والنموذج والقدوة بالقصة، وكذلك بالمثل.
حينما يكون المعلم مثلك -يا أخي محمد- وكل من يكون معلمًا، وحينما نكون آباء، وحينما نمتثل مراقبة الله فعلًا، ويُرى هذا الشيء لدينا، فلا شك أن هذا مما يُعين المجتمع والأجيال على قضية مراقبة الله .
الإجابة عن سؤال: ما أفضل الأساليب التطبيقية في الغربة؟
بالنسبة لأخينا أبي عمر من بريطانيا: جزاك الله خيرًا أخي أبا عمر على حرصك، وما يتعلق بهذه القضية فإنها من القضايا الشائكة جدًّا.
نعم، هناك تحدٍّ كبيرٌ للأُسر في الغربة، وهو: أن النموذج الذي يُقدم -حتى النموذج المتعلق بقضية التحدث فقط والجانب النظري، ناهيك عن النموذج المتعلق بالجانب التطبيقي والدوافع ... إلى آخره- يُعارضه الشارع، وتُعارضه المدرسة ... إلى آخره.
هنا -الحقيقة- نحتاج إلى بديلٍ لتعويض هذا النقص، هذا البديل يأتي من خلال محضنين:
المحضن الأول من خلال الأسرة نفسها؛ فلا بد أن تحاول الأسرة أن تستنفر في التعويض، وأن توجد مشروعًا تربويًّا داخل الأسرة، وهذا المشروع قائمٌ على جانب النضج، وعلى جانب التطبيق، وعلى جانب الدوافع التي ذكرها الدكتور عبدالعزيز، وفقه الله.
وعندئذٍ لما نأتي للتطبيق فنحن نعرض (فلاشات)، ونعرض مقاطع، ونعرض مواقف، ونعرض قصصًا، ونعرض تطبيقًا عمليًّا.
فحين نقوم بقضية الوضوء -وهم لا يأخذونه في المدرسة- أُطبق الوضوء فأتوضأ أمامهم ... إلى آخره، بدلًا من قوله لفظيًّا فقط.
وحين نصلي نبين لهم الصلاة: كيف تكون؟ وما شابه ذلك.
فكل صورةٍ من صور التطبيق ممكنةٌ، وإذا أُسس وحُمي فلا شك أن هذا أمرٌ عظيمٌ جدًّا.
الجانب الثاني أو المحضن الآخر: هو محضن خارج البيت، وهذا المحضن متعددٌ: كالمسجد -وهذا رقم واحدٍ- والمدرسة؛ خاصةً إذا كان بالإمكان عدم الدراسة في المدارس الأجنبية، والدراسة في المدارس الإسلامية التي تحتضن الجاليات الإسلامية، فهذا لا شك أنه هو الأولى، وهو الأساس، لكن لو كان هناك ابتلاءٌ؛ فعلى الأقل تكون هناك دراسةٌ في مدرسةٍ رديفةٍ في وقتٍ إضافيٍّ، أو في أوقات الإجازات الأسبوعية، أو في المساء، أو ما شابه ذلك؛ لتعويض ما يتعلق بقضية اللغة العربية والدين والجوانب المتعلقة بالقرآن.
وأنا أعرف -حقيقةً- أن هناك جهودًا، فبعض الجهات الخيرية في الدول غير المسلمة تمارس مثل هذا الدور، وحينما تكون هناك عنايةٌ من الوالدين داخل الأسرة في هذا المشروع، ويُطبِّقون ما يستطيعون؛ سيجد الأبناء القدوة، ويجدون كذلك التعليم التمثيلي التطبيقي.
ثم أيضًا المسجد له أنشطةٌ، وكذلك المدرسة التي ترعاهم: إما الأساسية -وهذا الأفضل- وإما الرديفة، ولا شك أن هذا الأمر سيساعدهم، بإذن الله .
اللعب بالهاتف
معنا الأخ صدقي من مصر.
المتصل: السلام عليكم.
