المحتوى
مقدمة
الحمد لله رب العالمين، وأُصلي وأُسلم على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فهذا -بحمد الله وتوفيقه- اللقاء الحادي والثلاثون من هذه اللقاءات التي هي بعنوان: "التطبيقات التربوية والنفسية"، وهو الدرس السابع من المجموعة الثالثة من هذه السلسلة المُباركة، نسأل الله أن يبارك فيها وينفع بها.
وسيكون -إن شاء الله تعالى- لقاؤنا اليوم حول القيم والأخلاق، والتربية على هذه القيم التي هي الفرق بيننا وبين المُجتمعات غير المسلمة.
مراقبة الله في السر والعلن
ولكون هذا اللقاء بعنوان: "تطبيقات تربوية ونفسية" يمكن أن نأخذ تصورًا حول خُلُق العفَّة مثلًا، فأحيانًا تجد شخصًا يلتزم بهذه القيمة أمام الناس، ولكنه حينما يخلو بمحارم الله ينتهكها، وتُصبح هذه القيمة غير موجودةٍ، وهذا الخُلُق غير موجودٍ.
وكذلك قيمة وخُلُق السّتر عند المرأة، فتجدها مُتحجبةً، ولكن حينما تُسافر ربما تغيَّر الحال، وأصبح الستر الذي كان في مكانٍ ليس موجودًا في مكانٍ آخر.
فلماذا اختلفت هذه القيمة عند الرجل: وهي العفة، وعند المرأة: وهي الستر؟
ويُذكر أن حادثةً حصلت في إحدى الولايات الأمريكية: فقد انطفأت الأنوار قُرابة الثمان ساعات، فسُجلت فيما أذكر خمسة آلاف حالة سرقة، بينما قبل ذلك لم يكن هناك تسجيلٌ لمثل هذا الرقم، فلما ذهب الرقيبُ المادي -وهي (الكاميرات) والشرطة- وانطفأت الأنوار ظهرت القِيَم والأخلاق على حقيقتها!
ومن آخر ما سمعتُ قبل أيامٍ: أن بريطانيا وافقت على ما يتعلق بقضية اعتماد الشُّذوذ الجنسي والمثلية -والعياذ بالله- في العلاقة بين الرجل والرجل، والمرأة والمرأة، وأصبح هذا مُعترفًا به ومُنظَّمًا!
وقبل ذلك بسنةٍ تقريبًا في أمريكا تم اعتماد هذه القضية، وأصبحت مُعترفًا بها، ويمكن أن تُقام –والعياذ بالله- زيجات بين الذكور بعضهم بعضًا، وزيجات بين الإناث بعضهن بعضًا، بينما كان هذا الأمر مثلًا في بريطانيا غير مقبولٍ، وخلقًا غير مرضيٍّ عنه، وقيمةً سلبيةً، وأصبح الآن قيمةً إيجابيةً، وخُلُقًا مُعتبرًا!
وحينما يكون المسلم صاحب عِفَّةٍ أمام الناس وفي الخلوات، وتكون المرأة مُتسترةً في بلدها وخارجه، وحينما يكون الإنسان صادقًا في وقت الراحة والاطمئنان، ووقت الشدة؛ فهنا نكون قد حققنا مراد الله تعالى.
ثبات القِيَم في المنهج الإسلامي
فهذه القيم والأخلاق ينبغي أن نقف معها وقفةً تربويةً ونفسيةً، فأكبر سمةٍ موجودةٍ فيما يتعلق بالقيم والأخلاق في المنهج الإسلامي هي: أن القيم والأخلاق ثابتةٌ لا تتغير، بينما في المنهج الغربي القيم والأخلاق نسبيَّةٌ، ومعرفة هذه القضية مهمةٌ جدًّا.
فالمسلم يصدق مع أستاذه ووالده، ويصدق مع العامل الذي يعرفه، ويحترم الكبير، ويحفظ حقَّ المسلم والكافر؛ لأن القيمة والخُلُق عند المسلم ثابتةٌ لا تتغير بتغير المناخ، ولا المكان، ولا الأشخاص، ولا الأزمنة.
فإذا ربَّينا أنفسنا وأبناءنا عليها تُصبح هذه القيم والأخلاق راسخةً في النفوس؛ ولذلك هذه أهم صفةٍ من الناحية التربوية والنفسية.
فالقيم والأخلاق نعمةٌ عظيمةٌ إذا كانت فيها هذه الصفة التي لا تكون إلا في المنهج الإسلامي، ألا وهي الرسوخ والثَّبات، والاستمرار، والصدق في كل مكانٍ، والاحترام في كل حالٍ، بحيث تبقى القيمةُ والخلقُ لدى هذا الإنسان مستمرةٌ وثابتةٌ.
