مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأُصلي وأُسلم على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: مرحبًا بكم أيها الإخوة والأخوات في حلقةٍ جديدةٍ من برنامجكم الأسبوعي: "أسس التربية"، ومن قناتكم قناة "زاد" العلمية.
وقد كنتم اتخذتم قرارًا من خلال التصويت السريع حول ما يتعلق بهذه الحلقات، وأهمية الإجابة عن الأسئلة الواردة، فنحن معكم في هذه الحلقة الثالثة، وهي الحلقة الأخيرة مما يتعلق بالحلقات المخصصة في هذه الفترة للإجابة عن الأسئلة.
وسنستعرض -بإذن الله - الأسئلة المتبقية التي وردت في الحلقة السابقة في المجالات النفسية والتربوية والأسرية عبر وسائل الاتصال، ونسأل الله العون والتوفيق.
أيها الإخوة والأخوات، قبل أن نبدأ بعرض الأسئلة والإجابة عنها، يجب علينا أن نهتم بقضية العناية بأنفسنا وأهلينا ومَن نعول، حتى نجعلهم في حالةٍ مستقرةٍ، ولا شك أن هذه قضيةٌ مهمةٌ، وكلنا بأمس الحاجة إلى الاعتناء بمثل هذه القضية، وقد تكون القضية بسيطةً؛ إذ لو حُدِّدت من حيث التشخيص فقد لا تتجاوز 2-5% بالكثير، لكنها مُؤثرةٌ بنسبة 90%؛ ولذلك تنبغي العناية بسؤال أهل الاختصاص، ومحاولة تقليل هذه المشكلات، والكفّ عن وسائلها، وكذلك التخلص منها، سواء فيما يعترينا نحن من مشكلاتٍ، أو يعتري أبناءنا وطلابنا في حياتهم الاجتماعية.
فكم نحن بأمس الحاجة إلى الحياة المستقرة التي تساعدنا في المزيد من البناء، وتُعيننا على زيادة الإنتاجية، فيكون الإنسان مستقرًّا مع نفسه، ومستقرًّا مع مَن حوله، ومُتوافقًا مع ذاته، ولديه قوةٌ في الإنتاجية في هذه الحياة، وبالنسبة للمسلم لا شك أنه سيكون كذلك أقرب إلى الله حينما يكون في حالةٍ مستقرةٍ، وسيُعينه الله على ذلك.
السؤال الأول:
هذا الأخ همام يسأل فيقول: ابني دائمًا أحثُّه على المذاكرة، وهو يقول: ماذا بعد المذاكرة؟ يعني: لا فائدةَ في هذه المذاكرة. فأقول له: تكون مثل الناجحين الذين بلغوا القمة، وتعمل في مهنةٍ جيدةٍ. فيقول لي: هناك مَن لم يتعلم ومعه الأموال، ومرتاحٌ في معيشته! فيقول: كيف نستطيع أن نُحفزه ونُرشده؟
الجواب:
النقطة الأولى: من وجهة نظري أن ابنك فيه تميزٌ، وتحتاج أن تهتم به حقًّا، بغض النظر عن الحجة والمنطق الذي لديه، لكن واضحٌ أنها مُؤشراتٌ جيدةٌ بالنسبة لقوة الشخصية، وكذلك ما يتعلق بتميز هذه الشخصية، وأنه يُفكر ويُحاور ويستدل، وهذه مستويات عُليا في جانب استخدامات القدرات العقلية كما يقولون؛ فلذلك أنا أرى أنك كما تشعر بقلقٍ من هذه القضية لا بد أن تشعر في المقابل باطمئنانٍ لكونها مؤشرًا على تميز ابنك.
النقطة الثانية: أن النماذج التي ذكرها من كونه يوجد أناسٌ لم يتعلموا ولم يحملوا الشهادات وحققوا إنجازاتٍ في الحياة هي نماذج صحيحةٌ، وهذه القضايا تعتمد على أنماط الشخصية، وأنه لا يلزم أن الجميع يدرس الدراسة الأكاديمية، وما شابه ذلك؛ ولذلك كونه ذكر هذه النماذج، فيجب علينا أن نذكر له نماذج أخرى تُعزز أهمية التعلم ودور التعلم، فهذه قضيةٌ مهمةٌ جدًّا.
فالمطلوب منك أخي الحبيب أن تذكر له نماذج أخرى، ولا تكون القضية فيها تعميمٌ، وإنما هناك نماذج مخصصة محددة تُظهر أهمية التعلم ودوره فعلًا بشكلٍ جيدٍ.
وأيضًا ما دام أن هذا الابن طفلٌ، فهذه المرحلة هي مرحلة تكوينٍ، وخاصةً في الجانب العقلي والمعرفي، ومن المهم أن تكتشفوا ميوله، وهناك طرقٌ ونظرياتٌ عديدةٌ في اكتشاف الميول، فلا بد أن تكون لدينا القدرة على معرفة نمط شخصية الابن وغيره من المُتربين؛ لأنهم ليسوا كلهم يصلحون لكل شيءٍ، فهذه قضيةٌ مهمةٌ جدًّا، بل قد تجد الابن مع أخيه في البيت الواحد يتعارضان في أنماط شخصيتهما، وهذه حقيقةٌ ينبغي أن نتنبه لها بشكلٍ كبيرٍ.
