المحتوى
مقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حياكم الله جميعًا إخواني وأخواتي المشاهدين والمشاهدات أينما كنتم، نبُثُّ لكم التحية من قناة "زاد العلمية" في برنامجكم "أسس التربية"، والذي يأتيكم أسبوعيًّا كل اثنين مباشرةً من قناة "زاد العلمية"، ومع ضيفنا الدائم الدكتور: خالد بن أحمد السعدي، أستاذ التربية وعلم النفس المساعد بجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل.
فأهلًا بك يا دكتور.
الضيف: حيَّاكم الله.
المحاور: عنوان حلقتنا لهذه الليلة هو "الدور الإرشادي لصناعة المنتج التربوي في المنهج الإسلامي".
دكتور، ابتداءً لو نأخذ التعريف لدلالة هذا المعنى وهو: المنتج التربوي.
المراد بصناعة المنتج التربوي
الضيف: بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله، وأُصلي وأُسلم على رسول الله .
حيَّاك الله أستاذ أسعد، وأسأل الله أن يُوفقنا وإياكم لكل خيرٍ.
صناعة المنتج التربوي: يمكن أن نقول: المُنْتَج بالفتح، أو المُنْتِج بالكسر، فالمُنْتَج هو ما تؤول إليه التربية، وهم المُتربون، والمُنْتِج هو المُربي نفسه، وكذلك المواد المتعلقة بالتربية.
وأيًّا كان فنحن نريد أن نصنع شيئًا إيجابيًّا يكون عليه المُربي حتى يُؤثر على المُتربي، ويكون عليه الأب حتى يُؤثر على الابن، ويكون عليه المعلم حتى يُؤثر على الطالب، وهكذا يُؤثر الداعية على المدعو، والقائد والمدير على مَن تحت يده ... إلى آخره.
فهذه القضية تحتاج إلى تنبُّهٍ، وسأُعطيك مثالًا في جانب التعليم: سنغافورة -مثلًا يا أستاذ أسعد- كانت معروفةً بالتَّخلف فيما يتعلق بالجانب التعليمي، فأتى أحد رؤساء سنغافورة السابقين وأراد أن يقلب المُعادلة، فأثَّر في عدة مُعطياتٍ حتى أصبح التعليم رقم واحدٍ، وخُذْ نموذجًا: كليات إعداد المعلمين، أو الكليات التربوية في سنغافورة ليس عندهم أن الطالب في كليات التربية فقط يتدرب في المستوى الثامن -كما هو عليه الحال في كثيرٍ من كليات التربية-، وإنما هو مباشرةً يُمارس العملية التعليمية من أول مستوًى.
إذن هنا عبارةٌ عن ربطٍ بين الجانب المعرفي والجانب العملي، وربطٍ بين النظرية والتطبيق، وربطٍ بين القيم التي يدرسونها والسلوك.
وخُذْ مثالًا على ذلك: في بعض فلسفات الدراسة الطبية في النظرية الهولندية يُباشر الطالب التعلم الطبي من البداية، بينما المشهور والمعروف كثيرًا أن ذلك يكون في السنة الرابعة أو الخامسة أو بعد ذلك، أو شيءٍ من هذا القبيل في الجانب السريري.
إذن الربط بين النظرية والتطبيق، وبين القيم والسلوك، وبين الجانب المعرفي والعلمي هو الذي نقصده في لقاء الليلة، فلن نستطيع أن نصنع المنتج التربوي السليم إلا إذا ربطنا بين الجانب النظري والتطبيقي.
المحاور: هذا الذي نستطيع أن نقول عنه: التطابق التربوي.
الضيف: بالضبط هو التطابق التربوي، كيف تستطيع أن تجعل من النظريات التربوية، أو قُلْ: من المُقدمات التربوية، أو العلوم التربوية، أو المعارف التربوية جوانب عمليةً؟
ولقاؤنا هذا بالنسبة للجمهور يُعتبر معرفةً، أليس كذلك؟
المحاور: بلى.
الضيف: والبعض ممن سيستمع لهذا اللقاء الليلة سيُطبق ما فيه -ونحن نقصد هذا الجانب-، والبعض سيجعلها معرفةً فقط، وجانبه العملي يُخالف الجانب النظري؛ ولذلك شَرُفَتْ هذه الأمة -وهي أمة محمدٍ - بقوله: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110]، وهو الجانب العملي، فتميزت به؛ لأنه مصداق الإيمان، يقول الله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ [الصف:2]، وقال الله بعدها: كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ [الصف:3]، والمَقْت هو: أشدّ البُغْض عند مَن؟
المحاور: عند الله .
الضيف: عند الله، فقد يكون عند الإنسان تصورٌ سليمٌ، ولكن واقعه يُخالف ذلك.
المحاور: عمله.
الضيف: وأرى أن الإشكاليات التي نعيشها في بيئاتنا الأسرية والمجتمعية والتعليمية ... إلى آخره هي: أن هناك انفصامًا نَكِدًا بين النظرية والتطبيق، ولن تُحلّ مشكلاتنا بطريقةٍ سليمةٍ إلا إذا كان هناك توازٍ بين القيم والسلوك، وبين النظرية والتطبيق، وبين العلم والعمل.
فهذا هو المقصود فيما يتعلق بصناعة المنتج التربوي.
المحاور: الحقيقة حديثٌ ماتعٌ، ومُقدمةٌ ماتعةٌ، والأمثلة ربما تكون زاخرةً -بإذن الله - ونحن ننطلق في محاور هذا الموضوع.
القرآن بين التَّدبر والتَّطبيق
بدايةً يا دكتور خالد نريد أن تُوضح لنا أهمية الربط بين الجانب النظري والتطبيقي العملي في جميع مناحي الحياة.
الضيف: جميلٌ، هذه المقدمة التي أشرنا إليها ستكون منهجًا لكل ما سنذكره في هذه الحلقة.
المحاور: ومُنطلقًا له.
الضيف: نعم، وخذ -مثلًا- ما يتعلق بأهم مصدرٍ لنا في منهجنا الإسلامي التربوي ما هو؟
المحاور: القرآن الكريم.
الضيف: أحسنتَ، فالقرآن الكريم قراءته وتلاوته يُؤْجَر الإنسان عليها، وعن حفظه من باب أولى، لكن لو وقف الأمر عند هذا فقط هل ينفع؟
لا ينفع؛ لأنه بقي شيءٌ آخر، ما هو؟
المحاور: تطبيق ما قرأه.
الضيف: التَّدبر والتَّطبيق، وتأمل قول الله أستاذي الكريم: كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ [ص:29].
إذن هذا الكتاب مع أنه مُتعبدٌ بتلاوته وحفظه، لكن المقصد الأساسي من تعلم كلام الله هو التَّدبر.