لماذا تغيرت الأمور عندما انطفأت الأنوار في أمريكا؟
لأن القيمة عندهم نسبيَّةٌ، فإذا وُجِدَ الرقيبُ وُجدت القيمةُ وإلا فلا، يعني: خذوا مثالًا مدنيًّا -أو دنيويًّا كما يُقال-، وهو (ساهر) الذي عندنا، حتى أصبح عند بعض الناس (بُعْبُعًا) مُخيفًا، وهناك أناسٌ لا يحتاجون لـ(ساهر)؛ لأن عندهم قيمة النظام، ويدخل فيها جانب الصدق، فالنظام أن يمشي على (120) ولا يتجاوز ذلك في سيره، فما يحتاج إلى (ساهر) أصلًا، وبعض الناس عرفوا أماكن (ساهر)، ويُحاولون التَّحايل عليه.
وبغض النظر عن المثال؛ لأنه قد يُحزن بعض الناس، لكن الكلام هنا فقط للتوضيح؛ ولذلك هناك فرقٌ بين الذي يكون مُستمرًّا وراسخًا في هذه القيمة ومَن هو مُتحايلٌ عليها.
فالمنهج الغربي قِيَمه وأخلاقه نسبيةٌ، وكانت تقول (تاتشر) المسؤولة البريطانية السابقة: "ليس لدينا أصدقاء ثابتون، ولا أعداء ثابتون، وإنما لدينا مصالح"، فالمصالح هي التي تحكم قضية الأصدقاء والأعداء.
لكننا نحن عندنا قِيَمٌ: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات:10]، هذه قيمةٌ ثابتةٌ، لا يمكن أن تتزعزع بسبب تغير المصلحة، والعدو كذلك معروفٌ: لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [المجادلة:22]، فهذه أيضًا قيمةٌ ثابتةٌ لا تتغير بسبب المصالح، فلا نقول مثلًا: هذا الكافر والله أنا مُحتاجٌ إليه، فسأُحبه، وهذا لا أحتاج إليه، فسأكرهه! فتتغير القضية والمعادلة بسبب المصالح.
فالقيم والأخلاق عندنا -نحن المسلمين- قِيَمٌ ثابتةٌ، راسخةٌ، تتصف بالثبوت والرسوخ؛ ولذلك التربية عليها منذ نعومة الأظفار مهمةٌ جدًّا، حتى ينشأ عندنا جيلٌ من الذكور والإناث مُتصفون بالقيم: كالتقوى، والإخاء، والعدل، وتحمل المسؤولية، والإنفاق، والبذل، والحياء، والصدق، والأمانة، والتواضع، والتعاون، وحُسن الخلق عمومًا، والأُلفة، والاهتمام بأمر المسلمين، والرحمة، والإيثار، والعفو، وكظم الغيظ، والإحسان، والكرم، واستغلال أوقات الفراغ، والصُّحبة الصالحة، والشكر على المعروف، والتَّرفق في الطلب، وعدم السِّباب، والبُعد عن الإسراف، وحُسن الاعتذار، والتسامح، والحب، والتعارف، والوفاء بالعهد، والتَّقبل، والإنجاز، وآداب الطعام والشراب، والتحية والسلام، والزيارة والسفر، وآداب الطريق والمجلس، والابتسامة، والاستئذان، وآداب العطاس والتثاؤب، والضيافة وإكرام الضيف، والاستئذان، والنظر، والحديث، والنوم، واللباس، والتكافُل، والشورى، والحوار، والزينة، ... إلى آخره.
فهذه قيمٌ وأخلاقٌ لا يمكن بحالٍ من الأحوال أن تتغير بسبب تغير الأحوال والأماكن والأزمنة، أو بسبب التصويت عليها، يُصوِّت عليها مجلسٌ، ويجعل القيمة الإيجابية قيمةً سلبيةً، ويجعل القيمة السلبية قيمةً إيجابيةً، أبدًا، فهذه ثابتةٌ، قيمٌ وأخلاقٌ جاءت في كتاب الله وسنة النبي ، وتعارف عليها العُقلاء من البشر بأنها أخلاقٌ وقيمٌ سويَّةٌ.
ولذلك يقول النبي : إنما بُعثت لأُتمم مكارم الأخلاق[1]أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" برقم (20782)، وأحمد في "المسند"، ط. الرسالة، برقم (8952)، بلفظ: "صالح الأخلاق"، وصححه … Continue reading، يعني: هناك مكارم للأخلاق كانت موجودةً عند العرب في الجاهلية، كعفَّة عنترة حين يقول:
وأغضُّ طرفي إن بدت لي جارتي | حتى يُواري جارتي مَأْواها[2]"ديوان عنترة بن شداد" (ص226). |
فعند عنترة الجاهلي غير المسلم إن طلعت جارتُه يغضّ بصره عنها، فأين هذا الآن من شبابنا المسلم؟!
