المحتوى
مقدمة
الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فهذا -بعونٍ من الله وتوفيقه- هو اللقاء الثاني من المجموعة التاسعة من سلسلة: "تطبيقات نفسية وتربوية من الكتاب والسنة".
وكنا قد بدأنا في آخر المجموعة الثامنة حول ما يتعلق بالأساليب التربوية، وبدأنا بأسلوب القصة، ثم أخذنا نماذج من القصص النبوي.
وما زلنا في القصص النبوي على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم، والاستفادة منها فيما يتعلق بالجوانب التربوية والنفسية، بعون الله وتوفيقه.
وأظن أن هذه هي الحلقة الثالثة من تلكم القصص، وأسأل الله الإعانة والتوفيق.
سقى كلبًا فغفر الله له
جاء في "صحيح البخاري" عن أبي هريرة : أن رسول الله قال: بينا رجلٌ يمشي، فاشتد عليه العطش، فنزل بئرًا، فشرب منها، ثم خرج، فإذا هو بكلبٍ يلهث، يأكل الثَّرى من العطش، فقال: لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ بي. فملأ خُفَّه، ثم أمسكه بفِيه، ثم رقي فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له، قالوا: يا رسول الله، وإن لنا في البهائم أجرًا؟ قال: في كل كبدٍ رطبةٍ أجرٌ[1]أخرجه البخاري (2363)، ومسلم (2244)..
وروى مسلمٌ في "صحيحه" عن أبي هريرة ، عن النبي : أن امرأةً بَغِيًّا رأت كلبًا في يومٍ حارٍّ يطيف ببئرٍ، قد أدلع لسانه من العطش، فنزعت له بمُوقِها؛ فغُفِرَ لها[2]أخرجه مسلم (2245)..
وفي روايةٍ عند البخاري: عن أبي هريرة قال: غُفِرَ لامرأةٍ مُومِسَةٍ مرَّت بكلبٍ على رأس رَكِيٍّ يلهث، قال: كاد يقتله العطش، فنزعت خُفَّها، فأوثقته بخمارها، فنزعت له من الماء؛ فغُفِرَ لها بذلك[3]أخرجه البخاري (3321)..
هذه المجموعة من القصص النبوي فيما يتعلق بهذه المواقف العظيمة تُؤكد لنا جانبًا من فضائل الأعمال، وأهمية التربية على فضائل الأعمال لنا ولأجيالنا، وحينما نكون كذلك سيكون أبناؤنا، وستكون أجيالنا.
فالصورة عظيمةٌ جدًّا، يعني: صورة الرجل الذي اشتدَّ عليه العطش، ومع ذلك يسقي الكلب، فالله يُجازيه بمغفرة الذنب.
وأشد من ذلك: المرأة البَغِيُّ التي سقت الكلب بسبب عطشه؛ فغفر الله لها.
فماذا يُمكن أن نفعل إذا لم نكن بمثابة هذا الرجل فيما يتعلق بشدة العطش؟ فالله رزقنا وأعطانا، ولسنا بمثابة تلكم المرأة التي -يعني- أوغلت في المُوبقات والمُنكرات والمُهلكات.
لا شك أن الإنسان في أمسِّ الحاجة إلى أن يستفيد من مثل هذه المواقف العظيمة، خاصةً حينما يكون الأمر مع الحيوانات، فكيف بالإنسان؟!
وأصبحنا اليوم نرى هذه القضية التي كنا ربما نقصُّها قصصًا، أصبحنا نراها عيانًا، وخاصةً مع وسائل الاتصال الحديثة والنقل المُباشر، وعبر الروابط ووسائل الاتصال.
فأصبح الإنسان يرى في لحظته وفي ثانيته مسلمًا من المسلمين لا يستطيع أن يجد طعامًا أو شرابًا في المناطق المُحاصرة، كما نُلاحظ بين الفينة والأخرى بعض إخواننا في سوريا وغيرها، فرَّج الله عنهم.
فإذا كان هذا الأمر قد حصل جزاؤه مع الكلاب والحيوانات، وهي مخلوقاتٌ لله ، فكيف بمَن أراد الله أن يكون خليفةً في الأرض، وإعانته على مثل هذه المعاني؟!
دور القصص في تربية الأبناء
أنا أقول: تصور أننا نقصُّ هذه القصص التي ذكرناها في الأحاديث النبوية السابقة على أبنائنا، أليس هذا الأمر بحدِّ ذاته سيجعل هناك حِرَاكًا في المشاعر والعواطف، وفي التفكير عند الأبناء: ماذا يفعلون؟
فرقٌ بين الأسرة التي تُربي الأبناء على مثل هذه المعاني، وبين الأسرة الجامدة التي لا تُربي على هذه المعاني، وعندئذٍ ستمر صور الأخبار كأنها لا شيء.
