المحتوى
طبيعة النفس البشرية حينما تتعامل مع الآخرين
مقدمة
لا شك كل الشعوب تهتم بقضية التأثير بالآخرين بطريقة تعامل الإنسان مع غيره، ليس هناك من شخص عاقل ولا شعب يعقل وإلا يهتم بهذه القضية أيما اهتمام، دينا ومنهجنا الإسلامي حمل قيمًا عظيمةً جدًا دعا إليها، لما نأتي لقيم الآداب، وقيم العشرة، وقيم التعامل نجد هناك مجموعة كبيرة جاءت في كتاب الله وسنة النبي ﷺ تدعو إلى هذه القيم وتلك الآداب.
المشكلة هنا: التطبيق، وأجزم لو جُمع العالم لكان درجات في التفوق على ورقة الاختبار في الأسئلة سيحصل عليها المسلمون بلا نزاع إن كانوا يستقون من كتاب الله وسنة النبي ﷺ، ولكن أخشى نكون متأخرين فيما يتعلق بتطبيق هذه القيم والآداب ولذلك يفتن كثير من المسلمين اليوم بأعدائهم بهذه النقطة وهذه لعله جزء من معنى قول الله : رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا [الممتحنة: 5] على لسان النبي إبراهيم عليه الصلاة والسلام لا نكون نحن المسلمين سببًا في عدم إيمان الكفار، كيف نكون سببا في عدم إيمان الكفار؟ هل هو بأننا فقط حينما نجيب على الأسئلة ونأخذ امتياز نكون بذلك فعلًا نمثل التأثير في الآخرين؟
أبدًا، الناس يتأثرون بالتصرفات والسلوك، ويتأثرون بالتطبيقات؛ لذلك فنون التعامل قضية مهمة جدًا.
الغربيون يا جماعة عجب والله عجب يعني نضطر أن نقول هذا الكلام الغربيون يقيمون معاهد خاصة فيما يتعلق بما يسمى بالمهارات "سوشل سكلز" الاجتماعية هذه القضية منتشرة إلى مستوى أن يخرجوا قيادات اجتماعيين من أجل التأثير في الآخرين، قيادات عسكرية، قيادات سياسية، قيادات اجتماعية، قيادات خطابية، وما شابه ذلك.
ونحن في أمس الحاجة الحقيقة إلى أن نتلمس هذا المعين العظيم الذي بين أيدينا من الكتاب والسنة حتى نستطيع أن نجيد هذه الفنون في التعامل مع الآخرين، ولا نحتاج أن نضخم الكعكة إلى أن نتكلم عن قضية القادة العسكريين، والقادة السياسيين، والقادة المأثرين، وليكن الكلام في حال الأسرة، والموقف التعليمي في المدرسة، وفي مراكز الأحياء، وفي المساجد، فأين قضية فنون التعامل والتأثير في الآخرين؟! وهي قضية نحن بأمس الحاجة أن نقف عندها.
إذن نتناول بإذن الله هذه النقطة المهمة حول "فنون التعامل، وفنون التأثير، وفنون العلاقة بالآخرين"، فالإنسان المنتج الذي نريده في الأسرة وفي المدرسة وفي التعليم، الإنسان ليس آلة، أنتم ترون الآن حتى في النظريات الإدارية يتكلمون عن قضية العلاقة بالعميل من أجل الإنتاج، ونظريات أخرى تتكلم عن العلاقة بالعميل من خلال العلاقة الإنسانية، ونظرية ثالثة تتكلم عن علاقة بالعميل أو بالموظف من خلال العلاقة الإنسانية والإنتاج، الإنسان هذا مزيج من روح وجسم وعقل ومشاعر.
فحينما يأتي الأب مثلًا مع أبنائه، والصديق مع صديقه، والمعلم مع طلابه، والشيخ مع تلاميذه، إلى آخره، ويحاولون أن يوجهوا رسائلهم التي يريدون من خلال مخاطبة العقل دون التأثير في الجانب النفسي وجانب المشاعر، فلا يستطيعون التأثير؛ لكونهم نظروا للإنسان من زاوية واحدة، والحقيقة كما قال الرسول ﷺ في الحديث: ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب[1]أخرجه البخاري (52)، ومسلم (1599).. [رواه البخاري ومسلم].
أهمية النظرة التكاملية للإنسان
النظرة التكاملية للإنسان مهمة جدًا في قضية فنون التعامل، مثل هذا الرئيس في شركته حينما ينظر إلى هذا الموظف على أنه يريد منه الإنتاج فقط هو في الحقيقة لا يستطيع أنه يحصل على الإنتاج الذي يمكن أن ينتجه حقيقة هذا الموظف؛ لأنه غفل عن جوانب المشاعر، وغفل عن جوانب العقل، واهتم بالجسد فقط، طاقة هذا الإنسان فقط للإنتاج عنده، وهذا فيه إشكالية كبيرة بين الرئيس والمرؤوسين، وبين الرئيس والموظفين، وبين الأب والأبناء، وبين المعلم والطلاب؛ وذلك حينما لا تكون القضية بنظرية شمولية.
