المحتوى
مقدمة
الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: هذا هو اللقاء التاسع من هذه السلسلة التي نسأل الله أن ينفع بها ويُبارك فيها، حتى تكون الصورة واضحةً في سير هذه اللقاءات، نحن بدأنا لقاءاتٍ عن أول ما ينبغي أن نبدأ به وهو: قضية النية والتطبيقات التربوية والنفسية عن موضوع النية.
ثم بدأنا بعد ذلك بما يتعلق بالنية، وهو العمل، وتحدثنا عن قضية مطابقة القول للعمل، وهي قضية القدوة وتطبيقاتها التربوية والنفسية، ثم أخذنا إجابةً عن الأسئلة الواردة، ومن ثم بدأنا بمُسلَّماتٍ حول الإنسان وطبيعة الإنسان.
واليوم نُكمل فيما يتعلق بالإنسان، وما الإنسان الذي نريد؟
وهدفنا من اللقاء الماضي وهذا اللقاء -الثامن والتاسع- هو أننا في القضايا التربوية والنفسية والأُسرية نتكلم عن الإنسان، عني أنا، وعنك أنت، وعنه هو، وعنها هي.
فلا بد أن نعرف مَن هذا الإنسان بالضبط؟ ولذلك تحدثنا في اللقاء الماضي عن قضية التصور والمُسلمات المُرتبطة بالإنسان، وطبيعة هذا الإنسان.
واليوم سنتحدث عن المنتج، ثم نُكمل -إن شاء الله تعالى- في اللقاءات القادمة، ولعل اللقاء القادم يكون -بإذن الله- عن المعلم المُتعلق بالحوافز ودوافع سلوك الإنسان، يعني: الإنسان حينما يسلك سلوكًا معينًا معرفيًّا، أو ذهنيًّا، أو وجدانيًّا، أو مهاريًّا، ما الذي يدفعه لذلك؟
سنناقش هذه القضية الأسبوع القادم كمعلمٍ أساسيٍّ من المعالم التربوية والنفسية، بإذن الله .
وهذا الذي جعلنا نُؤخر موضوع الإنسان؛ لأننا أردنا أن نبدأ بالنية والقدوة كأساسٍ، وإلا فحتى موضوع النية والقدوة نفهمهما كذلك من خلال ما يتعلق بموضوع الإنسان الذي ناقشناه في المُسلَّمات، وسنناقشه اليوم في المنتج الذي نريد.
المنتج الذي نريد
يا إخواني، ليس هناك أي مصنعٍ أو شركةٍ إلا وتُفكر بقضية المنتج، أليس كذلك؟
وتجعل لهذا المنتج مُواصفات، ونحن منتجنا غير المنتج الصناعي، نحن منتجنا شيءٌ آخر، وهو الذي قامت عليه السماوات والأرض، وهو الإنسان.
الله جعل التكليف مرتبطًا بهذا الإنسان، وميَّزه عن غيره كما سبق أن تكلمنا عن قضية العقل في اللقاء الماضي؛ لذلك نحتاج أن نعرف مَن هو الإنسان الذي نريد أن نُخرجه في الأسرة؟ الإنسان الذي نريد أن نُخرجه في التعليم، الإنسان الذي نريد أن نُخرجه في المجتمع، الإنسان الذي نريد في ظل مناحي الحياة، ما هي مُواصفاته؟ هل الإنسان محمد مثل إبراهيم لزامًا، أم تكون بينهما فروقٌ واختلافاتٌ؟
غالبًا ستكون بينهما فروقٌ واختلافاتٌ؛ ولذلك نحتاج أن نعرف المواصفات حتى نحرص عليها في بنائنا:
أولًا: في ذواتنا نحن.
ثانيًا: فيمَن نتعامل معهم: أبناء، زوجات، أزواج، كبار، صغار، طلاب، معلمون، أصدقاء، موظفون، زملاء عملٍ، ... إلى آخره.
فالإنسان الذي نريده باختصارٍ، وهذا يُناقشه أهل التربية، يقولون: نحن نريد مواطنًا صالحًا، المنتج الذي نريده مواطنًا صالحًا.
والتربية الإسلامية لا تقول ذلك، التربية الإسلامية تقول: نحن نريد إنسانًا صالحًا. وفرقٌ بين لفظ "المواطن الصالح" و"الإنسان الصالح" بسبب أن الإنسان في أي أرضٍ وفي أي مكانٍ يكون صالحًا، هذه القضية مهمةٌ جدًّا.
ولذلك إذا كان في بيته فهو صالحٌ، وإذا كان مُسافرًا فهو صالحٌ، وإذا كان في عمله فهو صالحٌ، وإذا كان في تعليمه فهو صالحٌ، وإذا كان في صحته فهو صالحٌ، وإذا كان في مرضه فهو إنسانٌ صالحٌ.
فنريد أن نعرف -أحبتي- مَن هو هذا الإنسان الصالح؟
بين أيدينا خمسة عشر وصفًا، لعلنا نأتي بها في هذا اللقاء حتى ننتهي من هذه الجزئية الرئيسة: مَن هو الإنسان الصالح الذي نريد؟
وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56]
أول قضيةٍ: أن هذا الإنسان هو عابدٌ لله تعالى، أهم صفةٍ يريد الإسلام أن يُنتجها في الإنسان: أن يكون عابدًا لله ، وهذه سمةٌ لا توجد في النظريات عدا الإسلام، أن يكون الإنسان عابدًا لله؛ لذلك هذا المنتج إذا وُجد في الأسرة، وُجد في الابن، وُجد في الشخص، وُجد في الواحد منا؛ فهو على خيرٍ كبيرٍ جدًّا، فالله ربط قضية خلقه بهذه الغاية العظيمة: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ.
والله وصف هؤلاء القوم الأجلاء العظماء الذين نحتاج أن نُخرج أمثالهم: سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ قال: مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ [الفتح:29].
فهل الأجيال اليوم تُربى على أن يكون لديها هذا الوصف: أنهم عبادٌ لله ؟
هذا أول وصفٍ نحتاج أن نعرفه في الإنسان المنتج الذي نريد أن ننتجه في الإنسان وغيره، فالإنسان لا بد أن يكون عابدًا.
الحياء من الإيمان
الصفة الثانية: الإنسان الذي نريده هو إنسانٌ حييٌّ، وكما جاء في الحديث: الحياء لا يأتي إلا بخيرٍ[1]أخرجه البخاري (6117)، ومسلم (37).، والحياء من الإيمان[2]أخرجه البخاري (24)، ومسلم (36).، والنبي يقول: إذا لم تستحِ فاصنع ما شئتَ[3]أخرجه أحمد في "مسنده" (17098)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (2227)..
