المحتوى
مقدمة
الحمد لله رب العالمين، وأُصلي وأُسلم على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: حيَّاكم الله أيها الإخوة والأخوات مع برنامجكم المُباشر الأسبوعي: "أُسس التربية" من قناتكم قناة "زاد" العلمية.
كنا في الحلقات الثلاث الماضية نتحدث حول ما يتعلق بقضية المُربي، وكانت آخر حلقةٍ مع ضيفنا الكريم الأستاذ الدكتور: عبدالعزيز النغيمشي حول خصائص المُربي الفعَّال.
أردنا قبل أن نختم تلكم الحلقات أن يكون لدينا في هذه الحلقة حوارٌ معكم أنتم أيها الإخوة والأخوات في مشارق الأرض ومغاربها حول المُربي، هذه القضية المُشكلة التي نحن بأمس الحاجة إلى أن نقف معها، وسيكون هناك استعراضٌ في هذه الحلقة لما كتبتُموه في استطلاعكم في السؤال التفاعلي.
كذلك ستكون هناك بعض التقارير الاستطلاعية من خلال بعض طلابنا وأجيالنا، وكذلك هناك بعض المُداخلات، ونأمل منكم كذلك -بارك الله فيكم- الاتِّصال والمُشاركة الفاعلة، وأسأل الله العون والتوفيق.
صفات المُربي الفعَّال
كان هذا حول ما يتعلق بموضوع السؤال التفاعلي: ما صفات المُربي الفعَّال؟ يعني: هذا المُربي الذي نريد أن يكون مُربيًا مُؤثرًا فاعلًا، هذا المُربي ما صفاته؟ ما مُواصفاته؟
جاءت بعض الإجابات ونريد أن نقف عندها:
الأخ زقرير عبدالله يقول: أن يكون قدوةً، وأن يرفع الهمم، وأن يعرف قُدرات كل طالبٍ، وأن يعمل من أجل تطويرها، فقدوتنا الرسول عليه الصلاة والسلام، يقول: كان المُربي الأول؛ لذا فهو أدرى بطاقات كل صحابي من الصحابة، ويعرف ظروفه، ويعرف أحواله، وما يستطيعه، وما لا يستطيعه، فخير مثالٍ على ذلك أنه جعل من عمر الفاروق حكمًا يحكم بالعدل بين الناس، وينشر الحضارة الإسلامية إلى أبعد نقطةٍ في العالم.
هناك إشاراتٌ عديدةٌ حول قضيةٍ أشرنا إليها في حلقاتٍ سابقةٍ، وهي: ما يرتبط بموضوع القدوة، وقد تكررت في عددٍ من الإجابات التي ستأتينا -بإذن الله - قضية: أنه إيجابي، وأنه مُؤثر، فهو يرفع همَّة الطلاب، وأيضًا قضية مهمة جدًّا أكَّد عليها الأخ الكريم: زقرير عبدالله، وهي: ما يرتبط بقضية معرفته للأجيال، معرفته للطلاب.
وذكر هنا موقف النبي من أصحابه، فالنبي عليه الصلاة والسلام -بأبي هو وأمي- لما يأتي في الحديث الصحيح -فيما معناه-: أرحم أُمتي بأُمتي أبو بكر، وأشدهم في الحق عمر، وأكثرهم حياءً عثمان، وأقضاهم علي بن أبي طالب، وأفرضهم زيد، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل[1]أخرجه أحمد في "مسنده" (13991)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (867). إلى آخر الحديث.
هذا يدل دلالةً كبيرةً جدًّا على أن المُربي المُؤثر والفعَّال هو القادر من خلال تواصله الإيجابي وفاعليته مع المُتربين على أن يتعرف على قُدراتهم، وعلى طاقاتهم، وهذه إشارةٌ لطيفةٌ جدًّا من الأخ الكريم.
الأخ عبدالله يقول: بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، على المُربي أن يكون صادق النية.
وهذا تأكيدٌ على قضية النية، وقد أشرنا إليها، يود أن يكون عمله لله : تربيته لوجه الله، وأن يكون عارفًا ومُطبِّقًا لشرع الله قولًا وفعلًا، وهذا يدل على قضية القدوة، ومُطَّلعًا على هدي الرسول في تربية أولاده وأصحابه.
وعلى المُربي أيضًا أن يكون قدوةً جيدةً، وأن يتميز بالصبر والحكمة والاتِّزان العاطفي والانفعالي، وآخرها الدعاء.
وهذه أيضًا إشاراتٌ جيدةٌ من الأخ الكريم عبدالله، وهي ما يتعلق بقضية القدوة.
أيضًا معنا اتِّصالٌ من الأخت رندا من السودان، تفضلوا.
المتصلة: (ألو)، السلام عليكم.
المحاور: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصلة: أريد أن أقول: من أجل أن نكون مُمتازين لا بد على المُربي نفسه أن يكون تربَّى تربيةً سليمةً، فأنا عندي ملاحظةٌ: أن المدارس عمومًا في الدول العربية كلها منهجها منهجٌ عاديٌّ، وأعتقد أن التربية التي أساسها الدين هي التربية الصحيحة، والعلوم التي حثَّنا النبي عليه الصلاة والسلام على تعلُّمها هي علوم الدين.
فأنا لو علَّمتُ الليلة عشرين بنتًا تعليمًا دينيًّا صحيحًا: عرفتُ السيرة بطريقةٍ صحيحةٍ، وتشبَّعتُ وأنا طفلة بالدين بالطريقة الصحيحة، وبالعبادات الصحيحة؛ سأُنتج، وسأُربي أطفالًا تربيةً سليمةً، وبالتالي بعد مدةٍ سأحصل على مجتمعٍ صحيحٍ.
هذا في اعتقادي هو الأساس في خطأ التربية والتعليم في الدول العربية المسلمة.
المحاور: جزاك الله خيرًا، أحسنتِ يا أختي رندا، شكرًا لك على هذه الإشارة الرائعة جدًّا، وهي قضية: أن المُربي لا يمكن أن يكون فعَّالًا إلا إذا كان قد تربَّى على ذلك، ومناهج كثيرٍ من الدول العربية والإسلامية -للأسف الشديد- قد لا تُساعد على هذا الجانب.
وهذه دعوةٌ للنظر في هذا الموضوع من خلال الجهات المعنية، وكذلك إذا لم يحصل هذا الأمر فعلى أقل تقديرٍ تقوم الجاليات أو المُهتمون بهذه التربية الإسلامية بتعويض هذا النقص الموجود من خلال بيوتهم، ومن خلال أحيائهم، ومن خلال مجتمعاتهم.
