المحتوى
مقدمة
الحمد لله، ونُصلي ونُسلم على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعدُ، حياكم الله أيها الإخوة والأخوات مع حلقةٍ جديدةٍ من برنامجكم الأسبوعي "أُسس التربية"، ومن قناتكم قناة "زاد العلمية".
وما زلنا معكم حول التعليم والمعلمين والمتعلمين، فإن لم نُعطِ هؤلاء من أوقاتنا وحلقات برامجنا فمَن نُعطي إذن؟! فهؤلاء هم الذين يُربون أجيالنا، فنسأل الله أن يُوفقهم ويُعينهم.
وقد كنا في الحلقة الماضية مع تجارب تعليمية ناجحة، وشارك معنا العديد من الإخوة والأخوات المعلمين والمعلمات من مراحل تعليمية مختلفة، والذين حازوا على مراكز في بعض المسابقات المحلية والإقليمية وغيرها.
وارتأت إدارة البرنامج أن نستمر في هذه التجارب؛ نظرًا لوجود عددٍ آخر من الأساتذة الذين يحملون مجموعةً من هذه التجارب، وخاصةً ما ورد إلينا من ردة فعلٍ إيجابيةٍ حول الحلقة الماضية، فهذه حلقتكم الثانية حول تجارب تعليمية ناجحة، وأسأل الله بمَنِّه وكرمه أن يُوفقنا وإياكم لكل خيرٍ.
التجربة التعليمية الأولى
معنا في المجموعة الأولى الأستاذ يوسف الغامدي، معلم التربية الإسلامية في المرحلة الثانوية، في ثانوية عكاظ بالدمام.
فمرحبًا بك أستاذ يوسف.
المتصل: أهلًا وسهلًا يا دكتور خالد.
المحاور: حياكم الله ومرحبًا، معك -الله يحفظك- ثلاث دقائق لتُخبرنا عن تجربتك التربوية والتعليمية الناجحة، بارك الله فيك.
المتصل: طيب، في الحقيقة لدي تجارب سأذكر منها اثنتين على عُجالةٍ:
أولها: استخدام ألعاب (الليجو) وتركيب المُكعبات في تحديد الطلاب.
المحاور: أولًا: أنت معلم ماذا؟
المتصل: تربية إسلامية.
المحاور: طيب.
المتصل: والمرحلة المُستهدفة هي الثانوية، ومع ذلك استهوتهم هذه اللعبة، وفكرتها: أن الطلاب يقومون ببناء المكعبات حسب إنجازهم في المادة، وعند اجتياز مستوى معين أو اختبار قصير يتم وضع الطبقة الأولى من المكعبات، وتُسلَّم لهم في وقتها، فيتنافسون على تركيبها في هذه المرحلة، وكلما وصلوا لمستوى أعلى تستحق المجموعة امتيازاتٍ معينةً، فمثلًا: إعفاء من طابور صباحي، أو سماح باستخدام المكتبة أثناء وقت الحصة، أو دخول صالة الترفيه.
وأيضًا طُبِّقَت على فردٍ ومجموعةٍ ولاقت استحسان الجميع، وفيها تنميةٌ للذكاء وترفيهٌ وتغيير جو الحصة الدراسية.
ولا أذكُر منذُ أنْ طُبِّقَت هذه اللعبة أنَّه تغيب طالبٌ واحدٌ عن هذه الحصة، أبدًا.
المحاور: يعني: اللعبة وسيلةٌ للتقييم، أو أنها بذاتها إجراء تربوي أو تعليمي؟
المتصل: هي إجراء تحفيزي للطلاب بعد اجتياز مستوى معين.
المحاور: يعني: ارتباطها بالتربية الإسلامية، فبعدما يُجيب مثلًا على أنشطةٍ معينةٍ مُتعلِّقةٍ بمُقرر التربية الإسلامية تكون هذه الوسيلة لتحفيزه.
المتصل: صحيحٌ، أحسنت.
المحاور: نعم.
المتصل: وأيضًا تُغيّر مستوى الطالب المُتدني دراسيًّا، وكذلك النائم في الحصة تُغيّر حاله إلى الأفضل.
المحاور: عفوًا أستاذ يوسف، هل لاحظتم هذا الارتفاع في المستوى من المُتدني إلى الأفضل؟
المتصل: نعم، كان طلابنا دائمًا مستواهم نازلًا ونائمين، ولكن مع هذا التحفيز تغيَّر إلى الأفضل في خلال فصلٍ دراسيٍّ واحدٍ.
المحاور: طيب، وهذه المكعبات عند كل طاولةٍ للطلاب، أو عبارة عن مجموعةٍ؟
المتصل: لكل مجموعةٍ مجموعةٌ من المكعبات، يُعْطَون عددًا من المكعبات لكل إنجازٍ يُنجزونه.
المحاور: يعني: الإنجاز جماعيٌّ؟
المتصل: نعم، الإنجاز جماعيٌّ.
المحاور: جميلٌ، ممتازٌ، رائعٌ.
التجربة الثانية -الله يحفظك- سريعًا.
المتصل: التجربة الثانية هي على مستوًى عالٍ، يعني: مُستشارين.
المحاور: نعم.
المتصل: يُطلق على الطالب المُميز في النشاط وكذلك في الحصة الدراسية اسم: المستشار، ويُرافقه هذا خلال أسبوعٍ كاملٍ، فيحصل خلال تتويجه بهذا الاسم على امتيازاتٍ داخل المدرسة: فيُستقبل بالبخور في الصباح، ويدخل من باب المعلمين، ويُعفى من الطابور الصباحي، وتناول القهوة والتمر الصباحي في الصباح، ويدخل غرفة خاصة بالمستشارين فيها امتيازاتٌ خاصَّة.
ولا أُخفيك يا دكتور خالد أن هذا المُسمى أصبح مُنتشرًا داخل المدرسة لدرجة أنه أصبح كل طالبٍ ينتقل للنشاط أو الشعبة الخاصة بنا يطمح إلى نيل هذا المُسمى.
المحاور: هو أيضًا أسلوبٌ تحفيزيٌّ.
المتصل: نعم، أسلوبٌ تحفيزيٌّ.
المحاور: يعني: هو مثيل المكعبات أو يختلف عن المكعبات من حيث الهدف؟
المتصل: لا، هو تحفيزٌ، نفس فكرة المكعبات، لكن على مستوًى فرديٍّ.
المحاور: وهل يُعلَّق مثلًا أو يُعرَّف بأنَّه مُستشارٌ؟
المتصل: إي، يُسمَّى: مستشارًا، ولا أُناديه: طالب، أُناديه: مستشار فلان.
المحاور: وهذا فقط يُعرَّف عن طريق القاعة الدراسية، أو عن طريق المدرسة كلها؟
المتصل: حتى المدرسة، فالإدارة عندها خبرٌ، ويعرفون أنَّ له امتيازاتٍ خاصَّةً داخل المدرسة.
المحاور: ما شاء الله! ويبقى مُستشارًا بهذا المُسمى إلى متى؟
المتصل: إلى أسبوعٍ تقريبًا، فإما أنَّه يستمر معه الاسم، أو ينتقل لشخصٍ آخر.
المحاور: جميلٌ، إذن هذه التجارب التي بين يديك مُرتبطةٌ بما يتعلَّق بمبدأ التعزيز والتحفيز.
المتصل: صحيحٌ.
المحاور: شكرًا لك أستاذ يوسف، هل بقي عندك شيءٌ؟
المتصل: يُعطيك العافية يا دكتور، شكرًا لك.
المحاور: شكرًا لك أستاذ يوسف على مُشاركتك، ومُوفَّقٌ -بإذن الله- لكل خيرٍ، والله يحفظكم وينفع بكم جميعًا.
التجربة التعليمية الثانية
معنا الآن الأستاذ مناور المهنا، وهو المُشارك الثاني في المجموعة الأولى، وهو معلم لغة عربية في المرحلة الابتدائية.
مرحبًا بك أستاذ مناور.
المتصل: أهلًا وسهلًا دكتور خالد.
المحاور: حياكم الله، يا مرحبًا، تفضل.
المتصل: حيَّاك الله يا دكتور.
المحاور: تفضل بتجربتك، ومعك ثلاث دقائق، حفظك الله.