وقبل الحديث في موضوع الحياء نتكلم عن موضوع العبادة، وقد تذكرتُ وأنا أتكلم قبل قليلٍ أنه قد لفت نظري في (تويتر) حديثٌ بين عددٍ من العلماء الأجلاء الفضلاء تكلموا فيه عن شابٍّ اختاره الله في يوم الخميس الماضي في مدينة الرياض، وصُلِّي عليه في جامع الراجحي في الرياض، وحتى أربط ذلك بموضوع: أن يكون الإنسان عابدًا، أقول: هذا الشاب كان في المرحلة الجامعية، ومن كثرة مَن صلوا عليه وحضروا جنازته كان بعض الناس الذين في المقبرة يقولون: مَن هذا العالم الذي تُوفي؟!
إذن هو شابٌّ في المرحلة الجامعية، لكن تميز بعدة ميزاتٍ:
الميزة الأولى: أنه يحفظ كتاب الله، اسمه: منصور العبيد، رحمة الله عليه.
الميزة الثانية: أنه مُربٍّ للأجيال في حلقات تحفيظ القرآن.
الميزة الثالثة: أنه مات يوم الخميس وكان صائمًا.
فحين أقارن هذا الشاب -رحمة الله عليه- بنفسي، وبأبنائي، وبمَن أُحب، أقول: هل نصل إلى هذا المستوى: أن يختم الله لنا بمثل هذه الخاتمة، أم أن الأمر غير ذلك؟
هناك فرقٌ بين هذا المنتج وذاك المنتج؛ ولذلك ينبغي أن نبحث عن حُسن المنتج لهذا الإنسان الذي هو أنا وأنت، وكذلك مَن نحن معهم من الأبناء وغيرهم من الطلاب.
الصفة الثانية: إنسانٌ حييٌّ، والإنسان الحيي يستحي من الله، ويستحي من الناس، لا يتصور: يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ [النساء:108]، فالله يستنكر أن يستحي الإنسان من الناس ولا يستحي منه .
يعني: أنا أقول لنفسي ولطلابي ولمَن أُحب: يكون الإنسان في غرفةٍ ويريد أن يدخل على مواقع مُحرَّمةٍ عبر التقنية! لا يراه أحدٌ من الناس، لكن تأتي طفلةٌ صغيرةٌ عمرها سنتان أو ثلاث سنوات، لا تفقه شيئًا، وبمجرد أن تفتح الباب ربما يرتج هذا الإنسان ويخاف، يخاف من ابن سنتين وثلاث سنوات، لكنه ما يخاف من الله !
فلا بد من إنشاء الجيل على الحياء من الله؛ حتى لا يقترف المُوبقات والمُحرَّمات، وأيضًا الحياء من الناس؛ حتى لا يظهر منه ما لا يليق: لا في جسمه وعورته، ولا في أخلاقه وسلوكه، ولا شك أن هذا منتجٌ نحن بأمس الحاجة إليه؛ حتى تخرج أجيالٌ تكون لهم المكانة والدور الكبير في أمتنا.
المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف
الصفة الثالثة: أن هذا الإنسان الصالح يحتاج إلى أن يكون إنسانًا قويًّا مُستعلٍ في كل حالاته، يقول الله : وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [آل عمران:139].
يذكر أهل التخصص في المجال النفسي ما يُسمَّى بقضية الهزيمة النفسية، وربط هذه القضية بالتنازلات، وربط هذه القضية بالمواقف الضعيفة للإنسان، وصاحب المبدأ هو رجلٌ مُستعلٍ بإيمانه.
وأنا والله لا أملك في هذا الموقف إلا أن أقول: كنا نقرأ -يا أحبتي- قصة الغلام الذي حاول الملك أن يقتله -كما تعرفون في الحديث النبوي الشريف- فعلَّم الغلامُ الملكَ الطريقة التي يتخلص بها منه، وبيَّن له الموقف؛ حتى يُعلن أمام الملأ التوحيد لله: قل: بسم الله رب الغلام[4]أخرجه مسلم (3005).، وفعلًا حصل؛ فآمن الناس.
أقول: ما شاهده الكثير اليوم من الشاب السوري الذي دُفن وهو حيٌّ، والله -يا إخواني- كنا نتصور هذه القضية بلا شكٍّ حقٌّ، ذكرها النبي ، لكن فعلًا أعادت لنا أن أناسًا يستعلون بإيمانهم في أحلك الظروف، أليس له مندوحةٌ شرعيةٌ -وقلبه مُطمئنٌّ بالإيمان- أن يقول: لا إله إلا بشار؟ لو قالها وقلبه مطمئنٌّ بالإيمان هل هناك إشكالٌ من الناحية الشرعية؟ لكنه أخذ بالعزيمة، وسبحان الذي ثبَّته على هذه الحال حتى يُعلن أن لا إله إلا الله، ويصبح هذا النموذج له دورٌ كبيرٌ في تربية فئامٍ وأجيالٍ عظيمةٍ جدًّا.
أنا أقول: هذا مستوى عالٍ جدًّا، ونحن نحتاج إلى مستوى دون ذلك، فهذا مستوى لا يصل إليه إلا مَن وفَّقه الله : الذي يأخذ بهذه العزيمة إلى هذا المستوى، ويترك رخصةً جعلها له الله ، ومع ذلك يستحي البعض حينما يأتي إلى الصلاة أن يُؤذن أمام الناس! ويستحي أن يقوم ويُصلي! وفي الطائرة ربما يخجل أن يقوم ويُصلي أمام الناس! ويترك الصلوات! ويترك أعمالًا معينةً؛ لأنه يستحي من الناس، ولا يستحي من الله ! وقِسْ على ذلك أمثلةً عديدةً جدًّا.
نحن نتكلم عن الاستعلاء بالإيمان، الذي يرفع رأسه لأنه مؤمنٌ يشعر بأنه قويٌّ بإيمانه، وهذا هو الذي يطرح قضية الهزيمة النفسية: شخصٌ مُعتزٌّ بمبدئه، يعرف هُويته، يعرف إلى مَن ينتمي هو بالضبط.
نضرب مثالًا: حضر إلى مكانٍ وفيه اختلاطٌ لا يرضاه الله : اجتماع نساءٍ برجالٍ، عائلة، وليس هناك مناسبةٌ معينةٌ، ولا لقاءٌ معينٌ، ... إلى آخره.
وبعض الناس يُكملون صلاتهم وقد انتقض وضوؤهم، وهذا لا يجوز، بل يجب على مَن حدث له ذلك أن يقطع الصلاة ويذهب.