نعود إلى الأخ الكريم -جزاه الله خيرًا- حول بعض ما أشار إليه كما قلنا، تكلم عن النية، وتكلم عن قضية القدوة، وهذه قضيةٌ مهمةٌ جدًّا، وتكلم عن قضية الاتِّزان، تحدث عن قضية الاتزان الانفعالي والعاطفي، وهذه قضيةٌ من القضايا المهمة جدًّا للمُربي، يعني: أيضًا المُربي يتعرض لمواقف مع الأجيال -أيًّا كان: أبًا أو مُعلمًا أو مَن كان-، فهذا الاختلاف في المواقف قد يُحدث جانبًا من ردَّات الفعل إذا لم يكن لديه اتِّزانٌ انفعاليٌّ وضبط الانفعالات التي تُحدث ردَّات فعلٍ سلبيةٍ.
ولذلك لا شك أن الاتزان الانفعالي والعاطفي صفةٌ رئيسةٌ من الصفات الجيدة في المُربي المُؤثر، تجده حتى في أَحْلَك الظروف ضابطًا لنفسه؛ ولذلك يقول الرسول : ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد مَن ملك نفسه عند الغضب.
وأشار الأخ الكريم إلى الدعاء، كما أشار إلى أهمية العودة لطريقة النبي في التربية، وهذه قضيةٌ مهمةٌ أشار إليها أكثر من أخٍ، وهي أننا لا بد أن نعود إلى المعين، مثلما قالت الأخت رندا من السودان: أهمية العودة إلى التربية الإسلامية، وأهمية الاعتزاز بالهوية الإسلامية، وأهمية أن نتربى على هذه القضية، فلا شكَّ أنها من الأمور المهمة جدًّا.
خالد الزعبي يقول: أن يتَّقي الله في نفسه وولده، ويحثُّهم على الصلاة، وينهاهم عما نهى الله عنه، ويُعظِّم شرائع الله، وتكون تصرفاته تُرضي الله قولًا وفعلًا؛ لأن الأبناء هم (كاميرات) مُراقبة للوالدين، واحترام الجميع، والصبر على تعليمهم، ويُصلح الجميع، بإذن الله .
هذه إشارةٌ جيدةٌ حول اتِّقاء الله ، والدور المطلوب فيما يتعلق بالتربية الأسرية.
أسس التربية الصحيحة
معنا الأخ محمد من السودان كذلك.
حيَّاك الله أخ محمد.
المتصل: السلام عليكم فضيلة الشيخ.
المحاور: وعليكم السلام يا أخي، حيَّاك الله، الليلة سودانية، ما شاء الله!
المتصل: الله يكرمك يا أخي، الله يُبارك فيك.
المحاور: تفضل يا أخي، حفظك الله، لو تقصر (التليفزيون) وتُكلمنا مباشرةً من الهاتف، الله يُوفقك؛ من أجل الوقت فقط.
المتصل: الله يكرمك يا شيخ.
المحاور: تفضل يا أستاذ محمد، الله يحفظك.
المتصل: أنا أريد أن أشيد بالبرنامج أولًا.
المحاور: أنت من مُتابعي البرنامج يا أخ محمد؟
المتصل: الحمد لله، بفضل الله.
المحاور: مُشاركتك في موضوع المُربي؟
المتصل: أنا أسألك يا شيخ وأريد منك أن تذكر لي أُسس التربية الصحيحة؛ لأن الزوجة معي ...
المحاور: لو ترفع صوتك أخي محمد، الله يُخليك.
المتصل: قلتُ لك يا شيخ: تذكر لي أُسس التربية الصحيحة، لعلي أنا والزوجة نستعين بالله ثم بكم على تربية الأبناء، إن شاء الله.
المحاور: جزاك الله خيرًا، يعني: أنت تسأل سؤالًا أو ماذا؟
المتصل: نعم، أسأل سؤالًا.
المحاور: ما سؤالك بالضبط؟
المتصل: أُسس التربية الصحيحة.
المحاور: طيب، بارك الله فيك يا أخ محمد، عمومًا هذا الموضوع هو موضوع حلقاتنا كلها، يعني: البرنامج اسمه: "أسس التربية"، فأعانكم الله، نحن الآن تقريبًا في الحلقة الحادية والعشرين -بحمد الله - وجميع الحلقات السابقة موجودة في موقع "زاد"، فيمكن أن تعودوا إليها، والأسس كثيرةٌ، منها: القضية الإيمانية، والقضية الأخلاقية، والقضية الفكرية، والقضية الاجتماعية، هذه الأسس كلها ستأتي معنا، وأشياء قد سبقت، فلعلكم تعودوا إليها، بارك الله فيكم، وجزاكم الله عنا خيرًا.
نُكمل أيها الإخوة والأخوات ما يتعلق بقضية إجابات الإخوة حول السؤال التفاعلي:
الأخت حليمة تقول: الاحترام بين المعلم والتلميذ، والتوحيد بالله الواحد الأحد، والاقتداء بالنبي ، والالتزام بالوقت.
الأخ محمد ساردار يقول: المُشاورة، مع تحميل المسؤولية، والثقة مع المُراقبة، والثبات في اتِّخاذ القرارات، واستخدام نظام العقوبات، والنظرات الإيجابية، والمُربي المُتوازن يهدف إلى نجاة نفسه.
وهذه إشاراتٌ جميلةٌ -جزاه الله خيرًا-، الأخ محمد تحدث عما يرتبط بالمُربي: ليس مستقلًّا فيشاور، أيضًا عنده تحميلٌ، فهو يتحمل المسؤولية، وهذه القضية مهمةٌ جدًّا.
يعني بتحميل المسؤولية أنه يشعر بأنه يحمل المسؤولية خاصةً تجاه الآخرين، وثقته وشعوره بالثقة، وكذلك اتِّخاذ القرارات، ولديه قُدرة على هذه القضية، وأيضًا أسلوب استخدام العقاب، وكذلك الأساليب الإيجابية في توجيه المُتربين، والنظرات الإيجابية، ليست السلبية، وكذلك يريد أن يُنجي نفسه، فهذه لفتةٌ جميلةٌ، شكرًا لك أخي محمد.
من خصائص المُربي الفعَّال: أنه باذِلٌ مِعْطَاء
معنا الأخ الكريم الأستاذ: محمد صليم القحطاني في مُداخلةٍ.
أهلًا بك يا أستاذ: محمد.
المتصل: حيَّاكم الله يا دكتور خالد، وجزاكم الله خيرًا على إتاحة المُشاركة.
المحاور: لو عرَّفتَ فقط يا أستاذ محمد بنفسك من حيث الوظيفة، الله يحفظك.
المتصل: حيَّاكم الله جميعًا.
أولًا: أشكر قناة "زاد" على إتاحة الفرصة، وأنا أعمل مُعلم في المرحلة الثانوية تخصص الكفايات اللغوية.
المحاور: جزاك الله خيرًا، ويا مرحبًا بأهل اللغة، وسُعداء بك يا أستاذ: محمد، هلَّا أتحفتنا حول ما يتعلق بخصائص المُربي الفعَّال، بارك الله فيك.
