المحتوى
مقدمة
الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فهذا هو اللقاء الرابع والأربعون -بحمد الله وتوفيقه- من هذه السلسلة، وهذه الحلقة السادسة من المجموعة الرابعة حول الانفعالات، وقد بدأنا الحديث حول انفعال الغضب في اللقاء الماضي، ونكمل بعض القضايا المتعلقة بالغضب في هذه الحلقة بتوفيق الله وعونه.
وقبل هذا ما حدث اليوم في قضية كسوف الشمس، وكما قال الله : وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا [الإسراء:59]، وقول النبي : إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، يُخوِّف الله بهما عباده[1]أخرجه مسلم (911).، هذا انفعال الخوف الإيجابي الذي يجعل الإنسان يُطبق ما فعله النبي ؛ فيفزع إلى الصلاة، ويتصدق، ويستغفر، ويذكر الله .
هذا نموذجٌ من الانفعالات الإيجابية التي نحن بحاجةٍ إليها، ويأتي الله بهذه النُّذر حتى تُوقظ النفوس، وترجع إلى بارئها.
حديث الغزالي عن الغضب
المنهج الإسلامي تناول موضوع الغضب بشكلٍ كبيرٍ جدًّا، وهناك فرقٌ كبيرٌ بين الغضب والخوف؛ فأثر الخوف يكون على الإنسان نفسه، لكن أثر الغضب يتجاوز إلى الآخرين؛ ولذلك اهتمَّ العلماء بموضوع الغضب اهتمامًا بالغًا، وكذلك الأمور الأخرى، لكن الغضب أخذ رصيدًا كبيرًا، ومن هؤلاء أبو حامد الغزالي -رحمه الله وعفا عنه- في كتابه "إحياء علوم الدين".
وقد ناقش ما طرحه الغزالي -رحمه الله- الأستاذ الدكتور: محمد محروس الشناوي -رحمه الله تعالى-، وهو من عمالقة الصحة النفسية وعلماء النفس في هذا العصر، رحمه الله تعالى.
فالغزالي تكلم مثلًا عن ذم الغضب، وربما أشرنا إلى هذا في اللقاء السابق حين تحدثنا عن الغضب وبعض مُعطياته، خاصةً ما طرحه الأستاذ الدكتور: عبدالعزيز النغيمشي، وفَّقه الله ورعاه.
وقد ذكر الغزالي -رحمه الله- آيةً مهمةً جدًّا، وهي قول الله : إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ [الفتح:26]، فهنا يوجد ذمٌّ ومدحٌ؛ الذم لهؤلاء الكفار الذين كانت حميتهم جاهليةً، والحمية صادرةٌ من الغضب بالباطل، لكن مدح الله المؤمنين؛ لأنه أنزل عليهم السكينة، والسكينة مقابل الغضب، فلا يمكن أن يكون الإنسان ساكنًا وفيه سكينةٌ وهو غضوبٌ، أو غضبان؛ فلذلك لم يكن من المؤمنين أنهم يُشابهون الكفار في أن يكون لديهم: الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ التي كانت بسبب الغضب، والصادرة من الغضب.
حقيقة الغضب
تكلم -رحمه الله- عن حقيقة الغضب فقال: "اعلم أن الله تعالى لما خلق الحيوان مُعرَّضًا للفساد والموتان بأسبابٍ في داخل بدنه، وأسبابٍ خارج عنه؛ أنعم عليه بما يحميه عن الفساد ويدفع عنه الهلاك إلى أجلٍ معلومٍ"[2]"إحياء علوم الدين" (3/ 166)..
يعني: من رحمة الله أن يكون عند الإنسان غضبٌ؛ لأنه من خلال هذا الأمر يحمي نفسه من الفساد، ويحمي نفسه من الهلاك، وهي قضيةٌ مهمةٌ جدًّا؛ لأن الإنسان إذا ما دفع عن نفسه هذه الأشياء سيُسبب ذلك هلاكه؛ فلذلك الغضب عندئذٍ سيكون غضبًا محمودًا ما دام أنه يتعرض لهذا الهلاك وهذا الفساد.
وهذا التعرض يُناقشه الغزالي -رحمه الله- فيقول: "إنه من أسباب داخل بدنه، ومن أسباب خارج بدنه"، ولعلنا نكتفي بالأسباب الخارجية، فذكر مثلًا -وهذه لفتاتٌ مهمةٌ جدًّا نحتاج أن نقف عندها- يقول: "فخلق الله طبيعة الغضب من النار، وغرزها في الإنسان، وعجنها بطينته، فمهما صُدَّ عن غرضٍ من أغراضه -أي: مُنع- ومقصودٍ من مقاصده؛ اشتعلت نار الغضب، وثارت ثورانًا يغلي به دم القلب وينتشر في العروق، ويرتفع إلى أعالي البدن كما ترتفع النار، وكما يرتفع الماء الذي يغلي في القدر؛ فلذلك ينصب إلى الوجه؛ فيحمر الوجه والعين"[3]"إحياء علوم الدين" (3/ 167).، فحينما يظهر من الوجه تجده مُحمرًّا، وكذلك العين.
ثم ذكر لفتةً مهمةً جدًّا لما قال: "وإنما ينبسط الدم إذا غضب على مَن دونه واستشعر القدرة عليه، فإن صدر الغضب على مَن فوقه، وكان معه يأسٌ من الانتقام؛ تولد منه انقباض الدم من ظاهر الجلد إلى جوف القلب، وصار حزنًا؛ ولذلك يصفر اللون، وإن كان الغضب على نظيرٍ يشك فيه تردد الدم بين انقباضٍ وانبساطٍ؛ فيحمر، ويصفر، ويضطرب"[4]"إحياء علوم الدين" (3/ 167).، وهذه لفتةٌ رائعةٌ جدًّا من هذا الإمام، رحمه الله تعالى.
فهنا تحدث عن غضب الإنسان على شخصٍ دونه، فالذي يغضب على شخصٍ دونه غالبًا يشعر بأنه من الممكن أن يتشفى منه، وكما يقول العوام: يأخذ حقَّه منه، وهنا يقول: أن الدم ينبسط، ويحصل ما حصل من بعض الظواهر التي ذكرناها سابقًا، وسنذكرها -إن شاء الله- لاحقًا كذلك، وما أشار إليه قبل قليلٍ من ثوران دم القلب، وما يؤثر فيه على الجسد.
لكن إذا كان هذا الإنسان يغضب، وغضبه على مَن هو أعلى منه، لكنه يعرف أنه لا يستطيع أن ينتقم ويتشفى؛ فهنا لا يحصل الانبساط في الدم، بل يحصل الانقباض من ظاهر الجلد إلى جوف القلب، وينتقل الأمر إلى الحزن؛ ولذلك يصفر، يحصل عنده اصفرارٌ، ويحصل عنده اضطرابٌ.
هذه لفتةٌ من الغزالي -رحمه الله- حول هذه القضية، والتفريق بين حالة غضبٍ وحالة غضبٍ أخرى.
يقول أيضًا: "وبالجملة فقوة الغضب محلها القلب، ومعناها: غليان دم القلب بطلب الانتقام، وإنما تتوجه هذه القوة عند ثورانها إلى دفع المُؤذيات قبل وقوعها، وإلى التَّشفي والانتقام بعد وقوعها، والانتقام قوت هذه القوة وشهوتها، وفيه لذَّتها، ولا تسكن إلا به".