فما علاقة معرفة نمط شخصية الابن وميوله بالنسبة لسؤال الأخ الذي يشتكي من ابنه؟
أن ابنه قد يكون ميله ونمطه لا يتناسب مع الدراسة الأكاديمية، قد تجد أن ميله مثلًا مرتبطٌ بجانبٍ آخر تمامًا، وهو الجانب الذوقي والفني، فيهتم بالقضايا المتعلقة بالجوانب الفنية والذوقية.
وخذ مثالًا أيضًا: ما يُسمّى: بالنمط الواقعي الذي يتعامل مع القدرة الحركية والآلات والأجهزة فكًّا وربطًا، هذا يصلح له الجانب المهني والأجهزة والآلات الدقيقة، وما شابه ذلك.
فحينما نعرف ميول هذا الابن من وقتٍ مبكرٍ نستطيع أن نجعله في المكان المناسب -بإذن الله -، وعندئذٍ تجد الدافعية تظهر حينما يكون في التخصص المناسب له، وهذه القضية من القضايا المهمة جدًّا.
وقد سألت طلابي مرارًا فوجدتُ أن منهم مَن ليس له دافعية في المجال الذي هو فيه في القاعة الدراسية والكلية التي هو فيها، والسبب في ذلك أنه لم يجد إلا هذه الفرصة، أو أنه لا يعرف ميوله، أو ما شابه ذلك.
فقد يكون هذا الابن في مكانٍ ليس هو المكان الذي ينبغي أن يكون فيه، فينبغي أن تكون تخصصاتنا ومهننا وممارساتنا في الحياة تتناسب مع ميولنا وقدراتنا.
النقطة الثالثة: من الإرشادات التي يمكن أن تستفيد منها أخي الكريم همام: أنه لا بد من تقييم الوضع الأسري والمدرسي، فقد يكون ذلك هو مصدر إزعاجٍ بالنسبة لهذا الطفل، وهذه قضيةٌ مهمةٌ، كذلك ينبغي مراجعتها بكل صدقٍ وتجردٍ وشفافيةٍ، فقد يكون هذا البيت أو المدرسة هي مصدر إزعاج الطفل، وعدم رغبته في استكمال الدراسة، وما شابه ذلك، فينبغي الانتباه لمثل هذه التوجيهات.
أسأل الله أن يبارك لك في هذا الابن، وأن يجعله ذُخْرًا لك وللأمة، اللهم آمين.
السؤال الثاني:
هذا الأخ فارس لديه سؤالٌ طويلٌ، مُختصره يقول: زوجته حساسةٌ جدًّا، ومتعلقةٌ جدًّا بابنها الذي عمره سنتان، وكذلك ببنتها التي عمرها عشرة أشهر، وتخاف عليهم لدرجةٍ كبيرةٍ، وإذا أصابهم أدنى شيءٍ من مرضٍ أو غيره تنهار وتبكي، وتتصور أمورًا خطيرةً للغاية قد تُصيبهما، ومهما حاولتُ أن أُهدئ من أعصابها لا أنجح، حتى إنها صارت لا تتناول الغداء، بل ولا تنام كثيرًا من الليل بسببهما، ولها تصوراتٌ خطيرةٌ تنتابها قهرًا، ولا تتصور أنها تستطيع الحياة دونهما.
أرجو أن تنصحوها، فإنها قد دخلت المستشفى منذ يومين بسبب حدة القلق والضغط، وهي امرأةٌ حنون طيبة الخلق، قائمةٌ بكل واجباتها على أكمل ما يكون، لكنها تُعاني من هذا الأمر فقط، أُخبركم أنها تعرضت لصدمةٍ منذ حوالي سنتين ونصف، حيث دخل لصٌّ بيتنا وشاهدته، فتعقد لسانها، ومرَّت بفترةٍ صعبةٍ جدًّا، فماذا تنصحونا؟
أخوكم فارس من الجزائر.
الجواب:
سؤال أخينا فارس عن زوجته -جزاه الله خيرًا- من النماذج الطيبة، فحينما يهتم الإنسان بأبنائه وزوجاته فهذا شيءٌ طيبٌ، وكما قلنا في بداية الحلقة: ينبغي أن نسعى في تخليص مَن نستطيع من أهلينا وأقاربنا ومَن نُحب من المشكلات وما يتعلق بها.
لا شك أخي فارس أن حالة زوجتك حالةٌ مرضيةٌ بلا نقاشٍ، وهذه الحالة تحتاج إلى عنايةٍ ورعايةٍ، ومجالها عند الإخوة والأخوات المختصين بالطب النفسي، فلا بد من عقد جلساتٍ لزوجتك من خلال طبيبةٍ نفسيةٍ تجمع ما بين العلاج المعرفي السلوكي والعلاج الدوائي، ولا إشكالَ في ذلك أبدًا.