المتصل: بسم الله الرحمن الرحيم، هذه التجربة تعليميةٌ مهاريةٌ تدريبيةٌ، تهتم بالجوانب القِيَمية وبناء الشخصية في إطارٍ تعليميٍّ، وتجربتي هي تفعيل استراتيجية التعلم التعاوني في مقرر "لغتي الجميلة" للصف السادس الابتدائي، وعدد الطلاب للفصل ستةٌ وثلاثون طالبًا، وعند تفعيل هذه الاستراتيجية وتدريب الطلاب عليها في شرح دروس المقرر لم أكن المصدر الوحيد للمعلومة؛ تحقيقًا لمبدأ التعلم، بل أصبحتُ مُوجِّهًا ومُرشدًا ومُيَسِّرًا للعملية التعليمية التحصيلية للطلاب.
ففي بداية الحصة نبدأ التمهيد للدرس والطلاب في وضعية الجلسة الاعتيادية الفردية على هيئة صفٍّ، ويكون التمهيد مُناسبًا لمحتوى الدرس من خلال إثارة دافعية الطلاب حول الموضوع الجديد؛ توظيفًا لمواقف حياتية افتراضية.
وبعد التمهيد نقوم بتشكيل المجموعات التعاونية، وقد حرصنا على سرعة التنظيم، وقِلَّة الوقت، مع الحفاظ على هدوء الطلاب أثناء تحركهم من خلال تدريبهم والاتِّفاق معهم على جاهزية التقسيم خلال خمس عشرة ثانيةً فقط.
ولله الحمد وُفِّقنا في تشكيل المجموعات خلال هذا الوقت المُحدد، وبعدد ستة طلاب في كل مجموعةٍ.
وتكون هذه المجموعات غير مُتجانسةٍ، بمعنى: أن المجموعة تشتمل على طلابٍ مُختلفي المستوى، وتمَّ التشكيل اعتمادًا على الاختبار التشخيصي الذي يجري من قِبَلي بداية العام الدراسي لتحديد مستويات الطلاب واحتياجاتهم.
وبعد تشكيل المجموعات نقوم بتوزيع وتعيين الأدوار.
المحاور: أستاذ مناور، أنت الذي تُوزع المجموعات؟
المتصل: توزيع الأدوار، لا.
المحاور: قصدي: المجموعات.
المتصل: المجموعات عبارةٌ عن مجموعاتٍ غير مُتجانسةٍ.
المحاور: أنت الذي تُوزعها؟
المتصل: نعم، بناءً على اختبارٍ تشخيصيٍّ أُجْرِيه بداية العام.
المحاور: واضحٌ.
المتصل: وأُحدِّد فيه مستويات الطلاب واحتياجاتهم، وبعد ذلك أبدأ بتوزيعه.
المحاور: أكمل، ممتاز.
المتصل: وبعد ذلك تعيين الأدوار بالشراكة بيني وبين الطلاب؛ لإعطاء الطالب الثقة وحرية الاختيار، مع مُراعاة تدويرها في كل حصةٍ.
المحاور: يعني: قائدًا مثلًا؟
المتصل: نعم، نأتي للمُسمَّى: قائد، قارئ، كاتب، ناقد، مُصحِّح، مُشجِّع.
المحاور: جميلٌ.
المتصل: ستة أدوارٍ لستة طلابٍ.
المحاور: هل من الممكن أن تُعد المهام؟
المتصل: القائد، القارئ، الكاتب، الناقد، المُصحح، المُشجع.
المحاور: وهذه كلها لها ارتباطٌ باللغة العربية؟
المتصل: كلها لها ارتباطٌ بمهام الطلاب، فينبغي على كل طالبٍ معرفة المهام المطلوبة منه.
المحاور: جميلٌ.
المتصل: ويُؤدي هذا الدور.
المحاور: أنا قصدي: أنها مُرتبطةٌ بالمقرر، بمعنى: لو كان مقرر آخر لا تلزم هذه الأدوار.
المتصل: صحيحٌ، الأدوار قد تتغير من مُقرَّرٍ إلى آخر.
المحاور: جميلٌ.
المتصل: وبعد تشكيل المجموعات وتوزيع الأدوار يقوم الطلاب بأنفسهم بمُمارسة الأنشطة التعليمية المطلوب إنجازها في المُقرر، فيأتي هنا دوري خلال سَيْر الحصة والمواقف التعليمية، فأتجول تجولًا فعَّالًا بين المجموعات بالملاحظة، والتَّوجيه، وتقديم الدعم اللازم غير المُباشر للطلاب.
وأنشأنا بطاقة تقييمٍ للمجموعات، وهي عبارةٌ عن لوحةٍ جداريةٍ بجوار السبورة صممناها لفصلٍ دراسيٍّ كاملٍ، تُوضح المهام، وتقيس مدى الفاعلية التنافسية بشكلٍ فرديٍّ، ثم بشكلٍ جماعيٍّ؛ لمعرفة مستويات الطلاب، والهدف من ذلك طبعًا: غرس قيمة التعاون وأثره في المجموعة.
المحاور: أستاذ مناور، الوقت ينتهي، لكنَّني سأسألك سؤالًا قد يَرِد، فقد يقول قائلٌ: أنت يا أستاذ مناور فيما تقوم به في عملية التعلم التعاوني مرتاحٌ، والطلاب هم الذين يتحمَّلون كل الأعباء! هل هذا كلامٌ صحيحٌ؟
المتصل: والله يا دكتور خالد نحن نهلنا من بحر تعليمك لنا في التربية في كلية المعلمين، فبعدما غيّرت مدرسة الأهداف السلوكية إلى النظرية البنائية أصبح الطالب هو أهم ركيزةٍ تعليميةٍ موجودةٍ، بحيث إن الطالب يكون نَشِطًا وفعَّالًا؛ وصولًا إلى تحقيق مهارات التفكير العُليا.
المحاور: جميلٌ، إذن هي مهمةٌ تغيَّرت، لكن ليس معناها أنه ارتاح، بل إنَّ لديه مهامَّ أُخرى قويةً ومهمةً.
المتصل: فقط مهام الإعداد هذه تكفي عبئًا يتحمله المعلم.
المحاور: هذا الذي أردتُ أن أُبيِّنه: أن هناك مَن ربما يطعن في هذه الطريقة بسبب عدم وجود العلم والثقافة الجيدة في قضية التعلم التعاوني، وكأنَّ القضية أن الأستاذ يرتاح، وهو بالعكس، فعلى الأستاذ هنا عِبْءٌ أكثر، لكن ليس بالطريقة المعهودة المعروفة، وإنما هناك أدوارٌ جديدةٌ يقوم بها، وأظن أنك لاحظتَ أثر ذلك على تقدُّم الطلاب، أليس كذلك؟
المتصل: والله تقييم التجربة يا دكتور خالد بكل أمانةٍ: أنها خدمت العملية التعليمية، وأكسبت الطلاب مهاراتٍ تواصُليةً، وأيضًا أكسبتهم إتقانًا للمهارات اللازمة في المُقرر، وظهر ذلك من خلال مرئيات أولياء الأمور، ومن خلال زيارات المُشرفين والمعلمين في الدروس التطبيقية، وأيضًا ملاحظة جميع معلمي مختلف التخصصات لهذا الصف الدراسي.
المحاور: يعني: لو أخذنا هذه القضية مُرتبطةً باللغة؛ فكل هذه القضايا التي ذكرتها واضحةٌ جدًّا، يتحدثون ويتواصلون بشكلٍ جيدٍ من الناحية اللغوية وبطلاقةٍ، وما شابه ذلك.
المتصل: صحيحٌ.
المحاور: وهذا كله من خلال الأسلوب الذي مارسته في تجربتك الجيدة، لكن هل هذا تُمارسه في كل حصةٍ دراسيةٍ أو في بعض الحصص؟
المتصل: والله أغلب الحصص الدراسية يُناسبها التعلم التعاوني، ولكن بعض الحصص يا دكتور خالد لا يُناسبها التعلم التعاوني، فقد نأتي باستراتيجيةٍ أخرى مُناسبةٍ للدرس وللمُقرر.
المحاور: بارك الله فيك، وشكرًا لك أستاذ مناور على هذه المُشاركة، ومُوفَّقٌ على ما تقوم به، بارك الله فيك.
المتصل: الله يُعطيك العافية.
التجربة التعليمية الثالثة
المحاور: كان معنا الأستاذ مناور المهنا، وقبله الأستاذ يوسف الغامدي في المجموعة الأولى.
وبقي معنا في المجموعة الأولى الأستاذ أحمد البارقي، معلم في المرحلة المتوسطة.
