المحتوى
مقدمة
الحمد لله رب العالمين، وأُصلي وأُسلم على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعدُ، حياكم الله أيها الإخوة والأخوات في حلقةٍ جديدةٍ من برنامجكم الأسبوعي المباشر "أُسس التربية" من قناتكم قناة "زاد" العلمية في هذا الموضوع المُلح والمهم والجديد، وهو: التربية الصحية.
وقد يستغرب البعض من هذا الموضوع، ويتساءل: هل تُوجد تربيةٌ صحيةٌ؟
ولا شكَّ أننا قد أشرنا إلى التربية الصحية سابقًا، وفي هذا اللقاء سيكون ضيفنا الدكتور: أحمد بن عبدالرحمن السني، أستاذ طب وظائف الأعضاء المُشارك في جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل، وسُعداء بك، حفظك الله.
الضيف: الله يجزيك خيرًا، شكرًا جزيلًا لكم، وشكرًا لقناة "زاد" على هذه الاستضافة، ونسأل الله أن يجعل هذا اللقاء مُباركًا، وأن نطرح فيه ما يُفيد الإخوة المشاهدين والمشاهدات.
المحاور: الله يبارك فيكم.
سيقول البعض: ما علاقتكم أنتم التربويون بالأطباء؟ أنتم أدخلتم التربية في كل شيءٍ حتى الطب!
وسيقول الأطباء: أين أنتم أيها التربويون؟
فنريد أن نعرف: ما علاقة التربية بالصحة؟ وهل هناك تربيةٌ صحيةٌ؟ خاصةً ونحن مُقبلون على شهر رمضان، مع أن هذه القضية تهمُّ الناس بشكلٍ كبيرٍ خلال السنة.
هلا تحدثتم عن عنوان حلقتنا، بارك الله فيكم.
علاقة التربية بالصحة
الضيف: الله يُعطيك العافية.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمدٍ، وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعدُ، فأُرحب بك يا دكتور خالد، وبالإخوة المشاهدين والمشاهدات في هذا اللقاء، ونسأل الله أن ينفع به.
المحاور: آمين.
الضيف: موضوعنا كما ذكرت يا دكتور خالد عن "التربية الصحية"، وهي عبارةٌ عن كلمتين: تربية، وصحية.
فأولًا: ما التربية؟
فالتربية هي: النَّماء والزيادة والتوجيه والتعليم والتعزيز، ولها معانٍ عدة، ولعلك أشرتَ إليها في سابق الحلقات.
المحاور: ومما قلناه: إنها الارتقاء بالنفس البشرية.
الضيف: نعم، نرتقي بالنفس البشرية، لكن بماذا؟ بالصحة، وما الصحة؟
قد عرَّفت منظمة الصحة العالمية الصحة بأنها: حالةٌ من اكتمال السلامة الجسدية والعقلية والنفسية والاجتماعية والروحية، ولا تعني بالضرورة الخلو من المرض أو انعدامه.
إذن هي حالةٌ من الاكتمال، وهو أن يكتمل الفرد جسديًّا، ونفسيًّا، واجتماعيًّا، وروحيًّا، وعقليًّا.
المحاور: إذن ليست القضية هي الجانب الجسدي فحسب.
الضيف: نعم، ليست كذلك.
المحاور: إذن هي قضيةٌ تكامليةٌ وشموليةٌ.
الضيف: شموليةٌ، نعم، يرتبط فيها الجسد مع النفس والروح، فالروح أو الناحية الروحية أُضيفت مُؤخرًا إلى هذا التعريف، ولا بد أن ترتبط معها فتتكامل كلها؛ لأنها عبارةٌ عن حلقةٍ يرتبط بعضها مع بعضٍ، وكل جانبٍ من هذه الجوانب يُؤثر على الآخر، فلا بد أن تكتمل هذه الحلقات، وتكون سليمةً وصحيحةً.
فنحن نريد أن نتحدث في هذا اللقاء عن كيف يمكننا أن نرتقي بهذه النفس البشرية في سبيل تعزيز هذه الصحة حسبما تم تعريفها من منظمة الصحة العالمية؟
المحاور: إذن سيكون الحديث حول الجانب الجسدي والعقلي والروحي، ... إلى آخره، وأثر هذه القضايا وما يتعلق بها.
الضيف: نعم.
المحاور: وأيضًا أظن -والله تعالى أعلم- أن كل جزءٍ مُرتبطٌ بالجزء الآخر ومُؤثرٌ فيه، فالجانب الجسدي مُؤثرٌ في الجانب العقلي، والجانب العقلي مُؤثرٌ في الجانب الاجتماعي، وهكذا، بارك الله فيكم.
طيب، واضحٌ جدًّا يا دكتور أحمد ما يتعلق بقضية التعريف والمصطلحين المُركبين: التربية الصحية، فهل بقي شيءٌ في التعريف؛ لأننا نريد أن نعرف لماذا هذا الموضوع أصلًا؟ وما أهميته؟
لماذا الحديث عن التربية الصحية؟
الضيف: طبعًا هذا سؤالٌ مهمٌّ: لماذا اخترنا الحديث عن التربية الصحية؟
أولًا: لأننا قبل أن نكون بشرًا نهتم بصحتنا، فنحن أناسٌ قد كلَّفنا الله بمهامٍ، ونحن نعبد الله وحده لا شريكَ له، وإسلامنا يُحتم علينا أن نهتم بهذه الصحة، فإذا نظرنا إلى الشريعة الإسلامية نجدها جاءت بالمُحافظة على الضروريات الخمس، والضروريات الخمس كما قال الشاطبي -رحمه الله-: "اتَّفقت الأمة -بل سائر المِلل- على أن الشريعة وُضعت للمُحافظة على الضروريات الخمس، وهي: الدين، والنفس، والنَّسل -يعني: العِرْض- والمال، والعقل، وعلمها عند الأمة كالضَّروري"[1]"الموافقات" للشاطبي (1/ 31)..
ثم عقَّب الشاطبي بذكر ترتيبها فقال: "ويُقدم حفظ الدين من الضروريات على ما عداه عند المُعارضة؛ لأنه المقصود الأعظم"[2]بنحوه في "الموافقات" (2/ 43).، قال الله تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56].
المحاور: وهذا بالاتفاق.
الضيف: ثم يُقدم حفظ النفس على حفظ النَّسب والعقل والمال؛ لتضمنه المصالح الدينية؛ لأنها إنما تحصل بالعبادات، وحصولها موقوفٌ على بقاء النفس، فلن تتمكن من عبادة الله حقَّ العبادة ما لم تكن لديك صحةٌ تستطيع أن تقوم فيها بالعبادات، والنبي يقول: المؤمن القوي خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خيرٌ[3]أخرجه مسلمٌ (2664).، فالصلاة مثلًا إذا كان الإنسان مريضًا لا يستطيع أن يُصلي.
المحاور: نستأذنك يا دكتور أحمد، معنا اتِّصالٌ من الأخت أم أريج.
المتصلة: السلام عليكم.
المحاور: وعليكم السلام، من أين أنت يا أم أريج؟
المتصلة: من السعودية.
المحاور: تفضلي يا أم أريج.
المتصلة: عندي عيالٌ صغارٌ، وأريد أن أُربيهم على الإسلام، وأُوجههم للدين، وأُعلمهم السيرة والقرآن، لكن ما أعرف الطريقة.
