المحتوى
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأُصلي وأُسلم على نبينا محمدٍ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: أيها الإخوة والأخوات، هذه هي الحلقة الثانية والعشرون من برنامجكم الأسبوعي المباشر "أسس التربية"، وموضوعنا في هذه الليلة عن التربية الوقائية في القرآن الكريم.
ونستضيف في هذا اللقاء فضيلة الشيخ الدكتور: طارق بن أحمد الفارس، أستاذ القرآن الكريم بجامعة الإمام.
حيَّاك الله شيخ طارق، ومرحبًا بك.
الضيف: حياك الله يا دكتور خالد، وحيا الله السادة المشاهدين والمشاهدات.
المحاور: لا شك أنه لا يمكن أبدًا للنفس البشرية أن تستقيم -يا شيخ طارق- سواءً من ناحيةٍ فرديةٍ وما يُسمى بالاستقرار الفردي أو الذاتي، أو من الناحية الجماعية وما يُسمى بالاستقرار الجماعي، حتى تزيد الإنتاجية، وتُقدّم لها خدماتٌ وقائيةٌ، وكما يقال: الوقاية خيرٌ من العلاج.
وهناك ثلاث دوائر مهمة في التربية الوقائية -ونقول هذا الكلام من أجل أن نستوعب هذه الدوائر الثلاث من خلال هذا البرنامج-، وهذه الدوائر هي:
1- دائرة الجانب الوقائي.
2- دائرة الجانب العلاجي.
3- دائرة الجانب النَّمائي.
والكثير منا يقف عند موضوع الجانب العلاجي حينما تحصل مشكلةٌ، ولو حصل الاهتمام بالجانب الوقائي لقلَّت حاجتنا للجانب العلاجي، وأعظم من ذلك الجانب البنائي، وحينما يكون هذا المفهوم المتعلق بالجانب الوقائي مع كتاب الله يكون الشأن عظيمًا جدًّا.
فهلَّا بدأتم ببيان مفهوم المنهج الوقائي من خلال كتاب الله بارك الله فيكم.
الضيف: أحسنت، جزاك الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأُصلي وأُسلم على سيد الخلق نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فقد حصلت ندوةٌ طبيةٌ في أحد مراكز لجان التنمية في الدمام عن مرض السكر، حيث قام الاستشاري الذي يُقدِّم المحاضرة بتوزيع أوراقٍ على الحضور، عبارةٌ عن استبيانٍ فيه مثلًا: السن، والجنس، وهل أنت مُصابٌ بالسكر أو لا؟ وبعد المحاضرة وجد النسبة تقريبًا: 95% من الحضور غير مصابين بالسكر، و5% مصابون، فاستغربنا من هذه النسبة، وقلنا: إنها نتيجةٌ سلبيةٌ. وقال هو: إن هذا دليل وعيٍ. قلنا: كيف؟ قال: نحن نحتاج غير المصابين بالسكر أكثر من حاجتنا للمُصابين بالسكر؛ لأن الوقاية خيرٌ من العلاج، كما تقول القاعدة الأصولية: الدفع أسهل من الرفع.
فقضية الوقاية مستقيمةٌ مع الفِطَر، فلا أحدَ يريد أن يُعقِّد موضوع العلاج؛ ولذلك فالقرآن له منهجٌ فريدٌ في الوقاية.
المحاور: تقصد يا شيخ طارق: في مقابل العلاج، لكن في الجانب البنائي؟
الضيف: الوقاية جزءٌ كبيرٌ من الجانب البنائي.
المحاور: يعني: أنت تُدْخِل في قضية الوقائي: الجانب البنائي؟
الضيف: على اعتبار أن الجانب البنائي له إجراءاته الخاصة.
وقد ذكرنا المنهج القرآني البنائي، ونقصد به الشريعة ككلٍّ باعتبار أنه المصدر الرئيس للتشريع، ولا يمكن أن نستغني عن السنة لتوضيح بعض الأشياء، وأما المنهج الوقائي فللقرآن الكريم منهجه الخاص في قضية الوقاية، وسنتناول أبرز معالم التربية الوقائية في القرآن الكريم، حيث إنه يُشخِّص القضية تشخيصًا دقيقًا.
المحاور: يعني: صحة التشخيص؟
الضيف: نعم، ويُعالجها بمصطلحاتٍ خاصةٍ، وإجراءاتٍ علميةٍ عمليةٍ، وسيتبين هذا -إن شاء الله- من خلال بعض التطبيقات والنماذج التي سنذكرها -إن شاء الله- في هذه الحلقة.
المحاور: إذن التربية الوقائية هي قضيةٌ مهمةٌ جدًّا، ولا بد من وجودها في أي محضنٍ تربويٍّ، لكن يحصل إشكالٌ يا شيخ طارق، وهو: أن أي مشكلةٍ تحصل تعتقد النفس البشرية أنه يجب أن تُعالج بغض النظر عن صحة هذا العلاج من عدمه، وهل التشخيص صحيحٌ أم لا؟
فهذه قضيةٌ أخرى، لكن في استخدام الأجهزة أو التقنية مستحيلٌ أن نمنع، مع أنه قد يُمارس الإنسان المنع في حياته في قضايا معينةٍ أصلًا، كما لو كانت عنده إشكاليةٌ في السكري، وهو يُحب طعامًا معينًا، فإذا قال له الطبيب: امتنع من تناول هذا الطعام، فإنه سيمتنع، أليس كذلك؟
الضيف: بلى.
المحاور: فقد يُربَط بعض الأحيان بين الجانب الوقائي وقضية عدم الثقة بالشخص أو الشك فيه، مع أن القضية لا رابط بينها، فالجانب الوقائي كلٌّ منا يحتاج إليه.
فهذه نقطةٌ أردنا أن نُوضحها فقط، بارك الله فيكم، فهل لكم تعليقٌ عليها؟
الضيف: نحن تكلمنا عن هذه القضايا، ولا بد أن نكون مُستصحبين بعض الأمور، ومنها: قوة الإرادة في العلاج، فمَن لم توجد له قوة إرادةٍ ونيةٌ صادقةٌ فإنه سيُعاني من ذلك.
المحاور: قوة الإرادة في الوقاية؟
الضيف: نعم، حتى عند الوقوع في المرض، ويضطر الإنسان للعلاج، سيكون في أشد الحاجة إلى الإرادة، فليس هناك علاجٌ إلا ويحتاج إلى شيءٍ من الإرادة، كما قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ [الرعد:11].