المتصل: يعني: حتى أختصر الوقت معكم سأقترح لفظةً أنطلق من خلالها للحديث عن صفات المُربي الفعَّال، وهذه اللفظة هي: "مُقترح"، وكل حرفٍ يُشير إلى صفةٍ من صفات هذا المُربي الفعَّال.
أول صفةٍ هي: أنه مُعايشٌ للمُتربي، فلا بد أن يعيش معه، ويُشاركه، وينزل إلى مستوى هذا المُتربي، ويفيد من خبراته.
أيضًا هو "مقترح" فهو قريبٌ من المُتربي نفسيًّا: قريبٌ من اهتمامه، وقريبٌ من تفكيره، فلا بد أن يقترب منه، ويقترب من عالمه؛ حتى يستطيع أن يُؤثر عليه.
أيضًا في "المُقترح" هو صاحب تضحيةٍ، فالمربي لا بد أن يُضحي بوقته، ويُضحي بالمناصب، ويُضحي بالوظائف.
المحاور: باذلٌ.
المتصل: نعم، باذلٌ، مِعْطَاء، يُضحي بأشياء كثيرةٍ؛ لأن المُتربي الواحد يستغرق من وقت الإنسان ساعات في اليوم، فما بالك لو كان عنده أكثر من ولدٍ، أو أكثر من بنتٍ؟! فهو يحتاج أن يبذل وقتًا طويلًا من عمره ويومه وشهره وراحته، ويُضحي بسياحته، ويُضحي بأشياء كثيرةٍ ربما يستمتع بها الآباء العاديون، أو المعلمون العاديون، لكن المُربي وضعه مُختلفٌ.
وأيضًا حرف الراء في "مقترح": الرفق، يكون رفيقًا، لطيفًا، عطوفًا، رحيمًا بهذا الطالب وهذا الابن؛ لأنهم في سنِّ النشأة يحتاجون إلى هذه الصفة: إن الرفق لا يكون في شيءٍ إلا زانه[2]أخرجه مسلم (2594)..
وفيه الصفة أو حرف الحاء في كلمة "مقترح": الحب، يعني: هذا الحب ينبع منه الصدق والنُّصح، وإذا لم تُحب ابنك ولم تُحب المُتربي الذي ستعيش معه في سرَّاء الحياة وضرَّائها ستزهد فيه، ولن تُقدم له شيئًا، وربما عاملته بعكس أو بضد التربية: التنفير، والقسوة، والشدة، والرفض، وعدم القبول، لكن الحب هو الذي يُعتبر الحرف الأساسي الذي ينبغي أن يعمل عليه المُربون في تعاملهم مع مَن يُربون.
المحاور: بارك الله فيك يا أستاذ محمد، أنت تقول: في المرحلة الثانوية؟
المتصل: نعم في المرحلة الثانوية.
المحاور: وأنت معلم؟
المتصل: نعم، نعم.
المحاور: هل هذه النقاط الأربع التي جملتها في عبارة: "مقترح"، هل وجدتَ أثرها فعلًا مع طلاب مثل هذه المرحلة الثانوية؟
المتصل: نعم، أنا أُمارس التربية مع أبنائي الطلاب وأُعايشهم يوميًّا، صباح مساء، وهذا منذ خمسةٍ وعشرين عامًا وأنا أعيش بين الشباب في المرحلة الثانوية، وأجد استجابةً كبيرةً جدًّا حينما أعيش مع الطلاب وأنزل إليهم، ويشعرون من لغتي بالحب والرِّفق والحنو.
المحاور: بارك الله فيك.
المتصل: في تعديل السلوك ورفع مستوى التفكير والاهتمامات، وغير ذلك.
المحاور: يُعطيك العافية أستاذ محمد، وشكرًا لك، ومُوفقين -بإذن الله- في رسالتكم التربوية.
كان معنا أستاذ: محمد صليم القحطاني، معلم في المرحلة الثانوية، لغة عربية، وقد تحدث حول "مقترح"، وأخذ كل حرفٍ من هذه العبارة: الميم لمُعايش، والقاف لقريب من اهتمامات الطلاب، والتاء: تضحية وصاحب بذل وعطاء، وكذلك الراء: الرفق، والحاء: الحب.
شكرًا لك يا أستاذ محمد على هذه الإطلالة الطيبة.
أيها الإخوة والأخوات، نغادر لفاصلٍ ثم نعود معكم -بإذن الله - فكونوا معنا.
الفاصل:
تقرير:
- طبعًا عندنا تواصلٌ فعَّالٌ، سنُعطيكم مثالًا بسيطًا هو المدرس مع الطالب: طبعًا علاقة المدرس مع الطالب لا بد أن يكون فيها أخذٌ وعطاءٌ من أجل أن تكون العلاقة واضحةً، وفي نفس الوقت ما يملّ أحدٌ من الثاني، فلا بد أن يكون الطالب مُتعاونًا مع المدرس، والمدرس متعاونًا مع الطالب.
- القدوة: فالقدوة هي أهم صفةٍ من صفات القواعد التربوية، أو المربي الناجح.
- لا يكون المربي مُربيًا فعَّالًا حتى يستمع من تلاميذه أكثر مما يتحدث إليهم، ويخلق بينهم جوًّا حواريًّا.
- تبادل العلاقات بين الطرفين، بحيث إنها قاعدةٌ مهمةٌ في إنشاء العلاقات، سواءٌ كانت بين الأب والطفل، أو حتى لو كانت هناك فوارق في العمر، أو فوارق في العقول، أو فوارق في أشياء كثيرةٍ غير هذه.
- أن يُعزز النقاط الإيجابية التي يجدها في المتربي.
- من صفات المُربي الناجح: أن يكون قدوةً للمُتربين عنده.
- أن يكون لدى المُربي الناجح علمٌ بما يقول، ولديه حرصٌ وأمانةٌ بما يقول، وأن يكون قوله صحيحًا أيضًا، وأن يكون قدوةً حسنةً، فيُطابق قوله فعله.
- أهم عنصرٍ لنجاح العملية التربوية أو حتى لتحقيق أي هدفٍ آخر هو أمران:
- أولًا: وضوح الهدف: أن يكون الهدف من العملية التربوية واضحًا، وكذلك أي هدفٍ آخر كما قلنا.
- الشيء الثاني: أن يكون هذا الهدف صحيحًا ومُلتزمًا به.
الدكتور خالد: حياكم الله أيها الإخوة، وعودًا حميدًا، بإذن الله .
لعلكم تابعتم معنا التقرير الأول في هذه الحلقة، وكانوا من طلاب جامعتنا -جزاهم الله خيرًا- من طلاب كلية الشريعة، في سنة أولى في هذه الكلية، وقد أشاروا إلى نقاطٍ عديدةٍ جدًّا تهمنا في هذه الحلقة فيما يتعلق بصفات المعلم الناجح المُؤثرة في هؤلاء الطلاب خلال دراساتهم في المراحل العمرية في الفترات السابقة، وكذلك في دراستهم في هذه السنة.