المحاور: جزاكم الله خيرًا، بإذن الله ، أبشري.
نُكمل مع الدكتور أحمد.
الضيف: إذن خرجنا بقاعدةٍ تقول: إن الصحة بالنسبة للمسلمين ضروريةٌ، ومطلبٌ مُلِحٌّ؛ لأنها تدخل في حفظ النفس، وحفظ النفس -كما ذكر الشاطبي- يأتي بعد حفظ الدين في الترتيب، وهذه قضيةٌ مهمةٌ.
وليس المقصود بحفظ النفس فقط حفظها من إزهاقها، وإنما حفظها بجميع أجزائها ومُكوناتها.
المحاور: فالذي يُحافظ على صحته وجسمه -مثلًا- فإنه سيُؤدي الصلاة بأركانها مُكتملةً، ويذهب للحج، ويُمارس العبادة، والعكس؛ فالذي أهمل صحته يتمنى ذلك ولا يستطيع؛ لأن المرض يعوقه، فهل تقصد هذا؟
الضيف: نعم، هذا الذي أقصده، والنبي قال: المؤمن القوي خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف[4]أخرجه مسلم (2664).، فالمؤمن القوي يستطيع أن يُصلي الصلاة، ويُؤدي جميع أركانها من قيامٍ، وركوعٍ، وسجودٍ، يستطيع أن يذهب إلى العمرة، فيطوف بنفسه راجلًا، ويسعى بين الصفا والمروة راجلًا، ويستطيع الذهاب إلى المسجد راجلًا، ويكون له بكل خطوةٍ يخطوها حسنةٌ، وتُحطُّ عنه سيئةٌ، ويُرفع بها درجةً.
فهذه كلها لن يستطيع أن يُؤديها الإنسان المريض، فمتى حافظ الإنسان على صحته استطاع أن يُقيم عبادات الله وشرعه كما أمر، كما ذكر الشاطبي؛ ولذلك قال الشاطبي: إن حفظ النفس يأتي في المرتبة الثانية؛ لأنه الطريق الذي تتحصل به العبادات.
المحاور: يا سلام! جميلٌ جدًّا.
الضيف: نعم.
المحاور: إذن هذه أهمية التربية الصحية، وهي: كونها تحفظ الضروريات، ومنها: الدين.
الضيف: نعم، وهذا ما يخصنا كمسلمين مُطالبين بعبادة الله ، والعبادة مُقدَّمةٌ على ما سواها.
والسبب الآخر للحديث عن التربية الصحية: أننا نعيش في زمنٍ ظهرت فيه الأمراض التي لم تظهر في أسلافنا، وقد قُضي على عددٍ من الأمراض بسبب التقدم العلمي حتى اختفت من الوجود، فبعض (البكتيريا) والفطريات والوبائيات أصبحنا لا نجدها، وكانت سببًا في هلاك كثيرٍ من الناس في السابق.
وكان مرض الطاعون والدرن وغيرهما منتشرًا، والآن -بفضل الله أولًا، ثم بفضل التقدم العلمي- أصبحت جزءًا من الماضي.
لكن مع هذه المدنية التي ظهرت والراحة والتَّمدن بدأت تظهر لنا الأمراض التي لم تظهر في أسلافنا: كالسكري، وبعض الأمراض الأخرى مثل: هشاشة العظام، وخشونة الركب، فهذه الأمور كلها ما كانت معروفةً في السابق.
المحاور: وجزمًا هذا بسبب مُمارساتٍ خاطئةٍ.
الضيف: نعم، ممارساتٌ غير صحيةٍ ظهرت بسبب المدنية.
المحاور: بينما كانت هناك ممارساتٌ صحيةٌ من قبل، لكن في أمورٍ معينةٍ، ولم يكن يُنتبه لها؟
الضيف: نعم، ما كان يُنتبه لها.
المحاور: يا سلام!
الضيف: فهذه الأمراض المزمنة وهذا التَّمدن الذي ظهر صرفنا وأبعدنا عن الصحة التي ننشد، وظهرت فينا الأمراض التي لم تكن موجودةً في السابق.
المحاور: وأصبحت الأُسر الآن تخاف وتحذر من بعض الأطعمة: كالشيبس، والبطاطس، وغيرها، فهل سنصل لهذه النتيجة يا دكتور؟
الضيف: لا، إن شاء الله لن نصل إليها، بإذن الله، وأنا دائمًا أقول لمَن يسألني عن هذه الأطعمة: أنا لا أمنع منها، والله يقول: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ [الأعراف:32]، فهذه كلها طيباتٌ ونِعَمٌ من الله أخرجها الله لعباده، فتحتاج إلى شكرٍ.
ونحن نعيش في هذا البلد المبارك في أمنٍ وأمانٍ، ولدينا من الخيرات التي تحتاج إلى شكرٍ، لكن الله الذي قال: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قال قبلها: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا [الأعراف:31]، فالإسراف ذكره في الأكل والشرب.
فأنا لا أمنع من التمتع بالأطعمة، ولن تجد في كلامي المنع النهائي، لكن أقول: لا بد أن نأكل ونشرب بدون إسرافٍ، والإسراف: مُجاوزة الحد.
المحاور: جميلٌ، إذن نحن تحدثنا عن قضية الضروريات كأهميةٍ للتربية الصحية، وعن خروج أمراضٍ في هذا الزمن لم تكن موجودةً، فهل هناك أيضًا ما يدل على أهمية التربية الصحية؟
الضيف: نعم، هناك أيضًا المشاكل التي بدأت تظهر في أطفالنا مع ظهور التقنية والأجهزة اللوحية والساعة الذكية، فكل هذه صرفت أبناءنا عن الحركة بطريقةٍ عجيبةٍ!
وهناك تقارير خرجت ونُشرت في بعض المواقع والصحف المحلية تدل على ارتفاع نسبة السِّمنة في المدارس، حيث أصبحت تصل إلى 70% في بعض الإحصائيات.
المحاور: لقلة الحركة؟
الضيف: نعم، لقلة الحركة التي جاءت مع هذه التقنية، فبدأت هذه التقنية تجلب لنا بعض الممارسات الصحية الخاطئة، فأصبح (الواتس آب) مصدرًا قويًّا علميًّا مُحكمًا عند البعض في كثيرٍ من الممارسات الصحية، وأصبح حُجَّةً.
خطورة تداول المعلومات الصحية على مواقع التواصل
المحاور: هل تُشير إلى ما يتناقله الناس من خلال وسائل التواصل من المعلومات الطبية والصحية؟
الضيف: أقول: هذه التقنيات لم تضرّ بحركة الأطفال الصغار فقط، بل حتى الكبار صاروا بسبب التقنية يستقون معلوماتهم منها، وحدثت فيهم مُضاعفاتٌ خطيرةٌ، وأُصيبوا بجلطاتٍ، والسبب الرئيس أنهم قرأوا وصفةً معينةً لعلاجٍ معينٍ.
المحاور: فأوقفوا العلاج.
الضيف: فأوقفوا العلاج، وأخذوا بالوصفة، وكانت النهاية جلطةً في القلب.
المحاور: لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله! هذه قضايا واقعيةٌ يا دكتور؟
الضيف: نعم واقعيةٌ، يذكرها لي بعض الزملاء، وأنها حدثت لهم؛ لأنه أصبح الشيخ، والطبيب، والمعلم.
المحاور: هو (الواتس آب).