حيَّاك الله أستاذ أحمد.
المتصل: الله يُحييك، ويُبارك فيك.
المحاور: مرحبًا فيك، ما التخصص، حفظك الله؟
المتصل: تربية إسلامية.
المحاور: ما شاء الله! تفضل، معك ثلاث دقائق، اذكر لنا تجربتك الناجحة، بإذن الله.
المتصل: جزاك الله خيرًا، سأتحدَّث عن بعض تجاربي التعليمية التي قمتُ بها مع طلابي في المدرسة، وغالب ما سأتحدَّث عنه هي تجارب في توظيف التقنية للتعليم.
المحاور: ممتاز.
المتصل: أولًا: قمتُ بتحويل ملفات الطلاب التقليدية إلى مواقع (الإنترنت)، يتشارك كل خمسة طلابٍ في موقعٍ خاصٍّ بهم، فيختارون اسم الموقع، والتصميم المُناسب، وينشرون به الأبحاث والمشاريع والأعمال الفنية.
المحاور: مرحلةٌ متوسطةٌ؟
المتصل: متوسطةٌ، نعم.
المحاور: منذ متى بدأتَ هذا يا أستاذي؟
المتصل: من السنة الماضية.
المحاور: ما شاء الله! هم الذين يُنشؤون الموقع؟
المتصل: أنا أُعطيهم طريقة الموقع، وهم يختارون الاسم والتصميم، ثم ينشرون بعد ذلك ما يُطْلَب من أبحاثٍ ومشاريع.
المحاور: طيب، تفضل.
المتصل: فأصبح لدينا ستةٌ وثلاثون موقعًا على (الإنترنت) فقط لمادة التفسير.
المحاور: ما شاء الله!
المتصل: هذا طبعًا فيه إثراءٌ للمحتوى على (الإنترنت)، وكذلك إرشاد الطلاب لصناعة محتوى مُفيد على (الإنترنت).
المحاور: ما شاء الله!
المتصل: وثانيًا: تصميم تطبيقات مُساعدة على الهواتف الذكية، ومن ذلك: تطبيق مجموعات سعود بن جرير، وهي المدرسة التي أعمل بها، والذي يوجد به كل ما يخصّ المادة من الكتاب والواجب والتنبيهات وورق العمل، وكذلك بثٌّ مباشرٌ للدرس أثناء غياب الطالب.
المحاور: عجيبٌ.
المتصل: نعم، والتطبيق الثاني هو تطبيق تجويدٍ (QR)، الذي يحلّ مشكلة نسيان الطلاب للنُّطق الصَّحيح لأحكام التجويد.
المحاور: يا سلام!
المتصل: فمن خلال التطبيق في جوَّاله يستطيع توجيه (كاميرا) الجوَّال إلى رمز (QR) فيستمع مُباشرةً للتلاوة الصحيحة.
طبعًا من خلال كُتيب قمنا فيه بوضع بعض أحكام النون الساكنة والميم والمدود مبدئيًّا.
المحاور: أنت مُختصٌّ في التربية الإسلامية، ما علاقتك إذن بالتقنية؟
المتصل: أنا أهوى هذا الأمر.
المحاور: كم عمرك مع التقنية يا أستاذ أحمد؟
المتصل: وأنا في المتوسط.
المحاور: ما شاء الله! كطالبٍ.
المتصل: نعم، كطالبٍ.
المحاور: ما شاء الله! هذا الاهتمام القديم أتى بثمرةٍ جيدةٍ، وأنت تستحق، ولله الحمد والمِنَّة.
طيب، حفظك الله، أكمل.
المتصل: أيضًا تصميم دروس المادة على نظارة الواقع الافتراضي (VR)، فقد تمَّ توفير ثلاثين نظَّارة واقع افتراضي لكل طلاب الفصل، فكل طالبٍ عنده الآن نظَّارة واقع افتراضي؛ فأصبح الدرس مُمتعًا للطلاب، وسهلًا في فهمه، وكذلك راسخًا في ذهنهم.
المحاور: ما نظارة الواقع الافتراضي؟ لا بد لنا أن نُخاطب الناس على قدر ما يعقلون، حفظك الله.
المتصل: جزاك الله خيرًا، هذا هو الواقع، ولا بد أن نُواكبه.
المحاور: هي الآن خارجةٌ على الشاشة، لكن لو تُبيِّنها حتى نفهم جميعًا، ويفهم المُشاهدون.
المتصل: ممتاز، هي نظارة واقع افتراضي، يعني: لما يلبس النظارة ينعزل عن واقعه الحقيقي، ويدخل واقعًا افتراضيًّا.
يعني مثلًا: عندنا في التفسير درسٌ عن سورة الكهف، فنضع لهم كهفًا، فلما يلبس النظارة يجد كأنه داخل كهفٍ.
المحاور: ممتاز.
المتصل: فيتلو الآيات وينام، ويسأل نفسه: لماذا أتوا إلى الكهف؟ وما السبب؟ وغير ذلك.
المحاور: أنا أُريد أن أعود طالبًا في المرحلة المتوسطة وأدرس عندك يا أستاذ أحمد.
المتصل: بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.
المحاور: هل بقي معك شيءٌ يا أستاذ أحمد؟
المتصل: بقي مشروع "إجازتي إنجازٌ"، وهو يتعلَّق بالإجازة مع الطلاب.
المحاور: في الإجازة! ما شاء الله! حتى الإجازة -جزاك الله خيرًا- تُريد أن تستثمرها.
المتصل: وهو مشروعٌ يهدف إلى استثمار وقت الطالب في الإجازة بما يعود عليه بالنفع تعليميًّا وترفيهيًّا.
فقد تمَّ عقد شَراكاتٍ مجتمعيةٍ مع مؤسساتٍ، وكذلك شراكات من أجل إتاحة خدمات مجانية، أو خصومات خاصَّة لحاملي بطاقة "إجازتي إنجازٌ"، فكل طالبٍ لديه رقمٌ خاصٌّ به، وبعد إنجاز أي عملٍ يتم توثيق العمل على الموقع، وفي بداية السنة الجديدة يتم تكريم الطلاب الحاصلين على أكثر عددٍ من النقاط.
المحاور: ما شاء الله! حدِّثنا سريعًا، الوقت ينتهي، بل أظنه قد انتهى، لكن لا مانع مع المُناقشات والحوارات، حدِّثنا سريعًا عن الأثر، بارك الله فيك.
المتصل: بلا شكٍّ هناك أثرٌ؛ لأن الطلاب الآن يُحبون التقنية، فتجد الأثر أكثر مما لو وضعنا أوراقًا ووضعنا سبورةً أو شاشةً داخل الفصل.
المحاور: يا سلام! ونحن في الجانب الاختصاصي نقول دائمًا للأُسر وغيرهم: عليكم بتعويد أبنائكم وتربيتهم على استثمار التقنية، فهذا نموذجٌ مُغايرٌ للصورة السلبية النَّمطية المعروفة لتعامل الطلاب مع التقنية، فهؤلاء تعاملوا مع التقنية بطريقةٍ إيجابيةٍ صحيحةٍ.
المتصل: صحيحٌ جدًّا، هم يحتاجون مَن يُوجِّههم فقط.
المحاور: يا سلام عليك!
المتصل: بارك الله فيك.
المحاور: شكرًا أستاذ: أحمد البارقي على هذه المُداخلة الطيبة، ومُوفَّقٌ فيما تقوم به.
انتهينا الآن من المجموعة الأولى، وندخل معكم بعد قليلٍ إلى المجموعة الثانية، ولكن دعونا أيها الإخوة والأخوات سريعًا جدًّا نُلملِم هذه المُتناثرات الرائعة.
فقد ذكروا أساليب ذكيةً مُتعلقةً باستخدام أسلوب التحفيز والتشجيع، كما أشار إليه الأستاذ يوسف من خلال المستشار والمكعبات، يعني: هي وسيلةٌ جديدةٌ، فبدل أن يكون التحفيز بأسلوبٍ اعتياديٍّ معهودٍ، فالتحفيز بحدِّ ذاته إيجابيٌّ أصلًا، ونُنبه على هذا؛ لأنه قد يكون هناك أساتذة لا يهتمون بقضية التحفيز والتشجيع، كما أن هناك أيضًا من الآباء مَن لا يهتمون بذلك، لكن هنا اهتمامٌ، بل إبداعٌ في الاهتمام، وهو: أن يُصبح الإنسان يُسمَّى: مستشارًا لمدة أسبوعٍ، وقد يستمر في هذا اللقب الذي يُطلَق عليه في الفصل والمدرسة.