المحاور: والتَّطبيق.
الضيف: والتَّطبيق: لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ، والتَّذكر معناه: التَّأثر بكتاب الله .
إذن لو جعلنا مُدارستنا لأجيالنا ولأنفسنا لكتاب الله بهذه الطريقة لاستطعنا أن نُحقق التَّطابق التربوي والمنتج التربوي الصحيح.
وأيضًا ضرورة صناعة القدوات، والتأمل فيها، وانظر إلى أبي عبدالرحمن السلمي -وهو من التابعين رحمه الله- يقول: "حدثنا الذين كانوا يُقْرِؤوننا: أنهم كانوا يَسْتَقْرِؤون من النبي ، فكانوا إذا تعلَّموا عَشْرَ آياتٍ لم يُخلِّفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل، فتعلَّمنا القرآن والعمل جميعًا"[1]"تفسير الطبري" = "جامع البيان" (1/ 80)..
المحاور: فَقِهوها فطبَّقوها.
الضيف: نعم؛ ولذلك في بعض الأحيان يستغرب الإنسان من طريقة السلف في حفظ القرآن؛ فقد جلس ابن عمر -رضي الله عنهما- ثماني سنوات يحفظ سورة البقرة[2]"الموطأ" للإمام مالك (2/ 287)..
وأنت أستاذٌ في اللغة، وتعرف كيف كان أهل اللغة وقوتهم؟ فهل تتوقع أن ذلك بسبب ضعفٍ عندهم في الحفظ؟
المحاور: كلا.
الضيف: أبدًا، ولكنه تطبيقٌ لهذا المنتج.
المحاور: يريد ألا يتجاوز آيةً إلا وقد طبَّقها.
الضيف: نعم، كما قال أبو عبدالرحمن السلمي؛ ولذلك لو قلنا: يا إخوة، استمروا في قضية التلاوة والحفظ، وحلقات تحفيظ القرآن، وحصص القرآن، واهتمُّوا بالأسرة في حفظ كتاب الله، لكن الأهم ماذا؟
المحاور: لا تَنْسَوا التَّطبيق.
الضيف: لا تَنْسَوا التَّطبيق، فدَعِ الطالب يأخذ قيمةً ويُطبقها، ويأخذ معنًى ويُطبقه ويتعامل معه؛ حتى يُصبح لديه رصيدٌ من مُطابقة القول للعمل، وهذه هي حقيقة المنهج التربوي النبوي في التعامل مع كتاب الله ومُدارسته.
المحاور: لو تُعطينا يا دكتور خالد مثالًا من القرآن الكريم لفعلٍ هو بحاجةٍ إلى تطبيقٍ، يعني: نقرأه في حياتنا اليومية لكننا نغفل عن التطبيق.
الضيف: الأمثلة في ذلك كثيرةٌ جدًّا، ومنها: قوله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [الإسراء:23].
المحاور: كثيرًا ما نقرأ هذه الآية.
الضيف: نعم: فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا [الإسراء:23]، ولا يوجد مسلمٌ لديه مُدْخَلٌ معرفيٌّ غير هذا، فيقول -مثلًا-: يجوز للإنسان أن يتأفف أمام أبيه وأمه!
الكل يعرف هذا، لكن المشكلة -للأسف الشديد- أن البعض قد يُمارس الشيء المنهي عنه، فهنا الإشكالية في ماذا؟
المحاور: يعني: يُمارس العكس.
الضيف: نعم، فهنا نقول: إن الإشكالية أن هذا لا يصنع مُنْتَجًا إيجابيًّا تربويًّا، فما العمل؟
العمل أنه يتدرب على مُجاهدة نفسه ويضغط عليها، حتى لو كان خيار أبيه وأمه عكس هواه، فهذا هو معنى الاختبار والابتلاء.
المحاور: وهذا من البرِّ.
الضيف: بالضبط، هذا عين البرِّ، وعندئذٍ يضبط نفسه، وأيضًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ [الإسراء:24]، فيخفض ويتدرب، وقد تكون عنده مُعاناةٌ في البداية، لكن مجرد التفكير في الموضوع ثم التَّعود عليه والتَّدريب يجعله بعد ذلك سَجِيةً لديه.
المحاور: سلوكٌ وممارسةٌ.
الضيف: نعم.
المحاور: إذن هو يتدبر تصرفاته.
الضيف: بالضبط.
المحاور: بما ورد في القرآن الكريم، ثم يُطبق.
الضيف: بالضبط.
المحاور: وهذا هو عين التَّدبر.
الضيف: بالضبط.
ودعني أذكر لك مثالًا، يقولون: إن أحد المعلمين كان سببًا في التزام رب الأسرة بالصلاة في المسجد والمُحافظة عليها؛ حيث كان هذا الأستاذ علاقته بالطلاب في المرحلة الابتدائية علاقةً إيجابيةً جدًّا، ويُعتبر أستاذًا فاعلًا ومُنْتِجًا تربويًّا رائعًا، فقال لهم: أريد أن أُقيم لكم مُسابقةً، فنحن الآن عرفنا أهمية الصلاة ونريد أن نُطبق ما تعلمناه.
المحاور: يقصد جانب التطبيق.
الضيف: نعم، فقال للطلاب: كل طالبٍ يحضر صلاة الفجر يأتيني بتوقيعٍ من إمام المسجد، وكذا باقي الصلوات. ويحسب لهم نقاطًا ... إلى آخره، والطفل الصغير ماذا سيفعل؟
المحاور: سيحرص.
الضيف: سيذهب لمَن؟
المحاور: لإمام الجامع.
الضيف: قبل ذلك؟
المحاور: إلى والده.
الضيف: نعم، فكان أحد الآباء لا يُصلي في المسجد، ولكن علاقته بابنه حميمةٌ، وتأخذه العاطفة، فألحَّ الابن عليه أن يأخذه إلى المسجد؛ لأن الأستاذ سيُعطيه جائزةً، فكان هذا سببًا في التزام الأب بالصلاة، فأصبح الأب والابن يُصليان، وهذا السلوك أصبح سلوكًا يوميًّا، وما كنا مؤمنين به نظريًّا أصبح واقعًا سلوكيًّا من الطالب وأبيه.
إخراج الأب والأم من المنزل
المحاور: عندنا الآن اتِّصالٌ من المغرب، لو تأذن لنا يا دكتور.
الأخ محمد، حيَّاك الله.
المتصل: السلام عليكم.
المحاور: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، حيَّاك الله يا أخ محمد.
المتصل: الله يُبارك فيك.
المحاور: تفضل.
المتصل: كنتُ أودّ أن أسألك سؤالًا من فضلك.