الضيف: نعم هو (الواتس آب)، ومهما قال الأستاذ لا يُسْمَع له.
المحاور: إذن هنا أقول للجمهور الكريم والأسرة الكريمة: ليس أي شيءٍ يأتينا عبر وسائل التواصل -حتى لو كان من ثقةٍ، أو من صديقٍ، أو صديقةٍ، أو أخٍ، أو عزيزٍ- يُقبل، وإنما لا بد من تمحيص هذا الكلام.
الضيف: فهذه كلها تدفعنا إلى أن نتحدث عن التربية الصحية السليمة، وعما يُعزز الصحة بناءً على براهين وأدلةٍ طيبةٍ، وليس مجرد كلامٍ ولغو حديثٍ وشائعاتٍ وأمورٍ تظهر.
المحاور: والمعلومة من السهل الوصول إليها، والتأكد منها.
الضيف: فمواقع التواصل الاجتماعي سلاحٌ ذو حدَّين: فيها الثقة، وفيها غير ذلك، فهناك مواقع مُوثقةٌ: كموقع وزارة الصحة لدينا في المملكة، ومواقع بعض الأطباء الموثوقين، فنستطيع أن نسألهم، ونستفسر منهم، وكان في السابق إذا أردتَ أن تصل إلى الدكتور لا بد من موعدٍ.
المحاور: الآن بـ(الفيس بوك) و(التويتر).
الضيف: نعم، بـ(الفيس بوك) و(التويتر) و(الانستغرام) تتواصل معه، وتسأله، وتستفسر منه، فهذا يُساعد في الوصول إلى المعلومة، وكذلك -كما قلت- المواقع الإلكترونية للجهات الرسمية المُعتمدة، فهناك جهاتٌ رسميةٌ مُعتمدةٌ، فهذه التي ينبغي أن نأخذ منها، وقد صارت هذه المواقع تنشر مشكورةً من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وليس فقط من خلال موقعها الإلكتروني، فنجد الآن مثلًا وزارة الصحة، وبعض الهيئات والجمعيات الصحية المُعتمدة تنشر من خلال مواقع التواصل.
المحاور: وكذلك الجهات العالمية الموثوقة؟
الضيف: نعم، لكن هذه ربما تحتاج إلى لغةٍ، والآن قد أصبحت اللغة مُتوفرةً لدى الكثير.
المحاور: إذن هذه نقاطٌ ثلاثٌ في أهمية التربية الصحية، وهي لا شك تُبرز حاجة الأسرة إلى التربية الصحية، ونحن عندنا في الجانب الإرشادي والتربوي ما يتعلق بالبرامج الثلاثة يا دكتور، وأنتم أيضًا هذا موضع اهتمامٍ بالنسبة لكم، وهو الجانب النَّمائي والبنائي والوقائي والعلاجي.
وتجد الأسرة تستنفر وتقوم ولا تقعد حينما تحصل مشكلةٌ صحيةٌ بالنسبة للابن، وتذهب به إلى مشارق الأرض ومغاربها!
نعم قد يحتاج الابن هذا الإجراء ويستحقه، لكن لماذا لا تهتم بالتربية الصحية من البداية؟ والتي يمكن أن تكون سببًا في وقاية الأبناء من أن يقعوا في قضية الأمراض؛ ولكي يتحقق المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف[5]أخرجه مسلم (2664)..
فهل بقي شيءٌ حول أهمية التربية الصحية يا دكتور، أو نختم، يُعطيكم العافية؟
الضيف: هذه باختصارٍ النقاط التي تتعلق بأهمية هذا الموضوع، ومدى الحاجة المُلحة للحديث عنه، والاهتمام به.
المحاور: جميلٌ، طيب، نُؤكد على الإخوة والأخوات المُتابعين أن المجال مفتوحٌ للأسئلة، فالدكتور يستقبل الاستشارات، وخاصةً في هذا الموضوع وغيره خلال هذه الحلقة، بإذن الله .
تعزيز التربية الصحية
إذن الآن ندخل فيما يتعلق بقضية الممارسات داخل الأسرة، والمتعلقة بتعزيز هذه التربية الصحية، وهذا موضوعٌ كبيرٌ، وقد ظهر من خلال المفهوم والعنوان والأهمية أشياء كثيرةٌ، لكن أظن أن المُتابعين الآن ينتظرون ما يتعلق بالممارسات العملية، فهذا الذي يهمُّهم بشكلٍ كبيرٍ.
فتفضل -بارك الله فيك- بالحديث عن هذا الموضوع بما يفتح الله به عليك.
الضيف: الله يُبارك فيك.
يقول الشاعر -وهذا مذكورٌ عن الإمام علي بن أبي طالب -:
هتف العلم بالعمل | فإن أجابه وإلا ارتحل[6]أخرجه الخطيب البغدادي في "اقتضاء العلم العمل" (ص35)، وابن عساكر في "ذم مَن لا يعمل بعلمه" (ص38) رقم (14). |
فالحديث والتنظير سهلٌ، لكن الذي لا نُطيقه هو التطبيق العملي بممارساتٍ نستطيع من خلالها أن نُعزز هذه الصحة، والممارسات كثيرةٌ، والحديث عنها يطول، لكن سنتحدث عن أهمها على حسب الترتيب والأولوية.
فأول ممارسةٍ تُساعدنا في المحافظة على الصحة ذكرها الحارث بن كلدة -طبيب العرب- حيث قال: "المعدة بيت الداء، والحمية رأس الدواء، وعوِّدوا كل بدنٍ ما اعتاد"[7]"الآداب الشرعية والمنح المرعية" (2/ 354)..
المحاور: وهذه العبارة مشهورةٌ عند الناس.
الضيف: وقد كانوا يقولون: قل لي: ماذا تقرأ؟ أقل لك: مَن أنت؟
وأنا أقول: قل لي: ماذا تأكل؟ أقل لك: كيف أنت؟
فبمجرد أن تتعرف على ما يأكله الشخص تستطيع أن تتعرف على وضعه وصحته، وكيف سيكون حاله في المستقبل بناءً على ما يأكله.
المحاور: إذن الكلام حول الغذاء.
الضيف: فالغذاء المتوازن مطلبٌ مُلِحٌّ، وكما ذكرنا الآن فُتحت علينا الدنيا بما لم يُفتح على أسلافنا، وهذا من نعمة الله علينا.
المحاور: خيرات.
الضيف: نعم، خيراتٌ وفضلٌ من الله ، ونسأل الله ألا يحرمنا فضله.
المحاور: آمين.
الضيف: هذه نعمةٌ كبيرةٌ نعيشها، فنسأل الله ألا يُبدلها علينا، وهي تحتاج إلى شكرٍ وعدم إسرافٍ فيها، حتى لا تُستنزف، ولا تذهب عنا.
فالغذاء المتوازن مطلبٌ، فلا بد أن يقرأ الإنسان ويتعرف على: ما الأغذية التي تُساعده في المحافظة على صحته؟ وما الأغذية التي ينبغي أن يتجنبها؟
المحاور: قولك يا دكتور: "الغذاء المتوازن" هل تقصد من حيث الكمية، أو من حيث النوع، أو كلاهما؟
الضيف: كلاهما، نوعًا وكمًّا، وقد ثبت عن النبي في الحديث أنه قال: المؤمن يأكل في مِعًى واحدٍ، والكافر يأكل في سبعة أمعاء[8]أخرجه البخاري (5393)، ومسلم (2060، 2061)..