فأشاروا إلى مجموعةٍ من تلكم الخصائص والصفات، يعني: التعاون، والقدوة وقد تكررت، والاستماع، والحوار، وتبادل العلاقات، والتعزيز في القضايا الإيجابية، وكذلك أهمية العلم، وأن يكون الشخص لديه حرصٌ، ووضوح الهدف، والالتزام بمثل هذا الهدف، والعمل على تحصيله.
شكرًا لكم يا طلابنا الكرام على هذه الإطلالة الجميلة، وبارك الله فيكم، ونفع الله بكم.
وهذه قضيةٌ مهمةٌ جدًّا أيها الإخوة، ونحن تحدثنا قبل قليلٍ مع الأستاذ: محمد الصليم، وهو أستاذ ومعلم فوق عشرين سنةً لطلاب المرحلة الثانوية، وهؤلاء طلاب سنة أولى في الجامعة، وقد أقبلوا من المرحلة الثانوية، وقبلها المتوسطة، وقبلها الابتدائية.
فلا بد أن نعرف نحن كمُربين ماذا يريد المُتربون؟ وكذلك المُتربون يعلمون كذلك مَن هو المُربي الذي يُؤثر فيهم؟
فينبغي أن نفكر بعقلية المُتربي حتى نعرف، وفي بعض الأحيان المُربي لا يُفكر إلا بالمعلومة، ولا يُفكر إلا بالمعارف بالنسبة للمعلم، ويظن أن هذه القضية الأساسية بالنسبة للتعليم، ولا ينظر إلى تلبية وإشباع الحاجات لدى الأبناء.
وقد أشار الأستاذ: محمد الصليم -وفَّقه الله- وأشار طلابنا الكرام الثمانية تقريبًا -جزاهم الله عنا خيرًا- إشاراتٍ رائعةً جدًّا في أمورٍ غير القضية المتعلقة بالخصائص المعرفية -كما ذكرناها في لقاء الدكتور عبدالعزيز النغيمشي-: القضايا الأسلوبية، والقضايا المُرتبطة بالاتصالية، والخصائص المُرتبطة بالجوانب الوجدانية.
معنا أيضًا أبو عبدالله العزاوي، يقول في السؤال التفاعلي: أن يتَّقي الله تعالى هذا المُربي، وأن يكون صبورًا، وأن يكون قدوةً، وأن يكون ذا أخلاقٍ، وأن يكون صادقًا، مُخلصًا لله، وهذه سبقت أيضًا من قبل.
الأخت كوثر ذكرتْ كذلك: الأخلاق الحسنة، والشخصية القوية، وأن تكون له درايةٌ بالعلم الشرعي، وأن يكون إيجابيًّا وفعَّالًا، وهذه إشارةٌ تكرر بعضًا منها.
وتأكيدًا على قضية الإيجابية: فهذه النقطة هي بمعنى الفعَّال، وهي حقيقةٌ أصلًا، والتأكيد عليها مهمٌّ جدًّا؛ لأننا أحيانًا نزهد في مواقف كمعلمين وآباء، والإيجابية تجعلنا نُبادر، لكن إذا لم نُبادر فهذه سلبيةٌ نحتاج أن نتنبه لها.
الأخت الزينة سيد الأمين تقول: الصبر والتحمل، مع لين الجانب؛ لأنه يتعرض المُربي إلى مواقف القدرة على التحمل لكل متطلبات الطفل، وترك مسافة بين الاحترام والتقدير وبين المُشاركة، فأهم ما يريد النَّشْء هو تحقيق الرغبات دون إفراطٍ أو تفريطٍ، وهذا أيضًا حول قضية الدراية ومعرفة حاجات الطرف الآخر، وإشباع هذه الحاجات باعتدالٍ.
الراقية العفيفة بجلبابها تقول: الإيمان، والالتزام، والخوف من الله، واحتساب التربية، والنصح والتوجيه لوجه الله تعالى، والشدة، واللين، والحلم، والرحمة.
يعني: هنا بيانٌ لقضية الجانب الإيماني، وأهمية الجانب الإيماني، واحتساب هذا الأمر لله ، وهذا تأكيدٌ لهذه القضية المُرتبطة بإخلاص النية لله ، وقد سبقت الإشارة إليها.
وقد ذكرت الحلم والرحمة، وهذه من القضايا الوجدانية، واللين كذلك من القضايا الوجدانية، وذكرت إشارةً للشدة، مع أني ممن يتحفظ على هذا اللفظ، فلدينا لفظٌ أفضل من قضية الشدة، فالشدة تُفهم بالشكل الآخر السلبي، وهو الحزم، والحزم أليق بالعبارة مع اللين، وتنتج التربية بطريقتها الإيجابية حينما نجمع بين الحزم واللين.
خلاصة خصائص المُربي الفعَّال
معنا المُداخلة الثانية من أستاذنا الكريم: صالح بن يوسف المقرن، مشرف تربوي مُتقاعد.
تفضل أستاذ: صالح، مرحبًا بك، الله يحفظك.
المتصل: حيَّاكم الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المحاور: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، حيَّاك الله.
المتصل: حيَّاك الله يا دكتور خالد.
المحاور: يا مرحبًا بك.
المتصل: وأهلًا بك وبالإخوة والأخوات المشاهدات لهذا البرنامج الجميل الذي أعتقد أننا بحاجةٍ إلى أمثاله كي يُعالج الواقع ويهتم بتربية الجيل في فترةٍ اجتاحت فيها الأمة كثيرٌ من التوجهات والسلوكيات التي جعلت الحليم حيرانًا.
المحاور: جزاك الله خيرًا.
المتصل: الحديث يدور اليوم عن المُربي، وكان -كما ذكرتَ- في الحلقة الماضية تحدث النغيمشي عن خصائصه، واليوم الحديث يتم عن الخصائص وعن صفات المُربي، وأنا سأُشير إلى الخصائص.
المحاور: أنت يا أستاذ صالح من محافظة الإحساء، ومارستَ التعليم حسبما أعرف، وكذلك معرفتي بك -بارك الله فيك-، فكم عمر الممارسة، جزاك الله خيرًا؟
المتصل: يعني: بفضل الله -جلَّ وعلا- تجاوزت الخمس والثلاثين سنةً بين معلم داخل الصف ومُشرف تربوي مُتقاعد حديثًا.
المحاور: نفع الله بك، هذه الثلاثون أو فوق الثلاثين نريد في دقيقتين خلاصة الخصائص للمُربي الفعَّال، بارك الله فيك.
