جاء في تفسير قول الله : أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى [الحجرات:3]:
كُتب إلى عمر : يا أمير المؤمنين، رجل لا يشتهي المعصية ولا يعمل بها أفضل أم رجل يشتهي المعصية ولا يعمل بها؟ فكتب عمر : إن الذين يشتهون المعصية ولا يعملون بها أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ [1]تفسير ابن كثير (7/ 368)..
فهؤلاء الذين تميل نفوسهم إلى المعصية ولا يفعلونها أجرهم عند الله أعظم من الذين لا تميل نفوسهم للمعصية ولا يفعلونها، والفَرْق بينهما: المجاهدة؛ فكلاهما ترك المعصية، ترك السماع للحرام، والنظر للحرام، لكن أحدهما نشأ أصلًا في بيئة لم يتلطخ نظره وسمعه فيها بالحرام من قبل؛ فلا إشكال عنده، ولا يحتاج لأن يجاهد نفسه؛ لأنه متعود على ترك هذه الأشياء.
وأما الثاني فقد كان يرى ويسمع الأشياء السيئة، ثم تاب إلى الله ، وبدأ يجاهد نفسه؛ فهذا أجره كما يقول الفاروق عمر بن الخطاب أعظم من أجر الثاني؛ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى فهؤلاء الذين امتحن الله قلوبهم فعلًا، وهو الامتحان الحقيقي!
ونحن جميعًا ولو كنا مقصرين لكن باب الإخلاص هو امتحان لنا، فمن يثبت جدارته في التقوى والمجاهدة والإخلاص؛ ينجح نجاحًا عظيمًا في امتحان هذه الحياة التي هي معبر للآخرة.
قال بعض السلف: "وددتُ أنه لو كان من الفقهاء من ليس له شغل، إلا أن يعلم الناس مقاصدهم في أعمالهم، ويقعد إلى التدريس في أعمال النيات ليس إلا، فإنه ما أتى على كثير من الناس إلا من تضييع النيات"[2]المدخل لابن الحاج (1/ 6)..
وهذا يدل على أهمية النية؛ فهي التي يقوم عليها العمل، وهي التي عليها الحساب، وهي التي عليها السعادة والشقاء في الدنيا والآخرة؛ فلا بد أن نستحضر قضية النية والإخلاص أثناء برامجنا في النادي، وحفظ كتاب الله، وطلب العلم والدعوة إلى الله ، وعلاقتنا بأسرنا وزملائنا، وأثناء الدراسة، وشؤوننا كلها [3]وقفات تربوية مع آيات القرآن..