فقضية القلق والتوتر واضحةٌ لديها، وهناك أدويةٌ عند أهل التخصص في الطب النفسي نافعةٌ، بإذن الله .
وينبغي على هذه الأخت الكريمة أو غيرها أن تفعل الطاقة الذاتية والضبط الذاتي (self-control) في قضايا علاج حل المشكلات، فإن أمكن ذلك فهو أفضل، فنحن نستطيع أن نُعالج ذواتنا بذواتنا، لكن تأتي بعض المرات حالاتٌ شديدةٌ، تكون الإرادة ضعيفةً، عندئذٍ لا بد من تدخل طرفٍ آخر بأي نوعٍ من أنواع العلاج السلوكي، أو المعرفي، أو الدوائي، أو غيرها من العلاجات.
ومن العلاجات المهمة جدًّا: العلاج بالرقية الشرعية، والله يقول: أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد:28]، ويقول: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ [الإسراء:82]، فهذه قضيةٌ لا بد أن نعتني بها، والقرآن دواءٌ للأمراض الروحية والقلبية والنفسية والعضوية، فمهمٌّ جدًا أن نحرص على العناية به.
فحالة هذه الزوجة -أسأل الله أن يشفيها- حالةٌ مرضيةٌ تحتاج بلا شكٍّ إلى العناية والرعاية من خلال طبيبةٍ مختصةٍ، وتحتاج إلى علاجٍ معرفيٍّ لطرد هذه الأفكار عن أبنائها، والتصورات في التعامل معهم، وتحتاج ربما إلى علاجٍ دوائيٍّ، أعانها الله ، ووفقها لكل خيرٍ.
وأنا أؤكد على العلاج المعرفي، وهناك مادةٌ في قناة (اليوتيوب) لمُحدثكم -أسأل الله أن يبارك، وأن يستعملنا وإياكم في طاعته- بعنوان: تعديل السلوك باستخدام الأسلوب المعرفي، أي: كيف نستطيع أن نستخدم الأسلوب المعرفي حتى نُعدل السلوك؟
فمهمٌّ جدًّا للأخت الكريمة زوجة الأخ فارس من الجزائر أن تنظر -أو هو ينظر- إلى هذه المادة؛ لأنها تحتاج إلى تدريبٍ على ما يتعلق بطرد الأفكار اللاعقلانية، وأن تحلّ محلها أفكارٌ عقلانيةٌ، وأيضًا أؤكد على أهمية الرجوع إلى مختصٍّ، والتعامل معه بشكلٍ متتابعٍ، وكذلك أيضًا الحرص على الرقية الشرعية.
المحاور: معنا -أيها الإخوة والأخوات- اتصالٌ من الأخت أم محمد من السودان.
حياكِ الله يا أخت أم محمد.
تفضلي، حفظك الله.
المتصلة: السلام عليكم يا دكتور.
المحاور: وعليكم السلام ورحمة الله، سؤالك، حفظك الله؟
المتصلة: سؤالي: عندي ولدٌ عمره أربع سنواتٍ، ولم يتكلم إلى هذا الحين، ويخاف من الهواء وتحريك الأشجار.
المحاور: ما يتكلم يا أم محمد أبدًا؟
المتصلة: لا، ما يتكلم.
المحاور: هل عرضتُموه على طبيبٍ أم لا؟
المتصلة: عرضناه وأعطانا علاجاتٍ، ولكن لم تظهر نتيجةٌ بعد.
المحاور: ما تخصص الطبيب؟
المتصلة: غير متخصص.
المحاور: طبيبٌ عامٌّ؟
المتصلة: نعم، طبيبٌ عامٌّ.
المحاور: نعم، شكرًا لكِ أم محمد.
أسأل الله أن يحفظ ابنك ويُبارك لكِ فيه، اللهم آمين.
عمومًا سبق في حلقةٍ سابقةٍ أن تحدث الدكتور موسى آل زعلة -استشاري الطب النفسي- حول قضية التأخر في النطق، وقال: إنه قد يحصل تأخرٌ إلى هذا السن، لكن ألا ينطق أي كلمةٍ فهذه مشكلةٌ.
فمهمٌّ جدًّا أن يُعرض على مختصٍّ بالأنف والحنجرة، ومختصٍّ بطب الأطفال، ومختصٍّ بقضية التخاطب، حتى ينظروا إلى ما يتعلق بالتشخيص، وقد يتدخل الطب النفسي -وخاصةً تخصص الأطفال- في مثل حالة ابنكم.
فلا يُكتفى بعرض الابن على الطب العام، وإنما مهمٌّ جدًّا أن يُعرض على هذه الاختصاصات، ويلحظ أيضًا الجوانب المتعلقة بالأمور الأخرى: كمستوى النمو لديه، والأمور العقلية، والنمو الحركي، وموضوع الخوف، .. إلى آخره.
فهذه قضيةٌ قد يكون سببها البيئة، فالبيئة هي التي تؤدي إلى هذا الخوف: إما قسوةٌ في التعامل، أو أشياء يُشاهدها في الإعلام؛ كقصةٍ معينةٍ، وإما مُؤثرٌ شديدٌ جدًّا أثَّر فيه، فلم ينسه، وبقي معه، فيحتاج إلى جانبٍ من القرب أكثر، ومتابعة حالته.