وهكذا بالنسبة لبناء المكعبات بطريقةٍ جماعيةٍ أيضًا، هذا جانبٌ رائعٌ جدًّا؛ لأنه يُشجع على الجانب الجمعي والتعاوني، وأيضًا فيما يتعلَّق بجمال المُحاضرة والحصة في اللغة العربية التي تُؤدي إلى إكساب هذه الجوانب المُتعلِّقة بهذه المهام: القائد، والمُصحح، والكاتب، والقارئ ... إلى آخره، فأبناؤنا وطلابنا يحتاجون إلى هذا التنويع.
ثم تكتسب قيمًا مُرتبطةً بالجانب الأخلاقي في التعاون مع الآخرين، وقيمًا مُرتبطةً بالجانب العقلي فيما يتعلق بالتفكير والاستنباط والعمليات العقلية العليا، وقيمًا مُرتبطةً بالجانب الإداري والتخطيط ... إلى آخره.
ثم ختم الأستاذ أحمد البارقي، وقد فاجأني حقيقةً -فكم نحن بأمس الحاجة إلى أن نُقدِّر هذا الجيل الذي يُسمَّى: جيل التقنية- بما تحدَّث به عن المواقع والتطبيقات والأسلوب المُرتبط بقضية التحفيز المُتعلق باستثمار وقت الفراغ في الإجازة الصيفية، فهذه -حقيقةً- روعةٌ وجمالٌ: أنَّ أبناءنا يُنْشِؤون مواقع، وتكون عندنا مواقع كثيرةٌ، ويُدخِل الطالب فيها ما ينفع نفسه والآخرين.
ولا شكَّ أن هذا توفيقٌ من الله لمثل هؤلاء -أصحاب الاهتمامات-، وقد ذكر عن نفسه هذا الاهتمام منذ أن كان طالبًا في المرحلة المتوسطة، فلعلَّ هذا من توفيق الله له؛ ولذلك أقول: إبراز مثل هذه النماذج يجعل هناك مجالًا أكثر للاستثمار، حتى لو أخذنا جانبًا استشاريًّا؛ حتى نُحقِّق ولو نسبةً في مثل هذه الأساليب المختلفة المُنوعة.
التجربة التعليمية الرابعة
ننتقل للمجموعة الثانية، ومعنا الأستاذ علي علوان، وهو معلم لغة عربية في المرحلة الثانوية، ومُدرب اختبار القُدرات العامَّة.
فمرحبًا بك أستاذ علي.
المتصل: مرحبًا دكتور خالد، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المحاور: أهلًا، وعليكم السلام ورحمة الله، معك من الوقت ثلاث دقائق، تفضل، حفظك الله.
المتصل: تبدأ قصتي مع استراتيجيات التعلُّم النَّشط، وكانت هناك استراتيجيةٌ تُراودني كثيرًا أنْ أتعامل معها، وهي: استراتيجية التعلم بالأقران، فقرأتُ عنها كثيرًا وحاولت ...
المحاور: التعلم بماذا يا أستاذ علي؟
المتصل: التعلم بالأقران.
المحاور: يا حبذا أستاذ علي أن تُراعي الجانب الاصطلاحي؛ لأن هذه قناةٌ يُتابعها أُناسٌ ليسوا مُختصين، الله يحفظك.
المتصل: أن يتعلَّم الطالب مع أقرانه ومَن هم في سنِّه، وهي استراتيجيةٌ خاصَّةٌ بالتعلم النَّشط داخل الحصة الدراسية، فيتبادلون الخبرات والمصطلحات، وينقلون ما يعرفونه إلى بعضٍ، إلى أن أسعدني الحظ بمعلم للنحو واللغة العربية في مدرسةٍ أخرى، فقلتُ: لما لا يكون الأقران من بيئةٍ مختلفةٍ، وأُطبِّق الاستراتيجية مع بيئةٍ خارج الفصل؟!
والحمد لله رب العالمين كان عنده معرضٌ يُسمَّى: قرية النحل، فأخذتُ طلابي من مدرستي وذهبتُ إليه في يومي بالترتيب ومُوافقات أولياء الأمور والإدارة، وما شابه.
المحاور: نترك الأمور الإدارية أستاذ علي، وندخل في التجربة العملية التي نُريد أن نصل إليها.
المتصل: أُحاول أن أُجمِّع كلماتي لأصف لك روعة المشهد عندما تقابل طلاب المرحلة الثانوية من مدرستين مختلفتين، فهذا يشرح له ما تعلَّمه من النحو، والآخر يستمع إليه وكله آذانٌ مُصغيةٌ، فلم أشهد في حياتي طالب علمٍ يُركِّز مثل هذا التركيز.
المحاور: أين التجربة يا أستاذ علي؟
المتصل: التجربة كانت في مدرستي مدارس "نور الإسلام" بحي الشاطئ.
المحاور: طيب.
المتصل: واستضافنا الأستاذ محمد صليم القحطاني من مدارس "المدينة المنورة".
المحاور: نترك هذه الأشياء الإدارية -حفظك الله- ونُركز في التجربة العملية.
المتصل: التجربة تتمثل في أن الطلاب استمتعوا جدًّا بالتعلُّم من الأقران، ففي هذه الاستراتيجية نقل الطالب ما تعلَّمه في النحو إلى زميله.
المحاور: اشرح لنا الصورة المُتعلِّقة بالتجربة، الله يُعطيك العافية.
المتصل: كان الطلاب يُقيمون معرضًا -عند طلاب المدرسة المُضيفة- للمنتجات التعليمية؛ كالمُجسمات عن دروس النحو، مثلًا: "إعراب الفعل المضارع"، وبدؤوا يُقدِّمون لهم تجربتهم، وكيف بنوا هذه المُجسمات بأيديهم؟ وشرحوا لهم أصول الفعل المضارع، وكيف تمَّ إنشاء هذه المُجسمات؟
فخرج طلابي من هذا اللقاء بكمٍّ من المعلومات ما كنتُ أتخيل أن يصلوا إليه بالشرح و(الفيديو) وعرض المقاطع التعليمية.
فكانت تجربةً رائعةً، ولما عُدْتُ بهم إلى مدرستي وناقشتُهم وجدتُ أنَّهم شربوا المادة التعليمية شربًا هنيئًا.
المحاور: واضحٌ أنَّك قد شربتَ معهم يا أستاذ علي من خلال مشاعرك الجيَّاشة، ما شاء الله! تبارك الله!
المتصل: نعم، لا أستطيع أن أصف لك روعة اللقاء.
المحاور: الحمد لله، لكن حتى يستفيد الآخرون، أنت تقصد أنَّ من التعلُّم النَّشط: التعلُّم بين الأقران، بحيث يتحصلون على المعارف والمعلومات بعضهم من بعضٍ.
المتصل: نعم.
المحاور: ودور الأستاذ هنا ماذا؟
المتصل: دور الأستاذ بَلْوَرة وتجميع ما حصلوا عليه من معلوماتٍ، وصياغته في القالب الأكاديمي المُنظم.
المحاور: جميلٌ.
المتصل: ثم تقييم ما حصلوا عليه من معلوماتٍ.
المحاور: والمحضن والبيئة التي أخذوا منها المعلومات هي الزيارة التي تمَّت.
المتصل: بالضبط.
المحاور: يا سلام! أشكرك أستاذ علي، وبارك الله فيك.
المتصل: وفيك.
المحاور: هذا نموذجٌ من النماذج التي تُعبر عن الأثر من خلال هذه المشاعر الجيَّاشة.
أسأل الله أن يُبارك فيك وفي الجميع، وأشكرك أستاذ علي، وأسأل الله التوفيق والإعانة له وللجميع.
التجربة التعليمية الخامسة
معنا الآن الدكتورة نعمة عبدالسلام محمد، أستاذ علم النفس التربوي، ومساعد بكلية التربية بجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل بالدمام، وأستاذ علم النفس التربوي المُشارك في جامعة السويس بمصر.
أهلًا وسهلًا دكتورة نعمة.
المتصلة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المحاور: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، مرحبًا بكم دكتورة نعمة.
المتصلة: أهلًا بحضرتك يا دكتور.
المحاور: تفضلي يا دكتورة.
