الأُسَر التي تُربي أبناءها على ضبط الانفعال تكون عندهم القُدرة على الضبط، وأما الآباء الذين لديهم التَّخبط في ضبط الانفعالات فيكون أحدهم غَضُوبًا؛ يكون الأبناء كذلك! فغضب الأبناء من غضب الآباء في الغالب، فهذا الابن لم يجد مَن يُربي فيه غير ذلك.
وكذلك عدم ضبط الكُرْه، والبُغْض، والحب، والفرح، والحزن، ستجده بسبب عدم تأسيس التربية منذ نعومة الأظفار، وعدم وجود قُدواتٍ في هذا الجانب للأجيال، ومن صور ذلك الاضطراب في انفعال الحزن، فتجده مُتَبَلِّدًا، كأن تجده مثلًا في المقبرة يتكلم في العقار أو السياحة، والميت من أقرب الناس إليه! وهذا يعني أنه ليس ضابطًا لانفعاله، والنبي يقول: إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يُرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون[1]أخرجه البخاري (1303)، ومسلم (2315)..
أو تجده على العكس مُفرِطًا في الحزن؛ فيَصِل الحزن عنده لمستوى من الاكتئاب الخفيف، ثم المتوسط، ثم الشديد، وهكذا قُلْ في الفرح؛ فالإنسان الذي يجد شيئًا يسُرُّه ولا يفرح فهو مُتَبَلِّدٌ، وهذا تفريطٌ، وهذا لا يُعدّ من ضبط الانفعالات، وإنما هو لا مُبالاة، وضمورٌ في الانفعال، وقد تكون هناك أسبابٌ أخرى تحتاج إلى أن تُحلَّل وتُشخَّص.
وفي المقابل قد يكون هناك فرحٌ مُفرطٌ؛ فتجده يفرح وينسى نفسه، ويكسر الأشياء التي أمامه، وتجده ربما يتعدى على حقوق الآخرين بسبب الفرح، وما شابه ذلك.
والمطلوب من الإنسان عند الفرح أن يشكر الله ويحمده، ويسجد سجود الشكر، ويفرح مع أهله، ويمكنه أن يُقيم حفلةً مناسبة... إلى آخره، فهذا هو الفرح الصحيح.
وهذا الضبط يحتاج إلى استحضار النية، فنحن عندما نضبط انفعالاتنا لا بد أن نعرف لماذا نضبط انفعالاتنا؟ حتى يرضى الله عنا، وتكون علاقتنا بالناس طيبةً، ونُحافظ على حقوق الآخرين.
فقد تجد الإنسان ينوي أن يفعل خيرًا لنفسه ولغيره، ويكسب أجرًا، ثم يتعرض لمُثيرٍ سلبيٍّ فينفعل فيترك هذا الخير، ولو احتسب الأجر عند الله، واستحضر النية؛ فإنه سوف يضبط هذا الانفعال، ولن يقطع العمل الذي عزم عليه.
فعدم ضبط الانفعال مُضِرٌّ ومُشْكِلٌ، وقد يكون في وقتٍ ومكانٍ غير مُناسبٍ[2]ضبط الانفعالات..
↑1 | أخرجه البخاري (1303)، ومسلم (2315). |
---|---|
↑2 | ضبط الانفعالات. |