فالكلام فيه إشارةٌ إلى ما يرتبط بأن هذا الغضب فيه دفعٌ للمُؤذيات كما أشرنا في البداية حينما تكلم الغزالي عن الغضب، ويحاول قبل وقوعها، هنا الوقاية، وإلى التشفي والانتقام بعد وقوعها حينما يحصل الأذى، وهذا الانتقام هو القوت.
هذا وصفٌ للغضب، لكن هل هو إيجابيٌّ أو سلبيٌّ؟
أحوال الناس عند الغضب
ذكر المؤلف: "ثم إن الناس في هذه القوة" قوة الغضب "على درجاتٍ ثلاثٍ في أول الفطرة: من التفريط، والإفراط، والاعتدال"[5]"إحياء علوم الدين" (3/ 167)..
يعني: هنا قسم الناس ثلاثة أقسامٍ:
القسم الأول: التفريط الذي يُصبح عنده كما قال: "التفريط بفقد هذه القوة أو ضعفها"، وهذا لا شك أنه مذمومٌ، يعني: لا يغضب، إما أنه فاقدها، أو أنها ضعيفةٌ عنده، وحينئذٍ لا يستطيع أن يدفع الفساد والأذى عن نفسه، الذي هو أيضًا طريقٌ لاستقراره واستقرار حالته ونفسيته.
هذه الحالة الأولى: التفريط، يقول ويؤكد: "فمَن فقد قوة الغضب والحميَّة أصلًا فهو ناقصٌ جدًّا".
الحالة الثانية: الإفراط، قال: فهو أن "تغلب هذه الصفة حتى تخرج عن سياسة العقل والدين وطاعته، ولا يبقى للمرء معها بصيرةٌ ونظرٌ وفكرةٌ، ولا اختيارٌ، بل يصير في صورة المضطر"[6]"إحياء علوم الدين" (3/ 167)..
يعني: ما يملك نفسه، فيغضب ويهيج، ولا يضبطه دينٌ ولا عقلٌ، وعندئذٍ يصبح من غير بصيرةٍ، ومن غير فكرٍ، ومن غير نظرٍ، هذا هو الإفراط، وهو أيضًا مذمومٌ.
أما المحمود فهو الاعتدال، هذا غضبٌ -كما يقول أبو حامد الغزالي- ينتظر "إشارة العقل والدين"، يعني: سيضبطه العقل والدين.
قال: "فينبعث حيث تجب الحمية، وينطفئ حيث يحسن الحلم"[7]"إحياء علوم الدين" (3/ 168).، فإذا كانت الحمية مطلوبةً فستنبعث هذه الحمية، وإذا كان الحلم هو الذي يحسن فستنطفئ هذه الحمية، أو ينطفئ هذا الغضب، وينبعث الغضب عند الحمية.
إذن هذا العقل والدين هو الذي سيُوجه الإنسان: إما أنه يغضب وتكون عنده حميةٌ إيجابيةٌ، ليست حمية الجاهلية التي ذكرها الله : إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ [الفتح:26]، وإنما الحمية الإيجابية التي تُرضي الله ، أو نطفئ هذا الغضب حينما يحسن الحلم.
يقول: "وحفظه على حدِّ الاعتدال هو الاستقامة التي كلَّف الله بها عباده، وهو الوسط الذي وصفه الرسول حين قال: خير الأمور أوسطها"[8]أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (8/ 518) برقم (6176)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (2/ 286)، وقال الشيخ الألباني: "إسناده … Continue reading.
فهنا قضيةٌ أشار إليها أحد الغربيين واسمه: (نوفاكو) حينما نبَّه إلى أن هناك أمرًا لم ينتبه الفلاسفة إليه قديمًا من سقراط إلى ديكارت، وهو ما ذكره الغزالي قبل قليلٍ في أهمية الغضب، ونقيضه الضعف الشديد.
وغالب الناس يرون أن الغضب هو الاتجاه السلبي، يعني: أن هذا هو الشيء السائد في الغالب، وهو عدم ضبط الانفعال، لكنا أكَّدنا أن ذات الانفعال ووجوده طبيعيٌّ، ولا يمكن أن يُتصور إنسانٌ بدون غضبٍ، فلا بد أن يكون عنده غضبٌ؛ ولذلك جاءت الإشارة إلى قضية التفريط التي ذكرها أبو حامد الغزالي، وهي: أن الإنسان عنده فقدٌ أو ضعفٌ في وجود هذه القوة.
هذه الإشارة ما كانت موجودةً عند الذين يتعاطون الكلام حول الغضب؛ لأنهم يتجهون إلى الإفراط في الغالب، يتجهون إلى صورة الغضب التي تصور الإفراط في هذا الانفعال.
بل إن الغزالي -رحمه الله- تكلم عن طبيعة الغضب، وأوضح أن له جانبين: جانبٌ فطريٌّ جبليٌّ، وهذا واردٌ، وجانبٌ مُكتسبٌ مُتعلمٌ، وهذا جانبٌ آخر.
وهذه أيضًا لفتةٌ نقف عندها إذا أردنا أن نُشخص الغضب، يعني: حتى نُدرك كيف نستطيع أن نتعامل بالشيء الجبلي؟ فيحتاج بعد ذلك إلى: إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم[9]أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (2663)، وفي "الكبير" (929)، وابن عبدالبر في "جامع بيان العلم وفضله" (903)، والخطيب … Continue reading، يعني: حتى يخرج من هذا الشيء الجبلي، وإن كان الجبلي قد يكون أصعب، لكنه ممكنٌ، لكن المُكتسب إذا كان قد اكتسبه فهو أخذه وتعلمه من خلال البيئة الاجتماعية: إن كانت الأسرة، أو المدرسة، أو خلاف ذلك، فعندئذٍ يحتاج إلى تغيير هذه البيئة.
أسباب الغضب
ثم بعد ذلك تكلم الغزالي -رحمه الله- عن أسباب الغضب فقال -وهذه أيضًا لفتاتٌ إيجابيةٌ نحتاج أن نقف معها-: "بل الحق فيه ما نذكره، وهو أنه ما بقي الإنسان يُحب شيئًا ويكره شيئًا فلا يخلو من الغيظ والغضب"، يعني: كلما أحب شيئًا لا بد أن يحصل عنده الغيظ والغضب، "وما دام يُوافقه شيءٌ، ويُخالفه شيءٌ" يعني: يُحب أشياء، ويكره أشياء، "فلا بد أن يُحب ما وافقه، ويكره ما خالفه، والغضب يتبع ذلك"؛ لأن الذي يُحبه إذا مُنع منه وصُدَّ عنه حصل الغضب، وكذلك الذي يكرهه إذا أُجبر عليه وهُدد به كان سببًا في الغضب.
يقول: "فإنه إذا أُخذ منه محبوبه غضب لا محالة، وإذا قُصد بمكروهٍ غضب لا محالة"[10]"إحياء علوم الدين" (3/ 169)..
وهذه لفتةٌ من الغزالي في قضية: أن الغضب مربوطٌ بحدوث الفقدان، وكذلك التهديد، وأن الغضب ينشأ عند وجود الإحباط، والإحباط يحصل بأحد أمرين: إما شيءٌ محبوبٌ يبعد عنه؛ فيحصل عنده شعورٌ بالإحباط بسبب أنه أُبعد عن شيءٍ يريده، أو شيءٌ يكرهه فكذلك يحصل عنده إحباطٌ بسبب أنه هُدد بذلك.