المتصلة: طبعًا اختصارًا للوقت لقد مررتُ بالعديد من التجارب التعليمية مع طالباتنا، لكن سأعرض أبسطها وأقيمها، أو التي كان لها أثرٌ جيدٌ -إن شاء الله- على الطالبات.
المحاور: نعم.
المتصلة: كانت تجربتي ببساطةٍ شديدةٍ هي: كيف أحتفظ بانتباه الطالبات أطول فترةٍ مُمكنةٍ طوال فترة المحاضرة؛ لأنَّ مُقررات علم النفس دَسِمة، وفيها مصطلحات كثيرة؟
المحاور: صحيحٌ.
المتصلة: فمع التعلم النَّشط واستراتيجيات التعلُّم التعاوني داخل المحاضرة هذا لا يمنع أنَّ بعض الطالبات يشرد انتباههن ويسرحن، وأنا أريد أن أحتفظ بانتباه الطالبات أطول فترةٍ ممكنةٍ، وأتحقق من مدى فهمهن واستيعابهن لمحاور المحاضرة.
وكانت الطريقة التقليدية المُتَّبعة قبل هذا: أن أطرح سؤالين مثلًا في نهاية المحاضرة عن جُزئيةٍ في الأول، أو جُزئيةٍ في المنتصف، وبعض الطالبات يُشارِكن، والبعض الآخر يقولن: "لم نفهم"، وأنا أريد مُشاركة الجميع، أو أكبر قدرٍ مُمكنٍ؛ ففكرتُ في طريقةٍ، وهي: استخدام البطاقات المُلونة التي تُوزع في نهاية المحاضرة.
وهذا الأسلوب أصلًا هو عبارةٌ عن تقييمٍ تبادليٍّ بيني وبينهن، فهن بالنسبة لي تغذيةٌ راجعةٌ، وأنا بالنسبة لهن تغذيةٌ راجعةٌ.
وكانت الفكرة؛ فوزَّعتُ عليهن ثلاث بطاقات هي (استيكي نوت) "البطاقات المُلونة": اللون الأخضر، والأحمر، والأصفر، فكل طالبةٍ تأخذ ورقةً بيضاء، وتلزق عليها الثلاث الألوان، واللون الأخضر تكتب فيه أبرز النقاط والجُزئيات التي فهمتها مني تمامًا، وهي على استعدادٍ أن تُسأل فيها في نهاية المحاضرة.
وكنا نُخصص حوالي من عشرين إلى ثلاثين دقيقة لهذا الموضوع.
واللون الأصفر تكتب فيه النقاط التي لم تفهمها إلى حدٍّ ما، ولكن تحتاج إلى العودة إلى المرجع مرةً ثانيةً للاستزادة، أو إلى عرض (الباوربوينت).
المحاور: إذن هذه البطاقات يا دكتورة تُوزع من بداية المُحاضرة؟
المتصلة: لا، قبل نهاية المحاضرة بعشرين دقيقة أو ثلاثين دقيقة؛ حتى لا تكتب الطالبة أثناء المحاضرة أي جزئيةٍ، يعني: قبل نهاية المحاضرة بنصف ساعة يتم توزيع هذه البطاقات المُلونة عليهن.
المحاور: جميلٌ.
المتصلة: بحيث تكتب باللون الأخضر ما فهمته تمامًا، واللون الأصفر ما فهمته إلى حدٍّ ما، واللون الأحمر ما لم تفهمه تمامًا، وتحتاج إلى إعادة الشرح فيه.
المحاور: يا سلام! ممتاز.
المتصلة: بعد ذلك أقوم بفرز البطاقات، وأبدأ بالبطاقات ذات اللون الأخضر من أجل تعزيز الطالبات؛ لأني أقول لهن بالنسبة للجزء الذي فهمنه تمامًا: "أنتِ أيتها الطالبة عليكِ أن تكون مُستعدةً للإجابة عن الأسئلة الخاصة بهذا الجزء؛ كي تحصلي على درجة المُشاركة داخل المحاضرة".
فكانت الطالبة تحرص على أن تكون مُنتبهةً من أجل أن تأخذ درجة المُشاركة، سواء كانت درجةً أو درجتين على حسب توزيع الأعمال الفصلية.
إضافةً إلى أن هذا اللون الأخضر هو تعزيزٌ لهن، واستثارةٌ لدافعية الطالبات اللاتي كتبن أشياء باللون الأصفر -وهو الذي ما فُهم تمامًا-، فمن خلال المُشاركة والتفاعل والمُناقشة معهن تتضح بعض النقاط التي عندهن نقصٌ فيها مثلًا، أو الجُزئية التي لم تكن واضحةً تمامًا.
المحاور: ممتازٌ.
المتصلة: فيكون التعلم عن طريق الطالبات أنفسهن.
المحاور: ممتازٌ؛ لأنَّ بعض الطالبات يفهمن هذه النقاط، وبعضهن لا يفهمن، فيُعلم بعضهن بعضًا.
المتصلة: نعم، وكأنهن بطريقةٍ ثانيةٍ يقُمْن بتلخيص المحاضرة بأسلوبهن.
المحاور: مثل نقطة الأستاذ علي -الذي كان معنا قبل قليلٍ- في قضية أنَّ الطلاب يشرح بعضهم لبعضٍ كتعليمٍ نشطٍ.
المتصلة: نعم، ولكنْ هذا يحصل في وجودي، مع توضيح بعض النقاط والتفاعل، وإنَّ البنت تريد أن تحصل على تعزيزٍ أو إثابةٍ؛ لأنني في التعزيز لا أضع نفس الدرجة للكل، ولكن هناك ورقةٌ مكتوبٌ عليها: نصف درجة، وورقةٌ مكتوبٌ عليها: ربع درجة، وورقةٌ مكتوبٌ عليها: درجة كاملة، وذلك على حسب صعوبة السؤال والمهارة والتفكير الذي نقيسه.
المحاور: عفوًا يا دكتورة، كيف تتأكدين من أن المعلومات التي وُضِعَت صادقةٌ؟
المتصلة: الطالبة تقول: إن هذه الجزئية فهمتها تمامًا، وأنا أتأكد عن طريق الأسئلة، فأسألها في هذه الجُزئية وأتأكد هل فهمت الجزئية فعلًا أو لا؟
ويبقى اللون الأحمر هو المهم؛ لأنه تغذيةٌ راجعةٌ لي كمعلمة، فلما أجد -مثلًا- أربع طالبات أو خمس لم يفهمن نقطةً ما فهذا مُؤشرٌ أنني لم أشرح هذه الجزئية بصورةٍ تامَّةٍ.
المحاور: صحيحٌ، ممتازٌ.
المتصلة: فأُعيد، أو أُكلفهن بعملٍ معينٍ: كورقة عملٍ، المهم أن يبحثن في هذه النقطة، أو أشرحها لهن.
المحاور: تقومين بهذا في كل محاضرةٍ يا دكتورة؟
المتصلة: بالطبع لا، وإنما أقوم بهذا على الأقل في أربع محاضرات أو خمس طوال الفصل الدراسي.
المحاور: طيب.
المتصلة: أما الباقي فيمكن أن أطلب منهن عمل خريطةٍ ذهنيةٍ مثلًا، أو مُلخصٍ في نهاية المحاضرة، أو كتابات تأملية.
المحاور: الوقت انتهى، لكن كيف وجدتِ يا دكتورة الأثر على الطالبات والفرق بين ما قبل استخدام البطاقات وما بعد استخدام البطاقات؟
المتصلة: قبل استخدام البطاقات كانت هناك حركةٌ في المحاضرة، وبعض الطالبات يُكثرن الخروج -مثلًا- إلى دورة المياه، وبعضهن تطلب أن تخرج من المحاضرة مثلًا.
المحاور: بسبب الملل؟
المتصلة: نعم؛ لأنها إذا لم تشعر أنها سوف تُسأل في نهاية المحاضرة، أو سُئلت في بداية المحاضرة وأجابت وأخذت الدرجة يُمكن أن تقول: أدَّيتُ ما عليَّ. وأنا أريد أن أحتفظ بانتباهها طوال فترة المحاضرة، وليس في محاضرةٍ واحدةٍ.
المحاور: إذن هذه التجربة التي قمتم بها دكتورة نعمة -جزاكم الله خيرًا، وبارك الله فيكم- هي تجربةٌ مُرتبطةٌ بقضيةٍ أساسيةٍ، وهي: كيف نستطيع أن نشد انتباه الطلاب لنا؟
المتصلة: نعم.
المحاور: من خلال هذه البطاقات.
