المحتوى
مقدمة
الحمد لله، ونُصلي ونُسلِّم على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعدُ: حياكم الله أيها الإخوة والأخوات، ومرحبًا بكم مع حلقةٍ جديدةٍ من برنامجكم الأسبوعي المباشر "أُسُس التربية" من قناتكم قناة زاد العلمية.
ومعنا في هذه الليلة الأستاذ الكريم: طلال بن عادل أبو ذراع، مستشار في تطوير الذات.
حياكم الله ومرحبًا بكم أستاذنا الكريم.
الضيف: حياكم الله دكتور خالد، وأُحيي السادة والسيدات المشاهدين الكرام، وسعيدٌ بوجودي بينكم.
المحاور: لقاؤنا الليلة حول "فن الحوار الأُسري"، وكنا نستفيد منك في هذه القناة في مُداخلاتك الجميلة معنا، الله ينفع بكم أينما كنتم.
الضيف: جميعًا إن شاء الله.
سبب اختيار العنوان
المحاور: لماذا اخترتم أستاذ طلال هذا العنوان المُثير؟ ولا أظن أن هناك أحدًا يُجادل فيه، لكن تحته شيءٌ كبيرٌ وعظيمٌ وواسعٌ، وتوجد مخاطر وفرص وتحديات، فتفضلوا، بارك الله فيكم.
الضيف: بسم الله الرحمن الرحيم،
اللهم علِّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علَّمتنا، وارزقنا علمًا نافعًا.
الحوار في الواقع الآن هو الوسيلة التي بقيت بعد النَّمْذَجَة والاقتداء في معرفة أبنائنا وأُسرنا عن كَثَبٍ.
والحوار ذُكِرَ في القرآن الكريم عدة مراتٍ، والله حثَّنا على الحوار فقال: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل:125].
وعلماء السلوك والتربية دائمًا يُوصون بهذه الوسيلة الرائدة في التعامل مع مختلف المراحل العمرية للأبناء والبنات، وهي أداة الحوار، ويعتبرون هذه الأداة هي الأداة النَّاجعة، بإذن الله.
بين الاقتداء والحوار
المحاور: قلتَ أستاذ طلال: "بعد الاقتداء"، وكأنك ترى موضوع الاقتداء يفوق قضية الحوار، وكأنك تُميز بين هذين الأسلوبين والمجالين؟
الضيف: لا شكَّ أن الاقتداء نستطيع أن نقول: هو التربية بالسلوك غير المنطوق، والحوار: هو إيصال فكرة المُربي -الأب أو الأم أو المُرشِد- إلى المُستفيد -سواء كان الابن أو الطالب- عن طريق أسلوبٍ لفظيٍّ، يتجاذبان كلاهما أطراف الحديث، ويُحاوران بعضهما البعض.
والله يقول: وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا [الكهف:34]، وقال في قصة خولة بنت ثعلبة المشهورة: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا [المجادلة:1]، فجعل الحوار تارةً يكون من الأصغر عمرًا، أو ما كان مع الأكبر، وتارةً يكون من قِبَل الأكبر، ومُتوجِّهًا إلى الأصغر؛ لكي يُعَرِّفه، أو يُحذِّره، أو يأمره، وتارةً يكون بين نِدَّيْن، كما في قصة أصحاب الكهف حين يُحاور أحدُهم صاحبه ويُذكِّره بنِعَم الله عليه: وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا [الكهف:34] إلى آخر الآيات.
فالحوار هو أداةٌ تربويةٌ ناجحةٌ ومفيدةٌ، وللأسف الشديد الكثير إما أنه لا يستخدم أداة الحوار مع أبنائه، أو مع الأسرة بشكلٍ عامٍّ: الزوجة، والإخوة، والأخوات، والأبناء، والطلاب، أو أنه يستخدمه ولكن بطريقةٍ مُشوَّهةٍ وخاطئةٍ، ويظنه حوارًا، وهو في الواقع ليس بحوارٍ.
المحاور: حديثٌ عاديٌّ.
الضيف: حديثٌ عاديٌّ، أو أُسميه: إجبارًا، يقول ولا يسمع، ويُلقي ما عنده مثلًا من أفكارٍ، أو آراءٍ، أو توصياتٍ في أذن مَن أمامه من ابنٍ، أو أخٍ، أو أختٍ، أو طالبٍ، أو مُستفيدٍ، ولكنه لا يُراعي أخلاقيات وأدبيات الحوار.
المحاور: إذن للحوار فنياتٌ وأخلاقياتٌ.
الضيف: لا شكَّ.
ما المقصود بالحوار الأُسري؟
المحاور: ماذا نقصد بالضبط بشكلٍ مُختصرٍ فيما يرتبط بمصطلح "الحوار الأُسري"؟
الضيف: نستطيع أن نقول بعيدًا عن تعريفات المُتخصصين: إن الحوار ...
المحاور: أفضل.
الضيف: طبعًا، المُتخصِّصون يجعلون الحوار هو: ترجيعٌ في الكلام، وإتاحة الفرصة لكلا الطرفين في الحديث.
المحاور: وقد لا نحتاج إليه.
الضيف: وهو مأخوذٌ أصلًا من الحاء والواو والراء، وفي لغة العرب فيها معنى الرجوع، أي: أقول كلامًا ثم أسمع الطرف الآخر، وربَّما أرجع؛ فلذلك فيه هذا المعنى.
والمقصود من الحوار ليس فقط إجبار الطرف الآخر على الرأي المطروح، وإنما إلقاء هذا الرأي على مائدة النِّقاش، ولكن لا بد أن يُراعى فيه الفنيات والأدبيات والأخلاقيات؛ ولذلك لا يُشترط للحوار أن يكون من المُثقفين وحملة الشهادات، لا، وإنما الحوار هو اللُّطف بالكلام بين طرفين.
المحاور: اللُّطف في الكلام من مصدرٍ واحدٍ، أو من مصدرين؟
الضيف: من مصدرين وطرفين.
المحاور: إذن لدينا مهارتان: مهارة التَّحدث، ومهارة الاستماع.
الضيف: لا شكَّ.
المحاور: ولا يمكن أن يكون الحوار إلا بهذا.
الضيف: لا شكَّ؛ ولذلك الله جعل لنا أُذنين اثنتين، ولسانًا واحدًا؛ حتى يسمع الإنسان أكثر مما يتحدث.
المحاور: جميلٌ.
الضيف: ولا يمكن للإنسان أن يكون مُحاورًا جيدًا ومُقنعًا؛ سواء كان الأب تجاه أبنائه، أو الأم تجاه بناتها، أو المعلم، أو المُربي، أو حتى المسؤول في العمل حينما يُحاور مُوظفيه ليُحفزهم مثلًا، أو يدفعهم لعمل شيءٍ؛ ما لم يكن مُستمعًا جيدًا.
المحاور: المُستمع الجيد مُتحدِّثٌ جيدٌ.