المحاور: أنا أقصد يا شيخ عندما أُمارس قضيةً وقائيةً مع أبنائي، فلا أُعطيه مثلًا جوَّالًا من الجوالات المُتقدمة؛ لكونه طفلًا صغيرًا، فهناك مَن يرى أن القضية أصبحت لازمةً، فكل أحدٍ يُعطي ولده ذلك، فليست القضية هنا مربوطةً بالشك وعدم الثقة بالأشخاص، وإنما مربوطةٌ بجانب التربية، فإذا أردنا أن نُربي الشخص تربيةً صحيحةً فلا نُعطيه إلا ما يحتاج إليه.
فالمنهج الوقائي هو منهجٌ مُؤثرٌ في الإنسان، ويحتاج إليه، وليس له ارتباطٌ بقضية الشك أو عدم الثقة، أو ما شابه ذلك.
الضيف: أيضًا باعتبار أن المنهج الوقائي له إجراءاته، وليس ترك الحبل على الغارب كما يقال، وإعطاء الأبناء ما يُريدون من غير توجيهٍ ولا تهذيبٍ.
المحاور: إذن نحن انتهينا من ذكر المفهوم، وننتقل إلى قضية التربية الوقائية في كتاب الله .
مفهوم الوقاية
الضيف: التربية الوقائية كان لها حضورٌ كبيرٌ في القرآن الكريم، فمفهوم الوقاية يقال: وَقى الشيء وَقْيًا ووقايةً وواقيةً، يعني: صانه وحفظه، وهي مأخوذةٌ من التقوى، والتقوى جاءت في القرآن تقريبًا مئتين وستٍّ وأربعين مرةً، في خمسٍ وستين سورةً، حتى قال أبو بكر ابن العربي -أحد كبار مُفسري المغرب، وصاحب كتاب "أحكام القرآن"، وهو سفرٌ عظيمٌ-: لم يتكرر لفظٌ في القرآن مثل تكرار لفظ التقوى؛ اهتمامًا بشأنها[1]نقله عنه صاحب "التحرير والتنوير" (1/ 228)، ولم نجده في تفسيره.، وجاءت باشتقاقاتها المختلفة.
المحاور: على اعتبار أن التقوى هي وقايةٌ بينك وبين النار.
الضيف: نعم، فالتقوى بمجملها: أن تجعل بينك وبين النار وقايةً، هذه المسافة التي بينك وبين النار هي وقايةٌ، وكذلك تتفرع إلى مجالاتٍ وإجراءاتٍ ووسائل بحسب المنهج الشرعي، والمتوافق أيضًا مع القضايا الدنيوية التي لا تُخالف الشرع من الأسباب والمباحات وغيرها.
فالوقاية تأتي بعِدَّة معانٍ، منها: الصيانة والحماية، والتحذير، والتجنب، وعدم التعرض للتلف، فهذا معنى الوقاية.
فإذا أضفنا إليها كلمة التربية، فالتربية من أبرز معانيها في القرآن: التعليم، قال تعالى: وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ [آل عمران:79]، وتأتي بمعنى: الرعاية والحفظ، كما في قوله: وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا [الإسراء:24]، ولها معانٍ أخرى كما في اللغة، منها: الإصلاح، والنماء، والزيادة.
مفهوم التربية الوقائية
فإذا جمعنا بين مفهوم التربية، ومفهوم الوقاية الذي هو: أن تجعل بينك وبين النار أو عذاب الله وقايةً، فيكون المراد من التربية الوقائية: هي نظامٌ أو منظومةٌ متكاملةٌ بأساليب متنوعةٍ لإصلاح النفس والمجتمع وحمايته من كل ما يُعرِّضه للخطر دنيا وآخرة.
القرآن العظيم منهجٌ وقائيٌّ
القرآن العظيم منهجٌ وقائيٌّ قبل أن يكون منهجًا علاجيًّا، ومَن أخذ بتعاليمه حمى نفسه ومجتمعه من الأضرار والأخطار، فهو منهجٌ فريدٌ يُحارب الجريمة قبل وقوعها، والفتنة قبل حصولها، ويجتث المشكلة ودوافعها وخلفياتها اجتثاثًا، وهذا واضحٌ، وليس مجرد شعاراتٍ، وإنما يتضح علميًّا وعمليًّا من خلال نصوص القرآن والسنة وقواعد الشرع، ومن خلال الأمثلة -إن شاء الله- يتبين ذلك.
فهو نظامٌ متكامل المبادئ والتشريعات والقِيَم، ولا انفكاك للعقيدة فيه عن الشريعة، ولا الإيمان عن الأخلاق والسلوكيات، ولا الروح عن الجسد، ولا العقل عن القلب، فهو يتعامل مع الإنسان ككيانٍ متكاملٍ.
المحاور: وحدةٌ متكاملةٌ؟
الضيف: نعم، جسدٌ وعقلٌ وروحٌ، ومع المجتمع بأطيافه، ولن تجد نظامًا يستطيع أن يُحقق ذلك إلا من خلال هذا المنهج القائم على الوحي؛ لأن الله هو الذي خلق الخلق، وهو أدرى بما يُصلحهم، وإن تنوعت أشكالهم وألوانهم وأجناسهم وأفكارهم ولُغاتهم، .. إلى آخره.
المحاور: جزاك الله خيرًا، فهذا الكلام يؤكد على أن قضية المنهج الوقائي أو التربية الوقائية حازت الأغلبية في التوجيه القرآني، حتى يحمي الإنسانُ نفسَه من الوقوع فيما سيكون سببًا في المشكلات الدنيوية أو الأخروية.
هدف التربية الإسلامية
لا شك أن مثل هذا المنهج يُسعد الإنسان في الدنيا والآخرة، وهو مطلب الإنسان، وهو ما تهدف إليه أيضًا التربية الإسلامية، وهو الذي يستوعبه كتاب الله ، وهناك تطبيقاتٌ كثيرةٌ فيما يتعلق بقضية التربية الوقائية، فلعلنا نبدأ بما تراه مناسبًا من التطبيقات.
عفوًا معنا اتصالٌ.
تفضل يا أبا عبدالله من السعودية، حيَّاك الله.
المتصل: السلام عليكم.
المحاور: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصل: عندي سؤالٌ للشيخ حفظه الله.
المحاور: تفضل.
المتصل: سؤالي: إن المسلمين الذين يدخلون في الإسلام، ويكونون قبل إسلامهم كفارًا، هؤلاء لا بد من تربيتهم بعد دخولهم في الإسلام؛ لأنه تبقى عندهم آثارٌ للكفر، فكيف يتربون على مُعالجة هذه الآثار السلبية؟ وهل إزالتها تأخذ فترةً طويلةً؟ بارك الله فيكم.