نحتاج إلى أن نربطهم بمعاني التربية الإسلامية؛ حتى يُدركوا أثر مثل هذا السلوك العظيم في مسلك فضائل الأعمال حينما نُساهم في إنقاذ حيوانٍ، فكيف نُساهم في إنقاذ إنسانٍ مسلمٍ؟!
هذه من القضايا المهمة التي نحن بحاجةٍ شديدةٍ إليها: عِظَم أجر مَن أحسن إلى الحيوان مما يعود عليه بالمغفرة، وعِظَم فضل الله وواسع رحمته، فهو يُعطي الكثير والجزيل بالقليل.
فحينما يُربى الأجيال ويُربى الأبناء على أنك بمجرد أن تفعل شيئًا لله -ولو كان بسيطًا- فإن الله سيُكافئك بشكلٍ عظيمٍ جدًّا، فالله غفر للرجل الذي سقى الكلب، وغفر لتلك المرأة وعفا عنها وهي بَغِيٌّ!
فهذه المعاني عندما يتربى عليها الجيل يكون عنده دافعٌ للعمل.
وقد سبق أن تكلمنا عن نظرية الدوافع للنفس البشرية، خاصةً الدوافع التي أتت من المنهج التربوي الإسلامي، والتي تدفع الإنسان للسلوك، فكل إنسانٍ منا لا بد له من دافعٍ ليقوم بهذا السلوك.
الآن كلنا صلينا العشاء، والذي حضر معنا هذه الصلاة لا شك أنه ما حضر لهذا المكان إلا وهناك دافعٌ، قد يكون الدافع إرضاء الله، وقد يكون غير إرضاء الله ، كما هو الحال في صلاة المنافقين كمثالٍ، وما شابه ذلك، لكن هناك دافعٌ في السلوك.
فبمثل هذه القصص تُربى الأجيال وتُربى نفوسنا على الدوافع لعمل الخير للحيوانات، فكيف حينما نعمل ذلك للإنسان، وللمسلم، وهو في أشد الحاجة إلى مثل ذلك؟! لا شك أن النفوس ستتحرك -في أقلّ تقديرٍ- إلى أن ترفع يدها وتدعو.
طفلةٌ صغيرةٌ تتبرع بريالين
أتيتُ إلى أُسرةٍ من الأقارب، فإذا إحدى القريبات تُعطيني ريالين وهي تضحك، فقلت: ما أمر الريالين؟!
قالت: من هذه الطفلة. وأشارت إلى طفلةٍ عمرها ثلاث سنواتٍ ونصف، فقد جلست أمُّها قبل ليلةٍ تقصُّ عليها مثل هذه القصص المتعلقة بحالة المسلمين وأوجاعهم، وكيف يمكن أن نُساعد المسلمين؟
فتقول: سبحان الله العظيم! من الغد أبوها ذهب ليأخذها من المدرسة -وهي في المراحل المُبكرة من الروضة-، فلما ركبت قالت لأبيها: خذ الريالين وأعطِهما لسوريا، يعني: أوصلهما لسوريا.
هذه طفلةٌ عمرها ثلاث سنواتٍ ونصف، فكيف بالشباب والكبار؟!
فهذه الطفلة أخرجت الريالين ونصَّت على مساعدة إخواننا في سوريا بسبب أسلوب القصة التي قصَّتها الأم قبل أن تنام.
ففرقٌ بين المحضن الذي يُربي أبناءه على مثل ذلك، والمحضن الذي لا يُربي أبناءه على مثل ذلك، إنما هو مشغولٌ بالرسوم المُتحركة والألعاب الإلكترونية، وحدِّث ولا حرج في بعض الجوانب المُنحرفة أخلاقيًّا، أو عقديًّا، أو ما شابه ذلك.
فالقضية خطيرةٌ جدًّا، فهذه في سنِّ ثلاث سنواتٍ ونصف تأثرت، فكيف بمَن عنده نُضْجٌ في العقل والمشاعر والانفعالات؟
لا شك حينما تجلس الأسرة وتقرأ مثل هذه الأحاديث في كتاب: "صحيح القصص النبوي" للشيخ عمر الأشقر رحمة الله عليه، وتقرأ هذا الحديث، وتنظر في الفوائد التي ذكرها الشيخ، وتتناقش مع الأبناء؛ ستتحرك المشاعر -ولا بد- في ممارسة العمل الخيري، وفي ممارسة فضائل الأعمال المتعلقة بمثل ذلك.
القصص النبوي ومحاربة التكفير
ومما يجدر التنبيه إليه -وسيأتي في عددٍ من أحاديث اليوم- ما يتعلق بقضية التكفير وما يرتبط بها.
أنا لستُ أتكلم هنا من الناحية الشرعية البحتة، هذه ليست لي، ولكن نستفيد من هذه الدروس في ظل ما نعيشه ونُواقعه، فإذا كان الله غفر لهذه المُومِس البغيّ، فأين الذين يتحدثون عن التكفير وما يرتبط به؟! وإذا عمل الإنسان كبيرةً من كبائر الذنوب، أو ما شابه ذلك: كمذهب الخوارج ...