المحاور: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصل: يا شيخنا، بارك الله فيك.
المحاور: حياك الله حبيبنا، تفضل يا شيخ صدقي، تفضل حبيبنا.
المتصل: الله يرضى عنك، أسأل الله أن يبارك فيك، وأسألك الدعاء للأولاد، الله يبارك فيك، فعندي ولدٌ دائمًا يُعاكس، ولا يسمع كلام والدته، ودائمًا لا يستجيب لهذا الكلام، نسأل الله له الهداية.
المحاور: كم عمره؟
المتصل: عنده إحدى عشرة سنة.
المحاور: هو الآن يسمعنا، أو ما يسمعنا؟
المتصل: آه، يسمعنا.
المحاور: ما شاء الله عليه، الله يُعطيه البركة.
المتصل: لكنه دائمًا مشغولٌ باللعب بالهاتف.
المحاور: لا، الآن نُوجه له كلمةً طيبةً، وهو ابنٌ مباركٌ وبارٌّ، ما اسمه، الله يحفظك؟
المتصل: اسمه: عبدالرحمن.
المحاور: ما شاء الله على اسمه! أبشر يا أخي، أبشر.
المتصل: ربنا يحفظك ويبارك في عمرك يا شيخ.
المحاور: شكرًا يا شيخ لحرصك على أبنائك، ومُوفق يا عبدالرحمن.
شغل وقت فراغ الأبناء
طيب، قبل أن نأتي لعبدالرحمن، نأتي لقضية أم زكريا من الجزائر، فهي تتكلم عن خمسٍ من أبنائها، وكنت أتوقع أنها تُخفي أن أبناءها مُقصرون في الصلاة، وأن عندها مشكلةً، لكنها الحمد لله رب العالمين، مباركٌ لك يا أم زكريا رعايتك لأبنائك: ذكورًا وإناثًا، وأنهم محافظون على الصلاة، لكن تريدين المزيد، فهنيئًا لك هذا الهم وهذا الحس، وأسأل الله أن يبلغك المزيد والمزيد فيهم.
استمري في العلاقة بهم، واستمري في البرامج التربوية، واستمري في اللقاءات الطيبة، واقرأي معهم من كتاب الله ، والتفسير، وكذلك قصص النبي ، وأحاديث النبي ، وقراءة سيرة النبي عليه الصلاة والسلام، وقضايا الأخلاق وما يتعلق بها.
أشغليهم ما دام والدهم بعيدًا، أشغليهم بمهامٍّ في البيت: الذكر بما يُناسبه، والأنثى بما يُناسبها، أثني عليهم، ليكن هناك عملٌ جماعيٌّ، ومناسباتٌ جماعيةٌ، واحتفالاتٌ طيبةٌ بينهم، والذهاب مع بعضٍ، والمجيء مع بعضٍ في رحلات تنزُّهٍ مناسبةٍ يُحافظ فيها على القيم والأعراض وما شابه ذلك، والعشاء والغداء الجماعي، والإفطار الجماعي.
كل هذه الأشياء ستساعد -بإذن الله - في قضية اللُّحْمَة والمزيد من تعلم الدين، وسيكون هناك مزيدٌ من قضية التدين -بإذن الله - يعني: الدين عظيمٌ، والتدين سلوكٌ، فهذا الأمر كما جاء: أن الإيمان يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية؛ لذلك حاولي أن تفتحي لهم آفاق الطاعات وأعمال البر من الواجبات؛ حتى يحرصوا عليها، ويحافظوا عليها، والمنهيات حتى ينتهوا عنها، وكذلك المُستحبات؛ حتى يحرصوا عليها، والمكروهات ليتركوها.
افتحي لهم أبواب الطاعات والخيرات، خاصةً في مجال المستحبات والنوافل، فأبوابها كبيرةٌ جدًّا، وتنبهي لقضايا الواجبات والمنهيات؛ حتى إذا كان هناك تقصيرٌ يستدركوا أنفسهم.