ويقول في الحديث الذي رواه الترمذي -والحديث حسنٌ-: بحسب ابن آدم أُكُلات يُقِمْنَ صُلْبَه، فإن كان لا محالةَ فثلثٌ لطعامه، وثلثٌ لشرابه، وثلثٌ لنفسه[9]أخرجه الترمذي ت: شاكر (2380) وقال: "حديثٌ حسنٌ صحيحٌ"، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (2135)..
المحاور: عذرًا يا دكتور أحمد، معنا الآن اتِّصالٌ من اليمن.
الضيف: تفضل.
المحاور: معنا الأخ أبو عاصم من اليمن.
مرحبًا بك يا أبا عاصم.
المتصل: السلام عليكم ورحمة الله.
المحاور: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، حيَّاكم الله.
المتصل: الله يُحييك ويُبقيك يا فضيلة الدكتور.
المحاور: أسأل الله أن يُفرج عنكم يا رب العالمين.
المتصل: آمين يا رب العالمين.
المحاور: تفضل، الله يحفظك يا أبا عاصم.
المتصل: جزاكم الله خيرًا على هذا الموضوع أولًا.
مشكلات الغذاء الصحي عند الأطفال
وثانيًا: عندنا طفلٌ قليل الأكل، ويميل إلى (الشوكولاتات) والحلويات وهذه الأشياء، فالسؤال: هل الطريقة المُثلى هي إجباره مثلًا على الأكل، والتوبيخ وهذه الأساليب؟ أو ما السُّبل التي تُعين الأب أو الأم على تغذية هذا الطفل؟
المحاور: كم عمره يا شيخ؟
المتصل: تقريبًا من أربع إلى ستِّ سنوات، هما ولدٌ وبنتٌ.
المحاور: شكرًا يا أبا عاصم، الله يُبارك فيك.
المتصل: شكرًا لكم.
المحاور: الله يحفظك، ويُبارك فيك.
إن كانت هناك إجابةٌ لديك يا دكتور أو نُؤجلها، كما تُحب.
الضيف: نُجيب، إن شاء الله.
هذه إحدى المشكلات التي تُواجه الأطفال من سنِّ أربعٍ إلى ستٍّ، فبعضهم تجده يبتعد عن الغذاء السليم والصحي، ويحرص على الحلويات و(الشوكولاتة) بأنواعها، والمشروبات الغازية، والعصائر عالية السكر؛ لأنه طفلٌ، وهذه طعمها حلوٌ.
المحاور: يستلذّ.
الضيف: نعم يستلذّ، فطعمها فيه حلاوةٌ، والحلاوة مُحببةٌ، وتشتهيها النفس، فيحرص عليها.
المحاور: أنا أعرف يا دكتور أحمد أحد الأطفال -تقريبًا بهذا العمر- يكاد ألا يأكل، وعُمِلت له مجالات التعزيز والتشويق، لكن ما زال أكله خفيفًا، ويكاد لا يتناول الوجبات الرئيسة، فهل هذه القضية تحتاج إلى تشخيصٍ؟ وهل هناك احتمال أن توجد مشكلةٌ متعلقةٌ بالجهاز الهضمي وغيره؟ مع أنهم قالوا: إنهم كشفوا عليه، ووضعه طبيعيٌّ!
الضيف: أنا أعتقد أنه -في الغالب- لا يُوجد شيءٌ كبيرٌ عند هؤلاء الأطفال، فهذا شائعٌ، ومرحلةٌ ستمرُّ، وكما ذكر الأخ: هذا موجودٌ عند الأطفال؛ لأنهم يميلون بطبعهم إلى (الشوكولاتة) والحلويات، لكن نحتاج أن نبحث عن وسائل وطرق تُعينه، فمثلًا: أسلوب التعزيز هذا يُشجع الأطفال.
المحاور: حتى يأكل الشيء السليم.
الضيف: حتى يأكل الشيء السليم، فنحاول أن نُعزز هذا الموضوع، ونبحث عن البدائل التي فيها نوعٌ من السكريات، لكنها سُكريات مُفيدة، مثل: الفواكه، فنحاول أن نُدمج بين الفواكه و(الشوكولاتة)، ونُقلل نسبة (الشوكولاتة) تدريجيًّا، والمثل يقول: "كل ممنوعٍ مرغوبٌ"، فلو منعنا الطفل سيزيد إلحاحًا وإصرارًا، وإذا ما وجدها في البيت سيذهب إلى بيت الأهل، أو العم، أو الخال ويأخذها.
المحاور: نستأذنك يا دكتور أيضًا معنا اتِّصالٌ من الأخت أم عبدالمجيد من السعودية.
تفضلي يا أخت أم عبدالمجيد، حياكم الله.
المتصلة: (أيوه)، أهلًا، السلام عليكم.
المحاور: وعليكم السلام ورحمة الله.
المتصلة: لو سمحت يا شيخ، ما الرياضة المناسبة للأطفال من سبع سنوات أو عشر سنوات أو أقلّ؟
المحاور: سيكون معنا -بإذن الله - ضمن فقرات اللقاء موضوع الرياضة، وسنُجيب عن سؤالك -بإذن الله- يا أم عبدالمجيد، شكرًا لك.
المتصلة: شكرًا.
المحاور: نعم يا دكتور أحمد، تفضل.
الضيف: قلنا: "كل ممنوعٍ مرغوبٌ"، فإذا منعنا الطفل نهائيًّا من هذه المأكولات سيزداد إلحاحًا على الحلويات، فنحن لا بد أن نبدأ معه بالتَّدرج، فنحاول أن نُدخل أمورًا صحيةً يستمتع الطفل بطعمها، مثل: الفواكه، فلا مانع من أن تُضاف (الشوكولاتة) إلى الفراولة مثلًا، وتُوضع معها تدريجيًّا، فالفراولة أفضل له بكثيرٍ من هذه (الشوكولاتة).
أيضًا نجعله يأكل بعض الأغذية الصحية، ويُشارك فيها الأطفال، كالفواكه، فهي مُحببةٌ لهم؛ لأن فيها طعمًا حلوًا، فينجذبون لها، ثم نبدأ نُعزز له أكل الخضراوات والبروتينات: كالدجاج، واللحم، والسمك، مثلًا نقول له: إن أكلتَ وجبتك وأنهيتها يمكن أن نُكافئك بشيءٍ تُحبه: كالذهاب إلى الحديقة، أو سنشتري لك لعبةً ترغب بها، والطفل على ما يُعوده أبواه:
وينشأ ناشئُ الفتيان منا | على ما كان عوَّدَه أبوه[10]لأبي العلاء المعري "ديوان لزوم ما لا يلزم" ت: كمال الأزجي، بيروت، دار الجيل، ط1، 1412هـ- 1992م (2/ 496). |
المحاور: وأظن أن الأسرة التي تتناول الفواكه وتهتم بها سيتربى الأبناء على ذلك، فعمل القُدوة أظنه مُؤثرًا جدًّا.
الضيف: لا شكَّ، فالعلم بالتعلم، حتى الأكل بالتعلم، فالأطفال الذين يعيشون في الهند تجد الطفل عمره أربع أو خمس سنوات ويأكل أكلًا حارًّا، وتستغرب، يقولون: يضعون له الشَّطة في المرضعة!
المحاور: خلاص تعوَّد.