فهذه القضية دليلٌ واضحٌ جدًّا على أن الإنسان لا يمكن أن يكفر بالمعصية التي يقوم بها، يكون مُعرَّضًا لعقاب الله ، فإن شاء عذَّبه ، وإن شاء غفر له، فالأمر تحت مشيئة الله ورحمته سبحانه.
فهذه قضيةٌ واضحةٌ، ودلالةٌ واضحةٌ.
ولذلك أقول: حتى نُربي الجيل على التصور الصحيح في مثل هذه القضايا التي نسمعها: تفجير، تكفير، وغيرها من الأشياء التي بدأ شعر الرأس يشيب بوجودها واستمراريتها، ثم يخرج لك المُنَفِّذ، وإذا به شابٌّ في ريعان شبابه، في العشرين من عمره، وتنظر إلى الوجه تجد أنه من وجوه الشباب اليافعين التي تتحسر أن يُهدر دم مثل هذا الشاب وأمثاله في مثل هذه العمليات السيئة.
فنحن نحتاج إلى مثل هذه التوعية والاستنباط منها، فأحيانًا تكون القضية مُرتبطةً عند هؤلاء -أو مَن يُخشى عليه من باب الوقاية- بالتصورات والفكر، فحينما يعرف أن المُومِس البغي غفر الله لها، إذن هي مسلمةٌ، لم تكفر، فينتبه الإنسان لهذه القضية، ويكون عنده رصيدٌ معرفيٌّ في مثل هذه القضايا؛ ليضبط نفسه.
الخوف من الله من أسباب المغفرة
من القصص ما رواه مسلمٌ في "صحيحه" عن أبي هريرة : أن رسول الله قال: قال رجلٌ لم يعمل حسنةً قط لأهله: إذا مات فحرِّقوه، ثم اذروا نصفه في البرِّ، ونصفه في البحر، فوالله لئن قدر الله عليه ليُعذِّبنه عذابًا لا يُعذبه أحدًا من العالمين، فلما مات الرجل فعلوا ما أمرهم، فأمر الله البرَّ فجمع ما فيه، وأمر البحر فجمع ما فيه، ثم قال: لِمَ فعلتَ هذا؟ الله يسأل هذا الرجل الذي لم يعمل حسنةً قط، وأمر أهله أن يفعلوا ما سبق ذكره: لِمَ فعلتَ هذا؟ قال: من خشيتك يا رب، وأنت أعلم. فغفر الله له[4]أخرجه مسلم (2756)..
لعلنا نستفيد من هذه الدروس في الدرس الأخير -أعني: قضية التكفير-، والشاهد في هذه القصة أنه لم يعمل خيرًا قط، وأنه في ظاهر الأمر في شكٍّ في قُدرة الله ، والعلماء تكلَّموا في هذه القضية، وليس هذا مجالها، لكن مع ذلك غفر الله له.
واستنبط أهل العلم من هذا أنه لا يجوز تكفير العباد بالذنوب، وهذا رصيدٌ آخر لتعديل هذا الفكر بحيث تكون هناك وسطيةٌ حقيقيةٌ واضحة المعالم من خلال منهج النبي .
فعلى أي أساسٍ فلانٌ كافرٌ وهو مسلمٌ؟! نتقي الله ، فهذا شيءٌ من الأشياء التي تُساعد على تربية الأجيال: الخوف.
زرع الخوف من الله وخشيته في النفوس
نخرج بدرسٍ من هذا الموضوع وفائدةٍ، وهي: الخوف من الله من أعظم المقامات للصالحين.
أسأل الله أن يرزقني وإياكم هذا الخوف وهذه الخشية.
ونحن في أمسِّ الحاجة إلى مثل هذا، والكلام في ذلك سهلٌ، وطلبه سهلٌ، وإظهاره في مواقف العبادة أمام الملأ سهلٌ، ووجود ملامحه ومُؤشراته أمام الناس سهلٌ، ولكن في الخلوات تظهر الحقائق.
أسأل الله أن يعفو عني وعنكم، وأن يتجاوز عنا جميعًا، والله رحيمٌ، فقد رحم وغفر وتاب، أسأل الله أن يتوب علينا وعليكم، اللهم آمين.
فلا بد من زرع الخوف والخشية لله في الأجيال، وفي النفس البشرية.
وقد كان الصحابة يُقرؤون أبناءهم علامات الساعة الكبرى، ويُعلِّمونهم ذلك منذ نعومة أظفارهم، فحينما ينشأ الإنسان على مثل هذا يُعَظِّم أمر الله وأمر يوم القيامة، ويكون بعيدًا عن قول الله : وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ [الأنعام:91]، وإنما سيُقدِّر الله حقَّ قدره؛ فيخاف الله عندئذٍ ولا يعصيه، ويُحبُّه فيُطيعه، ويرجوه فيعمل الصالحات والحسنات، فيكون سائرًا على رأس الطائر وجناحيه: المحبة، والخوف والرجاء لله .