وهناك عددٌ من الحالات أعرفها كانت بسبب موقفٍ رآه: كشخصٍ يسقط أمامه، أو شخصٍ عنده صرعٌ فيُصرع أمام هذا الطفل، فيحصل عند الطفل ردَّة فعلٍ شديدةٌ جدًّا تجعله ربما لا يدخل غرفةً معينةً، أو لا يدخل البيت، أو لا يذهب إلى المدرسة، أو يبكي دائمًا، .. إلى آخر تلك الأمور، فأسأل الله أن يُوفق ويُبارك.
السؤال الثالث:
الأخت حنان تقول: ابني عمره ست سنوات، والمدرسات دائمًا يشتكين من قلة تركيزه، وإذا جلستُ معه للمُذاكرة لا يُركز معي، وينشغل باللعب في أصابعه، ومُتسرعٌ في الإجابة، ويكتبها غلطًا، وبطيءٌ في استيعابه، لكنه يُخزِّن وبعد فترةٍ إذا أعدتُ عليه المعلومة يُجيبها، وقليل الثقة بنفسه، ومُترددٌ.
فكيف أتعامل معه؟
علمًا بأنه يفعل أشياء تستفزني، وتُفقدني أعصابي، وتجعلني أغضب عليه، ولكن إذا حلَّ بشكلٍ جيدٍ أُعطيه درجاتٍ، أو حصل على درجاتٍ طيبةٍ أُشجعه، وآتي له بهديةٍ، وكذلك له أختٌ توأم، وأخٌ صغيرٌ، كيف نتعامل معه؟ وهل يحتاج إلى الذهاب إلى طبيبٍ نفسيٍّ للأطفال؟
الجواب:
نعم يحتاج إلى الذهاب به إلى طبيبٍ نفسيٍّ تخصص أطفال، وقد يظهر أن ما ذُكر من أعراض ومظاهر مُتعلقة بضعف الانتباه وفرط الحركة، فيُمكن أنه يُشخَّص من خلال الأطباء أو الأخصائيين النفسيين، والعيادات مُتوفرةٌ وموجودةٌ.
وأيضًا لا بد من المحافظة على جانب التعزيز، وأن يكون أيضًا قَبْليًّا من حيث الوعد والربط مع الجانب الإيجابي، وقربكم منه أيضًا.
أما قضية الاستفزاز، ومع أنه طفلٌ، وكونكِ تغضبين وتتعصبين على هذا الطفل؛ هذه إشكاليةٌ نحتاج أن نتنبه لها أيها الإخوة والأخوات، فنحن نتعامل مع جيلٍ وأبناء وأطفالٍ صغارٍ، تُبنى شخصياتهم من خلال شخصياتنا نحن، فإن أحسنا أحسنوا، وإن أسأنا أساءوا، فأرجو رجاءً حارًّا العناية بمثل هذا الموضوع قدر المستطاع، والدعاء لهذا الابن بالعون والتوفيق والرعاية.
وكما نلجأ إلى المستشارين والقنوات الفضائية الاستشارية والبرامج الفضائية وغير الفضائية ومواقع (الإنترنت) والاتصالات الهاتفية الاستشارية علينا أيضًا أن نلجأ أولًا إلى الله، ونطرق بابه ، فنحن نحتاج إلى مثل هذا الأمر؛ لعل الله أن يُفرج كُربتنا، ويُعيننا على حل مشاكلنا.
معنا الأخ شهاب من الجزائر.
مرحبًا يا أخ شهاب.
المتصل: السلام عليكم ورحمة الله.
المحاور: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصل: كيف أحوالكم يا شيخ؟
المحاور: مرحبًا بك يا أخ شهاب، تفضل.
المتصل: أنا عندي سؤالٌ فقط.
المحاور: تفضل.
المتصل: توجد مجموعةٌ من الشباب -أصدقائي- يتناولون الدخان وغيره، وأريد أن أنصحهم وأهديهم إلى الطريق الصحيح.
المحاور: وأنت لست مدخنًا الحمد لله؟
المتصل: الحمد لله.
المحاور: كم عمرك يا أخ شهاب؟
المتصل: ست عشرة سنة.
المحاور: ما شاء الله، بارك الله فيك، فأنت على خيرٍ كبيرٍ، كثَّر الله من أمثالك.
المتصل: آمين يا رب.
المحاور: جزاك الله خيرًا، بإذن الله تسمع الجواب يا أخ شهاب.
هذا نموذجٌ من النماذج الطيبة التي يحرص فيها الصديق على صديقه، وصدق النبي حينما قال: الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم مَن يُخالل[1]أخرجه أبو داود برقم (4833)، والترمذي برقم (2378)، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" برقم (3545)..
وكما يقال: "الصاحب ساحبٌ" شئنا أم أبينا؛ ولذلك إما أن أنقل لصاحبي ما عندي من خيرٍ، أو سينقل لي ما عنده أيًّا كان: خيرًا أم شرًّا، فلا يتوقع أن تكون علاقات صداقةٍ لا يوجد فيها تأثرٌ وتأثيرٌ إيجابيٌّ أو سلبيٌّ.