الضيف: نعم تعوَّد عليها، فإذا كان الأكل ليس فيه هذا الفلفل الحار لا يستطعمه.
المحاور: إذن في السلوك الغذائي لا بد أن تقوم الأسرة بتعويد الأبناء على الأكل الصحي.
الضيف: نعم، حتى تتحول القضية إلى عادةٍ.
المحاور: جزاكم الله خيرًا.
الضيف: وأنتم يا أهل التربية وعلم النفس تعلمون أن العادة تُؤثر في السلوك تأثيرًا كبيرًا.
المحاور: دكتور أحمد، لعلنا نأخذ فاصلًا.
أيها الإخوة، فاصلٌ ونواصل، حيَّاكم الله.
الفاصل:
مليار وثلاثمئة مليون طن من الأطعمة تتحول إلى صناديق القمامة سنويًّا، وهو ما يُعادل ثلث إنتاج العالم من الطعام، ويتسبب هذا في خسارةٍ ماديةٍ تُقدر بسبعمئةٍ وخمسين مليار دولار في كل عام، هذا ما أكَّدته منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة.
يحدث كل هذا في ظلِّ وجود ثمانمئةٍ وسبعين مليونًا من الجائعين يوميًّا، وصدق مَن قال: ما رأيتُ إسرافًا إلا وبجانبه حقٌّ مُضيَّعٌ!
ففي الوقت الذي يموت فيه عشرات الآلاف من الأطفال جوعًا بسبب نقص الغذاء، نجد أن دولةً غربيةً ترمي وحدها أطعمةً تبلغ قيمتها تسعة عشر مليارًا من الدولارات في كل عامٍ، ودولةً أوروبيةً أخرى تُهدر مئة طنٍّ من الطماطم في مهرجانٍ سنويٍّ يُعرف بـ"مهرجان التراشُق بالطماطم".
وفي دراسةٍ لإحدى الشركات المُتخصصة وُجد أن 80% من قمامة إحدى الدول العربية كانت عبارةً عن طعامٍ!
قال تعالى: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [الأعراف:31].
فلنتدارك الأمر قبل أن يؤول بنا الحال إلى مصير المُسرفين، فثَمَّة دولٌ معاصرةٌ اشتهرت بشدة النَّعيم والإسراف، ثم دارت الأيام واشتهرت بالمجاعة والقحط!
فلنحرص جميعًا على الاقتصاد في الطعام، وأن نأتي به على قدر الاحتياج، وإذا تبقى منه شيءٌ فلنحتفظ به للوجبة التالية، أو لنُعطه للمُحتاجين بعد أن نُغلفه.
وإذا كان الطعام لا يصلح للإنسان فلنجمعه في صندوقٍ، ولنجعله غذاءً للطيور والحيوان؛ فـفي كل كبدٍ رَطْبَةٍ أجرٌ[11]أخرجه البخاري (2363)، ومسلم (2244).، ولنتذكر دومًا قول الله تعالى: ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ [التكاثر:8].
الدكتور خالد: حياكم الله أيها الإخوة، وعودًا إلى التربية الصحية، ومع الدكتور أحمد السني، وكنا نتحدث حول قضية الغذاء.
ما المقصود بالغذاء المتوازن؟
الضيف: بالنسبة للغذاء المُتوازن: ماذا نقصد بالغذاء المتوازن؟
الغذاء المتوازن لا بد أن يكون فيه 50% من وزنه أو كميته نشويات؛ لأنها مصدر الطاقة الرئيس للجسم، وبخاصةٍ للدماغ، وبالتالي لا بد أن نحرص على هذه النَّشويات، ولا بد أن تكون نَشويات مُعقَّدة، وليست بسيطةً، ونقصد بالنَّشويات المُعقَّدة التي تكون فيها الألياف مُكتملةً.
المحاور: لو تُعطينا أمثلةً يا دكتور أحمد.
الضيف: مثلًا: الخبز، هناك خبز البر، والخبز الأبيض، وظهر الآن خبز القمح الكامل، وهو مُقدَّمٌ على الاثنين: على البر والأبيض؛ لأنه كامل الألياف.
المحاور: الذي هو النُّخالة؟
الضيف: لا، ليس النُّخالة، النُّخالة جزءٌ منه، يُسمَّى: خبز القمح الكامل، فهذا مُكتملٌ، والآن -بفضل الله - بدأت بعض المخابز تبيعه في الأسواق، سواءٌ كان على شكل (توست)، أو على شكل خبزٍ، فهذا نحرص عليه.
وكذلك نحاول أن نُقلل من الحلويات والسكريات، ولا أقول: الامتناع عنها؛ لأن كل ممنوعٍ مرغوبٌ، بل هناك دراسةٌ في استراليا تقول: إن أحد أهم أسباب السِّمنة في استراليا كان (الرِّجِيم) والانقطاع الكامل عن الحلويات والسكريات.
المحاور: بسبب؟
الضيف: بسبب ردَّة الفعل العكسية؛ لذلك لا بد أن نأكل ونشرب ولا نُسرف ونتجاوز الحد.
و(البروتينات) -كاللحوم والدجاج والأسماك- مهمةٌ، فلا بد منها، وتقول بعض الدراسات: لا بد من أكل السمك مرتين على الأقل أسبوعيًّا، والحرص على استبدال الدهون المُشَبَّعة والمقليَّات بالأمور التي لا توجد فيها مقليات: كالمشويات، فالمشوي أفضل من المقلي.
المحاور: أو المسلوق.
الضيف: أو المسلوقة، وإذا استخدمنا الدهون فلا بد أن نبحث عن الدهون المفيدة، مثل: دهن زيت الزيتون والذرة، فزيت الزيتون من شجرةٍ مُباركةٍ، فلا أفضل منها، سبحان الله! بل إن لزيت الزيتون فوائد على القلب لا تُعدُّ ولا تُحصى.
المحاور: سبحان الله! مع أنه زيتٌ، والآخر زيتٌ!
الضيف: نعم؛ لأن زيت الزيتون من شجرةٍ مباركةٍ، فمَن يتناول زيت الزيتون يرتفع عنده (الكولسترول) الحميد، ويقلّ (الكولسترول) الضار، وبالتالي فهو عاملٌ وقائيٌّ من الإصابة بالجلطات.
المحاور: فأنت يا دكتور تدعو الأسرة إلى عدم استعمال الزيوت المعهودة.
الضيف: نعم، وهي الزيوت (المُهَدْرَجة).
المحاور: فتضع زيت الزيتون وأمثاله بدلها.
الضيف: لا شك، فزيت الزيتون فيه دراسةٌ تُثبت أنه أحسن وأكثر فائدةً من غيره.
المحاور: هل يختلف المذاق يا دكتور؟ وهل القضية فيها اختلافٌ في المذاق أو العادة؟
الضيف: هي العادة، فالإنسان يتعود، وأذكر مرةً أني سمعتُ شخصًا يقول: والله أنا لا أستطيع أن أشرب الشاي إلا إذا وضعتُ فيه كميةً كبيرةً من السكر! فقلت: تدرج، ابدأ قلل تدريجيًّا 10%، ثم 10% حتى تصل إلى 50%، ثم أقلّ، فستجد نفسك مع التَّعود تصل إلى هذا، ثم بعد ذلك لو قدَّم أحدهم لك الشاي بوزنية السكر القديمة لن تستطيع أن تشربه.