المتصل: طيب، أنا سأُشير إلى أبرز الخصائص:
أولًا: ينبغي أن نُدرك ونقول للمربي -سواءٌ كان أبًا، أو أمًّا، أو معلمًا- أن الخصائص هي التي تُعطي ملامح المربي وسماته، وهي التي تحكم توجهاته في التربية، ويكون ناتج العمل التربوي انعكاسًا لهذه الخصائص، وهناك فرقٌ بين الخصائص والصفات.
وسأُشير إلى أبرز الخصائص سريعًا، ثم سأتحدث عن اثنتين أو ثلاثٍ فيما يُتاح من الوقت.
بالنسبة لأول وأهم خاصية ينبغي أن تكون واضحةً في المربي: أن يكون ربانيًّا.
وأيضًا من خصائص المربي: أن تكون عنده شمولية، فيتعامل مع مَن يُربيهم في جوانب عدةٍ، وليس في جانبٍ واحدٍ فقط: انعكاس لشخصيته وذاته فقط.
أيضًا: البصيرة، فينبغي أن يكون واعيًا وعالمًا بما يُربي عليه تلميذه، أو ابنه، أو ابنته، وأيضًا طريقة التربية، يعني: يحتاج أن يعرف واقعه، وماذا يحتاج أيضًا؟
من الخصائص المهمة التي ينبغي أن تكون في المربي: السمو، أن يسمو المُربي بأخلاقه وبقِيَمه وتطلعاته، وهذا يُؤثر كثيرًا جدًّا في المُتربي عندما يرى أن مُربيه سامٍ يترفع عن الدَّنايا.
أيضًا الإيجابية: فالمربي الفعَّال إيجابيٌّ، دائمًا يُركز على الجوانب الإيجابية، ولا تستهويه الجوانب السلبية التي أحيانًا تقتل المُتربي، أو تُدخله في جانب الإحباط.
أيضًا من الخصائص المهمة التي ينبغي أن تكون في المُربي ولها علاقةٌ بالإيجابية: قضية الاستشراف، وهي: أن المُربي يحتاج أن يستشرف فيمَن يتولى تربيتهم، ويُركز على الجوانب الإيجابية.
المحاور: ما النقطة الأخيرة يا أستاذ صالح؟
المتصل: الاستشراف، أن يستشرف ويتفاعل، وهذا كان هدي النبي دائمًا: يستشرف في أصحابه، ويستشرف في الأحداث، وكذلك التوازن.
المحاور: طيب، على أساس الوقت يا أستاذ صالح، لو نأخذ واحدةً منها فقط سريعًا؛ لأن الوقت يضيق علينا.
المتصل: يعني: نُركز على الموضوع الرباني، وأنا أقول: نحن الآن بحاجةٍ إلى أن تكون كلمة "المُربي" جاءت من الربانية، فينبغي أن تكون هذه التربية هي ربط هذا المُتربي بالله -جلَّ وعلا- بتأصيل حقائق الشريعة حتى يكون ربَّانيًّا.
وأيضًا من الربانية: أن يُربيه على صغائر الأمور قبل كبارها، كما كان يفعل سلفنا الصالح.
فأقول: التربية الربانية: أن يستلهم هذا المُربي مع كل مَن يتولى تربيتهم ما جاء في شريعة الله -جلَّ وعلا- من القيم والأخلاق والدين والصِّلة بالله -جلَّ وعلا- حتى يكون هذا المُربي فعلًا ربَّانيًّا، وهكذا يكون هذا المُربي ربانيًّا، يُربي مَن معه على دين الله، جلَّ وعلا.
وسواءٌ كان هذا معلمًا في الصفِّ، أو أمًّا، أو أبًا، وهذا يتطلب أن يعلم، وهذا داخلٌ في البصيرة: أن يعلم علامَ يُربيهم؟ أو لماذا يُربيهم؟
المحاور: بارك الله فيك يا أستاذ.
المتصل: شيءٌ على عُجالةٍ، أسأل الله أن ينفع به.
المحاور: شكر الله لك، وفتح عليك.
المتصل: شاكرًا لكم إتاحة الفرصة بمُشاركتنا معكم في هذا البرنامج الفعَّال.
المحاور: وإن شاء الله، يكون لنا معك لقاءٌ خاصٌّ، بإذن الواحد الأحد.
المتصل: بإذن الله تعالى، أسعد بك وبالمشاهدين يا أستاذ خالد.
المحاور: أنت والزملاء والبقية -بإذن الله -، شكرًا لك يا أستاذ صالح.
المتصل: حيَّاك الله.
المحاور: كان معنا الأستاذ: صالح المقرن، المشرف التربوي السابق من محافظة الإحساء مشكورًا مأجورًا، وتحدث عن إطلالةٍ حول بعض هذه الخصائص الربانية، وهذا المُربي الرباني أيضًا يُراعي الشمولية في تربيته، وهو صاحب بصيرةٍ، وصاحب سُمُوٍّ، ويدعو إلى قضايا السمو في المجالات المتعددة: في الأخلاق وغيرها.
وهو إيجابيٌّ، ينظر للقضايا الإيجابية، ولا يحاول أن يقف عند الجوانب السلبية؛ فيحصل الإحباط لدى المُتربين.
وهو كذلك مُتفائلٌ ومُستشرفٌ للواقع: واقع الإنسان في المستقبل، ولا شكَّ أنها صفاتٌ وخصائص مهمة، نشكر الأستاذ صالح عليها، بارك الله فيه.
الأخ سعيد حسان يقول: يجب على المُربي أن يكون ورعًا، تقيًّا، صبورًا، مُخلصًا، يبتغي بذلك وجه الله؛ من أجل أن يُكوِّن جيلًا يقود الأمة إلى الخير والتمكين.
جزاك الله خيرًا يا أخ سعيد، وجزى الله خيرًا جميع الإخوة السابقين كذلك.
الأخ محمد أمزكل يقول: من صفات المُربي الفعَّال: أن يكون مُؤثرًا بالقول والفعل، مُعتمدًا على توفيق الله -وهذه قضية القدوة وقضية الإخلاص- ومُقرِّبًا للمعلومة بسهولة العبارة والمهارة في المادة المخصوصة.
هذه القضية المتعلقة بجوانب التدريس ومهارات التعليم وما يرتبط بذلك، شكرًا لك أيضًا.
الأخ إبراهيم يقول: المُربي الفعَّال هو مَن يتَّخذ الرسول قدوةً له في التربية والطريقة التي كان يتعامل بها مع الأطفال، مع التطبيق والدعاء؛ لأن التوفيق من الله. وهذه إشاراتٌ أيضًا تكررت كثيرًا.
وأنا أقول: التكرار فيها إيجابيٌّ، وفيه تأكيدٌ على المعاني والثقافة التي ينبغي أن نُحافظ عليها في هويتنا في قضية التربية، كما أشار قبل قليلٍ الأستاذ صالح في قضية الربانية، وهي قضيةٌ مهمةٌ، وتتوافق مع قضية كلام الأخت التي سألت من السودان.