قارن بين عنترة الجاهلي وكثيرٍ من الشباب -ذكورًا وإناثًا- في العفَّة وغضِّ البصر، والله تعالى يقول: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ [النور:30]، ويقول: قُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ [النور:31]، فأين هذه القيمة؟!
هذه القيمة كانت موجودةً، فجاء النبي يُتمم مكارم الأخلاق، فالأخلاق لها هذه الثبوتية والرسوخ، لكن عند الغربيين وفي المنهج الغربي لها صفةٌ نسبيةٌ، وهذا من أكبر الفوارق بيننا وبين غير المسلمين، وهو فارقٌ مهمٌّ؛ لأن التقلب في القيم وعدم الثبات عليها يُنتج أناسًا لهم أوجهٌ متعددةٌ، والولد المُتخرج من بيتٍ ليس عنده قيمٌ وأخلاقٌ راسخةٌ يتربى على التَّلون، وهذه تربيةٌ مُعوجَّةٌ غربيةٌ، وإذا تربينا على المنهج المادي الغربي فسنكون على طريقة (تاتشر)، فتصير المصالح المادية البحتة هي التي تتحكم في القيم، وعندما يحكم هذه القيم المنهجُ الربانيُّ تكون قِيَمًا راسخةً ثابتةً.
ولذلك ينبغي أن نسأل أنفسنا: أين هذه القيم التي ذكرناها من أُسرنا؟ وأين هذه القيم الرائعة العظيمة: كالنظام، والنظافة، والقدوة، والعمل، وقضاء الحاجات للآخرين، وعيادة المريض، ... إلى آخره من مُجتمعنا؟
موسوعة "نضرة النعيم"
ومنهجنا الإسلامي مليءٌ بمفردات القيم، بل إن هناك موسوعةً ندعو لمُطالعتها للاستفادة منها، وهي موسوعةٌ رائعةٌ اسمها "نضرة النعيم في أخلاق ومكارم النبي الكريم عليه الصلاة والسلام"، جمعت بين القيم والأخلاق والصفات المحمودة في عدة مجلدات، من حرف الألف إلى حرف الياء، ثم الصفات والقيم والأخلاق الذميمة، وذكروا أدلتها من الكتاب والسُّنة وكلام العلماء، والاستفادات التربوية الرائعة.
وقد شارك فيها نخبةٌ من أهل العلم والتربية، وكان على رأس فريق العمل فضيلة الشيخ الدكتور: صالح بن حميد، إمام وخطيب الحرم المكي، ومجموعةٌ معه في هذا المشروع الرائع الذي طُبِعَ ونزل منذ سنواتٍ قريبةٍ، وغيرها من موسوعات الأخلاق والقيم.
التمايُز بين النظرية والتطبيق
إذن موضوع القيم والأخلاق موضوعُ تمايُزٍ بين الحضارات، والدول، والمجتمعات، والأُسَر، والمدارس، والشركات، والأفراد، والأشخاص، فبعضهم عنده القيم والأخلاق ثابتةٌ وراسخةٌ، وبعضهم ليس كذلك، فهي نسبيةٌ.
وتجدون من المسلمين مَن عنده ما عند غير المسلمين من عدم الثبات على القيم والأخلاق، فإذا احتاج أن يكون صادقًا صَدَقَ، وإذا لم يحتج لذلك في ظنِّه ربما كذب، فيأخذ صفات غير المسلمين.
وتجدون عند بعض غير المسلمين مَن له كثيرٌ من القيم والأخلاق، فيبذل ويصدق في عمله بغضّ النظر عن الأجرة.
وتجدون بعض الناس يقول: والله أنا أحبُّ الناس الذين هم من الجهة الفلانية أن يعملوا معي؛ لأن عملهم فيه مُثابرةٌ واحترامٌ للقيم، فاليابانيون مثلًا في قضية العمل معروفون كمثالٍ، فالعمل عندهم له قيمةٌ، صحيحٌ أنهم يفقدون قيمًا وأخلاقًا أخرى، لكن أيضًا عندهم هذه القيمة.
ونحن -المسلمين- أولى بذلك، كما كان يقول أحد المُختصين بالأمس: عجبًا! نحن أصحاب منهجٍ إسلاميٍّ، ولكن عندنا من الأعمال والقيم والأخلاق غير التي دعا إليها الإسلام!
فتشعر بشيءٍ من الطعن في الظهر بسبب هذا الكلام، وليس هذا تزكيةً كاملةً لهؤلاء، ولكنه تزكيةٌ لهذه الصور الإيجابية التي هي موجودةٌ أصلًا في المنهج الإسلامي بلا شكٍّ، لكن هذا من باب المقارنة، والمُقارنة تُحدث الإثارة، والإثارة تُحدث التغيير.