مثل هذا الأخ -بارك الله فيه- حينما يسأل: كيف يستطيع أن ينصح زملاءه لترك التدخين وهو ما زال في سن السادسة عشرة؟ فهذا شيءٌ طيبٌ، ما شاء الله، تبارك الله، وتأثيرٌ إيجابيٌّ.
ومن الطرائق المفيدة في هذا الجانب أخي شهاب: معرفة الآثار السلبية المترتبة على الدخان، فحين يعرف الإنسان أن نسبة إصابته بالسرطان بسبب التدخين قد تكون أقوى سيُقلع عنه، وكذلك إذا عرف أثره على الجانب الجنسي والعضوي وآثاره النفسية.
فقراءة الآثار المترتبة على التدخين هي قضيةٌ مهمةٌ تساعد المدخن على الإقلاع عنه.
وأنا أقول: لم يُوجد شيءٌ مثل التدخين اتفق العقلاء -حتى المُبتلون به- على مضرته، ويكفي أن العُلَب التي تُباع منه تُوضع عليها صورة الرئة السوداء، والتحذير من شرب الدخان، ومع هذا يُباع للأسف الشديد.
وأنا أعتبر هذا الأسلوب ليس أسلوبًا صحيحًا في تعديل السلوك وتغييره أبدًا، ولا أسلوبًا في التأثير، هذا الأسلوب بالعكس لن يقبله الجيل؛ لأن القدوة غير موجودةٍ، نعم البعض قد يتأثر، لكن كم نسبة مَن يتأثر؟!
التأثر يكون بالنموذج الإيجابي الصحيح، وليس بالتسويق من أجل المال على حساب القيم والصحة، وما شابه ذلك؛ ولذلك ينبغي أن ندرك الآثار الصحية والعقلية والدينية والنفسية للدخان.
ولا شك أن الجانب الشرعي وما يتعلق بحكم الدخان قد سبق، لكننا لو فكرنا فقط في الجانب المتعلق بالصحة فلا شك أن الإنسان مطلوبٌ منه أن يدفع عن نفسه الشر وما يتعلق بذلك.
وأنا أذكر أني حضرتُ مرةً معرضًا، وكانت هناك مقارنةٌ بين رئةٍ حقيقيةٍ لمدخنٍ، ورئةٍ أخرى ثانيةٍ طبيعيةٍ لغير مدخنٍ، فكان هناك فرقٌ كبيرٌ جدًّا بينهما.
وكان أيضًا هناك فيديو لشخصٍ قد ابتُلي بالتدخين، فأُصيب بسرطان الحنجرة، وكان يتكلم وقد رُكِّب له جهازٌ حتى يكون صوته مرتفعًا، ثم تاب وأخرج فيديوهات يُحذر فيها الشباب مما حصل له، ثم بعد ذلك بفترةٍ توفاه الله .
فكم نحن بأمس الحاجة إلى مثل هذه الأشياء في التأثير على الآخرين.
وفَّقك الله يا أخي شهاب.
السؤال الرابع:
الأخ ممنون محمد يقول: كيف أُربي ابني على المسؤولية، وأجعله سعيدًا وناجحًا؟
الجواب:
هذا سؤالٌ من الأسئلة المهمة، وبخاصةٍ في زمنٍ نحن بأمس الحاجة فيه إلى العناية بأبنائنا وتحميلهم المسؤوليات.
الشق الأول من السؤال: كيف أُربي ابني على المسؤولية؟
إن لم نثق فيهم، ونُكلِّفهم ونُحملهم مسؤوليات، ونتحمل أخطاءهم وفشلهم، ونُشاركهم في هذا وذاك، لن نستطيع تربيتهم على المسؤولية؛ لأن الأب إذا كان يريد ضمان نتيجة ما يعمله الابن لن يستطيع أن يحصل على هذا الضمان، فعندئذٍ لا بد أن تثق فيه، ولا بد أن تُكلفه وتتحمل خطأه وفشله، وتُعطيه فرصةً أخرى، بل هناك ما يُسمى في التربية بالتعلم بالممارسة، أو بالتعلم بالمحاولة والخطأ، وهذه قضيةٌ من القضايا المهمة جدًّا.
فالإنسان يتعلم بالمحاولة فيُخطئ، ثم بعد ذلك يصل إلى الصواب ولا يحصل له الفشل؛ لأنه قد تعلم وتدرب عليه من قبل، وأدرك الوضع الذي هو فيه، فأصبح بعد ذلك قادرًا على تجاوز حالات الفشل والإخفاق.
فالثقة، والتكليف، وتحمل الأخطاء، والمشاركة معه؛ تجعل الابن يشعر أن الأب معه يتحمل المسؤولية، وليست فقط أوامر من برجٍ عاجيٍّ، وينتظر الأب الابن أن يُنفذ هذا الأمر، وإنما مشاركة الأب مع الابن، والابن يتحمل المسؤولية كذلك كما يتحمل الأب المسؤولية.