وحين يتخاطب الآباء مع الأبناء، والمعلم مع الطلاب، والمربي مع المتربين أيًا كانت هذه الجهة هناك أثر طبيعي جدًا، وحين أتحدث مثلًا مع أناس أمامي أرى الأثر، وهذا الأثر الناتج مبني على أساس محتوى الكلام؛ لأن الكلام ذاته محتواه مهم في التأثير بلا شك، فطريقة الكلام مهمة في التأثير، والسلوك المصاحب للكلام مهم مثل: حركات اليد، وضرب المثال، فحينما يأتي الأب وقبل أن ينصح ابنه يقدم له هدية كما في موقف بلقيس: وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ [النمل: 35]، قال ابن كثير: "أي: سأبعث إليه بهدية تليق به، وأنظر ماذا يكون جوابه بعد ذلك، فلعله يقبل ذلك ويكف عنا، أو يضرب علينا خراجًا نحمله إليه في كل عام، ونلتزم له بذلك ويترك قتالنا ومحاربتنا"[2]تفسير القرآن العظيم، لأبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير (6/ 190)..
علمت بأثر الهدية في الأعداء، فكيف بالأخلاء؟! يعني فكيف بالأخلاء كالزوج وزوجته في علاقة خليل بخليله، الوالدين مع الأبناء، المعلم مع طلابه، إلى آخره، فحينما أسلك هذا المسلك المصاحب للكلام سأؤثر من خلال كلامي، ومن خلال هذا الموقف التربوي، وطريقة الكلام، وكذلك المحتوى.
وهناك كلمة يقولها الكثير: جزاك الله خيرًا، وهي كلمة تنم عن ثقافة إيجابية، لكن فرق بين الذي يقول: جزاك الله خيرًا وهي كلمة على طرف اللسان، وبين من يقولها بنبرة تُشعر السامع بأن المتكلم قالها من قلبه وليس من طرف لسانه، فالمستمع يميز نبرة صوت فيكون لها الأثر عليه وهنا يظهر أثر المحتوى، وقد يكون الأثر متعلق بالمحتوى بالطريقة مثلًا: لو يتكلم الابن أو البنت مع الأب وهو مشغول بالجوال، ويقول: اكمل اكمل يا ولدي، فهذا الموقف يختلف عن الآخر عندما يتكلم الابن والأب ينظر إلى عين ولده، فالثاني أكثر أثرًا بلا شك، وهكذا المعلم وهكذا أي صاحب موقف تربوي يحتاج أن يؤثر فلذلك الذي ينظر إليك يشعرك بالاحترام والتقدير.
حال الصحابة مع النبي ﷺ
ولذلك الصحابة كانوا يشعرون من النبي ﷺ بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام أنه ليس للنبي ﷺ إلا هم لما يقع من اهتمام النبي ﷺ بمن يقف معه واستماعه إليه، ونظره إلى عينه يرى هذا الصحابي ما في أحد أهم عند رسول الله ﷺ منه، هو كل شيء عند النبي ﷺ، فأين هذا الشعور في أسرنا؟ وأين هو في تعليمنا؟ وأين هو في مدارسنا؟ وأين هو في وظائفنا؟
فنحن بأمس الحاجة إلى مثل هذه القضايا، ففرق بين الذي ينظر إليك والذي لا ينظر إليك، فإذا أردنا أن فعلًا أن نتعامل مع الآخرين ونؤثر فيهم فهناك دوافع، وهذه قضية مهمة جدًا، وهناك دوافع، فما الذي يدفع المعلم والصديق والأب والأم والمربي إلى هذه المعاملة الحسنة مع الآخرين؟ وهل يستوي المسلم والكافر في الدوافع؟
أبدًا، وهذه القضية التي تفسر الكلام الذي ذكرناه في البداية فتنة بعض الناس بالكفار في طريقة تعاملهم، في حادثة مشهورة في أمريكا توقفت الكهرباء ثمان ساعات في إحدى الولايات الأمريكية فسجلت في هذه المدة خمسة آلاف سرقة في هذه الولاية مع أنها حينما كانت الكهرباء مضيئة لا يجرؤ أحد لوجود النظام، ووقت الكهرباء يمكن يكون أحسن من بعض المسلمين للأسف الشديد، لكن عندما انطفأت انتهت القضية؛ لأن الدافع مختلف، فالدافع هنا في أصل التعامل الحسن ما هو دافع دنيوي، دافع خوف من أجل مصلحة ذاتية، بينما عند المسلم دافع آخر وهو الخوف من الله، وإرضاء الله ، لذلك فرق كبير جدًا بين الذي يتجه بهذا الدافع، وبين الذي يتجه بالدافع الآخر.