المحاور: نعم، تفضل.
المتصل: ابنٌ كان والداه يسكنان معه في نفس البيت، لكنه هو لا يملك هذا البيت، وإنما البيت لزوجته، وحصلت مشكلةٌ بين والديه وأنسابه -يعني: أهل زوجته- فاضطر والداه إلى الخروج من البيت، فهل هو مُجْبَرٌ ومسؤولٌ عن البحث لهما عن سكنٍ؟ وما حقوق الأم والأب تجاه هذا الولد؟ وما المطلوب منه، مع كونه لا يملك مالًا؛ لأن المال مال زوجته؟ وهل يحقُّ له أن يُعطيهما من مال زوجته بإذنها؟ أم ماذا يفعل؛ لأنه لا يملك المال، وإنما هو مال زوجته، وهو مع زوجته؟
المحاور: طيب، شكرًا يا أخ محمد من المغرب، شاكرين لك هذا التواصل.
سؤال الأخ واضحٌ يا دكتور؟
الضيف: هذا سؤالٌ شرعيٌّ.
المحاور: نعم، قد يكون.
الضيف: أنا أُفضِّل أن الإخوة في (الكنترول) يُعطونه رقم أحد المشايخ ليُجيبه عن السؤال من الناحية الشرعية.
المحاور: لو أخذناه من الجانب التربوي، كيف يمكن أن يتعامل تربويًّا مع هذه المشكلة؟
الضيف: لو تختصرها لي، حفظك الله.
المحاور: والداه يسكنان مع زوجته، والمال مال الزوجة، والرزق رزق الزوجة، وحصلت مشاكل؛ فاضطر إلى إخراج والديه من البيت والبحث لهما عن بديلٍ.
الضيف: لا شكَّ أن النفوس المُتربية هي التي تجمع هذه النفوس ولا تُفرق، فحينما تكون الزوجة ...
المحاور: لو سمحتَ لي يا دكتور، هناك ربطٌ مع قوله تعالى: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [الإسراء:23].
الضيف: صحيحٌ؛ ولذلك فهذه الزوجة بحاجةٍ إلى أن تتذكر ما مَنَّ الله به عليها من المال والنِّعَم، وتُعين الزوج على برِّ والديه، وأقلّ شيءٍ يكون هناك شيءٌ من الترتيب والتنسيق.
وأنا أقول: صعبٌ جدًّا إخراج الوالدين من البيت، وبخاصةٍ إذا كان الوالدان يرغبان بالبقاء، وإذا لم يكن الوالدان يرغبان بالبقاء فهنا يمكن أن يقوم الزوج بترتيب هذا الأمر.
وربما المشكلة تكمن في النُّضج التربوي عند الزوج والزوجة وما يتعلق برعايتهم لحقوق الآباء والأمهات، فهناك أناسٌ أصحاب وعيٍ في هذا الجانب وإحسانٍ عظيمٍ، وتستغرب جدًّا ما يُنفقونه من أموالٍ، وما يتحملونه في برِّ الوالدين.
فعلى هذا الزوج أن يُقنع الزوجة، وعلى الزوجة أن تكون مُحْسِنةً إلى زوجها بإحسانها لوالديه، لكن إذا كانت عليها مفاسد غير مُحتملةٍ فيُنظر إليها بنظرٍ آخر، ولا شكَّ أن النظر الشرعي له اعتباره، والله أعلم.
المحاور: جزاك الله خيرًا يا دكتور.
تطبيق ما تعلمناه من القرآن والسنة
الضيف: لو تصورنا طريقة تعاملنا وأجيالنا مع القرآن والسنة بهذه الطريقة: كيف تتوقع سيكون الوضع؟
يعني: لو كان تدريسنا وتعليمنا وقراءتنا حين نقرأ الآيات وأحاديث النبي بتفكرٍ وتدبرٍ وتطبيقٍ، ويكون هذا التصور موجودًا؛ فسيكون منهجًا عظيمًا جدًّا.
وكان بعض السلف الصالح إذا أخذ شيئًا من السُّنة حاول أن يُطبقه ولو مرةً واحدةً؛ لأنه قد لا يستطيع الإنسان أن يُطبق كل شيءٍ 100%.
طيب، ماذا يمكن أن نفعل؟
نُطبق ما نستطيع، فحينما أسمع شيئًا أحاول أن أُطبقه؛ ولهذا لا بد أن يكون هذا سلوكًا عند المسلم، فحينما أسمع من الخطيب شيئًا، أو من إذاعة القرآن، أو المدرسة، أو الصديق والزميل، أو من والدي: قال الله، وقال الرسول ، أضع هذا الكلام في بالي وأحاول التطبيق.
وقد قال المروذي: قال لي أحمد بن حنبل: "ما كتبتُ حديثًا عن النبي إلا وقد عملتُ به، حتى مرَّ بي الحديث: أن النبي احتجم وأعطى أبا طيبة دينارًا، فأعطيتُ الحجَّام دينارًا حين احْتَجَمْتُ"[3]"الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" للخطيب البغدادي (184)..
وكان عمرو بن قيس المُلائي يقول: "إذا سمعتَ بالخير فاعمل به ولو مرةً واحدةً"[4]"حلية الأولياء وطبقات الأصفياء" لأبي نعيم (5/ 102)..
وعن أنس بن مالك قال: "كان النبي إذا استقبله الرجل فصافحه لا ينزع يده من يده حتى يكون الرجل الذي ينزع، ولا يصرف وجهه عن وجهه حتى يكون الرجل هو الذي يصرفه، ولم يُرَ مُقدمًا رُكبتيه بين يدي جليسٍ له"[5]أخرجه الترمذي (2490)، وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" (444): "ضعيفٌ إلا جملة المُصافحة فهي ثابتةٌ"..
وقد يكون الإنسان غافلًا عن هذا الأمر، فإذا عرفه ينبغي أن يُطبقه ويُجاهد نفسه على ذلك: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا [العنكبوت:69].
فهذا منهجٌ تربويٌّ لو استطعنا أن نفعله سنقرأ السُّنة، وقبل ذلك القرآن، ونَعِي ما فيهما، ونُطبق ما بهما.
المحاور: الله يُعطيك العافية يا دكتور خالد، ونستأذنك: معنا على الخط الدكتور: طارق بن أحمد الفارس، دكتوراه في التفسير وعلوم القرآن.
حيَّاك الله يا دكتور طارق.
المتصل: أهلًا وسهلًا، حيَّاك الله، وأُحيي ضيفك الكريم الدكتور: خالد السعدي، حفظه الله.
المحاور: الله يُعافيك، ونتشرف بوجودك معنا في هذا اللقاء.