الشق الثاني من السؤال: كيف يكون سعيدًا وناجحًا؟
يمكن أن نقول: إن ذلك يتم من خلال التربية الإيمانية وعلاقة الإنسان بربه، فمهمٌّ جدًّا تفعيل هذا الجانب في الأجيال المسلمة.
وأيضًا من خلال التربية الأخلاقية، وهو ما يرتبط بالقيم الاجتماعية والأخلاقية والعلاقة بينه وبين الناس الآخرين، فهذه قضيةٌ مهمةٌ جدًّا، وأيضًا تحقيق دافع الإنجاز، ومحاولة أن نُساعدهم على أن يُثبتوا أنهم مُنجزون في هذه الحياة، عندئذٍ نستطيع أن نجعلهم سعداء ناجحين، بإذن الله .
السؤال الخامس:
الأخت أماني تقول: نريد نصائح وأساسيات للتربية الإسلامية الصحيحة؟
الجواب:
لا شك أن هذا البرنامج أصلًا أُقيم من أجل الإجابة عن هذا العنوان الكبير، فالتربية الإسلامية الصحيحة قضيةٌ مهمةٌ جدًّا، لكن أنا سأكتفي بإجابةٍ مختصرةٍ جدًّا حول هذا الموضوع المهم.
نصائح وأساسيات في التربية الإسلامية:
أن نهتم بالربانية، فالتربية الإسلامية الصحيحة قائمةٌ على تربيةٍ ربانيةٍ، وليست بشريةً: أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ [البقرة:140]، فالله أعلم بما يُصلحنا؛ لأنه هو الذي خلقنا.
وفي المُنتجات نحن نذهب إلى المُعرّف، ونرى ماذا أراد الصانع في هذا المنتج؟ حتى نستطيع أن نتعامل معه بطريقةٍ سليمةٍ، فكذلك لن نستطيع أن نتعامل مع غيرنا وأنفسنا إلا إذا عرفنا ماذا يُريد الله منا؟ فالله أعلم بمَن خلق.
وأيضًا التربية الإسلامية الصحيحة تربيةٌ شاملةٌ، فلا ينبغي أن تكون مُركَّزةً على جانبٍ وتُهمل جوانب أخرى كما هو موجودٌ في التربية عند الأمم الأخرى الذين يستبعدون القضايا الدينية والقلبية والروحية، وما شابه ذلك.
وهي شاملةٌ أيضًا للجانب العضوي والجنسي والترفيهي، فكل ذلك مُقدَّرٌ عندنا في المنهج الإسلامي، وكلٌّ بقدره؛ ولذلك نقول: لا بد أن تكون تربيتنا لأبنائنا شاملةً، وليست محصورةً في تربيةٍ عضويةٍ دون العقلية، أو تربيةٍ عقليةٍ دون العضوية، أو تربيةٍ عضويةٍ دون الروحية، وإنما التربية تشمل هذا كله.
معنا متصلٌ آخر، وهو الأخ أبو عبدالرحمن من قطر، تفضل.
المتصل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المحاور: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصل: عندي قضيتان، بارك الله فيك:
الأولى: لدي أخٌ يبلغ من العمر خمسةً وعشرين عامًا، أصابته حالةٌ من الاكتئاب والانطواء لفترةٍ تُقارب ستة أشهر، ثم بعد ذلك قُرئ عليه، وذهبت هذه الحالة، ثم عادت من جديدٍ، وهكذا، فيتضايق من القرآن، ويترك الصلاة، وإذا أكل أكلًا يرجع إلى حالته الأولى.
المحاور: هل حصل له موقفٌ معينٌ في فتراتٍ سابقةٍ؟
المتصل: والله أنا بعيدٌ عنه.
المحاور: على أية حالٍ في مثل هذه الحالة أكملوا ما يتعلق بالرقية الشرعية، هذا مهمٌّ جدًّا، ولا تيأسوا، واستمروا، فهذا ابتلاء الله لهذا الشخص، وأيضًا اذهبوا به إلى الطبيب أو الاستشاري المُختص حتى يدرس حالته، ولعله يصل إلى شيءٍ يُناسبه، أو يصرف له دواءً يُخفف عنه الحالة التي هو فيها، وهناك أدويةٌ موجودةٌ عند الأطباء النفسيين متعلقةٌ بالاكتئاب، وهي نافعةٌ ومفيدةٌ بإذن الله، وأسأل الله أن يشفيه ويُعافيه.
المحاور: سؤالك الثاني؟
المتصل: جزاك الله خيرًا، السؤال الثاني: لدي ولدٌ عمره عشر سنوات، وهو معاندٌ، والألعاب تأخذ كل وقته، وتشغله عن الصلاة والقرآن، فهل توجد وسيلةٌ معينةٌ؟
المحاور: هل هناك نظامٌ في البيت لهذه الألعاب؟
المتصل: يوجد نظامٌ في البيت لهذه الألعاب، لكن حتى المدرسة يتركها، ويشغل كل وقته في اللعب، حتى إن المُعلمات أصبحن يشتكين منه.