الضيف: لا شكَّ؛ ولذلك فالذي يريد إقناع مَن يستمع إليه لا بد أن يكون هو مستمعًا جيدًا؛ حتى يُقنع مَن أمامه بأن يستمع إليه؛ ولذلك نجد مواقف تربويةً للسلف من الاستماع إلى الطرف الآخر: سواءٌ كان ابنًا، أو كان طالبًا، أو كان مُستفتيًا، حتى لو كان في هذا الحديث أغلاطٌ وأخطاءٌ ومُخالفاتٌ.
المحاور: أو في الفكرة.
الضيف: أو كان الفكر خاطئًا.
حوار عتبة بن ربيعة مع النبي
المحاور: أستاذ طلال، قصة عتبة بن ربيعة عجيبةٌ؛ فقد جاء إلى النبي يُفاوضه على ترك دينه ورسالته! والرسول يستمع له، ثم يُعطيه أيضًا الأمان والفرصة، ويقول له: أَفَرَغْتَ يا أبا الوليد؟[1]"البداية والنهاية" ط. هجر (4/ 159)..
الضيف: صحيحٌ.
المحاور: ثم الرسول بعد ذلك يقوم بدوره الريادي الإرشادي والتوجيهي، بعد أن كان مُستمعًا جيدًا أصبح مُتحدثًا مُؤثرًا جيدًا.
الضيف: لا شكَّ، ولو تأمَّلنا هذه القصة لوجدنا فيها:
أولًا: إتاحة الفرصة للمحاور الآخر بأن يُلقي ما عنده.
ثانيًا: التَّأدب والتَّلطف في الخطاب، ومُناداته باللقب، وعدم التَّحقير، أو التَّصغير، أو التَّسفيه، أو التَّجهيل، أو التَّضليل.
المحاور: هذه سنأتي إليها دكتور.
الضيف: نحن سنأتي إليها، إن شاء الله.
الهدف من الحوار
المحاور: إذن نحن نقول: إن الحوار تبرز أهميته في تعديل القناعات وتوجيه الأبناء.
الضيف: لا شكَّ، الحوار الهدف منه ثلاث زوايا: نريد تقويمها، أو التأكيد عليها، أو التحذير منها لدى المُستهدف، أو الابن، أو الطالب، ونريد أحيانًا إفادته ببعض المعلومات والمعارف، وهذا هدفٌ تعليميٌّ.
المحاور: جميلٌ.
الضيف: الهدف الثاني -وهو هدفٌ سلوكيٌّ-: إما أن نُشجع ونُعزز من سلوكياتٍ إيجابيةٍ لديه، مثل: أداء الصلاة، وبرّ الوالدين، أو احترام الكبير.
المحاور: السلوك الإيجابي.
الضيف: سلوكٌ إيجابيٌّ نريد أن نُعزِّزه.
وأيضًا أن تكون هناك توجهاتٌ وقيمٌ موجودة في ذات هذا الشخص، سواءٌ كان ابنًا، أو طالبًا، أو زوجًا، أو زوجةً.
المحاور: إذن أنت تُؤكد على المسارات الثلاثة للشخصية وبنائها، والتي هي: المسار المعرفي، والسلوكي، والوجداني.
الضيف: لا شكَّ.
المحاور: جميلٌ.
الضيف: أنا أحاول أن أُبسط العبارة لمَن يستمع إلينا من الأمهات العزيزات، فنقول: تارةً يكون الهدف من حوارِكِ تجاه ابنتِكِ أنك تُعززين أهمية الأسرة، وأن تنخرط مثلًا في أُسرتها، وعمَّاتها، وخالاتها، والجارات، وضرورة أن البنت تختلط بالجارات وبذوي الرحم؛ حتى تُعززين قيمة صِلة الرحم.
وبعض الفتيات لا يُدركن ذلك، خاصةً الآن مع مواقع التواصل الاجتماعي، والإدمان الإليكتروني للأجهزة، فأصبحت هناك عُزلةٌ شعوريةٌ لدى فتياتنا؛ مما يتطلب الحوار لإرجاعهن لقيمنا وسلوكياتنا، وكذلك بعض المعارف الضَّرورية.
المحاور: والبديل لهذا الحوار الأُسري هو ذاك الحوار المجهول الذي يحصل تحت أروقة وسائل التواصل الاجتماعي، والذي قد يأخذ بأبنائنا وأجيالنا ذات اليمين وذات الشمال، بل حتى الصِّغار، ويُدرك هذا الذي يُمارس الإرشاد والاستشارات، وأنتم أظنكم تُدركون هذه القضية.
ضوابط الحوار الأُسري الناجح
المحاور: طيب، دعنا أستاذنا الكريم بعد هذه الإطلالة الجميلة نعرف ما هي الفنيات التي تُرشدونا إليها؛ من أجل أن يوجد الحوار الأُسري الناجح؟
الضيف: جميلٌ.
هناك مُقدماتٌ ومُمهداتٌ، ثم بعد ذلك أساسياتٌ، ثم خاتمةٌ وتحياتٌ.
أولًا: المُقدمات
لا بد أن يختار الوقت المناسب للحوار، كما جاء في الحديث: لا يحكم أحدٌ بين اثنين وهو غضبان[2]أخرجه البخاري (7158)، ومسلم (1717).، وكذلك لا يتحاور مع الإنسان وهو غير مرتاحٍ: إما فسيولوجيًّا، أو سيكولوجيًّا، يكون مُنْهَكًا، والفتاة تعبانةٌ، وراجعةٌ من الكلية أو المدرسة، فهذا الوقت ليس وقتًا مناسبًا للحوار.
الضيف: ولذلك قد نحتاج إلى أن نُؤجل الحوار.
المحاور: صحيحٌ؛ لذلك يجب في البداية أن يتم اختيار الأوقات المناسبة للحوار، ويمكن أن نضع مواعيد: يا بنتي، اليوم سوف نتناقش مثلًا بعدما تستيقظين، أو بعد العشاء، أو بين المغرب والعشاء سوف نتحاور -بإذن الله- في أمورٍ مهمةٍ، ليكن عندك علمٌ بهذا الموضوع. وكذلك بعض الزوجات.
وما زلنا في سرد فنيات وآداب الحوار.
تقول بعض الزوجات: زوجي لا يستمع إليَّ، وزوجي مُتعنِّتٌ، ولا أستطيع أن أُحاوره.
فأقول وأهمس في أُذنها: يا أُخيَّتي، اختاري الوقت المناسب، فمن الخطأ أن تفتحي معه جدالًا أو نقاشًا أو حوارًا قبل أن يذهب إلى العمل، فهو الآن مُستعجلٌ، وعنده مئة فكرةٍ في رأسه، وكذلك أثناء قدومه من العمل؛ فجسده مُنْهَكٌ، وذهنه، وأعصابه، وليس لديه طاقةٌ ليتحاور معكِ؛ لذلك لا بد من اختيار الوقت المُناسب.