أيضًا هنا إشارةٌ مهمةٌ تتعلق بتأكيد ما ذكرناه: طريقة النبي ، وأنا أقول: لو أن المُربين والمُربيات اعتنوا كثيرًا بهدي النبي وسيرته في قضايا التعامل والتأثير وتعديل السلوك والتربية، وكيف كان تعامله عليه الصلاة والسلام؟ يعني: لا شك أنها مُؤثرةٌ.
والكتاب الذي صدر من "زاد" للشيخ محمد المنجد -وفَّقه الله- الكتاب المشهور: "كيف عاملهم النبي ؟" لا شك أن الإنسان حين يقرأه ويطلع على تعامل النبي مع الوالدين، وتعامل النبي مع المسلمين، ومع الكفار، ... إلى آخر ما جاء في فصول هذا الكتاب العديدة والكثيرة؛ نستطيع عندئذٍ أن نستفيد من طرائق النبي في قضية التعامل، وفي قضية التربية، وفي قضية التأثير.
وقد أشار أكثر من أخٍ إلى الدعاء، وهذه قضيةٌ مهمةٌ قد نكون أشرنا إليها سابقًا، لكن نُؤكد عليها.
كان مُتورطًا في النظر إلى الأمور الإباحية
تنغلق الأبواب، مثلًا: جاءتني اليوم اتِّصالاتٌ عديدةٌ جدًّا في الهاتف الاستشاري؛ لكون اليوم هو الثلاثاء ويكون الهاتف مفتوحًا بين العصر والمغرب، وأذكر من هذه الاتصالات اتِّصالٌ من بيئةٍ مُحافظةٍ ومُتدينةٍ وحريصةٍ وتُساهم في مناشط إيجابيةٍ وطيبةٍ، لكن الابن -أيًّا كان: ذكرًا أو أنثى- مُتورطٌ في النظر إلى المواقع الإباحية -والعياذ بالله- وما شابه ذلك، واكتشف هذا الأمر الأبُ والأمُّ، ونُصح أو نُصحت، ثم بقيت القضية وما زالت، فهو مُصرٌّ على البقاء على مثل هذا الأمر مع رغبته في الخير وبقاء تدينه، وما شابه ذلك.
في بعض الأحيان تنغلق أبواب السُّبل، كل السُّبل قد اتُّخِذت: الصبر، والحكمة، ومحاولة الإقناع والتأثير، ... إلى آخره، مع أهمية الاستمرار في الأساليب وتنوعها، لكن يبقى أننا نحتاج إلى الدعاء، وقد قلتُ عبارةً لمَن اتَّصل من أهل هذه الحالة: لا تنسوا اللجوء إلى الله : أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ [النمل:62]، فهذه القضية نحن بأمس الحاجة إليها؛ لأن الله هو أعلم بنا وأعلم بضعفنا .
الأخ حسان يقول: من صفات المُربي الفعَّال: الرفق، والحلم، والأناة.
لا شكَّ في ذلك، وهذه من الصفات والخصائص الوجدانية.
الأخت فاطمة تقول: أن يكون قدوةً، وأن يكون قولُه مُوافقًا لعمله.
وهذه قضية القدوة الأساسية، بل هي سمة القدوة، فلا يكون الإنسان قدوةً إلا إذا كان قوله يُوافق عمله؛ ولذلك هذا محكٌّ ربانيٌّ جاء في شرع الله : كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ [الصف:3].
فلذلك على الإنسان أن يعرض نفسه على هذه الوزنية: هل أقواله مثل أفعاله؟
أيها المربي، انتبه، فهذه القضية هي التي تُميزك فتكون قدوةً صالحةً، أو لا تكون كذلك.
الحاجة تقول: كما قال الشيخ الشعراوي: أن يحرص على أن يراه المتعلم على غير ما يُربي عليه!
أو المُفترض: أن يحرص المعلم على ما يُربي عليه. أظن العبارة هكذا.
الأخت زهور تقول: أن يكون قدوةً بأفعاله قبل أقواله.
نرجع إلى القدوة، تأكَّدت القدوة بشكلٍ كبيرٍ، والقضايا الإيمانية كذلك.
الأخ محمد يقول: أن يتعلم طرق تربية النبي ويُطبقها.
لاحظ هذه القضية أكثر من شخصٍ وكررها، ونحن نحتاج إليها، ويُطبقها يعني: نتعلم ونُطبق.
وهذه منهجيةٌ، وهي: ربط العلم بالعمل، والنظرية بالتطبيق؛ ولذلك من أنفس ما يكون كما قال أبو عبدالرحمن السلمي: "إن كنا لا نتجاوز العشر آيات حتى نتعلم ما فيها، فتعلمنا العلم والعمل" كما قال أبو عبدالرحمن السلمي، رضي الله عنه ورحمه[3]"سير أعلام النبلاء" للذهبي (5/ 154)..
فنحتاج حينما نتعلم هدي النبي أن نُطبق، نسمع في خطبةٍ طريقة النبي في التربية وفي التعامل فنذهب ونُطبقها، ونقرأ في حديث النبي في "رياض الصالحين" أو في غيره، وهكذا.
أبو معاذ الحنبلي يقول: الأهم أن تجعل المُتربي يُحبك.
وهي الإشارة التي أشار إليها الأستاذ محمد: قضية المحبة، ثم تستخدم يقول: الشدة واللين، كلٌّ في مكانه.
وأُؤكد على قضية: يا حبذا أن نجعل في مكان لفظ "الشدة": الحزم؛ حتى تأخذ المعنى السليم، فنستخدم -كما قال- بعد المحبة نجعل التربية من خلال الحزم واللين، كلٌّ في مكانه بلا شكٍّ.
عبدالكبير يقول: الذي يُراعي أن الله رقيبٌ وحسيبٌ.
يا سلام! يا سلام! كم نحن بأمس الحاجة إلى هذه القضية، فهذه أمانةٌ، التربية أمانةٌ، فالتربية ليست مزاجيةً، وليست قضيةً مُرتبطةً بخيرٍ أفعله أو لا أفعله، وإنما التربية قضيةٌ أساسيةٌ جدًّا: أمانةٌ ومسؤوليةٌ، فالأب يجب عليه: قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا [التحريم:6]، وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ [الطور:21].
المعلم هذه وظيفته، ليس من أجل أن يُعطي المعلومة فقط، وانتهت القضية، وبعض الناس حتى المعلومة قد لا يُعطيها، بعض المعلمين -هداهم الله- كمثالٍ؛ ولذلك من الخصائص: مدى علاقة هذا المعلم وهذا الأب وهذا المُربي بالله ، فالله رقيبٌ حسيبٌ.
أسأل الله أن يُوقِظ المُراقبة في نفوسنا أيها الإخوة والأخوات.