المحاور: جزاك الله خيرًا يا أبا عبدالله.
معنا الأخ محمد من السودان، حيَّاك الله يا أخ محمد.
المتصل: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، حيَّاك الله فضيلة الشيخ.
المحاور: يا مرحبًا، حيَّاك الله.
المتصل: الله يبارك فيك ويُحييك.
المحاور: تفضل بسؤالك.
المتصل: التربية الوقائية هي مطلبٌ في الشريعة الإسلامية، والله ذكر لنا في قصة لقمان عليه السلام مع ابنه أنه كان يُربيه، ويقول له: يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ [لقمان:16]، وهذا نموذجٌ وضعه الله في كتابه العزيز ليُطبقه العبد المؤمن مع أبنائه وبناته، وخاصةً الأمر بالتعليم بأن يذكر الأمر وعِلَّته والحكمة منه، فيقول لولده: لا تعمل كذا لأجل كذا. وهذا منهجٌ ربانيٌّ وضعه الله ليأخذ به العبد.
المحاور: جميلٌ، يعني: إظهار الهدف من التربية الوقائية؟
المتصل: نعم.
المحاور: جزاك الله خيرًا، وهل أنت تُمارس هذا -أخي محمد- مع أبنائك؟
المتصل: طبعًا -إن شاء الله- إذا رُزقتُ بأولادٍ.
المحاور: الله يرزقنا وإياك، وجزاك الله خيرًا على المداخلة والمشاركة الطيبة، وبارك الله فيك.
معنا مداخلةٌ كريمةٌ من حبيبنا وأستاذنا الدكتور: خليل الحدري -وفَّقه الله-، أستاذ التربية الإسلامية في جامعة أم القرى، وهو مهتمٌّ بالتربية الوقائية، بل إن بحثه الأكاديمي في هذا المجال.
مرحبًا بك يا دكتور خليل.
المتصل: حيَّاكم الله وبيَّاكم، وأهلًا وسهلًا يا دكتور خالد.
المحاور: حياكم الله، الله يحفظك ويُبارك فيك، ويجزيك عنا خيرًا.
المتصل: آمين، آمين.
المحاور: معنا الدكتور طارق نتحدث حول التربية الوقائية في القرآن، ولعلنا نسمع منك ما يتعلق بالجانب التربوي بحكم ارتباطك بهذه القضية بشكلٍ وثيقٍ، بارك الله فيك.
المتصل: أسأل الله أن يبارك جهودكم، حيَّاك الله يا دكتور خالد، وحيَّا الله ضيفك الكريم فضيلة الدكتور: طارق الفارس، حبيبنا أبا زياد، وحيَّا الله قناة "زاد"، هذه القناة التي عمَّ نفعها، وانتشر عبيرها بالعلم المُؤصَّل، والرؤيا التربوية الثاقبة، وبارك الله في جهود فضيلة الشيخ: محمد المنجد، وحفظه الله، ونفع به الإسلام والمسلمين.
المحاور: آمين، جزاك الله خيرًا.
المتصل: فيما يتعلق بالتربية الوقائية أو العمل الوقائي الذي تدور حوله هذه الحلقة، الحقيقة أن ثلاثة أرباع المنهج التربوي الإسلامي وقايةٌ، والربع الباقي في العلاج، يقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا [التحريم:6].
وتبدأ هذه التربية الوقائية للمسلم بحُسن غرس الإيمان في نفسه على أصولٍ علميةٍ ومنهجيةٍ صحيحةٍ في عملٍ تراكميٍّ يبدأ بخطوته الأولى وينتهي بنتيجته، عن طريق العناية بالقلب، وتهذيب الوجدان.
ولا شك أن هذا منهج نبينا محمدٍ الذي قال وهو يرسم لنا هذه المنهجية: ألا وإن في الجسد مُضغةً، وما أجمل قول بعضهم: انتصر النبي في معركة العقيدة بغرس الإيمان في النفوس عبر استهداف هذه المُضغة التي إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله[2]أخرجه البخاري (52)، ومسلم (1599).، وكان بعضهم يقول: انتصر النبي في معركة العقيدة، فلم يحتج بعد ذلك إلى معارك يخوضها من أجل الأمر والنهي.
وهذه دلالةٌ على أننا إذا استهدفنا القلب بالتربية الوقائية قادنا الأمر إلى الاستجابة للأحكام والقِيَم والأخلاق، فلا يجد الإنسان فيها مشقةً، بل يندفع إليها دفعًا، ولا يتردد فيها.
التربية الوقائية -يا دكتور خالد- خطوةٌ أولى، ومطلبٌ سلوكيٌّ يجب البدء به، والتركيز عليه، فبعد غرس الإيمان تأتي التدابير الوقائية والعملية الإجرائية.
يقول ابن القيم رحمه الله: "فإذا حرَّم الرب تعالى شيئًا وله طرقٌ ووسائل تُفضي إليه فإنه يُحرِّمها، ويمنع منها؛ تحقيقًا لتحريمه، وتثبيتًا له، ومنعًا أن يقرب حماه، ولو أباح الوسائل والذرائع المُفضية إليه لكان ذلك نقضًا للتحريم، وإغراءً للنفوس به، وحكمته تعالى وعلمه يأبى ذلك كل الإباء، بل سياسة ملوك الدنيا تأبى ذلك؛ فإن أحدهم إذا منع جنده أو رعيته أو أهل بيته من شيءٍ، ثم أباح لهم الطرق والأسباب والذرائع المُوصلة إليه لعُدَّ مُتناقضًا، ولحصل من رعيته وجنده ضد مقصوده.
وكذلك الأطباء إذا أرادوا حسم الداء منعوا صاحبه من الطرق والذرائع المُوصلة إليه، وإلا فسد عليهم ما يرومون إصلاحه، فما الظن بهذه الشريعة الكاملة التي هي في أعلى درجات الحكمة والمصلحة والكمال؟
ومَن تأمل مصادرها ومواردها علم أن الله تعالى ورسوله سدَّ الذرائع المفضية إلى المحارم بأن حرَّمها ونهى عنها"[3]"إعلام الموقعين عن رب العالمين" (3/ 109)..