ولهذا بعض الناس أو الجهات عندنا التي تُلزم بالتوظيف من شبابنا يأتون إلى الشاب ويقولون له: يا أخي، لا تأتي للوظيفة، اجلس في بيتك، ونحن ندفع لك الأجرة. ويُحسب عليهم أنهم أتوا بموظفٍ، ويدفعون له أموالًا؛ لأنهم يعرفون أن العمل والانضباط والنظام والصدق مثلًا غير موجودٍ في شبابنا، فيقولون: لا نريد أن نتورط فيه. وربما أتوا بغير مسلمٍ ممن عنده هذه القيم حتى يُنتج.
فهذه قضيةٌ حياتيةٌ نحتاج أن نقف عندها، بغضّ النظر عن التطبيقات الواقعية.
وقد قيل: إنَّ هناك مَن أسلم في أرض الكفر، وارتدَّ في أرض الإسلام؛ لأنه قرأ عن الإسلام ونصاعته وقِيَمه وأخلاقه، فتأثر ولامس الفطرة، فلما شاهد ما عند بعض المسلمين من خلافٍ للقيم والأخلاق انصدم، وطبيعة النفس البشرية أنها تنصدم من المخالفة بين النظرية والتطبيق، فإذا حصل تعارضٌ بين الشيء الذي سمعه والواقع الذي يراه أمامه يتأثر سلبيًّا؛ فلذلك قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام: رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا [الممتحنة:5]، قيل في تفسير هذه الآية: أي: لا تجعلنا سببًا في عدم إسلام الكفار بسبب المسلمين أنفسهم، فقد يكون المسلم فتنةً، فقد تجده يكذب مثلًا، أو يزني، وإذا مارس الإنسان هذه الفاحشة يُصبح الإيمان كالظلة، كما جاء في حديث النبي : إذا زنى الرجلُ خرج منه الإيمان، كان عليه كالظُّلَّة[3]أخرجه الترمذي برقم (2625)، وأبو داود برقم (4690)، وصححه الألباني.؛ لشناعة الوضع، فلا يُتصور إنسانٌ يمارس مثل هذه القاذورات ويكون مُتلبسًا بالإيمان.
إذن نحن بأمس الحاجة إلى أن نُراجع تربية أنفسنا وأُسرنا وأجيالنا على القيم والأخلاق، بحيث تكون على منهجنا الإسلامي الذي جاء بتتميم مكارم الأخلاق، فالأخلاق موجودةٌ عند بعض العرب من قبل، ويمكن أن نجد عند الكفار -كما قلنا قبل قليلٍ- من القيم والأخلاق ما يمكن أن يُضرب به المثل، لكن من الخطير أن تكون أمثلتنا قائمةً على غير المسلمين من الناحية الإيجابية.
فإذا اهتممنا بهذا الجانب استطعنا أن نُخرج أجيالًا تتصف بالقيم والأخلاق في معظم أحوالها.
مفهوم القيم والأخلاق
بعد هذه المقدمة نُشير إلى تعريف الأخلاق، فالتعريف له مغزًى، وقد يقول قائلٌ: في درسنا هذا لا حاجةَ للتعريفات. ولكننا نريد أن نقف عند معانٍ مهمةٍ ذُكرت في التعريفات، وتهمنا في التطبيقات التربوية والنفسية مع أنفسنا ومع غيرنا من الأجيال.
القيمة في اللغة
قيمة الشيء: قدره، وقيمة المتاع: ثمنه، والقيمة من الإنسان: طوله، جمعها: قِيَمٌ، ويُقال: ما لفلانٍ قيمةٌ، أي: ما له ثباتٌ ودوامٌ على الأمر.
ملاحظاتٌ على التعريف اللغوي
والذي يلفت النظر في هذا التعريف اللغوي: قضية الثبات والدوام، فهذا الشخص الذي ليس له قيمةٌ يقال حتى في اللغة: فلانٌ ما له قيمةٌ، أي: ليس له ثباتٌ ودوامٌ على الأمر.
ولذلك إذا كنا نريد أن تكون أجيالنا أصحاب قيمٍ وأخلاقٍ فلا بد أن تكون هذه الصفة مُستمرةً، دائمةً، ثابتةً عندهم وعندنا، وإذا لم نكن نحن كذلك فلن يكونوا هم كذلك، فإذا لم يكن الأب صادقًا، والأم صادقةً، وإذا لم يكن الأب مُحترمًا، والأم مُحترمةً، وإذا لم يكن الأب مُنظَّمًا، والأم مُنظَّمةً، وإذا لم يكن الأب عفيفًا، والأم عفيفةً، وإذا لم يكن الأب مُتعاونًا، والأم مُتعاونةً؛ فلن يكون الأبناء كذلك، فنحن بأمس الحاجة إلى هذا المعنى.