حاجة الأجيال إلى القدوات
دكتور طارق، ونحن نتكلم عن موضوع صناعة المُنتج التربوي، والتطابق التربوي، والتكامل والتوازن في مسألة التربية: ما حاجة الأجيال إلى القدوات؟ لو تُحدثنا عن هذا الجانب، بارك الله فيك.
المتصل: الحمد لله القائل في كتابه الحكيم: وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا [الفرقان:74].
وأُصلي وأُسلم على سيدنا ونبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فوجود القدوات المقصود بهم: الذين يملكون جِماع الصفات الحميدة، أو كما عبَّر عنهم الدكتور: هم الذين يجمعون بين التطابق المعرفي والعملي.
فوجود هؤلاء في حياة الناس حاجةٌ فطريةٌ يحتاجها الناس، فالناس يحتاجون إلى مَن يقودهم ويُوجههم، وقد يكون هذا حتى في غير الحقِّ: وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ [القصص:41].
ومن هنا نعلم التقدير الإلهي عندما بيَّن الغاية من خلق الخلق، وهي تحقيق العبودية لله ، ولتحقيق هذه الغاية الكبرى العظمى جعل الله لها مسارين، وجعل لها وسائل، فمن أهم المسارات:
المسار الأول: إنزال الكتب التي فيها الهدايات والتشريعات والأخلاق والآداب.
وقد يعتذر البعض بأن هذه قضايا نظرية مثالية لا يُستطاع تطبيقها، فكانت الحاجة للجناح الآخر أو المسار الآخر المُكمل المهم الذي هو إرسال الرسل من البشر -من أنفسهم- يتمثلون هذه الأخلاق وهذه الكتب المنزلة، يعني: كقُدواتٍ يُقتدى بهم.
فهذا التقدير الإلهي الذي قدَّره الله يدل على أهمية وجود القُدوات والحاجة المُلحة لذلك كركيزةٍ مهمةٍ وأساسيةٍ من مناهج وطرق وأساليب التربية، وحاجة مُلحة فطرية، فليست القضية قضية تَرَفٍ، أو كماليات، أو استعراض مهاراتٍ -رجلٌ يمتلك مهاراتٍ ونجاحًا أو غير ذلك-، وإنما القضية أكبر من هذا، وهي ضرورة أن تكون هناك قُدواتٌ يُقتدى بهم، وأن تكون هذه القدوات من البشر أنفسهم.
الحكمة من وجود القدوات
ومن العجائب: أن الكفار كانوا يعترضون على أن يكون رسولٌ أو نبيٌّ من البشر، كما قال الله تعالى: مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ [الفرقان:7]، بينما المُناسب أن يكون القدوة من البشر أنفسهم؛ لأنه يشعر بمشاعرهم، ويحزن مثلهم، ويجوع مثلهم، ويعطش مثلهم، ويغضب مثلهم ... إلى آخره، فيشعر بهم.
وأيضًا المُتلقِّي أو المُقتدي أحيانًا قد يقول: أنا لا أستطيع أن أترك الشيء الفلاني، وأنا تعوَّدتُ وأَدْمَنْتُ، أو لا أستطيع أن أُصلي في اليوم خمس مراتٍ، أو أن أُمْسِك نفسي عند الغضب.
فلما يرى قدوةً من البشر مثله يفعل ذلك يتبين له أنه قادرٌ على أن يفعل ما دام فعلها بشرٌ مثله.
فهذه كلها دلَّت على أهمية وجود القدوات بين الناس، وقد تتأكد في زمانٍ دون زمانٍ، خاصةً في أزمنتنا المُتأخرة التي يحتاج فيها الناس إلى قُدواتٍ تسير بخُطًى واضحةٍ، ومصادرها واضحةٌ، وتمتلك الهدف الواضح، وتمتلك المُقومات، ولا نقول: على وجه الكمال، فهذا صعبٌ، فالقدوة المطلقة هو محمدٌ ، وما عداه قد يكون قُدوةً نسبيةً في مجالاتٍ معينةٍ.
وتجد من التقديرات الإلهية أو المقاصد القرآنية -ومَن يتدبر فيها يجدها، والدكتور قد أشار إليها في بداية الحلقة- أن مَن يريد أن يجمع الكمال في الغالب يحتاج إلى قُدوةٍ، فمحمدٌ -عليه الصلاة والسلام- أمرنا الله تعالى أن نتَّخذه قُدوةً فقال: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21]، ولما ذكر الله جملةً من الأنبياء والرسل قال بعدها لمحمدٍ : أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ [الأنعام:90].
فهذه كلها دلَّت على أن هذه تقديراتٌ إلهيةٌ من الذي خلق الكون، والذي يعلم ما يُصلح البشر وأحوالهم، فهو أدرى بما يُصلحهم، ومن هنا كانت ضرورة وجود القدوات، وأولهم محمدٌ ، ومحمدٌ يكتسب قُدوات مَن قبله من الرسل والأنبياء، فهم يسيرون وَفْق خُطَطٍ مرسومةٍ وأهدافٍ عُليا تُحقق لهم النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة.
وكل هؤلاء القُدوات مصدر التلقي عندهم واحدٌ، يقول الله : وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا [السجدة:24]، وليست القضية متروكةً لأهوائهم، وإنما بشرع الله.
ولما يقول الله : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لمَن؟
لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا [الأحزاب:21].
فهذه كلها تدل على أن الاقتداء بمحمدٍ فيه خيرٌ لنا في دنيانا وآخرتنا، وفيها دلالاتٌ على أن الناس والأمة عليها أن تُدرك أهمية وجود القدوات، وأن تصنع القدوات، وأن هذا تقديرٌ إلهيٌّ، فالتربية لن تكتمل ولن تُؤدي أهدافها العُظمى والغايات العليا إلا بوجود قُدواتٍ.
وأيضًا الفرد نفسه عليه أن يُؤهل نفسه ليكون قُدوةً، كما قال الله تعالى عن دعاء عباده المؤمنين: رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ [الفرقان:74]، ثم قال: وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا [الفرقان:74]، والإمام هو الذي يُقتدى به، فالذي يكون همُّه أن يكون قُدوةً لغيره فهذا صاحب همَّةٍ عاليةٍ، وشخصيةٍ وقورةٍ ومُتَّزنةٍ تفرض نفسها على الآخرين، بل إنها تكون شخصيةً لها جاذبيةٌ عند مَن يقتدي بها، فإذا وصل إلى هذه المرحلة فيُبْشِر بكل خيرٍ يفعله الناس بسببه؛ فله بذلك أجرٌ.