طبعًا هذا في العقائد والعبادات والأخلاق والمعاملات، فإذا لم يعتنِ المُربي بذلك فهو أمام إشكالٍ، وسأضرب مثالًا سريعًا ذكره بعض المفكرين، يقول: قريةٌ اشتكى أهلها من أن أولادهم يصعدون إلى جبلٍ مجاورٍ، وفي أعلى الجبل مساحةٌ مستويةٌ يلعبون فيها، وكانوا يسقطون منها، فأصبحوا يفقدون في كل سنةٍ عددًا من أولادهم، والجبل عبارةٌ عن صخرةٍ واحدةٍ من ثلاث جهاتٍ، والأولاد يصعدون من جهةٍ واحدةٍ فقط، ولا يستطيعون الصعود من ثلاث جهاتٍ، فلما تدارسوا هذه القضية، وكيف يمكن أن يحلوا هذه الإشكالية؟ انقسموا إلى أربع فرقٍ:
الفريق الأول: قالوا: نرى أن الحل لننقذ أبناءنا من السقوط أن نبني مستشفى في أسفل الجبل، وكلما سقط طفلٌ نقلناه إلى المستشفى. وهذه صورة المنهج العلاجي، وهي صورةٌ مُضحكةٌ.
الفريق الثاني: قالوا: نهدم الجبل حتى نُسويه بالأرض. فقيل: هذا حلٌّ رائعٌ ومثاليٌّ، لكن ما الآلات التي معكم؟ قالوا: الشاكوش والفاروع. وهي أدواتٌ بسيطةٌ جدًّا، ولا يمكن أن تُزيح طرفًا من الجبل، فضلًا عن الجبل كله، وهذا حلٌّ مثاليٌّ بعيدٌ عن الواقع، وما أكثر الحلول المثالية!
الفريق الثالث: قالوا: نرحل عن القرية. وهذا حلٌّ مثاليٌّ أيضًا، لكن لا يمكن لهم ذلك؛ لأن في القرية أملاكهم وبيوتهم ومزارعهم، ومن المُحال أن يرحلوا ويتركوا مساكنهم.
الفريق الرابع: قالوا: ما دام أن الأولاد يصعدون من جانبٍ واحدٍ فقط، وهو الجانب الأيمن، ومن مساحةٍ يسيرةٍ -حوالي عشرين مترًا-، فنطلب من كل أسرةٍ أن تدفع مبلغًا من المال، ونبني جدارًا شاهقًا يمنع صعود الأطفال من هذه الجهة، وبهذه الصورة نضمن القضاء على هذه المشكلة، وإن وجدنا طفلًا له طاقاتٌ خارقةٌ، واستطاع أن يقتحم الجدار، وأن يصعد الجبل، فلا مانع من أن يكون عندنا في أسفل الجبل مستشفى لأهل القرية، فنجمع بين الوقاية والعلاج.
وفي كثيرٍ من قضايا أمتنا اليوم يقوم الحلُّ فيها على رؤية أصحاب المنهج الأول، الذين قالوا: نبني مستشفى في أسفل الجبل، وكلما سقط طفلٌ ذهبنا به إلى المستشفى.
المحاور: يعني: ننتظر يا دكتور خليل متى يسقط الطفل؟
المتصل: نعم، المنهج القائم على العلاج: ننتظر المشكلات حتى تقع، ثم نبحث بعد ذلك عن كيفية حلها ومُعالجتها.
مجالات التربية الوقائية
مجالات التربية الوقائية متعددةٌ بين الفرد والأسرة والمدرسة والمجتمع.
جوانب الوقاية للفرد
الوقاية للفرد تدخل في مختلف جوانب حياته العقدية، والعبادية، والأخلاقية، والاجتماعية، والجسمية، والنفسية، والفكرية، وفي كل هذه الجوانب يحتاج الإنسان إلى أن يُحيط نفسه بتدابير وقائيةٍ لئلا يقع.
جوانب الوقاية للأسرة
وللأسرة كذلك مجالاتٌ في التربية الوقائية، تبدأ من اختيار الزوجين، وتنتهي بأدق تفصيلات الحياة الزوجية، وقد جاء أحد السلف إلى أخيه وقال: أبشرك، البارحة رُزقتُ بمولودٍ، فما نصيحتك لي في تربيته؟ قال: وصل؟ قال: نعم. قال: فات القطار، ليتك أتيتني قبل أن تتزوج؛ لأن التدابير الوقائية لبناء الإنسان تبدأ من قبل الزواج بحُسن اختيار الأم.
جوانب الوقاية في المجتمع
كذلك تتعدد جوانب الوقاية في المجتمع، وقد حصرتها عندما كتبتُ بحثي في مرحلة الماجستير في ثلاثة مساراتٍ:
المسار الأول: في الدعوة إلى الله، فما انتشرت الدعوة إلى الله في بيئةٍ على أصولٍ علميةٍ منهجيةٍ صحيحةٍ إلا أحاطت هذا المجتمع بسياجٍ يمنع الوقوع في المشكلات.
المسار الثاني: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، فإذا أُقيم على أصولٍ علميةٍ صحيحةٍ أصبح سياجًا حاميًا للعقائد والأخلاق والقيم والأفكار من أن يتجاوز أربابها الحدود، فتقع المشكلات.
المسار الثالث: تطبيق الحدود، فما طُبِّقت الحدود الشرعية في بيئةٍ إلا كانت حمايةً عظيمةً وسياجًا كبيرًا لعقائد الناس وأخلاقهم ومجمل أمور حياتهم؛ ولهذا يقول ربنا جلَّ وعلا في مُحكم تنزيله: وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ [البقرة:179]؛ لأنها سياجٌ يحمي ويُؤسس للخير، ويمنع الشرور.
ولا شك -كما قلتم سلفًا يا دكتور خالد- أن من أكبر المشكلات التي تعترض حياتنا أننا نترك الأمور تسير على عواهنها حتى يقع الخطأ، فإذا وقع الخطأ نبحث عن العلاج الذي أصبح يُكلفنا أضعاف أضعاف ما كان يمكن أن يُكلفه الجانب الوقائي، والأطباء يقولون: الوقاية خيرٌ من العلاج، بل يُبالغون فيقولون: درهم وقايةٍ خيرٌ من قنطار علاجٍ.
والمُختصون في أصول الفقه يقولون في قاعدتهم الشهيرة: الدفع أسهل من الرفع، أي: دفع القضية قبل أن تقع أسهل بكثيرٍ من رفعها بعد وقوعها، فأحيانًا إذا وقعت المصيبة أو المشكلة احتجنا إلى أضعاف ما كان يمكن أن نحتاجه عندما نبدأ بالجانب الوقائي.
فلا بد من تأسيس هذه المعاني في نفوس الناس، والانطلاق على وعيٍ وبصيرةٍ.