المحاور: سبحان الله! أدركتُ عددًا من هؤلاء الذين قاموا بعملية الحِمْيَة بهذه الطريقة.
الضيف: نعم، يعتاد عليها.
المحاور: سبحان الله!
إذن تكلمنا عن النَّشويات والسكريات و(البروتينات).
الضيف: وعن الدهون.
المحاور: نعم، وعن الدهون.
الضيف: ثم نأتي إلى قضية الإكثار من تناول الخضراوات والفواكه، وهذه قضيةٌ مهمةٌ، فمنظمة الصحة العالمية نشرت في تقريرٍ لها أن هناك ما يقرب من 1,7مليون وفاة سنويًّا سببها بعد إرادة الله عدم تناول الكمية المطلوبة من الفواكه والخضار يوميًّا.
وهناك بعض الدراسات تقول: إن 14% من السرطانات التي تُصيب الجهاز الهضمي سببها عدم تناول الفواكه والخضراوات، و11% من جلطات القلب سببها عدم تناول الفواكه والخضراوات، و9% من جلطات الدماغ سببها عدم تناول الفواكه والخضراوات.
المحاور: لو تعذرني يا دكتور، لما يُقال: إن 1,7مليون وفاة سنويًّا سببها عدم تناول الكمية المطلوبة من الفواكه والخضار يوميًّا، كيف عرفوا ذلك؟
الضيف: من خلال معايير ومُؤشرات، فينظرون إلى الأشخاص الذين أُصيبوا بهذه الجلطات، وينظرون في سجلهم الغذائي، ويُقارنونهم بالأشخاص الذين لم يُصابوا، وبالنسبة للوفاة ينظرون فيمَن تُوفي في تلكم السنة، وينظرون في الأشخاص الذين يُقاربونهم في العمر ولم يتوفوا، وهل هناك فروقاتٌ ظاهرةٌ ذات دلالةٍ إحصائيةٍ في هذا الموضوع؟
فهذه نُشرت في بعض الدراسات لدى منظمة الصحة العالمية؛ ولذلك أطلقوا عدَّة حملات، وهذه الحملات أخذت في بعض الدول الغربية حيز التنفيذ، وظهرت جليًّا، وظهر عندهم ما يُعرف بـ"كل يومٍ خمسة"، وهم يقصدون في مجال الخضراوات والفواكه، يعني: خمس حصص من الفواكه والخضراوات يوميًّا.
ونحن قبل أن ننظر إلى الغرب وما عنده، تعالوا نتأمل في كتاب الله ، كم مرة وردت لفظة "فواكه وفاكهة"؟
"فواكه" وردت مرتين في سورة "المؤمنون"، قال الله : فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ [المؤمنون:19]، يعني: من نِعَم الله أنه أنزل من السماء ماءً بقدرٍ، وأخرج منه هذه الفواكه، فهي من النِّعَم.
وقال الله يصف حال المؤمنين في سورة الصافات: إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ فَوَاكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ [الصافات:40-42].
و"الفاكهة" وردت في كتاب الله في أحد عشر موضعًا، وكلها تأتي في وصف أهل الجنة، كأن من ضمن الجوائز والملذَّات: الفاكهة.
إذن الفطرة السليمة تنظر إلى الفاكهة كنوعٍ من النِّعَم واللَّذة، بل حتى في اللغة العربية يقولون: فكه، يعني: تلذذ: فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ [الطور:18] يعني: مُستمتعين ومُتلذذين.
وذكر في سورة الواقعة من ضمن الفروقات بين السابقين وأصحاب اليمين: أن الله قال عن السابقين: وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ [الواقعة:20، 21]، ثم قال عن أصحاب اليمين: وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ [الواقعة:32]، وكأن من ضمن الفروقات بين السابقين وأصحاب اليمين: أن السابقين كافأهم بالفواكه.
المحاور: يا سلام!
الضيف: وفي سورة الرحمن ذكر الجنتين: الأولى قال فيها: فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ [الرحمن:52]، وأما الجنتان الدونيتان فقال: فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ [الرحمن:68].
فحقيقةً هذه نعمة الله أعطانا إياها.
والنبي قال: لن تقوم الساعة حتى تأكلوا من فاكهة الشام[12]لم نجده بهذا اللفظ، ولا بلفظٍ مُقاربٍ.، فاستغرب الصحابة: كيف نأكل من فاكهة الشام؟
والآن -بحمد الله- نأكل من فاكهة جنوب أفريقيا وشمال أوروبا، فكلها تأتينا إلى هنا، وهذه من النِّعَم، لكن -مع الأسف الشديد- تجد بيوتًا كثيرةً الآن تخلو من هذه النِّعم.
المحاور: "خمسةٌ في خمسةٍ" ماذا تعني يا دكتور؟
الضيف: حينما قالوا: في كل يومٍ خمسةٌ، أو (FIVE A DAY) كما سمّوها، يقصدون بها: خمس حصصٍ في اليوم من الفواكه والخضراوات يوميًّا.
المحاور: كيف تُحْسَب؟
الضيف: قالوا ذلك بناءً على دراستهم أن الإنسان يحتاج تقريبًا نصف كيلو يوميًّا من الخضراوات والفواكه، أي: في حدود أربعمئةٍ إلى أربعمئةٍ وثمانين جرامًا، فأتوا إلى وزن الفاكهة المتوسطة مثل: الموزة والبرتقالة والتفاحة، ووجدوا أن معدل الوزن التقريبي: ثمانون جرامًا، فعندما نضرب ثمانين في خمسةٍ ينتج أربعمئة، وهذا الرقم الذي خرَّجوه تقريبيٌّ من أجل أن يُسهلوا على الناس التطبيق.
المحاور: هذا في مجال الفواكه، فكيف بالنسبة للخضراوات؟
الضيف: الخضراوات قالوا: الأصل أن تكون عندك حصتان -يعني: ثمانين وثمانين- من الفواكه، وثلاث حصصٍ من الخضراوات: ثمانين، وثمانين، وثمانين، تحرص عليها في اليوم، يعني: أنت تحتاج نصف كيلو أو أربعمئة جرام من الفواكه والخضراوات يوميًّا.
المحاور: يعني: الفواكه واضحة يا دكتور؛ يأخذ موزةً أو تفاحةً ويأكلها، لكن الخضار هل السلطات تكفي؟
الضيف: نعم، لكن ننتبه إلى أن الخضراوات وزنها خفيفٌ، فتحتاج إلى صَحْنٍ حتى تصل إلى ثمانين جرامًا.
فهذا ننتبه له، فالخضراوات تكون الكمية فيها كبيرةً؛ لأن وزنها خفيفٌ.
ونحن عملنا دراسةً في جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل على طلبة الجامعة، ووجدنا أن ما يُعادل فقط 20% هم مَن يتناولون الكمية المطلوبة من الخضراوات والفواكه يوميًّا.
المحاور: بمعدل خمسة؟
الضيف: نعم، وفوق 80% لا يتناول المعدل المطلوب.
المحاور: يعني: هؤلاء الـ 20% هم فعلًا مَن وضعوا هذه القضية في أذهانهم؟
الضيف: هم الحريصون عليها، وطبعًا الدراسة كان فيها طلبة المسار والقطاع الصحي.
المحاور: فعندهم هذه الثقافة.
الضيف: ربما عندهم هذه الثقافة.
المحاور: ومع ذلك النسبة 20%!