الأخت أم أحمد حسن تقول: مَن صبر على تعليم أبنائه كتابَ الله وسنة النبي .
فهنا إشارةٌ لقضية التعليم ودوره في التعليم، وكذلك الصبر على ذلك.
الأخ محمود الحضري يقول: أن يفعل ما يقول. وهذه هي قضية القدوة.
الأخت زهور تقول: أن يكون قدوةً بأفعاله قبل أقواله.
العارف عبده يقول: غرس محبة الله ورسوله في نفوس التلاميذ، فيترتب على ذلك محبة التلاميذ له، فالجزاء من جنس العمل.
يقول: غرس محبة الله ورسوله في نفوس التلاميذ.
يا سلام! لاحظوا هذه القضايا، لاحظوا من مشارق الأرض ومغاربها تأكيدٌ على هذه المعاني العظيمة.
يا جماعة، والله نحن بأمس الحاجة إلى ذلك: غرس محبة الله ورسوله في نفوس التلاميذ، يا سلام! والله لو كنتَ ما كنتَ: مدرس بدني، أو مدرس فني، أو مدرس كيمياء، أو مدرس طب، أيًّا كان التخصص، فهذا المجال كبيرٌ؛ لأن الله هو الخالق، يعني: هذه المجالات والتخصصات نعرف من خلالها عظمة الله، فكم نحن بأمس الحاجة إلى ذلك.
ثم حين يرون القدوة أمامهم: يرون هذا الرجل المهندس، وهذا الطبيب، وهذا الدكتور، يرون كيف علاقته بالله؟ ويذكر الله ، ويستثمر مثل هذه الفرص التربوية؛ لا شكَّ أنه ينتج في قلوبهم بعد هذا الزرع -زرع محبة الرسول - محبتهم له، وهذا من أكبر الأثر، يعني: الذي نحن بأمس الحاجة إليه.
أهم خصائص المُربي الفعَّال
أهلًا وسهلًا يا أستاذ علي، مرحبًا بك.
المتصل: حيَّاك الله يا دكتور، السلام عليكم.
المحاور: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصل: كيف حالك؟ طيبٌ، إن شاء الله؟
المحاور: مرحبًا.
المتصل: مُداخلتي أبدأ فيها: بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله .
المحاور: فقط قبل مُداخلتك، كم لك مع الطلاب والتلاميذ -بارك الله فيك- في الصفوف الأولية؟
المتصل: أكثر من عشرين سنةً، وطبعًا الآن معلم موهوبين.
المحاور: الآن معلم موهوبين.
المتصل: لي أكثر من سبع سنواتٍ.
المحاور: نفع الله بك، ماذا جنيتَ في هذه المرحلة من أهم الخصائص التي تراها في المُربي الفعَّال، بارك الله فيك؟
المتصل: طبعًا الإخوان -جزاهم الله خيرًا- ما قصَّروا، ذكروا أشياء قبلي، وأنا فقط سوف أُعطيك الأشياء باختصارٍ.
أولًا: أشكر لكم استضافتكم لي في هذه المُداخلة.
المحاور: حيَّاكم الله.
المتصل: خاصةً في هذا الموضوع المهم، وهو موضوع: صفات المُربي الفعَّال.
طبعًا من صفات المُربي:
أولًا: استحضار النية الصالحة. وهذا سبق أن قاله الجميع.
ثانيًا: صفة التَّغافل، وهذه من أهم الصفات التي يجب أن يتَّصف بها المُربي.
المحاور: لو أوضحتها، بارك الله فيك.
المتصل: التغافل هو: المُداراة، كما يقولون بالعامية: لا تُدقق على كل شيءٍ.
المحاور: يعني: غضّ الطرف عن بعض الأشياء.
المتصل: إي نعم، غضّ الطرف عن بعض الأشياء التي قد يفعلها الطالب، خاصةً مع صغار السن عن جهلٍ، وليس عن عمدٍ، حتى لو فعلوها عن عمدٍ يجب على المُربي أن يتغافل لمصلحة الطالب، فأنت تنظر في النهاية لمصلحة الطالب.
وبحكم كوننا معلمين للموهوبين، فنحن نفعل بعض النظريات التي نراها مفيدةً، مثل: نظرية "الذكاءات المتعددة" لهاورد غاردنر، وهذه النظرية قسَّم فيها الذكاء إلى ثماني أنواع، منها: اللغوي، والبصري، والاجتماعي، والمنطقي، وخلافه.
وقد سبقه عليه الصلاة والسلام بمئات السنين وطبَّق هذه النظرية قبل هذا العالم، من ذلك: بعثه لمعاذ إلى اليمن، بحكم أن معاذًا يتمتع بذكاءٍ اجتماعيٍّ، فعندما ذهب إلى اليمن نجح في هذه المهمة.
المحاور: المُربي يعرف مجالات التميز والموهبة لدى المُتربين.
المتصل: يعني: معاذًا كان لديه ذكاءٌ اجتماعيٌّ.
المحاور: لا يلزم أن يكون الذكاء فقط ذكاءً أكاديميًّا.
المتصل: لا، ليس ذكاءً أكاديميًّا، عندنا عدة أنواعٍ، منها -كما قلتُ لك-: لفظي، مكاني، اجتماعي.
المحاور: لو نختصر يا أستاذ علي، فقط عندنا دقيقةٌ واحدةٌ.
المتصل: طيب، على المُربي الفاضل -من الصِّفات- أن يقوم بتسويق درسه كما يفعل رجال المبيعات (salesmen)، حيث يقومون بتسويق سلعتهم وإقناعك بقبول هذه السلعة، بل وإقناعك بشرائها، مع أنك قد لا تحتاجها، فعلى المعلم أن يقوم بإقناع الطالب بقبول درسه، وليس فقط عرض الدرس.
طبعًا أنا لن أُطيل، عندي فقط اقتراحٌ بسيطٌ، وهو: تقديم دورات في فن صناعة المُربي الفعَّال، كما تُقدم دورات في فن صناعة القادة وخلافه.
وصلى الله على محمدٍ، وعلى آله وصحبه وسلم.
المحاور: شكرًا يا أبا خالد -أستاذ: علي- يُعطيك الله الصحة والعافية، وسعداء بك، بارك الله فيك.
كان معنا الأستاذ: علي الغامدي -جزاه الله خيرًا- وقد تكلم عن النية، وعن التغافل، وعن قضية الذكاءات المُتعددة ومعرفتها في الطلاب، وهذا من دور المُربي الفعَّال؛ حتى يستطيع أن يُميز بين الطلاب، وذكر قضية تسويق الدرس وقبول هذا الدرس لدى الأطراف الأخرى، ثم اقتراحه الجميل حول صناعة المُربي الفعَّال.
طيب، نأخذ التقرير الأخير، الله يُعطيكم العافية.