لكن الشخص الذي يستعلي بإيمانه يمكن أن يقول لهؤلاء: هذا الأمر الذي تفعلونه لا يجوز، ولا نرضى أن نُخالف قيمنا فيختلط الرجال بالنساء. المُستعلي بإيمانه يستطيع أن يُوصل رسالته، ويستطيع أن يكون قدوةً للآخرين، ويحترمه الآخرون، فالناس يحترمون صاحب المبدأ، ولا يحترمون الشخص المُتلون الذي يأتي به الهوى يمنةً ويسرةً، ويأخذ القضية حسب المزاج، فالمؤمن القوي مُستعلٍ بإيمانه؛ ولذلك: وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ [آل عمران:139].
وهذا الشخص الذي يشعر بالاستعلاء بالإيمان مع هذه الأحداث التي يراها من شدة الأعداء يقرأ فيها سنن الله -ولابن القيم كلامٌ جميلٌ جدًّا في قضية حِكَم الابتلاء- فيُدرك حِكَم الابتلاء، فالله يريد من المسلمين أن يعودوا.
بعض الإخوة من سوريا -الله يحفظهم- يقولون: التدين عندنا ضعيفٌ، وهذه الأحداث أرجعت جموعًا من الناس إلى الله .
نعم، الواحد منا ما يُحب القتل، ولا يُحب انتهاك الأعراض بلا نقاشٍ، فالعاقل -حتى لو كان غير مسلمٍ- لا يُحب ذلك، لكن حين تأتي هذه الحِكَم ويُدركها الإنسان فقد يكون في هذا خيرٌ، والله لا يُقدر شرًّا محضًا، فعند الاستعلاء بالإيمان تحصل أمورٌ عديدةٌ.
ما تواضع أحدٌ لله إلا رفعه الله
الصفة الرابعة: التواضع: نريد أن نُخرج من أُسرتنا، من تعليمنا، من مجتمعنا إنسانًا مُتواضعًا، يقول الله : وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ [لقمان:19].
هذا الإنسان تجده يتعامل مع الفئات كلها بتعاملٍ فيه تواضعٌ، وفيه خضوعٌ من أخٍ لإخوانه.
وهذه القضية من المهم جدًّا أن تتربى عليها الأجيال، فحين نتعامل مع طبقةٍ أقلّ منا: نتعامل مع فقراء، نتعامل مع طبقةٍ كادحةٍ، كيف يكون الواحد منا؟
أنا أعرف بعض الأشخاص، وبعضهم ممن مَنَّ الله عليه بالملايين، تجده إذا أتى مع السائق في مناسبة عشاء لا يرضى أن يجلس السائق في السيارة، وإنما يطلب منه أن يأتي ويتعشَّى معه؛ ولذلك تجده يُسلم على هذا، ويُسلم على هذا، وكأن الناس سواسيةٌ.
أما أن نعطي أناسًا بقدر مسؤوليتهم، فنبش في وجوههم، والآخرون نتعالى عليهم، فهذا الكيل بمكيالين لا يصلح في نفسٍ سويةٍ تُنتجها التربية، وإنما هناك خللٌ عندئذٍ في التربية، فتحتاج التربية أن تُنشئ الأبناء والأجيال على أن يتعاملوا مع الناس بتواضعٍ، يتواضعون مع الحق، إذا عرف الحقَّ يتواضع له، لا يتكبر، ويتواضع للخلق، ويتواضع للناس حتى لو كانت فئاتهم دون فئته.
لذلك انظر كيف تعامل النبي مع أنسٍ؟
يقول أنسٌ: "خدمتُ رسول الله عشر سنين، لا والله ما سبَّني سبَّةً قط، ولا قال لي: "أفٍّ" قط، ولا قال لشيءٍ فعلتُه: لِمَ فعلتَه؟ ولا لشيءٍ لم أفعله: ألا فعلتَ"[5]أخرجه أحمد في "مسنده" (13034)، وقال مُحققه: إسناده صحيحٌ على شرط الشيخين..
مَن منا يقوى على القيام بهذا؟! مَن منا يقوى على أن يتعامل بمثل هذا التعامل؟! تواضعٌ كبيرٌ جدًّا من النبي .
وكما في قصة عجوز بني إسرائيل، الرسول القائد الأول -بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام- يزور أحد الأعراب من أهل البادية في مكانه[6]أخرجه البخاري (3616).، فهذا تواضعٌ كبيرٌ، فلِمَ لا تتربى الأجيال وتتربى النفوس على هذا التواضع؟! لا شك أن هذا منتجٌ عظيمٌ للإنسان الصالح.
وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ [آل عمران:159]
الصفة الخامسة: أن هذا الإنسان يفيض بالعطف على الآخرين، يعني: شخصٌ تجده يشعر بأنه واحدٌ مع الآخرين، شيءٌ واحدٌ، قال الله : هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ [الأعراف:189].
لذلك النبي كما جاء عنه: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة:128]، فالرسول مع تواضعه كان عطوفًا على الآخرين: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ [آل عمران:159].
هناك دراسةٌ عُملت على إحدى البيئات السعودية، 50% من الذين طُبقت عليهم الدراسة يقولون: إن العاطفة لا يجدونها في أسرهم: الإشباع العاطفي.
فحين لا يُشبع هذا الجانب للأبناء في البيوت والطلاب في التعليم أين سيذهبون؟ سيذهبون إلى مواطن يُشبعون فيها عواطفهم، فالعاطفة قضيةٌ أساسيةٌ في النفس البشرية، وسنأتي إليها لاحقًا، ونحن أشرنا إليها سابقًا.
طيب، إذا ما أُشبعت عند أكبر مُرَبٍّ -وهو الأب والأم- وعند أكبر محضنٍ -وهي الأسرة- وعند أهم مُربٍّ -وهو المعلم- وعند أهم محضنٍ -وهو التعليم- فأين يذهب؟ سيذهب إليها هنا وهناك.
ودلَّت الدراسات -كما ذكر الدكتور عبدالكريم بكار في كتابه "التواصل الأسري" وهو يُناقش هذه القضية- على أن الانفلات والتمرد الذي يحصل في بعض الأُسر -ومنها المحافظة- والتجاوزات للخطوط -تحت الخطوط الحمراء- في التعامل مع التقنية، والذهاب مع الأصدقاء والعلاقات المُحرَّمة؛ هي بسبب ضعف إشباع العاطفة للأجيال، وعدم إشباع العاطفة بالطريقة الصحيحة.
لذلك حينما نُنشئ جيلًا ونُنشئ أشخاصًا لا بد أن يكون هذا الإنسان الصالح يفيض بالعطف على الآخرين، فهو يعطف عليهم فيرحمهم.
يعني: كان الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين يُوصفون بأنهم كأنهم يأخذون الواحد بحُجَزه يُنقذونه من النار[7]أخرجه البخاري (6483)، ومسلم (2284)..
تصور واحدًا سيسقط في حفرةٍ، فيأتي واحدٌ ويُمسكه من الوسط ويُحاول أن يُبعده حتى لا يقع.