الحقيقة أن الوقت قد حُدِّد بأربع دقائق، وأرجو أن أكون قد التزمتُ بهذا، وأرجو ألا أكون قد تجاوزتُ، وجزاكم الله خيرًا يا دكتور.
المحاور: شكر الله لك يا دكتور خليل، وفتح الله عليك، ونفع الله بك، ونحن سُعداء بهذه المشاركة الطيبة، وعلى أملٍ -إن شاء الله- أن تكون معنا في إحدى الحلقات في الاستديو، بإذن الله .
المتصل: سلَّمكم الله، أسأل الله أن يُعينكم، وأن يُجري الخير على أيديكم لكثيرٍ من خلقه إلى يوم القيامة.
المحاور: اللهم آمين.
الضيف: جزاك الله خيرًا يا دكتور خليل، وبارك الله فيك.
المحاور: كان معنا الدكتور: خليل الحدري، أستاذ التربية الإسلامية في جامعة أم القرى.
هل لكم يا دكتور تعليقٌ أو إجابةٌ فيما يتعلق بالمشاركات السابقة -حفظكم الله- قبل أن نبدأ في التطبيقات؟
الضيف: الدكتور خليل -جزاه الله خيرًا على مداخلته الثرية- قد ذكر خلاصة عمله في الرسالة العلمية، وركَّز على قضية القلب وعلاجه، ومن المُصادفات: أن الحديث عن القلب الذي جاء فيه قوله : ألا وإن في الجسد مُضغةً ... أصل هذا الحديث هو الاحتراز من الوقوع في الشبهة، وهو منهجٌ وقائيٌّ: الحلال بيِّنٌ، والحرام بيِّنٌ، فالإنسان يعرف الحلال: فيتزوج، ويشرب الماء، ويأكل الدجاج، وهو مرتاحٌ، على أنه مباحٌ، ويجتنب الحرام، وهو معروفٌ، ومنه: الخمر، والزنا، والربا، وغيره، لكن بينهما مُشتبهات تخفى على كثيرٍ من الناس: لا يعلمهن كثيرٌ من الناس، فما الحل معها يا رسول الله؟ قال: فمَن اتقى فذكر الوقاية الشبهات استبرأ لدينه وعِرضه، فهذا هو المنهج والعلاج الذي يجعل الإنسان على خيرٍ في أموره كلها، وهو التقوى والوقاية، وهو صلاح القلب؛ لأن الحديث خُتِمَ: ألا وإن في الجسد مُضغةً إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله.
وقال الرسول في نفس الحديث: كراعٍ يرعى حول الحمى يُوشك أن يُواقعه[4]أخرجه البخاري (52)، ومسلم (1599).، فيأتيك سلطانٌ من السلاطين مثلًا أو شخصيةٌ من الشخصيات ويضع له محميةً، ويمنع الاقتراب منها، وقرب الغنم من هذه المحمية سيُعرض صاحبها للعقاب.
فالنبي عليه الصلاة والسلام لم يقل: لا تذهب وتأكل. ولكن قال: لا تقترب؛ لأن من التجارب أن مَن حاول أن يقترب وقع.
وتأمل قصة أبينا آدم وأمِّنا حواء عليهما السلام، وسبب المشكلة التي حصلت لهما أنهما أكلا من شجرةٍ نهاهما الله عن الأكل منها، فقال لهما: وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا [البقرة:35]، ولم يقل: ولا تأكلا.
المحاور: وفي الزنا أيضًا.
الضيف: نعم، فلاحظ اللفظة، ذكر القُرْب، مع أنه لم يكن السبب في إهباطهم إلى الأرض، وإنما السبب هو الأكل، والله نهاهم عن القُرْب فقال: وَلَا تَقْرَبَا، فالتجارب تُثبت أن الذي لا يجعل لنفسه منهجًا وقائيًّا سيقع في الحرام أو في مقدماته.
وكما ذكرتَ لا توجد آيةٌ في القرآن تقول: ولا تزنوا، وإنما وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَى [الإسراء:32]، ومعروفٌ كيف يقترب الواحد من الزنا.
المحاور: بدواعي الزنا ومُقدماته.
الضيف: نعم، بمقدماته، وأيضًا ليس في القرآن آيةٌ تقول: ولا تتبعوا الشيطان، وإنما فيه: وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَان [البقرة:168]، فهذه مصطلحات وقائية يستخدمها القرآن.
المحاور: قضيةٌ مهمةٌ -يا دكتور طارق- وهي: أن قوة الإرادة التي أشرتَ إليها قبل قليلٍ نحتاج إليها في المنهج الوقائي أشد من المنهج العلاجي.
الضيف: نعم.
مميزات المنهج الوقائي في القرآن
من مميزات المنهج الوقائي في القرآن أنه يبدأ مع الإنسان قبل ولادته، ويستمر معه ويُصاحبه إلى أن يموت، كما قال : تخيَّروا لنُطفكم[5]أخرجه ابن ماجه برقم (1968)، والألباني في "الصحيحة" برقم (1067). أي: في البداية اختاروا الزوجة المناسبة، والأحاديث التي جاءت كلها قبل أن يخلق الإنسان هي من المنهج الوقائي، كقوله : تُنكح المرأة لأربعٍ: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها ..[6]أخرجه البخاري برقم (5090)، ومسلم برقم (1466).، وكقوله: إذا أتاكم مَن ترضون خُلُقَه ودينه فزوِّجوه[7]أخرجه ابن ماجه برقم (1967)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" برقم (2928).، وكذلك ما جاء في آداب المُعاشرة والتسمية.
والمرأة تُعذر فترة الحمل عن الصيام؛ لأن الولد يتغذى منها، ثم في النفاس يحرم عليها فعل ركنين عظيمين من أركان الإسلام: الصلاة والصيام، وكل هذا من أجل هذا المولود: تحصينًا وحفظًا له، فإذا خرج تأتي التسمية، ثم الرضاع حولين كاملين، وعند الفراق قال الله: وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى [الطلاق:6].
المحاور: فالقضية مرتبطةٌ بالإنسان، فالجنين وهو لا يزال عبارةً عن نطفةٍ ولحمٍ ودمٍ راعت الشريعة أحواله، فكيف بالجانب العقلي والفكري والوجداني، وما شابه ذلك؟
الضيف: نعم.