المتصلة: وأيضًا تغذيةٌ راجعةٌ وتعزيزٌ للطالبة؛ بحيث أتحقق منها، وأيضًا تغذيةٌ راجعةٌ للمعلم؛ بحيث يستطيع أن يعرف النقاط التي لم تُفهم بشكلٍ جيدٍ.
المحاور: ممتازٌ، فأنتِ بهذه الطريقة استخدمتِ الوسيلة لأجل الانتباه، وكذلك استخدمتِ قضية التعزيز من أجل استمرار هذا الأثر.
المتصلة: نعم.
المحاور: شكرًا جزيلًا دكتورة نعمة على هذه الإطلالة الجيدة، وأسأل الله أن يُبارك فيكم.
التجربة التعليمية السادسة
معنا أيضًا في المجموعة الثانية: الدكتور ناصر حلمي، وهو أستاذ مناهج وطُرق تدريس في كلية التربية بجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل بالدمام.
فمرحبًا بك يا دكتور ناصر.
المتصل: أهلًا وسهلًا دكتور خالد.
المحاور: حياكم الله دكتور ناصر.
المتصل: الله يُحييك.
المحاور: نحن سُعداء بك وبغيرك، حفظكم الله، تفضل، معك ثلاث دقائق، فاذكر لنا تجربتك التعليمية الناجحة، حفظك الله.
المتصل: إن شاء الله، نحن نفكر دائمًا في التجارب في ضوء الواقع الذي أمامنا، أو الصعوبات، أو المشكلات التي يمكن أن نُواجهها.
المحاور: صحيحٌ.
المتصل: ويمكن مع تدريس طلاب الجامعة على وجه الخصوص يكون عندهم عزوفٌ عن المُشاركة.
المحاور: صحيحٌ.
المتصل: وأثناء المحاضرات نطرح أسئلةً، فنجد واحدًا أو اثنين يُشاركان في كل محاضرةٍ.
المحاور: صحيحٌ.
المتصل: وهما المُتجاوبان.
المحاور: صحيحٌ.
المتصل: وأيضًا كانت هناك إشكاليةٌ، وهي: أنَّ الطلاب ينشغلون دائمًا بجوَّلاتهم، حتى وإن اتَّفقنا على قواعد والتزام بعدم استخدام الجوَّال؛ فجاءت الفكرة بتفعيل التقنية مع المجموعات، وقد كنا نفعل (جروبًا) على (الواتس) أو (جروبًا) في أي شبكة تواصل اجتماعي، لكن لنستخدم هذه (الجروبات) في الأمور الإدارية: في التواصل وإرسال التعليمات.
المحاور: من خلال جوَّالاتهم التي معهم؟
المتصل: نعم، أنا أقول: كان (الجروب) لبعض الأمور الإدارية الخاصة بالمُقرر، لكن نحن فعَّلناه في التدريس.
المحاور: نعم.
المتصل: يعني: أنا استخدمته في التدريس وخلال المحاضرة، يعني: الطلاب يكونون جالسين في المحاضرة، وكل واحدٍ يُمسك جوَّاله، وبالتالي نحن نستخدم الجوَّال في المحاضرة، ولكن بهدف المحاضرة، فكنا -مثلًا- نطرح سؤالًا عن تعريفٍ أو مفهومٍ معينٍ عبر (الجروب) والكل يُشارك، وبعدما كنا نعاني من العزوف عن المشاركة أصبحنا نُعاني من كثرة المُشاركة.
المحاور: نعم، بسبب تغير الوسيلة؟
المتصل: بالفعل، يعني: سابقًا كنتُ أطرح -مثلًا- سؤالًا مُشافهةً، وكنتُ أجد مُشاركةً أو اثنتين، والآن لو عندي في القاعة عشرون طالبًا أو خمسةٌ وعشرون طالبًا، فإن عدد الذين يُشاركون في المتوسط يكون 17 أو 18، أو 10 على الأقل.
المحاور: يعني: أنتم يا دكتور ناصر تكونون صامتين؟
المتصل: لا، السؤال يُكتب ونُعطيهم فرصةً ليكتبوا إجابتهم.
المحاور: يكتبونها؟
المتصل: بدل أن يقولوها شفهيًّا يكتبونها.
المحاور: طيب.
المتصل: وبعد ذلك يمكن أن نُناقِش بعض الأسئلة، أو يكون هناك تعليقٌ.
المحاور: شفهيًّا؟
المتصل: شفهيًّا، ويمكن أن يكون التعليق على هذه الأسئلة على (الجروب) نفسه.
المحاور: وهذه الطريقة تجعل الذين عندهم إشكالية الخجل تزول.
المتصل: نعم، يزول الخجل.
المحاور: يعني: هذا يُساعدهم في قضية المُشاركة، وإن كان ينبغي أن يتعلَّموا علاقات التواصل اللفظي، لكن أيضًا يا دكتور ناصر كيف تضمن أن الطالب "س" أو "ص" لم يدخل على (انستجرام) أو (تويتر) أو (فيسبوك) أو كذا وينقل الإجابة؟
المتصل: نعم، لو كانت هناك إشكاليات ستظهر نتيجة هذه الأمور، ولكن نحن نُتابع، ويرجع ذلك إلى خبرة الأستاذ الموجود في القاعة.
المحاور: جميلٌ.
المتصل: يكون عارفًا، أو يمكن أن يكون عنده توقعٌ أن هذا الطالب مُشاركٌ معنا أو لا.
المحاور: بالعلاقة الجيدة بين الأستاذ والطلاب، وكذلك الضبط والإدارة؟
المتصل: وبالفعل اكتشفنا أن هناك طلابًا كانوا لا يُشاركون مع أن عندهم قُدراتٍ.
المحاور: يا سلام!
المتصل: وعندهم مهارات ممتازة صراحةً.
المحاور: أنت يا دكتور ناصر شجعتني على ذلك، والوسيلة تُعتبر بسيطةً جدًّا، لكن يبدو أنها كان لها أثرها الكبير.
المتصل: وأزيدك من الشعر بيتًا: كانت تجيء لنا مُشاركاتٌ من طلابٍ موجودين في المجموعة وهم في مكانٍ آخر، يعني: هم غير حاضرين في المحاضرة.
فأحد الطلاب أرسل لنا رسالةً قال فيها: أنا في الطريق وسيارتي تعطلت، وأنا بجوارها الآن، لكن سأُشارك معكم.
المحاور: جميلٌ.
المتصل: هذه نقطةٌ من النقاط الموجودة في هذه الطريقة.
المحاور: شكرًا يا دكتور ناصر، ومُوفَّقٌ، إن شاء الله تعالى.
هذه إطلالةٌ جميلةٌ فيما يتعلَّق باستخدام (الجروبات) المعهودة في برنامج (واتس آب)، وهو رقم واحدٍ في الاستخدام، وسنأتي إليه -إن شاء الله تعالى- في وقتٍ لاحقٍ، بإذن الله.
وسنضم الآن المجموعة الثالثة والأخيرة معنا.
التجربة التعليمية السابعة
معنا الأستاذ أسامة العبدالقادر، مُعلم في المرحلة المتوسطة.
مرحبًا بك أستاذ أسامة.
المتصل: يا مرحبًا دكتورنا العزيز، ومرحبًا بالمُشاهد الكريم.
المحاور: أهلًا وسهلًا، تفضل، معك ثلاث دقائق، فاذكر لنا ما تقوم به -بارك الله فيك- من تجارب نافعةٍ.
المتصل: حفظكم الله، وجزاكم الله خيرًا، وأشكر لكم إتاحة الفرصة.
المحاور: مرحبًا.
المتصل: الحقيقة قد لا تكون تجربةً نادرةً، أو ليس لها سابق مثيلٍ، لكنْ أتوقع أنها كانت تجربةً مُثمرةً في فترةٍ ما، فكنتُ أُدرِّس في المرحلة المتوسطة -وتحديدًا لطلاب الصف الثاني المتوسط- قُرابة تسع حصصٍ في الأسبوع، فأنا أُدرِّس لهم التفسير والحديث والفقه وبقية المواد الدينية، فرأيتُ أن كثرة الدخول بهذا الشكل قد تُشكِّل نوعًا من الملل عند الطالب.
المحاور: نعم.