ولذلك هذا الذي يُفسر الجوانب التربوية التي تحتاج إلى أن نقف عندها في الأسرة، وفي المدرسة، وفي المجتمع، وتعامل المربين والمربيات مع مَن هم تحتهم، فهي قضيةٌ تحتاج إلى عنايةٍ واهتمامٍ.
إذا سلبناهم ما يُحبونه -أنا أتكلم عن الشيء الطبيعي، الشيء الإيجابي- فهذا سيُولد لديهم الغضب والانفعال للغضب، وقد تحصل مشاكل بين المُتربي والمُربي، وبين الأبناء والآباء.
وكذلك إذا هُدد بشيءٍ لا يُحبه، أو أُلزم بشيءٍ لا يُحبه؛ فكذلك سيُسبب ذلك الغضب، لكن علينا أن ننتبه في القضايا التي فيها أمورٌ مباحةٌ وأمورٌ دنيويةٌ بألا يُلزم الأبناء أو الطلاب بالشيء الذي لا يُحبونه، وننظر للشيء الذي يُحبونه فنُعطيهم إياه، ونُمكنهم منه، والشيء الذي لا يُحبونه لا نُلزمهم به؛ لأن هذا سيكون مصدرًا أو سببًا -كما قال الغزالي- من أسباب الغضب.
ولذلك عندما يريد الشاب أو الفتى -ذكرًا أو أنثى- الزواج يقول بعض الآباء: تمهل على هذه القضية، وإن شاء الله تعالى. هذه عقبةٌ تُسبب الإحباط بشيءٍ هو يُحبه ويُريده، وبشيءٍ هي تُحبه وتُريده؛ لأنها فطرةٌ في الإنسان وحاجةٌ بالنسبة إليه، فيتولد من ذلك الغضب، وهذا سيُحدث مشكلةً بين الأبناء والآباء، وأيضًا لن يحصل استقرارٌ، بل سيحصل اضطرابٌ، وهذا ربما يُولد انحرافًا، أو يُولد تمردًا، أو ما شابه ذلك.
أقسام محبوبات الإنسان وعلاقتها بالغضب
ثم تكلم الغزالي كلامًا لطيفًا في تقسيم محبوبات الإنسان إلى ثلاثة أقسام.
يعني: حتى لو قلنا: إن الغضب يتولد بسبب عدم تحقيق محبوب الإنسان، لكن محبوبات الإنسان ليست شيئًا واحدًا، وإنما هي متنوعةٌ.
والغزالي -رحمه الله- ذكر ثلاثة أقسامٍ: "فيه محبوبات ضرورية لا بد منها: كالقوت، والملبس، والمسكن، وصحة البدن"، وما شابه ذلك.
وهذا بلا شكٍّ إذا وقفنا عنده سيكون حجر عثرةٍ، وسيُسبب الغضب، وعندئذٍ هذا الأمر مُبررٌ وواضحٌ وبيِّنٌ؛ لأنه أوجد عقبةً لتحقيق هذه الضروريات التي يحتاجها الإنسان، فهذه كما قال: "ضروريات لا يخلو الإنسان من كراهة زوالها، ومن غيظٍ على مَن يتعرض لها"، هذا أمرٌ طبيعيٌّ وضروريٌّ. هذا النوع الأول.
النوع الثاني: هو الممتلكات الخاصة لفردٍ، والمتعلقة: "بالجاه، والمال الكثير، والغلمان، والدواب، فإن هذه الأمور صارت محبوبةً بالعادة".
وهذه العادات الرديئة لو كانت تملك الإنسان وتُوجهه، ويعمل من أجلها، وتكون هي شغله الشاغل: "وهذه العادات الرديئة هي التي أكثرت محابّ الإنسان ومكارهه؛ فأكثرت غضبه".
وهذه لفتةٌ رائعةٌ جدًّا، يعني: هذا التوجيه النفسي الرائع بأن الأمر مربوطٌ بما يُحبه الإنسان وما يكرهه، ويحصل الغضب بسبب ذلك.
فهذه الأمور -أعني: الممتلكات الفردية والأشياء الخاصة بالإنسان- إذا أكثر منها، وانشغل بها، واهتم بها، وأصبح همُّه هذه القضايا، وأصبحت مثل الضروريات، فهذا سيُولد عنده محابّ كثيرة ومكاره، وهذا معناه أنه ستكثر عنده فرص الغضب.
يقول: "وكلما كانت الإرادات والشهوات أكثر كان أصحابها أحطّ رتبةً وأنقص؛ لأن الحاجة صفة نقصٍ، فمهما كثر النقص والجهل أبدى أبدًا جهده في أن يزيد في حاجته وشهواته، وهو لا يدري أنه يستكثر من أسباب الغم والحزن، حتى ينتهي بعض الجهال بالعادات الرديئة ومُخالطة قُرناء السوء إلى أن يغضب لو قيل له: إنك لا تُحسن اللعب بالطيور، وما شابه ذلك"[11]ما بين علامتي التنصيص من كلام الإمام الغزالي كما في "إحياء علوم الدين" (3/ 169)..
الغضب على هذا الجنس -على هذا النوع- ليس ضروريًّا كما يقول؛ لأن حبه ليس ضروريًّا.
إذن نأخذ منها ما نحتاج إليه، ولا تُصبح هي همّنا، وعندئذٍ ستكثر محبوباتنا، وعلى إثرها سيكثر الغضب بناءً على هذه المحبوبات أو المكروهات التي تولدت من خلال الاهتمامات الفردية والحاجات الفردية التي تُسبب الغم والحزن.
وهذا يقوله بعض أهل التجارات وأهل الدنيا المُنهمكين بالوظائف: أنه بزيادة هذه الأمور يزداد همنا، ويزداد الغم، وهذا يُولد بعد ذلك ما يتعلق بالغضب في المواقف حينما لا يُحقق الإنسان ما يريد في صفقته التي كان يطمح إليها، أو يحصل ضد ذلك؛ فيُلزم بشيءٍ لا يُحبه، لا سمح الله.
إذن هذه قضيةٌ من الإشارات الرائعة التي أشار إليها أبو حامد الغزالي، رحمه الله.
ذكر بعد ذلك القسم الثالث فقال: "ما يكون ضروريًّا في حق بعض الناس دون البعض، كالكتاب مثلًا في حق العالم؛ لأنه مضطرٌّ إليه، فيُحبه، فيغضب على مَن يحرقه ويُغرقه.
وكذلك أدوات الصناعات في حق المكتسب الذي لا يمكنه التوصل إلى القوت إلا بها، فإنما هي وسيلةٌ إلى الضروري، والمحبوب يصير ضروريًّا ومحبوبًا ..." إلى آخره[12]"إحياء علوم الدين" (3/ 170)..
هذا النوع الآن فيه فروقٌ فرديةٌ على حسب الإنسان، ليس مثل الأول الضروري لكل البشر، فالقضية هنا مُقدرةٌ وتستحق هذا الأمر: كمحبةٍ، وسيكون المنع منها مُسببًا -بلا شكٍّ- للغضب، سيكون الأصل فيه مُقدَّرًا، بينما الثاني المتعلق بالممتلكات الفردية وأمور الدنيا، وانهماك الإنسان فيها، هذا سيزيد من فرص الغضب بالنسبة إليه، وهذا لا يستحق؛ لأنه ليس حبًّا ضروريًّا.