وُصف الصحابة من شدة رحمتهم وعطفهم على الناس -حتى الكفار- بأنهم يتمنون أن يجرونهم كي لا يقعوا في النار؛ حتى يسلكوا مسلك الهداية.
فلماذا لا يكون هذا الأمر من باب أولى عندنا في بيوتنا، وفي تعليمنا، وفي محاضننا التربوية؟!
الأمر يحتاج إلى مراجعةٍ وعنايةٍ خاصةٍ بالفئات الضعيفة: الصغير، المرأة، المريض، المُبتلى، هؤلاء بأمس الحاجة إلى إشباع الجانب العاطفي.
لا يؤمن أحدكم حتى يُحب لأخيه ما يُحب لنفسه
السمة أو الصفة السادسة: أن هذا الإنسان الصالح يُحب الخير للآخرين، ويُغدق في نشر وإعطاء الخير للآخرين، يقول النبي : لا يؤمن أحدكم حتى يُحب لأخيه ما يُحب لنفسه[8]أخرجه البخاري (13)، ومسلم (1599)..
هل عندنا مستوى مثل المستوى الذي بيَّنه الرسول ؟
فكمال الإيمان يحصل بهذا يا إخواني: أن يُحب الإنسان لأخيه ما يُحب لنفسه.
أنت تُحب أن تكون مُصليًا مُحافظًا على الصلاة، وهذا طيبٌ، ولكن عندك إخوانك، وعندك أقاربك، وعندك قبل ذلك أبناؤك، وعندك مَن أنت مسؤولٌ عنهم، وعندك طلابك، وعندك زملاؤك في العمل، فلماذا لا تحرص على دعوتهم إلى الصلاة؟!
لو قمتَ الآن بإجراءٍ معينٍ -وقد جربتُ هذا الإجراء-: اجلس خارج المسجد وانظر للناس المشغولين في الصلاة، والذين وفَّقهم الله إلى دخول المسجد، كم من هؤلاء الذين وفَّقهم الله إلى دخول المساجد وأداء الصلاة في جماعةٍ يتكلم مع العامل الذي يغسل السيارة ويقول له: يا أخي، جزاك الله خيرًا، الصلاة. أو الشاب اللاهي الذي يلعب الكرة يقول له: يا أخي، جزاك الله خيرًا، الصلاة ... إلى آخره؟
وقد رأيتُ عدة مواقف، وجربتُ هذا الأمر، فوجدت قِلَّةً قليلةً من المصلين في المسجد يحملون هذا الخير للآخرين.
هذه قضيةٌ خطيرةٌ يا إخواني، وتُعطي مُؤشراتٍ أن الإنسان ربما يكون مُقصرًا حتى مع أبنائه في هذا الجانب، والآباء يشتكون ويقولون: أبناؤنا ليسوا معنا في المسجد. طيب، أين دوري ودورك؟!
الناس يشتكون ويقولون: والله نريد أن تُضبط المعادلات، نريد أن ننظر للشباب، نريد أن ننظر للأجيال.
الحمد لله يوجد خيرٌ، لكن سيبقى هناك أناسٌ محرومون من هذا الخير.
إذن مَن الذي يُوصل إليهم الخير؟
الإنسان الصالح هو الذي يُوصل هذا الخير لمثل هؤلاء الناس.
وهناك شيءٌ أعظم من ذلك: الإيثار، فعندما يصل الإنسان إلى مستوى حب الخير للناس يبدأ في إيثار غيره على نفسه، خاصةً في أمور الدنيا، فتُؤثر غيرك على نفسك، وقبل أن تأخذ أنت الذي تريد تجد غيرك يحتاج؛ وعندئذٍ تجد أن هذا الرجل يفيض بالخير حتى في خاصة نفسه: وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ [الحشر:9].
لا تظنوا أن هذه السمة في الصحابة فقط، نحن ذكرنا قبل قليلٍ الشاب السوري، وذكرنا الشاب الذي تُوفي في الرياض، وهذه نماذج حيةٌ موجودةٌ، الله يُوجدها حتى يُؤكد أن مثل هذه السِّمات يمكن أن نُطبقها ونفعلها، فلا بد أن نحرص عليها، وإلا ستحصل الأنانية.
الأنانية: أنا أريد الشيء لنفسي، وتجد بعض الناس يريد الذي له، ولا يُفكر في الذي عليه، يريد الحق الذي له، ولا يُفكر في الواجب الذي عليه، وتجده يأخذ حقَّه حتى على حساب الآخرين، ولما تكون الـ "أنا" مُنتفخةً عند الإنسان كثيرًا، وكل شيءٍ له، ... إلى آخره؛ ما يُفكر هذا الشخص أن ينقل الخير للآخرين؛ لأنه مُقصِّرٌ في الخير لنفسه.
أعطِ كل ذي حقٍّ حقَّه
السمة السابعة: أن هذا الإنسان الصالح إنسانٌ مُتوازنٌ، ما عنده شطحٌ في الانهماك في الجانب العقلي على حساب الجوانب الثانية، ولا عنده شطحٌ في الانهماك في الجانب الوجداني أو التعبدي -إذا قلنا: هذا جزءٌ منه- على حساب أشياء ثانيةٍ، ولا عنده انهماكٌ في الجانب السلوكي والعملي على حساب أشياء أخرى، وإنما هو شخصٌ متوازنٌ، شخصٌ يجمع بين ما خلقه الله في الإنسان من عقلٍ وروحٍ وجسدٍ، ويتوازن بين هذا وذاك: إن لربك عليك حقًّا، ولنفسك عليك حقًّا، ولأهلك عليك حقًّا، فأعطِ كل ذي حقٍّ حقَّه[9]أخرجه البخاري (1968).، فالتوازن مطلوبٌ.
تجد البعض يهتم بجسده في مجال كرة القدم فقط، في مجال التربية يهتم بجسده في التغذية والأكل والشرب والعلاج، لكن أين الغذاء الروحي؟ متروكٌ، للأسف الشديد، وأين الغذاء القِيَمي؟ متروكٌ، لكن لو كان الإنسان مُتوازنًا؛ غذَّى الروح، وغذَّى العقل، وغذَّى الجسد، فهذا الذي ينبغي أن تُنتجه التربية؛ أن يوجد عندنا إنسانٌ متكاملٌ متوازنٌ.
كن إيجابيًّا
النقطة الثامنة: أن هذا الإنسان الصالح إنسانٌ إيجابيٌّ، وسبق أن أشرنا إلى شيءٍ من هذا القبيل عندما تكلمنا عن المُسلَّمات: أن يكون الإنسان له دورٌ فاعلٌ ومُؤثرٌ في المجتمع، ليس دورًا سلبيًّا، فالجماعة عندهم في الحي يدورون ويتواصلون، وتجد الإنسان أحد أمرين: إما أن يحط قرارًا، وإما أن يكون دائمًا مع هذه الدِّراية، أو أنه يقول: لستُ مُشاركًا أبدًا!