المتصل: فظهرت لدي فكرةٌ طبَّقتها -والحمد لله- وكانت لها نتائج طيبة، فاخترتُ أسهل مادةٍ من هذه المواد، وهي مادة الحديث، وقلتُ للطلاب: "هذه المادة أنا لن أشرح فيها إلا الدرس الأول والثاني فقط؛ حتى أُعطيكم نموذجًا لطريقة شرح دروس هذه المادة"، وبقية الدروس ما الذي سيحدث فيها؟
المحاور: جميلٌ.
المتصل: أن الطلاب أنفسهم هم مَن سيشرح دروس هذه المادة من بدايتها إلى نهايتها باستثناء الدرس الأول والثاني، ووضعتُ جدولًا لهذه الدروس، وكل طالبٍ يختار أحد هذه الدروس، وتمَّ الاختيار.
وكانت المرحلة التي يخوض فيها الطالب غِمار هذه التجربة تمر بثلاث مراحل:
المرحلة الأولى هي: مرحلة التحضير الذاتي من قِبَل الطالب للدرس الذي اختاره، فمثلًا: قد يكون درسه في الأسبوع السابع أو السادس، فينبغي له أن يُحضِّر تحضيرًا ذاتيًّا، فيقرأ الدرس ويرجع -مثلًا- إلى (الإنترنت) وينظر إن كانت هناك معلوماتٌ إضافيةٌ مُرتبطةٌ بموضوع الدرس.
المحاور: جميلٌ.
المتصل: بعد ذلك يُخصَّص له حصةٌ إرشاديةٌ خاصةٌ يجلس فيها معي؛ فأطلع فيها على تحضيره والمعلومات التي حصل عليها، وإذا كانت عنده إشكاليات أو استفسارات مُتعلِّقة ببعض المعارف الغامضة في الدرس يسأل عنها، ثم أُعطيه بعض الجوانب النظرية، وكذلك العملية المُتعلِّقة بمهارات الإلقاء وضبط الفصل، ومهارات التحضير، وكيف تُحضِّر تحضيرًا جيدًا؟ وأطلب من كل طالبٍ طبعًا أن يأتي بفكرةٍ غير تقليديةٍ لمعلومةٍ جوهريةٍ في درسه.
المحاور: أعطِنا بعض هذه الأشياء التي قام بها الطلاب يا أستاذ أسامة.
المتصل: جميلٌ، بعدما أنتهي.
المرحلة الثالثة: وفيها يُصور الطالب الدرس كاملًا، ثم يُعْطَى الطالب هذا التسجيل، ويبدأ في تقييم ذاته بنفسه.
المحاور: إذن صارت مُهمتك أصعب من ذي قبل، نفع الله بكم.
لو نأخذ الآن بعض النماذج للطلاب، حفظك الله.
المتصل: جميلٌ، من النماذج التي قُدِّمَت مثلًا: كان هناك درسٌ يرتبط بمعصية الغيبة، وفيها نصوصٌ شرعيةٌ واضحةٌ، ولعل من أبرز النصوص الشرعية فيها آية الحُجرات: أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ [الحجرات:12].
المحاور: نعم.
المتصل: فأوعَزْتُ للطالب وقلتُ له: لعلك تقوم بتجربةٍ، وهي: أن تُحْضِر نوعًا من اللحوم المأكولة المعهودة عندنا في البلد، لكنْ تأتي بها نيئةً، وتطلب من الطلاب أن يتجرؤوا على أكل قطعة الدجاج النيئة هذه، والتي ربما لا يستسيغُها أحدٌ، ومَن يفعل ذلك له خمسمئة ريالٍ.
طبعًا أتى الطالب وشرح، وكان من ضمن مُفردات الشرح هذه التجربة، فعرضها على الطلاب، فلم يستطع أحدٌ أن يستسيغها.
المحاور: يا سلام!
المتصل: وهنا يأتي التعليم التربوي.
المحاور: يا سلام!
المتصل: وهو: أن هذه نحن نأكلها في يومنا وليلتنا، لكن بعد الطبخ.
المحاور: يا سلام!
المتصل: فلم نستسغها لمَّا كانت نيئةً، فما بالك بما لا يُمكن أنْ يُستساغ عقلًا، أو منطقًا، أو عُرْفًا: أن يُؤْكَل وهو نِيْءٌ؟!
المحاور: أنا أُريد أن أدرس بين يديك يا أستاذ أسامة، جزاك الله خيرًا.
المتصل: الله يُسعدك، هذا من لُطفك.
المحاور: شكرًا، هذا جميلٌ جدًّا في الحقيقة.
المتصل: أختم بتجربةٍ أُخرى.
المحاور: الوقت، تجربةٌ سريعةٌ، الله يحفظك.
المتصل: تجربةٌ سريعةٌ: كان لدينا درسٌ عن الإسراف، والنصوص الشرعية واضحةٌ في أن الإنسان لا يُسْرِف حتى لو كان على نهرٍ جارٍ.
المحاور: طيب.
المتصل: فطلب الطالب من زملائه وهو يشرح أنْ يتوضأ أحدهم بماءٍ في كأسٍ، فلم يستطع أحدٌ من الطلاب طبعًا أن يُنَفِّذ مثل هذا الأمر، وتبادلوا الابتسامات والضحكات، ونفَّذ هنا المعلم الوضوء من خلال الكأس، وبقي في الكأس ماءٌ، وبُيِّنت لهم قضية أن النبي كان يتوضأ بمقدار مُدٍّ.
المحاور: يا سلام!
المتصل: وأنَّ هذا هو مقدار المُدِّ، والإنسان يستطيع أنْ يقتصد لو تعلم قضية الاقتصاد.
المحاور: شكرًا جزيلًا لك ولكم جميعًا في هذه الحلقة على التجارب الرائعة.
المتصل: أسعدك الله.
المحاور: خُصَّ صديقي -والدك- بالسلام، حفظك الله.
شكرًا لك أستاذ أسامة، وبارك الله فيك، وأسعدتنا بهذه المُداخلة.
التجربة التعليمية الثامنة
لعلنا نختم مع اثنين آخرين، وأنتقل من اللغة العربية والعلوم الشرعية والرياضيات والعلوم إلى الطب.
ومعنا الدكتور أحمد بن عبدالرحمن السُّني، أستاذ مُشارك في كلية الطب بجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل بالدمام، ورئيس قسم (الفسيولوجي)، وعميد شؤون الطلاب سابقًا.
مرحبًا بك يا دكتور أحمد.
المتصل: حيَّاك الله يا أبا عبدالرحمن، دكتور خالد.
المحاور: أهلًا وسهلًا ومرحبًا بك، ومعك ثلاث دقائق.
المتصل: الله يُبارك فيك، وجزاكم الله خيرًا على هذا البرنامج الطيب.
المحاور: الله يحفظك.
المتصل: التجربة سأذكرها سريعًا، ولعلها تُناسِب طلبة الطب ومَن يعمل في الحقل الطبي، أو في العلوم الطبية.
المحاور: جميلٌ.
المتصل: وهي مُستقاةٌ من كتاب الله .
المحاور: يا سلام!
المتصل: فمما قاله الله في كتابه الكريم وجاء في القرآن الكريم: موضوع ضرب الأمثال، فالله قال: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ [يوسف:3]، فالقصص القرآنية والأمثال كثيرةٌ بين دفَّتي المصحف: كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ [الرعد:17]، وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ [يس:13].
فبدلًا من أن أدخل مع طلبتي وأتحدث عن أعراض المرض وأسبابه وطرق الوقاية منه وعلاجه، كنتُ أبتدئ المحاضرة بحالةٍ وقصةٍ واقعيةٍ أو شبه واقعيةٍ حدثت في ثنايا المستشفيات، وتعكس المرض المُراد شرحه.
فنبدأ بقصةٍ لها اسمٌ، ثم بعدما نطرح هذه القصة في أول المحاضرة نطلب من الطلبة أن يكتشفوا المشكلة عند هذا الشخص المريض، وما الأسباب -في ظنِّهم- التي جعلته يُصاب بالمرض؟
وبين ثنايا المُحاضرات نصل إلى الأهداف التعليمية من خلال هذه القصة.
المحاور: يا سلام!
المتصل: فتثبت القصة في أذهانهم، وتبقى المعلومة مُرتبطةً بها، وقديمًا قيل: أفضل الأساتذة هم أكثرهم وأفضلهم طرحًا للقَصَص، فكُلما زادت القِصَص والقَصَص زاد حماس الطالب.
المحاور: صحيحٌ.
المتصل: وتركيزه في المحاضرة.
المحاور: صحيحٌ.
