هناك قصةٌ مشهورةٌ ومؤثرة لشابٍّ سُجِنَ، وضاقت بسجنه أمه؛ مع طول المدة، ففكر الشابُّ في طريقةٍ يستطيع من خلالها أن يُخفض مستوى التوتر والقلق والحزن والاكتئاب لدى أمه، فكتب رسالةً وأوصلها إلى أمه، فقرأت الرسالة، ثم قامت بكل ما تستطيع لتنفيذ طلب ابنها، وكان الطلب منه غريبًا، لكنه ذكيٌّ، عنده تفكيرٌ جيد، فقد عرف الابن كيف يحل هذه المشكلة؟ وأثَّر في أمه!
فقد كان طلبه هو: يا أمَّاه، إن كنتِ تُحبينني فأقيمي وليمةً، وادعِي إليها كل الأقارب والجيران، لكن بشرط: ألا يحضر أحدٌ من هذه البيوت قد أُصيب بمصيبةٍ، أريد السالم من المصائب منهم فقط! فذهبت تدعوهم، فإذا بمُصيبات الجيران والأقارب أشد من مُصيبتها، ورأت أن الكلَّ عندهم مصائب، فأدركت رسالة ولدها..!
لقد أراد ابنها أن يُخفف هذه الحالة النفسية التي لديها بأن تُقارن نفسها بغيرها، وبالفعل قارنت نفسها بغيرها، وقالت: الحمد لله، مصيبة ولدي أهون من الذي سمعناه ورأيناه من مصائب القوم هنا وهناك!
إن هذا التفكير وهذا النظر يهدي الإنسان إلى الصواب؛ لذلك فإن الآباء قد يجدون عند أبنائهم ما ليس عندهم، وعندئذٍ يكون الحوار نافعًا ومفيدًا.
أما لو كانت عندنا قاعدةٌ: لا يمكن أن يكون ابنٌ أفضل من أبيه؛ فيمكن أن نقول: لا حاجةَ للحوار، ولا حاجةَ للتأثير من الابن في الأب مثلما أثَّر هذا الشابُّ في أمه، لكن القضية ليست كذلك أبدًا، بل بالعكس؛ فما أجمل أن نتمثَّل قول الله : يَا أَبَتِ [مريم:42]، هذا النِّداء الرَّخيم الجميل حينما يُنادي به إبراهيم أباه، فنحن في أمس الحاجة إلى مثل هذه النِّداءات، وإلى مثل هذه الروح، فقد يكون الابن عنده ما ليس عند أبيه![1]تطبيقات تربوية - نماذج من القصص النبوي 13..