لا، كن إيجابيًّا يا أخي، إن قدرتَ على لقاءٍ كل أسبوعٍ أو كل أسبوعين فهذه نعمةٌ من الله.
المقصود: كن إيجابيًّا، في مسجد الحي سيُقام برنامجٌ فكن إيجابيًّا، أو هناك حفلٌ لتكريم المتفوقين، أو حفلٌ لتكريم حفظة كتاب الله فكن إيجابيًّا، والإيجابي في بيته إيجابيٌّ في مجتمعه، وأظن أن العكس صحيحٌ؛ فالسلبي في بيته سلبيٌّ في مجتمعه، فنحتاج إلى هذه السمة حتى نوجد إنسانًا مُنتجًا مُؤثرًا.
كن سدًّا منيعًا في طريق الشر
الصفة التاسعة: أن هذا الإنسان الصالح يقف في طريق الشر، لا يرضى بالشر، بل يقف سدًّا منيعًا له، وإذا وقع أحدٌ في الشر حاول أن يُخلِّص مَن وقع في الشر.
هذه قضيةٌ ربما أشرنا إليها في المنهج الوقائي، وكذلك في المنهج العلاجي، يعني: الله لما يقول في حقِّ الأسرة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم:6]، فهذه القضية مهمةٌ.
ولذلك جاءت شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ حتى لا يتلبس الإنسان بأمرٍ لا يُحبه الله ، ولا يقع في الشر، كل واحدٍ منا مُعرَّضٌ؛ ولذلك يحتاج الواحد منا إلى مَن ينصحه، يحتاج إلى أبٍ يُوجهه.
ولذلك الذي فقد أباه أو فقد أمه يشعر بأنه فقد شيئًا عظيمًا إذا كان هؤلاء من أصحاب هذه الخصال، فالإنسان يحتاج إلى صديقٍ، ويحتاج إلى ابنٍ حتى يُذكره، ويحتاج كذلك إلى مَن يُساعده: زوجة تُساعده على مثل هذا الأمر، وكذلك الزوجة تحتاج إلى زوجٍ يُساعدها على وقف الشر.
وأنا دائمًا أسأل هذا السؤال، واسمحوا لي به: هل نحن نُنتج أسرًا بأشخاصٍ وأفرادٍ يمنعون الشر من أن يخترق البيوت؟
أنا أسألكم سؤالًا بمنطقٍ عقليٍّ: لما يأتي شخصٌ بـ(دريل) ويريد أن يخرم جدار البيت، هل سيسكت عنه صاحب البيت؟ لن يسكت، ولا حتى الصغير، يأتي الصغير ويقول: يا أبي، ترى كذا وكذا، أو السيارة تعطلت؛ فتقوم القيامة ولا تقعد.
وأشد من ذلك عندما يأتي واحدٌ ينظر إلى زاويةٍ مفتوحةٍ من البيت، فينظر إلى عورات أهل البيت، هل سنسكت؟
طيب، لماذا لا نسكت في هذا، ونسكت على ما يُبث في أجهزة الإعلام عبر القنوات الفضائية؟!
أنا أعجب والله، وما زلتُ أقول: إن عندنا غفلةً ضخمةً جدًّا تعيشها الأُسر، فلا يقبل واحدٌ أن يُخرم مقبض باب بيته، ومع ذلك تجده يخرم القيم والأخلاق عبر الشاشة في بناتنا وأولادنا، وفي ذواتنا، وفي زوجاتنا وأزواجنا، فلماذا نرضى بهذا؟! ويتأخر قرار بعضنا حتى يأتي المسلسل التركي ويكتشف قضيةً، فيبدأ في التفكير ويُصارع نفسه.
أنا أعرف قريبًا لي عاش في الخارج، وعندما رأى هذا المشهد الذي في هذا المسلسل اتَّخذ قرارًا بفصل هذه القناة، فقلت له: أحسنتَ الصنيع، لكن "صحِّ النوم" حبيبي، طيب، والذي قبله؟! والأمور الثانية؟! وهل كل شيءٍ عُرض في القناة أو في غيرها أبناؤك ما رأوه؟!
يقول لي أحد الفضلاء من المُحافظين، وهو ممن يُصلي الجمعة في هذا المسجد -جزاه الله خيرًا- يقول لي: والله أنا مُتورطٌ مع بناتي. قلتُ له: خيرًا، إن شاء الله. قال لي: يريدون أن يُتابعوا (ستار أكاديمي). يا الله! رجلٌ عاقلٌ أعرفه من بيئةٍ مُحافظةٍ، فقلتُ له: طيب، وماذا تفعل؟ قال: والله أبقى عند الجهاز وقت برنامج (ستار أكاديمي). طيب، لو سافرتَ! وأنت شخصٌ مشغولٌ! تبقى عندهم؟! طيب، لو مرضتَ؟! لو متَّ؟! ماذا سيحصل بعد موتك؟! وأنت الذي أتيتَ بهذا الجهاز لبناتك وأبنائك!
عندنا يا جماعة "لخبطةٌ" في اتِّخاذ القرارات، لن يحلّ هذا الموضوع خالد مُحدِّثكم، ولن يحلّه واحدٌ في الشارع، إنما الذي يحلّه الشرعُ الذي أتى به الله ، والرسول .
لو قمنا بهذا المنهج المُتعلق بالكلام النَّمائي والوقائي والعلاجي، وأخذناه على ما يُريده الله، وليس على رغباتنا وآرائنا الشخصية: وماذا فيها؟ وأنا أرى هذا الشيء عاديًّا، ما المشكلة؟
على أي أساسٍ قلنا: عادي، وما فيها؟! وهذا رأيي، وما فيها مشكلةٌ؟! ونقول: هذا حلالٌ، وهذا حرامٌ! يعني: أنا وأنتم الذين نُصدر بأنه حرامٌ أو حلالٌ، أو الذي يُصدره هو رب العالمين، والكتاب والسنة، ومحمدٌ ؟
لا بد أن نكون صُرحاء، فهي قضيةٌ تحتاج إلى معاناةٍ شديدةٍ، لكن بلغ السَّيل الزُّبَى في هذا التعامل.
الإنسان الصالح يشعر بكيانه
النقطة العاشرة: هذا الإنسان الصالح يشعر بكيانه وبوجوده وقيمته في الحياة، فمن المهم جدًّا أن نُنتج هذا الإنسان في أُسرنا، وفي تعليمنا، وفي مناحي حياتنا، فهو يشعر بقيمته، ويشعر بأن له دورًا في هذه الحياة؛ يشعر بدوره الوظيفي الحياتي، فهو ليس شخصًا مُهمَّشًا؛ يتعامل مع المُراهق كأنه طفلٌ، ويتعامل مع الطفل كأنه جنينٌ، ويتعامل مع الشباب كأنهم لا قُدرات لهم ولا طاقات.
