المحتوى
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأُصلي وأُسلم على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أمَّا بعد: هذا -بحمد الله وتوفيقه وعونه وتسديده- هو اللقاء الثامن والثلاثون من هذه السلسلة التربوية والنفسية من الكتاب والسُّنَّة، وهو الدرس الرابع عشر من المجموعة الثالثة، وفيه الحلقة الثامنة والأخيرة، وسيكون الدرس الأخير -إن شاء الله تعالى- هذا الأسبوع، ونقف إلى أن نعود -بإذن الله إذا كنا وإياكم من الأحياء- بعد الإجازة الصيفية -بعون الله وتوفيقه-، وسيكون الختام: التربية على القيم والأخلاق، بإذن الله .
أخذنا سبع حلقاتٍ سابقةٍ حول ما يتعلق بقضية تربية الأجيال في البيوت، وفي المدارس، وفي المجتمع، وحول القيم والأخلاق، ولعلَّنا نختم هذا الموضوع ببعض النقاط المهمة، فموضوع القيم والأخلاق -كما قلنا لكم يا أحبتي- موضوعٌ طويلٌ، لكن سنأخذ منه الأمور المهمة.
وحينما نتكلَّم عن موضوع التربية على القيم والأخلاق فإننا لا ننسى ما يتعلَّق بمفهوم التربية.
وبادئ ذي بدءٍ نحن نُذَكِّر أنفسنا بالتربية، وهي: توجيه سلوك الفرد والجماعة نحو تحقيق الكمال الإنساني وفق منهج الإسلام.
فعندما نتكلَّم عن قضية التربية على القيم والأخلاق فإنما نُريد أن نُوجه الأفراد والمجتمع إلى أن يُحقِّقوا مستوى الكمال لكل فردٍ منهم فيما يتعلَّق بالقيم والأخلاق، ونحن نشتكي في مجتمعاتنا، وفي شوارعنا، وفي إعلامنا، وفي أُسرنا، وفي مدارسنا من قضية القيم والأخلاق.
اليوم كنتُ أقرأ إحصائيةً أتى بها أحد الطلاب من خلال بعض البرامج في مقرر تعديل السلوك حول قضية التَّحرشات اللاأخلاقية، كان عن هذه التَّحرشات وأرقامها داخل المدرسة في مقابل خارجها، وعجبتُ من هذه الدراسة، وكانت في إحدى المناطق المحلية، وجاء فيها: أن الحالات التي سُجِّلت في داخل المدرسة أشد من خارجها.
حقيقةً نحن أصبحنا بحاجةٍ كبيرةٍ جدًّا إلى النهوض في موضوع القيم والأخلاق، ووالله لقد أصبح واجبًا كبيرًا يا أحبتي على الجميع، وعلى كل مَن يستطيع أن يُؤثر من: إمامٍ، وخطيبٍ، ومديرٍ، ومسؤولٍ، وأبٍ، ومُرَبٍّ، ومُعلمٍ، ونحن نحتاجه من كل فردٍ في المجتمع.
الإخوان -جزاهم الله خيرًا- أقاموا مُسابقةً فيما يتعلَّق بكتاب الله ، ونحن بأمس الحاجة إلى ربط هذا الجيل بكتاب الله؛ لنُحقِّق له وللمجتمع الكمال فيما يتعلَّق بالأخلاق، وليس من السليم أن نُعزِّز المقولة التي تقول: "وجدنا مسلمين بلا إسلامٍ".
وهناك قصةٌ سابقةٌ كنا قد سمعناها: أن كافرًا أسلم في كندا، وارتدَّ في منى، أو في مكانٍ كهذا.
فعندما تأتي للقضية تجد أن المحك الخطير في هذا الموضوع هو ما يتعلَّق بالقيم والأخلاق، فإن النفس الإنسانية تتأثر بصاحب القيم والأخلاق حتى لو كان كافرًا.
لذا نحن أولى بحمل هذه المعاني، فدور التربية -أحبتي- هو توجيه سلوك الفرد، والأُسَر، والمجتمع؛ حتى نُحقِّق المستوى المطلوب لكل شخصٍ في القيم والأخلاق وفق منهج الإسلام، هذا مشروعٌ كبيرٌ وضخمٌ، ولكن البعض يقول: ماذا أفعل؟!