أما الثالث فهو حبٌّ ضروريٌّ بالنسبة لهذا الشخص، لكن ليس ضروريًّا بالنسبة للشخص الآخر، وهذا من التفصيلات التي راعى فيها الغزالي الفروق الفردية بالنسبة لضروريات إنسانٍ دون إنسانٍ.
ثم يختم في هذا المضمار فيقول: "وإنما الحب الضروري ما أشار إليه رسول الله بقوله: مَن أصبح آمنًا في سِرْبه، مُعافًا في بدنه، عنده قوت يومه؛ فكأنما حِيزت له الدنيا بحذافيرها[13]أخرجه الترمذي (2346)، وابن ماجه (4141) بغير لفظة: "بحذافيرها"، وهي عند ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" برقم (2126)، … Continue reading"[14]"إحياء علوم الدين" (3/ 170)..
آثار الغضب
بعد ذلك انطلق الغزالي يتكلم بكلامٍ نفسيٍّ، وكأنه من منظومة أهل التخصص، وذلك حينما تحدث عن آثار الغضب فقال: "ومن آثار هذا الغضب في الظاهر: تغيُّر اللون، وشدة الرِّعْدَة في الأطراف، وخروج الأفعال عن الترتيب والنظام، واضطراب الحركة والكلام حتى يظهر الزَّبَدُ على الأشداق، وتحمرَّ الأحداق، وتنقلب المناخر، وتستحيل الخِلقة"[15]"إحياء علوم الدين" (3/ 168)..
هو يتكلم عن وصف الإنسان وظاهره الغضب، تصور أن هذا كله الآن من آثار الغضب، يقول كلمةً جميلةً، وقد أشار إليها بعض المختصين، وذكرها الغزالي الذي عاش في القرن السادس تقريبًا، يقول: "ولو رأى الغضبان في حالة غضبه قُبح صورته لسكن غضبه"[16]"إحياء علوم الدين" (3/ 168)..
يعني: كأنه يقول: إذا أردت أن تُهدئ غضبك تصور قُبح صورتك حال غضبك، فربما لو رأى الإنسان صورته وشكله حال غضبه لسكن الغضب عنده، يقول: "ولو رأى الغضبانُ في حالة غضبه قُبح صورته لسكن غضبُه حياءً من قُبح صورته، واستحالة خِلْقته، وقُبح باطنه أعظم من قُبح ظاهره، فإنَّ الظاهر عنوان الباطن، وإنما قَبُحَتْ صورة الباطن أولًا ثم انتشر قُبحها إلى الظاهر ثانيًا؛ فتغيُّر الظاهر ثمرةُ تغير الباطن"[17]"إحياء علوم الدين" (3/ 168)..
يعني: هذا القبح الظاهري الذي حصل عند الإنسان هو في الحقيقة بسبب قُبح باطنه، فهو يحتاج إلى أن يُصلحه ويُنظفه ويُهذبه.
أثر الغضب في اللسان والأعضاء
ثم يقول: "وأما أثره في اللسان"، هذا الكلام جميلٌ، نحتاج أن نُقدمه للذين ابتُلوا بقضية الغضب، مثل هذا الكلام الرائع المتعلق بآثار الغضب؛ حتى يُدرك الحقيقة المُخيفة من خلال هذه الآثار.
"وأما أثره في اللسان فانطلاقٌ بالشتم والفُحش من الكلام الذي يستحي منه ذو العقل، ويستحي منه قائله عند فتور الغضب"[18]"إحياء علوم الدين" (3/ 168)..
يعني: بعضنا يتصور أن الإنسان في لحظة الغضب لا يدري ما يقول، فاليوم أحد الأحباب عندنا في الكلية قال في موقفٍ وفي لحظة غضبٍ كلامًا ندم عليه بعد ذلك، فهنا: "ويستحي منه قائله عند فتور الغضب"، فحين هدأت نفسه شعر بأن كلامه ليس مناسبًا، وهذا من آثار الغضب عند الإنسان، فيحتاج أن يضبط هذه القضية حتى لا ينطلق لسانه بما لا يليق ويُستحي منه.
"وذلك مع تخبط النظم، واضطراب اللفظ.
أما أثره على الأعضاء: فالضرب، والتهجم، والتمزيق، والقتل، والجرح عند التمكن، من غير مُبالاةٍ، فإن هرب منه المغضوب أو فاته بسببٍ وعجز عن التشفي، رجع بالغضب على صاحبه؛ فمزَّق ثوب نفسه، ولطم نفسه، وقد يضرب بيده على الأرض، ويعدو عَدْو الوَاله السَّكران، والمدهوش المُتحير، وربما يسقط صريعًا، لا يُطيق العدو والنهوض بسبب شدة الغضب، ويعتريه الغشية، وربما يضرب الجمادات والحيوانات"[19]"إحياء علوم الدين" (3/ 168)..
أثر الغضب في القلب
يقول بعد ذلك: "وأما أثره في القلب"، تكلم عن أثره في الظاهر -أثره في اللسان، وأثره في الأعضاء- بكلامٍ يكفي، ومع ذلك هنا قضيةٌ خطيرةٌ جدًّا: "وأما أثره في القلب: فالحقد، والحسد، وإضمار السوء والشماتة".
فالشخص إذا ما ضبط غضبه سيتولد عنده حسدٌ وحقدٌ على الطرف الآخر، والشماتة به، وإضمار السوء له، وهذه كلها أعمال قلوبٍ سالبةٌ، وأمراضٌ قلبيةٌ أنَّى له أن يخرج منها؟!
وذكرنا في كلامه عن الأقسام أن الغضب ينقسم إلى ثلاثة أقسامٍ، ومنها الأول: التفريط، وهو الذي تحدث عن ضعفه أو انعدامه؛ انعدام قوة الغضب هذه أو ضعفها.
هذا الكلام يذكره أهل الاختصاص -أهل علم النفس- فيما يُطلقون عليه: نقص التأكيد، أو نقص السلوك التوكيدي، وهذا تذكره المدرسة السلوكية النفسية، ولكنها بعد أبي حامد الغزالي بعشرات السنين، وأبو حامد الغزالي فطن لهذه القضية وذكرها.
ثمرة ضعف الغضب
يقول: "وأما ثمرة الحمية الضعيفة"، يعني: حميته ضعيفةٌ، غضبه ضعيفٌ، بسيطٌ، وثمرة ذلك كما يقول: "فقلة الأنفة مما يُؤنف منه"، يعني: الشيء الذي يُفترض أن يأنف منه، ويستقذره، ويبتعد عنه، ويستوحش منه؛ لا يحصل عنده هذا الكلام.
"فقلة الأنفة مما يُؤنف منه من التعرض للحرم" الحُرمات، "والزوجة والأمة، واحتمال الذل من الأخساء" يعني: الناس الذين ليسوا أسوياء، الناس الذين فيهم صفة الخِسَّة يُذلونه، وهو يحتمل إذلالهم له.
