لا أحد إلا والسعادةُ مطلبٌ بالنسبة له، وهي الدافع والحافز والباعث للعمل؛ فإذا أتيت لأهل الطاعات، أو العبادات، أو العلم، أو التجارة، بل حتى أهل المعاصي؛ ستجد أن الباعث الأساسي: هو أنه ينشد السعادة، ويريد أن تسعد نفسه، سواءٌ وُفِّق لها أم لم يُوفَّق؛ فهي قضيةٌ ومطلبٌ وباعثٌ وحافزٌ أساسيٌّ.
وقد قال الله : مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [النحل:97]، قال المفسرون: حَيَاةً طَيِّبَةً أي: في الدنيا، وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ أي: في الآخرة؛ فالله يجمع له السعادة في الدنيا والآخرة.
وبضدها تتمايز الأشياء، فتجد القلق والشقاء مع الإعراض عن ذكر الله، كما في قول الله : وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى [طه:124-126].
وهذه القضية لا تكاد تجدها في أدبيات الكتب غير الإسلامية بحالٍ من الأحوال، وجاء عن أحد الأوروبيين مقولةً مشهورةً: "إن أوروبا لما تركت إلهها القديم -يقصد النصرانية على تحريفها- واتجهت إلى إلهها الجديد -يقصد العلم المادي الإلحادي- بدأ الأوروبيون يعيشون في قلقٍ دائمٍ"[1]السعادة النفسية..
↑1 | السعادة النفسية. |
---|