ولاحظ أيضًا أن هذا التعريف جاء فيه: "لها قدرها، وقيمة الشيء: قدره، وقيمة الشيء: ثمنه"، إذن هو شيءٌ ثمينٌ، وشيءٌ له قدرٌ وثِقَلٌ وقيمةٌ، فإذا أصبحت القيم عند بعض أجيالنا لا قيمةَ لها ولا قدرَ، كقيمة احترام الكبير مثلًا، والعطف على الصغير، فإنهم سيتعاملون مع الناس بنرجسيةٍ وقسوةٍ وعنفٍ، فلا كبير يحترمه، ولا صغير يعطف عليه.
وفي المقابل هناك صورٌ إيجابيةٌ، فمثلًا: تجد شابًّا يُوقر الكبير في السن، حتى ولو لم يعرفه أبدًا، فيذهب به، ويأخذ بيده، ويُقبل رأسه، ويُساعده، ويُعاونه، فتشعر بقيمة هذا الأمر وثِقَله وثمنه فعلًا.
ويجد الطفلَ الصغيرَ فيُقبله، ويعطف عليه، ويرحمه، وقد جاء في الحديث: ليس منا مَن لم يرحم صغيرنا، ويُوقر كبيرنا[4]أخرجه الترمذي برقم (1919)، وأحمد برقم (6937)، وصححه الألباني..
ولاحظ أيضًا في التعريف اللغوي: "والخُلُق: حالٌ للنفس راسخةٌ تصدر عنها الأفعال من خيرٍ أو شرٍّ من غير حاجةٍ إلى فكرٍ ورويَّةٍ"، وهذا أيضًا يدل على حالٍ للنفس راسخةٍ وثابتةٍ ومُتمكنةٍ وموجودةٍ، ولا تتغير بتغير الأحوال، سواء التقى مع مسؤولٍ، أو مع شخصٍ وجيهٍ، أو مع شخصٍ حقيرٍ، كبيرٍ أو صغيرٍ، يُعاملهم باحترامٍ وتقديرٍ، فقِيَمه لا تتغير في وقت وضعه الاجتماعي المُريح، أو في وقت أزماته.
والبعض يقول: ماذا أفعل؟ أنا عندي همومٌ ومشكلاتٌ اقتصاديةٌ، فلا أستطيع أن أثبت على هذه القيم.
فنقول: إن القيم ليست مُرتبطةً بهذا الجانب: حقوق للناس لا بد أن تُحفظ؛ لأننا إذا ربطناها بهذه القضايا فقد نُخطئ فيها، وفي أمورٍ يُعذر فيها الإنسان؛ لأنه قد يُصاب بهمٍّ ... إلى آخره، لكن أن يكون عنده تلونٌ في القيم فهذا خطأٌ، أو في شيءٍ بمقدوره أن يفعله ولا يفعله بسبب أنه ليس عنده مزاجٌ، أو واجبٌ عليه ولا يفعله، فكما أنه يأتي للعمل ويُداوم من الصباح إلى آخر الدوام؛ لأن هناك مالًا، فهو مُلزمٌ بالدوام، لكنه في القضايا القِيَمية الأخلاقية الأخرى قد لا يُحاسَب عليها: كابتسامته، وقضاء حوائج الناس، فربما يترك هذه القضايا.
وإذا وجد الأبناء والطلاب آباءهم وأمهاتهم ومُعلميهم على رسوخٍ وحالٍ نفسيةٍ فيها الاحترام، والود، والتقدير، والتعاطف المُستمر، فإنهم يتأثرون بذلك.
فهذه القيمة ورسوخها وثباتها تُؤثر في الأجيال بصورةٍ كبيرةٍ جدًّا، بحيث تكون حالة النفس راسخةً، تصدر عنها الأفعال الطيبة، وهذه الحالة الراسخة هي التي تُسبب بعد ذلك الفعل نفسه، فما الذي جعله يبتسم؟ هو هذا الثبات والرسوخ للقيم، فهذا الفعل الذي فعله ليس مُتكلَّفًا، وإنما هو شيءٌ راسخٌ عنده، وهكذا تصدر عنه الأفعال من خيرٍ أو شرٍّ على حسب القِيَم إن كانت إيجابيةً أو سلبيةً.
ولاحظ قوله في التعريف: "من غير حاجةٍ إلى فكرٍ ورويةٍ" يعني: هذه القيم لا تحتاج إلى فكرٍ، ولا رويَّةٍ، ولا تأملٍ؛ لأنها أسسٌ مُترسخةٌ طبيعيةٌ، وسجيَّةٌ عند الإنسان؛ ولذلك كلما استطعنا أن نجعل قيمنا وأخلاقنا سجيةً في الأجيال استطعنا أن ننجح، بحيث لا يضطر الشابُّ أن يتكلف الابتسامة التي تُسمّى: الابتسامة الصفراء، فمَن تعود عليها منذ الصغر تصير سجيةً.