هذه القضايا مهمةٌ جدًّا، فعندما ينتبه الجيل وننتبه نحن إلى أن الله قد غفر لهذا الإنسان لأمرٍ قد وقر في قلبه، ألا وهو: الخشية، وهي عملٌ من أعمال القلوب، وهذا لا يُقاس بقضايا ماديةٍ، ولا يمكن التعبير عنها بكتابةٍ أو بشيءٍ من هذا القبيل، هذه القضية وقرت في القلب.
وانظروا هذه العبارة: قال: من خشيتك يا رب، وأنت أعلم، فلا يمكن أن يكذب على الله ، ولو كذب لعلم الله.
فهذا ظاهرٌ في أن الله علم ما في قلبه، وعلم صدقَه في هذا الأمر فغفر له، وهذا الصدق من أعمال القلوب.
وأعمال القلوب نحن جميعًا في أمس الحاجة إليها، فعلينا أن نُربي الأبناء عليها.
والظواهر من الأعمال الصالحة مطلوبةٌ، فلا يمكن أن نُحقق أمر الصلاة إلا عندما نقوم ونُصلي ظاهرًا، وكذلك لا نصوم رمضان إلا حين نصوم، والناس يعرفون أننا نصوم مثلًا، لكن فيما يتعلق بعبادات السر التي يمكن أن تُقام بالسر فهذا مسلكٌ من المسالك الرائعة في التربية على أعمال القلوب، ومنها: الخشية: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا [السجدة:16]، خَوْفًا وَطَمَعًا هذه الخشية.
هذا ما يتعلق بالعبادات، حتى لو كانت لها صورةٌ ظاهرةٌ، كما يُقال: ظاهريةٌ، لكن أيضًا الشيء الآخر: الجانب القلبي الداخلي، عندما يقوم إنسانٌ ويُصلي بجوارك وعُهِدَ عنه أنه يبكي وهو يقرأ سورة الفاتحة باستمرارٍ في غالب الأحيان، هذا مُؤشِّرٌ يُعطيك أن قلبه حيٌّ، وقد لا يبكي، ولا تسمع به، ولكن الله أعلم به: وأنت أعلم سبحانه، وقلبه يدفعه إلى محبة الله والأُنس به، فيقوم آخر الليل ويعمل من الصالحات ما لا يعلم عنها أحدٌ شيئًا إلا الله، ويرجو ما عند الله من الثواب، فيُكثر من الأعمال الصالحة، ويخشى عقاب الله فيأتي بالطاعات، وينتهي عن المُحرَّمات.
نحتاج إلى مثل هذا المنهج التربوي الإسلامي، يعني: أن يكون واضحًا للأجيال وللأُسَر وللمجتمع الإسلامي، واضحًا للأفراد والمُجتمعات، حتى نعرف أن العلم هو المطلوب رقم واحدٍ: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ [محمد:19].
والعمل لا يمكن أن يكون إلا بالعلم، والعمل له دواعيه الأخرى، فعندما تأتي القصص فتُثير المشاهد، المواقف، القدوات، ... إلى آخره، فتُحرك مكامن الأجيال في إكساب مثل هذه القضايا المتعلقة بعبادات القلب.
يعني: واضحٌ أنها قدرة الله ، وواضحٌ أن الله يعذر الإنسان بجهله.
وذكر بعض أهل العلم أن أهله وأولاده كان الواجب عليهم ألا يُطيعوه؛ لأنه لا طاعةَ لمخلوقٍ في معصية الخالق، وإنما يتعلق بما في قلبه، فالله تعالى أعلم به، الله أعلم بهذا الإنسان.
أهمية التوبة، وفرح الله بتوبة العبد
القصة الأخرى في مسلمٍ: عن سماكٍ قال: خطب النعمان بن بشير فقال: لله أشد فرحًا بتوبة عبده من رجلٍ حمل زاده ومزاده على بعيرٍ، ثم سار حتى كان بفلاةٍ من الأرض، فأدركته القائلةُ فنزل، فقال تحت شجرةٍ -أي: نام-، فغلبته عينه، وانسلَّ بعيره، فاستيقظ، فسعى شَرَفًا فلم يرَ شيئًا، ثم سعى شَرَفًا ثانيًا فلم يرَ شيئًا، ثم سعى شَرَفًا ثالثًا فلم يرَ شيئًا، فأقبل حتى أتى مكانه الذي قال فيه أي: نام فيه، يعني: ضاع بعيره وعليه زاده وكل ما يحتاجه.
فبينما هو قاعدٌ إذ جاءه بعيره يمشي حتى وضع خطامه في يده، فالله أشد فرحًا بتوبة العبد من هذا حين وجد بعيره على حاله، قال سماك: فزعم الشعبي أن النعمان رفعها إلى النبي [5]أخرجه مسلم (2745)..
فهذا فيه فضل التوبة وما يتعلق بها، وأهمية التوبة إلى الله .
