من عجائب القصص ما حدثني به أستاذٌ لنا وفَّقه الله، والحي لا تؤمن عليه الفتنة، وهو دكتور لنا استفدنا منه كثيرًا، نفع الله به، وجزاه الله عنا خيرًا، حيث حدثني عن أبيه الذي ظلَّ مؤذِّنًا لسنوات طوال، وما زال إلى الآن.
يقول: عندما ابتُعثت إلى أمريكا للدراسة في تخصص "علم النفس" كنتُ عازبًا، فتزوجت في أوائل مرحلة ابتعاث الماجستير، ولكني لم أستطع أن آخذ زوجتي في أول سفرة، ولم أستطع أن أعود للمملكة وآخذ زوجتي، فكان القدر أن الذي يأتي بزوجتي هو والدي الذي لم يسبق أن سافر أو ركب الطائرة في حياته، والمشوار ست عشرة ساعة!
يقول: فأتى جزاه الله خيرًا بزوجتي، وجلس عندنا ثلاثة أيام تقريبًا، يقول: وأنا أعرف عن والدي أنه لا يترك ليلة إلا ويقومها، فكنتُ أظن عندما أتى بزوجتي بعد السفر الطويل ست عشرة ساعة أنه سيخلد إلى الراحة وينام، وسأرى غير أبي الذي أعرفه لأنه معذور، يقول: فإذا بأبي الذي أعرفه في الرياض هو أبي الذي أراه في أمريكا حتى بعد الستة عشر ساعة؛ يقوم ويُصلِّي ولم يتغير برنامجه!
فهؤلاء أناسٌ فتح الله عليهم من أبواب فضله ورحمته وتوفيقه؛ لأنهم فعلًا يستلذّون ويسعدون بطاعة الله، فما يُفرِّقون في العبادات ما بين حضر وسفر، وتجد قلبه معلَّقًا بالصلاة حتى في المرض، يحرص على الصلاة ويسأل عنها، ويحرص على الأذان وعلى كل شي، بينما هو في حالة من المرض والتعب، وهذا من فضل الله ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ [المائدة:54][1]تطبيقات تربوية (2-13)..
↑1 | تطبيقات تربوية (2-13). |
---|