"وصغر النفس والقماءة، وهو أيضًا مذمومٌ؛ إذ من ثمراته: عدم الغيرة على الحُرم، وهو خنوثةٌ، قال : إن سعدًا لغيورٌ، وأنا أغير من سعدٍ، وإن الله أغير مني[20]أخرجه أبو عوانة في "مستخرجه" (3/ 214) برقم (4720) بلفظ: أتعجبون من غِيرة سعدٍ؟ فأنا أَغْيَرُ من سعدٍ، والله عزَّ … Continue reading.
وإنما خُلقت الغيرة لحفظ الأنساب، ولو تسامح الناس بذلك لاختلطت الأنساب؛ ولذلك قيل: كل أمةٍ وُضعت الغيرة في رجالها" يعني: الرجال كانت عندهم غِيرةٌ، وعندهم غضبٌ لمحارمهم، "وُضعت الصيانة في نسائهم"، كانت النساء مُصانةً صيانةً ورعايةً قويةً.
"ومن ضعف الغضب: الخور والسكوت عند مشاهدة المنكرات"[21]ما بين علامتي التنصيص من كلام الإمام الغزالي كما في "إحياء علوم الدين" (3/ 168).، وهذه والتي قبلها قضيةٌ مهمةٌ جدًّا.
تأتيني اتصالاتٌ واستشاراتٌ أعجب منها أشد العجب؛ حيث أجد ضعف الغيرة عند أولياء الأمور في توظيف نسائهم في أماكن مختلطةٍ، أو العكس: تترك الزوجة زوجها في أماكن مختلطةٍ، وكأن الأمر عادي جدًّا، وليس هناك إشكالٌ!
وهذه قضيةٌ خطيرةٌ جدًّا، فهذا الضعف أشار إليه أبو حامد الغزالي فيما يتعلق بقضية الفقد أو الضعف لقوة الغضب، والذي أشار إليه بعد ذلك فيما يتعلق بالغيرة على الحُرم والمحارم، وهذا شيءٌ مطلوبٌ.
والذي عنده في هذا عجزٌ أو نقصٌ فهذا عنده مرضٌ يُسمونه -كما قلنا-: ضعف السلوك التوكيدي، ويحتاج إلى علاجٍ: إما معالجة الفكر إذا كان لا يرى في ذلك مشكلةً، أو معالجة النفس وإعطاء مجالات لحل مثل هذه المشكلة لما يأتي ويقول: والله تحتاج أن تتوظف، ويحتاج أن يتوظف ولدي ... إلى آخره!
طيب، هو يحتاج، وهي تحتاج، ما قلنا: لا، لكن هذه المصلحة وراءها مفاسد كبيرةٌ بسبب هذه الأمور التي ستحصل.
وأعرف قصةً أتابعها: شابٌّ يتعرض -والعياذ بالله- للاعتداء اللاأخلاقي، ويعرف أنه خطأٌ، ويريد أن يخرج من هذا، ولكنه تورط مع (شِلَّةٍ) عبر الإعلام الجديد، وهو لا يعرفهم، فهم في منطقةٍ أخرى، ويأتون إليه بسبب هذا التواصل؛ لضعف شخصيته، وضعف غِيرته، وضعف قوة الغضب عنده؛ لأن الإنسان لو كان عنده غضبٌ -كما سيأتي في كلام الغزالي- حتى على نفسه؛ سيضبط نفسه من أن تقع في الشهوة، ويُلزمها.
وقصةٌ أخرى: خلافٌ بين الزوجين، وكان سببه أن أحد الزوجين يدخل في أماكن الاختلاط، وتقول الزوجة: والله سبع سنوات. وذكرت مآسٍ، قلت: هل كان هناك حدثٌ معينٌ؟ قالت: كان في عملٍ غير مُختلطٍ، وحين انتقل إلى عملٍ مُختلطٍ تغيرت حتى ديانته، وتغير فكره، وتغيرت علاقته بزوجته، وعلاقته بأسرته.
إذن هناك مشاكل، وهناك كما قال: "حفظ الأنساب"، في مقابل اختلاط الأنساب، وهناك -يعني- حُرماتٌ إذا ما راعيناها من خلال وجود قوة الغضب والغيرة على المحارم تُصبح القضية مشكلةً وسالبةً ومرضًا يحتاج إلى علاجٍ.
يقول: "بل مَن فقد الغضب عجز عن رياضة نفسه"، وصدق؛ "إذ لا تتم الرياضة إلا بتسليط الغضب على الشهوة؛ حتى يغضب على نفسه عند الميل إلى الشهوات الخسيسة"، مال للشهوات الخسيسة وللمُحرمات وللرذائل التي حرَّمها الله ، فإذا لم تكن عنده القوة لوقف هذه النفس فسيدخل في هذه المتاهات؛ ولذلك هذه القوة -قوة الغضب- وجودها مهمٌّ حتى مع النفس؛ لأنها هي التي تضبط النفس فتغضب على نفسها: "ففقد الغضب مذمومٌ".
ثم ذكر الإمام الغزالي الكلام الذي ذكرناه فيما يتعلق بالشيء المحمود الذي أشرنا إليه سابقًا، فقال -رحمه الله-: "فمَن مال غضبه إلى الفتور" صار ضعيفًا "حتى أحسَّ من نفسه بضعف الغيرة وخِسَّة النفس في احتمال الذل والضَّيم في غير محله، فينبغي أن يُعالج نفسه حتى يقوى غضبه"، هذا يحتاج أن نرفع من مستوى غضبه، "ومَن مال غضبه إلى الإفراط حتى جرَّه إلى التهور واقتحام الفواحش، فينبغي أن يُعالج نفسه لينقص من سورة الغضب، ويقف على الوسط الحق بين الطرفين، فهو الصراط المستقيم، وهو أرقّ من الشعرة، وأحدّ من السيف"[22]"إحياء علوم الدين" (3/ 168، 169).، وهذه عبارةٌ رائعةٌ جدًّا ونفيسةٌ؛ الوصول لهذا المنهج الوسط بين الإفراط في قوة الغضب، والتفريط في قوة الغضب، الوسط هذا "أرقُّ من الشعرة، وأحدُّ من السيف"، وقد صدق، رحمه الله.
ثم تكلم بعد ذلك عن أن الإنسان إذا تجاوز الحد المطلوب في الغضب يحتاج إلى تدخلٍ من أجل علاجه: إما إفراطًا، أو تفريطًا، وذكر عبارة: أن انعدام الغضب كانعدام الإرادة، وهذه قضيةٌ مهمةٌ جدًّا، فانعدام الغضب مثلما نقول: شخصٌ ما عنده إرادةٌ، ما عنده غضبٌ، نفس الشيء: ما عنده إرادةٌ.
الأسباب المُهيّجة للغضب
ثم أشار بكلامٍ جميلٍ إلى الأسباب المُهيجة للغضب، ونحتاج أن نقف عندها حقيقةً.
قال -رحمه الله-: "والأسباب المُهيجة للغضب هي: الزَّهو، والعُجب، والمزاح، والهزل، والهَزْء، والتعيير، والمُماراة، والمضادة، والغدر، وشدة الحرص على فضول المال والجاه، وهي بأجمعها أخلاقٌ رديئةٌ مذمومةٌ شرعًا، ولا خلاص من الغضب مع بقاء هذه الأسباب، فلا بد من إزالة هذه الأسباب بأضدادها".