بتوفيق الله قمنا مُؤخرًا بمسابقةٍ على مستوى جامعة الدمام عن المواهب، والله يا جماعة، إن بعض الذين شاركوا -وهم طلابٌ- أعرفهم وأُدرس لهم تفاجأت بهذه المواهب التي بين أيدينا، وكان أحد هذه اللقاءات في عدة تصفياتٍ، ومنها التصفية الختامية حضرها مدير الجامعة، وكنت حاضرًا، فيقول مدير الجامعة لعميد شؤون الطلاب: لماذا لم تقل لي عن المسابقة أنها بهذا المستوى؟! قال: أنا مثلك لم أكن مُتوقعًا أن نرى الذي رأيناه.
فالشباب يحملون طاقاتٍ يا إخواني، الأجيال، والأطفال، والذكور، والإناث -البنات- عندهم طاقاتٌ ليست سهلةً، طيب، لماذا لا نُشعرهم بقيمتهم وبدورهم؟! أعني: الأُسر التي تُتيح الفرص، والتعليم الذي يُتيح الفرص لمثل هذا الأمر فعلًا يُنتج إنسانًا يشعر بكيانه، ويشعر بوجوده، وأن له قيمةً.
عددٌ من الطلاب كنتُ أتكلم معهم، فقالوا: للأسف الشديد، ما أحدٌ يُقدِّرنا: في التعليم، في الأسرة، لا نجد أبًا يُقدِّر ما عندنا، نريد أن نعمل شيئًا فإذا به يكبتنا، والمعلم يملأ السبورة بالمعلومات ... إلى آخره، وانتهينا!
هذه مشكلةٌ كبيرةٌ جدًّا؛ ولذلك كثيرٌ من الثغرات الإيجابية في المجتمع، وما يُحتاج إليه داخل الأسرة، وفي التعليم، وفي الحي؛ ستجدون أن أبناءنا وأبناءكم، ونحن وأنتم -ذكورًا وإناثًا- نستطيع أن نسدها -بإذن الله - إذا أوجدنا هذه الصفة في هذا المنتج؛ الإنسان الذي نتشوف إليه.
الإنسان مدنيٌّ بطبعه
الصفة الحادية عشرة: أن هذا الإنسان الصالح شخصٌ اجتماعيٌّ إلى أبعد الحدود، يقول عليه الصلاة والسلام: المؤمن الذي يُخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظم أجرًا من الذي لا يُخالط الناس، ولا يصبر على أذاهم[10]أخرجه أحمد في "مسنده" (5022)، وصححه الألباني في "مشكاة المصابيح" (5087).، فالمُخالطة لها ضريبةٌ: يصبر الإنسان على أذى الناس، ويتحملهم، ويكون إنسانًا اجتماعيًّا يستطيع أن يُمارس القيم: قيمة الاحترام، التقدير، التعاون، الإيثار، التضحية، السلام، البشاشة، الابتسامة، ... إلى آخره، قيمٌ كثيرةٌ دعا إليها ديننا العظيم.
فلا بد أن نُربي الناس ونُربي أنفسنا على أن نكون اجتماعيين، لا شك أننا سنأتي بالأصل في فطرة الإنسان، كما يقول ابن خلدون في "مقدمته": "الإنسان بطبعه مدنيٌّ"[11]"ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومَن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر" لابن خلدون (1/ 54).، هذا أصلٌ.
من التَّصرفات المُشكلة في هذا الموضوع عند بعض الأُسر وعند بعض المُعلمين في التعامل بين الرئيس ومرؤوسه: إسكات الطرف الآخر.
يأتي ضيوفٌ في البيت فيقولون للصِّغار: لا تُفشلونا عند الضيف. ما هذا الكلام؟! كيف سينشأ هذا الشخص اجتماعيًّا؟! دعه يا أخي يستقبل، دعه يُخطئ ويتعلم من خطئه، لا إشكالَ في ذلك.
أنا أُحدِّث بعض الطلاب وأقول لهم: لماذا لا تُشاركون؟ قالوا: يا أستاذ -كل سنوات الثانوية والمتوسطة والابتدائية- نستحي أن نرفع أيدينا، نخشى من توبيخ المعلم.
كيف نريد أناسًا اجتماعيين إيجابيين ونحن لا نُساعد على هذه القضية؟! ولا نساعد على هذه السِّمة؟!
ولذلك من الجانب الاجتماعي أن يُعان على قضية تحقيق حقوقه، وكذلك أن يُدرب ويُعان على الإيفاء بالواجبات التي عليه.
كل واحدٍ منا له حقوقٌ، وعليه واجباتٌ، هذه هي الصيغة والمعادلة الاجتماعية المهمة، لا بد أن تُسلم على الناس، هذا واجبٌ، يعرف أنه واجبٌ وحقٌّ له أن يُرحب الناس به، ويبشون في وجهه، فيتعلم.
لا يأتيك واحدٌ مُراهقٌ في المرحلة الجامعية وما يستطيع أن يأتي بملفه، ولا يستطيع أن يتكلم مع مسؤولٍ، ولا يعرف كيف يُعبر؟! ولا كيف يكتب خطابًا؟! ولا يدري ما الحق الذي له، ولا الواجب الذي عليه؟! فلا شك أن الصفة الاجتماعية تُساعد.
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [البقرة:222]
الصفة الثانية عشرة: أن هذا الإنسان الصالح نظيفٌ وطاهرٌ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ ماذا؟ الْمُتَطَهِّرِينَ، فالإنسان الصالح نظيفٌ وطاهرٌ ظاهرًا وباطنًا، تجده يُقدِّر ذوق الناس، وتجد هِندامه جيدًا ومقبولًا، ويظهر بالمظهر الحسن، والثوب الحسن، وكذلك باطنه طاهرٌ ونظيفٌ من الغلِّ والحسد والأخلاق التي تضر بالنفوس، وتضر بالقلوب.
التعامل مع مخلوقات الله بإيجابيةٍ
الصفة الثالثة عشرة: أن هذا الإنسان الصالح يتعامل مع مخلوقات الله بطريقةٍ إيجابيةٍ، فيتأملها ويتفكر فيها.