ثانيًا: اختيار اللفظ المناسب
المحاور: التي هي الطريقة.
الضيف: طريقة الحوار.
لذلك حين نأتي إلى سيرة النبي نجد فيها التَّلطف، والاستماع، والاحترام، والتَّبجيل للطرف الآخر.
وقد أتى إلى النبي فتًى فعل مُنكرًا، فلما رأى النبيُّ من هيئته ووضعه أنه قد تاب وأقلع وندم على ما فعل؛ قال له: توضأتَ حين أقبلتَ؟ قال: نعم. قال: هل صليتَ معنا حين صلينا؟ قال: نعم. قال: اذهب فإن الله تعالى قد عفا عنك[3]أخرجه أبو داود (4381)، وصححه الألباني..
وشابٌّ آخر أتى النبيَّ وطلب منه، وفي المسجد النبوي، وبحضرة الوحي -وهو ينزل ويصعد- أمام مرأى الصحابة.
المحاور: أن يأذن له بالزنا.
الضيف: قال: يا رسول الله، ائذن لي بكبيرةٍ من كبائر الذنوب. الله أكبر!
لذلك استخدم النبي معه الأسلوب النبوي المعهود الراقي في الحوار وتبادل الأدوار، كما في الإرشاد النفسي، فقال له: أتُحبه لأمك؟ ثم لأختك، وخالتك، وهكذا[4]أخرجه أحمد في "المسند" ط. الرسالة، برقم (22211)، وقال مُحققو "المسند": "إسناده صحيحٌ"..
وهذا الأسلوب -تبادل الأدوار- من أرقى أنواع الحوار: أتُحبه؟ أتُحبه؟ أتُحبه؟ ولم يقل: اسجنوه وكَبِّلوه.
ثالثًا: الصبر وطول البال
لذلك من أدبيات الحوار وأخلاقياته: اختيار الوقت المناسب، والألفاظ المناسبة، والتَّمتع بالصبر، فلا بد أن يكون عند المحاور صبرٌ، سواءٌ كان أستاذًا، أو أبًا، أو أمًّا، أو زوجًا، أو زوجةً، لا بد أن يكون عنده طول البال وسَعة الصدر: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ [آل عمران:159].
المحاور: لاحظ يا أستاذنا الكريم أن هذه الآية نزلت بعد غزوة أحدٍ.
الضيف: لا إله إلا الله.
المحاور: وهذا له مَغْزًى كبيرٌ جدًّا، يعني: الرسول يُقال له من سيده -وهو الله -: لم تكسب أصحابك إلا بالرحمة واللِّين، ولو كنتَ فَظًّا سينفضون من حولك.
وقد نزلت بعد ما حصل من بعض الصحابة، وغُيِّرت مُعادلة المعركة من نصرٍ إلى هزيمةٍ.
الضيف: صحيحٌ.
المحاور: وهذا يدل على أن هذا الذي تُشير إليه هو الأصل، فحوارنا إذا لم يكن في بيئة التَّعاطف والرحمة واللِّين واستخدام الألفاظ الطيبة والطرائق السليمة الجاذبة لن يكون حوارًا ناجحًا.
الضيف: ولذلك أُوتي جوامع الكلم، ولم يكن فاحشًا، ولا مُتفحشًا، ونهانا نحن المُتحاورين فقال: ليس المؤمن بالطَّعَّان، ولا اللَّعَّان، ولا الفاحش، ولا البذيء[5]أخرجه الترمذي (1977)، وصححه الألباني..
وأنا أستغرب من بعض الأمهات التي تريد من البنت أن تستمع لها، وتُنصت إليها، وهي تتفحش مع ابنتها بالكلام: تسبُّها، وتشتمها، وتحقرها، وتنتقص منها، وتُلقِّبها بأسوأ الألقاب، ثم تريد بعد ذلك من البنت أن تستمع إليها وتُحاورها!
لا يا سيدتي: ليس المؤمن بالطَّعان، ولا اللَّعان، ولا الفاحش، ولا البذيء، هذا لم يُقصد به الأعداء فقط، وإنما حتى المسلمين فيما بينهم: المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره[6]أخرجه مسلم (2564).، فهذه تَنْصَبُّ أساسًا وبدايةً على أهل البيت قبل غيرهم، وكذلك قوله: المسلم مَن سلم المسلمون من لسانه ويده[7]أخرجه البخاري (10)، ومسلم (40)..
رابعًا: تجنب سُموم الحوار
إذن فمن الأدبيات: اختيار الوقت المُناسب، والألفاظ المناسبة، وإتاحة الفرصة للطرف الآخر أن يتحدث، ثم أن يتجنب سموم الحوار، وهي:
1- التعدي.
2- التحدي.
المحاور: التعدي والتحدي.
الضيف: نعم، التعدي والتحدي.
المحاور: نعم، لها علاقةٌ بما يطرحه من أسئلةٍ؟
الضيف: لا شكَّ، التعدي هو الاعتداء برفع الصوت أو الزَّمجرة، وإهانة الشخص الكبير حين أُحاوره، وهذه رسالةٌ أُوجهها إلى أبنائي وبناتي؛ فليس من الحوار أن ترفعي صوتكِ يا ابنتي أو يا ابني على أستاذك، أو على الوالدة، أو على الوالد، أو حتى على الشخص الكبير، أو المعلم، هذا ليس من الحوار، وبعضهم يظن أن ذلك ديمقراطيةٌ أو عصريةٌ!
المحاور: هذا تعدٍّ.
الضيف: هذا تعدٍّ، وليس من أخلاقيات الحوار، فحتى يحترمك الطرفُ الآخر ويُقدِّرك، ويُتيح لك الفرصة في الحديث يجب أن تتجنب التَّعدي والتَّحدي.
والتحدي المقصود به هو احتكار الحق، وكأنك تفرض رأيك يا بني، أو يا ابنتي، والخطاب مُوجَّهٌ للكبير أيضًا: الزوج، والزوجة، حينما تفرض رأيك، ليس للتداول، ولا للنقاش، ولا للأخذ والعطاء، كأنه قانونٌ ترميه على الطاولة، وافعلوا ما أمرتُكم به.
المحاور: يعني: هو يريد أن يكون مُنتصرًا في هذا؛ ولذلك هو يتحدى.
الضيف: نعم؛ ولذلك الطرف الآخر لا يستجيب؛ لأنه لا يعتبر أن هذا حوارٌ.
المحاور: صحيحٌ، هو ليس حوارًا.
الضيف: نعم، هو إساءةٌ، فهذا من سُموم الحوار.
