بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الأب، وأيتها الأم، حينما نسعى إلى تربية أبنائنا الشباب -ذكورًا وإناثًا- لا بد أن نضع في اعتبارنا حاجتهم إلى الجانب الإيماني، والجانب العبادي، والجانب العقدي، فهذه حاجة ملحة، والدراسات المحلية والإقليمية والعالمية أثبتت ذلك، وبخاصةٍ في هذه المرحلة: أن الشباب والمراهقين هم أقوى مَن يتجه إلى قضية التدين.
فهل أنتم في الأسرة -أيها الأب، وأيتها الأم- ممن يُعين الأبناء على هذه القضية، أم أننا نكون عقبةً وحجر عثرةٍ تجاه تدينهم؟
وهذه قضية مهمة جدًّا، فحينما يضع الإنسان في باله طريق الهداية والعقيدة الصحيحة والإيمان والعبادة ويكون واضحًا: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56] فهذا الذي نريده، والأب والأم حينما يُشجعون الأبناء على السير في هذا الطريق فهم بلا شكٍّ يُساعدونهم على هذا الخير.
وتوهم أمور سلبية هي من الوقاية، فينبغي أن نحذر أن يُصبحوا من الغالين، أو يظهر عندهم انحراف سيئ في هذا الجانب وما شابه ذلك، لكن أن يكون هذا على حساب أن يُصبحوا أهل تدين وأهل استقامة وهداية فهنا تكمن المشكلة الكبيرة -والكبيرة جدًّا-؛ لأن هذه حاجة نفسية، وحاجة أساسية عند الشاب -ذكرًا وأنثى- ألا وهي التدين، والدراسات -كما قلت- أكّدت ذلك بصورةٍ كبيرةٍ في هذه المرحلة خاصةً.
فينبغي أن نكون عونًا لهم على تلبية حاجاتهم الإيمانية والعقدية والعبادية.
فأنت تفرح أخي الأب وأختي الأم حينما يكون ابنك أو بنتك من الحريصين على الصلاة والمحافظين عليها، ومن الذين يصومون الفرض ويصومون التطوع، ويتصدّقون، ويقومون الليل، ويفعلون من الخير بينهم وبين الله ، فيموت على ذلك، ومنهم المهتمون بكتاب الله ، وغيرها من أعمال الخير والعبادة بينهم وبين الله .
في مقابل ذلك تصور لو أنك تفاجأت كما تفاجأ أحد الإخوان -وقد اتصل بي قريبًا- بأن أحد الشباب من أقاربه -عشريني- ظل يتابع المواقع المتعلقة بالإلحاد لمدة سبعة أشهر حتى أصبح لا يؤمن بوجود الله، بعد أن كان لا يشك مجرد الشك في وجود الله، يعني: محض الإلحاد، والعياذ بالله.
فهذه صورة من الصور في زمن الانفتاح تحتاج أن ننتبه لها.
والذي يُحصّن هذه القضية في الصراع الفكري العقدي اليوم: هي قضية الإيمان والخوف من الله ، وذلك يتطلب تعزيز الجانب الإيماني، وتأصيل العقيدة الصحيحة علمًا وسلوكًا، فهذه قضية مهمة جدًّا، فلا بد من مشروع البناء الإيماني ومشروع البناء العقدي داخل الأسرة، فهذه قضية مهمة جدًّا؛ لأن هذا الذي يجعلهم يُدركون لماذا خُلقوا؟ ما مفهوم العبادة؟ ما حقيقة وجود الله ؟ مَن هو الله ؟ ما توحيد الربوبية، والألوهية، والأسماء والصِّفات؟
فحينما تدرس هذه القضية معرفيًّا وكذلك سلوكيًّا: يرون أثرها أمام ناظريهم، ويعيشونها في الأسرة، ولا يعيشون ما يُخالفها -للأسف الشديد- من خلال تفلتٍ في أنظمة الأسرة، ومن خلال المؤثرات السلبية الأخرى التي ليست منضبطةً في الأسرة، ومن خلال عدم وجود برنامج وقائي، وضعف البرنامج النمائي، وغير ذلك من الأمور: كالأصدقاء، وما شابه ذلك، لا شك أن هذه خطيرة جدًّا.
نحن نحتاج أن نسأل أنفسنا ونسأل أُسرنا: ما المنظومة البنائية والوقائية والعلاجية؛ لأجل تحقيق الحاجة المتعلقة بالجانب الإيماني والعبادي والعقدي؟
سؤال ضخم وكبير جدًّا، فلا بد من الجلسات الأسرية، والقراءات، والفلاشات، والإعلام المحافظ، والقدوة، والربط بالله في مناحي الحياة، وعدم التعلق بالدنيا، وربط القضية بالآخرة، وغير ذلك من الأمور: كالقراءات، والرقائق.
فنحن في أمس الحاجة إلى أن يراقب الإنسان -الشاب والشابة- ربه، فحينما يريد أن ينام، وعندما يستيقظ من نومه ينظر إلى نظر الله قبل أن ينظر إلى نظر أحدٍ من خلقه.
إذا فزنا في هذا سنكون قد حققنا هذه الحاجة العظيمة التي تحميهم من الوقوع في الاضطرابات: اضطرابات الشبهات، واضطرابات الشهوات؛ الشبهات بتركيز العقيدة الصحيحة المرتبطة بفهم الإيمان الحقيقي، والعبادة الحقيقية، وتوحيد الأسماء والصفات، وتوحيد الربوبية والألوهية، وكذلك تحميهم من اضطرابات وانزلاقات الشهوات في زمن الصراعات الشهوانية والشبهات.
أسأل الله سبحانه أن يعصمنا وإياكم، ويوفقنا وإياكم وإياهم إلى الجانب العبادي والإيماني والعقيدة الصحيحة.
والحمد لله رب العالمين.