فالله يفرح، وهنا إثبات صفة الفرح لله ، فعلينا أن نُعوِّد أنفسنا على البحث عما يُفرح الله ويُحبه ، ونستقرئ النصوص من كتاب الله وسنة النبي ، ونرى ما الأعمال التي يُحبها الله فنعملها، وننقلها لأبنائنا حتى يكونوا من الذين يُحبهم الله .
فالله أشد فرحًا بتوبة العبد من هذا الرجل الذي فرح فرحًا شديدًا حتى ورد في روايةٍ أنه قال: اللهم أنت عبدي وأنا ربك. أخطأ من شدة الفرح[6]أخرجه مسلم (2747)..
وهنا يظهر فضل الله ورحمته، وأهمية ربط القلوب بما يتعلق بلطف الله ورحمته؛ حتى يزداد عند النفس البشرية اليقينُ بحُسن الظن بالله ورجاء ما عنده سبحانه.
وهذا مهمٌّ جدًّا، خاصةً في النفسيات التي يكون عندها إحباطٌ أو قنوطٌ، أو ما شابه ذلك.
ولذلك كان العلماء يتحدثون عما يتعلق بالإنسان عند وفاته: أيّهما يعظم: جانب الرجاء، أو جانب الخوف؟
فكان بعضهم يتكلم على حسب حال الإنسان، والأصل أن الإنسان يسير في هذه الحياة مثل الطائر: رأسه المحبة، وجناحاه: الخوف والرجاء، وهذا كنايةٌ عن التوازن بين الخوف والرجاء، ولكن الإنسان في بعض الأحيان يكون في حاجةٍ إلى جرعةٍ من الرجاء أكثر من الخوف؛ لأن عنده الشعور باليأس والقنوط، وفي بعض الأحيان يحتاج إلى جرعةٍ من الخوف أكثر من الرجاء؛ لأن عنده مشكلةً في الإسراف في المعاصي واللامُبالاة، فيحتاج إلى شيءٍ يهزُّه.
فالله لا يُؤاخذ الشخص المدهوش، ودائمًا الشخص المدهوش يحصل عنده ارتجاجٌ في التفكير، لا يستطيع أن يُفكر بطريقةٍ صحيحةٍ؛ ولذلك ينبغي أن نتنبه إلى هذا في تعاملنا مع الناس، وتعاملنا مع الأبناء، وتعاملنا مع الطلاب، فقد يحصل عند الإنسان شيءٌ من الذهول في موقفٍ معينٍ؛ صدمةٌ: صدمةٌ نفسيةٌ، صدمةٌ انفعاليةٌ، شيءٌ مُفاجئٌ ... إلى آخره، ربما يُعطي فكرةً، أو يُعطي رأيًا، أو يقول كلمةً لا يُلقي لها بالًا، وهي غير معقولةٍ، ولا منطقيةٍ، وهو قالها لأنه لا يُلقي لها بالًا، ولا يُدرك حقيقتها، بسبب أنه يشعر بالذهول والدَّهشة، فلا نستعجل في الحكم على هؤلاء.
فالله عذر هذا الإنسان الذي ذهل وأخطأ من شدة الفرح، فكيف لا نعذر؟! ولله المثل الأعلى، فكيف لا يعذر بعضنا بعضًا لو حصل شيءٌ من هذا القبيل؟!
وطبيعة النفس البشرية: أن الإنسان لا يستطيع أن يضبط نفسه وتفكيره: اللهم أنت عبدي وأنا ربك يعني: كلمة كفرٍ، ولكنها ليست كذلك.
وهذا دليلٌ على قضية الرد على التكفير وما يتعلق به، فالله لم يُؤاخذه، وعفا عنه، فهذا دليلٌ تأكيديٌّ آخر على عدم التكفير وما يتعلق به، مع أنه نطق بشيءٍ خطيرٍ من ناحية التوحيد والعقيدة، هو نطق به ولا يقصده، لكن أيضًا المشكلة عندما لا نعمل اعتباراتٍ للعوارض الأهلية -كما يُسميها أهل العلم-، لا نُعمل قضية التأويل، والإكراه، ولا الجهل، هذه اسمها: العوارض الأهلية.
فقد يكون الإنسان ما قال هذا الأمر إلا مُكْرَهًا، أو ما فعل هذا الأمر إلا جهلًا، أو مُتأوِّلًا، فالذين يُصدرون الأحكام ويستعجلون فيها في قنوات التكفير وأمثالها عندهم هذا المنزع، أو أصحاب قضية التفسيق والتبديع عندهم هذا المنزع، وأن الواحد منهم يستعجل في الحكم، مع أن الإنسان قد يكون قال ما قال جهلًا، أو مُتأولًا، أو مُكْرَهًا، أو شيئًا من هذا القبيل، والعلماء تكلَّموا في هذه المسألة، فتُحال إلى مظانِّها.