تقرير:
- أن يكون قدوةً للمُتربين، ومن صفات المُربي الناجح: أن يكون ذا احتواءٍ للمُتربين، وأن يحتويهم بما عنده.
- الصبر والرفق، وأيضًا من صفاته: أن يكون عالمًا بجميع خصائص النمو في المرحلة التي يعلمها، ومن صفات المُربي الناجح: أن يتبع هدي النبي في تربية الأبناء، أو أبنائه الطلاب.
- المربي الجيد يكون قريبًا من طلابه، ويكون الطلاب كالأبناء، ويكون دوره كالأب، والمُربي الجيد يُعطي ويأخذ، ويُرسِل ويتلقَّى؛ لأن بعض المُربين يكون هو المُرسل، ويكون الطالب فقط هو المُتلقي.
- إذا خاف الله في رعيته فسيُحسن تربية هؤلاء النَّشء بين يديه، ثم يكون لين الجانب معهم.
- أن ينهج منهج الطرق التعليمية المتنوعة، وهي أكثر من طريقٍ، مثلًا: المُقابلة الشخصية، والمنهج التتبعي، وغيرها، أما المعلم في فصله فلا بد أن يكون قريبًا من الطالب، ويُلامس حوائجه، ونفس هذا المثال ينطبق على الأب في البيت.
- أن يكون خائفًا من الله تعالى أولًا، وأن يكون ذا علمٍ، فكيف يُجيب على تساؤلات مَن يُربيهم؟ وأن يكون أمينًا مع مَن يُربيهم أيضًا، والأمانة صفةٌ كبيرةٌ جدًّا تندرج تحتها عدة صفاتٍ، منها: الصدق، والإخلاص، والتفاني في العمل.
الدكتور خالد: أيها الإخوة، لعلنا تابعنا معكم التقرير الثاني، وهؤلاء من طلابنا في جامعة الدمام، في كلية التربية، بعضهم من المُستجدين، وبعضهم من القُدامى، مشكورين، مأجورين، من الطلاب الذين سيكونون معلمين، بإذن الله .
لاحظوا المُواصفات: لاحظوا قضية القدوة، وقضية الصبر والرفق، وقضية معرفة خصائص النمو: هل هؤلاء الطلاب أو الأبناء الذين سيتعامل معهم في مرحلة الطفولة، أو المُراهقة، وما شابه ذلك؟
أيضًا هدي النبي ، ويكون الإنسان قريبًا من المُتربين، والخوف من الله ، وأن يأخذ ويُعطي، وأن يكون لديه علمٌ وأمانةٌ، ولين الجانب، ومعرفة حوائج المُتربين، وكذلك التعرف على طرق التعليم، وقضايا كثيرةٌ جدًّا، وفيها تكرارٌ بلا شكٍّ، وهذا هدف الحوار اليوم، فلا بد أن تكون هناك تقاطعاتٌ كثيرةٌ فيما سمعناه، ونريد ذلك حتى نستطيع أن نعرف هذه المنظومة المهمة جدًّا فيما يتعلق بقضية خصائص المُربي الفعَّال.
الأخت حنان علي تقول: ذا خلقٍ وسعة صدرٍ، ويسمع جيدًا لمَن أمامه.
انظروا: قضية الاستماع من القضايا المهمة جدًّا، وقد أكَّد عليها بعض الطلاب.
لاحظوا: الطلاب ربما كرروا قضية الاستماع، وكثيرٌ من المُربين -آباء ومعلمين- هم الذين يتحدثون، يريدون أن يتحدثوا، ولا يريدون أن يستمعوا، وهذه قضيةٌ خطيرةٌ جدًّا، فلا بد أن يكون المُربي الفعَّال -كما ذكرنا في لقاء الدكتور عبدالعزيز النغيمشي في الأسبوع الماضي- حسن التحدث، حسن الاستماع، ويُعطي فرصةً حينما يكون حسن التحدث للطالب أو الابن أن يستمع.
وكذلك حُسن الاستماع: فهو يُعطي فرصةً للطالب أو الابن كي يتحدث، وهذا الذي يُوجِد البيئة الحوارية الناضجة، وأبناؤنا وأجيالنا وطلابنا اليوم بأمس الحاجة إلى مثل هذه القضية، وإلا سيتَّجهوا إلى وسائل التواصل الاجتماعي ويُنَفِّسوا من خلالها بأفكارٍ وسلوكياتٍ؛ لأنهم يجدون هناك بيئة الحوار أنضج من خلال تعاملهم وتواصلهم مع الآخرين.
تقول ولاء إمام: لا بد أن يتَّسم بحُسن الخلق في جميع مُعاملاته، سواءٌ مع الأشخاص، أو مع الله؛ لكي يكون قدوةً حسنةً لغيره.
شكرًا لكِ ولمَن قبلكِ كذلك.
يقول زايدي: الأهم هي القدوة الحسنة.
لاحظوا أيها الإخوة، أنا في نهاية هذه الحلقة حول هذه الخصائص، فكم نحن بأمس الحاجة إلى أن نقف مع أنفسنا وقفة مُحاسبة ومُراجعة مهما امتدَّ بنا العمر، فنحن شئنا أم أبينا مُربون: في بيوتنا، وفي بيئاتنا التعليمية، وغيرها، فلا بد أن نُراجع أنفسنا من خلال عرض هذه النفس على هذه الخصائص: هل نحن قريبون منها، أم أننا بعيدون عنها؟
يا أيها الإخوة، أجيالنا اليوم بحاجةٍ إلى المُربين الفاعلين، وبحاجةٍ إلى النظر بشكلٍ كبيرٍ إلى مثل هذه الخصائص وتمثلها في الواقع.
هناك أشياء مُشتركة بلا شكٍّ بيننا وبين غيرنا، حتى من غير المسلمين، لكن هناك أشياء لا شكَّ أنها تخصنا نحن لكوننا مسلمين، فلا بد أن نستثمرها ونهتم بها.
لعل هذه الحلقة هي آخر حلقةٍ فيما يتعلق بسلسلة المُربي الفعَّال:
تحدثنا في الحلقة الأولى عن المُقدمات والقواعد.
وفي الحلقة الثانية عن المجالات والأساليب.
وفي الحلقة الثالثة مع الدكتور: عبدالعزيز النغيمشي حول الخصائص.
وهذه الحلقة مفتوحةٌ أيضًا حول الخصائص.
وأسأل الله أن يُعيننا وإياكم على الواجب، وأن يجعلنا وإياكم هُداةً مُهتدين، غير ضالين ولا مُضلين.
حلقتنا القادمة -بإذن الله- ستكون بعنوان: التربية الوقائية في القرآن، وسيكون ضيفنا الأخ الكريم الشيخ الدكتور: طارق الفارس، أستاذ القرآن.
أسأل الله أن يُوفقنا وإياكم لكل خيرٍ.
إلى ذلكم الحين أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.