وللعلماء كلامٌ رائعٌ جدًّا في رسوخ الأخلاق؛ ولهذا من الضروري أن نُربي الأجيال منذ الطفولة على الأخلاق؛ لأنهم ما زالوا عجينةً تستطيع أن تُشكلها، وإذا تأخَّرتَ أيها المُربي -أيًّا كنت: أبًا، أو أمًّا، أو مُعلمًا- في التربية على القيم والأخلاق، وتجاوزت مرحلة الطفولة؛ ستجد المعاناة في مرحلة المُراهقة، وستُحاول إصلاح الطالب أو الابن أو البنت بكل السبل ولن تستطيع إصلاحه؛ لأن فرصة البناء ذهبت.
أهمية انتقاء مصادر التربية
لابن القيم وغيره من العلماء كلامٌ رائعٌ جدًّا حول ضرورة التربية منذ الطفولة، وأن ما يُرى من أخلاقٍ للكبار -ذكورًا وإناثًا- والقيم السالبة بعد ذلك بسبب تربية آبائه في مرحلة الطفولة والنَّشء: إما أنه رُبِّي عليها، أو أنه أُغفل عن التربية على القيم والأخلاق الإيجابية، فتلقى التربية من خلال المصادر التربوية المُعوجة: كأجهزة الإعلام، وما شابه ذلك.
وطبيعيٌّ جدًّا أن ينظر الطفل إلى رسومٍ متحركةٍ، وأفلامٍ، أو شيءٍ من هذا القبيل، ويجد الكلمة القبيحة، ويتلقفها بلسانه، ويبدأ في التكلم بها.
وأذكر إحدى الأخوات -وهي أمٌّ- تقول: بنتي تتكلم بكلماتٍ غير لائقةٍ، وأنا مُنزعجةٌ جدًّا. فقلتُ: طيب، أنا سأسألكِ سؤالًا: الطفل معروفٌ في المنظومة النفسية وعند العقلاء من الناس أن اكتسابه للأمور عن طريق التقليد والمُحاكاة؛ لأن مستوى الإدراك عنده لم ينضج بعد، فهو يُربَّى على قدر ما يتلقى، فهو عجينةٌ تُشكلها بما تُريد: إن خيرًا فخيرٌ، وإن شرًّا فشرٌّ.
فقلتُ لها: إما أن هذا الكلام تلقاه الطفل من أبيه وأمه، أو من أجهزة الإعلام، أو من أصدقائه.
فكان هذا الطفل فيما أذكر قد تلقَّى هذا من أجهزة الإعلام، قالت: نعم، هو يُشاهد بعض الأشياء، وفيها هذه العبارات القذرة. فقلتُ: ولماذا تغفلين عنه ثم تأتين وتشتكين؟! ماذا تُريدين؟! هل تُريدين حلًّا سحريًّا؟! لا يوجد حلٌّ سحريٌّ، الحل الجذري عندكم أنتم أيها المُربون حينما تضعون هذه الأجيال أمام هذه المصادر التي لا تُربيهم على القيم والأخلاق الثابتة والإيجابية، وإنما تُربيهم على مساوئ الأخلاق، فيتقمَّصون هذه الأمور، وينطق الطفل بأشياء من القاذورات –نسأل الله العافية والسلامة- التي كان سببها إهمال الأسرة، والأصدقاء الذين لم يُنتقوا، والإعلام الذي يبثُّ من غير ترشيدٍ وتشفيرٍ وتوجيهٍ وإبعادٍ للقنوات السلبية، حتى أصبح بعض الآباء والأمهات يُعطون جوائز ومكافآت للأطفال لتشجيعهم على الدراسة بهذه الأجهزة التقنية، دون وضع نظامٍ لهذه الأجهزة، ودون مُراعاة المراحل العمرية، ويبدأ الطفل يُتابع أشياء غير سَويَّةٍ دون أي متابعةٍ، بسبب هذا التحفيز الذي أراه الأب.
ومبدأ التحفيز ممتازٌ، فهو يُؤدي إلى تقدم الابن في دراسته، لكن لا بد أن نُراعي قضايا الحوافز، وما الذي يمكن أن نفعله حتى نُوجد للطفل بيئةً خصبةً يتلقى فيها القيم والأخلاق الصحيحة والإيجابية بطريقةٍ سليمةٍ.
ومرةً كنتُ في زواجٍ عند بعض القبائل التي تُربي أبناءها على قضية احترام الضيف، والترحيب به، فحضرتُ هذا الزواج لهؤلاء، وأنا أعرف عنهم هذا الشيء، لكن لما رأيتُ بأم عيني الصغير والكبير -سبحان الله العظيم- يتعاطون نفس القيم والأخلاق في الترحيب، وكأن الكبير تربى على هذا الأساس وهو صغيرٌ، فكنتُ أسأل أحد أفراد العائلة: يا أخي، شيءٌ مُلفتٌ للنظر -ما شاء الله، تبارك الله- ويُفرح النفس حينما تجد مثل هؤلاء الصغار يُمارسون القيم والأخلاق: كاحترام الضيف، وتقديره في السلام بهذه العبارات، وبهذا الأسلوب. قال: نحن منذ نعومة أظفارنا تربينا على هذا.