المحاور: بالنسبة للأخ الذي سأل عن قضية الكافر الذي أسلم، وأنه تبقى عنده رواسب، وكيف يستطيع أن يتخلص منها؟ وهل هناك جانبٌ علاجيٌّ قد يكون له ارتباطٌ كبيرٌ بذلك؟ فهل لكم من توجيهٍ؟
الضيف: الجواب قد يطول، لكن باختصارٍ لا بد من معالجة القلب من خلال تعظيم الله ، وذكر سيرة الحبيب ، والبرامج المستمرة، هذا إجمالًا، والمسألة تحتاج إلى تفصيلٍ أكثر.
المحاور: جزاك الله خيرًا، طيب، في الدقائق المتبقية من هذه الحلقة -يا دكتور طارق- نريد مجموعةً من التطبيقات، ومما لفت نظري في مشاركات الجمهور في السؤال التفاعلي وهو: هل التربية الوقائية شاملةٌ، أم أنها ليست شاملةً؟ فكانت الإجابات كلها تقريبًا: أنها شاملةٌ، لكن ركَّزوا على سورة الحجرات وسورة النور، فعددٌ من الإجابات تقول: كما في سورة الحجرات، وأخرى تقول: كما في سورة النور، فهل لنا من تطبيقاتٍ حول هذه القضية، حفظك الله؟
تطبيقات حول التربية الوقائية
الضيف: المنهج الوقائي في القرآن والسنة ركَّز على التربية الوقائية: الوقاية في الأسرة، والوقاية الفكرية والصحية كلها موجودةٌ في المنهج الشرعي، وكلها لتحقيق شيءٍ واحدٍ، وهو: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56].
الآن لو أخذنا التطبيق من سورة الحجرات، فمما ذُكِرَ فيها: إذا حصلت كارثةٌ مجتمعيةٌ، وهي ما يُعرف الآن بالحروب الأهلية وحروب العصابات التي يتفرق الناس فيها إلى أحزابٍ ويتقاتلون، ويفقدون لذة العيش والأمن والراحة والرزق، يقول الله تعالى: وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا [الحجرات:9]، فالقرآن يتكلم عن مشكلةٍ وقعت، وهي الاقتتال، وذكر العلاج وهو: فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا [الحجرات:9]، لكن إذا نظرت في الآية -في سباقها ولحاقها- تجد أن الشريعة سدَّت منافذ هذه المشكلة تمامًا.
وخذ مثالًا: قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا [الحجرات:6]، فتلقي الشائعات وعدم التثبت في الأخبار يؤدي إلى الاضطرابات والكوارث في المجتمع، ثم سُدَّت المنافذ الست فيما بعد، وهي قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ [الحجرات:11]، وقوله: وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ [الحجرات:11]، وقوله: اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ، وقوله: وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا [الحجرات:12]، فهذه ستة منافذ تدمر المجتمع، وتجعله يعيش في اضطراباتٍ وحروبٍ أهليةٍ، كما نرى في بعض الدول التي دخلت في حروبٍ أهليةٍ إلى الآن لم تهنأ بعيشٍ، ولا أمنٍ، ولا بتأدية العبادات.
المحاور: فأين الجانب الوقائي هنا؟
الضيف: اجتناب الظن، وعدم فتح المجال للشائعات، وعدم الإكثار من التجسس، وعدم لمز النفوس، أو التنابز بالألقاب، فهذه كلها أمورٌ وقائيةٌ، وهذه القضايا تكسر الشخصيات كسرًا، فيعيش الإنسان في مجتمعٍ فيه سخريةٌ ولمزٌ بالألقاب، وتخيل الآن لو أن المجتمع عبارةٌ عن قبلياتٍ وأحزابٍ، ومع هذا لا يُراعون هذه الآداب!
المحاور: إذن التزام القيم الإسلامية القائم عليها المجتمع الإسلامي هو أكبر وقايةٍ من هذه القضايا المتعلقة بالخلافات، والتي قد تتطور إلى القتال، وما شابه ذلك.
الضيف: فالذي يبحث عن دوافعها لا يخلو من شيءٍ من هذا القبيل.
المحاور: جميلٌ.
الضيف: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا [الحجرات:6]، فالذي يتلقى الشائعات من هنا وهنا ثم ينشرها، هذا دليلٌ على طيشه وتهوره، وأما الذي يتثبت فهذا دليلٌ على رزانته، وهؤلاء هم المُؤهلون لأن يُصلحوا كوارث المجتمع إذا ثارت، ويسدُّوا هذه المنافذ إذا فُتِحَتْ.
المحاور: بقيت معنا ثلاث عشرة دقيقة، نتجه إلى تطبيقٍ آخر، ويمكن أن نأخذ الشمولية في التطبيقات، حفظك الله يا شيخ طارق.
الضيف: عندك مثلًا القضايا الفكرية، يقول الله تعالى فيها: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ [الأنعام:153]، فهذه وقايةٌ، وترك هذه الوقاية يكون بتتبع طرق الضلال، كما قال: وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ [الأنعام:153]، فالله جعل لك وقايةً، وأنت تتبعت الفكر اليهودي، والنصراني، والمجوسي، والخارجي، والتكفيري، والقومي، والليبرالي، والعلماني؛ لأن وقايتك لم تكن قويةً.
ولاحظ قوله: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ، ولم يقل: فاعلموه، معناه: أنك تفهمه وتفهم قواعده، بحيث تجعل لك وقايةً وحصانةً، ولا تحتاج فيه إلى أن تقرأ في المذاهب الأخرى مهما تنوعت وتجددت، وإنما تسلك المنهج الشرعي.
المحاور: ذكرتني يا شيخ بكلام شيخ الإسلام ابن تيمية وتشبيهه الذي يتعرض للشبهات بالإسفنجة، أي: ليس عنده وقايةٌ؛ لأنه أصبح هشًّا كهشاشة الإسفنجة، تقبل النظيف والوسخ.
الضيف: فعلًا، وهذا سبب وقوع البعض في انتكاساتٍ، حيث تمسكوا بعقيدة الإسلام وعرفوها، وانشرحت صدورهم لها، وفجأةً تجد بعضهم ينعكس إلى فكرٍ آخر؛ حقدًا ونقدًا على الشريعة الإسلامية.
المحاور: جزاك الله خيرًا، هذا هو التطبيق الثاني، وهو من التطبيقات المهمة جدًّا في واقعنا، فننتقل إلى تطبيقٍ آخر.
الضيف: هناك أحيانًا تطبيقاتٌ ضمنيةٌ، يعني مثلًا ذكر الدكتور خليل قضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يقول الله تعالى: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ [آل عمران:104]، فكيف تصير هذه وقايةً؟ لأن الذي يحرص على أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويدعو الناس إلى الله، وينصحهم بضوابط الشرع تُحيل العادة أن يقع في هذه المُنكرات التي ينهى الناس عنها، فهو قد حمى ووقى نفسه.