لما يذهب الأبناء والأسرة في رحلةٍ إلى أبها مثلًا، وينظرون إلى مخلوقات الله، وإلى الجبال، ويبدأ ربُّ الأسرة -ذكرًا أو أنثى- يُعلِّق على هذه القضية، ويربطها بيوم القيامة الذي سينسف الله فيه هذه الجبال، قال تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا [طه:105]، وقال تعالى: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ [آل عمران:190]، قال : ويلٌ لمَن قرأها ولم يتفكر فيها، تقول عائشة رضي الله عنها وأرضاها: هذه الآية أبكت النبي حتى بلَّ لحيته، وبلَّ حجره، وبلَّ الأرض عليه الصلاة والسلام[12]أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (620)، وحسنه الألباني في "التعليقات الحسان" (619)..
هذا والرسول يرى جبل أحدٍ فيقول: أحدٌ جبلٌ يُحبنا ونُحبه[13]أخرجه البخاري (1481)، ومسلم (1393).، ويقول: اثبت أحد، فإنما عليك نبيٌّ وصديقٌ وشهيدان[14]أخرجه البخاري (3675).، هذا التفاعل مع الحياة، ومع الكون، ومع شروق الشمس، ومع الأمطار، ومع الخيرات، فالإنسان الصالح يفيض دائمًا بالتأمل والتفكر في مخلوقات الله .
وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ [غافر:44]
الصفة الرابعة عشرة والأخيرة: أن هذا الإنسان الصالح يُسلِّم أمره لله : وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ، وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [الطلاق:3]، فهو يُفوض أمره لله ، فتجد هذا الإنسان تربى على هذا الأمر منذ صغره، ومنذ نعومة أظفاره، وتربى هذا الإنسان -طفلًا وشابًّا ورجلًا- على العبودية -كما في النقطة الأولى-: شابٌّ نشأ في عبادة الله[15]أخرجه البخاري (1423).، تجده شابًّا مُتوكلًا على الله.
فهذا يُكسبه القناعة حتى ولو كان فقيرًا، ويُكسبه الصبر ولو كان مريضًا، ويُكسبه الرضا، ويُكسبه الشكر، منازل العبودية حتى في اللأواء، حتى في المِحن والابتلاءات، عندما يكون الإنسان مُفوضًا أمره لله، لكن الذي يضعف عنده هذا الجانب تجده يتعب حتى يبحث عمَّن يُخرجه من الوضع الذي هو فيه: مرضٌ عضويٌّ، أو مرضٌ نفسيٌّ، ... إلى آخره.
ولذلك من المُوفَّقين في الإرشاد النفسي، وفي الطب النفسي، وفي توجيه الناس، وفي الاستشارات الأسرية، ... إلى آخره مَن يربط الناس بالله.
أنا أعرف بعض هؤلاء، يقولون لبعض الذين يتصلون بهم: أنت الآن اتصلت بنا، هل تريد مُساعدةً؟ هناك مَن ينبغي أن تُبادر بالاتصال به، وأن تلجأ إليه، وأن تُفوض أمرك إليه؛ إنه الله .
وهذه قضيةٌ مهمةٌ جدًّا؛ لأن الإنسان بمجرد أن يلجأ إلى ركنٍ شديدٍ هو الله تهدأ نفسه: أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد:28]، تهدأ نفسه فيشعر بالسعادة والراحة والطمأنينة.
فعلينا أن نُعود الناس، ونختصر طرقًا كثيرةً في هذا الأمر؛ حتى نُقلل نسبة التوتر والقلق والاكتئاب والحزن الذي ذكرنا أنه -للأسف- مُنتشرٌ بشكلٍ أكبر من ذي قبل.
هذه بعض الإلماحات البسيطة، ولا شك أن الصفات والخصائص كثيرةٌ، لكن لعل هذه النقاط التي ذُكرت تُشير إشاراتٍ أساسيةً حول الإنسان الصالح الذي نريد، وبقية الوقت نُجيب عن بعض الأسئلة حسبما اتفقنا.
كيف أجعل جانب الخير مُنتصرًا؟
يقول السائل: الصراع النفسي بين الخير والشر قد يتغلب فيه جانبٌ على آخر، فكيف أجعل جانب الخير مُنتصرًا؟
هذا سؤالٌ مهمٌّ، ويُعاني منه الكثير، فالصراع عبارةٌ عن حالةٍ نفسيةٍ فيها ترددٌ في اتِّخاذ القرار كما يقول أهل التخصص، فإما أن يكون الإقبال إقبالًا، أو الإحجام إحجامًا، أو الإقبال إحجامًا.
وبغض النظر فالإنسان عنده أمران: عنده خيرٌ، ويعرف أنه خيرٌ يرضاه الله ويُحبه، وعنده شرٌّ لا يُحبه الله، ويتنازع هذان الأمران عند هذا الإنسان، ويُصبح عنده صراعٌ، هو يعرف أن هذا خيرٌ، لكن نفسه تُحدثه بالشر، فهو إما أن يفعل هذا، أو لا يفعل.
أذان الفجر، هو يسمع الأذان، لكنه لو ترك القضية لهواه لبقي في الفراش، وربما ما سمع الأذان أصلًا، ولا ضبط الساعة.
جاءته لحظةٌ من اللحظات برابطٍ معينٍ ما كان يقصده، وفيه إثارةٌ لصورةٍ لا يرضاها الله ، فقال: سأضغط على هذا الرابط؛ حتى أنظر ما الذي فيه؟
أو قال له أحدٌ: انظر يا أستاذي هذا الرابط وادخل؛ لعلك تنظر الأشياء التي ما رأيتها في حياتك!
ويبدأ يُصارع: أضغط أو ما أضغط، أفعل أو ما أفعل.
فلا شك أن هذا الصراع يُعطينا حالةً نفسيةً، فالإنسان -كما قال السائل- يحتاج أن يعرف كيف يُقوي جهة اتِّخاذ القرار الصحيح في قضية الخير؟
أنا أقول: سبحان الله الواحد الأحد! ديننا عظيمٌ، ما يحصل للإنسان قبل أن يُباشر ما لا يرضاه الله من خاطرةٍ يُعذر فيها الإنسان؛ ولذلك كان ابن القيم ذكيًّا فَطِنًا عندما قال: إذا أتت الخاطرة فادفعها؛ حتى لا تكون فكرةً، ثم ادفعها حتى لا تكون إرادةً، ثم ادفعها حتى لا تكون عملًا، ثم ادفعها حتى لا تكون عادةً[16]"الفوائد" لابن القيم (ص174)..
جاءت خاطرةٌ الآن، فحاول سريعًا أن تُبعدها، وهذا ما يُسمى بالتعامل في المُجاهدة وضبط النفس، هذا أرقى مستوى يقوم به الإنسان، وقوة الإيمان أقوى معينٍ على هذا الجانب؛ لأن الإنسان إذا لم يستطع أن يتجاوز موضوع الخاطرة ستُصبح القضية عنده فكرةً، ويبدأ التَّمعن فيها، ويُصبح التخلص منها أشدّ أو أضعف؟ أشدّ أو أخفّ؟ فيُعاني.