فهذه المنهجية لو وضعناها لمثل هذه القضية وغيرها من القضايا لأصبحت عندنا راسخةً بدون تكلُّفٍ.
ويمكن أنا بعمري -الذي هو أضعاف عمر هذا الطفل الصغير- لو فعلتُ مثله في الاحترام لحسبتُ هذا من التكلف، ولم تكن عندي حالةٌ راسخةٌ؛ لأنني ما تعودتُ على هذا الجانب، لكنه تعوَّد.
ولذلك كلما استطعنا أن نهتم بالتربية منذ الصغر على هذه المعاني ستُصبح حالةً راسخةً، وينتج عنها الفعل الإيجابي الجميل، وسيكون هذا هو النجاح في القيم والأخلاق.
وعكس ذلك هو الفشل، حينما تكون هذه الحال الراسخة في قيمٍ وأخلاقٍ سيئةٍ، فيريد الأب بعد ذلك أن يخلص ولده من هذه القيم والأخلاق، ولا يستطيع؛ لأنها قد رسخت.
وقد جاءتني إحدى الاستشارات، وقد استغربتُ منها جدًّا، يقول: ابني يكذب عليَّ كذباتٍ، ولا ينقطع منذ سنواتٍ طوال. وذكر كيف يحتال على أبيه؟ وكيف اكتشفه في مواقف عديدةٍ جدًّا؟ ومع الكشف ومع أخذ العهود ... إلى آخره، يرجع؛ لأن هذه الخصلة أصبحت راسخةً فيه، فيحتاج إلى وقتٍ حتى يتخلص منها، ولا يكفي أن أُربيه على الصدق وأقول: كن صادقًا. وإنما لا بد أن أكون صادقًا، ولا بد أن يرى النماذج التي أمامه صادقةً، ولا بد أن تكون البيئة مُساعدةً، تقوم على علاقاتٍ حميميةٍ وطيبةٍ وصادقةٍ، وما شابه ذلك، فكل هذه الأشياء من المعاني المهمة جدًّا.
الأخلاق اصطلاحًا
الجرجاني عرَّف الخُلُق في الاصطلاح تعريفًا جيدًا، أود الوقوف عليه، ونختم به على أية حالٍ.
يقول رحمه الله: "الخلق عبارةٌ عن هيئةٍ للنفس راسخةٍ"، وهذا نفس الكلام الذي قيل قبل قليلٍ: "تصدر عنها الأفعال بسهولةٍ ويُسرٍ"، إذن لا يُوجد تكلُّفٌ: "من غير حاجةٍ إلى فكرٍ ورويةٍ"[5]"التعريفات" للجرجاني (ص667)..
ويبدو أن التعريف اللغوي السابق مأخوذٌ من كلام الجرجاني؛ لأن الجرجاني سابقٌ لأولئك الذين عرَّفوا الأخلاق بالتعريف اللغوي، لكن أضاف إضافاتٍ مهمةً في الاصطلاح نحتاج أن نقف عندها.
فإن كانت الهيئة بحيث تصدر عنها الأفعال الجميلة -عقلًا وشرعًا- بسهولةٍ سُميت الهيئة: خُلُقًا حسنًا؛ ولذلك فالعقلاء يعرفون أن هذا خُلُقٌ حسنٌ، أو خُلُقٌ ذميمٌ، فالعقلاء يتعارفون على القيم والأخلاق، فكيف بما جاء في الكتاب والسُّنة؟
ولذلك اعتبر النبي في الأخلاق معيار العقلاء وأصحاب الفِطَر السليمة، فقال: البر حُسن الخُلُق، والإثم ما حاك في صدرك، وكرهتَ أن يطلع عليه الناس[6]أخرجه مسلم برقم (2553)..
فما نحتاج أن نتكلف في التعريفات، فالقيم والأخلاق من حيث المفاهيم واضحةٌ، فنحتاج أن نُدربهم عليها، وأن يُطبقوها، وتُصبح عندهم راسخةً.
هذا هو المشروع التربوي الصحيح، وإلا فكم تعلموا من الأخلاق والقيم في المدارس؟! كثيرٌ جدًّا، ولا أقول: إن هذا التعليم ليس مطلوبًا، بل هو مطلوبٌ ونحتاجه، ولكن ليس بهذا القدر؛ لأن الحسن والقبيح عند أصحاب العقول الراجحة والفِطَر السليمة معروفٌ، فكيف بالذين أخذوه أيضًا من كتاب الله وسنة النبي ؟!