وعندك مثلًا قوله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ [الحجرات:10] وغيرها من الأحاديث في هذا المعنى، فالذي يحاول أن يتصف بالإصلاح بين إخوانه يكون دائمًا حريصًا على الأُلفة، فلا يقع هو نفسه في الشَّحناء والبغضاء.
المحاور: أكيد لا.
الضيف: تعالى الآن إلى حديث الناس، يقول بعضهم: نذهب إلى الغرب ونجد نظافةً واهتمامًا، ونأتي إلى هنا ونجد هذا يرمي العلبة في الشارع، وهذا يفعل كذا!
والجواب: ليست المشكلة في ديننا، فديننا قد أعطانا منهجًا وقائيًّا.
المحاور: كما قال إبراهيم في دعائه: رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا [الممتحنة:5].
الضيف: نعم، وكذلك أيضًا قوله : إماطة الأذى عن الطريق صدقةٌ[8]أخرجه البخاري برقم (2989)، ومسلم برقم (1009).، فالذي يُميط الأذى عن الطريق هل سيرمي القاذورات والأوساخ في الطرقات؟! أبدًا.
المحاور: أكيد لا.
الضيف: إذن هكذا ينظر إلى الأمور.
المحاور: المُمارسة الإيجابية.
الضيف: هي وقايةٌ بحد ذاتها، حتى ولو لم يأتِ نصٌّ صريحٌ.
المحاور: يعني: الصلاة، والصدق، والأخلاق، والزواج وقايةٌ .. إلى آخره.
الضيف: ذكر الدكتور أن المنهج الشرعي والأخلاقي وقايةٌ، ونحن نقول: إن على رأس ذلك أن يكون العبد مُوحِّدًا، فيكون بعيدًا عن الشرك.
المحاور: لعلنا يا دكتور نأخذ بعض المشاركات من الإخوة:
الأستاذ حسن بلقاسم يقول: القرآن الكريم جاء شاملًا لجميع مناحي الحياة.
وآخر يقول: لم يقتصر المنهج الوقائي في القرآن على العبادات فقط، بل شمل جميع نواحي الحياة: كبيرها وصغيرها، من المهد إلى اللحد، فالقرآن منهج حياةٍ.
وهذا الأخ ياسر جابر يقول: القرآن العظيم شمل في خطابه جميع جوانب الحياة، وخير مثالٍ على ذلك سورة الحجرات والنور، والآيات والسور في هذا المنهج كثيرةٌ.
والأخ عدنان يقول: قال الله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ .. [المائدة:3] إلى آخر الآية، فأكيدٌ أنه اشتمل على كل ما يخص الحياة، وهناك سورٌ اعتنت بهذا الجانب على وجه الخصوص: كالنور، والحجرات، والتحريم، والطلاق، وغيرها كثيرٌ، هل من تعليقٍ حول هذه القضية؟
الضيف: القرآن من أوله إلى آخره أكثره وقايةً.
المحاور: لو نأخذ سورة النور بحكم أن الجانب الأسري والأخلاقي واضحٌ فيها جدًّا يا شيخ؛ ولأن قضية القضايا اليوم التي ترد كثيرًا في الاستشارات: ما يرتبط بجانب الشهوات وما يتعلق بها.
الضيف: هذه السورة مدخلها غريبٌ، فهي السورة الوحيدة في القرآن الكريم التي بدأت بقوله: سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا [النور:1]، فهذا لا شك أن له مدلولًا في لغة العرب.
وقوله: وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ [النور:1] أي: مُحكمات، لكن القرآن كله فيه آياتٌ محكماتٌ.
وقوله: أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا [النور:1] فلماذا خُصَّت بالإنزال والقرآن كله منزلٌ، وكله سورٌ فيها فرائض؟
كل ذلك لاختصاصها بخصائص.
على العموم نأخذ المنهج الوقائي فيها، ومن ذلك قوله: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ [النور:2]، هذا ألمٌ جسديٌّ، وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ [النور:2]، وهذا عذابٌ نفسيٌّ، وقوله: الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً [النور:3] هذا عذابٌ اجتماعيٌّ، فالذي يزني لا يستحق إلا أن يتزوج زانيةً مثله، فهذه كلها عقوباتٌ.
وقوله: وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ [النور:2] فديننا دين الرحمة والرأفة، فلماذا هذه القسوة؟
لأن هذا العمل -وهو الزنا- ضرره كبيرٌ: فيه انتشار الأمراض والأوبئة، وعبثٌ بالأعراض، واختلاط الأنساب، وما يحصل من الكوارث التي تتعرض لها الأمة أو المجتمع؛ ولهذا كانت هناك قضايا وقائيةٌ عمليةٌ إجرائيةٌ كثيرةٌ في هذه السورة تقي من هذه الجريمة والفاحشة، وعلى رأسها مثلًا ما ذكره الله في قضية الاستئذان.
المحاور: بقي معنا أربع دقائق يا شيخ طارق، نأخذ هذه وغيرها سريعًا، بارك الله فيك.
الضيف: شرع الله تعالى قضية الاستئذان، وألا يدخل أحدٌ إلا باستئذانٍ، فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا [النور:27].
المحاور: حتى لا يطلع على العورات.
الضيف: نعم، وقد يكون مدعاةً للوقوع في الحرام.
ومن الجوانب الوقائية: غض البصر، وتحصين الفرج، فقال: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ [النور:30]، ولو تسأل غالبية مَن وقع في الزنا عن سبب وقوعه فيه لقال: بدايتي نظرة، وعدم مُدافعتها، والاستمرار فيها.
المحاور: كل الحوادث مبدأها من النظر، الله المستعان.
الضيف: ومن الجوانب الوقائية: الحجاب، قال تعالى: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا [النور:31]، فهو تحصينٌ للمجتمع، وهو مما يُخفف هذه الشهوة وسعارها.
ومن الجوانب الوقائية: تسهيل تزويج الشباب، قال تعالى: وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ [النور:32].
المحاور: إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ [النور:32].
الضيف: غالبية الناس عندهم فقرٌ، لكن الزواج بنية التعفف مصدر رزقٍ؛ ولهذا قال: إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ [النور:32]، فالزواج علاجٌ كبيرٌ لقضية الوقوع في الزنا.