وعليكِ بالدعاء: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ [النمل:62]، فأنت حتى لو كان وضع أبنائك جيدًا عليكِ أن تسألي الله المزيد، فلِمَ لا تسألي الله وتُريه من نفسك خيرًا؟! فالله سميع الدعاء، والدعاء شأنه عظيمٌ، وله أثرٌ كبيرٌ، أسأل الله أن يُقرَّ عينك بأبنائك.
رسالةٌ من مُرَبٍّ مُشفقٍ
أخونا وابننا الكريم صاحب الإحدى عشرة سنة: عبدالرحمن بن صدقي، ما شاء الله عليك! يا عبدالرحمن، أنت ابنٌ بارٌّ ومُوفَّقٌ، وفي هذا السن أسعد والله لو كنت أنت المتصل، وأسعد أكثر حين ألتقي بك وبأمثالك.
أنت يا عبدالرحمن لا شك أنك تريد الجنة، ولا شك أنك تُحب أن يوفقك الله، وأن يبارك الله فيك ويُسعدك في الدنيا والآخرة، وأيضًا تُحب أن تكون مُوفَّقًا في دراستك، وفي حياتك، وأن تُفتح لك الأمور الطيبة؛ لذلك عليك برضى الوالدين: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [الإسراء:23].
حاول قدر ما تستطيع إذا سمعتَ طلبًا من أمك أن تستجيب لها مباشرةً؛ لأن هذا واجبٌ، حتى لو كنت تُصلي، فصلاة النافلة تُقطع من أجل طاعة أمك، أسأل الله لك التوفيق والسداد.
استخدام الأسلوب العقلي مع الأبناء
معنا أم محمد من الجزائر.
الأخت أم محمد.
المتصلة: السلام عليكم.
المحاور: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصلة: يا دكتور، بارك الله فيك، سؤالي حول موقفٍ تعرضت له مع ولدي، وكان عمره تسع سنوات، فكنت أريد أن يحرص على أن يصلي، ويتعلم الصلاة في وقتها، فأخبرني مرةً أن رفقاءه وأصدقاءه -تسع سنوات- لا يصلون، فلماذا هو يصلي؟!
فكان ردي عليه أني قلت له: لو كان رفقاؤك سيدخلون معك القبر فلا تصلي، وإن كنت ستدخله وحدك صَلِّ.
فهل هذه طريقةٌ جيدةٌ أم لا؟ يعني: هل أخطأت في جوابي هذا؟ هذا هو سؤالي.
المحاور: طيب، أنا أسألك سؤالًا يا أم محمد: لما قلتِ لابنك -الله يُوفقه- صاحب التسع سنوات هذا الكلام، هل كان لكلامك أثرٌ إيجابيٌّ عليه أم لا؟
المتصلة: نعم، إيجابيٌّ، فبعد فترةٍ قليلةٍ ذهب وتوضأ وصلَّى.
المحاور: الحمد لله، أقول: ما دام ابن التسع سنوات فهم الكلام بالعبارة التي قلتيها، وكان له أثرٌ إيجابيٌّ فالحمد لله، لا أرى في ذلك مشكلةً أبدًا، وليس هناك إشكالٌ في مثل هذه القضايا، فكلٌّ له طريقته وأسلوبه، وكل واحدٍ منا يعرف كيف يؤثر في ابنه؟ فأسأل الله أن يوفقكِ.
ما دام أنه يوجد أسلوب إقناعٍ وصحيحٌ، يعني: القرآن استخدم الأدلة العقلية، كما يقول أهل العلم: أدلتنا الشرعية أدلةٌ عقليةٌ ونقليةٌ؛ يعني: فيما يتعلق بالأدلة المتعلقة بتوجيهات الأحكام الشرعية والعقلية المرتبطة بالأدلة العقلية التي فيها إعمالٌ للذهن، وما شابه ذلك.