أثر الإخلاص في قبول العمل وإن كان يسيرًا
وهذه قصةٌ نختم بها، وهي عند البخاري: عن حذيفة قال: سمعت رسول الله قال: إن رجلًا كان فيمَن كان قبلكم أتاه الملك ليقبض روحه، فقيل له: هل عملتَ من خيرٍ؟ قال: ما أعلم يعني: ما عمل، يعني قال: ما أدري، قيل له: انظر، قال: ما أعلم شيئًا، غير أني كنتُ أُبايع الناس في الدنيا وأُجازيهم: فأنظر المُوسِر، وأتجاوز عن المُعْسِر، فأدخله الله الجنة[7]أخرجه البخاري (3451)..
وفي روايةٍ عن حذيفة : تلقت الملائكةُ روح رجلٍ ممن كان قبلكم، قالوا: أعملتَ من الخير شيئًا؟ قال: كنتُ آمر فتياني أن يُنظروا المُوسِر، ويتجاوزوا عن المُعْسِر، قال: فتجاوزوا عنه[8]أخرجه البخاري (2077). أي: قيل: تجاوزوا عن هذا الإنسان.
ورواه أيضًا عن أبي هريرة ، ونصه: كان تاجرٌ يُداين الناس، فإذا رأى مُعْسِرًا قال لفتيانه: تجاوزوا عنه، لعل الله أن يتجاوز عنا[9]أخرجه البخاري (2078)، ومسلم (1562).، يعني: أنه تجاوز لأجل الله، وهذه قضية الإخلاص، ونرجع إلى قضية أعمال القلوب: لعل الله أن يتجاوز عنا.
وهذه الرواية الثالثة مهمةٌ، وتُعطي دلالةً على هذه القضية: فتجاوز الله عنه، هو يقول: لعل الله أن يتجاوز عنا، هذا هو الذي جعله يتجاوز؛ يريد أن يتجاوز الله عنه، هذا معنى الإخلاص.
والبعض يظن أن الإخلاص فهمه صعبٌ جدًّا!
فالإخلاص هو: تجريد القلب لله، ما الذي جعلك تعمل هذا العمل؟ ما الذي جعلك تُنْظِر المُوسِر، وتُسْقِط عن المُعْسِر؟
هو أنك تريد أن يتجاوز الله عنك كما تجاوزتَ أنت عنه لله سبحانه.
ما فكرك؟
أن يقول الناس عنك هذا الكلام، أو أن هذا الشخص تستحي منه لأن له فضلًا عليك، أو من الأقارب، ... إلى آخره، وقد ندخل بذلك في أمرٍ مُباحٍ، وقد ندخل في أمرٍ مُحرَّمٍ، حتى عندما تكون هناك سمعةٌ ورياءٌ، وما شابه ذلك.
لكن هذا الأمر ليس له علاقةٌ بالإخلاص المُشار إليه في الحديث، فعمل هذا الإنسان لله ، وهذا يُظهر أهمية توطين النفس وتربيتها على العمل، فما الذي أجلسك يا بُني في مقعد الدراسة؟ وما الذي أجلسك أيها الأستاذ في مقعد التعليم والتدريس؟ وما الذي جعلك أيها المُتحدث تقف أمام الناس وتتحدث؟ وما الذي جعلك أيها الأب تُوجه ابنك هذا التوجيه؟
هذا السؤال مهمٌّ، سؤال "لماذا" مهمٌّ، فيجب أن يكون منزعه لله، فهو يريد أن يعمله لله، وفي الله، وبالله.
لذلك صدق مَن وصف الصحابة بهذا الوصف الجميل الذي جاء فيه: "أولئك قومٌ خلصوا نفوسهم من حظِّ نفوسهم"[10]انظر: "في ظلال القرآن" (2/ 1008)..
لم يعد لنفوسهم حظٌّ -لذواتهم-، وإنما خلَّصوها لله، كما قال الله لما وصف مثل هؤلاء القوم ووصف غيرهم: وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ [المؤمنون:60]، قالت عائشةُ رضي الله عنها: أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ فبين لها النبي أنهم ليسوا كذلك فقال: لا يا بنت الصديق، ولكنهم الذين يصومون ويُصلون ويتصدَّقون، وهم يخافون أن لا تُقبل منهم: أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ [المؤمنون:61][11]أخرجه الترمذي (3175)، وابن ماجه (4198)، وحسَّنه الألباني كما في "السلسلة الصحيحة" (162)..
فهذا الحس المُرهف في الإخلاص، والحس المُرهف في أعمال القلوب جانبٌ مهمٌّ جدًّا، فمن المهم جدًّا أن نُدرك ونقرأ ونفهم ونستوعب ونعلم، والأهم منه أن نعيشه.
ولذلك فالمُوَفَّق مَن وُفِّقَ للإخلاص، حتى الأكلة يجعلها لله، والشربة يجعلها لله، كما جاء عن أحد الصحابة : "أما أنا فأنام وأقوم، فأحتسب نومتي، كما أحتسب قومتي"[12]أخرجه البخاري (4341 و4344).، فأنا أقوم وأعمل أعمالًا صالحةً لله ، حتى النومة أجعلها لله .
