السؤال
سائلة تقول: كيف أربي ابني في إسبانيا وسط فساد الشباب الموجودين هناك؟
الجواب
بادئ ذي بدء أنا أُكْبِر الحقيقة في كثير من الأسئلة التي تردني من الذين يعيشون في تلكم الديار: الغيرة التي يظهرونها لدين الله ، وهنيئًا لهم ذلك الأمر وهذا الاهتمام وهذا الاتجاه، ونقول أيضًا: وأعانهم الله على ما هم عليه، لكن لعل هذا من صريح الإيمان وكذلك من شدة الابتلاء الذي ابتُلوا به.
وعليهم حقيقةً، وأنا أقولها هنا بملء فمي: عليهم كما لجؤوا إلى المستشارين أن يلجؤوا قبل ذلك إلى الله ، الدعاء الدعاء الدعاء أيها الإخوة والأخوات.
أذكر أحد المربين كنت في نقاش معه فكان يتحدث عن حاجتنا إلى اللُّجوء إلى الله . يقول: والله تنسدّ بي الأمور فيما يتعلق بتربية الأبناء وأحاول من عدة طرق وأساليب ومهارات فلا أنجح، فأجد نفسي مضطرًا للدعاء بين يدي الله أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ [النمل:62]؛ فأجد أن الأمور قد انشرحت ووفق الله وأعان!
فالحقيقة أن من وُفِّق في وقت الأزمة إلى أن يلجأ إلى الله ابتداءً هذا الموفق الذي قلبه معلَّق بالله ؛ وهؤلاء على طريقة النبي ﷺ فإنه كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة فكم نحن بأمس الحاجة أن نفزع إلى الله تعالى.
فلتفزعوا أيها الإخوة والأخوات إلى الدعاء، ومثل من سأل هذا السؤال خوفًا على أبنائه في تلك الديار من الفساد، وإن كان الفساد اليوم فسادًا عالميًّا في القرية الواحدة وفي جيل التقنية، لكن لا شك أن المثيرات هناك التي يرونها رأي العين ويخالطونها في مدارسهم وفي الشارع وفي الأسواق تختلف جدًّا عما هي موجودة في بلاد المسلمين! فكم نحن بأمس الحاجة أولًا: إلى قضية الدعاء.
الجانب الآخر: الحرص على البناء: فنجد أن كثيرًا من الآباء والأمهات لا يفكرون إلا لما تحصل هناك المشكلة أو أن نخاف من المشكلة!
هذا الأمر نستطيع تقليله والاطمئنان إلى ألا يحصل حينما يكون لدينا في داخل أسرنا مشروع تربوي حضاري مستمر.
أين الحرص على بناء الجانب العلمي لأبنائنا وشبابنا؟
أين الحرص على بناء الجانب الإيماني في تلكم الديار (الجوانب التي لا يأخذونها في مدارس)؟ إذا لم تكن هناك مدارس إسلامية تغذّي وتعوّض النقص الموجود؛ فلابد للأسرة أن تغذّي وتعوّض النقص الموجود.
والحمد لله اليوم عبر الفضاء يا من أنتم في تلكم الديار تشاهدون القنوات الفضائية، أصبحت أكاديميات مثل هذه القناة "زاد" تعلِّم الدين.
فأصبحت هذه الأكاديميات متوفرة عبر المواقع في النت، إذن: تعليم العلم، وكذلك الإيمان، والتذكير بالله ، وحب الله ، والتحليق بهؤلاء الشباب من نعومة أظفارهم وهم أطفال، بالقضايا الإيمانية، والحافظ هو الله ، هي قضية مهمة جدًّا؛ لأن العلم أيها الإخوة والأخوات: يدفع الشُّبهات، الشبهات لديكم في دياركم كثيرة، والأمر لا نستطيع أن نَحُدُّه عَلنًا، أقصد أنه يسمعه وتسمعه الفتاة في المدرسة وفي الشارع وفي أماكن أخرى، والأمر أشد مما هو عليه في ديار الإسلام بلا شك!
فالعلم هو الذي سيجعله يقبل أو لا يقبل، يوافق أولا يوافق، وهذا يستدعي مجالًا للحوار والنقاش والإقناع والتلقي من مصادر نظيفة.
كذلك الإيمان، الإيمان مهم جدًّا، هو الذي يجعله يقول: مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ [يوسف:23].
أين هذا المشروع التربوي في داخل بيوتنا؟ نبحث عنه، وهو قضية مهمة جدًّا.
قضية أخيرة في هذا الجانب: احرصوا على الأصدقاء قدر المستطاع، لا تقولوا: ما نستطيع، لا تقولوا: ليس كما عندكم في تلكم الديار المسلمة أو غيرها، اجتهدوا، اتقوا الله ما استطعتم، وما توفيقكم وتوفيقنا إلا بالله .
ابحثوا عن الأصدقاء ستجدون أصدقاء يهتمون بالعمل الإسلامي والدعوة إلى الإسلام وبإشغال الأوقات، وهذه قضية أخرى!
قضيتان أساسيتان لمرحلة الشباب مهمتان جدًّا ذكورًا وإناثًا، وقد دلّت بعض الدراسات على أنها من أشد الأشياء التي تحرف الأحداث وتحرف الشباب والمراهقين ذكورًا وإناثًا: أصدقاء السوء ووقت الفراغ!
إن الشباب والفراغ والجدة (أي المال) | مفسدة للمرء أي مفسدة |
فينبغي حقيقةً العناية بقضية تكوين صداقات إيجابية ونبحث عنهم ونتعب عنهم.
وكذلك إشغال أوقات الفراغ بأمور طيبة من أمور الدنيا والآخرة، لابد من العناية بهذا الأمر.
وإذا وفقكم الله إلى أن تتركوا تلك الديار وتعودوا إلى دياركم وكان هذا الأمر متاحًا لكم؛ فلا شك أن هذا هو الأوْلى وهو الأفضل، وأنا لا أتحدث من الناحية الشرعية؛ فهذه له اختصاصها، لكن قصدي أن هذا الأوْلى والأفضل بالنسبة للمعاناة الموجودة، ليست قضية فتوى ولكنها كلام حول ما يتعلق بالتربية الأسرية والمعاناة التي أشارت إليها الأخت.[1]المصدر: 11- لقاء مفتوح للرد على الاستشارات
↑1 | المصدر: 11- لقاء مفتوح للرد على الاستشارات |
---|