فهذه من الثمار والدوافع التي تجعل الإنسان يكون قُدوةً، فما دام باقيًا في دنياه أو ذهب إلى قبره فكل هدًى دعا إليه فإن حسناته تَنْصَب عليه في دنياه وآخرته.
فهذه كلها مجموعة أمورٍ تدل على أهمية القدوة.
وأيضًا مما يجب التَّنبه له: أن القُدوة ليست بالتَّصنع والتَّكلف، إنما هي أقوالٌ وأفعالٌ وسلوكٌ حسنٌ يقتدي به الشخص وهو يريد وجه الله، ويريد ما عند الله، وبعدها تلقائيًّا يُصبح قدوةً لغيره، ويُقتدى به، ويتأثر الناس به.
وكون الشخص يتطلع إلى أن يكون قُدوةً فهذا يدل على نفسٍ كبيرةٍ تستشعر المسؤولية، وتستشعر أهمية وجودها، وأهمية حمل همّ دينها.
المحاور: جزاك الله خيرًا دكتور طارق بن أحمد الفارس -دكتوراه في التفسير وعلوم القرآن- على هذه المُداخلة، وكتب الله أجرك، ورفع قدرك.
نماذج من جيل الصحابة
دكتور خالد، نعود معك إلى النماذج العملية -بعد أن تناولنا الحديث عن الجانب النظري- التي طبَّقت هذا المبدأ التربوي الإسلامي العظيم، ونبدأ من صحابة النبي الذين قال عنهم الرسول : خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم[6]أخرجه البخاري (2651)، ومسلم (2535).، فهذه النماذج العملية نريد أن نأخذ وقفةً معها.
الضيف: جزاك الله خيرًا.
السمة الواضحة جدًّا في ذاك الجيل -وهو جيلٌ قريبٌ من عهد النبوة أو مُلاصقٌ لعهد النبوة والوحي- هي قضية اقتران العمل بالعلم، وقد أشرنا إلى شيءٍ من هذا القبيل في الكلام على قول أبي عبدالرحمن السلمي: "حدثنا الذين كانوا يُقْرِؤوننا: أنهم كانوا يَسْتَقْرِؤون من النبي ، فكانوا إذا تعلَّموا عَشْرَ آياتٍ لم يُخلِّفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل، فتعلَّمنا القرآن والعمل جميعًا"[7]"تفسير الطبري" = "جامع البيان" (1/ 80)..
ولذلك ما كانت هناك إشكالاتٌ كبيرةٌ عندهم في هذه القضية، وإنما حصلت الإشكالات بعد ذلك حينما لم يُطبق مبدأ تطابق القول والعمل، وهي القضية التي يعمل الإنسان من خلالها في التلقي، وإنما صارت هناك مصادر أَثَّرَتْ في هذا الجانب، وهذا بدأ في العصر العباسي حينما بدأت الترجمات والدخول في النزعة الفكرية والعقلية، فظهرت المدرسة العقلانية التي قدَّمت العقل على النقل، وصارت هناك أزمةٌ كبيرةٌ في الأمة، ووُجد أناسٌ أذكياء، لكنهم كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "أُوتوا ذكاءً، وما أُوتوا زكاءً، وأُعطوا فُهومًا، وما أُعطوا علومًا"[8]"الفتوى الحموية الكبرى" (ص555- 556)..
ولقاؤنا في هذه الليلة عن ضرورة الجمع بين الذكاء والزكاء، وهي التَّزكية؛ لأنه لا ينفع الذكاء إذا كان لا يوجد زكاء في النفس؛ ولذلك فكثيرٌ من هؤلاء -أهل الكلام- ممن وفَّقهم الله في آخر حياتهم تراجعوا: كالشهرستاني، والباقلاني، والجويني، وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتوى الحموية الكبرى" تراجعهم، وهم من أذكياء الناس، لكنهم وجدوا أنفسهم ما استفادوا أبدًا إلا قيل وقال؛ ولذلك هذه النزعة العقلية إذا لم تكن تحت إطار النقل تُصبح القضية خطيرةً جدًّا.
يعني مثلًا: الآن تعجب من رغبة هذا الجيل -ذكورًا وإناثًا- في القراءات الفكرية، وهذا مُؤشرٌ إيجابيٌّ أم سلبيٌّ؟
الأصل أنه إيجابيٌّ؛ لكونه يقرأ ويأخذ الجوانب الفكرية، لكن إذا كانت القراءة خارج نطاق المنهج الذي كان عليه الصحابة والسلف الصالح ستُصبح مشكلةً ضخمةً جدًّا بسبب أن الإطار الإيماني العقدي هو الذي يضبط الإطار العقلي، فإذا لم يكن موجودًا سيتحكم العقل في النقل.
وهذه النزعة العقلية هنا هي التي أوجدت الإشكالية فيما حصل بعد عصر الصحابة؛ فقد حصلت إشكاليةٌ كبيرةٌ في الأمة، وجاءت فتنة خلق القرآن وقضايا كثيرةٌ جدًّا لها علاقةٌ بهذا الموضوع؛ ولذلك فإن السمة التي كان عليها الصحابة هي اقتران العلم بالعمل.
ونحن نحتاج إلى هذا الاقتران ومنهجه؛ لأنه كما تفضلتَ: خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم[9]أخرجه البخاري (2651)، ومسلم (2535).، فنحتاج إلى أن نتبع الصحابة في هذه السمة، وألا نقع فيما وقع فيه البعض، حتى لو كان لديه من العلم والذكاء والتَّرف بحيث تكون لديه معلوماتٌ ضخمةٌ جدًّا، ولكن رصيده الواقعي ضعيفٌ جدًّا.
المحاور: لا يوجد.
الضيف: وهذه الإشكالية والمعادلة المُعوجة هنا.
المحاور: نماذج الصحابة -رضي الله عنهم وأرضاهم- يا دكتور خالد نماذج عظيمةٌ جدًّا، وأيضًا نماذج فريدةٌ، ومَن تبعهم من الأجيال في مسألة اقتران القول بالعمل، لكن -مثلًا- نحن الآن نريد في واقعنا العملي أن نُسلط الضوء على بعض المُؤلفات العلمية التي أكَّدت أهمية ربط الجانب العلمي بالجانب النظري والتطبيقي.
الضيف: ولو تأذن لي في العودة إلى موضوع الصحابة: تأمل قصة الخمر والتوجيهات الواردة فيها، فلم تكن الخمر في بداية الأمر مُحرمةً إلى أن نزل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة:90]، فقالوا: "انتهينا ربنا، انتهينا ربنا"، فسالت سِكك المدينة بالخمر.