ففرقٌ بين الذي ينام ليرتاح، والذي ينام ليقوم ويُصلي آخر الليل؛ فهو ينام مُبكرًا، أو ينام ليقوم لصلاة الفجر، أو ينام لينشط للأعمال الصالحة والعبادات وخدمة الناس، وما شابه ذلك.
والذين في التعليم يسألون: كيف يكون المرء مُخلصًا؟
كما قال شيخنا ابن عثيمين رحمة الله عليه: "وطلب العلم من أفضل القُربات والعبادات، حتى قال الإمام أحمد: "العلم لا يعدله شيءٌ لمَن صحَّت نيته". قالوا: كيف تصلح النية يا أبا عبدالله؟ قال: "ينوي رفع الجهل عن نفسه وعن غيره"[13]"مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (12/ 28).، بهذا يكون الإنسان مُخلصًا لله ؛ لأنه لا يريد أن يرفع الجهل عن نفسه إلا ليرضى الله عنه، ولا يريد أن يرفعه عن الآخرين إلا من أجل أن يُعبد الله حقَّ عبادته.
فحينما يمتثل الإنسان هذا الأمر يكون هناك فرقٌ بينه وبين الذي يجلس بجواره، وكلاهما يدرس نفس الدراسة، وكلاهما يحصل على نفس المُعدل مثلًا، ولكن هذا له حسناتٌ تجري، وذلك ليس له.
فأعمال القلوب مهمةٌ جدًّا، وفيها مُجاهدةٌ وصراعٌ أيضًا، فمن المجاهدة قول سفيان الثوري: "ما عالجتُ شيئًا أشدَّ عليَّ من نيَّتي؛ لأنها تتقلَّبُ عليَّ"[14]"جامع العلوم والحكم" ت: ماهر الفحل (1/ 69)، وفي "حلية الأولياء وطبقات الأصفياء" (7/ 5) بلفظ: "ما عالجتُ شيئًا قط أشد … Continue reading.
إذن هذا سفيان الثوري يقول: ليس هناك شيءٌ أشد عليَّ من مُصارعة نفسي وجهادها: "مثل النية"؛ فلا يتصور إنسانٌ أنه يمكن أن تكون نيته مئةً بالمئة لله في كل لحظةٍ في هذه الحياة، أقصد: أن يستحضرها؛ لأن البشر يغفل وينسى ويضعف، ... إلى آخره، فهذا واردٌ بين شيءٍ أباحه الله، وشيءٍ حرَّمه الله ، واردٌ كل هذا، حتى الذي في دائرة المباح، فلا يتصور أن لحظاته ودقائقه وثوانيه يمكن أن يستحضر فيها النية، فهو يقول: "ما عالجتُ شيئًا أشدَّ عليَّ من نيَّتي"، تتقلب؛ لأن النفس البشرية عندها دوافع ونوازع، وعندها ميولٌ، فالنفس قد تميل إلى أمرٍ لا يستحضر فيه أمر الله ؛ لأن الإنسان قد يُفكر بملذَّاته وشهواته، حتى لو كان ذلك في الحلال، أما لو كان حرامًا فهذا من باب أولى.
فالنوازع موجودةٌ، فأَرْغِم هذه النفس، وذكِّرها، وجاهد نفسك لتستطيع أن تتجه إلى الاتجاه الإيجابي في التربية على الإخلاص.
فينبغي أن تكون تربيتنا على هذه المعاني: الإخلاص، وأعمال القلوب، وأن تكون من الأمور المهمة جدًّا في أبجديات تربيتنا.
وكان العلماء يضعون حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه: إنما الأعمال بالنيات[15]أخرجه البخاري (1، 54، 2529)، ومسلم (1907). في صدر كتبهم، ويبدؤون به، وهذا إشعارٌ لهم ولغيرهم بأهمية أن يُخلص الإنسان العمل لله .
ويمكن أن يتعب الإنسان ويتعب، وفي الحلال، ولكن في النهاية لا يُحصِّل شيئًا كما يُحصِّل غيره: وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ [المطففين:26]، وحديث عمر بيَّن ذلك؛ لأنه قال: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى، فأنت وما نويتَ، فمَن كانت هجرته إلى الله ورسوله، قال النبي : فهجرته إلى الله ورسوله، فالتكرار دلَّ على فضل هذه الهجرة، وهذا المعنى الجميل، وهو إخلاص الأمر لله ، فهو لم يُهاجر إلا لله، بينما بعد ذلك قال: ومَن كانت هجرته لدنيا يُصيبها أو امرأةٍ ينكحها، فإصابة الدنيا حلالٌ، والمرأة التي ينكحها حلالٌ أو لا؟ قال: فهجرته إلى ما هاجر إليه.