هذه قضيةٌ مهمةٌ جدًّا، فلا بد أن نعرف أسباب الغضب، فذكر هنا أسبابًا للغضب من هذه الأمور التي هي أخلاقٌ رديئةٌ، فلا بد أن نقابلها بأضدادها، وهي الأخلاق الطيبة الحميدة؛ حتى نستطيع أن نتعامل معها، فهو ليس مُتكبرًا، وإنما هو متواضعٌ، وهو شخصٌ جادٌّ، ويمارس شيئًا من الترويح عن النفس، لكن ليس شخصًا مَزَّاحًا وهزليًّا، وما شابه ذلك.
ثم تكلم بعد ذلك عن الأسباب الداخلية العقلية، وهذه من اللفتات الجميلة جدًّا التي نافس فيها أبو حامد المدرسة العقلية والعلاج المعرفي عند علماء النفس وسبقهم.
يقول -رحمه الله-: "ومن أشد البواعث على الغضب عند أكثر الجُهَّال تسميتهم الغضب: شجاعةً، ورجوليةً، وعزة نفسٍ، وكبر هِمَّةٍ، وتلقيبه بالألقاب المحمودة غباوةٌ وجهلٌ، حتى تميل إليه وتستحسنه"[23]ما بين علامتي التنصيص من كلام الإمام الغزالي كما في "إحياء علوم الدين" (3/ 172)..
فالإنسان عندما يتصور أن الغضب موقفٌ رجوليٌّ، ويبدأ -من خلال ضعف الإنسان وجهله وغبائه- في إضفاء الألقاب التي تجعله يستحسن الغضب ويُحبه، ويتصور أنه ينبغي أن يكون كذلك؛ فلا شك أن هذا هو الذي سيُرديه إلى المهالك.
فالغزالي نظر نظرةً معرفيةً، بعد أن نظر نظرةً سلوكيةً فيما يتعلق بالعُجب والزَّهو والمزاح ... إلى آخره، وهذا الجانب المعرفي الذي أشار إليه في تصور بعض الناس الذين لا يضبطون أنفسهم يرون أنه موقف شجاعةٍ ورجولةٍ.
من أسباب الغضب: التَّشبه بالأكابر
وقد سبق الغزالي بهذا الناس الذين تعاطوا هذه القضية وجاءوا مُتأخرين في القرون الأخيرة في المدارس النفسية، بل إنه تكلم كلامًا رائعًا جدًّا، وفسر حدوث الغضب في قضيةٍ مرتبطةٍ بجانبٍ مهمٍّ في البيئة، وهو التَّشبه بالأكابر، قال: "وقد يتأكد ذلك بحكاية شدة الغضب عن الأكابر، مع بعض المدح بالشجاعة".
شخصٌ كبيرٌ محل قدوةٍ: كأبٍ، أو معلمٍ، ... إلى آخره، وجيهٌ، ويقال: ما شاء الله عليه! غضوبٌ. ويُمدح.
"والنفوس مائلةٌ إلى التَّشبه بالأكابر، فيهجم الغضب إلى قلبه بسببه"، موقعه كقدوةٍ يجعل الغضب يهجم عليه ويتشربه كالإسفنج، ويتصور أنه أمرٌ طبيعيٌّ.
"المريض أسرع غضبًا من الصحيح"؛ لأنه ضعيفٌ، "والمرأة أسرع غضبًا من الرجل"؛ لأنها ضعيفةٌ، "والصبي أسرع غضبًا من الرجل الكبير"؛ لأنه ضعيفٌ، "والشيخ الضعيف أسرع غضبًا من الكهل، وذو الخلق السيئ والرذائل القبيحة أسرع غضبًا من صاحب الفضائل".
وهذه المُقارنات رائعةٌ جدًّا في فهم النفوس البشرية.
ثم قال بعد أن تكلم عن قضية التشبه بالأكابر: "ينبغي تنبيه هذا الجاهل بأن تُتلى عليه"، يعني: يُنبه هذا الشخص الذي أصبح يتقمص شخصيات الأكابر، وأخذ منهم الغضب بصورته السلبية، ماذا نفعل معه؟
يقول: "تُتلى عليه آيات أهل الحلم والعفو وما استُحسن منهم من كظم الغيظ، فإن ذلك منقولٌ عن الأنبياء والأولياء والحُكماء والعلماء وأكابر الملوك الفُضلاء"[24]"إحياء علوم الدين" (3/ 172، 173).، يعني: هنا يتكلم بما يُسمى: بالتعلم من النماذج السلوكية، التعلم من خلال النموذج، من خلال الـ(model) كما يقال، النماذج الضمنية.
فهو يقول: مشكلة هؤلاء أنهم تعلموا من ناسٍ أكبر منهم؛ فتقمصوا مثلهم، ماذا نفعل؟
نُعطيهم البديل؛ فنُعلمهم بدل هذه النماذج السيئة نماذج طيبة من خلال السيرة النبوية، ومن خلال الأنبياء وسيرة الأنبياء، ومن خلال سيرة الحكماء والعلماء الذين ضربوا أروع الأمثلة المتعلقة بكظم الغيظ.
الغضب ضعفٌ في السلوك
وقد أشار أيضًا إشارةً إلى أن الغضب هو ضعفٌ في السلوك عندما تكلم عن الأنوثة والطفولة والشيخوخة، في مقابل الرجل، وفي مقابل الكبير، وأن الناس الأضعف هم أكثر غضبًا، وهذا يدل على أن الغضب يُمثل ضعفًا في السلوك حقيقةً.
واستدلَّ على أن ضبط النفس عند الغضب هو القوة، وهذا واضحٌ في حديث النبي : ليس الشديد بالصرعة، وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب[25]أخرجه البخاري (6114)، ومسلم (2609)..
وهنا قضيةٌ ذكرها أهل الاختصاص، وما أسموه: بالشخصية الشديدة hardly))، وهم الأشخاص الذين يُمكنهم أن يمروا من مواقف شديدةٍ دون أن تحدث لديهم انفعالاتٌ أو آثارٌ سلبيةٌ، وهذا هو الذي قصده النبي .
فضبط النفس عند الغضب هو القوة، وهذا معنى القوة التي بيَّن الرسول أنها حقيقة الرجل الشديد، وهذا مصطلحٌ موجودٌ ومتأخرٌ في علم النفس، وذكروا هذه المواصفات، وقد ذكرها النبي في حديثه، وذكرها العلماء -كالغزالي- في تبيانهم لِمَا ذكره النبي عليه الصلاة والسلام.
علاج الغضب
تكلمنا في اللقاء الماضي عن علاج الغضب، وتكلم الغزالي عن هذا، فلا نُكرر، لكن تهمنا بعض الأشياء التي ربما يكون الوقوف عندها مهمًّا جدًّا، فقد تكلم عن حسم مادة الغضب فقال: "حسمٌ لمواد الغضب وقطعٌ لأسبابه حتى لا يهيج، فإذا جرى سببٌ هيَّجه فعنده يجب التثبت؛ حتى لا يضطر صاحبه إلى العمل به على الوجه المذموم، وإنما يُعالج الغضب عند هيجانه بمعجون العلم والعمل".
إذن لا بد أن نعرف أسباب الغضب التي تُسبب هيجانه، وإذا صار شيءٌ لا بد أن نتثبت منه ونتأكد؛ حتى لا يكون لنا موقفٌ مذمومٌ، وضبط هذا الأمر يكون بالعلم والعمل.
فالغزالي -رحمه الله- وضع طريقين ومحورين أساسيين للعلاج: العلم، والعمل.