أثر لغة الإشارة في الحوار
المحاور: هل لنوعية الأسئلة أو الألفاظ أو الطريقة دورٌ في هذه القضية؟
الضيف: الحوار لا يكون فقط بالألفاظ المنطوقة، نعم يكون بالألفاظ المنطوقة واللَّطيفة والسَّلسة والجميلة، لكن أحيانًا تكون لغة الإشارات مُؤذيةً في الحوارات، فأحيانًا يكون هناك صَدٌّ وعبوسٌ وتسفيهٌ ببعض الألفاظ، وكل مجتمعٍ عنده بعض الحركات الجسدية التي تُشعر الطرف الآخر بالتَّحقير والانتقاص، يعني: كأنه يُكذِّب الذي أمامه، أو إخراج اللسان، أو أحيانًا لمس بعض أجزاء الجسم، أو حركة العينين يمينًا ويسارًا، كأنها تكذيبٌ.
المحاور: الآن وقعت في الخطأ؛ حيث استخدمت هذه الإصبع.
الضيف: لا شكَّ، صحيحٌ.
المحاور: يعني: يقولون: هذا من مهارة التواصل.
الضيف: هذا التهديد؛ لذلك نحن نقول: في الحوارات لا ننتبه فقط إلى الأحرف والكلمات، وإنما يجب أن نعتني بالحركات، فكلمات المعلم أو المُربي أو المُرشد أو الأب أو الأم أحيانًا تكون مقبولةً، لكن حينما ننظر إلى الحركات نجدها تُعارض تلك الكلمات، فهو يُخالف كلامه بحركاته.
وفي سورة "عبس" عاتب الله النبيَّ ، وهو موقفٌ تربويٌّ عظيمٌ، والمقصود به نحن؛ حتى نستفيد، فقال: عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى [عبس:1-4]، وهذه فائدةٌ تربويةٌ وسلوكيةٌ لنا في الحوارات: أن العبوس خطأٌ، بالرغم من أنه لم يتلفظ بألفاظٍ مُسيئةٍ لهذا المسلم الكفيف رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وكان الهدف -كما نعلم جميعًا- أن الرسول كان يحرص على هداية صناديد قريش، وكانوا كبار قومهم.
المحاور: أحسنت.
الضيف: لكن نحن ننظر الآن إلى ناحية الحوار: فالعبوس اعتُبِرَ غير مقبولٍ في هذا الموقف؛ لأننا لو استخدمنا هذا لما تقبَّل منا الطرف الآخر، فليس المهم فقط في الكلمات: اختيار الألفاظ والأحرف، بل أيضًا الحركات.
المحاور: وكذلك لو أخذنا هذا القول مقابل ما أشرتَ إليه في قصة الشاب حين قال له النبي : ادنُه، فدنا منه قريبًا[8]أخرجه أحمد في "المسند" ط. الرسالة، برقم (22211)، وقال مُحققو "المسند": "إسناده صحيحٌ".، وهذا يُسمونه: القُرب الحسي، فحينما أَربت على كتف الابن أستطيع أن أُحاوره، وأن أُنجز -مثلًا- عقوبةً له، لكن من خلال الحوار؛ حتى يُدرك لماذا يُعاقَب؟
وأيضًا أُعطيه مُقدماتٍ بالإيجابيات التي لديه، وأنا أُحبُّك، وما شابه ذلك، ... إلى آخره.
فرقٌ بين هذا وبين الصور الأخرى السَّالبة التي تُوجد عقبةً نفسيةً كبيرةً تعود إلى تلقي توجيهات الطرف الآخر مهما كانت.
وعندنا توجيهاتٌ رائعةٌ جدًّا، لكن قوالبها مشكلةٌ؛ ولذلك الحوار الإيجابي هو الذي يحل هذا الموضوع.
الضيف: لا بد أن نُفرق بين الإنكار الداخلي والامتعاض الشديد لنا نحن كآباء وأمهات ومُربِّين ومُرشِدين حينما يرتكب الابن أو الفتاة أو الطالب أو الطالبة مخالفةً سلوكيةً، فإننا نمتعض ونغضب داخليًّا، وهذا فعل الرسول : يغضب ويحمرّ وجهه، فقد قال لأصحابه في الحديبية: قوموا فانحروا ثم احلقوا، قال: فوالله ما قام منهم رجلٌ، حتى قال ذلك ثلاث مراتٍ، فلما لم يقم منهم أحدٌ دخل على أم سلمة، فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: يا نبي الله، أتُحب ذلك؟ اخرج ثم لا تُكلم أحدًا منهم كلمةً حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك. فخرج فلم يُكلم أحدًا منهم حتى فعل ذلك: نحر بدنه، ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضُهم يحلق بعضًا، حتى كاد بعضُهم يقتل بعضًا غَمًّا[9]أخرجه البخاري (2731)..
فأحيانًا تُؤثر شدة إنكارنا للسلوك الذي ارتكبه الولد أو البنت أو الشاب أو حتى الزوج على مشاعرنا، فلا نتحلَّى بالصبر، وندَّعي أننا نُحاور، ونحن في الواقع لا نُحاور، وإنما نُناور ونُقاتل.
المحاور: دعنا نُكمل المُناورة والمُقاتلة بعدما نستمع إلى هذا الاتصال من الأخ عمر من السعودية.
كيف نتعامل مع شخصٍ "مقفل"؟
المحاور: حيَّاك الله أخ عمر.
المتصل: السلام عليكم.
المحاور: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، الله يُعافيك، أخفض صوت التلفاز، واسمعنا من الهاتف، بارك الله فيك.
المتصل: أُمَسِّي عليكم.
المحاور: مسَّاك الله بالخيرات والنور، الله يحفظك، تفضل.
المتصل: طيب، سؤالي يا أستاذ طلال.
المحاور: تفضل.
المتصل: هناك بعض الأشخاص مهما تُحاول أن تتكلم معهم بأسلوبٍ رائعٍ وجيدٍ ما يُعطيك فرصةً.
المحاور: مقفل.
المتصل: نعم، يقفل مرةً.
المحاور: جميلٌ، ما العمل معه؟ هذا سُؤالك؟
المتصل: نعم، كيف نتعامل معه؟
المحاور: طيب، هل يمكن أن أسألك سؤالًا يا شيخ عمر؟
المتصل: تفضل.
المحاور: هل واجهتَ هذه العينة؟
المتصل: واجهتُها كثيرًا في حياتي.
المحاور: ممتاز، ماذا فعلتَ من محاولاتٍ ولم تنجح؟ لو تُعطينا بعض هذه المحاولات، ولو محاولةً واحدةً كرمًا منك.
المتصل: طيب، لحظة.
المحاور: شكلك تريد أن تكون معنا على الهواء، ما شاء الله عليك، تبارك الله، الوقت! الله يحفظك، تفضل.
المتصل: مثلًا حين تتحاور معه في موضوعٍ ما.
المحاور: تحاورتَ معه ووجدتَ أنه مُنغلقٌ، فماذا فعلتَ؟ أعطِنا تجربةً أنت قمتَ بها، ولكنها لم تنفع، أو وسيلةً قمتَ بها وجرَّبتها، هل لديك أو نكتفي بسؤالك؟
المتصل: عندي، لكن الصوت ما أدري ما له؟!