الضيف: نعم، ومع ذلك 20% في المجمل، لكن هذا الذي ربما رفع النسبة.
المحاور: دكتور أحمد، يتبقى تقريبًا عشر دقائق، فنحتاج إلى الكلام حول الماء.
الضيف: الماء باختصارٍ: ونحن الآن مُقبلون على فصل الصيف، فمن الضروري جدًّا أن نتناول الماء بمعدل 2- 4 لتر، وفي شهر ثمانية (أغسطس) الحرارة ترتفع، وخاصةً في مناطق كالدمام وجدة والسواحل، والرطوبة فيها عاليةٌ، فنحتاج فيها إلى تعويضٍ يصل إلى أربعة (لترات) من الماء يوميًّا.
والطب الصيني في السابق كان يُوصي بشرب أربعة كؤوسٍ من الماء قبل الإفطار عند الصباح؛ للمحافظة على الصحة.
المحاور: هل هذا الكلام صحيحٌ؟
الضيف: نعم، هذا جزءٌ من مُمارساتهم، لكن هل هناك دراسةٌ وبرهانٌ علميٌّ يُثبت أثرها الصحي؟
المحاور: لمَّا بعد.
الضيف: لمَّا بعد، لكن الماء الله يقول فيه: وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ [الأنبياء:30].
المحاور: إذن الوصية: الإكثار من شرب الماء.
الضيف: نعم.
المحاور: هل هناك إشكاليةٌ في شرب الماء مع الأكل يا دكتور؟ لأن الناس دائمًا يقولون: لا تشرب وأنت تأكل.
الضيف: نعم، يقولون: يزيد الكرش، وأنا أُوصي دائمًا بتناول الماء قبل الأكل.
المحاور: قبل الأكل.
الضيف: وليس السبب في ذلك أنه يزيد الكرش، وإنما السبب أن كثرة شرب الماء سيُقلل من الأكل الذي هو نوعٌ من الحمية؛ لأنه يملأ المعدة، فلا يترك لنا مجالًا للإسراف في الأكل.
المحاور: سبحان الله! ولهذا ورد في ماء زمزم التَّضَلُّع[13]أخرجه ابن ماجه )3061)، وضعفه الألباني..
الضيف: نعم.
المحاور: سبحان الله!
ولا شك أن الماء من الناحية الطبية له أثرٌ على الكُلَى وما يتعلق بذلك.
الضيف: نعم.
المحاور: جميلٌ.
الضيف: الوقت يُداهمنا، ولا يمكن الحديث عن هذا الموضوع بالتفصيل.
المحاور: بقيت عندنا قضيتان أساسيتان: قضية الرياضة، وهو ما سألت عنه الأخت قبل قليلٍ، ونحن مُقبلون على شهر رمضان، فنريد أيضًا أن نستفيد من هذه الحلقة حول هذا الموضوع.
الضيف: جمعية القلب البريطانية تقول: أن تكون سمينًا مُمارسًا للرياضة خيرٌ من أن تكون إنسانًا نحيفًا لا تُمارس الرياضة.
المحاور: وهذا تحدٍّ كبيرٌ.
الضيف: في الحركة بركةٌ، والرياضة فوائدها جمَّةٌ، لا تُعدُّ ولا تُحصى، فهي تُساعد في المُحافظة على الوزن، وتحمي القلب والشرايين والأوعية الدموية، وتبني العضلات، وتحمي من السرطانات، وتُعطينا طاقةً وحيويةً وقوةً في الذاكرة، وتشدُّ البشرة، وتمنع من ترهُّلات الجلد، وتمنع من الأمراض المُزمنة، مثل: الضغط، والسكري، وهذه كلها بممارسة الرياضة، لكن ماذا نقصد بممارسة الرياضة؟
نصف ساعةٍ من المجهود البدني المعتدل خمس مراتٍ في الأسبوع.
المحاور: خمس مراتٍ؟
الضيف: نعم، خمس مراتٍ.
المحاور: يعني: ساعتين ونصف.
الضيف: نعم، سواءٌ كانت متصلةً، أو مُفرَّقةً.
المحاور: نصف ساعةٍ في المرة الواحدة؟
الضيف: في اليوم.
المحاور: يمكن ألا تكون متصلةً؟
الضيف: نعم، عندك عشرة، عشرة، عشرة، مثلًا: في كل صلاةٍ تذهب إليها.
بالجهد البدني المعتدل
أهمية الرياضة والجهد البدني المعتدل
مثاله باختصارٍ: المشي السريع الذي تحس معه أن دقَّات القلب بدأت تزيد، والنَّفَس ما انقطع تمامًا، لكن هناك حركةٌ وجزءٌ من التَّعرق، فهذا هو المقصود بالجهد البدني المعتدل.
المحاور: ما الحكمة؟ وهل المشي العادي لا يَفِي بالغرض؟
الضيف: هذا الذي أثبتت الدراسات أنه يُفيد القلب والجسم، أما المشي العادي المُتقطع فإن أثره على الصحة ليس مثل أثر المشي السريع.
المحاور: لكن له أثرٌ؟
الضيف: له أثرٌ، لكن ليس مثل المشي السريع، وقد جاء في وصف مشي النبي : إذا مشى تَكَفَّأ تَكَفُّؤًا كأنما يَنْحَطُّ من صَبَبٍ[14]أخرجه الترمذي ت: شاكر (3637)، وصححه الألباني في "الصحيحة" (2083).، اللهم صلِّ وسلم على سيدنا محمدٍ.
المحاور: أحسنت.
الضيف: فهذا حقيقةً الذي نحرص عليه.
المحاور: إذن أنت تُؤكد في الرياضة على قضية المشي؟
الضيف: وبالنسبة للأطفال يُنصح بزيادة هذه المدة، فيقولون: كلما كان الإنسان أصغر كانت عنده صحةٌ ومجالٌ، فتُرفع من نصف ساعةٍ إلى ساعةٍ أو ساعةٍ ونصف، ففي الحركة بركةٌ، وكلما زادت لا إشكالَ.
المحاور: ومرحلة الطفولة هي مرحلة النمو الحركي.
الضيف: نعم، وبناء العَضَل والعَضُد.
المحاور: فهل تقترح المشي أم غرفة ألعابٍ؟
الضيف: المقصود أي حركةٍ، فالمرأة -مثلًا- ليس المقصود أن تذهب إلى صالةٍ رياضيةٍ، فحركتها في المنزل بالكنس والتنظيف تكفي.
المحاور: تدخل في هذا؟
الضيف: نعم تدخل في هذا، تُطالب بالتنظيف والذهاب إلى حديقة المنزل لتسقي الزرع وتُنظفه، وتُنظف فناء المنزل، فهذه كلها داخلةٌ في المجهود البدني الذي يُفيد الجسم، ويُقوي العَضل.
المحاور: إذن لا يلزم التبديل، ولا الملعب، ولا نوعٌ معينٌ من الرياضة؛ لأن عندنا ثقافةً في مجتمعنا هنا: أن الرياضة بالنسبة للشباب هي كرة القدم، فالشاب في ذهنه الرياضة تُساوي كرة القدم، والأمر ليس كذلك.
الضيف: بل إن الرياضة التي فيها مُقاومةٌ ورفع الأثقال وتحريك الأشياء هي أيضًا مطلوبةٌ، ولا بد أن يُمارسها الشخص مرتين أسبوعيًّا، فمثلًا: عمل المرأة وحركتها في المنزل تُساعدها في المُحافظة على وزنها المثالي.