لا، أنت عليك واجباتٌ كبيرةٌ، نحتاج أن ننظر إلى بحر القيم والأخلاق الذي قلناه وذكرناه في أول درسٍ من هذه الحلقات الثماني، فهو بحرٌ لا ساحلَ له.
لتكن مشاريعنا في هذه القضايا المتعلِّقة بالقيم بتنوعها: من الاحترام، والصدق.
وقلتُ لكم: إن عندنا مشروعًا جامعًا اسمه: "قِيَمي" لطلاب الجامعة فقط، ولمادة الثقافة الإسلامية والمسار الصحي في هذه السنة أقاموا مشروعًا اسمه: قيمة الاحترام، وكان على مدار هذا الفصل فقط، وقد حضرتُ المعرض في الإنتاجات النهائية للطلاب بستةٍ وثلاثين مشروعًا، وكل مشروعٍ لعشر طلابٍ، كل مشروعٍ يحكي عن احترامٍ مع الأب، ومع العالم، ومع القرآن، ومع السُّنَّة، ومع اليتيم، وهكذا.
فنحن لدينا مشروعٌ ضخمٌ، وهو مشروع التربية الذي ينبغي ألَّا يكون مشروعًا استثنائيًّا، بل لا بد أن يكون مشروع حياتنا، والمشروع الحضاري لنا.
يا جماعة، القضايا المادية والوظيفية في هذه الحياة أخذت منا وقتًا، لكن مشروع التربية -ومنها التربية على القيم والأخلاق- أخذ منا فضول الأوقات، بل وُجِدَ في بعض البيئات أو بعض الأُسَر مَن كان الإعلامُ هو المُربي لأبنائه، ماذا ستفعل إذا كان هذا الإعلام مُزيفًا، أو سيئًا، أو مُنحرفًا؟ هل سيُربي الأبناء على قيمٍ وأخلاقٍ؟ ما المُنتجات التي ستخرج؟
إذن نحن بأمس الحاجة إلى العودة إلى ما يتعلَّق بأهمية التربية، وخاصةً التربية على القيم والأخلاق؛ لذا ماذا يقول البعض؟
علم التربية: علم إعداد الأجيال المسلمة إعدادًا كاملًا للحياة الدنيا والآخرة في الإسلام.
زرع القيم والأخلاق في الأجيال
أسأل سؤالًا: هل أجيالنا اليوم -ذكورًا وإناثًا- قد أُعِدُّوا ورُبُّوا وزُرِعت فيهم القيم والأخلاق التي تجعلهم في حالةٍ إيجابيةٍ في الدنيا، ثم تُهيئهم للآخرة؟
هذا سؤالٌ كبيرٌ ومهمٌّ نحتاج أن نُجيب عنه.
الإجابة نفسها إذا لم تكن مُجاملةً، أو سوداويةً، وإنما واقعية؛ ستُعطينا دلالةً على حاجتنا الكبيرة للتربية على القيم والأخلاق؛ لأن قضية التربية ليست عاديةً، بل تفوق قضية البناء، وعمارة الأرض المادية، والبُنيان، والوظيفة المادية، والنقود، تفوق كل هذا تفوقًا كبيرًا جدًّا، بل إن هناك مَن أدخل الجانب الاقتصادي والمادي، وهذا شيءٌ صحيحٌ -حقيقةً- ضمن التربية، أي: التربية على الجانب الاقتصادي، وكسب المال، وصرف الأموال بطريقةٍ سليمةٍ، وهذه أيضًا فيها قيم كسب الحلال، وطريقة ضبط المصروفات، وما يتعلَّق بهذا الجانب: من توفير المال، أو الدعم، والصدقة، والتبرع للمُحتاجين والفقراء وإخواننا المسلمين.