وكذلك لما نزل أمر الحجاب صارت الصحابيات كأن على رؤوسهن الغربان، وهذه الاستجابة السريعة مُرتبطةٌ بمنهج التلقي، وهو ربط العلم بالعمل، فجاء التوجيه والأرض خصبةٌ بالتربية؛ ولذلك إذا أردنا أن نُؤثر في أبنائنا فعلينا أن نتبع هذا المنهج في أنفسنا ابتداءً، ونكون قُدواتٍ صادقةً، كما أشار الدكتور طارق، وهي إشارةٌ مهمةٌ جدًّا، وهي: أن تكون هذه سجيةً وليست مُتكلفةً.
ولبرهان الدين الزرنوجي -وهو من علماء القرن السادس الهجري- كتابٌ عنوانه: "تعليم المُتعلم طريق التعلم"، يتحدث عن التعلم والتعليم ويقول: "رأيتُ كثيرًا من طلاب العلم في زماننا يجِدُّون إلى العلم ولا يصلون، ومن منافعه وثمراته -وهي العمل به والنشر- يُحرمون؛ لما أنهم أخطأوا طريقه، وتركوا شرائطه"[10]"تعليم المتعلم طريق التعلم"، لبرهان الدين الزرنوجي (ص57).، وسبب ذلك هو: عدم اقتران العلم بالعمل؛ ولذلك تجد البعض عنده المَلَكَة؛ لأنه يُمارس ويُطبق العلم.
المحاور: يُجيد الممارسة.
الضيف: عنده الممارسة العملية؛ ولذلك إذا أردتَ أن تحفظ علمًا مارس هذا العلم.
وتأمل الآجري في كتابه "أخلاق العلماء"، وكتب العلماء في هذا الموضوع كثيرةٌ جدًّا، لكن الآجري تحدث عن العالِم الرباني مَن هو؟ وما أخلاقه؟
وكتابه رائعٌ ومفيدٌ في إخراج المنتج التربوي الفريد الذي يحتاجه الناس في أمور دينهم ودنياهم، والعالِم الذي يخدم الناس في أمور دينهم ودنياهم؛ ولذلك فإن هذا هو العالِم الذي تخلَّق بالأخلاق المُؤثرة، وأصبح قُدوةً لغيره، والكتب في ذلك كثيرةٌ، وكلها تُعطيك دلالةً على أهمية القُدوة الصالحة في حياة الناس.
ولما سُئلت عائشة -رضي الله عنها- عن خُلُق النبي ماذا قالت؟
المحاور: "كان خُلُقه القرآن"[11]أخرجه أحمد (24601)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (4811)..
الضيف: نعم، يعني: كان النبي يتمثل ويُطبق قيم القرآن، وهذا الذي نحتاج إليه، فحين نعرف قيمة الصدق وقيمة الحلم فإننا لن نكذب على أولادنا، أو نغضب عليهم لأَتْفَه الأسباب.
المحاور: صحيحٌ، وهذا يحصل كواقعٍ عمليٍّ في البيوت، وهذا المثال تحديدًا وجدناه عند الصحابة في سلوك عمر بن الخطاب قبل أن يلي الخلافة؛ فكان يرى النبي كيف يتعامل مع أعدائه؟ فكان عمر يغضب، ثم يقول: دعني يا رسول الله أضرب عُنق هذا المنافق. وكانت له نظرةٌ في تعامله مع الناس، ولما ولي عمر الخلافة مارس نفس السلوك الذي مارسه ورآه من النبي .
الضيف: نعم، وكان شديدًا في الحق، ثم لان قلبه.
ولا شك أنَّ هذا المنهج هو الذي يُهذب النفوس ويُقربها من الله ومن مقامات العبودية والتأثير في الآخرين.
المحاور: أحسنتَ، وهو المنهج العملي الذي نبحث عنه في هذا الزمن؛ لأننا اليوم عندنا مشكلةٌ حقيقيةٌ، وهي: أن كل مَن يتحمل المسؤولية من ولي أمرٍ ومعلمٍ وغيره يتنَصَّل من دوره كقُدوةٍ، والآخرون يرونه قُدوةً.
يعني: الطالب يرى مُعلمه في المدرسة وخارج المدرسة قُدوةً، والابن يرى والده قدوةً، والفتاة ترى والدتها قدوةً، حتى لو حاولت التَّنَصُّل من هذا الأمر، لكنها في الحقيقة فطرةٌ.
الضيف: لا شك أنها قضيةٌ فطريةٌ وموجودةٌ، ويُسمونها: الحاجة إلى الاقتداء، وتتميز القدوة بأنها أسلوبٌ غير مباشرٍ في التربية.
والأسلوب المباشر كأن يقول الأب: يا ولدي، افعل، ويا ولدي، اترك ... إلى آخره، هذا أسلوبٌ مباشرٌ، وهو واضحٌ جدًّا.
والقدوة لها قوة التأثير؛ لأنها بطريقةٍ غير مباشرةٍ، لكن المعاني واضحةٌ جدًّا، وتُعدّ من التطبيق المباشر.
ودعني أذكر لك قصةً: لما كنا طلابًا في الجامعة كان معنا طالبٌ مُتميزٌ، وكان هناك مُقررٌ اسمه: علم النفس التربوي، وأنا كنتُ موجودًا في القاعة، والأستاذ يتحدث عن نظريات علم النفس التربوي والتعلم والتعليم، وكيف تكون مُؤثرًا في الطلاب؟ ... إلى آخره.
فهذا الطالب رفع يده وقال: يا أستاذ، أنتم تُعلمونا هذا الشيء الجميل، لكن أول مَن يُخالفه أنتم!
المحاور: ضربه مباشرةً.
الضيف: ضربه مباشرةً فعلًا، والأستاذ يُحبه، وهو طالبٌ مُتميزٌ، فقال له: لماذا؟ قال: هذا الكلام جميلٌ، لكن بعض حملة الشهادات الأكاديمية والمواد الأكاديمية هم أول مَن يُخالف المادة الأكاديمية، وهذه قضيةٌ شديدةٌ جدًّا، كشدة مُخالفة الأب لما يُوجه به أبناءه.
المحاور: وهذا سلوكٌ أحيانًا يكون في البيت؛ فالأب يريد أن يُربي ابنه -مثلًا- على الصدق.
الضيف: هذه سنأتي إليها يا أستاذ أسعد.
المحاور: إذن لا أسبق الحدث.
طيب، العلوم الشرعية التي يتلقاها أبناؤنا في المدارس -كالعقيدة-، والتي يتربون عليها، ومع هذا نجد عندهم ضعفًا في الجانب السلوكي والعملي!
الضيف: جميلٌ، يعني: خُذْ مثلًا: العقيدة، فلو أخذنا "العقيدة الواسطية" كمثالٍ في تأصيل عقيدة أهل السنة في الأسماء والصفات، فشيخ الإسلام ابن تيمية استقرأ وتتبع النصوص من القرآن والسنة؛ لأجل تأكيد منهج أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات.