المحاور: طيب، إذن نكتفي بسؤالك، أبشر، إن شاء الله الأستاذ طلال يُجيب عن سؤالك الآن.
الضيف: هناك أخي عمر طريقةٌ سلسةٌ ولطيفةٌ في إقناع الطرف الثاني بالحوار.
المحاور: هو يقول لك: إنه مقفل يا شيخ.
الضيف: الحوار لا يكون إلا من طرفين أو أكثر؛ حتى تكتمل عملية الحوار، فالحوار هو عبارةٌ عن رسالةٍ يُوصلها شخصٌ -المُرسِل- ويستقبلها شخصٌ آخر، وهناك الرسالة نفسها، وهناك ما يُسمُّونه بـ(feedback) أو التَّغذية الراجعة، يعني: نُلخصها: أن في بالك فكرةً تُريد أن تُوصلها لغيرك.
المحاور: هذه الفكرة موجودةٌ عند عمر.
الضيف: هذه الفكرة موجودةٌ في ذهنك، وتريد إيصالها للطرف الآخر، وهذه الفكرة لا بد أن تُرسلها بطريقةٍ مقبولةٍ، فأنت تتهم الطرف الآخر بأنه مقفل ومُغلق، طيب، لماذا لا نتهم أنفسنا بأن الرسالة ربما كانت مُشوَّشةً؟!
المحاور: يا سلام!
الضيف: أو غامضةً، وربما تكون الرسالة لا تُناسبه أصلًا، وربما تريد انتقاد شيءٍ، وهذا الشيء في الأصل غير مُنتقدٍ.
المحاور: إذن أنت تُؤكد ابتداءً على أن القضية قد تكون كما قال الله : قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ [آل عمران:165].
الضيف: وهذا ليس عيبًا.
المحاور: وهذا الإجراء الذي يُشير إليه الأستاذ طلال يصلح في هذا وفي غيره: الابتداء من ذات النفس، هذه قضيةٌ مهمةٌ جدًّا.
ولعلنا نُكمل توجيهاتك للأخ عمر في هذه المُعْضِلة التي يُعاني منها أزواجٌ وزوجاتٌ وأبناء يشتكون كثيرًا فيما يتعلق بكون الطرف الآخر مغلقًا في الحوار والنِّقاش بعد الفاصل -بإذن الله-، كونوا معنا.
الفاصل:
اسمعني جيدًا، اسمعني أنت أولًا، لا ترفع صوتك، لستُ مُخطئًا.
عباراتٌ تتردد دومًا في غياب الحوار الناجح، يقول تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل:125]، فكان أحسن الناس حوارًا، وقد جاءه يومًا عتبة بن ربيعة مُناظرًا عن قريشٍ، فاستمع إليه النبي حتى انتهى من كلامه دون مُقاطعةٍ، ثم قال: أَفَرَغْتَ يا أبا الوليد؟[10]"البداية والنهاية" ط. هجر (4/ 159).، قال: نعم، فقرأ رسول الله صدر سورة "فصلت".
ومن آداب الحوار التي حثَّنا عليها الإسلام:
- أن يكون الهدف هو بيان الحق، أو الوصول إليه.
- واختيار أحسن التَّعبيرات وألطفها.
- وتجنب الفُحش وقبيح الكلام.
- وعدم رفع الصوت واستفزاز الآخرين.
- وعدم مُقاطعة المُتحدث والاعتراض عليه أثناء حديثه.
- وحُسن الاستماع والإنصات، والحرص على فهم المُتكلم فهمًا صحيحًا.
- وتجنب المِراء وكثرة الجدال.
- وترك التَّنطُّع في الكلام، والإعجاب بالنفس.
- والتراجع عن الخطأ، والاعتراف به.
- وعدم إصدار الكلام إلا بعد التفكير في مضمونه، ومعرفة ما يترتب عليه.
- والحلم، والصبر، والاحتمال لزلَّات اللسان، وفلتات القول، قال تعالى: وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا [الإسراء:53].
المحاور: حيَّاكم الله أيها الإخوة والأخوات، وعودًا حميدًا مع أستاذنا أستاذ طلال.
مرحبًا بك أستاذ طلال، وجزاك الله خيرًا.
وكان اتِّصال الأخ عمر حول الذين يُغلقون الحوار، فإذا كان هناك من توجيهاتٍ إضافيةٍ تفضَّل.
تقنية (الساندويتش) أو الفطيرة
الضيف: أنا أنصح دائمًا الأحبة في الأُسَر أو الأصدقاء أن يستخدموا تقنيةً جميلةً تُسمَّى: (الساندويتش)، أو الفطيرة، وهي عبارةٌ عن قطعةٍ من الخبز، ثم الحشو، ثم قطعة خبزٍ أخرى، ويأكلها الإنسان هنيئًا مَرِيئًا، فكيف يكون هذا في الحوار؟
حينما تريد أن تُحاور الطرف الآخر قم بالآتي:
أولًا: امدح: وهذه هي قطعة الخبز الفوقية، قل له: أنا أعزّك وأحترمك وأُقدِّرك، وأنت عزيزٌ عليَّ، واذكر إيجابيةً من الإيجابيات التي يتمتع بها، ثم أعطه الحشو: ولكن لي عِتابٌ بسيطٌ وصغيرٌ؛ في ذاك اليوم عزمتَ كل الزملاء إلا أنا لم تدعني إلى الوليمة.
المحاور: أنت أذبتَ الجليد في البداية.
الضيف: أذبت الجليد في البداية، وكما يقولون: تجرح وتُداوي.
المحاور: نعم.
الضيف: هذه طريقة الفطيرة أو (الساندويتش): امدح ثم انقد، أو امدح ثم امدح؛ حتى تُلطف الأجواء لتقبل الحوار.
جرِّبيها أيتها السيدة الكريمة مع زوجك، وامدحيه حينما تُريدين منه شيئًا، قولي له: أنت حبيبي، وأنت زوجي الغالي، وأنت لم تُقصِّر معنا في شيءٍ -ما شاء الله-، فهل بالإمكان في نهاية هذا الأسبوع أن نذهب سَوِيًّا -مثلًا- إلى البحر، أو إلى المكان الفلاني، أو تسمح لي أن أحضر كذا مع قريباتي؟ وأنا مُقدِّرةٌ انشغالك حبيبي الغالي، ويا زوجي الغالي.
المحاور: جميلٌ.
الضيف: جرِّبوا هذه الفطيرة، وستجدون أن الزوج سوف يلتهمها وهو لا يشعر.
المحاور: أكيد، (ساندويتش) ما شاء الله.