فنريد أن تكون قضية التعامل وفنون التعامل سمة عندنا وليس حسب المزاج، فالأب والأمر والمعلم والمدير لا نريد كل واحد يتعامل بحسب مزاجه وإنما هي قضية مستمرة بسبب الدافع الدائم، وسبق الإشارة إلى الفرق بين الدوافع الدنيوية والدوافع العضوية، والدوافع الأخروية الذي يُوجد استمرارية للسلوك هي الدوافع الأخروية، وهذه القضية مهمة جدًا.
دوافع المسلم في التعامل مع الآخرين
إذن المسلم حينما ينطلق للتعامل مع الآخرين، ويريد أن يتعامل مع الآخرين لا بد له من دوافع:
الدافع الأول: أن يكون هو خير الناس، وأحبهم إلى الله ، وهذا ليس موجودًا عند الكافر، فالكافر حسب المصلحة، الكافر برجماتي شخص مصلحي يريد حسب الجانب المصلحي كما قال وينستون تشرشل: "ليس هناك أصدقاء دائمون، ولا أعداء دائمون، ولكن توجد مصالح دائمة"[3]موقع جريدة القبس، مقال: وزيرة التخطيط كيفك؟!.. لكن لدينا مشكلة، لـ: بدر خالد البحر.، لكن المسلم عنده كما قال الرسول ﷺ: أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا[4]أخرجه أبو داود (4682)، والترمذي (1162)، وأحمد في المسند (7402)، وقال محققو المسند: "حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، رجاله … Continue reading. [رواه أبو داود والترمذي]، وفنون التعامل من الأخلاق بلا شك.
وكما يقول النبي ﷺ: إن المؤمن يدرك بحسن خلقه درجات قائم الليل، صائم النهار[5]أخرجه أبو داود (4798)، وأحمد في المسند (24355)، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح (5082). [رواه أبو داود، وأحمد في المسند].
وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
ويقول الرسول ﷺ: المؤمن يألف ويؤلف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف[6]ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (13096)، وقال: "رواه أحمد والبزار، ورجال أحمد رجال الصحيح"، وحسنه الألباني في صحيح … Continue reading [رواه الهيثمي في المجمع].
فالواجب أن نطبق هذا على أُسرنا، وعلى تعليمنا في المدارس والجامعات، وعلى مجتمعنا، فالمؤمن يألف ويُؤلف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف وخير الناس أنفعهم للناس.
إذن هذا الدافع عند المسلم أيًا كان موقع أبًا أو معلمًا أو مديرًا أو رئيسًا، فحين يكون التعامل مع الآخرين بهذا الدافع يكسب الأجر العظيم ويكون له التأثر الواضح، ولذلك قال النبي ﷺ: أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس[7]أخرجه الطبراني في الأوسط (6026)، والكبير (861)، والقضاعي في مسنده (129)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (3289). [رواه الطبراني في الأوسط، والكبير، والقصاعي في مسنده]، فهذه فرصة ثمينة جدًا يجب الحرص عليها.
وهذا بخلاف أصحاب المصالح الشخصية، فصاحب المصلحة الشخصية يريد أن يحقق محبة ذاتية، وصاحب المصلحة المتعلقة بإرضاء المسؤول يريد أن يحقق رضا المسؤول، فكيف تفرط في رضا الله سبحانه خالق المسؤول، وخالق الجميع هو الله .
الدافع الثاني: أن المسلم يدرك أن الإنسان مأمور بالتخلق بالأخلاق الحسنة بلا شك، وليست خيارية، فيتخلق بالأخلاق الحسنة إذا كان في بلد معين فإذا خرج انسلخ من تلك الأخلاق، فقد ترى المرأة محافظة على الحجاب والعفة فإذا خرجت من بلدها طارت عفة المرأة في البلد في الطائرة خارج البلد، فهذه قيم ليست ثابتة وإنما هي قيم نسبية.
ومما يتميز به المنهج الإسلامي هو ثبات القيم، ومما يتميز به المنهج غير الإسلامي المنهج الغربي نسبية القيم أن القيم والأخلاق نسبية، وهذا مثال آخر: ما خرج به الكونجرس الأمريكي عبر شهور قريبة أنه أقر قانونا بالشذوذ الجنسي، ونائب الرئيس الأمريكي السابق أحيا ليلة الزفاف لابنته وكانت زوجتها صديقتها، وكانت من قبل القضية هذه ممنوعة عندهم من قبل لكن صوت عليها البرلمان فأصبح مسموحًا به، فالقيم عندهم نسبية، فعلى المسلمين يدركون مثل هذه الحقائق؛ ليعطوا النموذج العظيم في أسرهم ومجتمعهم ومدارسهم؛ لأنهم يملكون هذا المعين الضخم جدًا من القيم والأخلاق عندئذ يحسنون التعامل مع الآخرين.
ومن الخطأ أن يعمم الإنسان الخطأ على جميع المسلمين، فقد يأتي شخص ويقول: أريد خادمًا من جنسية أجنبية مثلًا وليس مسلمًا ويتعلل ببعض الأخطاء الواقعة من بعض المسلمين، وهذا من أخطأ ما يكون!، ومن أخطر ما يكون!، ولا شك أن صورتنا تؤثر في الآخرين؛ ولذلك فنون التعامل قضية يجب أن نقف عندها قال الله : ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ [النحل: 125].