إذن القضية تستدعي جانبًا أكبر من العناية، وبذلك جاءت التربية الإسلامية -أحبتي- في القرآن والسنة؛ حتى تُكوِّن الشخصية الإسلامية الفذَّة فعلًا، وحتى يكون الشخص مُسلمًا فذًّا، وتُوجِد الفرد المسلم الصالح بميزان الإسلام، وليس بالميزان المادي، فكم من أناسٍ يُقال عنهم: صالحون، مُخلصون؛ لكنهم ليسوا من الذين أرضوا الله في أعمالهم، وقد تجد كافِرًا مُخلِصًا، عنده قيمة الإخلاص في العمل، لكنه: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا [الفرقان:23]، يُعجَّل له من الخيرات بما فعل من خيراتٍ في الدنيا، لكن في الآخرة ليس له نصيبٌ.
إذن نحن نحتاج إلى العناية بالتربية، نحتاج إلى هذا المشروع، ولعلَّ هذا الكلام المهم أن يكون هو خاتمة مثل هذه الحلقات في هذه السنة؛ لأننا سنُقْبِل على إجازةٍ صيفيةٍ، سنُقبل على محكٍّ، والمثل العربي يقول: "الصيف ضيَّعت اللبن".
كم من أُناسٍ تختلط عندهم قضايا عديدةٌ في التربية، بل ربما تُصبح الإجازة بالنسبة لهم محلَّ قلقٍ، وصرف أموالٍ، وضياع أوقاتٍ، وانحرافاتٍ؟! وخُذْ من ذلك، فليس هناك بناءٌ، ناهيك عن التربية على قضية القيم والأخلاق.
أهداف المنهج الإسلامي
نحن بأمس الحاجة لهذا البناء العظيم جدًّا، فالمنهج الإسلامي -يا أحبتي- جاء لتحقيق أهدافٍ ثلاثةٍ أساسيةٍ يجب أن نضعها في اعتبارنا حينما نُربي الأجيال على القيم والأخلاق:
أول قضيةٍ: تكفَّل المنهج الإسلامي بالدعوة إلى بناء إنسانٍ صالحٍ، مُصْلِحٍ، ومُتكامِلٍ في جوانب الشخصية.
الثانية: أن المنهج الإسلامي حثَّ على بناء خير أُمَّةٍ أُخْرِجت للناس: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110].
الثالثة: أكد المنهج الإسلامي على بناء خير حضارةٍ إسلاميةٍ عالميةٍ، فنحن لدينا الحضارة، ونحن أُمَّةٌ بها أفرادٌ، وعندما نأخذ بأطراف هذا المجتمع الكبير ما بين أُمَّةٍ وفردٍ وأُسرةٍ سنُدرِك أن لدينا حلقاتٍ ضخمةً جدًّا.
فإذا أصلحنا الأفراد، وزرعنا فيهم القيم والأخلاق، واعتزُّوا بقِيَمهم وأخلاقهم، وأصبحوا أُناسًا يُمثلون حقيقةَ منهجهم الإسلامي؛ سيكونون خير أُمَّةٍ، ويُصبحون روَّاد الحضارة الذين يقودون العالم.
وما الذي يمنع أنْ تعود الأُمَّة إلى مجدها؟ ما الذي يمنع يا جماعة؟
البعض يرى أن الموضوع والقضية قد انتهوا، ولا مجالَ لنا أن نعود إلى ما كنا عليه من سالف أحوالنا!
تقسيم الغرب لعصور الإنسان
هل تعلمون أنَّ التقسيم العلمي التربوي عند علماء الغرب في قضية عصور الإنسان هو ثلاثة أقسامٍ؟
يُقسِّمونها إلى العصر الحجري، والعصور الوسطى المُظلمة، والعصور الحديثة، ويُسمونها: عصور التنوير.
وكثيرٌ من المسلمين -للأسف- يُوافقون الغربيين في هذه التقسيمات، يظهر هذا في الكتب المُترجمة، بل وكتب التربية التي كُتبت من بعض المسلمين!