طريقة التأطير
الضيف: الطريقة الثانية تُسمَّى في علم الإرشاد: التَّأطير؛ أن تُشعر الطرف الآخر أن الرأي الذي تختاره هو رأيه، وفي الواقع هو رأيك أنت أيها الحكيم، سواءٌ كنت معلمًا، أو مُرشِدًا، أو أبًا، أو زوجًا، أو أمًّا.
المحاور: جميلٌ.
الضيف: صيَّادو الفيلة في الهند: أول ما يُنْجِبُ الفيل صغيره.
المحاور: نحن الآن من (الساندويتش) إلى الفيل.
الضيف: إلى الفيلة، نعم، نأخذ جولةً عالميةً: يقوم صيَّادو الفيلة بربط قدم الفيل الصغير بخيطٍ رفيعٍ بأحد جذور الشجر، ويُطعمونه، ثم يُدربونه، ثم يأتي هذا المُدرب ويُعطيه الأوامر، ويُحاوره، ويأمره، وكذا، حتى يستخدمه بعد ذلك في الزراعة والنقل، أو في حمل الأثقال.
الشاهد: أن هذا الفيل يكبر حجمه حتى يُصبح أضخم من هذا الراعي أو السَّايس ربما بعشرات المرَّات، وهو مربوطٌ من قدمه بذلك الخيط الرفيع الذي يستطيع أن يقطعه لو حرَّك قدمه بقوةٍ، بل يستطيع أن يقطع الشجرة من جذورها، لكنه عنده العجز المُكْتَسَب؛ أطره هذا الراعي وأوهمه بأنه لا يستطيع الفِكاك من هذا الخيط.
لذلك أخي عمر تظن أنك لن تستطيع أن تُقنع الآخرين بفكرتك، أو لن تستطيع أن تنفك من هذه الدائرة، فجرِّب شيئًا آخر.
إذا لم تستطع شيئًا فدعه | وجاوزه إلى ما تستطيع[11]"ديوان عمرو بن معدي كرب" (ص8). |
فهناك تقنياتٌ وفنياتٌ أخرى، فما هو التَّأطير؟
التأطير: أن آتي إلى ابني وأقول له مثلًا: يا بني، أنا عندي ثلاثة خيارات، أو ثلاثة عروضٍ لك جميلةٍ في نهاية هذا الأسبوع، ما رأيك أن نذهب أنا وأنت إلى البحر؟ إذا كانت هذه المدينة مُطلةً على البحر.
المحاور: وكل الخيارات هي في الحقيقة ...
الضيف: باختيارك أنت.
المحاور: أنت، وأيضًا ...
الضيف: مُفيدةٌ وإيجابيةٌ ونافعةٌ.
نذهب أنا وأنت إلى البحر، وأنت تريد من هذه الخيارات أن تُبعده عن الأجهزة التقنية التي أتلفت مُخَّه وعينيه.
المحاور: يعني: اختيارًا متعددًا.
الضيف: اختيارٌ متعددٌ: فما رأيك أن نذهب إلى البحر، أو نذهب إلى البرِّ، أو نزور بعض الأقارب؟
فتجد هذا الشاب لا ينتبه كثيرًا، ويظن أنه مُخيَّرٌ، وهو في الواقع مُجْبَرٌ إجبارًا إيجابيًّا.
وكذلك لو استخدمتها الزوجة مع الزوج، وهي تُريد مثلًا الخروج، فتستخدم (الساندويتش) أو الفطيرة، وتقول: أنا أحبك، وكل شيءٍ، ولم تُقصِّر معنا، وأنا أطلب منك طلبًا: ما رأيك أن تسمح لي أن أذهب إلى قريباتي، أو تسمح لي أن أعزم صديقاتي لنعمل حلقةً عندنا في البيت، أو أنا وأنت نذهب إلى التسوق معًا، وتبقى أنت العزيز الغالي؟ والزوج سوف يُوافق على واحدةٍ.
المحاور: لو لم يُوافق أستاذي؟
الضيف: إذن (الساندويتش) لم يكن لذيذًا.
المحاور: جزاك الله خيرًا على قضية (الساندويتش) والفيل، فأنا لن أنساها في حياتي، جزاك الله خيرًا، خاصةً عندما نتذكر (الساندويتش) ونحن جائعون، ونتذكر الفيل ونحن راغبون في حديقة الحيوان.
الضيف: ولكن لا بد ألا يتحاور الإنسان وهو جوعان.
المحاور: أحسنت أستاذ طلال، يعني: الآن قد تكون المُعاناة مع صنفٍ أو مرحلةٍ من المراحل الخطيرة، وهي مرحلة المُراهقة، والصراع الذي يحصل بين الجيلين، فهناك جيلٌ اكتسب اليوم أشياء لم تكن عند الجيل السابق، وهناك هُوَّةٌ موجودةٌ، وهذه الهُوَّة ستُؤثر في الحوار.
الضيف: لا شكَّ.
الحوار مع المُراهقين، والفجوة بين الأجيال
المحاور: ماذا تقول عن قضيتي التعامل في الحوار مع المُراهقين والمُراهقات؟ وماذا تقول عن قضية سدِّ الهُوَّة بين الأجيال؛ حتى يخفَّ الصراع بينهما؟
الضيف: هذا موضوعٌ ثَرِيٌّ وعميقٌ في خصائص النمو عند الفتاة والشَّاب المُراهق، فما بين هذه الأعمار: المرحلة الإعدادية، والمتوسطة، والثانوية، حتى بدايات الجامعة تبدأ شخصية "الأنا" في الظهور، فيريد أن تكون له اختياراته وذوقه ومِزاجه الخاص.
المحاور: استقلالٌ.
الضيف: استقلالٌ، ولا يُحب أسلوب فرض الرأي: كُلْ كذا، ولا تفعل كذا.
مراعاة النماذج التمثيلية
من الوصايا التربوية المهمة التي أُوجِّه فيها نفسي، وأيضًا إخواني وأخواتي من المُربين والمُرشدين والأمهات والآباء والمعلمين: أن نُراعي النَّماذج التَّمثيلية، ما النماذج التَّمثيلية؟
أحيانًا تكون البنت أو يكون الولد بصريًّا، أي: يشده البصرُ أكثر من السماع، فلا بد أن نُريه، فهو لا يقتنع بالحديث، ويَمَلُّ من كثرة المُحاضرات؛ لذلك لا بأس أن نُرسل له بعض المقاطع ليُشاهدها في الأمر الذي أريد أن أُوصيه به، أو نعمل مجموعةً -مثلًا- في أحد مواقع التواصل الاجتماعي للأُسرة.
فهؤلاء البصريون يتأثرون بالبصر والمُشاهدة أكثر من السماع، وهناك قسمٌ آخر يتأثرون بالسَّماع.
يا قوم أُذْنِي لبعض الحيِّ عاشِقَةٌ | والأذن تعشق قبل العين أحيانًا[12]"ديوان بشار بن برد" (ص1057). |
فبعض البنات تُحب أن تستمع، وتُحب أن تُبَلِّغ الأخبار، وأن تُخْبِر.