وقال في آخر الكتاب: "ثم هم مع هذه الأصول يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر على ما تُوجبه الشريعة، ويرون إقامة الحج والجهاد والجُمَع والأعياد مع الأمراء -أبرارًا كانوا أو فُجَّارًا-، ويحافظون على الجماعات، ويدينون بالنصيحة للأمة، ويعتقدون معنى قوله : المؤمن للمؤمن كالبنيان يشُدُّ بعضه بعضًا، وشبَّك بين أصابعه [12]أخرجه البخاري (481)، ومسلم (2585).، وقوله : مثل المؤمنين في توادِّهم وتراحُمِهم وتعاطُفِهم مثل الجسد؛ إذا اشتكى منه عضوٌ تَدَاعَى له سائر الجسد بالسَّهَر والحُمَّى[13]أخرجه البخاري (6011)، ومسلم (2586)..
ويأمرون بالصبر على البلاء، والشكر عند الرخاء، والرضا بمُرِّ القضاء، ويدعون إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، ويعتقدون معنى قوله : أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خُلُقًا[14]أخرجه أبو داود (4682)، والترمذي (1162)، وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (284)."[15]العقيدة الواسطية، لابن تيمية (ص129، 130)..
وبدأ شيخ الإسلام ابن تيمية يتكلم في هذا الاتجاه، والمُنتج واضحٌ جدًّا، وهو: أن الذي يتمثل هذه العقيدة لا بد أن يكون لها أثرٌ على السلوك، وهذه كلها قضايا سلوكيةٌ عمليةٌ، فإذا كنت تقول: الله سميعٌ بصيرٌ، فما أثر هذا في إيمانك في حياتك العملية؟
المحاور: ممارساتك.
الضيف: نعم؛ ولذلك كأنه يقول: مَن تمثل هذه العقيدة فهو يتمثل هذه السلوكيات والتطبيقات في الحياة الخاصة والعامَّة، فإذا خلا بمحارم الله لا ينتهكها؛ لأنه مؤمنٌ بأن الله سميعٌ بصيرٌ.
ولهذا يمكن أن نقول: إننا لو درسنا العقيدة فهناك فرقٌ بين الذي يدرس العقيدة أو يُدرِّسها ويأخذها مجرد معلوماتٍ، والذي يدرس العقيدة أو يُدرِّسها ويربطها بالجانب العملي.
المحاور: بالممارسة.
الضيف: بالممارسة والوقوف عند هذه القضايا المتعلقة بأثر العقيدة ودراستها.
ويمكن أن نأخذ أيضًا الفقه كمثالٍ، ولاحظ -مثلًا- الدكتور عبدالعزيز القارئ تحدث في كتابٍ له عن برنامج عمل المُتفقهين، وذكر ثماني قواعد، وفي القاعدة السادسة قال: "أن تصرف العناية عند تلقيك للعلم وعند تفقهك في دين الله إلى العلوم العملية"، يعني: إلى الجانب العملي في العلوم.
المحاور: الكلام عن الممارسات.
الضيف: والكلام عن الممارسات، فكلام الدكتور هنا: إذا أراد الإنسان أن يتفقه في الدين لا يدخل في القضايا الفلسفية الجدلية، خاصةً المُبتدئين، يقول: "فإنما يبتعد عن الأشياء التي فيها الجوانب الفلسفية"، حتى في القضايا الفقهية التي تأثرت في بعض العصور بهذا الجانب، "ويهتم بالجانب العملي".
فما الفائدة لو أني قرأتُ عن أركان الصلاة وواجباتها وسُننها، وأجبتُ عنها في الاختبار، لكني لا أستحضرها، فهذه مشكلةٌ.
المحاور: يعني: لا أستحضرها وأنا أُصلي.
الضيف: بالضبط، لكن لو كان الأمر بالعكس، وهو أنه أخذها وطبَّقها، فأدرك تكبيرة الإحرام التي هي ركنٌ، وأدرك كذا ... إلى آخره، وأدَّى الصلاة بشكلٍ عمليٍّ من خلال ربط هذا الجانب العملي بالجانب النظري، فهو يُدرك أن تكبيرة الإحرام ركنٌ، ولا يمكن أن يُسقطها، ويُدرك حديث أبي بكرة: زَادَكَ الله حِرْصًا ولا تَعُدْ[16]أخرجه البخاري (783)..
فهذه الجوانب العملية هي التي تجعل الإنسان يُطبق مباشرةً، ولو أخذ الزكاة: كشخصٍ عنده مالٌ، فيحسب ويُطبقها.
واضحٌ أخي الكريم؟
المحاور: نعم.
الضيف: شخصٌ يُدرك فضل تعجيل الفطور وتأخير ماذا؟
المحاور: السحور.
الضيف: السحور، طيب، افرض أنه يُؤخر الفطور، ويُعجل السحور، هل طبَّق؟
المحاور: لم يُطبق.
الضيف: نعم، لكن لو أنه عند الإفطار أخذ التمرة وأكلها؛ تطبيقًا لسنة النبي ، وتطبيقًا أيضًا لسنة الاستعجال.
وكذلك أخَّر السحور فجعله في آخر الوقت؛ يكون قد طبَّق السنة، مع أن هذه سنةٌ، فلو بَكَّرَ بالسحور لا مشكلة.
المحاور: ليس عليه وِزْرٌ، لكنه يُحرم الأجر.
الضيف: لكنه يكسب أجرًا إذا قام بالسنة، وهذا الجانب التطبيقي في العبادات والمُعاملات مهمٌّ جدًّا، والذي نشر الإسلام في شرق آسيا هم التجار الذين تعاملوا مع الناس بأخلاق الإسلام.
المحاور: بحُسْن المُعاملة.
الضيف: بحُسْن المعاملة، فكانوا لا يغشُّون، ووجدوا منهم الصدق، كما كانت قريش تذهب إلى الصادق الأمين -وهو محمدٌ - وتضع عنده الودائع، فكان معروفًا بالصدق والأمانة، فذهبوا إليه ووضعوا أماناتهم عنده .
فهذا الجانب العملي حين نتمثله في عباداتنا ومُعاملاتنا لا شكَّ أننا سنستفيد حتى في دراستنا الفقهية، ولا تُصبح القضية عبارةً عن قضايا جدليةٍ، وإنما أعلم ما أحتاج إليه من الفقه حتى أُطبق.
واضحٌ أستاذي الكريم؟
المحاور: جدًّا.