فالموعظة الآن محتوى يحتوي على كلام طيب هذا أسلوب في التأثير فن من فنون التعامل.
والحكمة قال الله : بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ... [النحل: 125]، الحكمة هي الطريقة نفسها طريقة الإنسان في عرض فكرته في التأثير، فالأب يريد أنه يرسل رسالة الأب المستعجل الذي لا يفكر بالحكمة، كأنه يقول: أنا حضرت وجهزت، أنا ألقيت الكلمة، أنا وجهت الابن، وكذلك المعلم! لا يا أستاذي انظر للحكمة حتى تستطيع أن تختار الأسلوب المناسب والوقت المناسب.
زوجتك بينك وبينها خلاف أيضًا كن حكيمًا حتى تكون هناك الوقت المناسب لقضية التأثير في الزوجة أو العكس، وهكذا أي شخص يريد أن يؤثر في الآخرين.
وهكذا كان عليه الرسول ﷺ فقد وصفه الله سبحانه بقوله: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ... [آل عمران: 159]، فالله يصف نبيه ﷺ صاحب الحكمة والموعظة الحسنة، وصاحب مهارات التعامل الحقيقية المؤثرة، الرسول ﷺ أدرك هذا الإنسان من أين يتأثر: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ... [آل عمران: 159]، فكان هذا الأمر هو المؤثر الذي بسببه رسول الله ﷺ أثر في الآخرين.
فيا محمد ﷺ: وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ، يقول الله له: لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ....
إذن انفضاض الأبناء من الآباء، تمرد الأبناء على الآباء، انفضاض الطلاب من أساتذتهم، وانفضاض المرؤوس من الرئيس، وانفضاض الفرد من الآخر، وانفضاض الصديق من صديقه نرجع إلى هذه القاعدة العامة المتعلقة بالأخلاق الحسنة التي هي دافع أساسي من دوافع المسلم حتى يمارس فنون التعامل بطريقة صحيحة: فَاعْفُ عَنْهُمْ... [آل عمران: 159]، غض الطرف عنهم، وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ... [آل عمران: 159]، فالرسول ﷺ جمع بين هذه كلها، وأنه مجانب للصور السلبية كلها: وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ [آل عمران: 159].
أسباب التمرُّد الأسري
ومن خلال الاتصالات والاستشارات الهاتفية وغيرها تبين أن سبب التمرد في الأُسر وغيرها بسبب فظاظة القلب وخشونة التعامل، وهناك أحد طلاب الثانوية في جلسة إرشادية كان ينفض يده متذمرًا لا يريد أن يتعامل مع والده بسبب شدة والدة وفضاضته في التعامل، وقسوته عليه، يريد فقط أن يعطي ما عنده أوامر ليس إلا، وهذه قضية خطيرة جدًا فالله يقول في حق نبيه عليه الصلاة والسلام وهو النبي المؤيد: فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ... [آل عمران: 159]، فطبيعي جدًا الشخص الذي يتجاوز عن أخطائي والأب يتجاوز عن أخطاء ابنه، كل شخص يتجاوز عن أخطاء الآخر، ويغض الطرف عنه يستغفر له، هذا كله وسائل تشجيعية للتأثير فيه، والانجذاب إليه، لا يمكن أن يكون الانجذاب إلا بهذه الصورة وأنت تشاورهم تحترم رأيهم، وتعطيهم فرصة أن يعبروا عن آرائهم حتى لو أخطأوا تقدرهم تعطيهم شيئًا من القيمة لا شك سينجذبون إليك، أما غير ذلك حتى لو هزوا رؤوسهم في القاعة الدراسية أو هزوا رؤوسهم في المسجد، أو هزوا رؤوسهم في البيت لا يلزم أن تكون هذه القضية موجودة بقناعة؛ لأنها قد تكون القضية ليست كذلك.
يقول ميمون بن مهران: "التودد إلى الناس نصف العقل"[8]أخرجه البيهقي في المدخل إلى السنن الكبرى (301)، وقال: "وقد روي هذا من وجه آخر مرفوعا , ورفعه ضعيف , وهو عن ميمون بن … Continue reading، وهذه القضية مهمة جدًا، إذن هذه دوافع المسلم للتعامل مع الآخرين، والتأثير فيهم، وأهمية أن يكون لديهم من المهارات والفنون في التعامل الشيء الكثير، لذلك يمكن أن تنظر إلى مسؤول معين يُحترم وهو على كرسي المسؤولية، فإذا تقاعد تعرف قيمته، وكذلك الأب تعرف قيمته بعد الوفاة، والمعلم تعرف قيمته بعد أن يترك المدرسة، هل يذكر بخير؟
هل يتواصل معه؟
لأنه إذا استمرت هذه العلاقة السابقة هذا دليل نجاح هذا الرئيس، وهذا الأب، وهذا المعلم، وما شابه ذلك، لكن إذا انقطعت ربما بالعكس جاءت بصورة عكسية عما سبق بعد أن كان يجامل بالثناء والمدح، أصبح يذكر بسوء، فهذه القضية لا شك أن لها علاقة بما نحن بصدده.