ماذا أقصد بهذا الكلام؟
أنهم ما قسَّموا هذه التقسيمات إلا لأنهم يقصدون شيئًا مُعينًا، فعندما يقولون: عصورًا حجريةً، أو يُسمونها: عصور البداوة، فماذا نقول عن قول الله : كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ [البقرة:213]؟ ماذا نقول عن هذا الكلام؟
ابن عباسٍ رضي الله عنهما يقول: "كان الناسُ عشرةَ قرونٍ على التوحيد"[1]عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: كان بين نوحٍ وآدمَ عشرةُ قرونٍ كلُّهم على شريعةٍ من الحقِّ، فاختلفوا، فبعث … Continue reading أي: عشرة قرونٍ لم يختلف الناس، ولم ينحرفوا عن التوحيد، فكانت من أصفى قرون الإنسانية، وهذا ليس مذكورًا في المنهج الغربي، وماذا عن العصور الثانية؟ عصور ماذا؟ العصور الوسطى المُظلمة، تدرون ما هي؟
هي عصور التنوير بالنسبة لنا نحن، العصور الحضارية المسلمة التي برز فيها الإسلام وقوة الإسلام، وكان من أواخرها حضارة الأندلس التي كان الغربيون يأتون مُبتعثين إليها، يبعثون أبناءهم إلى الجامعات الأندلسية ليدرسوا العلوم باللغة العربية، فكان الواحد منهم يرجع مُفتخرًا إلى بلده ويُخاطِب قومه فيقول: (ladies and gentlemen)، ثم يرطن باللغة العربية، وقد هددتهم الكنيسةُ بالقتل، وسمَّتهم الشباب الرُّقعاء الذين يُرَقِّعون لغتهم بلغة قومٍ آخرين، وكان للكنيسة موقفٌ شنيعٌ جدًّا، حتى سبَّب ذلك وجود موجة الإلحاد والعلمانية عند الغرب.
وبالنسبة لنا كانت العصور الوسطى عصور ازدهارٍ وقوةٍ للإسلام، لماذا كانت قوةً للإسلام؟
لأن القيم والأخلاق التي ينتمي إليها المجتمع المسلم كانت تُمثِّل حقيقةَ هذه الأُمة، تُمثِّل منهج الإسلام حقيقةً، وكانوا من القوة والعزَّة بحيث إن الكفار كانوا ينشدونهم في مشارق الأرض ومغاربها، وهذا ما نتمنى أن نعود إليه.
ثم جاء عصر التنوير بعد الثورة الصناعية الفرنسية، والتي حملت الفكر الإلحادي العلماني الغربي، بسبب موقف الكنيسة السيئ، وأصبح العصر الحديث هو عصر التنوير بالنسبة لهم؛ لأنهم تخلَّصوا من الدين؛ ولذلك عندما يُقال: "العصر الحديث" فهو مبنيٌّ على هذا الأساس؛ على أساس الثورة الصناعية الفرنسية، للأسف الشديد.
أنا أقصد بهذا كله أنَّهم قسَّموا هذه العصور الإنسانية بناءً على قِيَمهم، ونحن عندما نُقسِّمها نجد أن القضية خلاف ما ذكروه، وكلما استطعنا أن نأتي بالقيم والأخلاق التي كانت في العصور الوسطى التي يُسمونها: المُظلمة -وهي بالنسبة لنا عصور القوة والهيمنة للمنهج الإسلامي- استطعنا أنْ نُعيد للأمة مجدها.
لقد قال الإمام مالك مقولته المشهورة: "لن يَصْلُح آخر هذه الأمَّة إلا بما صَلُحَ به أوَّلها"، وما صلح أولها إلا حينما اتَّبعوا كتاب الله وسُنَّة النبي ، وهذا هو معينُ زرع التربية على القيم والأخلاق.
فنحن بأمس الحاجة -حقيقةً- إلى رعاية مثل هذه القضايا، لعلَّ الله أنْ يلطف بنا، وأن يأخذ بأيدينا للبناء الذي يرضى الله به عنا.
المنهج القرآني في قضايا التربية على القيم والأخلاق والتربية الاجتماعية بأن يكون الإنسان فردًا إيجابيًّا في المجتمع، ويتعامل مع الآخرين تعاملًا إيجابيًّا مبنيًّا على عدة أمورٍ:
أولها: أن يُبنى على قضية التوحيد والعمل الصالح: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا [الملك:2] أي: أخلصه وأصوبه، كما قال الله : فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [الكهف:110].
هذا هو الفرق بيننا وبين غيرنا: أننا نحتاج إلى العقيدة، والتوحيد، والعمل الصالح؛ حتى نُربي الأجيال على قدرٍ من القيم والأخلاق، أو ستكون القيم والأخلاق مصدرها بشريًّا، وتُؤخذ من هنا وهناك، وهذه هي القضية الأولى لنا، وهي مهمةٌ جدًّا.