المحاور: جميلٌ جدًّا.
الضيف: فالمرأة التي تُؤدي هذه الأشياء لو أكلت نفس ما تأكله المرأة التي لا تُمارس هذه الأعمال ولا تتحرك في المنزل تجد هذه تَسْمَن، وهذه لا تَسْمَن.
المحاور: شكر الله لك يا دكتورنا، بقيت معنا ثلاث دقائق، فنريد أن نختم بالكلام عن موضوع الصيام، أعانك الله.
الضيف: على عجلٍ؛ لأن موضوع الصوم يحتاج إلى أن يُفرد بحلقةٍ، فلم يَعُد هناك شكٌّ عند الباحثين المُنصفين في أن الصوم ضرورةٌ من ضروريات الحياة، كما يقول الله : وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ [البقرة:184]، وكما جاء في الحديث -وإن كان ضعيفًا-: صوموا تصحُّوا[15]أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (8312)، وضعفه الألباني في "ضعيف الترغيب والترهيب" (573).، لكن هذا الحديث معناه صحيحٌ، فالصيام فيه نفعٌ للبدن.
كما أن الصوم ليس للجنس البشري فحسب، بل حتى الحيوانات والحشرات تصوم، ألا ترى أن الدودة تدخل في مرحلةٍ تُسمَّى "الشَّرْنَقَة" فتختفي وتصوم، ولا تأكل، ولا تشرب، وبعد ذلك تخرج لنا فراشةً جميلةً تنتقل من زهرةٍ إلى أخرى، بعد صومها؟
إذن ففي الصوم نعمةٌ عظيمةٌ.
المحاور: يعني: صومها استعدادٌ.
الضيف: نعم، حافظت به على صحتها، و(كاريل) -وهو أحد العلماء الذين حازوا على جائزة (نوبل)- كان يُوصي مرضاه بالصيام.
المحاور: هو يقول: الصيام: الانقطاع التام.
الضيف: هم ينظرون إلى الصيام بالطريقة النبوية الصحيحة، لا كما هو حال صيامنا هذه الأيام، فالصيام يقصدون به: ألا يأكل الإنسان إلا قليلًا، كما كان النبي يفعل، فكان في رمضان يُفطر على الأسودين، وما يأكل إلا قليلًا، وليس كما هو عليه الناس الآن، فتنشر الصحف المحلية أن الغذاء عند الناس يزيد 40% في رمضان.
المحاور: فرصةٌ لتنوع الأكل.
الضيف: نعم، وسبَّب لنا مشاكل صحيةً، وما استفدنا منه شيئًا.
وفي آخر دراسةٍ نشرها (مايكل موسلي) ذكر أنه بدأ يصوم، ووجد أن (الكولسترول) والضغط و(الجلوكوز) عنده نزل، وكان يصوم مرتين في الأسبوع.
المحاور: أرجع وأقول: هل معنى أن يصوم أنه ينقطع عن الأكل والشرب؟
الضيف: لا.
المحاور: عفوًا، يُخفف.
الضيف: كان يعيش على مجموعةٍ من السوائل البسيطة: كبعض النَّشويات، والخضار، والفواكه، ووجد أثرها الكبير على الدهون والسكر والجلد.
المحاور: الذي هو الغذاء المتوازن.
الضيف: لا، ليس الغذاء المتوازن.
المحاور: يمنع نفسه حتى من الغذاء المتوازن؟
الضيف: نعم، هو يصل إلى مرحلةٍ قليلةٍ لا يتناول فيها شيئًا إلا ما ندر.
المحاور: طيب، بقيت لنا دقيقةٌ يا دكتور، هل بقي شيءٌ حول قضية الصيام تُوصي به؟ ونحن مُقبلون على شهر رمضان، أسأل الله أن يُبلغنا وإياكم.
الضيف: نسأل الله أن يُبلغنا جميعًا وإياكم ومَن تُحبون وجميع المسلمين هذا الشهر الكريم.
وأنا أُوصي بعدم الإسراف في رمضان، وأن نجعل رمضان فرصةً لراحة الجهاز الهضمي الذي بذل جهدًا طيلة العام، فلا ينتظر الأذان، فإذا أذَّن بدأ يلتهم الأكل الكثير.
المحاور: لكن يا دكتور جاء في الحديث: للصائم فرحتان!
الضيف: نعم، فرحةٌ عند فطره[16]أخرجه البخاري (7492)، ومسلم (1151).، يُفطر لكن بالقليل كما كان يفعل النبي ، حيث كان يُفطر بتمراتٍ، ثم بعد ذلك يتناول الإنسان القليل من الأكل ولا يُسرف.
وفي الختام: حذاري حذاري من زيارة (السوبر ماركت) بعد صلاة العصر؛ لأن الجائع إذا دخل (السوبر ماركت) أخذ النافع وغير النافع.
المحاور: بعد أن يُفطر يزور (السوبر ماركت).
الضيف: نعم، يذهب بعد السحور مثلًا على راحته.
المحاور: جزاكم الله خيرًا، وشكرًا لك يا دكتور أحمد.
الضيف: حيَّاك الله، الله يُعطيك العافية.
المحاور: أمتعتنا، وأسعدتنا، وأفدتنا، شاكرين لك، ويتجدد معك اللقاء، بإذن الله .
أيها الإخوة والأخوات، كان معنا سعادة الدكتور أحمد بن عبدالرحمن السني، أستاذ طب وظائف الأعضاء المُشارك في جامعة الإمام عبدالرحمن الفيصل في هذا اللقاء الماتع حول "التربية الصحية".
ونَعِدُ الأخت أم أريج أن نُجيب سؤالها الخارج عن الموضوع -إن شاء الله- في الحلقة القادمة، بإذن الله تعالى.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
↑1 | "الموافقات" للشاطبي (1/ 31). |
---|---|
↑2 | بنحوه في "الموافقات" (2/ 43). |
↑3 | أخرجه مسلمٌ (2664). |
↑4 | أخرجه مسلم (2664). |
↑5 | أخرجه مسلم (2664). |
↑6 | أخرجه الخطيب البغدادي في "اقتضاء العلم العمل" (ص35)، وابن عساكر في "ذم مَن لا يعمل بعلمه" (ص38) رقم (14). |
↑7 | "الآداب الشرعية والمنح المرعية" (2/ 354). |
↑8 | أخرجه البخاري (5393)، ومسلم (2060، 2061). |
↑9 | أخرجه الترمذي ت: شاكر (2380) وقال: "حديثٌ حسنٌ صحيحٌ"، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (2135). |
↑10 | لأبي العلاء المعري "ديوان لزوم ما لا يلزم" ت: كمال الأزجي، بيروت، دار الجيل، ط1، 1412هـ- 1992م (2/ 496). |
↑11 | أخرجه البخاري (2363)، ومسلم (2244). |
↑12 | لم نجده بهذا اللفظ، ولا بلفظٍ مُقاربٍ. |
↑13 | أخرجه ابن ماجه )3061)، وضعفه الألباني. |
↑14 | أخرجه الترمذي ت: شاكر (3637)، وصححه الألباني في "الصحيحة" (2083). |
↑15 | أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (8312)، وضعفه الألباني في "ضعيف الترغيب والترهيب" (573). |
↑16 | أخرجه البخاري (7492)، ومسلم (1151). |