إذن المطلوب منا أن نتخلق بالأخلاق الحسنة، ومن ذلك ما يتعلق بفنون التعامل مع الآخرين فيه أشياء واجبة أصلًا وشرعًا، وفيه أشياء محرمة هذه الأولى بلا شك أن أمرها الوجوب، والثانية أمرها التحريم والترك، والأول للفعل لكن في أمور كثيرة مستحبة يزهد فيها الناس كثيرًا، وغالب ما سنذكره سيكون من هذا القبيل.
فينبغي أن نتعامل مع هذه المستحبات ليس بطريقة التزهد، الزهد غير الشرعي، كأن يُقال: هذا الأمر واجب أو مستحب؟! فإذا كان واجبًا نستعين بالله، وإذا كان مستحبًا قال: الحمد لله، فقضايا التعامل مع الآخرين فيها هامش كبير جدًا من جوانب الاستحباب والسنية، وليست من القضايا الواجبة، ولكن: وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ [المطففين: 26]، يعني هذه فيها كسب أجر، وفيها إثقال من الميزان وأثقل ما في الميزان هو حسن الخلق[9]أخرجه البيهقي في المدخل إلى السنن الكبرى (301)، وقال: "وقد روي هذا من وجه آخر مرفوعًا, ورفعه ضعيف, وهو عن ميمون بن … Continue reading؛ فينبغي ألا تصبح القضية أنه يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه، القضية مرتبطة بهذا الاعتبار، والشيخ ابن عثيمين -رحمة الله- عليه كان كثيرًا ما يذكر أن منهج الصحابة ومنهج السلف الصالح كانوا لا يفرقون في الفعل بين الواجب والمسنون، والمستحب، ولا يفرقون في الترك بين المحرم والمكروه، وهذه قضية مهمة جدًا حقيقة تربية للنفس قوية جدًا، فلا يحتاج أن يفرق قبل العمل إذا أراد أن يفرق يفرق بعد العمل، ما هي مشكلة أو يفرق في الجلسة العلمية لكن يفرق قبل العمل لأجل أن يعمل أو لا يعمل فلا يفرق في ذلك.
والبعض لو نصحه مسؤول بشيء معين على أن هذا فيه خير، وأنه الأمر مناسب لك تجد أن هذا الشخص فيه تحمس، فإذا كان هذا الشخص هو النبي ﷺ وقال: إن هذه الأفعال والأخلاق، وهذه الطريقة في التعامل، وهذه الفنون في التعامل والمهارات هي من مصلحتك، فربما لا يحرص عليها الكثير كما يحرص حينما يأتي من شخص مسؤول عنا!
مراعاة القواعد الثابتة والقضايا المشتركة بين الناس
وهناك قضايا مشتركة بين الناس جميعًا مسلمهم وكافرهم، وقواعد ثابتة لا تختلف بين شخص وآخر وذلك؛ لأن الإنسان الأصل أنه سوي، ولذلك عندما نتعامل مع هذا السوي صديق، أو ابن، أو أب، أو معلم، أو طالب، إلى آخره على أنه سوي أحتاج لهذه الفنون من فنون التعامل، أما الشاذين الذين عندهم الاضطراب في الشخصية هؤلاء لهم وضع خاص لا نناقش هؤلاء في فنون التعامل؛ لأن هذا يحتاج معالجة خاصة فردية يتم علاجها من قبل مختصين، أما الوضع العام الموجود في أسرنا ومدارسنا ومجتمعنا هو الذي نناقشه هنا، وفرق الشاعر بين الكريم واللئيم في التعامل فقال:
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته | وإن أنت أكرمت اللئيم تمرد [10]انظر: شرح ديوان المتنبي للعكبري (1/ 166). |
الأول هو السوي، والثاني هو الشاذ، والكلام عن الأول وليس الثاني؛ لأن الثاني تنقلب عنده الموازين والقيم، أما الأول فهو الذي نحن نتكلم عنه فعلًا، ولذلك البعض يقول مثلًا: الأب عنده انفصام شخصية، عنده مرض عقلي اسمه انفصام الشخصية، يعني يكون خارج التكليف أصلًا في بعض أحواله فلا تجعل القضية هذه هي التي نسندها في التقييم والتحكيم، لكن الكلام عن الوضع الطبيعي هو شخص السوي العاقل لكنه مقصر في طريقة التعامل، امرأة سوية عاقلة لكنها مقصرة، شاب سوي عاقل لكنه مقصر فالتعامل هنا الذي نحن نتكلم عنه في قضية الفنون في التعامل مع مثل هؤلاء الناس.