المحاور: أي أنواع اللعب يُمارس؟
المتصل: أي شيءٍ تُعطيه إياه يلعب به، ما شاء الله عليه.
المحاور: اللعب في هذا السن أمرٌ طبيعيٌّ، بشرط ألا يكون بالألعاب الإلكترونية الضارة، وما شابه ذلك، وألا ينهمك فيها، أو يكون ذلك دون نظامٍ وتحديد أوقاتٍ معينةٍ، خاصةً الطفل، فلا بد أن نضبط هذا الأمر، ولا بد أن نفهم أن هناك مستوًى من اللعب لا بد منه، بل لا بد أن نقبله في مرحلة الطفولة؛ لأنه جزءٌ من النمو الحركي بالنسبة للطفل.
الأمر الآخر: لا بد من نظامٍ فيه حزمٌ، مع العلاقة الحميمية مع الطفل، من أجل ضبط هذه القضية، بارك الله فيك، وأسأل الله أن يُقرّ أعيننا وأعينكم بالأبناء الصالحين.
المتصل: جزاكم الله خيرًا، ونفع الله بكم.
المحاور: وبارك الله فيك.
بقيت معنا عشر دقائق، نعود إلى قضية نصائح وأساسيات في التربية الإسلامية، ثم نحاول قدر ما نستطيع أن نُنهي مجموعةً من الأسئلة.
قلنا: لا بد أن تكون التربية الإسلامية ربانيةً وشاملةً ومُتوازنةً، ومعنى "متوازنة": أن يُعطى كل جانبٍ حقه، سواء كان عقليًّا، أو حركيًّا، أو وجدانيًّا، وهكذا، وليس من الصواب أن يطغى جانبٌ على جانبٍ، كما طغى اليوم الجانب الترفيهي حتى أصبح رقم واحدٍ في بعض البيئات العربية والإسلامية، مع أنه غير متعلقٍ لا بالجانب العقلي، ولا الوجداني، وإنما بالجانب العضوي الترفيهي، وما شابه ذلك، فحينما يطغى هذا الأمر على الجوانب الأخرى، وعلى حقِّ الله والوظيفة والعمل والإنتاج في الحياة، لا شك أن هذا خلاف التوازن.
وأن تكون التربية أيضًا متكاملةً، يُؤثر بعضها في بعضٍ، فلا ننظر إلى أجزاء الإنسان على أنها مُنفصلةٌ، وإنما وحدةٌ متكاملةٌ، فصحة العقل مؤثرةٌ في صحة الوجدان والبدن، وهكذا.
فينبغي أن نعتني بصفة التكاملية والشمولية والاتزان، فهذه المميزات من رب العالمين .
السؤال السادس:
سؤال من نسيم الحياة، تقول: كيف أتعامل بحنانٍ مع أطفالي؟
الجواب:
باختصارٍ شديدٍ حتى نكسب الوقت: عن طريق الرحمة، والعطف، والود، والحب، والقُرْب الحسي والمعنوي، والضم، والتقبيل، واللعب، والمشاركة، والتعاون، .. إلى آخره، فكل هذه الأشياء تؤدي إلى الغرض.
السؤال السابع:
يقول: أود الاستفسار عن كيفية التعامل في مدارسنا؟ وما الطريقة المُثلى لبناء جيل الغد؟
الجواب:
هناك أربع حلقاتٍ تقريبًا عن "المربي الفعَّال"، لكم أن تعودوا إليها من خلال موقع قناة "زاد" في الشبكة العنكبوتية، وتحدثنا عن هذه القضية بشكلٍ كبيرٍ.
فلا بد من الود والحزم في التعامل في المدرسة، فالود لا يمنع الإنسان أن يكون مُنضبطًا، فالأستاذ لا بد أن يكون دقيقًا مثلًا في المتابعة، وودودًا محبوبًا.
وأما ما يتعلق بالطريقة المثلى لبناء جيل الغد: فلا بد من التفاؤل والعمل والطموح حتى نبني الجيل بناءً جيدًا، وكما قيل:
إِذَا غَامَرْتَ فِي أَمْرٍ مَرُومِ | فَلَا تَقْنَعْ بِمَا دُونَ النُّجُومِ[2]للمتنبي كما في شرح ديوانه للواحدي (ص170).. |
السؤال الثامن:
أم عماد تقول: سؤالٌ عن صلة الرحم: إخوان زوجي لهم خمس سنواتٍ ما دخلوا بيتنا، ونحن تعبنا نفسيًّا من مثل هذا الأمر؟
الجواب:
أريد أن أُجيب إجابةً مُختصرةً للأخت أم عماد وغيرها: من أجل أن نحقق الحياة السعيدة ينبغي ألا نحمل أخطاء الآخرين، وقد ذكر هذه القضية الشيخ عبدالرحمن بن سعدي -رحمة الله عليه- في كتابه "الوسائل المفيدة للحياة السعيدة"، ولكن يتحملها مَن قصَّر أو أخطأ، وعندئذٍ سيكون ضرر فعله عليه، وضرر كلامه الخاطئ على نفسه.