وذكر ستة أمورٍ في العلم، وهي مهمةٌ، أذكرها سريعًا جدًّا:
الأول: يتفكر في الأخبار التي تدل على فضل كظم الغيظ، وهذا التفكير يبدأ بتأمل قول الله: وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران:134].
وحديث: مَن كظم غيظًا وهو قادرٌ على أن يُنفذه ...[26]أخرجه أبو داود (4777)، والترمذي (2493) وقال: "هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ"، وابن ماجه (4186)، وأحمد في "المسند" (15637)، وقال … Continue reading.
إذن هذا التأمل هو جانبٌ من العلم والمعرفة، إعمالٌ عقليٌّ ومعرفيٌّ، وهذا في المدارس العقلية والمعرفية والنفسية تكلموا عن هذه القضية، لكن الغزالي سبقهم.
الثاني: "أن يُخوِّف نفسه بعقاب الله، وأن قدرة الله أعظم من قُدرته هو على غيره"، وهذا أيضًا من التأمل واستخدام العلم، فأنت الآن خَفْ من عقاب الله، فالله قادرٌ عليك أعظم من قُدرتك على غيرك.
الثالث: "أن يُحذِّر نفسه عاقبة العداوة والانتقام"، لا تكون ردَّة فعل الشخص المقابل أنه ربما يقتل، وربما يفعل كذا وكذا، وربما يكشف أستارًا وأسرارًا.
الرابع: "يتفكر في قُبح صورته"[27]ما بين علامتي التنصيص من كلام الإمام الغزالي كما في "إحياء علوم الدين" (3/ 173، 174).، وهذا يُسمى: بالتمثيل الذاتي، وهذا ذكرناه في قُبح الصورة؛ أن يتصور وجهه كيف يكون حينما يكون غضبانًا؟!
الخامس: "أن يتفكر في السبب الذي يدعوه إلى الانتقام ويمنعه من كظم الغيظ".
يقول: "ما أعجبكِ! تأنفين من الاحتمال الآن، ولا تأنفين من خِزي يوم القيامة والافتضاح إذا أخذ بيدك وانتقم منك!" يُخاطب نفسه، "وتحذرين من أن تصغري في أعين الناس، ولا تحذرين من أن تصغري عند الله والملائكة والنبيين!" هذا الخطاب العقلي أيضًا يُساعد في علاج الغضب.
السادس: "أن يعلم أن غضبه من تعجبه من جريان الشيء على وفق مراد الله، لا على وفق مراده"، يعني: هو إذا غضب كأنه يقول: لماذا الله سوَّى كذا؟! والعياذ بالله، "فكيف يقول: مُرادي أولى من مراد الله؟!" كيف يقول: الذي قدَّره الله لا، أنا الذي في بالي هو أفضل من مراد الله؟! ويوشك أن يكون غضب الله عليه أعظم من غضبه؛ فسيغضب الله عليه عندئذٍ أكثر من هذا الغضب الذي تولد. هذا جانب العلم.
الجانب الثاني: العمل، يعني: الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وهذه أشار إليها الغزالي، والحركة البدنية، وتغيير المكان والهيئة، يقول الغزالي -رحمه الله-: "فاجلس إن كنت قائمًا، واضطجع إن كنت جالسًا، واقرب من الأرض التي منها خُلقت؛ لتعرف بذلك ذُلَّ نفسك، واطلب بالجلوس والاضطجاع السكون؛ فإن سبب الغضب الحرارة، وسبب الحرارة الحركة".
وذكرنا حديث: ألا وإن الغضب جمرةٌ ...[28]أخرجه الترمذي (2191)، وقال: "هذا حديثٌ حسنٌ"، وأحمد في "المسند" (11587)، وقال مُحققوه: "إسناده ضعيفٌ؛ لضعف علي بن زيد … Continue reading في مجلسٍ سابقٍ.
وقضية استخدام الماء من العمل، وقد أشرنا إليها في قضية الوضوء، وهنا قال: "فإن لم يزل ذلك -يعني: الغضب- فليتوضأ بالماء البارد، أو يغتسل؛ فإن النار لا يُطفئها إلا الماء، فقد قال : إذا غضب أحدكم فليتوضأ بالماء؛ فإنما الغضب من النار[29]لم أقف عليه بهذا اللفظ، وإنما بلفظ: إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خُلق من النار، وإنما تُطفأ النار بالماء، … Continue reading"[30]ما بين علامتي التنصيص من كلام الإمام الغزالي كما في "إحياء علوم الدين" (3/ 174)..
فالجانب العلمي والعملي يكاد يكون بهذا المجموع في وقته وفي تاريخ الغزالي أبدع في جمع هذه العلاجات لهذا الداء، وهذا الانفعال المُشكل، يعني: الغضب، وسبق غيره في المدارس النفسية، مثل: الجانب المعرفي الذي ما عرف إلا في علم النفس العلاجي والإرشادي مُتأخرًا.
وكذلك فيما يتعلق بقضية علاج الفرد لنفسه، فهذه أيضًا لم تكن موجودةً في التخصص إلا من خلال المدارس، ولكن الغزالي أشار إليها وذكرها وبيَّنها، وهذه من العلوم التي ينبغي أن نُخرجها منه ومن غيره من علماء المسلمين؛ حتى تُعطي درايةً أن هذا الدين العظيم الذي استقى علماؤه من كتاب الله وسنة النبي ؛ أنهم عرفوا دراسة النفس البشرية حقيقةً.
غرس الغضب المحمود في الأبناء
هذا سائلٌ يسأل ويقول: كيف نغرس في أبنائنا الغضب المحمود، خاصةً في مرحلة البلوغ، وبين الطلاب في المدارس؟
هذا السؤال مهمٌّ جدًّا، وربما أشرنا إليه، وأؤكد على ما ذكره الغزالي فيما يتعلق بقضية التعلم بالنماذج السلوكية، فهذا مهمٌّ جدًّا: أننا ننظر إلى النماذج السلوكية.
أول نموذجٍ: أنا كأبٍ ومعلمٍ ومُربٍّ نحتاج إلى أن نضبط انفعالاتنا، ونضبط انفعال الغضب، وإلا سيكونون مثلنا؛ لأننا إذا كنا نماذج سلبيةً ففي الغالب سنُولد منهم نماذج سلبيةً في قضية الغضب، فمهمٌّ جدًّا أن نضبط الغضب في المُربين -ذكورًا وإناثًا- في البيئة المدرسية، والبيئة الأسرية، وغير ذلك.
الأمر الآخر: يمكن أن نقرأ لهم ما يتعلق بحكايات العلماء، وقبل ذلك الأنبياء، والنبي ، والناس غير المسلمين الذين ربما أعطوا صورًا فيما يرتبط بكظم الغيظ، وما يرتبط بضبط قضية الانفعال، هذا أيضًا مهمٌّ.
ووضعه في محكَّات مثيرات معينة قد تُولد الغضب، نختبره من خلالها، فإذا أخطأ يُوجه ويُعلم من خلالها، ومعيشته في الحياة، وتعزيز الجوانب الإيجابية فيه، ومحاولة التأثير فيه، ومحاولة ربط القضية بالناحية القلبية، وقبل ذلك الإيمانية.