وهناك قضايا يشترك فيها الناس بفطرتهم وسجيتهم وطبيعتهم:
أول هذه القضايا:
أن الناس ينجذبون لمن ينصحهم في السر، ولا يحبون بل يكرهون من يبرز عيوبهم أمام الآخرين، لكنه يؤخذ على جنب وينصح، فإنه لا شك أن هذا أدعى للقبول، فما أسهل أن تُلقى النصيحة! المعلم في الفصل ما أسهل أن يُلقي النصيحة علنًا، وكثير من النساء تأتي مشكلتها في الاستعجال، والطريق المختصر يجيب لك الشيء العكسي غالبًا، يعني هو يريد يختصر ويخلص ولا يفكر في النتيجة! فكأنها عبارة عن واجب يحله، فسيُحل بطريقة سلبية وسيتولد منها مشاكل، وسيكلفك مشكلة أكبر من قضية الانتظار والتمهل.
فإذن فنصيحة التمهل قضية مهمة جدًا يجب أن نضعها في البال، وكذا النصيحة على انفراد وانصحه بأدب تملكه وتجذبه وتكسبه، وينجذب إليك وتكسبه، وهذه مهمة جدًا حتى بين الآباء والأبناء، وبين المعلم والطلاب، فيقول الأب: يا ولدي أتمني أن ألقاك على انفراد، وأنا كلي شوق إليك، قال الشاعر:
تعمدني بنصحك في انفرادي | وجنبني النصيحة في الجماعة |
فإن النصح بين الناس نوع | من التوبيخ لا أرضى استماعه |
فإن خالفتني وعصيت قولي | فلا تجزع إذا لم تعط طاعة[11]ديوان الإمام الشافعي (ص: 56). |
ولا شك أن المكلف مطلوب منه أن يقبل النصيحة حتى ولو كانت بقالب سلبي، لكن طبيعة النفس البشرية من باب التفسير لا التبرير قد لا تقبل، ولا تطيع حتى من أقرب الناس إليها ما دام النصيحة بالعلن، وهذه القضية لا بد أن ننتبه لها، فقد يأتي من يقول: أنا أب وولدي ما سمع نصيحتي؟!
فيقال: نصيحتك طيبة لكنها في قالب سلبي، وبشكل علني، فخل النصيحة على انفراد، فهذه المهارة الأولى التي نريدها خل نصيحتك على انفراد، والنفس البشرية في قضية التجرد قليل من يستمع للنصيحة ويتأثر بها ويقبلها حتى لو نُصح أمام الملأ، ولا يصل إلى هذه الصفة إلا أناس خلصوا نفوسهم من حظوظها، أناس تربوا تربية قرآنية وإيمانية، وما وصلوا إلى هذا المستوى بسهولة أبدًا، بل أكثر الناس ليسوا على هذا الحال، فلا بد أن نراعي قضية التجرد، وقليل من يقبل هذه النصيحة، ويقول: جزاك الله خيرًا حتى لو كان القالب سلبي.
فأحيانًا الابن لا يقبل النصيحة العلنية من أبيه أمام إخوانه وأمام الأقارب، وأحد الأشخاص في بعض اللقاءات أو الجلسات يقول: كلما آتي إلى لقاء في وليمة أو زيارة الأقارب إلا ويبدأ أبي بالتعليق على كل صغيرة وكبيرة أمام الموجودين، يعني سبب له نفور شديد جدًا وبغض لوالده، وكره للمجيء لهذه اللقاءات، وهذه النتيجة طبيعية، الابن أخطأ لكن علاج الخطأ بهذه الطريقة خطأ، فالنصيحة العلنية هي فضح له أمام الملأ، فإذا أردت الاستجابة فعليك بالنصيحة الانفرادية.
وقضية أخرى موجودة عند الناصحين مهمة جدًا وهي تؤثر في هذه القضية ويستعجل وعندئذ ينصح نصيحة علنية، ويريد النتائج فورية، وطبيعة النفس البشرية أنها لا تنصاع مباشرة إلا أصحاب النفوس الكبيرة فلما أنزل الله آيات الحجاب نساء الصحابة من الأنصار استجبن مباشرة [12]أخرجه أبو داود (4101)، وصححه الألباني في جلباب المرأة المسلمة في الكتاب والسنة (ص: 82).، [رواه أبو داود].
والصحابة لما نزلت آية الخمر بعد التدرج استجابوا[13] أخرجه البخاري (2464)، ومسلم (1980).، [رواه البخاري، ومسلم]، وسالت سكك المدينة، فهؤلاء تربوا عبر فترة وبتدرج شيئًا فشيئًا، فهل ربينا أبناءنا قبل أن نوجههم هذه النصيحة؟!
ومرة كنت مع مجموعة من الشباب وكان هناك ضيف من هيئة التحقيق والادعاء، وكان يتكلم عن حالات البلاك بيري، وانتشار المشاكل في سن الشباب من خلال هذا الجهاز على أنه أكبر رقم موجود تقريبًا انتشار الجوانب اللا أخلاقية فكان نناقش الشباب مع هذا الضيف وهم طلاب جامعة حول قضية الجهاز وأنت تملكه ما هو موقف والدك منه؟ فلفت نظري طالب أعرفه قال: أنا أبي رباني نعم التربية، ووثقت به ووثق بي وأشكره على تربيتي الآن، والدي بين فينة وأخرى يطلب مني جهاز البلاك بيري وأعطيه إياه وليس في نفسي أي مضض أو أي إشكالية، ولا أقول: إن هذا من خصوصياتي وليس لك علاقة بهذا الجهاز.