هذا بإجابةٍ مُختصرةٍ؛ ولذلك التهميش والتطنيش والإغفال وعدم الانتباه هو الحل لمثل هذه القضية.
السؤال التاسع:
هذه سائلةٌ تقول: أنا كثيرة العصبية، حتى إنني في بعض الأحيان أشك في جميع الناس؛ لأني عانيتُ في حياتي كثيرًا.
الجواب:
الأمر الأول: هي تصف نفسها بأنها عانت كثيرًا، وكأنها تُبرر لنفسها، وهذا لا ينبغي أن يكون مُبررًا، وإن حالتك -أيتها الأخت الكريمة- ومُعاناتك السابقة يجب ألا تستسلمي لها، ولا ينبغي كلما حصلت لك عصبيةٌ شديدةٌ أو شكٌّ في الناس أن تقولي: هذا بسبب حياتي وما تعرضت له. فلا تستندي على مثل هذا المُبرر، وإنما قاومي، وكما جاء في الحديث: فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ[3]أخرجه البخاري برقم (3276)، ومسلم برقم (134).، فتعوذي بالله وانتهي عن هذا التفكير تمامًا.
الأمر الثاني: لا بد أن تتعرفي على آثار العصبية السلبية ظاهرًا وباطنًا، فما آثار هذه العصبية على باطنك وداخل نفسك؟
عناءٌ وتعبٌ وانهماكٌ نفسيٌّ، وكذلك ظاهرًا: ما يبدو على الوجه وتعابيره، .. إلى آخره، بل كما يقولون: لو رأى الإنسان تعابير وجهه على المرآة ربما لم يغضب؛ لأنه سيرى نفسه بصورةٍ بشعةٍ وغير مقبولةٍ.
النقطة الأخرى: التعميم مرضٌ، فأنتِ تقولين: أنا أشكُّ في جميع الناس، فلماذا جميع الناس؟!
فبعض الناس لا ذنبَ لهم، والشك هذا لا يجوز: لا شرعًا، ولا عقلًا، ولا الناس يقبلونه، فينبغي ألا نقبل هذا الأمر، وأن نتنبه له.
السؤال العاشر:
أبو رحمة ومحمد يقول: لي أبناء في الجامعة يرفضون كل وسائل النصح، فلا يُصلون، والولد يُقلد موضات الشباب، والبنت ترتدي الحجاب، لكن تلبسه رغمًا عنها، مع العلم أن والدها داعيةٌ في الأوقاف، ويقولون: إنه السبب في نفورهم من تعاليم الإسلام، ووالدهم يُلقي التبعة على الأم -يبدو أن السائلة هنا الأم، وليس الأب- فماذا نفعل؟
الجواب:
أسأل الله أن يُعينكما على أبنائكما، يبدو أنكم في الغُربة، لكن هذه الأحوال موجودةٌ في غير الغربة، فيجب عليكما حُسن التعامل مع هؤلاء الأبناء.
أولًا: أيها الأب والأم، يجب عليكما مُراجعة طريقة تعاملكما مع أبنائكما ذكورًا وإناثًا.
ثانيًا: بذل الجهد في النصح مع القُرْب منهم، ولا يلزم في النصح أن يكون بالكلام والتوجيهات والأوامر، وإنما الحرص على التأثير حتى لو كان غير مباشرٍ، فقد يكون ذلك أكثر تأثيرًا بالنسبة للإنسان، مع القُرب منهم، فنُعطيهم من أوقاتنا، ونُمازحهم، ونذهب ونخرج معهم في رحلاتٍ مثلًا، فهذا مهمٌّ جدًّا.
ثالثًا: الدعاء لهم، والله يقول: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ [النمل:62]، فنحن ندعو الله حين نكون في ضائقةٍ في أمور صحتنا، أو صحة غيرنا، أو أبنائنا، فهذا من أهم الأمور.
فالابن الذي لا يُصلي مشكلةٌ كبيرةٌ، كيف أستطيع أن أُؤثر فيه؟
وهكذا البنت بالنسبة للحجاب والستر والعفاف؛ فلذلك ينبغي الدعاء لهم في مثل هذا الجانب.
رابعًا: البحث عمَّن يُؤثر فيهم أكثر منكما، فقد تكون وسيلة التأثير بغير الوالدين أقوى من الوالدين.
وبهذا -أيها الإخوة والأخوات- يكون الوقت قد قارب الانتهاء، وأرجو أن يكون ما سمعتموه في الحلقات الثلاث الماضية نافعًا لنا ولكم.
وبإذن الله نستكمل حلقات برنامجكم "أسس التربية" في الأسابيع القادمة، ومع موضوعاتٍ أخرى بإذن الواحد الأحد، وربما نعود مرةً أخرى -من فترةٍ لأخرى- إلى الأسئلة التي ترد حسب وصولها -بإذن الله -، أو نجيب على بعضها من خلال بعض الحلقات.
وأسأل الله أن يجعل أيامنا وأيامكم سعيدةً، وأن يُصلح لنا ولكم النية والذرية.
هذا، ولكم تحياتي، وإلى لقاءٍ قادمٍ.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.