ونعود لنقول: أين المنهج التربوي الإيماني؟ والتربوي العقدي؟ والتربوي التوحيدي؟ أين منهج التربية على العمل الصالح؟ أين منهج الإسلام داخل الأُسَر، والأحياء، والمدارس؟
هذا هو القمة في النظام الاجتماعي الإسلامي؛ لبناء القيم والأخلاق.
ولنقولها حقيقةً، ونحن نشرُف بأنْ نقولها.
وقد قرأنا لكم في اللقاء الماضي من (بروتوكولات حُكماء صهيون) كيف أنَّهم يشرفون؟!
برنامج (ستار أكاديمي) وآثاره
قرأتُ اليوم وأمس عن مقابلةٍ تمَّت مع يهوديٍّ في إحدى القنوات الإسرائيلية اليهودية في الكيان الصهيوني -ولا أدري عن صحَّتها، لكن أظنها أصبحت الآن مُتواترةً- يتحدث فيها حول ما يتعلق ببرنامج (ستار أكاديمي)، ويقول: عملنا على هذا البرنامج منذ وقتٍ طويلٍ، وكنا نقصد به الغربيين، وإذا بنا نجد أنَّ هناك فرصةً قويةً جدًّا عند المسلمين، بلْ وجدنا بضاعتنا، وأصبحنا ندعم هذا البرنامج يوميًّا بمبالغ، ونحن الآن نعمل على خطةٍ لقضيةٍ أخرى.
لم يكتفوا بعد، يقولون: نستطيع كسب وتغيير الشباب المسلم الذي نخاف أن يعود إلى حضارته، وإلى إيمانه، وإلى توحيده، وإلى عمله الصالح، وإلى قِيَمه وأخلاقه.
يقول: أصبح هذا البرنامج صارفًا لهم عن الانتماء لحقيقة الدين الإسلامي الذي نخشى منه.
حسنًا، ما مشروعكم القادم؟
مشروعنا القادم هو الفتاة المسلمة!
لم يكتفوا، ولا يعلمون أن الفتاة المسلمة أيضًا -للأسف الشديد- تأسى لحالها الموجود من ناحية التفكير، أو الاتجاهات، ومن ناحية المشاعر، أو المهارات، ومن ناحية اللِّباس والشكل، ومن ناحية المضمون، إلَّا مَن رحم الله.
تجدها امراةً مُصليةً، وأنا رأيتُ مرةً أحد إخواننا المسلمين في أحد الأحياء، وكنتُ ساكنًا في هذا الحي قديمًا، فرأيتُه يخرج مع زوجته الـمُتبرجة! يخرج شعرُها بالكامل! وهي من أجمل النساء، وتُلفت نظر الناس! وتضعُ من المساحيق الشيء العجيب! وكلما أذهب إلى المسجد أراها نازلةً ... إلى آخره.
فأمسكتُ به، وقلتُ له: يا أخي، اتَّقِ الله . أتعرفون ماذا قال لي؟
قال: أتعرف -يا أخي الكريم- أنَّ زوجتي هذه التي تتكلَّم عنها والله العظيم لا تترك صلاةً واحدةً! والله هي من أكثر الناس حرصًا على الصلاة!
يقول لي هذا الكلام وهو يحلف بالله: أنا معك أنها مُقصِّرةٌ، وأنا مُقصِّرٌ فعلًا رغم أنك تراني في المسجد!
وأنا أقول لكم هذا الكلام لأنه أصبح هناك تصورٌ عند البعض أنها قد تكون مُحافظةً على الصلاة، أو قائمةً بالحج والصيام، ولكنها قد تتوسع في القضايا الأخرى بلا إشكالٍ في هذا الجانب!
↑1 | عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: كان بين نوحٍ وآدمَ عشرةُ قرونٍ كلُّهم على شريعةٍ من الحقِّ، فاختلفوا، فبعث اللهُ النَّبيين مُبَشِّرينَ ومُنذرِين. قال: وكذلك هي في قراءة عبدالله: كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا، "السلسلة الصحيحة" للألباني (7/ 854). |
---|