إذا وصلت القضية لهذا المستوى ممتاز، لكن معظم الناس ليسوا على هذه الحال، كثير من الناس عندهم ثغرات عديدة في التربية، بنسبة لا تقل عن 80% من المجتمع مما يأتي من استشارات واتصالات وغير ذلك هي في إشكالية في هذه القضية؛ لذلك لا بد نراعي واقع المجتمع، وليس من باب التبرير ولكن لنصل فعلًا للتأثير، فعندئذ لا تستعجل عليك التأني خذه على جنب، وشيئًا فشيئًا حتى يستطيع أنه يغير وينسحب مما هو عليه من سلوك سيئ.
فهذه الفنية الأولى، وهي قضية النصيحة في السر، والناس لا يحبون النصيحة في العلن.
القضية الثانية:
الناس يحبون الذي يوجههم بأسلوب غير مباشر، وينقدهم بأسلوب غير مباشر، ولا يحبون الأسلوب المباشر، خاصة إذا كان في تعديل سلوك مضى عليه وقت ويحتاج إلى قوة في التأثير فيحتاج إلى الأسلوب غير المباشر خاصة النقد في التوجيه، فلا تقل مثلًا: افعل، قم، باستطاعتك أن تغير هذه العبارة إلى أن تجعلها عبارة خبر، فالنبي ﷺ جاء قوم من مضر تأثر لحالهم؛ لأنهم كانوا فقراء والفقر ظاهر عليهم، فقام وخطب الناس وقال: تصدق رجل من ديناره من درهمه من ثوبه من صاع تمره، فجاء بصيغة الخبر ولم يقل تصدقوا، افعلوا، هذا الأسلوب الجميل الرائع النبوي فالناس بدأوا يعيشون الوصف الذي وصفه النبي ﷺ فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت تعجز يده عن حملها بل عجزت، فتهلل وجه رسول الله ﷺ وقام الناس بعده وتصدقوا حتى أصبح عنده كومة من الصدقات، ففرح النبي ﷺ وقال: من سن في الإسلام سنة حسنة...[14]أخرجه مسلم (1017). [رواه مسلم]، إلى آخر الحديث.
إذن غيّر الأسلوب من أمر إلى جملة خبرية أو استخدم الفعل المضارع ما دام أنك تريد نتيجة واحدة والمراد واحد، لكن بأسلوب غير مباشر.
مثال آخر: الأب والأم في البيت قد يقول أحدهم: خذ هذا، افعل كذا، افعلي كذا، بأسلوب الأمر، وقد يستخدما أسلوب آخر فيقول أحدهم: لو أخذنا الطاولة مثلًا إلى مكان كذا، وقد يستخدم اسلوب المشاركة فيقول مثلًا: ما رأيكم نأخذ كذا سويًا إلى مكان كذا، أو ما رأيك يا محمد لو أخذنا الطاولة للغرفة المجاورة، مثلًا، فهذه أساليب متعددة غير الأمر ولها تأثير أبلغ، فهذه قضية نحتاج أن نضعها في بالنا.
ويدخل في الأسلوب غير المباشر في النقد وفي التوجيه إشعار الشخص المقابل لك بمحبة الأمر حين تعطيه إياه، كما قال النبي ﷺ: لأعطين الراية غدًا رجلًا ماذا يحبه الله ورسوله[15]أخرجه البخاري (3009). [رواه البخاري]، فالنبي ﷺ يبحث عن شخص يحمل الراية، فهنا فرق بين ما قال النبي ﷺ وبين لو قال مثلًا: قم أنت احمل الراية، فقوله الأول جعل الناس يتشوفون أيهم يأخذها.
وكما قال النبي ﷺ لأبي ذر: إني لأحب لك ما أحب لنفسي لا تأمرن على اثنين[16]أخرجه مسلم (1826). [أخرجه البخاري]، فهذا أسلوب التوجيهي جاء بطريقة غير مباشرة من خلال إدخال شيء يجعله يحب هذا الأمر، الأول قال: يحبه الله ورسوله، فكل أحد يحب هذا، وفي الثاني قال: إني أحب لك ما أحب لنفسي، ففرق بين أن يقول الأب: للابن، أو المعلم للطالب: افعل، وبين أن يُقال له: والله أنا أحب لك الخير مثلما أحبه لنفسي، والله لو فعلت هذا الأمر الله سيرضى عنك فهذه المقدمات كلها تعطي تأثير وقابلية، فعود نفسك على أن تأتي بمثل هذه الألفاظ الطيب بدلًا عن الأمر المباشر.