قال بعض أهل العلم: لم يُكرر لدناءة هذا الأمر وضعفه في مقابل ذاك الأمر العظيم الذي هو لله [16]انظر: "الفتح المبين بشرح الأربعين" (ص133)، و"الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري" (1/ 213).. فكيف بالمُحرَّمات؟!
فالتربية على هذه المعاني مهمةٌ جدًّا، وهذا الذي أوصل مثل هؤلاء الناس إلى أن يتجاوز الله عنهم.
هذا عملٌ فقط: أنظر مُوسِرًا، جاء وقت أداء الدَّين، لكن ما استطاع سداده، فأنظره، والمُعسِر أسقط عنه الدَّين، وتجاوز عنه، فتجاوز الله عنه.
وهذا فيه دلالةٌ على سعة رحمة الله كما ذكرنا سابقًا، وبعض الدروس تتكرر، وأن الله يُعطي الكثير على القليل، وأن العبد لا يكفر بالمُوبقات، أين الشاهد؟
الشاهد: لم يعمل شيئًا، بل قال: لا أعلم. ما عنده شيءٌ، ومع ذلك لم يكفر، وتجاوز الله عنه.
فلنُحسن الظنَّ بالله، ولنعلم أن رحمة الله وسعت كل شيءٍ، وأن رحمته سبقت غضبَه .
فنُحسن الظن بالله لأننا سنُحبه أكثر حينما نُحسن الظنَّ به، وهذا لمصلحتنا نحن، وهذا الكلام نقوله لأنفسنا وللأجيال كذلك، ونخاف عقابه، ونرجو رحمته وثوابه.
أسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العُلا أن يُبلغنا وإياكم هذه المقامات العظيمة من الأعمال الفاضلة، حتى ولو كنا ممن تلوَّث بما لا يرضاه الله .
فهؤلاء بلغوا مبلغًا خطيرًا: هذا لم يعمل خيرًا قط، وتلك مُومِسَةٌ، يعني: ليس لديهم رصيدٌ من الأعمال الصالحة، ومع ذلك انظروا إلى لُطف الله ورحمته.
شيءٌ عجيبٌ جدًّا؛ ولذلك ينبغي أن نحرص ونتشبث ونُربي أبناءنا على هاتين القضيتين:
السلوكيات الحسنة: مثل: إنقاذ الكلب، وأمثاله، ... إلى آخره.
فالبعض جالسٌ يتغدَّى وفي باله القط الموجود عند الباب! شيءٌ عجيبٌ، تستغرب، يشغل باله بهذه القضية وهذا الموضوع.
وبعض الناس هذه القضية لا اعتبارَ لها عنده، هذه تُدْخِل الإنسان الجنة، فقد أدخلت المُومِس الجنة.
فكيف تسمع قطًّا أو كلبًا وهو يتضور من الجوع ولا تفعل شيئًا؟! وكيف بالبشر؟!
فأي سلوكٍ إيجابيٍّ نُحسن فيه إلى العباد نعمله، فهو طريقٌ إلى الجنة، وأهم من ذلك كله أعمال القلوب، وإصلاح القلوب، والتربية على ذلك.
إذن عندنا تربيتان من مجموع ما ذكرناه:
- تربيةٌ باطنةٌ.
- وتربيةٌ ظاهرةٌ.
تربيةٌ على أعمال القلوب، وتربيةٌ على الأعمال الصالحة الظاهرة، فإن وُفِّق الجيل لذلك فهو على خيرٍ كبيرٍ بإذن الله.
سنُكمل -إن شاء الله تعالى- بعض القصص في اللقاءات القادمة.
هذا، والله تعالى أعلم.
والحمد لله رب العالمين.
↑1 | أخرجه البخاري (2363)، ومسلم (2244). |
---|---|
↑2 | أخرجه مسلم (2245). |
↑3 | أخرجه البخاري (3321). |
↑4 | أخرجه مسلم (2756). |
↑5 | أخرجه مسلم (2745). |
↑6 | أخرجه مسلم (2747). |
↑7 | أخرجه البخاري (3451). |
↑8 | أخرجه البخاري (2077). |
↑9 | أخرجه البخاري (2078)، ومسلم (1562). |
↑10 | انظر: "في ظلال القرآن" (2/ 1008). |
↑11 | أخرجه الترمذي (3175)، وابن ماجه (4198)، وحسَّنه الألباني كما في "السلسلة الصحيحة" (162). |
↑12 | أخرجه البخاري (4341 و4344). |
↑13 | "مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (12/ 28). |
↑14 | "جامع العلوم والحكم" ت: ماهر الفحل (1/ 69)، وفي "حلية الأولياء وطبقات الأصفياء" (7/ 5) بلفظ: "ما عالجتُ شيئًا قط أشد عليَّ من نفسي: مرةً عليَّ، ومرةً لي". |
↑15 | أخرجه البخاري (1، 54، 2529)، ومسلم (1907). |
↑16 | انظر: "الفتح المبين بشرح الأربعين" (ص133)، و"الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري" (1/ 213). |