فحتى لا تُصبح المُعاناة أكثر اقطعها من البداية، وذلك أفضل الأساليب؛ ولذلك الرجل الذي أتى للنبي وقال: يا رسول الله، لأن أَخِرَّ من السماء -أو من الشاهق- خيرٌ لي من أن أتحدث بما في نفسي. فقال له النبي : الحمد لله الذي ردَّ كيده إلى الوسوسة[17]أخرجه أحمد في "مسنده" (2097)، وقال مُحققه: إسناده صحيحٌ على شرط الشيخين.، أو: ذاك صريح الإيمان[18]أخرجه مسلم (132)..
هذا رجلٌ كان في نفسه شيءٌ تجاه الذات الإلهية فيما يظهر، والنبي أثبت له أن هذا صريح الإيمان، وأن هذا من وسوسة الشيطان؛ فقطع القضية، وذهب إلى المُربي المُعالج -بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام-، وهذه من الأشياء المهمة جدًّا.
فأنت تحتاج إلى الجانب الإيماني، وتحتاج أن ترجع إلى أناسٍ يُساعدونك، لا تجعل القضية بينك وبين نفسك، حتى لو كان الأمر مُرتبطًا بالذات الإلهية، وبدأت نفسك تأخذ وتُعطي، اذهب إلى مَن يحلّ لك هذا الأمر؛ لأنك تحتاج إلى مُعينٍ: إما مُعينٌ مُباشرٌ، أو مُعينٌ غير مباشرٍ.
الأمر الآخر: البيئة، فهي مُساعدةٌ ومُؤثرةٌ، فعندما يأتي الإنسان ويشرب الدخان، ويترك التدخين، ثم يرجع إلى أصحابه المُدخنين، ويشم رائحةً؛ فبالتأكيد سيعود إلى التدخين مرةً أخرى، فالبيئة مُؤثرةٌ.
إذن لا بد من الجانب الإيماني، والاستشارة، والرجوع إلى الناس الذين يُساعدونني ويُقومونني من أهل العلم، ومن أهل الخير والصلاح.
الأمر الثالث: البيئة التي أتعامل معها لا بد أن تكون بعيدةً عن هذه الأشياء المُثيرة التي فيها شرٌّ؛ حتى أستطيع أن أتغلب عليها، ويكون قراري سليمًا.
ثم أبشر أخي، وبها أختم، وأُؤجل بقية الأسئلة إلى اللقاء القادم -إن شاء الله تعالى- لقُرب انتهاء الوقت، وأظن أنني قد قلتُ هذا في مناسبةٍ سابقةٍ، لكن لا إشكالَ أن أُعيد ما قلته لأهميته.
عندما يقول الله في سورة الحجرات: أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ [الحجرات:3]، عندما نرجع لتفسير هذه الآية في "تفسير ابن كثير" -كمثالٍ- ستجد كلامًا لعمر بن الخطاب عظيمًا جدًّا، وهو مُؤنسٌ لهذا الأخ ولنا وللجميع، ويا ليتنا نقرأ ونرجع لكتاب الله وللتفسير، ففيه توجيهاتٌ نورانيةٌ عظيمةٌ نحن بأمس الحاجة إليها.
كم نسمع من الأخبار والتحليلات؟! وكم نسمع من الكلام الحشو؟! وكم نسمع ممن هَبَّ ودَبَّ؟! وكم نسمع ما ينفع وما لا ينفع؟!
لكن عندما نعود إلى هذا المعين العظيم، ماذا قال عمر؟
قال: هؤلاء الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى هم الذين يتركون المعصية ونفوسهم تميل إليها، هؤلاء الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى بمعنى كلامه.
يعني: عندنا اثنان "محمد وإبراهيم" كلاهما تاركٌ للمعصية، مثل: تاركان للربا كلاهما "محمد وإبراهيم"، محمد كان يُرابي، لكنه تاب إلى الله، وإبراهيم لم يكن مُرابيًا من قبل، نشأ في بيئةٍ صالحةٍ، ولم يُرابي في حياته البتة، محمدٌ تذكر الربا وبعض الأموال والنِّسَب التي كانت تأتيه، ... إلى آخره، ونفسه تُحدثه أن يعود إلى الربا الذي كان يُمارسه، خاصةً عندما يسمع الصَّفقات، وينظر بعض القضايا، ... إلى آخره، فنفسه تُحدثه.
محمدٌ إذا انتصر على نفسه وبقي بعيدًا عن الربا بعد توبته أجره عند الله -كما يقول عمر بن الخطاب- أكثر من أجر إبراهيم، كلاهما له أجرٌ، فكلاهما ترك المعصية، لكن محمدًا يزيد على إبراهيم في أجر المُجاهدة، هذا كما قال عمر: الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى.
فلا بد أن نُربي أبناءنا وبناتنا وأزواجنا وأنفسنا على أن مَن ترك شيئًا لله عوَّضه الله خيرًا منه، ويجعل سيئاته حسنات.
فهذه المفاهيم الأُخروية الإيمانية إذا جاءت غيَّرت مسار تركيبتنا النفسية، واستطعنا أن نعيش حياةً سعيدةً.
أسأل الله أن يُسعدنا وإياكم، وأن يُوفقنا وإياكم لكل خيرٍ.
وأُصلي وأُسلم على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
↑1 | أخرجه البخاري (6117)، ومسلم (37). |
---|---|
↑2 | أخرجه البخاري (24)، ومسلم (36). |
↑3 | أخرجه أحمد في "مسنده" (17098)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (2227). |
↑4 | أخرجه مسلم (3005). |
↑5 | أخرجه أحمد في "مسنده" (13034)، وقال مُحققه: إسناده صحيحٌ على شرط الشيخين. |
↑6 | أخرجه البخاري (3616). |
↑7 | أخرجه البخاري (6483)، ومسلم (2284). |
↑8 | أخرجه البخاري (13)، ومسلم (1599). |
↑9 | أخرجه البخاري (1968). |
↑10 | أخرجه أحمد في "مسنده" (5022)، وصححه الألباني في "مشكاة المصابيح" (5087). |
↑11 | "ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومَن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر" لابن خلدون (1/ 54). |
↑12 | أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (620)، وحسنه الألباني في "التعليقات الحسان" (619). |
↑13 | أخرجه البخاري (1481)، ومسلم (1393). |
↑14 | أخرجه البخاري (3675). |
↑15 | أخرجه البخاري (1423). |
↑16 | "الفوائد" لابن القيم (ص174). |
↑17 | أخرجه أحمد في "مسنده" (2097)، وقال مُحققه: إسناده صحيحٌ على شرط الشيخين. |
↑18 | أخرجه مسلم (132). |