وهناك نموذجٌ ثالثٌ لأبنائنا وبناتنا، وهو النموذج الحسي الذي يُحب المُشاركة الحسية الجسدية، ولا يكتفي بأن تُحاوره، وتقول له مثلًا: يا ابني، لا بد أن تترك -مثلًا- السهر. لا، ولكن بالإمكان أن تقول له: تعالَ، نريد أن نقرأ كتابًا معًا أنا وأنت، فهو يُحب الحضن واللَّمس والقُرب.
وقد سألتْ إحدى الأخوات الأمهات، تقول: ابنتي بعيدةٌ عني، وتُفضل صديقاتها عليَّ، وأنا أمها؟!
فقلتُ لها: أنا عندي سؤالٌ: كم مرة تحتضنيها في اليوم، أو في الأسبوع؟ قالت: أنا لم أحضنها في حياتي! فقلتُ: إن زميلاتها يحتضنَّها كل يومٍ بمشاعرهن وآرائهن وأعينهن وحماسهن، وأنت تصُدِّينها! فكيف تُريدين أن تُحاورك، أو تستمع منكِ؟! فلا بد من مراعاة النماذج التَّمثيليَّة.
المحاور: إذن تقصد بهذا ما يتعلق بأنماط الشخصية؟
الضيف: نعم، أنماط الشخصية.
والأمر الآخر: بعض أولادنا وبناتنا حسَّاسون؛ فيحتاجون اللَّمسة، والنبي أمرنا أن نلمس اليتيم، ونضع أيدينا على رأسه، ونربط عليه، والنبي احتضن زاهر بن حرام من الصحابة، ومازحه قائلًا: مَن يشتري هذا العبد؟ فقال زاهر: تجدني يا رسول الله كاسدًا. قال: لكنك عند الله لستَ بكاسدٍ، أو قال : بل أنت عند الله غالٍ[13]أخرجه ابن حبان (5790)، وصححه الألباني.، وهو يحتضنه تودُّدًا ورحمةً.
فهذا اللَّمس اللَّطيف يجعل الحوار خفيفًا ومُتقبلًا عند المُراهقين، ويردم هذه الفجوة، وأيضًا أن تُتاح الفرصة لهم كي يُعبِّروا عن مكنوناتهم.
على المُربي مُواكبة العصر واستخدام التقنية الحديثة
في إحدى المدارس الأمريكية أتوا (بالتليفون) القديم -أبو فريرة- الذي يفرُّ ويلفُّ في القرص، ووضعوه أمام هذا الجيل، وكلهم وُلدوا بعد عام ألفين ميلادي، وقالوا لهم: الآن اصنعوا اتِّصالًا. فجعل البعض يلمس الأرقام، والبعض يبحث عن الأزرار، والبعض يبحث عن (البلوتوث)، أو (الواي فاي)؛ فهم وُلدوا في حقبةٍ زمنيةٍ غير التي وُلدنا فيها.
وأُخاطب الآن المُربين والمُرشدين، والآباء والأمهات، وأقول لهم: إن الجيل الذي أمامهم غير جيلنا؛ لذلك لا بد أن نُراعي هذه المسافة التاريخية بيننا وبينهم، ولا نُحاكمهم بتاريخنا، ولا من خلال الخيارات التي مرَّت بنا، ولا التحديات التي مررنا بها، يجب أن نُراعي المرحلة التي هم فيها، ونُواكب العصر ونتعلم.
فالأب أحيانًا ينزعج عندما لا يتواصل معه أبناؤه في مواقع التواصل الاجتماعي، ويقول: أنا يا بُني أتصل عليك وأنت لا ترد عليَّ! مثلًا، فيرد الولد قائلًا: يا أبي، أنا لا أستخدم الاتصال العادي، اتصل عليَّ من خلال (سناب شات)، أو (واتس آب)، أو (انستجرام) وأنا أرد عليك، فأنت دائمًا تُعيرني وتغضب مني، وتقول: أنت تتواصل مع أصحابك، ولا تتواصل معي وأنا أبوك! يا أبي، أنت تستخدم طريقةً ووسيلةً عفا عليها الزمن.
لذلك يجب على الآباء والأمهات الفُطناء أن يستخدموا نفس الوسائل، ويُواكبوا هذه التقنية، ولا يكونوا عقبةً أمامها، ولا يكتفوا بالمشاهدة.
المحاور: إذن نؤكد على قضية الوعي بالوسائل والإجراءات التي فارقنا بها الجيل في هذا الجانب، مع بقاء القيم والمبادئ بثباتها، لكن حينما نُمارس ما ذكر الأستاذ طلال سنُساعد الجيل على اكتساب هذه القيم والمبادئ، لكن باللغة التي يعيشونها.
وتأتيني اتِّصالاتٌ واستشاراتٌ في هذا الجانب، فأقول: ينبغي عليكم أيها الآباء والأمهات أن تكونوا على وعيٍ ومشاركةٍ بوسائل التواصل الاجتماعي كما يفعل أبناؤكم، فابنكم داخلٌ في هذا الجانب، فادخل معه أيها المربي؛ ليشعر أنك جزءٌ من هذه القضية، وما شابه ذلك، وحتى تبثوا ما لديكم من توجيهاتٍ جميلةٍ.
الضيف: وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجبٌ.
المحاور: جميلٌ.
حالات الحوار
الضيف: لذلك هناك ثلاث كلماتٍ سريعة: التَّدلل، والتَّذلل، والتَّقبل.
المحاور: أنت صاحب الكلمات الرائعة، ما شاء الله عليك! تبارك الله، أعدها مرةً أخرى.
الضيف: التذلل، والتدلل، والتقبل، فالحوار قد يكون من صغيرٍ مع كبيرٍ، وقد يكون من الكبير تجاه الصغير، وقد يكون المُتحاوران نِدَّين، أو من جيلٍ واحدٍ.
فإذا كان الحوار من كبيرٍ تجاه صغيرٍ، فينبغي له أن يُدَلِّله ويتواضع: يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا [هود:42]، وهو كافرٌ، وهو مُعرِضٌ عن رسالة التوحيد: قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ [هود:43]، هذا هو التدلل، دَلِّله، وحاول، وأشفق عليه، وفي الحديث: ليس منا مَن لم يرحم صغيرنا، ويُوقر كبيرنا[14]أخرجه الترمذي (1919)، وصححه الألباني..
فمن جهة الصغير تجاه الكبير: حين يُحاور الطالب أستاذه، أو الابن أباه يتذلل، قال الله : وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ [الإسراء:24].
المحاور: عفوًا معنا اتصالٌ من العراق.
الأخت أم محمد: تفضلي.
المتصلة: أنا أم محمد من العراق.
المحاور: تفضلي أم محمد من العراق، حيَّاكِ الله.