المحاور: وكما جاء في الحديث: ثلاثٌ حقٌّ على الله عونهم، وذكر منهم: الناكح الذي يُريد العفاف[9]أخرجه الترمذي برقم (1655)، والنسائي برقم (3120)، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" برقم (3050)..
الضيف: ومن الجوانب الوقائية: منع البغاء، يقول تعالى: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ [النور:33]، فهذه الآية وإن كان لها سبب نزولٍ، لكن المقصود بها المنع من البغاء؛ لأنه إذا فتح باب البغاء -لا قدر الله- سيكون أيضًا سببًا لانتشار الزنا.
وأخيرًا: قضية انتشار الفاحشة، يقول تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ [النور:19]، فمجرد إشاعتها ولو لفظيًّا فقط، لا عمليًّا.
المحاور: دعائيًّا.
الضيف: نعم، فهو يُعدّ من إشاعة الفاحشة، يعني مثلًا: الدول التي عُرفت بالانفتاح في العلاقات والزنا، فمجرد أن يصل الإنسان المطار تبدأ هذه الهواجس تأتيه بسبب ما أُشيع عن هذا المكان من وجود كذا وكذا.
المحاور: إذن هذه كلها عبارةٌ عن أمورٍ وقائيةٍ حتى لا يقع الإنسان في الزنا.
الضيف: نعم، والذي سيقع في الزنا بعد هذه الإجراءات الوقائية الشديدة جعل له الشرعُ عقوباتٍ دنيويةً وأُخرويةً.
المحاور: جزاك الله خيرًا شيخ طارق، وبارك فيك، لقد ذكرتَ أمثلةً مهمةً جدًّا في الجانب الفكري، وقضية القتال، وفي الجانب المتعلق بالشهوات، وهذه قضايا نعيشها الآن، هل من شيءٍ آخر تراه؟
الضيف: بقيت الوقاية الصحية.
المحاور: جميلٌ.
الضيف: كقول الله : وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا [الأعراف:31]؛ ولهذا يقول علي بن الحسين: "قد جمع اللهُ الطبَّ كله في نصف آيةٍ"[10]"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (7/ 192).، يعني: هذه الآية.
المحاور: الاعتدال في الأكل والشرب.
الضيف: نعم، عدم الأكل مرضٌ، والإسراف أيضًا مرضٌ، ولا نريد أن نُطيل في ذكر الأمراض التي تحدث بسبب البطنة، فالله يقول: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا، ويقول الرسول : ما ملأ آدميٌّ وعاءً شرًّا من بطنٍ، بحسب ابن آدم أكلات يُقِمْنَ صُلبه، فإن كان لا محالةَ فثلثٌ لطعامه، وثلثٌ لشرابه، وثلثٌ لنفَسِه[11]أخرجه الترمذي برقم (2380)، وقال: "هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ"، وابن ماجه برقم (3349)، والنسائي في "الكبرى" برقم (6769)، وصححه … Continue reading.
فهذا علاج الأسرة حتى في أمور الحياة العامة، وفي مُعاملات الناس، ومع الراعي والرعية، والمسلم وغير المسلم.
المحاور: جميلٌ، لكن لم يبقَ معنا إلا دقيقة تقريبًا، نجعلها في الكلام عن قضية التعامل مع الأموال والوقاية في هذا الجانب من الناحية الشرعية، هل هناك إشارةٌ لشيءٍ في هذا الموضوع سريعًا؟
الضيف: الشريعة شرعت وفرضت الحقوق والواجبات على المجتمع، فالأب في بيته، والناس في تعاملهم مع بعضٍ، هناك حقوقٌ وواجباتٌ يجب أن يقوم بها الأب تجاه الأبناء، والأبناء كذلك، والزوجة كذلك، وأفراد المجتمع، والراعي والرعية، والكافر لو عاش في مجتمعٍ مسلمٍ له حقوقٌ تُراعى.
المحاور: إذن القضايا حقيقةً عديدةٌ جدًّا جدًّا.
الضيف: عديدةٌ وشاملةٌ.
المحاور: ووقوع الإنسان مثلًا في الشبهات في القضايا المالية سيُوقعه في الحرام وما شابه ذلك، فيجب عليه أن يتجنبها.
الوقت انتهى يا شيخ طارق، ونحن سعداء بكم جدًّا جدًّا، ونتمنى لو بقينا أكثر، لكن أظن أننا قد تناولنا مجموعةً من التطبيقات المهمة جدًّا، والتي جاءت في كتاب الله فيما يتعلق بالجانب الوقائي.
أسأل الله أن يُوفقنا وإياكم، وأن يجزيكم عنا كل خيرٍ.
الضيف: آمين.
المحاور: أيها الإخوة والأخوات، كنا مع ضيفنا الدكتور طارق بن أحمد الفارس، أستاذ القرآن في جامعة الإمام، في هذا الموضوع المهم، وهو: التربية الوقائية في القرآن، والذي لا تكفيه حلقةٌ واحدةٌ، لكنه من الموضوعات التي سنتناولها بين الحين والآخر -إن شاء الله- من القرآن والسنة، وغيرها.
أيها الإخوة، وردت بعض الأسئلة، ونعتذر عن الإجابة عنها، وسيكون اللقاء القادم لقاءً مفتوحًا مُرتبطًا بأسئلة الجمهور في القضايا الأسرية والتربوية والنفسية -بإذن الله - من خلال ما يُرسل عبر (الفيس بوك) و(الواتس آب) ووسائل التواصل عمومًا.
فإلى ذلك الحين أسأل الله أن يُوفقنا وإياكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
↑1 | نقله عنه صاحب "التحرير والتنوير" (1/ 228)، ولم نجده في تفسيره. |
---|---|
↑2 | أخرجه البخاري (52)، ومسلم (1599). |
↑3 | "إعلام الموقعين عن رب العالمين" (3/ 109). |
↑4 | أخرجه البخاري (52)، ومسلم (1599). |
↑5 | أخرجه ابن ماجه برقم (1968)، والألباني في "الصحيحة" برقم (1067). |
↑6 | أخرجه البخاري برقم (5090)، ومسلم برقم (1466). |
↑7 | أخرجه ابن ماجه برقم (1967)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" برقم (2928). |
↑8 | أخرجه البخاري برقم (2989)، ومسلم برقم (1009). |
↑9 | أخرجه الترمذي برقم (1655)، والنسائي برقم (3120)، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" برقم (3050). |
↑10 | "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (7/ 192). |
↑11 | أخرجه الترمذي برقم (2380)، وقال: "هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ"، وابن ماجه برقم (3349)، والنسائي في "الكبرى" برقم (6769)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" برقم (5674). |