فعندما يقول المعلم للطالب: كُلي ثقة بك أنك قادر على التنفيذ إن شاء الله تعالى، يقول الأب لابنه: كُلي ثقة بك، فهذا الأسلوب غير أسلوب الأمر: قم، افعل كذا، وافعل كذا وما أدري تفعله مضبوط أو لا، فأين الثقة؟! فالأسلوب الأول أعطيته جرعة وثقة وتشجيع، والأسلوب الآخر جاف أمر أو أمر مع فقدان الثقة، يعني فيه فقد في أسرنا وفي مدارسنا: كلي ثقة بك أنك قادر على التنفيذ، كلي ثقة بك أنك قادرة على ذلك، إعطاء حتى في تعديل السلوك: كلي ثقة بكِ أنكِ قادرة على أن تكوني صاحبة عفة وحشمة، تغير سلوكيات كثيرة جدًا عندما تعطي شيء من المقدمات في التوجيه بأسلوب غير مباشر عن طريق التحبيب.
وثبت بالتجربة أن المرؤوسين حينما يقتنعون بفكرة الرئيس ينتجون، وهذا في الغالب كما جاء في دراسات يكون من خلال الانجذاب واعتبار هذه القضية قضيتهم التي يمارسونها، يعني ليس لأن أبي قال لي فأنا أنفذ هذه القضية، وإنما هي قضيتي، أنا أشعر بأني مسؤول، الطالب يشعر أن تعديل الكراسي في الفصل قضيته فعندما يصل لهذا المستوى فهذا يدل على أن الفكرة التي عند المربي والمعلم والأب أصبح يتبناها من خلال هذا الأسلوب غير المباشر، والتحبيب، وما شابه ذلك.
فالأسرة مثلًا: يأتيهم ضيف ففيه فرق بين أن يقال: افعلوا عشاء، وبين أنه يعني يعطي مقدمات كقوله: الضيوف هؤلاء لهم قيمة وما شاء الله تبارك وتعالى شغلكم إن شاء الله في العشاء سيكون رائع، ومعبر عن قيمة اهتمامكم، فهذه الأشياء صحيح أن فيها جانب من التعب نوعًا ما من التفكير، لكن في الأخير نتاج؛ لأن الإنسان ليس آلة بحال من الأحوال وبالذات الزوجة، والابن.
فإبراز دور المأمور مهم جدًا ويعطي نتائج طيبة، فعندما تقول: أنت لك قيمتك، لك قدرك، أنت الناس ما ارتاحوا من لقاء اليوم إلا من خلال توفيق الله ثم جهودك، هذا يشعر بقيمته فلما تعطي مثل هذه القضية لا شك أنه سيساعد على قضية الاستجابة لهذه التوجيهات بلا شك.
↑1 | أخرجه البخاري (52)، ومسلم (1599). |
---|---|
↑2 | تفسير القرآن العظيم، لأبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير (6/ 190). |
↑3 | موقع جريدة القبس، مقال: وزيرة التخطيط كيفك؟!.. لكن لدينا مشكلة، لـ: بدر خالد البحر. |
↑4 | أخرجه أبو داود (4682)، والترمذي (1162)، وأحمد في المسند (7402)، وقال محققو المسند: "حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين"، وصححه الألباني في صحيح الجامع (1230). |
↑5 | أخرجه أبو داود (4798)، وأحمد في المسند (24355)، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح (5082). |
↑6 | ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (13096)، وقال: "رواه أحمد والبزار، ورجال أحمد رجال الصحيح"، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (6662). |
↑7 | أخرجه الطبراني في الأوسط (6026)، والكبير (861)، والقضاعي في مسنده (129)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (3289). |
↑8 | أخرجه البيهقي في المدخل إلى السنن الكبرى (301)، وقال: "وقد روي هذا من وجه آخر مرفوعا , ورفعه ضعيف , وهو عن ميمون بن مهران معروف"، والطبراني في الأوسط مرفوعًا (6744)، والقضاعي في مسنده (33)، وضعف المرفوع الألباني في السلسلة الضعيفة برقم (157). |
↑9 | أخرجه البيهقي في المدخل إلى السنن الكبرى (301)، وقال: "وقد روي هذا من وجه آخر مرفوعًا, ورفعه ضعيف, وهو عن ميمون بن مهران معروف"، والطبراني في الأوسط مرفوعًا (6744)، والقضاعي في مسنده (33)، وضعف المرفوع الألباني في السلسلة الضعيفة برقم (157). |
↑10 | انظر: شرح ديوان المتنبي للعكبري (1/ 166). |
↑11 | ديوان الإمام الشافعي (ص: 56). |
↑12 | أخرجه أبو داود (4101)، وصححه الألباني في جلباب المرأة المسلمة في الكتاب والسنة (ص: 82). |
↑13 | أخرجه البخاري (2464)، ومسلم (1980). |
↑14 | أخرجه مسلم (1017). |
↑15 | أخرجه البخاري (3009). |
↑16 | أخرجه مسلم (1826). |