المتصلة: أريد أن أسأل عن بنتي.
المحاور: تفضلي بسرعةٍ، فكلنا أذنٌ مُصغيةٌ لكِ، الله يحفظك.
المتصلة: عندي بنتي.
المحاور: كم عمرها؟
المتصلة: عندي بنتي يدها مقصوصةٌ من آثار الحرب؛ لذا هل يجوز أن آخذ قرضًا من البنك؟
المحاور: هذه فتوى يا أم محمد، وليست موضوعنا، معذرةً، الله يُوفقنا وإياكم لكل خيرٍ، وتجدون -إن شاء الله- مَن يُعينكم على الإجابة عن سؤالكم من المختصين.
نحن في الدقائق الأخيرة من هذه الحلقة، ونريد أن نُكمل ما ذكرته.
الضيف: التَّذلل، والتَّدلل، والتَّقبل، هذه حالات الحوار.
المحاور: التَّقبل غالبًا يكون بين الزوجين.
الضيف: نعم، بين الزوجين، فإذا كان المُتحاوران إخوةً، أو زملاء، أو أصدقاء، فقط نُشير سريعًا فنقول: من الكبير تجاه الصغير: التواضع، والتدلل، والتلطف: يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا [هود:42] حتى يتقبل؛ لأن الناس لا يتقبلون من المُتكبرين.
الثاني: إذا كان من الصغير تجاه الكبير: التَّذلل، وقد اعتدنا في السابق حين نُخاطب علماءنا وكُبراءنا أن نقول: أحسن الله إليك، وأطال الله في عمرك، وأبقاك الله. هذه الكلمات الجميلة التي يستخدمها الإنسان حينما يُحاور مَن هو أكبر منه؛ لذلك يقول الله : وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ [الإسراء:23]، والبعض من البنات يستخدم: أف! أف! فعبارات الامتعاض لا تُقبل في الحوارات.
ما معنى التَّقبل؟
لا بد أن نتقبل الرأي الآخر، ولا بد أن نُحرر محل النزاع -كما يقول المناطقة-، فأحيانًا يكون أحد الطرفين يُناقض مسألةً أو فكرةً ليست مطروحةً للنقاش، فمثلًا: حينما يكون النقاش: أن نذهب إلى عمرةٍ خلال الشهر القادم أو لا، فيأتي ويُناقش ويقول: لكن أنت لا تُحسن -مثلًا- العناية بالبيت، وأبناؤك تدنَّى مستواهم الدراسي! فهذا ليس محل النقاش؛ لذلك لا بد أن تُحدد الفكرة التي يريد الطرفان مُناقشتها.
المحاور: فلنتقبل الطرف الآخر على ما هو عليه.
الضيف: أتقبله كما هو، وأيضًا لا نبتعد كثيرًا.
المحاور: يفهم البعض أن التقبل هو القبول.
الضيف: هناك فرقٌ بين القبول والتقبل.
المحاور: إذن جزاك الله خيرًا على هذا التذلل، والتدلل، والقبول، جميلٌ جدًّا.
كيف نختم حواراتنا؟
نحن في الدقيقة الأخيرة ونريد أن نعرف كيف نختم حواراتنا؟ في دقيقةٍ واحدةٍ مُتبقيةٍ بالإشارات السريعة أستاذ طلال إذا لم تكن هناك كُلفةٌ عليك.
الضيف: أولًا: حتى يكون الحوار إيجابيًّا ونافعًا وماتعًا لا بد أن يُنهى بالابتسامة.
المحاور: يا سلام!
الضيف: تبسُّمك في وجه أخيك لك صدقةٌ[15]أخرجه الترمذي (1956)، وصححه الألباني.، وهي علامة الرضا والسلامة، حتى وإن اختلفنا في الآراء في الحوار، فلا يُفسد ذلك للودِّ قضيةً.
المحاور: جميلٌ.
الضيف: هو اختلاف تنوعٍ، وليس اختلاف تضادٍّ، نحن اختلفنا على مواعيد معينةٍ، أقول:
أولًا: الابتسامة.
ثانيًا: الاحترام بين الطرفين، وحفظ الحقوق.
ثالثًا: لا بأس أن يُؤجل النِّقاش في بعض النقاط إذا تمَّ الاتفاق على نقاطٍ أخرى، فالحوار يتجزأ، فلنتقبل تجزئة الحوار، وبالإمكان أن نتقبل بعض الأهداف التي اتفقنا عليها، ونُؤجل البقية.
المحاور: وحين نتحدث عن العبوس نتحدث عن قضية الفرض وعدم الاحترام، وربما تكون حواراتنا عندئذٍ قاتلةً، لا تُحقق الهدف المنشود؛ لذلك أيها الإخوة ينبغي الحرص كل الحرص على مثل هذه الآليات والأدبيات والأخلاقيات الجميلة التي أشار إليها الأستاذ طلال.
سعدنا بكم أستاذ طلال، والكلام معك مُمتعٌ، بارك الله فيك.
الضيف: بارك الله فيكم، وأنا شاكرٌ لكم هذه الاستضافة، وأُذَكِّر إخواني: إذا أردنا أن نُحافظ على بيوتنا وأُسرنا، ونحافظ على الالتئام؛ فلنستخدم الحوار بعيدًا عن التعدي والتحدي.
المحاور: شكرًا لك، وبإذن الله لا تحدٍّ، ولا تعدٍّ.
كان معنا الأستاذ طلال أبو ذراع، مستشار تطوير الذات، أسأل الله أن يُبارك فيه وفيكم، وأن تكون أُسرنا سعيدةً، اللهم آمين، ولنا لقاءٌ قادمٌ، بإذن الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
↑1 | "البداية والنهاية" ط. هجر (4/ 159). |
---|---|
↑2 | أخرجه البخاري (7158)، ومسلم (1717). |
↑3 | أخرجه أبو داود (4381)، وصححه الألباني. |
↑4 | أخرجه أحمد في "المسند" ط. الرسالة، برقم (22211)، وقال مُحققو "المسند": "إسناده صحيحٌ". |
↑5 | أخرجه الترمذي (1977)، وصححه الألباني. |
↑6 | أخرجه مسلم (2564). |
↑7 | أخرجه البخاري (10)، ومسلم (40). |
↑8 | أخرجه أحمد في "المسند" ط. الرسالة، برقم (22211)، وقال مُحققو "المسند": "إسناده صحيحٌ". |
↑9 | أخرجه البخاري (2731). |
↑10 | "البداية والنهاية" ط. هجر (4/ 159). |
↑11 | "ديوان عمرو بن معدي كرب" (ص8). |
↑12 | "ديوان بشار بن برد" (ص1057). |
↑13 | أخرجه ابن حبان (5790)، وصححه الألباني. |
↑14 | أخرجه الترمذي (1919)، وصححه الألباني. |
↑15 | أخرجه الترمذي (1956)، وصححه الألباني. |