أنت استخدمت الأسلوب العقلي كما استخدمه النبي مع الشاب، فقال له في قضية الزنا: أتحبه لأمك؟ فبدأ الشاب يُفكر: أمي يُزنى بها؟! قال: لا، فداك أبي وأمي. قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم[19]أخرجه أحمد في "مسنده" (22211)، وصححه الألباني في "مختصر السلسلة الصحيحة" (370)..
فما ذكرتيه -إن شاء الله- مناسبٌ، والحمدلله أنه أتى بنتيجةٍ جيدةٍ بفضل الله .
نعود إلى حديث السبعة الذين يُظلهم الله في ظله
يقول النبي كما قلنا: ورجلان تحابَّا في الله، فهذه المحبة هي محبةٌ قائمةٌ على مراد الله ، وهذه تبعد قضية العلاقات التي قد تكون لغير ذلك.
فالتربية على مثل هذا الجانب مهمةٌ، وأن هؤلاء من الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، ولا شك أن هناك نوازع للنفس البشرية، وهذا يحتاج إلى أن يكون هناك شيءٌ من المتابعة، وشيءٌ من العناية والتذكير؛ لأن النفوس البشرية تنتابها الدوافع الدنيوية، وربما حتى الجوانب الشهوانية التي لا يرضاها الله ، لكن من المهم جدًّا إذا حصل ما هو مفضولٌ أن ينتقل للفاضل، وإذا حصل ما هو مُحرَّمٌ أن يتركه إلى ما هو واجبٌ أو مستحبٌّ.
ورجلٌ دعته امرأةٌ ذات منصبٍ وجمالٍ إلى نفسها، فقال: إني أخاف الله هذه أيضًا قضيةٌ واضحةٌ جدًّا، نربطها بموقف يوسف عليه الصلاة والسلام مع امرأة العزيز، هناك قال: مَعَاذَ اللَّهِ [يوسف:23]، وهنا قال النبي : إني أخاف الله، فهذا الخوف هو الذي منعه من أنه إذا خلا بمحارم الله انتهكها.
ما أعظم أن نربي الأبناء -أيها الإخوة والأخوات- على قضية الخوف من الله باستقراء النصوص، وتذكيرهم بالقصص والمواقف، وبالجنة والنار.
أسأل الله أن يوفقنا وإياكم للتربية الصحيحة.
لعل الوقت قد انتهى، وأسأل الله أن يبارك فينا وفيكم، ولنا لقاءٌ في الأسبوع القادم، بإذن الله .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
↑1 | أخرجه البخاري (660)، ومسلم (1031). |
---|---|
↑2 | أخرجه البخاري (660)، ومسلم (1031). |
↑3 | أخرجه أبو داود في "سننه" (567)، وصححه الألباني في "مشكاة المصابيح" (1062). |
↑4 | أخرجه أبو داود في "سننه" (495)، وحسنه الألباني في "مشكاة المصابيح" (572). |
↑5 | أخرجه البخاري (645)، ومسلم (650). |
↑6 | أخرجه البخاري (5000). |
↑7 | أخرجه البخاري (6830). |
↑8 | أخرجه أبو داود في "سننه" (1425)، وقال محققه: إسناده صحيحٌ. |
↑9 | أخرجه البخاري (757)، ومسلم (397). |
↑10 | أخرجه البخاري (631). |
↑11 | أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (9524)، وصححه الألباني في "الإرواء" (1073). |
↑12 | أخرجه البخاري (1121)، ومسلم (2479). |
↑13 | أخرجه مسلم (17). |
↑14 | أخرجه البخاري (783). |
↑15 | أخرجه البخاري (60)، ومسلم (240). |
↑16 | أخرجه النسائي في "سننه" (5217)، وقال محققه: إسناده صحيحٌ. |
↑17 | أخرجه البخاري (660)، ومسلم (1031). |
↑18 | أخرجه البخاري (1121)، ومسلم (2479). |
↑19 | أخرجه أحمد في "مسنده" (22211)، وصححه الألباني في "مختصر السلسلة الصحيحة" (370). |