التربية لا تكون بتلبية الرغبات، وإنما من خلال القناعات ابتداءً، وكذلك من خلال نظامٍ حازمٍ، فهي علاقةٍ حميميةٍ مع حزمٍ، وهذه القضية مهمةٌ جدًّا.
وكم نُقصّر في هذا كثيرًا، وكم يحدث من ويلاتٍ لبعض الأُسر بسبب التَّراخي والتدليل والحماية الزائدة، وأن كل ما يطلبه الابن يُحقق له، فهذا خطأٌ كبيرٌ، بل أنا أعتبره جريمةً تربويةً؛ فيحتاج الإنسان إلى أن يتنبه إلى هذه القضايا.
وفي المقابل هناك أناسٌ -وهم قليلٌ جدًّا- يمنعون كل شيءٍ، ويتعاملون بالنِّد تمامًا؛ فهذا إفراطٌ وذاك تفريطٌ!
فهناك -مثلًا- مجالاتٌ يمكن معها أن أُعطيهم جهازًا، ولا يكون هذا الجهاز مُرتبطًا بالإنترنت، وأُحمّل لهم فيه بعض الألعاب التربوية، وبعض البرامج النافعة المفيدة، وبعض الكتب والقصص وآيات القرآن، وتعليم بعض الأشياء المُتعلقة بالمهارات ... إلى آخره، فهذا يمكن أن نفعله، وهذا هو الذي يحتاجه الأطفال، ولا يحتاجون غيره.
كذلك يجب أن يكون هناك نظامٌ في الأسرة؛ بحيث يقطع -مثلًا- (الواي فاي) في الساعة الحادية عشرة ليلًا لمَن عنده أجهزةٌ ذكيةٌ، ونقطع الإنترنت أيضًا، ونحن نرى مَن يُمارس هذا الدور في وقت الاجتماعات، ويمنع وجود الأجهزة الذكية وقت الاجتماعات، فينبغي أن يكون هذا النظام في الأسرة أيضًا.
وهناك أُسَرٌ ناجحةٌ في إدارة أبنائها، فالأب والأم يُشرفان على جوالات أبنائهم، خاصةً في بدايات منح الجوال، وفي بدايات عمر الشباب والمُراهقة، مع استقرار العلاقة الحميمية معهم، والتي كوَّنوها عبر السنين، وكلما كان العمر أقلَّ كانت هناك حاجةٌ لمثل هذه الأشياء حتى ينضج بعد ذلك وتكون الثقة قد تمَّت أو نضجتْ بإذن الله .
وقد كنتُ عند أحد الأشخاص، ولديه بنتٌ في المتوسط، وكان يفتح لها البرنامج من جواله ثم يُغلق، وقد يظن البعض أن هذه الصورة فيها تشديدٌ، فسألته، فكانت الإجابة: أنه مُقتنعٌ بذلك، وأن هذا نظامٌ بينه وبين أبنائه في الأسرة، وهناك أيضًا توافقٌ مع الزوجة في هذا الجانب، وأنه لا إشكالَ عند الأبناء في ذلك، بل هناك قناعةٌ وعلاقةٌ طيبةٌ، وقد أعطى هذا الأب جزءًا كبيرًا من وقته لأبنائه.
فلا بد من الودِّ، وأن يكون مقدمةً للحزم والنظام في استعمال التقنية، والأسرة التي تعيش بلا نظامٍ لن تكون حازمةً في موضوع التقنية، وعندئذٍ ستتفاجأ بويلاتٍ شديدةٍ في هذا الموضوع[1]التربية في عصر التقنية والإعلام الجديد.!