وأما الذي تنتكس فطرته، ويُصبح الحقُّ عنده باطلًا، والباطل حقًّا، ويُصبح الكذب مهارةً إيجابيةً يدعو إليها، وتُصبح عدم الغيرة على الأعراض، وعدم العفَّة، وانتهاك محارم الآخرين وحقوقهم، والكذب، وما شابه ذلك؛ هي الأساس في سلوكه، فلا شكَّ أن هذا خلاف الفطرة، وهذا أنا لا أتكلم عنه، وإنما أتكلم عن الناس الأسوياء.
فيقول الجرجاني: "سُميت الهيئة عندئذٍ خُلُقًا حسنًا"؛ لأن الأفعال حسنةٌ، "وإن كان الصادر منها الأفعال القبيحة سُميت الهيئة التي هي المصدر خُلُقًا سيئًا"، فالأول صاحب خُلُقٍ حسنٍ، والثاني صاحب خُلُقٍ سيِّئٍ.
يقول: "وإنما قلنا: إنه هيئةٌ راسخةٌ؛ لأن مَن يصدر منه بذلُ المال على الندور بحالةٍ عارضةٍ لا يُقال: خلقه السَّخاء، ما لم يثبت ذلك في نفسه"، شخصٌ يبذل المال، لكن يبذله نادرًا، فلا نقول: إن هذا خُلُقه السخاء؛ لأن بذله ليس سمةً راسخةً، وإنما بذله مرةً، انكسر قلبُه للفقير وأعطاه، ويرى مثله وفُقراء كُثُر في أوقاتٍ أخرى ولا يُعطيهم، فهل نقول: هذا عنده خُلُق السخاء والبذل؟ لا، فهذا هو الفرق.
وهذه قضيةٌ مهمةٌ جدًّا؛ لأننا في بعض المرات نحكم على الفعل من خلال موقفٍ واحدٍ، ولا يمكن أن نحكم على خُلُقٍ وقيمةٍ إلا إذا كان شيئًا راسخًا.
ويقول أيضًا: "وكذلك مَن تكلَّف السكوت عند الغضب"، والنبي لما أتاه الرجل فقال: أوصني. قال: لا تغضب[7]أخرجه البخاري برقم (6116).، ما القيمة هنا؟
كما قال الله : وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ [آل عمران:134]، إذن القيمة هي: كظم الغضب.
يقول: "وكذلك مَن تكلَّف السكوت عند الغضب بجهدٍ أو رويَّةٍ لا يُقال: خُلُقه الحلم"، صحيحٌ أن هذا طريقٌ، لكن لا يمكن أن يُقال: إن خلقه الحلم. فالذي خلقه الحلم يكون ذلك بالنسبة إليه بدون كُلفةٍ وجهدٍ، وإذا جاء أحدٌ وأغضبه يقول: "أعوذ بالله من الشيطان"، ويُمسك نفسه؛ لأنه تعوَّد على ذلك.
وهذا مثل الإنسان الذي عنده مشكلةٌ، مثل: المُدخن، يريد أن يترك التدخين، ولكن لا يستطيع أن يتركه مرةً واحدةً، فماذا نفعل معه؟ نتدرج معه.
وهناك فرقٌ بين هذا الشخص وبين الذي أصبحت قيمةُ الحلم عنده راسخةً، فيُقال: ما شاء الله! حليمٌ، عنده أصل الغضب موجودٌ، ولكن عنده ما يملك هذا الغضب، والنبي يقول: ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب[8]أخرجه البخاري برقم (6114)، ومسلم برقم (2609)..
يقول الجرجاني: "وليس الخلقُ عبارةً عن الفعل"، يقول: الخلق والقيم ليس معناها أن الشخص يفعل شيئًا، "فرُبَّ شخصٍ خلقه السخاء ولا يبذل"، فهذا الشخص خلقه السخاء، وعنده قيمة السخاء، لكنه لا يبذل؛ لأنه ليس لديه مالٌ، "ولا يبذل إما لفقد المال، أو لمانعٍ"[9]"التعريفات" للجرجاني (ص33).، فهو لم يقم بالفعل -وهو البذل- ومع هذا نقول عنه: إن لديه خُلُق السَّخاء.
↑1 | أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" برقم (20782)، وأحمد في "المسند"، ط. الرسالة، برقم (8952)، بلفظ: "صالح الأخلاق"، وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" برقم (45). |
---|---|
↑2 | "ديوان عنترة بن شداد" (ص226). |
↑3 | أخرجه الترمذي برقم (2625)، وأبو داود برقم (4690)، وصححه الألباني. |
↑4 | أخرجه الترمذي برقم (1919)، وأحمد برقم (6937)، وصححه الألباني. |
↑5 | "التعريفات" للجرجاني (ص667). |
↑6 | أخرجه مسلم برقم (2553). |
↑7 | أخرجه البخاري برقم (6116). |
↑8 | أخرجه البخاري برقم (6114)، ومسلم برقم (2609). |
↑9 | "التعريفات" للجرجاني (ص33). |