الانتقال من الجانب النظري إلى التطبيقي
نريد الآن -ونحن في نهاية الحلقة تقريبًا- أن نعرف كيف ننتقل بالتربية من الجانب النظري إلى التطبيقي؟
بمعنى: كيف يجد المُربون ثمرة ما يقومون به مع طلابهم وما ينقلونه من ميدان العلم إلى ميدان العمل؟
الضيف: نعم، هذا الجانب مهمٌّ جدًّا، وبخاصةٍ في الأسرة، كما قال الشاعر:
لا تَنْهَ عن خُلُقٍ وتأتي مثله | عارٌ عليك إذا فعلتَ عظيمُ[17]ديوان أبي الأسود الدؤلي (ص404). |
المحاور: وهو ما عنيناه قبل قليلٍ في قضية أنني عندي قيمةٌ وأريد أن أزرعها، ثم آتي وأُخالف هذه القيمة.
الضيف: بالضبط.
المحاور: أريد أن أُربِّيه على قيمة الصدق، ثم إذا اتَّصل بي فلانٌ أقول له: قُلْ له: أبوك نائمٌ.
الضيف: أو غير موجودٍ.
المحاور: نعم.
الضيف: الابن سيقول: نائم، لكنه سينصدم من هذا الأمر.
المحاور: والبعض يقول: أبي يقول لك: نائم.
الضيف: فهذا أراد الله أن يفضحه.
فالحقيقة -أخي الكريم- ليس هناك من حلٍّ إلا بالمُطابقة والشخصية التي ظاهرها كباطنها، والجانب المعرفي مثل الجانب العملي، فهذا الذي سيرتاح، وهو الذي يُربي أبناءه وطلابه على أنهم يعرفون الصواب من الخطأ، ويفعلون الصواب، ويتركون الخطأ.
أما الآخر فسيجعل الجيل يضطرب، يعني: إذا لم يكن عنده الوعي، والقضية ليست واضحةً، ولا يعرف الصواب من الخطأ، وإذا كانت واضحةً فلماذا يُخالفها؟
إذن من الممكن أن أصير مثله؛ فأغُشُّ مثلما يغُشُّ أبي، ولا أنضبط في محاضراتي مثل أستاذي غير المُنضبط، وأغُشُّ في اختباراتي مثل الأستاذ الذي يُساعدني على الغش.
والفتاة تقول: أمي تُعلمني الحجاب والستر والعفاف وهي تُخالف ذلك!
فالأم عندها منهجٌ وتريد من ابنتها أن تأخذ 100% امتياز، وتقول لها: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ [الأحزاب:59].
طيب، هذا ممتازٌ، لكن البنت ترى أمها إذا خرجت للأسواق أو ذهبت أو سافرت لا تكون مُلتزمةً بالحجاب! فماذا يحصل؟
يتربَّى الجيل على التناقض، وهذا شيءٌ خطيرٌ جدًّا على الجيل، وعندئذٍ يمكن أن تتوقع من ابنك أن يقول عندك كلامًا، ومن خلفك ...
المحاور: لا يلتزم به.
الضيف: يُعطيك كلامًا حلوًا، ويقول لك: نعم فعلتُه. وهو ما فعله، فيكبر هامش عدم المصداقية؛ لأن هامش عدم المصداقية في الآباء كبيرٌ، ويكبر هامش عدم المصداقية عند الطلاب، فيقول الطالب: هذا الواجب فعلتُه من نفسي. وهو كاذبٌ، لكن لو ربَّى الأستاذ الطلاب على الصدق، وقال لهم: اعذروني يا جماعة، ولا تقتدوا بي في عدم الانضباط في الحضور، فأنا اليوم ما حضرتُ بسبب كذا. فالطالب يتربَّى من هذا الأستاذ الجاد.
وأنا أعرف قصصًا في هذا، حيث يأتي الطالب ويقول: اسمح لي يا أستاذ، الذي فعل لي الواجب أختي، فأرجو أن تعذرني.
ويمكن أن يكذب، ويمكن ألا يقول ذلك، لكن ما الذي جعله يأتي إلى أستاذه ويعتذر؟
الجواب: لأن أمامه قُدوةً، يعني: يعترف بالخطأ، ولا يجعل من الصواب خطأً، أو من الخطأ صوابًا، أو يكذب وهم يعرفون أنه يكذب، فهذه قضيةٌ خطيرةٌ جدًّا، وهذا انفصامٌ نَكِدٌ بين النظرية والتطبيق.
المحاور: أشكرك شكرًا جزيلًا دكتور خالد بن أحمد السعدي، أستاذ التربية وعلم النفس المساعد بجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل، ضيفنا الدائم في هذا البرنامج، وكان عنواننا في برنامج الأسس التربوية: "الدور الإرشادي لصناعة المنتج التربوي في المنهج الإسلامي"، ذلك التطابق التربوي هو الموضوع المهم الذي نحتاجه في حياتنا العلمية والعملية.
أعزائي المشاهدين، باسمكم جميعًا نُوجه الشكر والتقدير لضيفنا الدكتور خالد السعدي على ما قدَّم.
ونشكركم على تفاعلكم وحُسن تجاوبكم معنا، ونلتقيكم -بإذن الله - في لقاءاتٍ قادمةٍ، وفي أيامٍ قادمةٍ في هذا البرنامج.
دُمْتُم بخيرٍ، وتُصبحون على خيرٍ.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الضيف: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
↑1 | "تفسير الطبري" = "جامع البيان" (1/ 80). |
---|---|
↑2 | "الموطأ" للإمام مالك (2/ 287). |
↑3 | "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" للخطيب البغدادي (184). |
↑4 | "حلية الأولياء وطبقات الأصفياء" لأبي نعيم (5/ 102). |
↑5 | أخرجه الترمذي (2490)، وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" (444): "ضعيفٌ إلا جملة المُصافحة فهي ثابتةٌ". |
↑6 | أخرجه البخاري (2651)، ومسلم (2535). |
↑7 | "تفسير الطبري" = "جامع البيان" (1/ 80). |
↑8 | "الفتوى الحموية الكبرى" (ص555- 556). |
↑9 | أخرجه البخاري (2651)، ومسلم (2535). |
↑10 | "تعليم المتعلم طريق التعلم"، لبرهان الدين الزرنوجي (ص57). |
↑11 | أخرجه أحمد (24601)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (4811). |
↑12 | أخرجه البخاري (481)، ومسلم (2585). |
↑13 | أخرجه البخاري (6011)، ومسلم (2586). |
↑14 | أخرجه أبو داود (4682)، والترمذي (1162)، وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (284). |
↑15 | العقيدة الواسطية، لابن تيمية (ص129، 130). |
↑16 | أخرجه البخاري (783). |
↑17 | ديوان أبي الأسود الدؤلي (ص404). |