والكلام الذي ذكرناه في العلاج العلمي المعرفي، وهي ست نقاطٍ ذكرها الغزالي في مخاطبة الإنسان لنفسه، وكذلك العلاج الذي ذكرناه من كلامه قبل ذلك في أنواع العلاجات التي أشار إليها الأستاذ الدكتور النغيمشي، كلها يمكن أن تُساعدنا في حلِّ المشكلة، أو الوقاية منها.
ونغرس الجانب المقابل؛ إن كانت نماذج سيئة نغرس نماذج إيجابيةً، وإن كان غضبًا نغرس الحلم من خلال مواقف مُؤثرة: تمثيليات، ومشاهد، وفلاشات، وما شابه ذلك.
كيف نُواجه كذب أبنائنا؟
السؤال الأخير: كيف نُمسك أنفسنا من الغضب على الأولاد وضربهم، خاصةً عندما يكذب الولد الكبير وعمره يصل إلى خمس عشرة سنةً؟
نعم، الابن يكذب، هذا خطأٌ، وأيضًا شيءٌ لا يُقبل، ومذمومٌ، وليس معنى هذا الكلام أن أُقابل ذلك بغضبٍ مذمومٍ، لا يُقبل أبدًا، والغضب المذموم ضعف السلوك التوكيدي، أشرنا إليه في مجال ضعف السلوك التوكيدي، أو أنه نقص قوة الغضب وفقده، هذا خطأٌ ومشكلةٌ، وسيستمر الابن؛ لأنه يكسب قِيَمًا وأخلاقًا.
والشيء الثاني في المقابل المذموم في الإفراط، وهو: أنه يسبّ ويشتم ويضرب، وهذا الذي يقع فيه البعض كما أشار ربما الأخ في سؤاله: وضربهم.
فنقول: تجنب الضرب، واضبط أنت غضبك أخي الكريم، وعالج هذا الموضوع بطريقةٍ سليمةٍ، فأنت لا بد ابتداءً أن تضبط نفسك في موضوع الغضب، وما يتعلق بالكذب، فهنا يبدأ التعامل مع الابن من خلال أسلوب التوجيه، ومن خلال القدوة، ومن خلال معرفة أين السبب؟ ونُبعد عنه المُثير، ومن خلال: ما الذي يجعله يكذب؟
ربما هناك تعاملٌ فيه عنفٌ، أو حتى فيه دلالٌ ودلعٌ، ويريد أن يُحقق الذي يريد إن كان عنفًا؛ فيكذب حتى يحصل الذي يريد؛ لأنه يعرف أن هناك مشاكل ومفاوز للوصول إلى الآباء، وإذا كان دلالٌ ودلعٌ فهو يريد أن يُحقق أكثر المكاسب بما يستطيعه.
ونبين له عقوبة هذا الكذب، ونقرأ له الأحاديث المتعلقة بالكذب، وأن الإنسان قد يكذب الكذبة وتبلغ الآفاق: وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يُكتب عند الله كذَّابًا[31]أخرجه البخاري (6094)، ومسلم (2607)..
كل هذه القضايا وما يتعلق بذلك، وتعزيزه بالجانب الإيجابي إذا ترك الكذب وأصبح صادقًا، وإبعاد البيئة السلبية التي يعيش فيها، وربما يكون عنده هذا الجانب بالنظر للمُثيرات.
أسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يجعلنا وإياكم مفاتيح للخير، مغاليق للشر، وأن يُوفقنا وإياكم لكل خيرٍ.
والحمد لله رب العالمين، وأُصلي وأُسلم على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه وسلم.
↑1 | أخرجه مسلم (911). |
---|---|
↑2 | "إحياء علوم الدين" (3/ 166). |
↑3 | "إحياء علوم الدين" (3/ 167). |
↑4 | "إحياء علوم الدين" (3/ 167). |
↑5 | "إحياء علوم الدين" (3/ 167). |
↑6 | "إحياء علوم الدين" (3/ 167). |
↑7 | "إحياء علوم الدين" (3/ 168). |
↑8 | أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (8/ 518) برقم (6176)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (2/ 286)، وقال الشيخ الألباني: "إسناده صحيحٌ موقوفٌ" كما في "السلسلة الضعيفة" (14/ 1164) في كلامه على حديث رقم (7056). |
↑9 | أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (2663)، وفي "الكبير" (929)، وابن عبدالبر في "جامع بيان العلم وفضله" (903)، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" ت: بشار (6/ 442)، وحسنه الشيخ الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (342)، وفي "صحيح الجامع" (2328). |
↑10 | "إحياء علوم الدين" (3/ 169). |
↑11 | ما بين علامتي التنصيص من كلام الإمام الغزالي كما في "إحياء علوم الدين" (3/ 169). |
↑12 | "إحياء علوم الدين" (3/ 170). |
↑13 | أخرجه الترمذي (2346)، وابن ماجه (4141) بغير لفظة: "بحذافيرها"، وهي عند ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" برقم (2126)، وأبي نعيم في "حلية الأولياء" (5/ 249)، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" (6042). |
↑14 | "إحياء علوم الدين" (3/ 170). |
↑15 | "إحياء علوم الدين" (3/ 168). |
↑16 | "إحياء علوم الدين" (3/ 168). |
↑17 | "إحياء علوم الدين" (3/ 168). |
↑18 | "إحياء علوم الدين" (3/ 168). |
↑19 | "إحياء علوم الدين" (3/ 168). |
↑20 | أخرجه أبو عوانة في "مستخرجه" (3/ 214) برقم (4720) بلفظ: أتعجبون من غِيرة سعدٍ؟ فأنا أَغْيَرُ من سعدٍ، والله عزَّ وجلَّ أَغْيَرُ مني، والطبراني في "المعجم الكبير" (921). |
↑21 | ما بين علامتي التنصيص من كلام الإمام الغزالي كما في "إحياء علوم الدين" (3/ 168). |
↑22 | "إحياء علوم الدين" (3/ 168، 169). |
↑23 | ما بين علامتي التنصيص من كلام الإمام الغزالي كما في "إحياء علوم الدين" (3/ 172). |
↑24 | "إحياء علوم الدين" (3/ 172، 173). |
↑25 | أخرجه البخاري (6114)، ومسلم (2609). |
↑26 | أخرجه أبو داود (4777)، والترمذي (2493) وقال: "هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ"، وابن ماجه (4186)، وأحمد في "المسند" (15637)، وقال مُحققوه: "إسناده حسنٌ"، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" (6518). |
↑27 | ما بين علامتي التنصيص من كلام الإمام الغزالي كما في "إحياء علوم الدين" (3/ 173، 174). |
↑28 | أخرجه الترمذي (2191)، وقال: "هذا حديثٌ حسنٌ"، وأحمد في "المسند" (11587)، وقال مُحققوه: "إسناده ضعيفٌ؛ لضعف علي بن زيد بن جدعان، وبقية رجاله ثقاتٌ رجال الصحيح"، وضعفه الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" (385). |
↑29 | لم أقف عليه بهذا اللفظ، وإنما بلفظ: إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خُلق من النار، وإنما تُطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ أخرجه أبو داود (4784)، وأحمد في "المسند" (17985)، وقال مُحققوه: "إسناده ضعيفٌ"، وضعفه الألباني في "ضعيف الجامع" (1510). |
↑30 | ما بين علامتي التنصيص من كلام الإمام الغزالي كما في "إحياء علوم الدين" (3/ 174). |
↑31 | أخرجه البخاري (6094)، ومسلم (2607). |