المتصل: ولذلك ربما تنسى أستاذك الذي درَّس لك والكثير من المعلومات، لكنْ ما زلتَ تحتفظ في ذاكرتك بالقصص والمواقف التي حدثت مع الأستاذ، أو قالها المُحاضر أو الدكتور في أثناء المحاضرة.
فالتعلم من خلال القصة أجده تجربةً ثَريَّةً، وقد عملنا عليه دراسةً.
المحاور: جميلٌ، لأجل معرفة الأثر؟
المتصل: نعم.
المحاور: يا سلام!
المتصل: ومدى حماس الطلبة مع القصة مُقارنةً بالطريقة التقليدية.
المحاور: يا سلام!
المتصل: فوجدنا أن هناك فرقًا ذا دلالةٍ إحصائيةٍ.
المحاور: يعني: عملتم هذا من ناحيةٍ إحصائيةٍ؟
المتصل: إحصائية، نعم، وهي الآن في طورها للنشر، وقد أثبتت أن التعليم بالطريقة التي تعتمد على القصة أو بالحالة أكثر حماسًا، وفيها استيعابٌ أكثر للطلاب، وفيها مُشاركةٌ وتفاعلٌ أكثر، وهي مُحبَّبةٌ للطلاب أكثر من الطريقة التقليدية في طرح الأعراض والأسباب والعلاج.
المحاور: نحن في انتظار نتائج هذه الدراسة دكتور أحمد بشوقٍ، ونحتاجها في لقاءاتنا التربوية في الجامعة، وفي اللقاءات الديوانية المُربية، بإذن الله.
المتصل: أول ما تُنشر -بإذن الله- أُزودك بنسخةٍ منها.
المحاور: الله يحفظك، شكرًا دكتور أحمد.
المتصل: بارك الله فيك، وحفظك الله.
المحاور: شكرًا على هذه الإطلالة، ومُوفَّقٌ، إن شاء الله.
المتصل: جزاك الله خيرًا.
المحاور: هذا نموذجٌ من النماذج الجميلة أيضًا والبسيطة في استخدام القصة الذَّكية في التأثير في الطلاب.
التجربة التعليمية التاسعة
نختم مع الدكتور محمد الحريري، دكتوراه في وظائف الغُدد الصَّماء والسكر في جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل بالدمام.
مرحبًا بك دكتور محمد.
المتصل: السلام عليكم دكتور خالد.
المحاور: أهلًا وسهلًا ومرحبًا.
المتصل: حيَّاك الله.
المحاور: حيَّاكم الله.
المتصل: استمعنا -ما شاء الله! تبارك الله- إلى عددٍ من التجارب المُتميزة، ما شاء الله! تبارك الله.
المحاور: الله يحفظك.
المتصل: سوف أتحدث عن تجربةٍ بسيطةٍ حول التعديل والتصحيح في السلوكيات التعليمية، وأنت تعرف أن الانتقال من المرحلة الثانوية إلى المرحلة الجامعية يُصاحبه الكثير من المُعوقات والمشاكل، فالطالب يُواجه أنظمةً جديدةً وكثافةً في المادة العلمية، واعتمادًا على النفس، فهذه الأمور كانت غير مُتواجدةٍ في المرحلة الثانوية، فتجد الطالب يقضي مُعظم الوقت في المُذاكرة في الغرفة وفي النهاية تكون الحصيلة.
المحاور: ضعيفةً.
المتصل: غير مُرضيةٍ، يُؤدي إلى انعكاس سلبي في التحصيل والمُشاركة والأنشطة.
المحاور: صحيح.
المتصل: فالطالب يقول لك: أنا أقضي وقتًا طويلًا، لكن في النهاية أنا غير فاهمٍ للمادة!
وتشخيص المشكلة كالآتي: ترتيب الأولويات وإدارة الوقت، فالطالب -للأسف- في هذه المراحل يُعاني قصورًا عندما يُقارِن نفسه مع بعض الزملاء، بالرغم من أنه بذل جهدًا.
المحاور: ماذا فعلتم دكتور محمد من أجل تخطي مثل هذه المشكلات المُتعلقة بهم؟
المتصل: نعم، طبعًا بعُجالةٍ.
المحاور: لأنَّ الوقت ضيقٌ جدًّا.
المتصل: طلابنا لا يُجيدون التعامل مع الكتاب، وكيف يصلون إلى المعلومة؟ وأنت تعرف أن الكتب العلمية تأتي نسبيًّا كبيرةً وضخمةً ودَسمةً، والتعامل مع الكتاب، والوصول إلى المعلومة المطلوبة، والرسم البياني، والصورة، والجدول، وللأسف الكل يُهملها، سواء في المرحلة المتوسطة، أو الثانوية، أو الجامعية، فالكل يُهمل الرسم البياني على الرغم من أنه من أهم الأجزاء في الكتاب.
المحاور: صحيح.
المتصل: وهي مُكلَّفةٌ، وقد تكون خُلاصة الموضوع.
المحاور: بالضبط.
المتصل: وبالتالي فالمطلوب في هذه الأمور: ترتيب الأولويات، وإدارة الوقت، والحصول على المعلومة بطريقةٍ صحيحةٍ تؤدي إلى تحسُّنٍ ملحوظٍ في المستوى، وبالتالي الانطلاقة بشكلٍ كبيرٍ نحو المُشاركات الصَّفية واللاصفية.
المحاور: قمتُم بهذا من خلال إرشادكم الأكاديمي للطلاب؟
المتصل: نعم.
المحاور: ووجدتم الفرق؟
المتصل: أكيد، وأنا أُكلمك من تجارب عمليةٍ، فالطلاب كانوا في المرحلة الابتدائية، وخلال المُتابعة وصلوا إلى مراحل مُتقدمةٍ تغيروا فيها مئةً وثمانين درجةً.
المحاور: ما شاء الله!
المتصل: نعم.
المحاور: أنت يا دكتور محمد في الإرشاد الأكاديمي في كلية الطب؟
المتصل: لا، لكنْ في بعض الأحيان يُختار بعض الأساتذة للإشراف لمدة عامٍ، أو عامين، أو ثلاثة أعوامٍ.
المحاور: إذن أنت تُركِّز على ترتيب الأولويات، وإدارة الوقت، والتعامل مع الكتاب؟
المتصل: بالضبط.
المحاور: شكرًا لك.
المتصل: حيَّاك الله.
المحاور: شكرًا لك يا دكتور محمد.
المتصل: وشكرًا على الاستضافة يا دكتور.
المحاور: الله يحفظك دكتور محمد، شكرًا لك.
وشكرًا حقيقةً للأساتذة الفُضلاء جميعًا على هذه الإطلالات الطيبة في قضايا العناية بالارتقاء في التَّكيُّف الدراسي من مرحلةٍ لمرحلةٍ، مثلما ختم بها الدكتور محمد الحريري، وقضية استخدام القصة التي أشار إليها الدكتور أحمد السُّني في بداية المُحاضرات، وتكون من خلالها النِّقاشات والحوارات والاستنباطات، وكذلك ما يتعلَّق بالأساليب المُرتبطة بالطلاب الذين يقومون بالشرح، ومن خلال الأمثلة الجميلة في الغيبة والإسراف التي ذكرها الأستاذ أسامة العبدالقادر، والدكتور ناصر حلمي في (الجروبات) و(الواتس آب)، وما ذكرته الدكتورة نعمة حول: كيف نشدُّ الانتباه؟ وكذلك الأستاذ علي فيما يتعلَّق بقضية التعلم النَّشط وغيرها من النقاط.
فالشكر الجزيل بعد شكر الله للإخوة والأخوات في حلقتنا هذه وفي الحلقة الماضية الذين أعطونا من وقتهم وتجاربهم التعليمية الناجحة.
أسأل الله أن يجزيهم خيرًا، وأن يُبارك في أوقاتهم، وفيما يقومون به مع طلابنا وأجيالنا للارتقاء بهم.
هذه النماذج التي نحتاج أن نُبرزها ونستفيد منها، كما نُؤكد أيضًا على أهمية هذه التجارب ونشرها؛ حتى يُستفاد منها، ولم يبقَ بعد توفيق الله إلا الإرادة الذاتية التي يقوم بها الأستاذ حتى يُصْبح مثل هؤلاء الإخوة وأفضل منهم -بإذن الله -، وعندئذٍ نرتقي بالجيل الذي يكون نموذجًا رائعًا في العلم والعمل.
تحياتي لكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.